الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَأَخَذَ الْخَوَارِجُ) عَلَى الْإِمَامِ (بِالْمَاضِي) مِنْ الْأَعْوَامِ (إنْ لَمْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ) فَيُصَدَّقُونَ (إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ (لِمَنْعِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ فَلَا يُصَدَّقُونَ فِي ادِّعَائِهِمْ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهَا.
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى
زَكَاةِ الْحَرْثِ
فَقَالَ (وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) جَمْعِ وَسْقٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَعْنَاهُ لُغَةً الْجَمْعُ وَشَرْعًا سِتُّونَ صَاعًا (فَأَكْثَرَ) فَلَا وَقَصَ فِي الْحَبِّ (وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) فَالنِّصَابُ كَيْلًا ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ كُلُّ صَاعٍ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَوَزْنًا (أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ) بَغْدَادِيٍّ وَالرِّطْلُ (مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا كُلٌّ) أَيْ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا (خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ مُطْلَقِ) أَيْ مُتَوَسِّطِ (الشَّعِيرِ مِنْ حَبٍّ) بَيَانٌ لِلْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ وَدَخَلَ فِيهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ صِنْفًا الْقَطَانِيُّ السَّبْعَةُ وَالْقَمْحُ وَالسُّلْتُ وَالشَّعِيرُ وَالذُّرَةُ وَالدَّخْنُ وَالْأُرْزُ وَالْعَلَسُ وَذَوَاتُ الزُّيُوتِ الْأَرْبَعُ الزَّيْتُونُ وَالسِّمْسِمُ وَالْقُرْطُمُ وَحَبُّ الْفُجْلِ (وَتَمْرٍ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَأُلْحِقَ بِهِ الزَّبِيبُ فَهَذِهِ عِشْرُونَ هِيَ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ (فَقَطْ) فَلَا تَجِبُ فِي جَوْزٍ وَلَوْزٍ وَكَتَّانٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (مُنَقًّى) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ مُنَقًّى مِنْ تِبْنِهِ وَصُوَانِهِ الَّذِي لَا يُخَزَّنُ بِهِ كَقِشْرِ الْفُولِ الْأَعْلَى (مُقَدَّرَ الْجَفَافِ) بِالتَّخْرِيصِ إذَا أَخَذَ فَرِيكًا قَبْلَ يُبْسِهِ مِنْ فُولٍ وَحِمَّصٍ وَشَعِيرٍ وَقَمْحٍ وَغَيْرِهَا وَكَذَا الْبَلَحُ وَالْعِنَبُ يُؤْكَلُ قَبْلَ الْيُبْسِ بَعْدَ الطِّيبِ فَيُقَالُ مَا يَنْقُصُ هَذَا إذَا جَفَّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَذَّبَهُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْخَوَارِجُ) أَيْ الطَّوَائِفُ الْخَوَارِجُ أَيْ الَّذِينَ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ بِالْمَاضِي مِنْ الْأَعْوَامِ) أَيْ بِزَكَاةِ الْمَاضِي مِنْ الْأَعْوَامِ وَيُعَامَلُونَ مُعَامَلَةَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي فَيُؤْخَذُونَ بِزَكَاةِ مَا وُجِدَ مَعَهُمْ حَالَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَلِعَامِ الْقُدْرَةِ وَلَا يُعَامَلُونَ بِمُعَامَلَةِ الْهَارِبِ بِحَيْثُ يُؤْخَذُونَ بِزَكَاةِ مَا كَانَ مَعَهُمْ حَالَ الْخُرُوجِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَلِعَامِ الْقُدْرَةِ وَلَا يُلْغَى النَّقْصُ إذَا كَانَ مَا وُجِدَ مَعَهُمْ عَامَ الْقُدْرَةِ أَقَلَّ مِمَّا كَانَ مَعَهُمْ حَالَ الْخُرُوجِ، وَهَذَا إذَا كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ فِي خُرُوجِهِمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ خُرُوجُهُمْ لِمَنْعِهَا فَإِنَّهُمْ يُعَامَلُونَ مُعَامَلَةَ الْهَارِبِ (قَوْلُهُ فَيَصَدَّقُونَ) أَيْ وَلَوْ فِي عَامِ الْقُدْرَةِ وَهَذَا إذَا تَأَوَّلُوا فِي خُرُوجِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ بِأَنْ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّ هَذَا الْإِمَامَ غَيْرُ عَادِلٍ فَلَا تُدْفَعُ لَهُ الزَّكَاةُ.
(قَوْلُهُ فَلَا يُصَدَّقُونَ فِي ادِّعَائِهِمْ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهَا) أَيْ لِاتِّهَامِهِمْ فِي دَعْوَاهُمْ حِينَئِذٍ.
[زَكَاةِ الْحَرْثِ]
(قَوْلُهُ وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِ وَاحِدٍ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ ثَمَانِيَةُ أَوْسُقٍ وَقُسِمَتْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَتْ مِنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَيْ فَالْخَرَاجُ الَّذِي عَلَى الْأَرْضِ لَا يُضَيِّعُ زَكَاةَ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ الزَّرْعِ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْخَرَاجَ كِرَاءٌ قَالَ ح وَالْخَرَاجُ نَوْعَانِ مَا وُضِعَ عَلَى أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَالثَّانِي مَا يُصَالَحُ بِهِ الْكُفَّارُ عَلَى أَرْضِهِمْ فَيَشْتَرِيهَا مُسْلِمٌ مِنْ الصُّلْحِيِّ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْخَرَاجَ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ لَا زَكَاةَ فِي زَرْعِ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ أَنَّ الزَّرْعَ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْأَرْضِ الْمُبَاحَةِ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ.
