الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن والثلاثون فى قدوم رسول قيصر الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بتبوك
قال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى (1)، حدثنا يحيى بن سليم (2)، عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم (3)، عن سعيد بن أبى راشد (4)،
(1) هو اسحاق بن عيسى بن نجيح البغداى، أبو يعقوب بن الطباع، سكن أذنه، صدوق من التاسعة مات أربع عشرة ومأتين، وقيل بعدها بسنة/ م ت س ق. انظر التقريب (60/ 1).
(2)
هو يحيى بن سليم الطائفي، نزيل مكة، صدوق سيء الحفظ، من التاسعة مات سنة 193 أو بعدها / ع انظر التقريب (349/ 2) وقال الحافظ فى التهذيب (226/ 11) فى ترجمته: قال أحمد ابن حنبل فى موضع آخر وكان قد اتقن حديث ابن خيثم، فقلنا له: اعطنا كتابك، فقال: أعطوني رهنا، وقال الدورى: عن ابن معين ثقة، وقال أبو حاتم شيخ صالح، محله الصدق.
قلت: إن قال قائل كيف أخرج له البخارى فى الجامع وحاله كما ذكر؟
قلت: لم يخرج له فى الأصول، بل أخرج له فى المتابعات والشواهد، انظر مقدمة الفتح (451 - 452)
(3)
هو عبد اللَّه بن عثمان ثن خيثم، بالمعجمة والمثلثة، مصغرا، القارى المكى، أبو عثمان صدوق من الخامسة، مات 132 / خت م عم انظر التقريب (432/ 1).
(4)
هو سعيد بن أبى راشد مقبول، من الثالثة / تق. انظر التقريب (295/ 1) قال الذهبي فى الميزان (135/ 2): سعيد بن أبى راشد (ت. ق) عن يعلى بن مرة وعنه عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم وحده وقد حسن له الترمذى فى الفضائل: حسين منى وأنا من حسين.
قلت: هو مقبول الحديث إن شاء اللَّه تعالى. كما قال الحافظ فى التقريب. وقال فى التهذيب (26/ 4): وعن التنوخى النصراني رسول قيصر، ويقال: رسول هرقل، وعنه عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، ذكره ابن حبان فى الثقات.
قال: لقيت التنوخى رسول هرقل الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحمص، وكان جارا لى -شيخا كبيرا، قد بلغ العقد، أو قرب. فقلت: ألا تخبرني عن رسالة هرقل الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ورسالة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الى هرقل، قال بلى: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تبوك، فبعث دحية الكلبى، الى هرقل فلما أن جاء كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، دعا قسيس الروم وبطارقتها، ثم أغلق عليه، وعليهم الدار فقال: قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم، وقد أرسل إليَّ يدعوني الى ثلاث خصال، يدعوني، أن أتبعه على دينه، أو على أن نعطيه مالنا على أرضنا، والأرض أرضنا، أو نلقى إليه الحرب. واللَّه لقد عرفتم فيما تقرؤون من الكتب لتؤخذن، فهلم، فلنتبعه على دينه، أو نعطيه مالنا على أرضنا، فنخروا نخرة رجل واحد، حتى خرجوا من برانسهم، وقالوا تدعونا الى أن نذر النصرانية، ونكون عبيدا لأعرابي جاء من الحجاز، فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم رقأهم، ولم يكد، وقال: إنما قلت ذلك لأعلم صلابتكم على أمركم، ثم دعا رجلا من عرب نجيب، كان على نصارى العرب قال: ادع لي رجلا حافظا للحديث، عربي اللسان، أبعثه الى هذا الرجل بجواب كتابه، فجاء بى فدفع إليّ هرقل كتابا، فقال: اذهب بكتابي الى هذا الرجل، فما سمعت من حديثه فاحفظ لى منه ثلاث خصال، انظر هل يذكر صحيفته إليَّ التى كتب بشيء؟ وانظر اذا قرأ كتابي فهل يذكر الليل، وانظر فى ظهره هل به شيء يريبك؟
