الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع والعشرون فيما نزل من القرآن فى المستأذنين بعدم حضور غزوة تبوك
قال اللَّه تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} التوبة: 43.
قال أبو جعفر: وهذا عتاب من اللَّه -تعالى- ذكره عاتب به نبيّه صلى الله عليه وسلم فى إذنه، لمن أذن له فى التخلف عنه حين شخص الى تبوك لغزو الروم، من المنافقين، يقول جلّ ثنائه {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} يا محمد ما كان منك فى إذنك لهؤلاء المنافقين الذين استأذنونك فى ترك الخروج معك، وفى التخلف عنك من قبل أن تعلم الكاذبين. . ثم أورد أبو جعفر عدة آثار تحت هذه الآية: منها أثر مجاهد إذ قال: حدثنى: محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنى عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} قال: ناس قالوا: استأذنوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإن أذن لكم فاقعدوا، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (142/ 10). =
قال اللَّه تعالى: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} التوبة: 44.
قال أبو جعفر: وهذا إعلام من اللَّه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم من المنافقين وأن من علامات هؤلاء المنافقين تخلفهم عنك فى الجهاد، واعتذارهم بالأعذار الكاذبة إلخ. ثم أيد تفسيره هذا بأثر ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه إذ قال: حدثنى المثنى قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية عن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس قوله: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} فهذا تعيير للمنافقين حين استأذنوا فى القعود عن الجهاد من غير عذر، وعذّر اللَّه المؤمنين فقال: لم يذهبوا حتى يستأذنوه (1).
= قال السيوطى: فى الدر المنثور (3/ 247) أخرج ابن أبى شيبة وابن المنذر وابن أبى حاتم عن مجاهد ثم ذكر النص الذى رواه ابن جرير الطبرى انظر زاد المسير لابن الجوزى (444/ 3) قال الإمام ابن كثير فى تفسيره (386/ 2) قال ابن أبى حاتم: حدثنا أبى، حدثنا أبو حصين بن سليمان الرازى، حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عون قال: هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا؟ نداء بالعفو قبل المعاتبة فقال: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} من كلام عون بن عبد اللَّه وهو تابعى معروف والأثر مقطوع صحيح، ويقال أن روايته عن الصحابة مرسلة قاله الحافظ فى التهذيب. انظر فتح القدير للشوكانى (350/ 2) وقال القرطبى فى تفسيره (154/ 8): أخبره بالعفو قبل الذنب لئلا يطير قلبه فرقا. انظر فتح البيان للسيد صديق حسن خان (135/ 4).
وأما رجال هذا الاسناد فإنهم مضت تراجمهم فى الأسانيد السابقة، وإنهم كلهم ثقات، والأثر مقطوع، صحيح الاسناد.
(1)
تفسير ابن جرير الطبرى (142/ 10).
قال اللَّه تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} التوبة: 45.
قال أبو جعفر:
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: إنما يستأذنك يا محمد فى التخلف خلافك، وترك الجهاد معك من غير عذر بين، الذين لا يصدقون باللَّه، ولا يقرون بتوحيده. {وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ}: يقول: وشكت قلوبهم فى حقيقة وحدانية اللَّه، وفى ثواب أهل طاعته، وعقاب أهل معاصيه،
= قال السيوطى: فى الدر المنثور (247/ 3) أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والنحاس فى ناسخه عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه ثم ذكر النص الذى أخرجه ابن جرير انظر تفسير ابن كثير (360/ 2) وفتح القدير للشوكانى (350/ 2)، قال ابن الجوزى: فى زاد المسير (445/ 3) قال الزجاج: أعلم اللَّه عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن علامة النفاق فى ذلك الوقت الاستئذان وروى عن ابن عباس أنه قال: نسخت هذه الآية بقول: {لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ. .} الى آخر الآية النور 62. قال أبو سليمان الدمشقى: ليس للنسخ هاهنا مدخل، لإمكان العمل بالآيتين، وذلك أنه عاب على المنافقين أن يستأذنوه فى القعود عن الجهاد من غير عذر، وأجاز للمؤمنين الاستئذان. اهـ
قلت ليس هناك دليل قاطع صحيح ثابت على النسخ، أثر ابن عباس هذا منقطع لأن على بن أبى طلحة لم يلق ابن عباس انظر تهذيب الكمال للإمام المزى (976/ 5) وتهذيب التهذيب (339/ 7) أخرج أبو داود فى سننه (116/ 3) رواية النسخ ولم يثبت بها النسخ انظر تفسير القرطبى (155/ 8) والإعتبار فى الناسخ والمنسوخ للحازمى ص 6 والترغيب والترهيب للمنذرى (117/ 2).
{فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} ، يقول: فى شكهم يتحيرون، وفى ظلمة الحيرة مترددون، لا يعرفون حقا من باطل، فيعملون على بصيرة، وهذه صفة المنافقين (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (143/ 10).
قال القرطبى فى تفسيره (155/ 8) تحت هذه الآية روى أبو داود فى سننه عن ابن عباس قال: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} نسختها التى فى النور {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} الى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، قلت رواية ابن عباس هذه التى أخرجها أبو داود لم تقم بها الحجة لأن فيها علي بن حسين بن واقد المروزى وهو متكلم فيه انظر أبا داود (116/ 3) وتفسير ابن كثير (360/ 2) والقاسمى (3163/ 8).
وقال ابن جرير فى تفسيره (143/ 10): وكان جماعة من أهل العلم يرون أن هاتين الآيتين منسوختان بالآية التى ذكرت فى سورة النور، ثم أورد أثرا على هذا الرأى إذ قال: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الحسين عن يزيد عن عكرمة والحسن البصرى قالا: قوله {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الى قوله {فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} نسختها الآية التى فى النور {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ} . . . الى {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
قلت: هذا الأثر ضعيف من حيث الاسناد لأن فيه محمد بن حميد الرازى وقد مضت ترجمته آنفا وقد ضعفه الأئمة وقال فيه الحافظ ابن حجر حافظ ضعيف. وثانيا: هو أثر مقطوع من كلام عكرمة وحسن البصرى رحمهما اللَّه تعالى ولا تقوم به الحجة ولو صح الاسناد إليهما. انظر فتح القدير للشوكانى (349/ 2) وزاد المسير لابن الجوزى (446/ 3) انظر التفسير الكبير للرازى (76/ 16) واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 146 - 147.
قال اللَّه تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} التوبة: 46.
قال أبو جعفر:
يقول اللَّه عز وجل: ولو أراد هؤلاء الخروج معك لجهاد عدوك {لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} ولتأهبوا للسفر والعدو أهبهما. {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} يعنى خروجهم لذلك. {فَثَبَّطَهُمْ} : يقول: فثقل عليهم الخروج حتى استخلفوا القعود فى منازلهم خلافك واستثقلوا السفر والخروج معك، فتركوا لذلك الخروج {وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} يعنى اقعدوا مع المرضى والضعفاء الذين لا يجدون ما ينفقون، ومع النساء والصبيان، واتركوا الخروج مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ثم أتى أبو جعفر بأثر ضعيف يؤيد به تفسيره إذ قال: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: كان الذى استأذنوه فيما بلغنى من ذوى الشرف، منهم: عبد اللَّه بن أبى سلول والجد بن قيس، وكانوا أشرافا فى قومهم، فثبطهم اللَّه، لعلمه بهم أن يخرجوا معهم فيفسدوا عليه جنده (1)
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (144/ 10).
قال السيوطى فى الدر المنثور (247/ 3): {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ} الآيات أخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي اللَّه تعالى عنه فى قوله {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} قال خروجهم الى تبوك. وأخرج أيضا ابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله تعالى {فَثَبَّطَهُمْ} قال: حبسهم. قلت: أثر ابن إسحاق الذى فيه ابن حميد ضعيف وقد ذكر هذا المعنى ابن هشام فى سيرته (516/ 2) =
قال اللَّه تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} التوبة: 47.
