الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للامتثال عند البيان في الأحكام. وقد علمت انفا ما فيه.
ص-
الترادف
واقع على الأصح، كأسد وسبع، وجلوس وقعود.
قالوا: لو وقع لعري عن الفائدة.
قلنا: فائدته، التوسعة، وتيسر النظم والنثر للروى أو الزنة وتيسير التجنيس والمطابقة.
قالوا: تعريف للمعرف.
قلنا: علامة ثانية.
ش- الترادف تساوي لفظين في الدلالة على مدلول واحد بالوضع.
وخرج بقوله: على مدلول واحد مثل: السيف، والصارم، فإن مدلول أحدهما ذات السيف، والآخر صفته. وبقوله:"بالوضع" ما كان بالعقل كدلالة المتلازمين، كالضاحك والكاتب على الإنسان.
لا يقال: التعريف منقوض بالحقيقة والمجاز؛ لأن التساوي في الدلالة منتف ووقوع مثل: أسد وسبع للحيوان المفترس، والجلوس والقعود للهيئة المخصوصة دليل جوازه.
ومنع
وقوعه
طائفة وقالوا: لو وقع لعري عن الفائدة، إذ الغرض من الوضع تحصيل فهم ما وضع له، وقد فهم ذلك من
غيره، ولا يجوز للحكيم فعل ما لافائدة فيه.
وأجيبو بمنع الملازمة بناء على أن الفائدة غير منحصرة فيما ذكروا بل ثمة أمور أخر غير ذلك كالتوسعة وهي تكثير الطرق الموصلة للمتكلم إلى غرضه، فإن نسيان أحدهما عند التعبير عن مراده ممكن فيتوسع باستعمال الآخر.
وكتيسير النظم؛ فإنه قد يمتنع وزن البيت أو قافيته مع البعض ويصح بغيره، وقد سبق في (30/ب) النثر أن لا يصح السجع ببعض الألفاظ فيستعمل غيره. وكذلك التجنيس.
واعلم أن المصنف جعل المطابقة من فوائد الترادف، فإن أراد بها ما هو المصطلح منها بين علماء البيان، وهي: الجمع بين المتضادين، كقوله -تعالى-:(يحي ويميت)، (فليضحكوا قليلاوليبكوا كثيرا)، وقوله:(تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) فهي مما يتعلق بالمعنى، واللفظ لا مدخل له فيه. وإن أراد غير ذلك فهو غير معهود.
وقالوا -ايضا-: لو وقع المترادف لزم تعريف المعرف؛ لأن التعريف يحصل باللفظ الواحد فكان اللفظ الآخر معرفا للمعرف فلا فائدة فيه.
وأجيبوا: بأن اللفظ علامة للمعنى لا معرف له، ويجوز أن ينصب لشيء واحد علامات كثيرة.
وفيه نظر؛ لأن العلم يحصل بأحدهما فالآخر يكون إعلاما للمعلوم ولا فائدة فيه، والحق أن هذا الدليل فاسد من وجهين:
أحدهما: أنه راجع إلى أنه لا فائدة فيه، وهو عين الأول.
والثاني: أنه إنما يتم أن لو كان الواضع واحدا، ووضع الثاني ذاكرا لوضع الأول أما لو تعدد الواضع، أو نسى الواحد فليس بتام وهو ظاهر.
ص- مسألة: الحد والمحدود، ونحو عطشان نطشان غير مترادفين على الأصح؛ لأن الحد يدل على المفردات، ونطشان لا يفرد.
ش- اختلف الناس في أن الحد والمحدود، كالحيوان الناطق والإنسان، والمتبوع والتابع، والتأكيد اللفظي، نحو زيد زيد، هل هي من المترادفات أو لا؟.
فمنهم من ذهب إلى أنها منها بناء على اتحاد الدلالة على المطلوب، لكنه إنما يتم في المتبوع والتابع، كعطشان نطشان، وخراب يباب، إذا كان كل واحد من اللفظين موضوعا لذلك، كالأسد والسبع، وقد التزم هؤلاء ذلك.
