المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مسألة: اشتراط بقاء المعنى في كون المشتق حقيقة - الردود والنقود شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ١

[البابرتي]

فهرس الكتاب

- ‌ المباديء

- ‌ فائدته:

- ‌ استمداده

- ‌ الدليل

- ‌النظر:

- ‌حد العلم

- ‌ الذكر الحكمي

- ‌تقسيم العلم

- ‌معرفة الحد وتقسيمه

- ‌مادة المركب:

- ‌الذاتي

- ‌تمام الماهية

- ‌ الجنس والنوع

- ‌العرضي

- ‌صورة الحد

- ‌ القضية

- ‌ الأمارات

- ‌وجه الدلالة في المقدمتين

- ‌الضروريات

- ‌صورة البرهان

- ‌ القياس الاقتراني

- ‌النقيضان:

- ‌العكس المستوي

- ‌ عكس النقيض

- ‌تقسيم المقدمتين إلى أربعة أشكال

- ‌ الشكل الأول

- ‌ الشكل الثاني

- ‌ الضروب المنتجة

- ‌ الشكل الثالث:

- ‌ الشكل الرابع

- ‌ قياس الخلف

- ‌ مبادئ اللغة

- ‌ اقسامها: مفرد ومركب

- ‌تقسيم المفرد إلى اسم وفعل وحرف

- ‌المركب

- ‌تقسيم آخر للمفرد

- ‌المشترك

- ‌ الترادف

- ‌ وقوعه

- ‌الحقيقة

- ‌المجاز

- ‌اللفظ قبل الاستعمال ليس بحقيقة ولا مجاز

- ‌ مسألة: إذا دار اللفظ بين المجاز والاشتراك

- ‌في وقوع الحقائق الشرعية

- ‌الإيمان والإسلام

- ‌القرآن المعرّب

- ‌المشتق

- ‌ مسألة: اشتراط بقاء المعنى في كون المشتق حقيقة

- ‌ الحروف

- ‌ الحرف لا يستقل بالمفهومية

- ‌الواو

- ‌ مسألة: الواو للجمع المطلق

- ‌ إبتداء الوضع

- ‌ليس بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية

- ‌التحسين والتقبيحومن هنا مبادئ الأحكام الشرعية

- ‌ دليل المعتزلة على أن الحسن والقبح ذاتيان

- ‌مسألتان في شكر المنعموفي الأشياء قبل ورود الشرع

- ‌ مسألتان على التنزل:

- ‌الأولى شكر المنعم

- ‌الوجوب

- ‌الواجب على الكفاية

- ‌ الواجب الموسع

- ‌ما لا يتم الواجب إلا به

- ‌أحكام الحرام

- ‌ مسألة: يستحيل كون الشيء واجباً حراماً من جهة واحدة

- ‌الصلاة في الدار المغصوبة

- ‌المندوب

- ‌المكروه

- ‌أحكام المباح

- ‌خطاب الوضع

- ‌الأول: الحكم على الوصف المعين بكونه سببا

- ‌الثالث: الحكم على الوصف بالشرطية

- ‌ الصحة والبطلان

- ‌الرخصة والعزيمة

- ‌المحكوم فيه الأفعال

- ‌شرط المطلوب: الإمكان

- ‌مساله: لا تكليف إلا بفعل

- ‌مساله: قال الأشعري: لا ينقطع التكليف بفعل حال حدوثه

- ‌المحكوم عليه: المكلف

- ‌الأدلة الشرعية

- ‌ الأدلة الشرعية: الكتاب والسنة والإجماع، والقياس، والاستدلال

- ‌ المحكم والمتشابه

- ‌ السنة وأفعاله ــ صلى الله عليه وسلم

- ‌ المسألة الثالثة: في التقرير

- ‌الإجماع

- ‌ تعريفه

- ‌ ثبوته

- ‌المبتدع

- ‌ المسألة الثانية: في اعتبار قول المبتدع في الإجماع

- ‌ الخبر

- ‌تعريف الخبر

- ‌تسمية غير الخبر إنشاءً وتنبيهاً

- ‌تقسيم الخبر إلى صدق وكذب

- ‌تقسيم الخبر إلى ما يعلم صدقه وإلى ما يعلم كذبه

- ‌ الشرائط المختلف فيها في المخبرين

- ‌خبر الواحد

- ‌شرائط الراوي أربعة

- ‌الأول: البلوغ

- ‌ الثاني: الإسلام

- ‌ الرابع: العدالة

- ‌ الكبائر

- ‌رواية مجهول الحال

- ‌هل العمل بالشهادة والرواية يكون تعديلاً

- ‌ مسألة حكم الحاكم المشترط العدالة بالشهادة تعديل باتفاق

- ‌ إذا قال: أُمِرنا أو نُهِيّنَا أو أوجب، أو حرّم

- ‌ مسألة: إذا قال: من السنة كذا

- ‌ مسألة: إذا قال: كنا نفعل، أو كانوا

- ‌ قراءة الشيخ على الراوي

- ‌ قراءة غير الراوي على الشيخ

- ‌ إذا كذب الأصل الفرع، سقط القبول

- ‌ إذا انفرد العدل بزيادة والمجلس واحد

- ‌ مسألة: [خبر] الواحد في الحد

- ‌حمل الصحابي ما رواه على أحد محمليه

- ‌الخبر المخالف للقياس

- ‌ المنقطع

الفصل: ‌ مسألة: اشتراط بقاء المعنى في كون المشتق حقيقة

هي مختصة بالزجاجة. وأنه لا يطلق على كل ما هو موصوف بالدُبور، بل هو مختص بمنزلٍ من منازل القمر.

ص ــ‌

‌ مسألة: اشتراط بقاء المعنى في كون المشتق حقيقة

.

ثالثها: إن كان ممكناً. اشترط.

المشترط: لو كان حقيقة، وقد انقضى، لم يصح نفيه.

وأجيب بأن المنفي: [الأخص] فلا يستلزم نفي الأعم.

قالوا: لو صح بعده [41/أ] لصح قبله.

وأجيب: [مجاز] إذا كان الضارب من ثبت له الضرب لم يلزم.

النافي: أجمع أهل العربية على صحة {{ضارب أمس} } وأنه اسم فاعل.

وأجيب: مجاز كما في المستقبل باتفاق.

قالوا: صح مؤمن وعالم للنائم.

أجيب: مجاز؛ لامتناع {{كافر} } لكفرٍ تقدم.

قالوا: يتعذر في مثل {{متكلم} } و {{مخبر} }.

أجيب: بأن اللغة لم تبن على المشاحة في مثله، بدليل صحة الحال. وأيضاً فإنه يجب أن لا يكون كذلك.

ش ــ ذهب بعض العلماء إلى أن إطلاق المشتق على محله حقيقة مشروط ببقاء المعنى، يعني المشتق منه، فإن أطلق بعد الزوال كان مجازاً.

ص: 285

وذهب آخرون: إلى أنه ليس بشرطٍ مطلقاً.

وفصل آخرون: بأن المعنى إن كان ممكن البقاء كان شرطاً، وإن كان من المصادر السيالة، كالتكلم، والحركة لم يكن شرطاً.

فقوله: {{اشتراط بقاء المعنى} } مبتدأ خبره محذوف؛ أي على ثلاثة مذاهب وأشار بكون ثالثها على التفصيل إلى أن أحد الأولين: الاشتراط مطلقاً، والآخر: عدمه كذلك.

قال المشترطون: لو كان المشتق حقيقة في الذي فرغ من المعنى لم يصح نفيه، لأن الحقيقة لا تنفى، لكن ليس بضارب في الحال بالضرورة وإذا صح السلب في الحال صح مطلقاً؛ لأن المطلق جزء المقيد.

كذا قرره صاحب {{البديع} } وغيره.

ص: 286

وأجيب: بأنا لا نسلم انتفاء التالي، وصدق ليس بضارب في الحال لا يستلزم صدقه مطلقاً؛ لأنه أخص، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم؛ لأن نقيض الأخص أعم من نقيض الأعم مطلقاً.

ولقائل أن يقول: تقرير نفي التالي على الوجه الذي ذكروه غير مستقيم؛ لأنهم قالوا: إذا صح السلب في الحال صح مطلقاً؛ لأن المطلق جزء المقيد، والسلب في الحال لا يستلزم السلب مطلقاً وهو ظاهر.

وقولهم: لأن المطلق جزء المقيد على تقدير صحته بأن لا يكون بينهما تقابل تضاد، او العدم والملكة لا يُفيدهم؛ لأن انتفاء الكل لا يستلزم انتفاء الجزء، على أن المشترط يكفيه أن يقول: لو كان حقيقة بعد انقضاء المعنى لم يصح النفي بعد انقضائه، لكن يصح ليس بضارب الآن، وإذا ظهر هذا، ظهر أن جواب المصنف، بقوله:{{بأن المنفي الأخص} } غير صحيح، الأولى أن يقال في الجواب: لو كان حقيقة بعد المضي لم يصح نفيه، لكن كان حقيقة بعده، بدليل كذب {{ما ضرب} } فلا يصح نفيه، وجاز للمناظر أن يلزم رأياً في هدم وضع الخصم، وإن لم يعتقده، وفيه نظر؛ لأن غايته منع بطلان التالي، ومنع المقدمة.