قال أبو جعفر:
يقول اللَّه تعالى: لو خرج أيها المؤمنون فيكم هؤلاء المنافقون {مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} يقول: لم يزيدوكم بخروجهم فيكم إلا فسادا وضرًا، ولذلك ثبطهم عن الخروج معكم. وأما قوله {يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} فإن معنى يبغونكم الفتنة. يطلبون لكم ما تفتنون به عن مخرجكم فى مغزاكم، بتثبيطهم إياكم عنه، يقال منه: بغيته الشر، وبغيته الخير، أبغيه بغاء:
= وللإمام القرطبى فى تفسيره كلام جيد تحت هذه الآية فراجعه (156/ 8) انظر كتاب التسهيل لعلوم التنزيل لمحمد الكلبى (77/ 2) وزاد المسير لابن الجوزى (446/ 3) وتفسير ابن كثير (361/ 2) وقال فخر الرازى: فى تفسيره: (80/ 16) تحت هذه الآية إعلم أنه تعالى بين فى هذه الآية أنواع المفاسد الحاصلة من خروجهم قوله: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} وفيه مسائل:
1 -
الخبال الشر والفساد فى كل شيء، ومنه يسمى العته بالخبل، والمعتوه المخبول، وللمفسرين عبارات، قال الكلبى: إلا شرا، وقال حذيفة بن اليمان إلا مكرا، وقيل: إلا غيا، وقال الضحاك: إلا عذرا، قيل: الخبال الاضطراب فى الرأى وذلك بتزيين أمر لقوم وتقبيحه لقوم آخرين ليختلفوا وتفترق كلمتهم وقال الشوكانى فى فتح القدير (351/ 2) وأخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد فى قوله {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} قال هؤلاء المنافقون فى غزوة تبوك.
قلت: لا منافاة بين هذه الأقوال كلها، وهى متقاربة.
إذا التمسته له، بمعنى: بغيت له وكذلك عكمتك وحلبتك بمعنى: حلبت لك وعكمت لك، وإذا أرادوا عنتك على التماسه وطلبه، قالوا: أبغيتك كذا وأحلبتك وأعكمتك أى أعنتك عليه. ثم ساق أثرا الى مجاهد يعين فيه أسماء بعض المنافقين الذين تعنى بهم الآية إذ قال: حدثنى محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد:{وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} يبطئونكم، قال: رفاعة بن التابوت وعبد اللَّه بن أبيّ بن سلول. وأوس ابن قبظي (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (144/ 10).
قلت: أثر مجاهد أثر صحيح الاسناد وقد مر مرارا، ولا يخفى فى هذا هو الإمام فى التفسير وقال السيوطى فى الدر المنثور (247/ 3): وأخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد فى قوله {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} قال: هؤلاء المنافقون فى غزوة تبوك سلّى اللَّه نبيه والمؤمنين فقال: ما يحزنكم لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا: إلا شرا. ثم ذكر السيوطى أثر مجاهد. ونسب إخراجه الى ابن أبى شيبة وابن المنذر وابن أبى حاتم وأبى الشيخ انظر التفسير الكبير لفخر الرازى (80/ 16) وزاد المسير لابن الجوزى (447/ 3) وتفسير ابن كثير (361/ 3) وفتح القدير للشوكانى (349/ 3) وقال محمد الكلبى: فى التسهيل (77/ 2): وروى إنها نزلت فى عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول وأصحابه من المنافقين وقال القرطبى: فى تفسيره (156/ 8): هذه الآية تسلية للمؤمنين فى تخلف المنافقين عنهم والخبال: الفساد والنميمة وإيقاع الإختلاف والأراجيف وهذا استثناء منقطع، أى ما زادوكم قوة ولكن طلبوا الخبال. قلت قد يكون المعنى لا يزيدونكم فيما يترددون فيه من الرأى إلا خبالا، فلا يكون الاستثناء منقطعا واللَّه أعلم.
قال اللَّه تعالى: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} التوبة: 48.
قال أبو جعفر:
لقد التمس هؤلاء المنافقون الفتنة، لأصحابك يا محمد وحرصوا على ردهم الى الكفر كفعل عبد اللَّه بن أبيّ بك وبأصحابك يوم أحد حين انصرف عنك بمن تبعه من قومه ثم قال: والمنافقون -لظهور أمر اللَّه ونصره إياك- كارهون وكذلك الآن، يظهرك اللَّه، ويظهر دينه على الذين كفروا من الروم وغيرهم من أهل الكفر وهم كارهون إلخ. .
