الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد نقل الحاكم عن الأئمة الأربعة جوازه.
وأمّا
قراءة غير الراوي على الشيخ
فكقراءة الراوي عليه.
ص ــ وأمّا الإجازة للموجود المعين.
فالأكثر: على تجويزها.
والأكثر: على منع: {{حدثني، وأخبرني} } مطلقاً.
وبعضهم: ومقيداً.
وأنبأني، اتفاق للعرف.
ومنعها أبو حنيفة، وأبو يوسف.
ولجميع الأمة الموجودين، الظاهر قبولها، لأنها مثلها.
وفي نسل فلان، أو من يوجد من بني فلان، ونحوه، خلاف واضح.
لنا: أن الظاهر أن العدل لا يروي إلا بعد علم، أو ظن، وقد أذن له.
وأيضاً: فإنه ــ صلى الله عليه وسلم ــ كان يرسل كتبه مع الآحاد و [إ] ن لم يعلموا ما فيها.
قالوا: كذب؛ لأنه لم يحدثه.
قلنا: حدثه ضمناً، كما لو قرئ عليه.
قالوا: ظن، فلا يجوز الحكم به، كالشهادة.
قلنا: الشهادة آكد.
ش ــ الإجازة لموجود معين، مثل أن يقول الشيخ لراو معين: أجزت لك أن تروي عني ما في هذا الكتاب. فالأكثر على تجويزها ولا يقول: حدثني، وأخبرني مطلقاً عند الأكثر؛ للإشعار بصريح نطق الشيخ، وهو كذب.
ومنهم من منع مقيداً ــ أيضاً ــ وهو أن يقول: حدثني إجازة.
وأمّا {{أنبأني} } فيصح الرواية فيه باتفاق المجوّزين؛ لأن الإنباء يطلق على هذا بحسب العرف.
قال المصنف: ومنع أبو حنيفة وأبو يوسف الرواية
بالإجازة وهو غلط بوجهين:
أحدهما: أن أبا حنيفة لم يمنعها مطلقاً، وإنما منعها إذا لم يكن المجاز له عالماً بما في الكتاب.
فأما إذا كان عالماً به قد نظر فيه وفهمه، فقال له المجيز: إن فلاناً قد حدثنا بما في هذا الكتاب على ما فهمه بأسانيده هذه، فأنا أحدثك به، وأجزت لك الحديث [116/أ] به، فإنها تصح.
والثاني: أن المتفق مع أبي حنيفة في هذه المسألة هو محمد على الوجه الذي ذكرناه لا أبو يوسف، فإنه يجوّزها.
وأمّا الإجازة لجميع الموجودين، مثل أن يقول: أجزت لجميع الأمة
الموجودين أن يروا عني كذا، فالظاهر أنها تقبل؛ لأنها مثل الإجازة لموجود معين.
وأمّا إذا قيل المجيز: أجزت لنسل بني فلان، أو أجزت لمن يوجد من بني فلان، ففيه خلاف واضح؛ لأن إجازة الموجود المعين إذا كان مختلفاً فيها، كان إجازة غير الموجود أولى بالاختلاف.
واستدل المصنف على جواز الرواية بالإجازة: بأن الظاهر أن الراوي يعني المخبر العدل لا يروي إلا بعد علم أو ظن بصحة ما أجاز به، وقد أذن له أن يروي عنه فيحصل ظن صحة ما أجازه، فتجوز الرواية.
وفيه نظر؛ لأن الكلام ليس في رواية المخبر، ولا في إذنه، وإنما الكلام في جواز رواية المجاز له مع عدم العلم أو الظن بما يروي، فإن في ذلك إضاعة للأحاديث بالإنكار على الإجازة، وفيه من الفساد ما لا يخفى.
قال: وأيضاً ــ فإنه ــ صلى الله عليه وسلم ــ كان يرسل كتبه مع الآحاد وإن لم يعلموا ما فيها.
وفيه نظر؛ لأن باب الكتابة والرسالة غير باب الإجازة، فإنهما بعدما ثبت عند السامع أنهما من عند فلان كانتا بمنزلة الخطاب، لما عرف في موضعهما فكان خلط أحد البابين بالآخر خبطأ.
واستدل المصنف لأبي حنيفة: بأن الإجازة لا تكون إخباراً بالحدث فلو قال الراوي: {{أخبرني وحدثني} }، كان كذباً؛ لأنه لم يحدثه، وليس باستدلالٍ صحيح، ولم يقل به أبو حنيفة؛ لأن المجاز له إذا كان عالماً بما في الكتاب، فإنه يصح أن يقول:{{أخبرني وحدثني} }، والمعنى المذكور موجود فيه.
وأجاب المصنف بما معناه: أن صريح الإجازة وإن لم يوجد فقد وجدت ضمناً، كقراءة الراوي على الشيخ؛ فإنه وإن لم يكن إخباراً بالحديث صريحاً، لكنه أجاز به ضمناً.
وفيه نظر؛ لأنه مبني على ذلك الدليل الفاسد، والبناء على الفاسد فاسد، ولأن الاعتماد على الإخبار الضمني غير صحيح؛ لإفضاله إلى خلل في باب التبليغ، كما مرّ.
وأمّا قراءة الراوي على الشيخ فشرط الرواية فيها أن يقول القارئ للشيخ بعد ما قرأ عليه: أهو كما قرأت؟ فيقول: نعم.