قيل: لا يضر المعلل إذا ثبت دعواه.

وقالوا ــ أيضاً ــ لو صح بعده لصح قبله، يعني لو صح حقيقة باعتبار الماضي لصح باعتبار المستقبل بجامع وجود المعنى المشتق منه في أحد الزمانين مع خلو المحل عنه في الحال، وبالتالي باطل بالاتفاق.

وأجيبوا: بأن معنى الضارب من ثبت له الضرب بطريق الحقيقة أو المجاز، والثاني مُسَلّم ولا يفيدكم، والأول عين النزاع، وإنما معناه حقيقة من باشر

ص: 287

الضرب.

وقال النافون: أجمع أهل العربية على صحة {{زيد ضارب أمس} } وعلى أنه اسم فاعل، والأصل في الاستعمال الحقيقة.

وأجيبوا: [41/ب] بأنا لم ننكر استعماله في الماضي مجازاً بقرينة وههنا كذلك بقرينة {{أمس} }، كما أنه لا ينكر استعماله في المستقبل مجازاً بقرينة {{غداً} }، والأصل في الاستعمال الحقيقة إذا لم يوجد قرينة، وأما إذا كانت فجعله حقيقة إبطال لمراد المتكلم فإنه ما نصب القرينة إلا دلالة على مراده.

وقالوا ــ أيضاً ــ: صح {{مؤمن} } و {{عالم} } للنائم، والإيمان والعلم ليسا بقائمين به حالة النوم، والأصل في الاستعمال الحقيقة.

وأجيبوا: بأنه مجاز بدليل عدم الاطراد؛ فإنه من علاماته كما تقدم وليس إطلاقه على ما ليس المعنى قائماً به مطرداً؛ لأن إطلاق الكافر على المسلم باعتبار السابق ممتنع.

وهذا ليس بشيء؛ لأن عدم الاطراد دليل المجاز إذا لم يكن بمانع والشرع منع عن ذلك لتعظيم الصحابة والمؤمنين.

وقالوا ــ أيضاً ــ: لو كان بقاء المعنى المشتق منه شرطاً في كون المشتق حقيقة. لم تكن المشتقات التي مصادرها سيالة، مثل: المتكلم، والمخبر مستعملاً بطريق الحقيقة أصلاً؛ لأن مصادرها لا يمكن اجتماع اجزاء معانيها في الوجود، إذ الجزء اللاحق لا يوجد إلا بعد عام السابق، وحينئذٍ لا يوجد أصل المعنى دفعة حتى يشترط بقاؤها، والتالي باطل بالاتفاق.

ص: 288

وأجيبوا بوجهين:

أحدهما: أن اللغة لم تبن على المشاحة في مثله، بل وجود الجزء الأخير كاف في الاشتراط فيما تعذر اجتماع الأجزاء، ألا ترى أن لفظ {{الحال} } حقيقة في زمان الفعل الحاضر، ولا يمكن بقاء أجزائه عند إطلاقه، لكون الزمان [لما] غير قار الذات.

والثاني: أن الواجب أن لا يشترط في مثله بقاء المعنى المشتق منه، بل الجزء الأخير وبه يتم المطلوب، فإنه إذا انقضى بالكلية يكون مجازاً.

والفرق بين الجوابين: أن الأول فيه التزام التسامح في الوضع.

والثاني: بيان وجود مقتضى الحكمة، فإن اشتراط بقاء ما لا يبقى خارج عن الحكمة، وإنما مقتضاها اشتراط بقاء ما يبقى بتمامه. واشتراط آخر أجزاء ما لا يبقى.

واعلم أن هذه الاستدلالات كلها فاسدة؛ لأن معرفة الحقيقة إنما تكون بالسبق إلى الذهن عند سماع اللفظ لا بإقامة الدليل وهو ظاهر لا محالة.

ص ــ مسألة: لا يشتق اسم فاعل لشيء والفعل قائم بغيره خلافاً للمعتزلة.

لنا: الاستقراء.

قالوا: ثبت قاتل وضارب، [والقتل] للمفعول.

قلنا: القتل: التأثير، وهو الفاعل.