(قَوْلُهُ كُلُّ صَاعٍ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ) فَالْجُمْلَةُ أَلْفٌ وَمِائَتَا مُدٍّ وَالْمُدُّ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَبِالْوَزْنِ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَقَدْ حُرِّرَ النِّصَابُ بِالْكَيْلِ عَنْ قَرِيبٍ فَوُجِدَ أَرْبَعَةَ أَرَادِبَ وَوَيْبَةٍ بِكَيْلِ بُولَاقَ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِصْرِيٍّ الْآنَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ وَالْأَرْبَعَةُ أَرَادِبَ وَوَيْبَةٍ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ وَذَلِكَ قَدْرُ الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ (قَوْلُهُ وَوَزْنًا أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ) أَيْ فَيُوزَنُ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ مِنْ الشَّعِيرِ وَيُكَالُ وَيُجْعَلُ مِقْدَارُ الْكَيْلِ ضَابِطًا فَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْوَزْنَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ فَيَلْزَمُ اخْتِلَافُ النِّصَابِ بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ أَيْ مُتَوَسِّطٌ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ الشَّعِيرِ يَصْدُقُ بِالضَّامِرِ وَالْمُمْتَلِئِ أَيْ الْغَلِيظِ وَالْمُتَوَسِّطِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ مِنْ مُتَوَسِّطِ الشَّعِيرِ لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّعِيرِ يَصْدُقُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ مِنْهَا وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِلْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ) الْأُولَى نَعْتٌ لِلْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِأَنَّ مِنْ هُنَا لَيْسَتْ بَيَانِيَّةً (قَوْلُهُ الْقَطَانِيُّ السَّبْعَةُ) هِيَ الْحِمَّصُ وَالْفُولُ وَاللُّوبِيَا وَالْعَدَسُ وَالتُّرْمُسُ وَالْجُلُبَّانُ وَالْبَسِيلَةُ (قَوْلُهُ وَحَبُّ الْفُجْلِ) أَيْ الْأَحْمَرِ وَأَمَّا الْفُجْلُ الْأَبْيَضُ فَلَا زَكَاةَ فِي حَبِّهِ إذْ لَا زَيْتَ لَهُ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ كَالْبِرْسِيمِ وَالْحُلْبَةِ وَالسَّلْجَمِ وَالتِّينِ خِلَافَا لِمَنْ أَلْحَقَهُ بِالتَّمْرِ كَالزَّبِيبِ وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَإِلَّا زُكِّيَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (قَوْلُهُ مُنَقًّى) أَيْ إذَا أُخِذَ بَعْدَ يُبْسِهِ وَقَوْلُهُ مُقَدَّرُ الْجَفَافِ إذَا أُخِذَ فَرِيكًا (قَوْلُهُ الَّذِي لَا يُخَزَّنُ بِهِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ قِشْرِ الْأُرْزِ فَلَا يُشْتَرَطُ النَّقَاءُ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَيُقَالُ) أَيْ لِأَهْلِ
فَإِنْ قِيلَ ثُلُثُهُ اُعْتُبِرَ الْبَاقِي، هَذَا إذَا كَانَ لَوْ تُرِكَ جَفَّ كَفُولِ الْأَرْيَافِ وَحِمَّصِهَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ لَوْ تُرِكَ (لَمْ يَجِفَّ) كَالْفُولِ الْمَسْقَاوِيِّ وَالْحِمَّصِ كَذَلِكَ وَكَبَلَحِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا وَزَيْتُونِهَا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا بَيَانُ مَا يُخْرَجُ (نِصْفُ عُشْرِهِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَيْ نِصْفُ عُشْرِ حَبِّهِ (كَ) إخْرَاجِ نِصْفِ الْعُشْرِ مِنْ (زَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ) مِنْ زَيْتُونٍ وَحَبِّ فُجْلٍ وَقُرْطُمٍ وَسِمْسِمٍ إنْ بَلَغَ حَبُّ كُلٍّ نِصَابًا وَإِنْ قَلَّ زَيْتُهُ فَإِنْ أُخْرِجَ مِنْ حَبِّهِ أَجْزَأَ فِي غَيْرِ الزَّيْتُونِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ زَيْتِهِ إنْ كَانَ لَهُ زَيْتٌ (وَ) نِصْفُ عُشْرِ (ثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ) مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ كَزَيْتُونِ مِصْرَ إنْ بِيعَ وَإِلَّا أَخْرَجَ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ يَوْمَ طِيبِهِ (وَ) نِصْفَ عُشْرِ ثَمَنِ (مَا لَا يَجِفُّ) كَعِنَبِ مِصْرَ وَرُطَبِهَا إنْ بِيعَ وَإِلَّا فَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ وَأَمَّا مَا يَجِفُّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ حَبِّهِ وَلَوْ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ رُطَبًا (وَ) نِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِ (فُولٍ أَخْضَرَ) وَحِمَّصٍ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ لَا يَيْبَسَ كَالْمِسْقَاوِيِّ الَّذِي يُسْقَى بِالسَّوَاقِي إنْ بِيعَ وَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ يُبَعْ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا يَابِسًا بَعْدَ اعْتِبَارِ جَفَافِهِ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ مِمَّا يَيْبَسُ كَاَلَّذِي يُزْرَعُ فِي الْأَرْيَافِ مَوْضِعَ النِّيلِ بِمِصْرَ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ بَعْدَ اعْتِبَارِ جَفَافِهِ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الْإِخْرَاجِ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفُولَ الْأَخْضَرَ مُطْلَقًا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمَعْرِفَةِ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ التَّخْرِيصُ وَهَذَا بَيَانٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قِيلَ ثُلُثُهُ) أَيْ مَثَلًا وَقَوْلُهُ اُعْتُبِرَ الْبَاقِي أَيْ فَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ) أَيْ الَّذِي أُخِذَ قَبْلَ يُبْسِهِ (قَوْلُهُ بَيَانُ مَا يُخْرَجُ) أَيْ فِيمَا يَجِفُّ وَمَا لَا يَجِفُّ وَمَا لَهُ زَيْتٌ وَمَا لَا زَيْتَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ (قَوْلُهُ نِصْفُ عُشْرِهِ) ذَكَرَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا نِصَابًا وَهَذَا بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْمُخْرَجِ (قَوْلُهُ خَبَرُهُ وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) هُوَ وَاجِبُ التَّقْدِيمِ لِاشْتِمَالِ الْمُبْتَدَأِ عَلَى ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَيْهِ فَلَوْ أُخِّرَ عَنْ الْمُبْتَدَأِ لَعَادَ الضَّمِيرُ عَلَى مُتَأَخِّرٍ لَفْظًا وَرُتْبَةً وَهُوَ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ أَيْ نِصْفُ عُشْرِ حَبِّهِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا شَأْنُهُ الْجَفَافُ مِنْ الْحَبِّ سَوَاءٌ تُرِكَ حَتَّى يَجِفَّ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ إنْ بَلَغَ حَبَّ كُلٍّ نِصَابًا) أَيْ فَمَتَى بَلَغَ حَبُّهُ نِصَابًا أَخْرَجَ نِصْفَ عُشْرِ زَيْتِهِ وَإِنْ قَلَّ الزَّيْتُ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ زَيْتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَصَرَهُ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ حَبٍّ أَوْ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَهَذَا إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الزَّيْتِ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي أَوْ بِإِخْبَارِ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِلَّا أَخْرَجَ مِنْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَهُ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ) أَيْ وَإِلَّا يَبِعْهُ بَلْ أَكَلَهُ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ فَلَوْ أَخْرَجَ زَبِيبًا أَوْ تَمْرًا فَلَا يُجْزِئُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَا زَيْتَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ حَبِّهِ أَوْ أَخْرَجَ عَنْهُ زَيْتًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ تَعَيُّنُ الْإِخْرَاجِ مِنْ الثَّمَنِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ حَبِّهِ بِأَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا أَوْ رُطَبًا أَوْ عِنَبًا أَوْ زَيْتُونًا وَهُوَ كَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا لَا يَتَرَتَّبُ قَالَ مُحَمَّدٌ يُخْرِجُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَهُ لَا زَبِيبًا وَرَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ نَافِعٍ مِنْ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَ زَبِيبًا فَيَلْزَمُ شِرَاؤُهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ أَخْرَجَ عِنَبًا أَجْزَأَهُ وَكَذَا الزَّيْتُونُ الَّذِي لَا زَيْتَ لَهُ وَالرُّطَبُ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ إنْ أَخْرَجَ مِنْ حَبِّهِ أَجْزَأَهُ اهـ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا يَجِفُّ) أَيْ بِالْفِعْلِ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُ الْجَفَافُ أَوْ كَانَ شَأْنُهُ عَدَمُ الْجَفَافِ لَكِنْ فُرِضَ أَنَّهُ بَقِيَ حَتَّى جَفَّ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهُ رُطَبًا) أَيْ لِمَنْ يُجَفِّفُهُ أَوْ لِمَنْ لَا يُجَفِّفُهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْ تَحَرِّيهِ إذَا بَاعَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا يَابِسًا) أَيْ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَعَيُّنِ الْإِخْرَاجِ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ كَالْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَوَّاهُ بْن وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ خش وَقَوْلُهُ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ هُوَ الْعَلَّامَةُ طفى وَسَلَّمَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْفُولِ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَيْبَسَ دُونَ مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ لَا يَيْبَسُ لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا قَالَ بْن فَإِنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِمَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْفُولَ إذَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ أَخْضَرَ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ بِالْإِفْرَاكِ فَبَيْعُ ذَلِكَ أَخْضَرَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْحَائِطِ مِنْ النَّخْلِ أَوْ الْكَرْمِ إذَا أَزْهَى ثُمَّ قَالَ وَلِمَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْفُولِ وَالْحِمَّصِ أَنَّهُ إنْ أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ فَلَا بَأْسَ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ فَتَصْدِيرُهُ بِالْأَوَّلِ مَعَ تَوْجِيهِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَلِذَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ مَا أُكِلَ مِنْ قُطْنِيَّةِ خَضْرَاءَ أَوْ بِيعَ إنْ بَلَغَ خَرْصُهُ يَابِسًا نِصَابًا زَكَّاهُ بِحَبٍّ يَابِسٍ وَرَوَى مُحَمَّدٌ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ اهـ بْن.
وَاعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْفُولِ الْأَخْضَرِ وَالْفَرِيكِ الْأَخْضَرِ وَالْحِمَّصِ وَالشَّعِيرِ الْأَخْضَرَيْنِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْوُجُوبَ بِيُبْسِ الْحَبِّ ضَعِيفٌ وَحِينَئِذٍ فَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْفُولِ الْأَخْضَرِ وَمَا مَعَهُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَشْهُورٍ لَا عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا قَالَ عبق (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ مِمَّا يَيْبَسُ) أَيْ وَأُكِلَ أَوْ بِيعَ أَخْضَرَ قَبْلَ
مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ حَبِّهِ إلَّا أَنَّ إخْرَاجَ الْحَبِّ مَلْحُوظٌ ابْتِدَاءً فِيمَا يَيْبَسُ وَالثَّمَنُ فِي عَكْسِهِ (إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ) قَيْدٌ فِي نِصْفِ الْعُشْرِ (وَإِلَّا) يُسْقَى بِآلَةٍ بِأَنْ سُقِيَ بِغَيْرِهَا كَالنِّيلِ وَالْمَطَرِ وَالسَّيْحِ وَالْعُيُونِ (فَالْعُشْرُ وَلَوْ اشْتَرَى السَّيْحَ) مِمَّنْ نَزَلَ بِأَرْضِهِ (أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ) إلَى أَنْ جَرَى مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ إلَى أَرْضِهِ لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ.
وَإِنْ (سُقِيَ) زَرْعٌ (بِهِمَا) أَيْ بِالْآلَةِ وَغَيْرِهَا وَتَسَاوَى عَدَدُهُ أَوْ مُدَّتُهُ أَوْ قَارَبَ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ (فَعَلَى حُكْمَيْهِمَا) فَيُؤْخَذُ لِمَا سُقِيَ بِالسَّيْحِ الْعُشْرُ وَلِمَا سُقِيَ بِآلَةٍ نِصْفُهُ (وَهَلْ) إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا بِأَنْ كَانَ بِأَحَدِهِمْ الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَرَ وَبِالْآخِرِ الثُّلُثُ (يُغَلَّبُ الْأَكْثَرُ) فَيُخْرَجُ مِنْهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ أَوْ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ (خِلَافٌ) وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ الْأَكْثَرُ مُدَّةً وَلَوْ كَانَ السَّقْيُ فِيهَا أَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرُ سَقْيًا وَإِنْ قَلَّتْ مُدَّتُهُ خِلَافُ الْأَظْهَرِ الثَّانِي لِأَنَّ الشَّارِعَ أَنَاطَ الْعُشْرَ وَنِصْفَهُ بِالسَّقْيِ بِالْآلَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ وَلَا وَجْهَ لَهُ.
(وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ) كَأَصْنَافِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْ جَمِيعِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ زَكَّاهُ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلٍّ بِحَسَبِهِ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَعْلَى مِنْهَا أَوْ الْمُسَاوِي عَنْ الْأَدْنَى أَوْ الْمُسَاوِي لَا الْأَدْنَى عَنْ الْأَعْلَى (كَ) ضَمِّ (قَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ) بَعْضِهَا لِبَعْضٍ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَإِنْ) زُرِعَتْ الْأَصْنَافُ الْمَضْمُومَةُ (بِبُلْدَانٍ) مُتَفَرِّقَةٍ وَإِنَّمَا يُضَمُّ صِنْفُ الْآخَرِ (إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ) اسْتِحْقَاقِ (حَصَادِ الْآخَرِ) وَهُوَ وَقْتُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَلَوْ بِقُرْبِهِ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْجَفَافِ (قَوْلُهُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ حَبِّهِ) الضَّمِيرَانِ لِلْفُولِ الْأَخْضَرِ (قَوْلُهُ إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ) أَيْ كَالسَّوَاقِي وَأَمَّا النَّقَّالَاتُ مِنْ الْبَحْرِ وَهِيَ النَّطَّالَةُ وَالشَّادُوفُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا فَقَالَ عبق وخش إنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْآلَةِ وَفِي شب أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ وَحَرِّرْ الْفِقْهَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْعُشْرُ) وَمِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ مَا يُزْرَعُ مِنْ الذُّرَةِ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ عِنْدَ زَرْعِهِ فَقَطْ قَلِيلٌ مِنْ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى السَّيْحَ) أَيْ الْمَاءَ الْجَارِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى الْقَائِلِ بِوُجُوبِ نِصْفِ الْعُشْرِ إذَا اشْتَرَى السَّيْحَ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَتَسَاوَى عَدَدُهُ) أَيْ عَدَدُ السَّقْيِ بِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمُدَّةُ أَوْ تَسَاوَتْ مُدَّةُ السَّقْيِ بِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَارَبَ أَيْ السَّقْيُ بِأَحَدِهِمَا السَّقْيَ بِالْآخِرِ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَيْ السَّقْيُ بِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ السَّقْيِ بِالْآخَرِ فِي الْعَدَدِ أَوْ الْمُدَّةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَا لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ مُقَارِبٌ مِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّ الْأَكْثَرَ مَا بَلَغَ الثُّلُثَيْنِ وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ ابْنِ يُونُسَ عَنْهُ أَنَّ مَا قَارَبَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْأَكْثَرِ وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ بِقَلِيلٍ مِنْ الْمُسَاوِي اهـ (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ لِمَا سُقِيَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يُقْسَمُ الْحَبُّ نِصْفَيْنِ وَيُزَكِّي أَحَدَهُمَا بِالْعُشْرِ وَالثَّانِي بِنِصْفِ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ أَوْ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ فَيَقْسِمُ الْحَبَّ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ مَثَلًا وَيُزَكِّي أَحَدَهُمَا بِالْعُشْرِ وَالْآخَرَ بِنِصْفِ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا شَهَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَالثَّانِي شَهَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ) أَيْ الَّذِي جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ يَغْلِبُ غَيْرَهُ أَوْ لَا يَغْلِبُ بَلْ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ (قَوْلُهُ الْأَكْثَرُ مُدَّةً وَلَوْ كَانَ إلَخْ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُدَّةُ السَّقْيِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِيهَا شَهْرَانِ بِالسَّيْحِ وَأَرْبَعَةٌ بِالْآلَةِ لَكِنْ سَقْيُهُ بِالسَّيْحِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَسَقْيُهُ بِالْآلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ وَالْأَكْثَرِ مُدَّةً إلَخْ هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الْمَوَّاقُ وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ أَوْ الْأَكْثَرُ سَقْيًا هُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ الْأَظْهَرُ الثَّانِي) وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْثَرِ الْأَكْثَرُ سَقْيًا وَإِنْ قَلَّتْ مُدَّتُهُ.
(قَوْلُهُ بِالسَّقْيِ بِالْآلَةِ) أَيْ لَا بِمُدَّةِ السَّقْيِ بِهَا.
(قَوْلُهُ كَأَصْنَافِ التَّمْرِ) أَيْ كَمَا تُضَمُّ أَصْنَافُ التَّمْرِ وَأَصْنَافُ الزَّبِيبِ فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلٍّ بِحَسَبِهِ) أَيْ أَخْرَجَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَعْلَى مِنْهَا أَوْ الْمُسَاوِي عَنْ الْأَدْنَى) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مِنْهَا إذْ إخْرَاجُ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى إجْزَاؤُهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقَطَانِيِّ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ بَلْ مَتَى أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ صِنْفٍ عَنْ صِنْفٍ آخَرَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ جَازَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الْأَعْلَى لَا مِنْ الْأَدْنَى لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَطَانِيِّ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَاخْتِلَافِ الْأَصْنَافِ الْمَضْمُومَةِ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ فَلَا يُجْزِئُ قَمْحٌ عَنْ عَدَسٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى وَالْمُسَاوِي يُعْتَبَرُ بِمَا عِنْدَ أَهْلِ كُلِّ مَحَلٍّ وَإِذَا أُخْرِجَ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى فَإِنَّهُ يُخْرِجُ بِقَدْرِ مَكِيلَةِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْهُ وَلَا يُخْرِجُ عَنْهُ أَقَلَّ مِنْ مَكِيلَتِهِ لِئَلَّا يَكُونَ رُجُوعًا لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُضَمُّ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إنْ زَرَعَ إلَخْ شَرْطٌ لِضَمِّ الصِّنْفَيْنِ وَالْأَصْنَافِ مُطْلَقًا أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِضَمِّهَا زُرِعَتْ بِبَلَدٍ أَوْ بِبُلْدَانٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمَضْمُومَانِ مِنْ الْقَطَانِيِّ أَوْ مِنْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسَلْتٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُزْرَعَ إلَخْ وَخَالَفَ تت وَجَعَلَ هَذَا شَرْطًا لِضَمِّ مَا زُرِعَ بِبُلْدَانٍ وَأَمَّا مَا زُرِعَ بِبَلَدٍ فَيُضَمُّ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الشَّرْطُ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمَضْمُومَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ يُضَمُّ إلَخْ وَهَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَسَبَهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِقُرْبِهِ) أَيْ بِقُرْبِ اسْتِحْقَاقِهِ الْحَصَادَ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا إلَخْ فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ لِلضَّمِّ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ
إلَى اسْتِحْقَاقِ حَصَادِ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يُحْصَدْ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ لِأَنَّهَا كَفَائِدَتَيْنِ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ (فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا) أَيْ لِلطَّرَفَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ إذَا كَانَ فِيهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثَةٌ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَسْقَانِ وَلَمْ يُخْرِجْ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى حَصَدَ الثَّالِثَ فَيُزَكِّي الْجَمِيعَ زَكَاةً وَاحِدَةً (لَا) يُضَمُّ زَرْعٌ (أَوَّلُ لِثَالِثٍ) إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَسَطِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ نِصَابٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي كُلٍّ وَسْقَانِ وَزَرَعَ الثَّالِثَ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَسَطِ اثْنَيْنِ وَالْأَوَّلُ ثَلَاثَةٌ وَالثَّالِثُ اثْنَيْنِ أَوْ الْعَكْسُ فَإِنَّهُ يُضَمُّ لَهُ مَا يُكْمِلُهُ نِصَابًا وَلَا زَكَاةَ فِي الْآخَرِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَمُلَ مَعَ الْأَوَّلِ زُكِّيَ الثَّالِثُ مَعَهُمَا دُونَ الْعَكْسِ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَمُلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَالْأَوَّلُ مَضْمُومٌ لِلثَّانِي فَالْحَوْلُ لِلثَّانِي وَهُوَ خَلِيطُ الثَّالِثِ وَإِذَا كَمُلَ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَالْمَضْمُومُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ فَالْحَوْلُ لِلثَّالِثِ وَلَا خُلْطَةَ لِلْأَوَّلِ وَرُجِّحَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ (لَا) يُضَمُّ قَمْحٌ أَوْ غَيْرُهُ (لِعَلَسٍ) حَبٍّ طَوِيلٍ بِالْيَمَنِ يُشْبِهُ خِلْقَةً الْبُرَّ (وَ) لَا لِ (دُخْنٍ وَ) لَا لِ (ذُرَةٍ وَ) لَا لِ (أُرْزٍ وَهِيَ) فِي نَفْسِهَا (أَجْنَاسٌ) لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ (وَالسِّمْسِمُ وَبِزْرُ الْفُجْلِ) الْأَحْمَرِ (وَ) بِزْرُ (الْقُرْطُمِ كَالزَّيْتُونِ) فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَوْ قَالَ أَجْنَاسٌ بَدَلَ قَوْلِهِ كَالزَّيْتُونِ كَانَ أَنْسَبَ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي الضَّمِّ وَعَدَمِهِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ كَالزَّيْتُونِ لِإِخْرَاجِ بِزْرِ الْكَتَّانِ بِقَوْلِهِ (لَا) بِزْرُ (الْكَتَّانِ) بِالْفَتْحِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَا فِي زَيْتِهِ كَالسَّلْجَمِ (وَحُسِبَ) فِي النِّصَابِ (قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ) الَّذِي يُخَزَّنَانِ بِهِ كَقِشْرِ الشَّعِيرِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ أَيْ مِنْ الثَّانِي فَاعِلِ بَقِيَ.
