المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يتسلسل بل من حيث أنهما مسموعان إلا لمن يجوز إدارة - الردود والنقود شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ١

[البابرتي]

فهرس الكتاب

- ‌ المباديء

- ‌ فائدته:

- ‌ استمداده

- ‌ الدليل

- ‌النظر:

- ‌حد العلم

- ‌ الذكر الحكمي

- ‌تقسيم العلم

- ‌معرفة الحد وتقسيمه

- ‌مادة المركب:

- ‌الذاتي

- ‌تمام الماهية

- ‌ الجنس والنوع

- ‌العرضي

- ‌صورة الحد

- ‌ القضية

- ‌ الأمارات

- ‌وجه الدلالة في المقدمتين

- ‌الضروريات

- ‌صورة البرهان

- ‌ القياس الاقتراني

- ‌النقيضان:

- ‌العكس المستوي

- ‌ عكس النقيض

- ‌تقسيم المقدمتين إلى أربعة أشكال

- ‌ الشكل الأول

- ‌ الشكل الثاني

- ‌ الضروب المنتجة

- ‌ الشكل الثالث:

- ‌ الشكل الرابع

- ‌ قياس الخلف

- ‌ مبادئ اللغة

- ‌ اقسامها: مفرد ومركب

- ‌تقسيم المفرد إلى اسم وفعل وحرف

- ‌المركب

- ‌تقسيم آخر للمفرد

- ‌المشترك

- ‌ الترادف

- ‌ وقوعه

- ‌الحقيقة

- ‌المجاز

- ‌اللفظ قبل الاستعمال ليس بحقيقة ولا مجاز

- ‌ مسألة: إذا دار اللفظ بين المجاز والاشتراك

- ‌في وقوع الحقائق الشرعية

- ‌الإيمان والإسلام

- ‌القرآن المعرّب

- ‌المشتق

- ‌ مسألة: اشتراط بقاء المعنى في كون المشتق حقيقة

- ‌ الحروف

- ‌ الحرف لا يستقل بالمفهومية

- ‌الواو

- ‌ مسألة: الواو للجمع المطلق

- ‌ إبتداء الوضع

- ‌ليس بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية

- ‌التحسين والتقبيحومن هنا مبادئ الأحكام الشرعية

- ‌ دليل المعتزلة على أن الحسن والقبح ذاتيان

- ‌مسألتان في شكر المنعموفي الأشياء قبل ورود الشرع

- ‌ مسألتان على التنزل:

- ‌الأولى شكر المنعم

- ‌الوجوب

- ‌الواجب على الكفاية

- ‌ الواجب الموسع

- ‌ما لا يتم الواجب إلا به

- ‌أحكام الحرام

- ‌ مسألة: يستحيل كون الشيء واجباً حراماً من جهة واحدة

- ‌الصلاة في الدار المغصوبة

- ‌المندوب

- ‌المكروه

- ‌أحكام المباح

- ‌خطاب الوضع

- ‌الأول: الحكم على الوصف المعين بكونه سببا

- ‌الثالث: الحكم على الوصف بالشرطية

- ‌ الصحة والبطلان

- ‌الرخصة والعزيمة

- ‌المحكوم فيه الأفعال

- ‌شرط المطلوب: الإمكان

- ‌مساله: لا تكليف إلا بفعل

- ‌مساله: قال الأشعري: لا ينقطع التكليف بفعل حال حدوثه

- ‌المحكوم عليه: المكلف

- ‌الأدلة الشرعية

- ‌ الأدلة الشرعية: الكتاب والسنة والإجماع، والقياس، والاستدلال

- ‌ المحكم والمتشابه

- ‌ السنة وأفعاله ــ صلى الله عليه وسلم

- ‌ المسألة الثالثة: في التقرير

- ‌الإجماع

- ‌ تعريفه

- ‌ ثبوته

- ‌المبتدع

- ‌ المسألة الثانية: في اعتبار قول المبتدع في الإجماع

- ‌ الخبر

- ‌تعريف الخبر

- ‌تسمية غير الخبر إنشاءً وتنبيهاً

- ‌تقسيم الخبر إلى صدق وكذب

- ‌تقسيم الخبر إلى ما يعلم صدقه وإلى ما يعلم كذبه

- ‌ الشرائط المختلف فيها في المخبرين

- ‌خبر الواحد

- ‌شرائط الراوي أربعة

- ‌الأول: البلوغ

- ‌ الثاني: الإسلام

- ‌ الرابع: العدالة

- ‌ الكبائر

- ‌رواية مجهول الحال

- ‌هل العمل بالشهادة والرواية يكون تعديلاً

- ‌ مسألة حكم الحاكم المشترط العدالة بالشهادة تعديل باتفاق

- ‌ إذا قال: أُمِرنا أو نُهِيّنَا أو أوجب، أو حرّم

- ‌ مسألة: إذا قال: من السنة كذا

- ‌ مسألة: إذا قال: كنا نفعل، أو كانوا

- ‌ قراءة الشيخ على الراوي

- ‌ قراءة غير الراوي على الشيخ

- ‌ إذا كذب الأصل الفرع، سقط القبول

- ‌ إذا انفرد العدل بزيادة والمجلس واحد

- ‌ مسألة: [خبر] الواحد في الحد

- ‌حمل الصحابي ما رواه على أحد محمليه

- ‌الخبر المخالف للقياس

- ‌ المنقطع

الفصل: يتسلسل بل من حيث أنهما مسموعان إلا لمن يجوز إدارة

يتسلسل بل من حيث أنهما مسموعان إلا لمن يجوز إدارة معنيين مختلفين من لفظ واحد بإطلاق واحد، وهو مرجوح على ما سيأتي والمراد بالاجتهاد والترجيح ههنا معرفتهما وسيأتي الكلام فيهما إن شاء الله.

واعلم أن الحكم الثابت بالدليل المرجح إنما حصل باستفراغ الفقيه جهده في استنباطه فكان التراجيح اجتهاداً وذكر أحدهما تكراراً محضاً في موجز كاد تركيبه يلغز.

ص- فالمبايء: حده إلى آخره.

ش-‌

‌ المباديء

عند الأصوليين هو: ما يبدأ به قبل الشروع في المسائل لتوقفها عليه، أو لتوقف تصور العلم أو غايته أو استمداده عليه. وهي بهذا المعنى بتمامها لا تكون من أجزاء العلم، ولهذا بطل رجوع ضمير ينحصر إلى أصول الفقه، كما تقدم.

وإذا عرف هذا فمن حاول علماً وجب عليه أن يتصوره بحده والمراد به ما يجعل غير الحاصل التصورى من الأمور الحاصلة في الذهن حاصلاً سواء كان من الذاتيات. أو العرضيات. أو منهما؛ ليكون على بصيرة في طلبه وأن يعرف موضوعه وهو: ما يبحث في ذلك العلم عن أحواله اللاحقة به. ليتميز ذلك العلم عن غيره، وهو الأدلة المذكورة، والاجتهاد فيما نحن فيه.

ص: 92

وأن يعرف غايته؛ لئلا يكون سعيه عبثاً، وقد عبر عنها بالفائدة واستمداده، ليتمكن من البناء على المستمد منه إذا احتاج إليه.

ص ـ أما حده لقيا.

ش ـ أي حد أصول الفقه من جهة أنه علم يدل على المدح فأنه المراد باللقب، أما أنه علم فلأنه موضوع لنوع من العلم ولا يقبل الاشتراك.

وأما أنه يدل على المدح، فلأنه يدل على أن مدلوله ما يبنى عليه (3/ أ) العلم الذى به سعادة الدنيا والاخرة، وهو منقول إلى العلم عن متعلقه لأن مفهومه الاضافي متعلق هذا العلم، وهو علم له، واعلم أن العملية تنافي التعريف، إذ لا يجوز أن يقال: زيد من حيث أنه علم لفلان معرف بكذا أو كذا، فأن التعريف للكليات، وأن كونه موضوعا لنوع من العلم ينافي العلمية؛ لأن النوع كلى والعلم لا يكون إلا للجزئيالحقيقي.

ص- فالعلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية. إلى آخره.

ص: 93

ش- سيذكر المصنف أن أصح حدود العلم: صفة توجب تمييزاً لا يحتمل النقيض. وأضافة ههنا إلى متعلقه وهو القواعد بناء على أن تعرف نوع من العلم لا يمكن الا يذكر متعلقه.

والقواعد هي: الأمور الكلية المنطبقة على الجزئيات ليتعرف أحكامها منها.

قيل: احترز به عن الامور الجزئية، وعن بعض مسائل الأصول؛ لأنه وأن كان من أصول الفقه لكنه ليس نفسه، لأن بعض مسائل الأصول؛ لأنه وأن ٍكان من أصول الفقه لكنه ليس نفسه، لأن بعض الشيء غيره. وفيه نظر.

وقوله: "يتوصل بها إلى استنباط الاحكام " احتراز عن العلم بالقواعد التي تسنبط بها سائر الحرف والعلوم، وفي ذكر التوصل إشارة إلى أنه علم إلى لا مقصود بذاته.

وقوله: "الشرعية" احتراز عن العقليات.

وقوله "الفرعية" يعني بها الفقهية، فقيل: أنه لبيان الواقع.

وقيل: احتراز عن الأحتراز عن الاحكام الكلامية، فأنها شرعية أصلية.

واعترض عليه: بأنه (من أنه علم) لايكون العلم بالقواعد المذكورة، بل هو اسم لذلك، والاعتذار بأن الاسم غير المسمى عند

ص: 94

الأشاعرة غير مجد؛ لأنه تسمية لا اسم.

وبأن القواعد الموصوفة لو كانت معلومة للأصولي على وجه لا يحتمل النقيض لما وقع الخلاف فيها، لكنه واقع فأن ههنا أن العام الذى لم يخص لا يفيد القطع عند العامة، وخالفهم الحنفية وقالوا أنه قد يفيده.

والموجبة الجزئية نقيض السالبة الكلية، وأمثلته

ص: 95

كثيرة.

وبأن العلم بالقواعدعلم بأمور كلية ليست بذاتها موصلة إلى استنباط الاحكام الشرعية، بل بواسطة الجزئيات التي يتعلق بكل جزئي أوبعدة منها استنباطي حكم شرعي.

فالجزئيات يتوصل بها بلا واسطة، والكليات يتوصل بها بواسطتها فترك الاقرب إلى الابعد وهو في قوة الخطأ عند ذوى التحصيل.

وأن كان لابد من التعرض للقواعد كان الأسد أن يقول: فالعلم بالأمور التي يتوصل بها إلى آخره.

وبأن القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الاحكام لا تعلم الا في اصول الفقه، اذ في غيره من العلوم لم يذكر أصلاً أن الخاص حكمه كذا، والمشترك حكمه كذا، والمجمل كذا

ص: 96

والمتشابه حكمه كذا، وكذا الدلائل السمعية تفيد القطع أو لا تفيده، والقياس كذا وحكمه كذا، لا أخالك تنكره.

فيكون العلم (3/ب) بها موقوفاً على العلم بأصول الفقه، فالتعريف به دون هذا.

وقد أعترض عليه الشارحون بغير ما ذكر، وكثر الكلام في ذلك فمنها ما قيل: أن هذا التعريف غير مطرد لصدقه على علم الخلاف.

ومنها: أنه اعتبر فيالحد الإضافة، الإضافة عارضة فالتعريف بها لا يكون حداً.

ومنها: أن القواعد تناولت خبر الواحد، والقياس وهما ظنيان فليسا من أصول الفقه لأن أصول الفقه علم بالقواعد.

وأجيب عن الأول: بأن قواعد الخلاف لحفظ الاحكام المستنبطة لا لاستنباطها.

وعن الثاني: بأن المراد بالحد هو الجامع المانع وهو أعم من أن يكون

ص: 97

بالذاتيات أو بغيرها وقد تقدم.

وعن الثالث: بأن القواعد لم تتناول خبر الواحد والقياس لذاتهما، بل من حيث أفادتهما الظن فهما من حيث كذلك معلومان والظن فيما أفاداه.