ثم ساق الاسناد الى الزهرى ويزيد بن رومان وعبد اللَّه بن أبى بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم. وذكر جزءا من حديث كعب بن مالك بإسناد ضعيف ومرسل، مع أنه مخرج فى الصحيحين وغيره (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (147/ 10).
انظر حديث كعب بن مالك فى الفصل الثامن من هذه الرسالة فتجد هناك تخريجا وافيا للحديث ولا حاجة لذكره هنا مرة ثانية انظر سيرة ابن هشام (4/ 159) والدر المنثور للسيوطى (247/ 3) قال السيد قطب: فى ظلال القرآن (71/ 10) تحت هذه الآية: كان ذلك عند مقدم الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة قبل أن يظهره اللَّه على أعدائه ثم جاء الحق وانتصرت كلمة اللَّه فحنوا لها رؤوسهم وهم كارهون وظلوا يتربصون الدوائر بالإسلام والمسلمين. قلت: الأمر كذلك فيما أظن كما قال السيد قطب وقيل نزلت الآية فى غزوة تبوك عندما أراد بعض المنافقين الفتك برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وذلك عند رجوعه صلى الله عليه وسلم من تبوك قال القرطبى فى تفسيره: (157/ 8) تحت هذه الآية =
قال اللَّه تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} التوبة: 49.
وذكر أن هذه الآية نزلت فى الجد بن قيس. ويعنى جلّ ثناءه بقوله {وَمِنْهُمْ} : ومن المنافقين {مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي} أقم فلا أشخص معك {وَلَا تَفْتِنِّي} يقول: ولا تبتلنى برؤية نساء بنى الأصفر وبناتهم، فإنى بالنساء مغرم، فأخرج وآثم بذلك. وبذلك من التأويل تظافرت الأخبار عن أهل التأويل ثم ساق أبو جعفر الاسناد الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقوله حدثنى محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، فى قول اللَّه تعالى {ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اغزوا تبوك تغنموا بنات بنى الأصفر ونساء الروم فقال الجد: ائذن لنا، ولا تفتنا بالنساء (1).
= وقال ابن جريج: أراد اثنى عشر رجلا من المنافقين وقفوا على ثنية الوداع ليلة العقبة ليفتكوا بالنبى صلى الله عليه وسلم انظر تفسير زاد المسير لابن الجوزى (447/ 3) وقال ابن كثير (361/ 2): وذلك أول مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرمته العرب عن قوس واحد وحاربته يهود المدينة ومنافقوها فلما نصره اللَّه يوم بدر أعلى كلمته قال عبد اللَّه بن أبيّ وأصحابه هذا أمر قد توجه فدخلوا فى الإسلام ظاهرا ثم كلما أعز اللَّه الإسلام وأهله غاظهم ذلك وساءهم ولهذا قال تعالى: {حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} قلت: تشير الآية الكريمة الى ما كان عليه المنافقون من حسد وحقد نحو الدعوة المحمدية منذ أن أعلنها الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة ونشرها بالمدينة وهم يضعون العراقيل والعقبات فى سبيل نشرها وانتشارها. انظر فتح القدير للشوكانى (350/ 2).
(1)
تفسير ابن جرير (148/ 10) =
قال اللَّه تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} التوبة: 50.
= قلت: رواية مجاهد هذه مرسلة لأن مجاهدا تابعى معروف، وهو لم يسمع من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وثانيا عبد اللَّه بن أبى نجيح وإن كان هو ثقة إلا أنه مدلس من الطبقة الثالثة ذكره الحافظ ابن حجر فى طبقات المدلسين ص 13 وأورد ابن جرير الطبرى تحت هذه الآية آثارا أخرى وهي ليست متصلة بل بعضها مراسيل، ضعاف لم تقم بها حجة اللهم إلا إذا كانت كلها بطرقها المختلفة يقوى بعضها بعضا فحينئذ يكون لمرسل مجاهد المذكور أصل فهذا قد يكون له نظر صالح. ولكن لم تصلح هذه كلها فى أسباب النزول. انظر أسباب النزول للواحدى ص 166 وسيرة ابن هشام (160/ 4) وتفسير القرطبى (158/ 8) وزاد المسير لابن الجوزى (449/ 3) وقال ابن كثير (362/ 2): روى عن ابن عباس ومجاهد وغير واحد أنها نزلت فى الجد بن قيس انظر (الإصابة 230/ 1).