قالوا: أطلق الخالق على الله باعتبار المخلوق، وهو الأثر، لأن الخلق المخلوق، وإلا لزم قدم العالم أو التسلسل.

أجيب أولاً: بأنه ليس بفعل قائم بغيره.

وثانياً: أنه للتعلق الحاصل بين المخلوق والقدرة حال الإيجاد فلما نسب إلى

ص: 289

الباري صح الاشتقاق جمعاً بين الأدلة.

ش ــ ذهبت المعتزلة إلى جواز إطلاق مشتق على من ليس المصدر قائماً به [42/أ] فسموا الله متكلماً والكلام قائم بغيره؛ لأنه عندهم حادث لا يجوز أن يقوم بالقديم، وهذه المسألة من الكلام وفسادها مبرهن فيه، وذكرها غير مناسب في أصول الفقه؛ لعدم تعلقه بمعرفة كيفية الاستنباط.

وذهب الباقون: إلى [عدم] جوازه، مستدلين بأنا قد استقرينا فوجدنا جميع استعمالات المشتقات، ولم نطلع على موقع اشتق اسم فاعل لمن لم يكن الأصل قائماً به.

وقالت المعتزلة: الاستقراء غير تام، لأنكم تعلمون أن قاتلاً اشتق لذات، وضارباً لذات، والقتل والضرب قائمان بغيرهما وهو المقتول والمضروب، ضرورة حصول الأثر في المفعول.

وأجيب: بأنه غلط؛ لأن الأثر الحاصل في المفعول هو التأثر والقائم بالقتل هو التأثير، والفرق بين مقولة أن يفعل وأن ينفعل بين لا محالة.

وقالوا ــ أيضاً ــ: أطلق الخالق على الله ــ تعالى ــ باعتبار المخلوق، وهو الأثر المباين عن ذاته ــ تعالى ــ؛ لأنه مشتق من الخلق، والخلق هو

ص: 290

المخلوق إذ لو كان مغايراً لكان إما قديماً أو حادثاً، لعدم خلو مفهوم وجودي أو عدمي عن ذلك، فإنه إن كان مسبوقاً بالعدم سبقاً زمانياً فهو الحادث، وإلا فهو القديم.

والثاني تقسيمه باطل؛ لأنه إن كان قديماً لزم قد العالم؛ لأنه نسبة بين الخالق والعالم، وإذا كانت النسبة بين الشيئين قديمة لزم قدم المنتسبين؛ ضرورة تأخر النسبة عنهما. وإن كان حادثاً افتقر إلى مؤثر وذلك إلى آخر ويتسلسل.

ولقائل أن يقول: الخلق نسبة بين الخالق والعالم من حيث العلم أو الخارج، والأول مسلم، ولا يستلزم القدم، والثاني ممنوع.

وأجيبوا بوجهين:

أحدهما: أن الخلق لو كان هو المخلوق لم يكن فعلاً قائماً بالغير، بل يكون هو الغير، وحينئذٍ لا يتم مطلوبهم، فإن مطلوبهم جواز إطلاق الخالق، والفعل غير قائم به.

والثاني: أن دليلهم يقتضي جواز إطلاق الخالق على الله ــ تعالى ــ والفعل غير قائم به.

والاستقراء الذي هو دليلنا يقتضي قيامه به، وإعمال الدليلين ولو بوجه أولى من إهمال أحدهما، فيجعل الخلق عبارة عن التعلق الحاصل بين القدرة والمخلوق حال الإيجاد، فاعتبار تعلقه بالقدرة دون ذاته يحصل مقتضى دليلكم من وجه،

ص: 291

وباعتبار أنه لا يكون أمراً مبايناً عنه بالكلية؛ لأنه متعلق بالصفة القائمة به، والمتعلق بالصفة القائمة به متعلق يحصل مقتضى دليلنا، وهو فاسد من أوجه:

الأول: أن القدرة قديمة لا محالة، والمخلوق حادث، فالمتعلق الحاصل بينهما إن كان قديماً لزم قدم متعلقة، لكونه نسبة لا تحقق إلا بعد تحقق المنتسبين، إن كانت حادثة لزم أن يكون القديم محل الحادث، وما لا يخلو عن الحادث فهو حادث.

الثاني: أن {{خلق} } فعل لا بد له من مصدر يكون جزؤه فالو كان هو المخلوق لزم أن يكون الفعل مركباً من الجوهر والزمان وذلك هذيان لا نهاية له.