ص- وأما حده مضافاً: فالأصول الأدلة، والفقه: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال.

ش- أي حد أصول الفقه من حيث أنه مضاف لا من حيث أنه لقب، ولما فرغ من تعريفه لقباً بين تعريفه مضافاً، وتعريفه كذلك لا يكون إلا بمعرفة المضاف والمضاف إليه فقال:"الأصول الادلة".

والأصول جمع أصل، وهو: ما يحتاج إليه الشيء.

وقيل: ما يبنى عليه الشيء.

والأدلة السمعية المعهودة أصول بالمعنيين جميعا؛ لأنها تحتاج إليها الفروع

ص: 98

ويبنى عليها.

وقال الفقه: "العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال ". وقد تقدم حد العلم، وأن نوعاًمن العلوم لا يعرف إلا بذكر متعلقة، ومتعلق علم الفقه الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال. وما قيل في بيان متعلق مطلق العلم: أنه الذوات. أن كان مقتضيا لنسبة مفيدة، أو الصفات، أن كان مقتضيا لنسبة مفيدة، أو الصفات، أن لم يكن ضعيف؛ لأن المراد بالصفة أن كان ما يتناول الكم والكيف والوضع والمتاوالأينوالإضافة والملك والفعل

ص: 99

والانفعال، فالأفعال والصفات والأحكام داخلة فيه، وأن أراد بعض ذلك فالقسمة ليست بحاصرة، بل متعلق مطلق العلم هو المقولات العشر.

والأحكام جمع حكم، وهو: خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير. وأما "جمع" إشارة إلى أقسامه وهي: الوجوب والندب، والحرمة، والكراهة، والإباحة على ما سيأتي. والجهة الموجبة لنسبتها إلى الشرع كون تعلقها أو كون العلم بتعلقاتها مستفادا منه.

والجهة الموجبة لنسبتها إلى الفرع كون أدلتها التفصيلية متفرع عن الأدلة الأصولية أو كونها متعلقة بالعمل الذى هو فرع العلم والأدلة التفصيلية هي الأمارات وإذا عرف هذا.

فقوله: "العلم" كالجنس، وقوله:"بالأحكام" يخرج غيرها من المتعلقات كالذوات والصفات والأفعال.

وقوله: الشرعية " يخرج العقلية.

وقوله: "الفرعية" يخرج الأصولية (4/أ) وقوله: "عن أدلتها التفصيلية" يخرج

ص: 100

علم الله - تعالى- ورسوله، وعلمنا بوجوب الصلاة والزكاة، والحج، لأن علم الله ورسوله ليس عن الأدلة، وعلمنا بها ضروري غير محتاج إلى الدليل.

وقوله "بالاستدلال" يخرج اعتقاد المستفتي.

وليس المراد بعلمها تصورها، لأنه من مبادىْ أصول الفقه، ولا التصديق بثبوتها في أنفسها لأنه من مسائل الكلام، بل المراد به التصديق بكونها متعلقة بالأفعال. كقولنا: شرب النبيذ حرام، وأمثال ذلك والمراد بالتصديق: القدر المشترك بين الظن والتقليد واليقين، وهو الاعتقاد الراجح لا اليقين خاصة، لأنه لو كان كذلك لم يتناول العلم اعتقاد المستفتي فلم يحتج إلى قيد يخرجه وكان قيد الاستلال ضائعا.

(ولو رود) الشبهة المشهورة وهي: أن الفقه من باب الظنون لأنه مستفاد من الأدلة الظنة، والمستفاد من الظن ظني فكيف يكون علمًا؟.

ص: 101

وأجيب عن الأول: بأن المستفتي فبل الفتوى ليس بمعتقد، وبعده اعتقاده مستند إلى علم المجتهد، وهو أن كان قطعيا فاعتقاده كذلك، وأن كان ظنيا لم يكن العلم متناولا لعلم المجتهد فتخصيص الكلام باعتقاد المستفتي غير موجه.

وعن الثاني: بأنا لا نسلم الفقه من باب الظنون؛ لأن المراد بالعلم بالأحكام العلم بوجوب العمل بها، وهو ثابت بدليل قطعي لحصوله للمجتهد من مقدمتين قطعيتين، إحداهما: أن هذا الحكم مظنون، وهي ضرورية.

