الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل العمل بالشهادة والرواية يكون تعديلاً
ص ــ
مسألة حكم الحاكم المشترط العدالة بالشهادة تعديل باتفاق
.
وعمل العالم مثله.
ورواية العدل، ثالثها المختار: تعديل، إن كانت عادته أنه لا يروي إلا عن عدل.
وليس من الجرح ترك العمل في شهادة ولا رواية؛ لجواز معارض.
ولا لحد في شهادة الزنا؛ لعدم النصاب.
ولا بمسائل الاجتهاد ونحوهما مما تقدم.
ولا بالتدليس على الأصح، كقول من لحق الزهري: قال الزهري موهماً أنه سمعه.
ومثل: وراء النهر، يعني [غير] جيحان.
ش ــ الحاكم الذي يشترط العدالة في الشهادة إذا حكم بشهادة شاهد كان الحكم بشهادته تعديلاً، لذلك الشاهد بالاتفاق.
وكذلك العالم الذي [لم] يشترط العدالة في الرواية إذا عمل برواية [ر] اوٍ
كان عمله بروايته تعديلاً.
والعدل إذا روى عن شخص فروايته هل تكون تعديلاً لذلك الشخص، أو لا؟ فيه ثلاثة مذاهب:
الأول: التعديل مطلقاً.
الثاني: عدمه مطلقاً.
الثالث، وهو مختار المصنف: التفصيل، وهو أن ذلك العدل، إن كان عادته أن لا يروي إلا عن عدل، فتعديل، وإلا فلا.
أمّا الأول: فلأنه لو لم يكن ذلك الشخص عدلاً يلزم خلاف ما عهد عليه من العادة، وهو خلاف الأصل.
وأمّا الثاني: فلأنه يجوز أن يروي العدل عن فاسق.
وإذا ترك الحاكم العمل بشهادة شاهد، لم يلزم جرح ذلك الشاهد، وكذلك إذا ترك العالم العمل برواية [ر] اوٍ؛ لأن أسباب ترك العمل بشهادة الشاهد، ورواية الراوي كثيرة، وليس في الترك دلالة على شيء منها، فجاز أن يكون ترك العمل بها لوجود معارض لا يجرح الشاهد والراوي.
وإذا حد الحاكم شاهد الزنا لا يكون ــ أيضاً ــ جرحاً له، لجواز ثبوت عدالة ذلك الشاهد مع وجوب الحد عليه، فإن العدالة لا تنافي وجوب الحد؛ لجواز أن يحد لانتفاء كمال النصاب، دون العدالة.
وإذا ترك الراوي العمل بالمسائل الاجتهادية ونحوها، كالحنفي إذا شرب [113/ب] النبيذ ولم يعمل بالقياس المحرم، أو صلى بعد اللمس ولم يتوضأ، لا يكون جرحاً له.
وكذلك التدليس، كقول من أدرك الزهري مثلاً ــ ولم يصاحبه ــ: قال الزهري، كذا، فإنه يوهم أنه سمعه.
وكقول من قال: سمعت فلاناً فيما وراء النهر، موهماً أنه نهر جيحان ومراده غيره.
ص ــ مسألة: الأكثر على عدالة الصحابة.
وقيل: كغيرهم.
وقيل: إلى حين الفتن، فلا يقبل الداخلون؛ لأن الفاسق غير معين.
وقالت المعتزلة: عدول إلا من قاتل علياً.
لنا: {والذين معه} ، {{أصحابي كالنجوم} } وما تحقق بالتواتر عنهم من الجد في الامتثال.
وأمّا الفتن فتحمل على اجتهادهم.
ولا إشكال بعد ذلك على قول المصوبة وغيرهم.
ش ــ الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ كلهم عدول، لا حاجة إلى تعديلهم عند الأكثرين.
وقيل: هم كغيرهم، يحتاجون إلى التعديل.
وقيل: كانوا عدولاً إلى ظهور الفتن، وهو آخر عهد عثمان ــ رضي الله عنه.
ثم ما روى بعد ذلك، من دخل فيها لم تقبل إلا بعد التعديل؛ لأن إحدى الطائفتين منهم فاسقون لا على التعيين.
وقالت المعتزلة كلهم عدول إلا من قاتل علياً ــ رضي الله عنه ــ.
والحق ما عليه الأكثرون.
والدليل عليه قوله ــ تعالى ــ: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُعَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُبَينَهُمتَرَاهُمرُكَّعاسُجَّدا} الآية. مدحهم، وغير العدول لا يمدح.
وقوله ــ عليه السلام ــ: {{أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم} } جعل الاقتداء بهم هدى، والاقتداء بغير العدل ليس بهدى.