قال الحافظ: وقال أبو عمرو: فى آخر ترجمته يقال أنه تاب وحسنت توبته ومات فى خلافة عمان انظر الدر المنثور للسيوطى (247/ 3) وفتح القدير للشوكانى (351/ 2) وأسد الغابة لابن الأثير (274/ 1) والإستيعاب لابن عبد البر (266/ 1) والبداية والنهاية لابن كثير (3/ 5) والطبقات الكبرى لابن سعد (100/ 2) ومجمع الزوائد للحافظ الهيثمى (30/ 7) ولباب النقول للسيوطى ص 117 وتجريد أسماء الصحابة للذهبى (80/ 1) قال الذهبى: ويقال: فيه نزلت (ومنهم من يقول ائذن لى الآية). قلت: لا أستطع أن أجزم بصحة الآثار التى تعين الجد بن قيس المذكور لكونها ضعيفة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب. انظر جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 511.
قال ابن جرير: يقول اللَّه تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد إن يصبك سرور بفتح اللَّه عليك أرض الروم فى غزاتك هذه يسوء الجد بن قيس ونظراءه وأشباههم من المنافقين. وإن تصبك مصيبة بفلول جيشك فيها، يقول الجد ونظراءه: قد أخذنا أمرنا من قبل: الى قد أخذنا حذرنا بتخلفنا عن محمد، وترك أتباعه الى عدوه {مِنْ قَبْلُ} يقول: من قبل أن تصيبه هذه المصيبة. {وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} : يقول: ويرتدوا عن محمد وهم فرحون بما أصاب محمدا وأصحابه من المصيبة، بفلول أصحابه، وانهزامهم عنه، وقتل من قتل منهم. ثم ساق إسنادا الى ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه بقول: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} يقول: إن تصبك فى سفرك هذا لغزوة تبوك حسنة، تسوءهم قال: الجد وأصحابه (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (149 - 150/ 103).
قال السيوطى فى الدر المنثور (249/ 3): أخرج سنيد وابن جرير عن ابن عباس فى قوله تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ} الآية ثم ذكر النص المذكور.
قلت: رواية ابن عباس هذه منقطعة لأن ابن جريج لم يلق ابن عباس رضي الله عنه انظر ترجمة عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج فى تهذيب التهذيب (402/ 6) وطبقات المدلسين للحافظ ابن حجر ص 14 قال الحافظ: قال الدارقطنى: شر التدليس تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح. =
قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} التوبة: 86.
قال أبو جعفر:
يقول اللَّه تعالى ذكره: وإذا أنزل عليك يا محمد سورة من القرآن، بأن يقال لهؤلاء المنافقين {آمِنُوا بِاللَّهِ} يقول: صدقوا باللَّه: {وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ} يقول: اغزوا المشركين مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم {اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ} يقول: استأذنك ذو الغنى والمال منهم فى التخلف عنك،
= قلت: ذكره الحافظ فى طبقاته فى الطبقة الثالثة. انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (181/ 4) ولباب النقول فى أسباب النزول للسيوطى ص 117 - 118 وتفسير زاد المسير لابن الجوزى (450/ 3) وفتح القدير للشوكانى (353/ 2) وتفسير القرطبى (159/ 8) وظلال القرآن للسيد قطب (72 - 73/ 10) وتفسير الخازن (316/ 2). قال الألوسى فى روح المعانى: (114 - 156/ 10) تحت هذه الآية أخرج ابن أبى حاتم عن جابر بن عبد اللَّه قال: جعل المنافقون الذين تخلفوا فى المدينة يخبرون عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبار السوء يقولون: أن محمدا وأصحابه قد جهدوا فى سفرهم وهلكوا فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأنزل اللَّه تعالى الآية فتأمل. انظر تفسير الزمخشرى (556/ 1) والبحر المحيط لأبى حيان (51/ 5) إذ يقول: الحسنة يوم بدر والسيئة يوم أحد ونسب ذلك الى ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه.
قلت: أما من حيث الاسناد فلا وأما من حيث الواقع فقد يكون صحيحا والآية عامة فى كل شيء، واللَّه أعلم.