والثانية: أن كل مظنون يجب العمل به بالإجماع. ويلزم من ذلك هذا الحكم يجب العمل به قطعا، إلا أن الظن وقع في طريقه، لأنه وقع محمولا في الصغرى موضوعا في الكبرى، ولا يلزم من كون المحمول ظنيا كون القضية ظنية.

ص: 102

وضعف الأول: بأن اعتقاد المستفتي وعلم المجتهد إذا كانا متساويين كان إبطال أحدهما إبطالا للآخر فيكون الكلام متوجها نظرا إلى المقصود.

والثاني، بوجوه أقواها ما قيل: لا نسلم أن الإجماع يفيد القطع؛ لأنه مبنى على الأدلة الظنية، سلمنا أن أدلته قطعية، لكنه يفيد القطع إذا بلغنا بالتوتر، وهو ممنوع، هذا أقوى ما ذكروه في هذا الموضوع وأوضحه وهو كما ترى يفيد أن المراد بالعلم التصديق بالمعنى الأعم.

وأقول: المراد " بالعلم" ههنا هو التصور، و "بالأحكام" أقسام خطاب الله الخمسة، وقوله:"الشرعية" أي المنسوبة إلى الشرع بمعنى الشارع.

وقوله: "الفرعية" أي المتعلقة بأفعال المكلفين بالاقتضاء والتخيير، و "الادلة التفصيلية" هي الامارات؛ أي الأسباب كحدوث العالم لوجوب الإيمان وأوقات الصلاة لوجوبها فيها، وتحريم إخراجها عنها، وكراهتها عند تأخيرها إلى الوقت المكروه، وشهر رمضان لوجوب (4/ب) الصوم فيه وتحريم تأخيره عنه، ويوم العيد لكراهته فيه، ويومعرفه وعاشوراء لانتدابه فيه وملك النصاب لوجوب الزكاة، والبيت للحجيج، والنكاح لحل وطاء الزوج وحرمة نكاح غيره،

ص: 103

والتوقان لوجوبه، واعتدال الحال لإباحته، وخوف الجور لكراهته والطلاق لحرمة وطاء من كان جائزا له، وحالة الحيض لكراهته، والعتاق لخروج الملك وجوبه وحرمة استخدامه بغير رضاه، والبيع لوجوب

ص: 104

خروج المبيع عن ملك البائع ووجوب الثمن على المشترى، والاجارة لإباحة الانتفاع للمستأجر بعد ما لم يكن وحرمته على الاجر بعد حله، وتعاطى المحظورات لما رتب عليها من عقوبة أو دية أو كفارة، أو غير ذلك، ما يطول شرحه من الامور التي تفيد أحد الأقسام الخمسة.

وقوله: "بالاستدلال"؛ أي الحاصلة بالاستدلال من الأدلة السمعية على ذلك الامارات، ويكون المعنى: الفقه تصور خطاب الله - تعالى- المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء والتخبير عن الأسباب الحاصلة بالاستدلال عليها من الادلة السمعية، وهو من هذه الحيثية مبادئ أصول الفقه، على ما سيجاء.

ولا يرد الفقه من باب الظنون لأنه مستفاد من الادلة الظنية؛ لأنه إذا كان تصورا لا يستدل عليه بظني ولا بغيره.

واعلم أن قوله: "وأما حده مضافاً" ليس بمستقيم لا لفظا ولا معنى.

أما لفظا: فلأن ضمير "حده" لأصول الفقه، فيكون تقديره: وأما حد أصول الفقه من حيث أنه مضاف إلى شيء، وأصول الفقه ليس بمضاف إلى شيء، وأن جعلت "مضافا" مصدرا بمعنى الإضافة كان المعنى: أصول الفقه من حيث إضافة إلى شيء، أو من حيث إضافة شيء إليه، وكلاهما ليس بمراد ولا صحيحا، وأن جعلت تقديره:"حد أصول الفقه"، أي هذا اللفظ المركب من حيث إضافة بعض أجزائه إلى بعض لا يصح.