وأيضاً: ثبت بالتواتر جدهم في أمر الدين وامتثال أمر الرسول ــ ? ــ ونهيه، ولا نعني بالعدل إلا ذلك.
فإن قيل: وقوع الفتن بينهم ينافي العدالة.
أجاب المصنف بقوله: وأمّا الفتن الواقعة بينهم فتحمل على اجتهادهم، وظنّ كل فريق منهم أنهم مصيبون، لوجوب الكف عن الطعن فيهم. وحينئذٍ لم يبق إشكال.
أمّا على قول المصوبة فظاهر. وأمّا على قول غيرهم؛ فلأن الخطأ عن المجتهد موضوع، بل هو مثاب على اجتهاده.
ص ــ مسألة: الصحابي من رآه ــ عليه السلام ــ وإن لم يرو [و] لم تطل.
وقيل: إن طالت.
وقيل: أن اجتمعا.
وهي لفظية، وإن ابتنى عليها ما تقدم.
لنا: تقبل التقييد بالقليل والكثير فكان للمشرك، كالزيارة، والحديث.
ولو حلف أن لا يصحبه حنث بلحظة.
قالوا: أصحاب الجنة، أصحاب الحديث، للملازم.
قلنا: عرف في ذلك.
قالوا: يصح نفيه عن الوافد والرائي.
قلنا: نفي الأخص لا يستلزم [نفي] الأعم.
ش ــ لما ذكر الصحابي في المسألة المتقدمة، أراد أن يبين من هو وقد اختلفوا فيه:
فذهب بعضهم: إلى أنه من رأى الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ لحظة، وإن لم يرو عنه، وهو مختار المصنف.
وذهب آخرون: إلى أنه من طالت صحبته معه، وإن لم يرو عنه.
وآخرون: إلى أنه من طالت صحبته وروى عنه. وإليه أشار بقوله: {{وقيل: [114/أ] إن اجتمعا} }.
وهذه المسألة لفظية. وقيل: هذه الاختلافات لفظية، وإن ابتنى عليها مسألة معنوية، وهي التي تقدمت في بيان عدالة الصحابة، فإنه يجوز أن تبتني المسائل
المعنوية على اللفظية.
واستدل للمختار من وجهين:
أحدهما: أن الصحابي مشتق من الصحبة، وهي تطلق على القليل والكثير، يقال: صحبته ساعة وسنة فتكون القدر المشترك دفعاً للاشتراك والمجاز. كالزيارة والحديث، يقال: زارني، وحدثني فلان وإن لم يزره، ولم يحدثه إلا مرة واحدة.
الثاني: إذا حلف الرجل أن لا يصحب فلاناً، حنث بلحظة.
واستدل من قال: الصحابي من طالت صحبته ــ أيضاً ــ بوجهين:
أحدهما: ما هو المشهور في قول الناس: أصحاب الجنة، أصحاب الحديث للملازمين لهما. فكان المراد بالصحبة في هذه الصورة الملازمة، فيكون في غيرها ــ أيضاً ــ كذلك، دفعاً للاشتراك، والمجاز.
وأجاب المصنف: بأن ذلك معنى عرفي، والكلام في اللغوي.
وفيه نظر؛ وأن مبنى الأيْمَان ــ أيضاً ــ على العرف.
وقد استدل به ــ أيضاً ــ للمذهب الأول.
والثاني: أنه لو كان حقيقة فيمن صحب لحظة لما صح نفيه عن الوافد [أ] ي الوارد، والرائي لحظة؛ لأنهما صحباه لحظة، لكن يصح نفي الصحبة عنهما.
وأجاب: ما يصح نفيه هو الصحبة الطويلة، وهي الأخص، ولا يلزم من نفيه نفي الأعم.
ص ــ مسألة: لو قال المعاصر العدل: أنا صحابي، احتمل الخلاف.
ش ــ إذا قال العدل المعاصر للنبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ: أنا صحابي يحتمل الخلاف، أي يحتمل أن يكون مقبولاً؛ لأنه عدل، وهو لا يكذب ويحتمل أن لا يكون؛ لكونه متهماً بدعوى رتبة لنفسه، كما لو شهد لنفسه، أو زكاها. وهذه المسألة لا تتعلق بأصول الفقه ولا تبع لها فيه.
ص ــ مسألة: العدد ليس بشرط. خلافاً للجبائي فإنه اشترط خبراً آخر، أو ظاهراً، أو انتشاره في الصحابة، أو عمل بعضهم.
وفي خبر الزنا أربعة.
والدليل والجواب ما تقدم في خبر الواحد.
