الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا يتم الواجب إلا به
ص ــ مسألة: ما لا يتم الواجب إلا به وكان مقدوراً شرطاً شرعياً واجب.
والأكثر: وغير شرط. كترك الأضداد في الواجب، وفعل ضد في المحرم، وغسل جزء الرأس.
وقيل: لا فيهما.
لنا: لو لم يجب الشرط لم يكن شرطاً.
وفي غيره لو استلزم الواجب وجوبه لزم من تعقل الموجب له ولم يكن تعلق الوجوب لنفسه، ولا امتنع التصريح بغيره، ولعصى بتركه، ولصح قول الكعبي في نفي المباح، ولو جبت نيته.
ش ــ ما لا يتم الواجب إلا به إمّا أن يكون مقدوراً للمكلف، أو لا.
والثاني كالقدرة على الفعل، واليد للكتابة، والرجل للمشي.
لا يكون واجباً بل عدمها يمنع الوجوب عند من لم يجوز التكليف بالممتنع.
والأول: قد اختلف الناس فيه، وهو ينقسم إلى شرط وغيره. واختار المصنف: أنه إن كان شرطاً شرعياً للواجب، كالضوء وجب بوجوب الواجب، وإلا فلا.
وعند أكثر الأصوليين: لا تفرقة بين الشرط وغيره في الوجوب سواء كان الغير سبباً كالنار للإحراق أو غيره.
إمّا ترك ضد الواجب الذي لا يتم الواجب إلا به، أو فعل ضد المحرم الذي لا يتم ترك الحرام إلا به، أو طريق إلى الإتيان بالواجب، كغسل جزء من الرأس لغسل الوجه فإنه لا يمكن إلا بغسل جزء من الرأس أو طريق إلى العلم بإتيان الواجب، كالإتيان بخمس صلوات إذا ترك واحدة منها مجهولة.
ومن الناس من ذهب إلى أن وجوب الشيء لا يوجب وجوب شيء من ذلك شرط أو غيره.
واستدل المصنف على ما اختاره قال: لو لم يجب الشرط لوجوب مشروطه لم يكن شرطاً فكان خلفاً باطلاً.
وبيان الملازمة ببيان الشرط؛ فإنه المتوقف عليه وجود المشروط فلو لم يكن واجباً جاز عدمه مع تحقق المشروط فلم يكن متوقفاً عليه.
وفيه نظر؛ لأن هذا وجوب عقلي وليس الكلام فيه.
واستدل على غير الشرط من وجوه ستة:
الأول: لو استلزم الواجب وجوب غير الشرط مما لا يتم الواجب إلا به لزم تعقل المُوجِب ــ أي الآمر ــ لغير الشرط؛ لاستحالة إيجاب الشيء مع الذهول عنه. والمُوجِب قد يغفل عما يتوقف عليه.
وفيه نظر؛ لأن كلامنا في المُوجب الذي هو شارع، وذلك لا يجوز عليه على أنه منقوض بالشرط.
والثاني: أنه لو استلزم الواجب وجوب غير الشرط لم يكن تعلق الوجوب الذي هو طلب الوجود مع منع النقيض ــ بغير الشرط لنفس الوجوب؛ لتوقف تعلق الوجوب على تعلقه بما يستلزمه، لكن تعلق الطلب بغير المطلوب غير متصور. وهو منقوض بوجوب الشرط.
والثالث: أنه لو استلزم الواجب وجوب غير الشرط، لامتنع التصريح بغير وجوبه، أي التصريح بأن غير الشرط لا [62/ب] يكون واجباً؛ لأنه يناقض الحكم بكون الواجب مستلزماً وجوبه، لكن يصح أن يقول الشارع: أوجبت عليكم غسل الوجه وما أوجبت عليكم غسل شيء من الرأس. وفيه نظر؛ لأن التصريح أقوى في الدلالة فيكون رافعاً لا دافعاً.
والرابع: لو كان الواجب مستلزماً لوجوب غير الشرط لعصى المكلف بتركه وهو ظاهر لكن ليس كذلك؛ فإن تارك الصوم يعصى بترك الصوم لا بترك إمساك جزء من الليل.
وفيه نظر؛ فإن مصادرة؛ لأن ترك جزء ترك ما لا يتم الواجب إلا به فإن كان واجباً يعصى بتركه وإلا فلا.
والخامس: لو استلزم وجوبه لصح قول الكعبي في نفي الفعل المباح في الشرع، لأن المباح يحصل به ترك الحرام، وما يحصل به ترك الحرام واجب.
وفيه نظر؛ لأن ترك الحرام لم ينحصر في الفعل المباح.
والسادس: أنه لو كان واجباً وجب بنية، لكون عبادة، وليس كذلك بالإجماع.
وفيه نظر؛ فإن الملازمة ممنوعة، وكونه عبادة
كذلك.
ص ــ قالوا: لو لم يجب لصح دونه، ولما وجب التوصل إلى الواجب والتوصل واجب بالإجماع.
وأجيب: إن أريد بلا يصح، و {{واجب} } لا بد منه فمسلم.
وإن أريد مأمور به فأين دليله؟
وإن سُلّمَ الإجماع على أن التوصل واجب ففي الأسباب بدليل خارجي.
ش ــ استدل القائلون بوجوب ما لا يتم الواجب إلا به مطلقاً بوجهين:
أحدهما: أنه لو لم يجب لصح دونه؛ لجواز ترك ما ليس بواجب الإجماع لكنه لا يصح؛ لأنه واجب بتمامه ولا تمام بدونه.
والثاني: أنه لو لم يجب [لصح دونه]، لما وجب التوصل إلى الواجب؛ لأن التوصل إلى الواجب به، لكنه واجب بالإجماع.
وأجاب المصنف: بأنه إن أرادوا بقولهم في نفي التالي: {{لكن لا يصح الواجب بدونه} }، وبقولهم في نفي تالي الملازمة الثانية:{{لكنّ، أي التوصل به إلى الواجب واجب} }: أن ما لا يتم الواجب إلا به لا بد منه في تحصيل الواجب، فنفي التالي مسلّم. لكن لا يلزم من كونه لا بد منه أن يكون مأموراً به، وكلامنا في وجوب مأمور به؛ لأن الإيجاب العقلي غير معتبر.
وإن أرادوا أنه مأمور به، فأين دليله؟
وإن سُلّم أن التوصل إلى الواجب واجب، لكنه إنما يصح ذلك القول في الأسباب بديل خارجي وهو الإجماع.
ولقائل أن يقول: المراد بقولهم: لا يصح بدونه أنه مأمور به، والدليل عليه أن الواجب الذي يستلزمه مأمور به لا محالة، والأمر به أمر بما يستلزمه اقتضاءً.
وأمر الشارع تارة يكون عبارة، وتارة إشارة، وتارة يكون دلالة، وتارة يكون اقتضاء، وأن الفرق بين الأسباب وغيرها [63/أ] تحكم.