ص: 105

قوله: "فالأصول: الأدلة" لأن الأدلة ليست حده من حيث أن بعض أجزائه مضاف إلى بعض آخر، بل من حيث أن المتكلم أراد من هذا اللفظ مدلول هذا الآخر، فليس إلا تعريفاً لفظياً كتعريف الغضنفر بالأسد.

وأما معنى: فلأن حد أصول الفقه من حيث أنه مضاف على وجه كان ليس ما يحتاج إلى ذكره في هذا المختصر.

ص- وأورد: أن كان المراد البعض لم يطرد؛ لدخول المقلد. وأن كان الجميع لم ينعكس، لثبوت "لا أدرى".

ش- يعني أورد على حد الفقه بفقد أحد أمرين لا بد من وجودهما في كل حد أغنى الاطراد والانعكاس، فأن الحد يجب أن يكون مساويا للمحدود؛ لأن الأخص أخفي، والأعم لا دلالة (له) على الأخص أصلا.

فحينئذ يجب تحقق (5/أ) المحدود عند تحقق الحد، وهو الاطراد، وانتفاؤه عند انتفائه، وهو الانعكاس.

فالألف واللام في قوله: "بالأحكام"، إما أن يراد بهما جميع الأحكام أو بعضها فإن أريد الثاني لم يطرد؛ إذ المقلد عالم بالبعض، فيصدق عليه حد الفقه فيكون علمه

ص: 106

فقهًا، لكنه ليس كذلك، لأنه لا يسمي فقيها.

وأن أريد الأول، لم ينعكس؛ لأنه الأئمة المجتهدين فقهاء لا محالة، ولم يعلموا جميع الفقه، فأن مالكا رحمه الله سئل عن أربعين مسألة فقال في ست وثلاثين منها: لا أدرى، ولم يخالف أحد في كونه فقيها إمام دار الهجرة.

ص- وأجيب: بالبعض، ويطرد؛ لأن المراد بالأدلة: الأمارات. وبالجميع: وينعكس؛ لأن المراد تهيؤه للعلم بالجميع.

ش- أجيب عن هذا الإيراد على كل واحد من الشقين فقيل المراد: البعض والمقلد ليس بداخل؛ لأن المراد البعض الحاصل من الأدلة التفصيلية بالاستدلال وما

ص: 107

للمقلد ليس كذلك، وإلا لم يكن مقلدا. وعبارة المصنف قاصرة عن البيان على هذا الوجه، وتقدير كلامه: بأن المراد بالأدلة الأمارات، وعلم المقلد ليس بالأمارات، ليس بكاف؛ لأنه يفيد أن المراد بالأدلة ليس علم المقلد، وليس بمراد، بل المراد: أن المراد بالأحكام ماكان حاصلا بالإمارات، وفقه المقلد ليس كذلك.

والتكلف الزائد في تصحيحه يفضى إلى كونه من الألغاز، هذاعلى الشق الأول.

وعلى الثاني: فيقال: المراد "بالأحكام جميعها"، التهيؤ للعلم بجميعها، والتهيؤ له كذلك لا ينافيه لا أدرى، لجواز أن يقول ذلك عند تعارض الأدلة، قبل التمكن من الاجتهاد مع وجود التهيؤ وهو: الاستعداد القريب إلى الفعل عند حصول الطرق. وفي كلامه نظر من أوجه:

الأول: أن "الأحكام" جمع معرف باللام وهو يفيد العموم، فالتخصيص بالبعض تخصيص بلا مخصص، واستعمال مجاز مجمل في التعريف.

الثاني: أن خروج المقلد قد علم من قوله: "عن أدلنها التفصيلية" أو من قوله: بالاستدلال فالإيراد به غير متوجه.

الثالث: أن ذكر العلم وإرادة التهيؤ له غير جائز؛ لأنه على التفسير المذكور ليس بمستلزم له؛ لأن حصول العلم بعد تمهيد الطرق عادى عند أهل السنة فقد يتخلف ولا لازم له؛ لجواز أن يكون ضروريا يحصل بدونه فلا يجوز إرادته منه لا

ص: 108