ولا الذكورة، ولا البصر، ولا عدم القرابة، ولا عدم العداوة، ولا الإكثار، ولا معرفة نسبه، ولا العلم بفقه أو عربية، أو معنى الحديث؛ لقوله:{{نضّر الله امرءاً} }. ولا موافقة القياس، خلافاً لأبي حنيفة.
ش ــ جمهور العلماء: على أن العدد ليس بشرط في قبول الرواية. خلافاً للجبائي فإنه اشترط في قبول الرواية إمّا العدد، أي انضمام خبر آخر إلى خبره، أو موافقة المروى ظاهر آية، أو انتشاره بين الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ أو عمل بعض
الصحابة بذلك المروي.
وشرط ــ أيضاً ــ في الخبر الذي يتعلق بأحكام الزنا، أن لا يكون المخبرون أقل من أربعة.
والدليل على أن العدد ليس بشرط، والجواب عن الخصم ما تقدم في خبر الواحد.
ولا تشترط الذكورة في الرواية؛ لأن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ أجمعوا على قبول رواية أمهات المؤمنين، وغيرهنّ ــ رضي الله عنهن ــ ولا البصر؛ لأن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ رووا عن عائشة ما سمعوا [114/ب] منها، وكانوا [لا] يبصرونها. فلو كان البصر شرطاً لما رووا عنها؛ لأنهم كالأعمى في حقها.
ولا عدم القرابة؛ فإن الإجماع على قبول رواية الولد عن والده.
ولا عدم العداوة؛ لأن حكم الرواية لا يختص بواحدٍ معين، فلا تؤثر العداوة فيها.
ولا الإكثار من سماع الحديث؛ فإن الصحابة قبلوا رواية من لم يرو إلا خبراً
واحداً، كوابصة بن معبد، وسلمة بن المحبق.
ولا معرفة نسب الراوي؛ فإنهم قبلوا خبر من لم يعرفوا نسبه.
ولا العلم بفقه الراوي، أو معنى الحديث؛ لأنه ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال:{{نضّر الله امرءاً سمع مقالة فوعاها وأداها كما سمعها} } دعا له، وأقرّ على الرواية مطلقاً.
ولا موافقة الحديث القياس إذا كان الراوي غير فقيه، خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله ــ فإنه يقول: إذا كان الراوي غير فقيه بالنسبة إلى الخلفاء الراشدين، والعبادلة، فإن شرط القبول أن لا يسد به باب القياس من كل وجه، كحديث أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ في المصراة.
وقد ذكرناه في التقرير.
مستند الصحابي
ص ــ مسألة: إذا قال الصحابي: قال ــ صلى الله عليه وسلم ــ حمل على أنه سمعه منه.
وقال القاضي: متردّد. فينبني على عدالة الصحابة.
ش ــ إذا قال الصحابي: قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ حمل على أنه سمع منه؛ لأن الظاهر من حاله.
وقال القاضي: متردّد؛ فإنه ثبت أن بعض الصحابة كان يروي عن بعض آخر، كما روى أبو هريرة ــ رضي الله عنه ــ قوله قال ــ صلى الله عليه وسلم ــ:{{من أصبح جنباً فلا صوم له} } فلما اسْتُكْشِفَ قال: حدثني فضل بن عباس. وحينئذٍ ينبني قول القاضي على
عدالة الصحابة.
فإن قلنا: إنهم عدول، كان قوله: قال رسول الله محمولاً على السماع، وإن قلنا: إنهم كغيرهم، كان حكمه حكم مرسل التابعي.
ص ــ مسألة: إذا قال: سمعته أو أمر أو نهى.
فالأكثر: حجة؛ لظهوره في تحققه ذلك.
قالوا: يحتمل أنه اعتقد وليس كذلك عند غيره.
قلنا: بعيد.
ش ــ إذا قال الصحابي: سمعت رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ أمر أو نهى فالأكثر على أنه حجة؛ لأن الظاهر من حاله أن يكون ما سمعه حقيقة للأمر والنهي؛ لعلمه بأوضاع اللغة، وعدالته.
وقيل: يحتمل أنه اعتقد أن ما سمعه أمر ولا يكون أمراً عند غيره فلا يكون حجة.
وأجاب المصنف: بأن هذا احتمال بعيد؛ لأن عدالته وعلمه بأوضاع اللغة، ومواضع الخلاف، منعه عن إطلاقها على مواضع الخلاف.
ولقائل أن يقول: هذه المسألة كانت أولى أن تبتنى على عدالة الصحابة من الأولى؛ لأنه إذا قال: قال رسول الله، ولم يسمع هو لم يكذب، بخلاف ما إذا قال: سمعته ولم يسمع.