قال: فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوكا، فإذا هو جالس بين
ظهراني أصحابه محتبيا على الماء، فقلت اين صاحبكم؟ قيل: ها هو ذا، فأقبلت أمشى، حتى جلست بين يديه، فناولته كتابي، فوضعه فى حجره، ثم قال: ممن أنت؟ فقلت: أنا أخو تنوخ، قال: هل لك الى الإسلام الحنيفية ملة أبيكم إبراهيم؟ قلت: إني رسول قوم وعلى دين قوم ولا أرجع عنه حتى أرجع إليهم، فضحك، وقال:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} يا أخا تنوخ إني كتبت بكتاب الى كسرى، واللَّه ممزقه، وممزق ملكه، كتبت الى النجاشي بصحيفة فخرقها فخرق اللَّه ملكه، كتبت الى صاحبك بصحيفة، فأمسكها، فلن يزال الناس يجدون منه بأسا، ما دام فى العيش خير، قلت: هذه إحدى الثلاث التى أوصاني بها صاحبى فأخذت سهما من جعبتى فكتبته فى جنب سيفى، ثم أنه ناوله الصحيفة رجلا عن يساره، قلت: من صاحبكم الذى يقرأ لكم؟ قالوا: معاوية، فإذا فى كتاب صاحبى، تدعوني الى جنة عرضها السموات والأرض اعدت للمتقين فأين النار؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"سبحان اللَّه أين الليل إذا جاء النهار" قال: فأخذت سهما من جعبتى فكتبته فى جلد سيفى، فلما فرغ من قراءة كتابي، قال: ان لك حقا وإنك لرسول، فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها، انا سفر مرملون، قال فناداه رجل من طائفة الناس، قال أنا أجوزه، ففتح رحله فإذا هو يأتي بحلة صفورية، فوضعها فى حجرى، قلت: من صاحب الجائزة؟ قيل لى عثمان، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أيكم ينزل هذا الرجل؟ فقال
فتى من الأنصار: أنا، فقام الأنصاري، وقمت معه، حتى إذا خرجت من طائفة المجلس، نادانى رسول اللَّه فقال: تعال يا أخا تنوخ: فأقبلت اهوى حتى كنت قائما فى المجلس الذى كنت بين يديه، فحل حبوته عن ظهره، وقال:"هاهنا امض لما امرت به" فجلت فى ظهره، فإذا أنا بخاتم فى موضع غضون الكتف مثل الجمجمة الضخمة (1).
(1) مسند الإمام أحمد (442/ 3) و (203/ 1)، (292/ 5).
قلت: قد أخرج هذا الحديث ابن عساكر فى تاريخ دمشق بهذا الاسناد (418 - 420/ 1) وقال الحافظ ابن كثير فى البداية والنهاية (15 - 16/ 5) بعد ايراد هذا الحديث: هذا حديث غريب، اسناده لا بأس به، تفرد به الإمام أحمد.
قلت: وقد سبق هذا الكتاب كتاب آخر بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم الى عظيم الروم مع دحية الكلبى رضي اللَّه تعالى عنه؛ قال الحافظ فى الفتح (35/ 1) مشيرا الى دحية رضي اللَّه تعالى عنه، وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم فى آخر سنة ست بعد أن رجع من الحديبية، بكتابه الى هرقل، وكان وصوله الى هرقل فى المحرم سنة سبع الخ. . وذكر الحافظ هذا الكتاب الثاني الذى بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم من تبوك مع دحية الكلبى إذ قال: كما جاء فى المسند من طريق سعيد بن أبى راشد التنوخى رسول هرقل ثم ذكر الحديث. قلت: اسناده جيد، وأما ما جاء فيه كتبت الى النجاشى صحيفة فخرقها قلت: وهذا كان فى بداية الأمر ثم أسلم فيما بعد أو كان هذه الزيادة شاذة واللَّه أعلم.
* * *