ومنهم من ذهب الى أنها ليست منها واختاره
المصنف رحمه الله وقال: لأن الحد يدل على الماهية فكان مدلول الحد غير مدلول المحدود، فلا يتحقق الترادف وقال: ونطشان لا يفرد، يعنى عن عطشان عند الاستعمال، وكل مترادف يفرد فنطشان غير مترادف، وفيه بحث من أوجه.
الأول: أن قوله: الحد لا يدل على الماهية يريد به مع حده الصوري أو بمادته فقط، والأول فاسد؛ لأن الحد إنما هو لتعريف الماهية ولا يعرفها بغير دلالة عليها، والثاني صحيح، ولا يفيده، لجواز أن يكون مرادفا بصورته.
الثاني: أن قوله: وكل مترادف يفرد دعوى، لا بد له من بيان لجواز أن الخصم لا يلتزم ذلك في الترادف، بل هو الظاهر.
الثالث: أن "زيد زيد" أظهر ورودا، وليس في كلامه ما يدفعه.
الرابع: أن إيراد هذا البحث بتصدير ذكر المسألة ليس من الحذق في معرفة الأصول؛ لأن المسألة على ما مر مطلوب يبرهن عليه في العلم إن كان كسبيا. والمستنبط (31/أ) للأحكام الشرعية ليس له احتياج إلى معرفة أن هذه الألفاظ من المترادفة أولا بالقصد الأولي. فكان الأحسن أن يذكر تعريف الترادف على وجه يخرج عنه جميع هؤلاء كما صنعنا فإنا عرفناه: بتساوي لفظين في الدلالة على مدلول واحد بالوضع فخرج الحد والمحدود لعدم تناوبهما في الدلالة، إذ المحدود يدل إجمالا والحد تفصيلا، والمتبوع والتابع؛ لأن المتبوع يدل منفردا وغير منفرد، والتابع ليس كذلك، والمؤكد يدل مع
إيضاح دون المؤكد.
ص- مسألة: يقع كل من المترادفين مكان الآخر؛ لأنه بمعناه، ولا حجر في التركيب.
قالوا: لوصح لصح "خذاى أكبر".
وأجيب: بالتزامه، وبالفرق باختلاط اللغتين.
ش- واختلفوا -أيضا- في أن أحد المترادفين يصح أن يقع مكان الآخر أولا.
قال بعضهم: لا يقع، واختار المصنف وقوعه، لوجود المقتضى وانتفاء المانع. أما وجود المقتضى؛ فلأن المعنى واحد، وإذا كان المعنى واحدا حصل المقصود من استعمال أيهما كان.
وأما انتفاء المانع؛ فلأنه لا حجر في التركيب بعد حصول المقصود من المعنى.
وقال المانعون: لو استعمال أحد المترادفين مكان الأخر لصح "خذاى أكبر" والملازمة ظاهرة. وبيان التالي اجتهادي يتم على قول من يقول: لا تنعقد به الصلاة.
وأجيبوا: بمنع انتفاء التالي على مذهب أبي حنيفة ومن تابعه.
وهذا الجواب يقتضي صدق عموم الدعوى، وهو وقوع أحدهما مقام الآخر سواء كان المترادفين من لغتين أو من لغة واحدة، وتمنع الملازمة بالفرق بين المترادفين من لغة، وبينهما من (لغتين)، لجواز الأول، لعدم المانع وعدم الثاني، لوجوده، وهو اختلاط مهمل بمستعمل نظرا إلى كل واحد من اللغتين،
واعلم أن ما ورد عليه من تصدير البحث بذكر المسألة فيما قبلها وارد عليه ههنا، وإن كان لابد من تصديره بفاصل كان الأنسب ذكر تنبيه؛ لأنه منذ كان قد علم جواز استعمال أحدهما مكان الآخر في فائدة وقوع المترادف.