وحينئذٍ ليس الإخبار ضمناً.
وقال ــ أيضاً ــ قالوا ــ يعني الحنفية ــ: {{ظن} }. أي الرواية بمجرد الإجازة ظن، فلا يجوز الحكم به، كالشهادة فإن الحكم بها لا يجوز إذا كان ظناً.
والجامع بينهما كون كل منهما يوجب الحكم الشرعي، وهذا فاسدٌ، وافتراء على الحنفية؛ فإنهم قاطعون بأن باب الرواية أوسع من باب الشهادة، فكيف يقيسون إحداهما على الأخرى.
ثم أجاب: بالفرق بأن الشهادة أكد من الرواية، ولهذا اشترط الحرية في الشهادة دون الرواية، وهو ــ أيضاً ــ فاسد؛ لأنه مبني على فاسد ولأنه مبني على الفرق، وهو غير مسموع كما مرّ غير مرة.
*
…
*
…
*
نقل الحديث بالمعنى
ص ــ مسألة: الأكثر على جواز نقل [116/ب] الحديث بالمعنى للعارف.
وقيل: بلفظ مرادف.
وعن ابن سيرين منعه.
وعن مالك أنه كان يشدد في الباء والتاء.
وحمل على المبالغة في الأولى.
لنا: القطع بأنهم نقلوا عنه أحاديث في وقائع متحدة بألفاظ مختلفة شائعة ذائعة، ولم ينكره أحد.
وأيضاً: ما روي عن ابن مسعود وغيره أنه قال ــ صلى الله عليه وسلم ــ كذا ونحوه، ولم ينكره أحد.
وأيضاً أجمع على تفسيره بالعجمية، فالعربية أولى.
وأيضاً فإن المقصود المعنى قطعاً، وهو حاصل.
قالوا: {{نضّر الله امرءاً} }.
قلنا: دعاء له؛ لأنه الأولى، ولم يمنعه.
قالوا: يؤدي إلى الإخلال، لاختلاف العلماء في المعاني وتفاوتهم، فإذا قدر ذلك مرتين [أو ثلاثاً] اختل بالكلية.
وأجيب: بأن الكلام فيمن نقل بالمعني سواء.
ش ــ لما فرغ من بيان الأمور الموجبة لقبول الخبر، ذكر الأمور المانعة منه، ومن جملتها عند بعض: النقل بالمعنى، وهو جائز عند الشافعي وعامة أهل الأصول مطلقاً، سواء كان بلفظ مرادف، أو بغيره إذا كان عارفاً بمعناه.
وقيل: إذا كان بلفظ مرادف، كإبدال لفظ التحريم بلفظ الحظر.
ونقل عن ابن سيرين منعه مطلقاً.
ونقل عن مالك أنه كان يشدد في الباء والتاء، يعني بالغ في المنع حتى لم يجوّز إبدال الباء بالتاء في القسم أن يقول بالله بدل تالله. قال المصنف هذا النقل منه محمول على المبالغة في الأولوية لا في الوجوب لجواز النقل بالمعنى عند مالك إذا كان عارفاً بمعناه.
حجة الأكثرين أوجه:
الأول: أنا نعلم قطعاً أنهم مقلوا حديثاً واحداً جرى في مجلس في واقعة بألفاظ مختلفة شائعة ذائعة بينهم، ولم ينكر أحد من الصحابة ــ رضي الله عنهم.
[الثاني: ما روي عن ابن مسعود وغيره من الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ] أنه ــ عليه السلام ــ قال: كذا، أو نحواً منه.
ردّد الرواية بين عبارتين، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، وقبلوا روايته، والقبول مع الشك في لفظ الرسول دليل الجواز.
الثالث: أجمعوا على جواز تفسير الحديث بالعجمية، فجواز تفسيره بالعربية أولى؛ لأن العربية أقرب إلى لفظ الرسول.
وفيه نظر؛ لأن التفسير عبارة عن أن يذكر لفظ يراد بيانه بما هو أوضح في أداء المراد، وليس النقل كذلك.
الرابع: أنا نعلم قطعاً أن الألفاظ غير مقصودة بل المقصود هو المعنى وهو
حاصل إذا نقل بلفظ آخر فلا أثر لاختلاف اللفظ.
وفيه نظر؛ لأنه إنما يصح إذا كان بلفظ مرادف، وهو ليس مذهب الأكثرين.
واستدل للمانعين بوجهين:
أحدهما: أنه ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال: {{نضّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها} }. وذلك يدل على وجوب نقل الحديث بلفظه لأنه هو أداء المقالة كما سمع.
وأجاب: بأنه لا دلالة على الوجوب، بل هو دعاء للناقل كما سمع. وغايته الدلالة على الأولوية.
الثاني [117/أ] أن النقل بالمعنى، يؤدي إلى الإخلال بالمعنى المقصود؛ لاختلاف العلماء في درك المعاني المقصودة، وتفاوتهم في فهمها فلا يبعد أن يغفل الناقل عن إدراك بعض دقائقها بنقله بلفظ آخر لا يدل عليها. فلو قدر ذلك مرتين، أو ثلاثاً اختل المعاني المقصودة بالكلية.
وأجاب: بأن الكلام فيمن ينقل بالمعنى سواء من غير زيادة ولا نقصان.
وفيه نظر؛ لاستلزامه المترادف كما تقدم.