الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع عشر فى عدد جيش غزوة تبوك
قال الامام مسلم فى صحيحه: حدثنى سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا معقل (وهو ابن عبيد اللَّه) عن الزهري، أخبرنى عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، عن عمه، عبيد اللَّه ابن كعب، وكان قائد كعب، حين اصيب بصره، وكان أعلم قومه، وأوعاهم لاحاديث أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت أبى كعب بن مالك، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم يحدث أنه لم يتخلف عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى غزوة غزاها قط، غير غزوتين، وساق الحديث، وقال فيه: وغزا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بناس كثير، يزيدون على عشرة آلاف، ولا يجمعهم ديوان حافظ (1).
(1) صحيح مسلم (112/ 8).
قال الحافظ فى الفتح (83/ 8): وللحاكم فى الاكليل، من حديث معاذ بن جبل رضي اللَّه تعالى عنه، خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الى غزوة تبوك زيادة على ثلاثين ألفا، وبهذا العدد جزم ابن اسحاق، قلت: لم أجد هذه الرواية فى سيرة ابن هشام لعلها ذهبت مع الاختصار وقال الحافظ: واورده الواقدى بسند آخر موصول، وزاد أنه كان معهم عشرة آلاف فرس.=
قال الواقدي: حدثنى رفاعة بن ثعلبة بن أبى مالك (1)، عن أبيه، عن جده، قال: جلست مع زيد بن ثابت، فذكرنا غزوة تبوك، فذكر أنه حمل لواء مالك بن النجار، فى تبوك، فقلت: يا أبا سعيد كم ترى كان المسلمون؟ قال: ثلاثون الفا، لقد كان الناس، يرحلون عند ميل الشمس، فما يزالون يرحلون، والساقة مقيمون، برحل العسكر، فسألت بعض من كان بالساقة فقال: ما يرحل آخرهم إلا مساءًا، ثم
= قلت: جمع الحافظ فى الفتح، بين هاتين الروايتين، أعنى رواية مسلم التى جاءت عن طريق معقل بن عبيد اللَّه، ورواية الحاكم فى الاكليل، وكذا رواية الواقدى، بقوله: فتحمل رواية معقل على ارادة عدد الفرسان اهـ. انظر العقد الثمين فى فتوح الهند ومن ورد فيها من الصحابة والتابعين ص 12 وقال النووي (100/ 17) فى شرح مسلم: هكذا وقع هنا زيادة على عشرة آلاف، ولم يبين قدرها، وقد قال أبو زرعة الرازى: وكانوا سبعين الفا وقال ابن اسحاق: كانوا ثلاثين الفا، وقال: وهذا أشهر، وجمع بينهما بعض الأئمة بأن أبا زرعة عد التابع والمتبوع، وابن إسحاق عدد المتبوع فقط. انظر تاريخ ابن أبى خيثمة (الجزء الخمسون) ص 123. وقال القرطبى فى تفسيره (280/ 8): قال ابن عرفة: وانما ضرب المثل بجيش العسرة لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لم يغز قبله فى عدد مثله، لأن اصحابه يوم بدر، كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، ويوم احد سبعمائة ويوم خيبر الفا وخمسمائة، ويوم الفتح عشرة آلاف، ويوم حنين اثنى عشر الفا، وكان جيشه فى غزوة تبوك ثلاثين الفا وزيادة، وهي آخر مغازيه انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (166/ 2) فى عدد جيش العسرة إذ قال: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تبوك فى ثلاثين الفا من الناس، والخيل عشرة آلاف.
(1)
رفاعة بن ثعلبة لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى.
نرحل على أثرهم، فما ننتهى الى العسكر الا مصبحين، من كثرة الناس (1).
(1) مغازى الواقدى (996/ 3).
قال ابن هشام فى سيرة ابن إسحاق (162/ 4): وضرب عبد اللَّه بن أبيّ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عسكره، أسفل منه نحو ذباب، وكان فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين انتهى كلامه. انطر عقد الثمين فى فتوح الهند ص 12.
قلت: إنه قول مردود. حتى ابن إسحاق عبر بنفسه عن كلمة فيها رد على من يقول بذلك القول. قال الحافظ فى الفتح: (83 - 89/ 8): وقد نقل، عن أبى زرعة الرازى أنهم أى عسكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانوا فى غزوة تبوك أربعين الفا، وقال: ولا تخالف الرواية التى فى الإكليل اكثر من ثلاثين ألفا، لاحتمال أن يكون من قال: أربعين ألفا جبر الكسر.
قلت: قد جاء النقل، عن أبى زرعة متغايرا، فذكر النووى عنه فى شرح مسلم (100/ 17) كما سبق سبعين الفا، ولم يتكلم الحافظ على هذه الرواية فى الفتح، بل أشار الى الرواية التى فيها أربعون الفا، فكأن الرواية التى نقلها النووي عن أبى زرعة والتى فيها سبعون الفا أما لم يطلع علها الحافظ واما لم تصح عنده واللَّه أعلم. وقال الحافظ: وكان الذين تخلفوا بضعة وثمانين رجلا. ذكر الواقدى فى مغازيه (996/ 3) ان هذا العدد كان من منافقى الانصار، وان المعذرين من الاعراب كانوا أيضا اثنين وثمانين رجلا من بنى غفار، وغيرهم، وان عبد اللَّه بن أبى ومن أطاعه من قومه كانوا من غير هؤلاء. كانوا عددا كثيرا اهـ
قلت: مهما يكن من الامر. فإن عدد المتخلفين لم يكن متساويا مع من اشترك فى هذه الغزوة واللَّه تعالى أعلم بالصواب.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال السيوطى فى التدريب 406: وقد روى البخارى فى صحيحه ان كعب بن مالك قال فى قصة تخلفه عن تبوك، وأصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ الخ. قلت: وهم السيوطى فى ذلك إذ أنه نسب إخراج هذه الرواية الى البخاري قوله ولم يخرجه بهذه الالفاظ الا مسلم كما علمت.
وعلى الارجح أن يكون جيش غزوة تبوك ثلاثين الفا كما تظافرت به الروايات واللَّه أعلم.