والقعود فى أهله وقالوا: {ذَرْنَا} يقول: وقالوا لك: دعنا نكن ممن يقعد فى منزله مع ضعفاء الناس ومرضاهم، ومن لا يقدر على الخروج معك فى السفر (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (207/ 10).
قال الإمام ابن كثير فى تفسيره (221/ 4) مع تفسير البغوى: يذم اللَّه تعالى وينكر على المتخلفين عن الجهاد الناكلين عنه مع القدرة عليه ووجود السعة والطول واستأذنوا الرسول فى القعود عن الغزوة. . . إلخ.
وقال القرطبى فى تفسيره (223/ 8): انتدب المؤمنون الى الإجابة وتعلل المنافقون: فالأمر للمؤمنين باستدامة الإيمان وللمنافقين بإبتداء الإيمان {وان} فى موضع النصب أى بأن آمنوا إلخ وقال: ابن الجوزى فى زاد المسير (481 - 482/ 3) قوله تعالى {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ} هذا عام فى كل سورة وقال مقاتل: المراد بها سورة (البراء) وقوله تعالى: {أَنْ آمِنُوا} أى: بأن آمنوا وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: استدعوا الإيمان
والثانى: افعلوا فعل من آمن.
والثالث: آمنوا بقلوبكم كما آمنتم بألسنتكم، فعلى هذا يكون الخطاب للمنافقين.
قلت: قول ابن الجوزى وجيه عندى لأنه خبر عام عن المنافقين فى حال نزول الوحي على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وما يطرأ عليم من الخوف والاضطراب وليس هذا عند نزول البراءة فقط وإنما عند نزول الوحي مطلقا.
* * *
قال أبو جعفر:
حدثنا علي بن داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله:{اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ} قال: يعنى أهل الغنى (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (207/ 10).
قلت: إن فى هذا الاسناد انقطاعا بين على بن أبى طلحة وبين ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه ولو لم يكن هنا انقطاع لكان الأثر حسن الاسناد واللَّه تعالى أعلم وقد أشار إليه السيوطى فى الدر المنثور (366/ 3) بقوله أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس فى قوله أولوا الطول قال: أهل الغنى. انظر تفسير القرطبى (223/ 8) وزاد المسير لابن الجوزى (482/ 3) وتفسير البغوى مع ابن كثير (221/ 4). وروح المعانى للألوسى (156/ 10) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان القنوجى (174/ 4) وفتح القدير للشوكانى (371 - 372/ 2) والبحر المحيط لأبى حيان (72/ 5).
وقال السيد قطب فى ظلال القرآن (105/ 10) مشيرا الى رواية ابن عباس: أهل الغنى والسعة الذين يملكون وسائل الجهاد والبذل. جاءوا ليتقدموا الصفوف كما تقتضيهم المقدرة التى وهبها اللَّه لهم، وشكر النعمة التى أعطاها اللَّه إياهم ولا ليتخاذلوا ويعتذروا ويطلبوا أن يقعدوا مع النساء لا يذودون عن حرمة ولا يدفعون عن سكن، دون أن يستشعروا ما فى هذه القعدة الذليلة من صغار وهوان، ما دام فيها السلامة، وطلاب السلامة يحسون بالعار، فالسلامة هدف الراضين بالدون إلخ.
قلت: ألقى نظرة عابرة على العالم الإسلامى فوجده عالة على العالم الغربى أو الشرقى، وليس له استقلال ذاتى حتى يتمكن من أداء رسالته التى انيطت إليه منذ أول يوم طلعت فيه شمس الحرية الحقيقة.
قال اللَّه تعالى: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} التوبة: 90.