الثالث: إن كان دليلكم إما أن يقتضي وجوب قيام الفعل بغيره، أو جوازه، والأول مخالف لمذهبهم، لأن مذهبهم جواز ذلك، والثاني: لا ينافي حمل الخلق على معنى قائم بالله ــ تعالى ــ؛ لأنه أحد الجائزين.

الرابع: أنه لا فرق بين أن يكون الخلق متعلقاً بالقدرة القديمة أو بذاته ــ تعالى ــ؛ لأن صفاته ــ تعالى ــ ليست عين ذاته، بل عينه عند المعتزلة والحق أن الفعل قائم بالنسبة إلى وجود المخلوق العلمي، والتعلق حادث كما نقول في العلم والكلام وغيرهما، وهو التكوين الذي هو قديم عند الأئمة الحنفية ــ رحمهم الله.

ص ــ مسألة: الأسود ونحوه من المشتقات يدل على ذات متصفة بسواد لا على خصوص من جسم أو غيره؛ بدليل صحة: {{الأسود جسم} }.

ش ــ مفهوم المشتق، كالأسود ونحوه كالأبيض والناطق والمضروب يدل على ذات ما متصفة بتلك الصفة لا على ذات معينة من جسم وغيره فإن عُلِمَ خصوص،

ص: 292

كان من خارج بطريق الالتزام لا باعتبار كونه جزءاً من مسماه، والدليل على ذلك صحة أن يقال: الأسود جسم، ولو كان الأسود جسماً ذا سواد لزم التكرار بغير فائدة.

ولقائل أن يقول: الحمل إنما يكون مفهوم المحمول على ما صدق عليه الموضوع، فقولنا: الأسود جسم، لو اعتبر فيه المفهوم لكان حملاً للأخص على الأعم، واعتبار مفهوم الموضوع وكلاهما باطل.

فإن قيل: لو اعتبر فيه ما صدق عليه الموضوع لم يصح الحمل للتكرار المذكور لكنه صحيح لا محالة.

فالجواب: أن ما صدق عليه الموضوع يقدر موضوعاً محذوفاً قامت الصفة مقامه، نحو: الجوهر الأسود جسم، وعدم تعلقها بأصول الفقه لا يخفى.

ص ــ مسألة لا تثبت اللغة قياساً، خلافاً للقاضي وابن سريج. وليس الخلاف في نحو:{{رجل} } ورفع الفاعل. أي لا يسمى مسكوت عنه إلحاقاً بتسمية لمعين لمعنى يستلزمه وجوداً وعدماً، كالخمر للنبيذ للتخمير. والسارق للنباش، للأخذ خفية، والزاني للائط للوطء المحرم، إلا بنقل [أ] واستقراء التعميم.

لنا: إثبات اللغة بالمحتمل.

قالوا: دار الاسم معه وجوداً وعدماً.

قلنا: ودار مع كونه من العنب، وكونه مال الحي، وقبلاً.

قالوا: ثبت شرعاً، والمعنى واحد.

قلنا: لولا الإجماع لما ثبت.

وقطع النباش، وحد النبيذ، إما لثبوت التعميم، وإما بالقياس، لا لأنه سارق أو خمر بالقياس.

ش ــ اختلف الناس في ثبوت الأسماء بطريق القياس.

ص: 293

جوزه القاضي أبو بكر الباقلاني، وابن سريج [من] أصحاب الشافعي.

ص: 294

ونفاه: الحنفية، ومعظم الشافعية.

والمصنف حرر موضع الخلاف بقوله: [43/أ]{{وليس الخلاف في نحو رجل، ورفع الفاعل} }.

وتقريره: ليس محل الخلاف اسماً عُلِمً تعميمه بين الأفراد الموجودة وغيرها بالنقل {{كرجل} } فإنه موضوع لبالغ من بني آدم، وعُلِمَ بالنقل تعميمه على من كان موجوداً عند الوضع، ومن لم يوجد؛ لأن جواز الإطلاق بالنقل فلا يحتاج إلى القياس.

وكذلك {{رفع فاعل} } لم يسمع من العرب فإنه عُلِمَ بالاستقراء جواز رفعه؛ لأنا قد وجدنا كل ما أسند إليه الفعل أو شبهه وقدم عليه مرفوعاً فصار ذلك قاعدة كلية يدخل تحتها كل فاعل فلا يحتاج إلى القياس وإنما محل النزاع: إلحاق مسمى بمسمى آخر باسم لم يسمع للأول من أهل اللغة، وسمى به الثاني لمعنى يستلزم الاسم وجوداً وعدماً ووجد في الأول كالنبيذ فإن مسماه سمي به، فإذا أريد إلحاقه بمسمى الخمر في إطلاق اسم الخمر عليه، وهو لم يسمع للنبيذ من أهل اللغة، وسمي به الخمر لمعنى وهو مخامرة العقل، وهي تستلزم اسم الخمر وجوداً. كما في ماء العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد وعدماً كما إذا لم يغل ولم يشتد، لوجوده في الأول، كان ذلك قياساً في اللغة.

ص: 295

فاستدل المانعون: بأن في جوازه إثبات اللغة بالمحتمل؛ لأن رعاية المناسبة بين الأسامي والمسميات غير مستحقة وإن كانت مستحبة فجاز أن يكون الوضع لا لحامل، وأن يكون لحامل غيره فكان محتملاً وإثبات اللغة بالمحتمل لا يجوز.

واستدل الشارحون على إثبات الكبرى بالاتفاق. وليس بصحيح؛ لأنه عين النزاع، فإن القياس عند الخصم محتمل، وهو تثبت اللغة به.

وقال المثبتون: اسم الخمر دار مع المخامرة وجوداً في التي من ماء العنب الذي لم توجد فيه الشدة المطربة المخمرة للعقل، فإنه لم يوجد فيه التخمر، ولم يطلق الاسم عليه.

وكذلك الزاني، والسارق، دار مع الوطء المحرم، وأخذ المال بخفية وجوداً وعدماً، ودوران الشيء مع الشيء آية كون المدار علة للدائر، فتكون المعاني المذكورة علة للتسمية بالأسامي المذكورة فإذا وجدت في صور أُخر تطلق عليها الأسماء. وإلا لزم تخلف المعلول عن العلة.

وأجيبوا: بأن الأسماء المذكورة كما دارت مع ما ذكرتم دارت مع المختص بالصور المذكورة وجوداً وعدماً، فإن لفظ الخمر دار مع تخمير ماء العنب، والسارق مع أخذ المال خفية، ولفظ الزاني مع كون الوطء قبلاً، ودوران هذه الأسماء مع هذه المعاني ظاهرٌ فكان كل من المعنيين صالحاً للعلية، ولا ترجيح لأحدهما، فلا تثبت العلية لأحدهما.

ص: 296

ولقائل أن يقول: التعليل بالعلة القاصرة في القياس الشرعي لا يمنع التعليل بعلة متعدية فجاز أن تكون المعاني المختصة علة للتسمية في صورها الخاصة والمعاني العامة [43/ب] علة لها لقياس غيرها عليها ولا يلزم توارد علتين مستقلتين على معلولٍ واحد، لأنه لما كان باعتبارين كان المعلول متعدداً معنى.

وقالوا: ــ أيضاً ــ: ثبت القياس الشرعي، ومعنى القياس في الشرع واللغة واحد؛ لأنه إثبات مثل حكم الأصل في صورة أخرى بجامع بينهما.

ولا تفاوت في هذا بين الشرعي واللغوي، فكما جاز الشرعي وجب أن يجوز اللغوي.

وأجيبوا: بأن الأصل أن لا يثبت الشرعي ــ أيضاً ــ لولا الإجماع على ثبوته فتركنا الأصل بدليل قوي، ولا يلزم من ذلك جواز تركه بلا دليل. وفيه نظر؛ لأن ثبوت القياس ليس بمجمع عليه فلا يجوز دعوى الإجماع إلا على رأي من يرى الإجماع الأكثر كاف ولا معتبر بخلاف الأقل، وهو ضعيف.

وقوله: {{وقطع النباش} } جواب سؤال، تقريره: إذا لم تثبت اللغة بالقياس، فما وجه قطع النباش، وحد شارب النبيذ؟ والنص لم يرد إلا في السارق وشارب الخمر، عند من أوجبهما كالشافعي ــ رحمه الله.

وتقرير الجواب: أن إيجابهما إما ثبوت تعميم اسم الخمر والسارق للنبيذ والنباش، بالنقل على الوجه الذي ذكر، وإما بالقياس الشرعي بأن يقال: الحكم في المنصوص عليه ثابت بعلة وجدت في النبيذ والنباش فعدى إليهما.

ولقائل أن يقول: لا نسلم ثبوت تعميم نقل؛ لاختلاف النقل في الموضعين بالحقيقة والمجاز، وليس ذلك بالتعميم المراد ههنا تعميم {{رجل} } لأفراده، وأن

ص: 297