قال أبو جعفر:
يقول اللَّه تعالى ذكره: {وَجَاءَ} رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم {الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} فى التخلف {وَقَعَدَ} عن المجئ الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والجهاد معه {الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وقالوا: الكذب، واعتذروا بالباطل، فيهم يقول تعالى:{سيصيب الذين جحدوا توحيد اللَّه ونبوة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم منهم عذاب أليم} فإن قال قائل: فكيف قيل: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} وقد علمت أن المعذر فى كلام العرب، إنما هو الذى يعذر فى الأمر، فلا يبالغ فيه، ولا يحكمه، وليست هذه صفة هؤلاء، وإنما صفتهم أنهم كانوا قد اجتهدوا فى طلب ما ينهضون به مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الى عدوهم، حرصوا على ذلك، فلم يجدوا إليه السبيل، فهم بأن يوصفوا بأنهم قد اعتذروا أولى وأحق منهم بأن يوصفوا بأنهم عذروا، إذا وصفوا بذلك فالصواب فى ذلك من القراءة ما قرأه ابن عباس، وذلك ما حدثناه المثنى، قال: ثنا إسحاق (1)، قال ثنا ابن أبى حماد (2)، قال:
(1) إسحاق هذا لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى.
(2)
ابن أبى حماد أيضا غير موجود فى كتب التراجم التى بين يدى ولعله هو ابن أبى حميد واسمه محمد ابن أبى حميد بن إبراهيم الأنصارى الزرقى أبو إبراهيم، المدنى لقبه حماد، ضعيف من السابعة / ت. ق انظر التقريب (156/ 2).
ثنا بشر بن عمار (1) عن أبى روق (2) عن الضحاك (3) قال: كان ابن عباس يقرأ {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} مخففة، ويقول: هم أهل العذر مع موافقة مجاهد إياه وغيره عليه. وقيل أن معناه على غير ذلك ما ذهب إليه، وأن معناه: وجاء المعتذرون من الأعراب، ولكن التاء لما جاورت الذال، ادغمت فيها، فصيرتا ذالا مشددة لتقارب مخرج إحداهما من الأخرى، كما قيل {يذكرون} فى يتذكرون، ويذكر فى يتذكر (4).
(1) بشر بن عمار، هو بشر بن عمار الخثعمى المكتب الكوفى روى عن أبى روق ومن عطية بن الحارث الهمدانى ضعيف من السابعة انظر تهذيب الكمال للمزى (154/ 1) وتقريب التهذيب لابن حجر (100/ 1).
(2)
أبو روق: هو عطية بن الحارث الهمدانى صدوق من الخامسة/ د س ق انظر التهذيب (224/ 7).
(3)
الضحاك، هو الضحاك بن مزاحم الهلالى، أبو القاسم، أو أبو محمد الخراسانى، صدوق كثير الإرسال من الخامسة مات بعد المائة/ عم التقريب (373/ 1).
(4)
تفسير ابن جرير الطبرى (218/ 10).
قال المزى: فى ترجمته فى تهذيب الكمال: (620/ 3) وقيل: لم يثبت له سماع من أحد الصحابة وذكر ممن روى عنهم عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال البغوى فى تفسير (222/ 4) مع ابن كثير تحت قوله تعالى {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} الآية: قرأ يعقوب ومجاهد المعذرون بالتخفيف وهم البالغون فى العذر، يقال فى المثل: لقد أعذر من أنذر أى بالغ فى العذر من قدم النذارة. وقال الآخرون: المعذرون ادغمت التاء فى الذال ونقلت حركة التاء الى العين، وقال الضحاك: المعذرون هم رهط عامر بن الطفيل. انظر تفسير القرطبى (224 - 225/ 8) فإنه استوفى الكلام على هذه القراءة. انظر تفسير فتح البيان لصديق حسن خان =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (175 - 176/ 4) والتفسير الكبير للرازى (158/ 16) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (82/ 2) والكشاف للزمخشرى (564/ 1) والبحر المحيط لأبى حيان (83 - 84/ 5) قال الشوكانى فى فتح القدير (372 - 373/ 2) قرأ الأعرج والضحاك المعذرون بالتخفيف من أعذر، رواها أبو كريب عن أبى بكر عن عاصم. ورواها أصحاب القراءات عن ابن عباس ثم يقول الشوكانى: قال فى الصحاح: وكان ابن عباس يقرأ {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} مخففة من أعذر ويقول: واللَّه هكذا أنزلت. قال النحاس: إلا أن مدارها على الكلبي.
قلت: هو محمد بن السائب الكلبى وهو متهم بالكذب ومنكر الحديث. ولا تقوم به الحجة واللَّه تعالى أعلم. انظر تفسير القاسمى (3230/ 8).
* * *