(قَوْلُهُ إلَى اسْتِحْقَاقِ حَصَادِ الثَّانِي) أَيْ إلَى وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِالْإِفْرَاكِ أَوْ يُبْسِ الْحَبِّ أَمَّا لَوْ أَكْمَلَ الْأَوَّلَ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الثَّانِي فَلَا يَضُمُّ الثَّانِيَ لِلْأَوَّلِ بَلْ إنْ كَانَ الثَّانِي نِصَابًا زَكَّى وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا كَفَائِدَتَيْنِ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْحَصْدِ فِي الْحَبِّ كَتَمَامِ الْحَوْلِ فِي غَيْرِهِ فَلَوْ زَرَعَ أَحَدَهُمَا بَعْدَ حَصَادِ الْآخَرِ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي الْحَوْلِ فَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ فَيَضُمُّ الْوَسَطَ) أَيْ فَبِسَبَبِ اشْتِرَاطِ الِاجْتِمَاعِ فِي الْأَرْضِ لِأَجْلِ أَنْ يَجْتَمِعَا فِي الْمِلْكِ وَالْحَوْلِ لَوْ كَانَتْ الزُّرُوعُ ثَلَاثَةً زُرِعَ ثَانِيهَا قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَثَالِثُهَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي ضُمَّ الْوَسَطُ لَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُخْرِجْ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذَا كَانَ فِيهِ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ قَبْلَ حَصْدِ الثَّالِثِ فَلَا يُضَمُّ الْوَسَطُ لِذَلِكَ الثَّالِثِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ ضَمَّ الْوَسَطِ لِلطَّرَفَيْنِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ وَأَنْ لَا يُخْرِجَ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى يَحْصُدَ الثَّالِثَ وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ قَبْلَ حَصْدِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ لَا يَضُمُّ الْوَسَطَ لِذَلِكَ الثَّالِثِ وَيُزَكِّي الثَّالِثَ وَحْدَهُ إنْ كَانَ نِصَابًا وَإِلَّا فَلَا، وَوَجْهُ عَدَمِ الضَّمِّ أَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا زُكِّيَ أَوَّلًا وَحَصَلَ فِيهِ نَقْصٌ بِسَبَبِ الزَّكَاةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثَّانِي مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ إنْ ضُمَّ لِلثَّالِثِ فَلَا يُضَمُّ لَهُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ هَذَا مُحَصَّلُ الشَّارِحِ وَبَقِيَ قَيْدٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَبْقَى حَبُّ السَّابِقِ لِحَصَادِ اللَّاحِقِ فَإِنْ أَكَلَ حَبَّ الْأَوَّلِ قَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي أَوْ أَكَلَ حَبَّ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الثَّالِثِ فَلَا يَضُمُّ الْوَسَطَ لَهُمَا (قَوْلُهُ لَا يُضَمُّ زَرْعٌ أَوَّلٌ) أَيْ لَا يُعْتَبَرُ ضَمُّ أَوَّلِ الثَّالِثِ بِحَيْثُ لَوْ اجْتَمَعَ مِنْ الْجَمِيعِ أَيْ الثَّلَاثَةِ نِصَابٌ زَكَّى كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمَعِيَّةِ نِصَابٌ (قَوْلُهُ وَزَرْعُ الثَّالِثِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ زَرْعُ الثَّالِثِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي وَأَمَّا لَوْ كَانَ الثَّالِثُ زُرِعَ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ كَمَا أَنَّ الثَّانِيَ كَذَلِكَ زَكَّى الْجَمِيعَ وَإِنْ زَرَعَ الثَّالِثَ بَعْدَ حَصَادِ الثَّانِي وَقَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ ضَمَّ الْأَوَّلَ لِلثَّالِثِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ وَسَطًا حُكْمًا (قَوْلُهُ أَوْ الْعَكْسُ) أَيْ الْأَوَّلُ اثْنَيْنِ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةٌ وَالْوَسَطُ اثْنَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضُمُّ لَهُ) أَيْ لِلْوَسَطِ الطَّرَفَ الَّذِي يُكْمِلُ نِصَابًا سَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ (قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ فِي الْآخَرِ) أَيْ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ إنْ كَمُلَ) أَيْ النِّصَابُ مِنْ الْوَسَطِ مَعَ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةً وَالثَّانِي اثْنَيْنِ وَالثَّالِثُ اثْنَيْنِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ دُونَ الْعَكْسِ) أَيْ دُونَ مَا إذَا كَمُلَ النِّصَابُ مِنْ الْوَسَطِ وَالْأَخِيرِ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ وَسْقَيْنِ وَالثَّانِي اثْنَانِ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةٌ فَيُزَكِّي الْأَخِيرَيْنِ دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لَا يُضَمُّ قَمْحٌ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ الْحُبُوبِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لِعَلَسٍ وَعَدَمُ ضَمِّ الْقَمْحِ لِلْعَلَسِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ وَقِيلَ إنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَمُخْتَارُ ابْنِ يُونُسَ وَاسْتَقَرَّ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الْعَلَسِ وَمَا بَعْدَهُ أَجْنَاسٌ (قَوْلُهُ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ) أَيْ فَلَا يُضَمُّ الْعَلَسُ لِدُخْنٍ وَلَا لِذُرَةٍ وَلَا لِأُرْزٍ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ الْأَحْمَرِ) صِفَةٌ لِلْفُجْلِ لَا لِبَزْرِ وَالْفُجْلُ الْأَحْمَرُ مَوْجُودٌ بِالْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ) أَيْ إذَا بَلَغَتْ نِصَابًا (قَوْلُهُ فِي الضَّمِّ وَعَدَمِهِ) أَيْ لَا فِي بَيَانِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَا لَا تَجِبُ فِيهِ لِأَنَّ هَذَا قَدْ سَبَقَ فِي قَوْلِهِ مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ (قَوْلُهُ لَا الْكَتَّانِ) أَيْ فَلَيْسَ كَالزَّيْتُونِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَحُسِبَ فِي النِّصَابِ قِشْرُ الْأُرْزِ) أَيْ حُسِبَ عَلَى الْمَالِكِ مِنْ النِّصَابِ الشَّرْعِيِّ قِشْرُ الْأُرْزِ فَلَوْ كَانَ الْأُرْزُ مَقْشُورًا أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ فَإِنْ كَانَ بِقِشْرِهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ زُكِّيَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا زَكَاةَ وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْأُرْزِ
(وَ) حَسَبَ (مَا تَصَدَّقَ بِهِ) عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ وَهَبَهُ لِأَحَدٍ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ إنْ لَمْ يَنْوِ بِمَا تَصَدَّقَ بِهِ الزَّكَاةَ (وَ) حَسَبَ مَا (اسْتَأْجَرَ) بِهِ فِي حَصَادِهِ أَوْ دِرَاسِهِ (قَتًّا) أَوْ غَيْرَهُ فَلَوْ حَذَفَ قَتًّا لَكَانَ أَخْصَرَ (لَا) يَحْسُبُ (أُكُلَ دَابَّةٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى مَأْكُولِهَا (فِي) حَالِ (دَرْسِهَا) وَأَمَّا مَا تَأْكُلُهُ حَالَ اسْتِرَاحَتِهَا فَيُحْسَبُ (وَالْوُجُوبُ) يَتَعَلَّقُ (بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ) لَا بِيُبْسِهِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ الْمُعْتَمَدُ بِيُبْسِهِ لِمُخَالَفَتِهِ النَّقْلَ وَالْعَادَةَ، وَالْمُرَادُ بِإِفْرَاكِهِ طِيبُهُ وَاسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الْمَاءِ وَإِنْ بَقِيَ فِي الْأَرْضِ لِتَمَامِ طِيبِهِ (وَطِيبِ الثَّمَرِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ كَزَهْوِ ثَمَرِ النَّخْلِ وَظُهُورِ حَلَاوَةِ الْكَرْمِ وَإِذَا كَانَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِالْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ (فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثٍ) مَاتَ مُوَرِّثُهُ (قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ وَلَوْ قَالَ قَبْلَهُ أَيْ الْوُجُوبِ كَانَ أَخْصَرَ (لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ) مِمَّا وَرِثَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ زَرْعٌ فَيَضُمُّهُ لَهُ فَإِنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ بَعْضِهِمْ نِصَابًا دُونَ غَيْرِهِ لَوَجَبَ عَلَى مَنْ بَلَغَ حِصَّتُهُ النِّصَابَ دُونَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ وَمَفْهُومُ قَبْلِهِمَا أَنَّهُ إنْ وَرِثَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ أَمْ لَا حَيْثُ كَانَ الْمَجْمُوعُ نِصَابًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمُوَرِّثِ قَبْلَ الْمَوْتِ (وَالزَّكَاةُ) وَاجِبَةٌ (عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَهُمَا) أَيْ الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي مَبْلَغِ مَا حَصَّلَ فِيهِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِلَّا تَحَرَّى الْبَائِعُ قَدْرَهُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي (إلَّا أَنْ يُعْدِمَ) الْبَائِعُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ مِنْ أَعْدَمَ وَبِفَتْحِهِمَا مِنْ عَدِمَ أَيْ يَفْتَقِرُ (فَعَلَى الْمُشْتَرِي) زَكَاتُهُ نِيَابَةً إنْ بَقِيَ الْمَبِيعُ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَقْشُورًا وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ غَيْرَ مَقْشُورٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَتَعَيَّنُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ وَحُسِبَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَاسْتَثْنَى ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ الشَّيْءَ التَّافِهَ الْيَسِيرَ فَإِنَّهُ لَا يَحْسِبُهُ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ وَهَبَهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ تَقْيِيدٌ لِلْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ ح وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَهْدَى أَوْ وَهَبَ بَعْدَ الطِّيبِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يُحْسَبُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاتُهُ كَمَا أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إذَا تَصَدَّقَ بِالزَّرْعِ كُلِّهِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ بَعْضَ الزَّرْعِ لَا كُلَّهُ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعْضُ لَيْسَ تَافِهًا وَأَنْ يَكُونَ التَّصَدُّقُ بِهِ بَعْدَ الطِّيبِ (قَوْلُهُ وَحَسَبَ مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ اسْتَأْجَرَ بِهِ عَطْفٌ عَلَى تَصَدَّقَ بِهِ الْوَاقِعِ صِلَةً لِمَا (قَوْلُهُ قَتًّا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ قَتًّا أَيْ مَقْتُوتًا وَمَجْزُومًا (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ إغْمَارًا أَوْ كَيْلًا فَكُلُّ هَذَا يُحْسَبُ وَيُخْرِجُ زَكَاتَهُ وَكَذَلِكَ يُحْسَبُ لَقْطُ اللَّقَّاطُ الَّذِي مَعَ الْحَصَادِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ لَا لَقْطِ اللَّقَّاطِ لِمَا تَرَكَهُ رَبُّهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ وَهُوَ حَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ لَا يُحْسَبُ أَكْلُ دَابَّةٍ فِي حَالِ دَرْسِهَا) أَيْ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْآفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ وَأَكْلِ الْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ مَأْكُولَ الدَّابَّةِ حَالَ دَرْسِهَا لَا يُحْسَبُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَكْمِيمُهَا لِأَنَّهُ يَضْرِبُهَا وَفِي حَاشِيَةِ عج عَلَى الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ نَجَاسَةِ الدَّوَابِّ حَالَ دَرْسِهَا فَلَا يُغْسَلُ الْحَبُّ مِنْ بَوْلِهَا النَّجَسِ (قَوْلُهُ وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمَّهَاتِ وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ الزَّكَاةُ تَجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالطِّيبِ أَيْ بُلُوغِهِ حَدَّ الْأَكْلِ فَإِذَا أَزْهَى النَّخْلُ أَوْ طَابَ الْكَرْمُ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَأَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ الِاسْوِدَادَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ اهـ فَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الزَّرْعِ عَلَى الْإِفْرَاكِ وَذَكَرَ إبَاحَةَ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ كَذَا فِي بْن ثُمَّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامًا طَوِيلًا قَالَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَشْهُورَ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِالْإِفْرَاكِ كَمَا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَالْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَنَّ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْيُبْسِ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ) أَيْ وَهُوَ عج وَتَبِعَهُ عبق قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيُبْسَ يَرْجِعُ لِلْإِفْرَاكِ إذْ الْمُرَادُ بِالْيُبْسِ بُلُوغُ الْحَبِّ حَدَّ الطِّيبِ وَنِهَايَتِهِ بِحَيْثُ لَوْ حَصَدَ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ فَسَادٌ وَلَا تَلَفٌ وَعَلَى أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ كَمَا حَقَّقَهُ طفى مِنْ أَنَّ الْإِفْرَاكَ بُلُوغُ الْحَبِّ حَدَّ الْأَكْلِ وَأَنَّهُ قَبْلَ الْيُبْسِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْإِفْرَاكِ وَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] لِأَنَّ الْمُرَادَ وَأَخْرِجُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ فَالْوُجُوبُ بِالْإِفْرَاكِ وَإِنْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بَعْدَ الْيُبْسِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَهُوَ إنَّمَا يُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ فَإِنْ وَرِثَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِنْ وَرِثَ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ زَرْعٌ يَضُمُّهُ لَهُ وَقَيَّدَ عَبْدُ الْحَقِّ كَوْنَ زَكَاةِ الزَّرْعِ الَّذِي مَاتَ مَالِكُهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ بِمَا إذَا حَصَلَ لِلْوَارِثِ شَيْءٌ مِنْهُ أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَهُمَا وَقَدْ اغْتَرَقَ ذِمَّتَهُ دَيْنٌ لَوَجَبَ أَنْ يُزَكِّيَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَلَا مِيرَاثَ لِلْوَارِثِ فِيهِ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ نَقَلَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ مَاتَ عَنْ أَخٍ لِأُمٍّ وَعَمٍّ وَتَرَكَ زَرْعًا خَرَجَ مِنْهُ سِتَّةُ أَوْسُقٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ وَعَلَى الْعَمِّ الزَّكَاةُ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُوَرِّثَ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْمَجْمُوعُ نِصَابًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ مَجْمُوعُ الْمَتْرُوكِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَا يَضُمُّ الْوَارِثُ مَا خَصَّهُ مِنْهُ لِزَرْعِهِ وَيُزَكِّيهِ خِلَافًا لعبق لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى مِلْكِ الْمُوَرِّثِ لَا الْوَارِثِ فَلَا وَجْهَ لِلضَّمِّ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْحَبَّ يُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا زُكِّيَ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ أَيْ يَفْتَقِرُ) تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْ الضَّبْطَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ أَعْدَمَ وَعَدِمَ بِمَعْنَى افْتَقَرَ وَلِعَدِمَ مَعْنًى آخَرُ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا وَهُوَ فَقَدَ (قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ
بِثَمَنِ مَا أَدَّى مِنْ زَكَاتِهِ فَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَتَّبِعْ بِزَكَاتِهِ الْمُشْتَرِيَ وَاتَّبَعَ بِهَا الْبَائِعَ إذَا أَيْسَرَ.
(وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ طِيبِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَيْ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ (عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ) كَزَيْدٍ (بِجُزْءٍ) شَائِعٍ كَنِصْفٍ وَدَخَلَ فِي الْجُزْءِ وَصِيَّتُهُ بِزَكَاةِ زَرْعِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا وَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ الْمُعَيَّنِ بِقَوْلِهِ (لَا الْمَسَاكِينُ) فَإِنَّهَا عَلَى الْمُوصِي سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُمْ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ الْجُزْءِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) أَوْصَى لِمُعَيَّنٍ بِ (كَيْلٍ) كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ زَرْعٍ لِزَيْدٍ (فَعَلَى الْمَيِّتِ) النَّفَقَةُ مِنْ ثُلُثِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الزَّكَاةِ وَكَانَ الْأَوْلَى بِالْبَابِ ذِكْرُهَا فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَوْ قَبْلَهُ مَاتَ بَعْدَهُ فَعَلَى الْمُوصِي مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ وَمَاتَ قَبْلَهُ فَفِي مَالِهِ أَيْضًا إنْ كَانَتْ بِكَيْلٍ لِمَسَاكِينَ أَوْ لِمُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ كَرُبْعٍ لِمُعَيَّنٍ زَكَّاهَا الْمُعَيَّنُ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَوْ بِانْضِمَامٍ لِمَالِهِ وَالْمَسَاكِينُ زُكِّيَتْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا أُخِذَ مِنْ الزَّكَاةِ.
وَلَمَّا كَانَ الْخَرْصُ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْحَزْرُ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي الثَّمَرِ وَالْعِنَبِ دُونَ غَيْرِهِمَا أَفَادَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ مَعَ بَيَانِ وَقْتِهِ مُشِيرًا لِلْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ) بِمُثَنَّاةٍ (الْعِنَبُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِثْلُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ إذْ قَالَ إذَا أَعْدَمَ الْبَائِعُ أُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَفِي الْأُمَّهَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبَائِعِ شَيْءٌ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُصَدِّقُ وَوَجَدَ الْمُصَدِّقُ الطَّعَامَ بِعَيْنِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهُ الصَّدَقَةَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مُطْلَقًا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ جَائِزًا وَيَتَّبِعُ بِهَا الْبَهَائِمَ إذَا أَيْسَرَ اهـ بِلَفْظِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ أَشْهَبَ وَصَوَّبَهُ سَحْنُونٌ وَالتُّونُسِيُّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ هَذَا أَيْ قَوْلُ أَشْهَبَ إنْ بَاعَ لِيُخْرِجَ الزَّكَاةَ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مِمَّنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ أُخِذَ مِنْ الْمُشْتَرِي قَائِمًا اهـ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِثَمَنِ مَا أَدَّى مِنْ زَكَاتِهِ) أَيْ بِثَمَنِ الْقَدْرِ الَّذِي أَدَّاهُ زَكَاةً وَالصَّوَابُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَنُوبُ مَا أَدَّاهُ زَكَاةً مِنْ الثَّمَنِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَتَّبِعْ بِزَكَاتِهِ الْمُشْتَرِيَ) أَيْ فِي الْحَالَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَأُتْبِعَ بِهَا الْبَائِعُ إذَا أَيْسَرَ هَذَا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي مَا إذَا أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَأَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ جَائِحَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتْبَعُ بِهَا أَحَدٌ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يُتَّبَعُ بِهَا الْمُشْتَرِي بَلْ الْبَائِعُ إذَا أَيْسَرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ يَكُونُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا تَتَّبِعُ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِهَا لِسُقُوطِهَا بِالْجَائِحَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ وعبق مِنْ أَنَّهُ فِي حَالَةِ التَّلَفِ بِسَمَاوِيٍّ يُتْبَعُ بِهَا الْبَائِعُ اُنْظُرْ المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِمَا أَتْلَفَهُ.
(قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّرْعِ وَالتَّمْرِ الْمُوصَى بِهِ) أَيْ عَلَى الْجُزْءِ الْمُوصَى بِهِ مِنْ الزَّرْعِ فَالْمُرَادُ بِالزَّرْعِ الْمُوصَى بِهِ الْجُزْءُ الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ الْوَصِيَّةُ لَا الزَّرْعُ الَّذِي وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ فَإِذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ زَرْعِهِ أَوْ ثَمَرِهِ قَبْلَ الطِّيبِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ تَكُونُ لَازِمَةً لِزَيْدٍ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْجُزْءَ وَلَهُ فِيهِ النَّظَرُ وَالتَّصَرُّفُ الْعَامُّ فَصَارَ شَرِيكًا (قَوْلُهُ وَدَخَلَ إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى جُزْءِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) أَيْ وَهِيَ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ بِكَيْلٍ وَالْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ بِجُزْءٍ وَإِلَّا فَعَلَى الْمَيِّتِ كَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الزَّكَاةِ) أَيْ عَنْ زَكَاةِ الْوَصِيَّةِ هَلْ تَكُونُ لَازِمَةً لِلْمُوصِي أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَكَلَّمَ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ زَكَاتِهَا.
(قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُوصِي) أَيْ فَزَكَاةُ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمُوصِي فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ بِكَيْلٍ أَوْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَأَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ بِرُبْعِ زَرْعِي أَوْ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَقَوْلُهُ فَفِي مَالِهِ أَيْضًا هَذَا مُشْكِلٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا مَرَّ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالزَّكَاةِ وَصِيَّةٌ وَهُنَا أَوْصَى بِهَا (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ بِكَيْلٍ لِمَسَاكِينَ أَوْ لِمُعَيَّنٍ) كَأَوْصَيْتُ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ كَرُبْعٍ لِمُعَيَّنٍ) أَيْ كَأَوْصَيْتُ بِرُبْعِ زَرْعِي لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ وَلِمَسَاكِينَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَزُكِّيَتْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَسَاكِينِ يَخُصُّهُ مُدٌّ وَاحِدٌ لِأَنَّهُمْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَرْجِعُ) أَيْ الْمَسَاكِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَقَوْلُهُ بِمَا أُخِذَ أَيْ بِمَا أَدُّوهُ مِنْ الزَّكَاةِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْحَزْرُ) أَيْ حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنْ الْبَلَحِ تَمْرًا وَأَمَّا الْخِرْصُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ الشَّيْءُ الْمُقَدَّرُ (قَوْلُهُ مُشِيرًا لِلْعِلَّةِ) أَيْ وَهِيَ الِاحْتِيَاجُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يُحَرَّرُ الثَّمَرُ وَالْعِنَبُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ لِيُعْلَمَ هَلْ مِنْهُ نِصَابٌ أَمْ لَا إذَا حَلَّ بَيْعُهُ وَاحْتَاجَ أَهْلُهُ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ
سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُمَا الْجَفَافَ أَوْ لَا كَبَلَحِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا (إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا) بِبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا وَأَشَارَ لِعِلَّةِ التَّخْرِيصِ بِجَعْلِهَا شَرْطًا لِتَوَقُّفِ الْمَعْلُولِ عَلَى عِلَّتِهِ كَتَوَقُّفِ الْمَشْرُوطِ عَلَى شَرْطٍ بِقَوْلِهِ (وَاخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا) لِأَكْلٍ وَبَيْعٍ وَإِهْدَاءٍ وَتَبْقِيَةِ بَعْضٍ لِيَعْلَمَ بِالْخَرْصِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَا لَا تَجِبُ وَقَدْرَ الْوَاجِبِ يَعْنِي إنَّمَا خَصَّ الشَّارِعُ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ بِالْخَرْصِ دُونَ غَيْرِهِمَا لِأَنَّ شَأْنَهُمَا اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ هُنَا مُجَرَّدُ الْحَاجَةِ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لِاحْتِيَاجِ أَهْلِهِمَا وَهَذَا تَعْلِيلٌ بِالشَّأْنِ وَالْمَظِنَّةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ التَّخْرِيصُ عَلَى وُجُودِهَا بِالْفِعْلِ (نَخْلَةً نَخْلَةً) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ بِتَأْوِيلِهِ بِمُفَصِّلًا مِثْلِ بَابًا بَابًا أَيْ أَنَّهُ يَحْزِرُ كُلَّ نَخْلَةٍ عَلَى حِدَتِهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ فِي التَّخْرِيصِ مَا لَمْ تَتَّحِدْ فِي الْجَفَافِ وَإِلَّا جَازَ جَمْعُ أَكْثَرِ مِنْ نَخْلَةٍ فِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
هَذَا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَا يَصِيرُ تَمْرًا لِأَنَّهُ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ تَمْرًا لَا يُخْرَصُ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فَفِي تَخْرِيصِهِ حِينَئِذٍ انْتِقَالٌ مِنْ مَعْلُومٍ لِمَجْهُولٍ وَقَدْ يُمْنَعُ ضَبْطُهُ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ بَلْ يُضْبَطُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَيَكُونُ مِنْ إطْلَاقِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ وَهُوَ تَمْرُ النَّخْلِ وَاعْتُرِضَ الْحَصْرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالشَّعِيرِ الْأَخْضَرِ إذَا أَفْرَكَ وَأُكِلَ أَوْ بِيعَ زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ وَبِالْفُولِ الْأَخْضَرِ وَالْحِمَّصِ الْأَخْضَرِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُخْرَصُ إذَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ فِي زَمَنِ الْمَسْغَبَةِ أَوْ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْإِفْرَاكِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَصْرَ مُنْصَبٌّ عَلَى أَوَّلِ شُرُوطِهِ قَالَ طفى وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لَا وُرُودَ لَهُ أَصْلًا لِأَنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ تَحَرِّي مِقْدَارَ مَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ وَلَيْسَ هَذَا هُوَ التَّخْرِيصَ لِأَنَّ التَّخْرِيصَ حَرْزُ الشَّيْءِ عَلَى أُصُولِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْفُولِ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ إذَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ أَخْضَرَ فَإِنَّهُ يُحْرَزُ مَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ مِنْهُ وَهَذَا غَيْرُ التَّخْرِيصِ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ هُنَا إذْ فَرْقٌ بَيْنَ إحْصَاءِ مَا أُكِلَ بِالتَّحَرِّي أَيْ بِالْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ وَبَيْنَ حَزْرِ الشَّيْءِ بَاقِيًا عَلَى أُصُولِهِ اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُمَا الْجَفَافُ أَمْ لَا) هَذَا التَّعْمِيمُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الثَّمَرَ الَّذِي لَوْ بَقِيَ يَتَتَمَّرُ بِالْفِعْلِ وَالْعِنَبَ الَّذِي يَتَزَبَّبُ بِالْفِعْلِ أَنْ لَوْ بَقِيَ فَخَرَجَ بَلَحُ مِصْرَ وَعِنَبُهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَخْرِيصِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ مِنْ أَكْلٍ وَنَحْوِهِ لِتَوَقُّفِ زَكَاتِهِمَا عَلَى تَخْرِيصِهِمَا مِنْ حِلِّ بَيْعِهِمَا اهـ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَخَرَجَ إلَخْ أَنَّ مَا ذُكِرَ خَارِجٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِحَاجَةِ الْأَهْلِ لِلتَّصَرُّفِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ لَا رَدَّ هَذَا طفى بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا يَتَتَمَّرُ وَيَتَزَبَّبُ وَلِمَا لَا يَتَتَمَّرُ وَلَا يَتَزَبَّبُ وَقَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ تَخْرِيصِهِمَا غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا لِأَنَّ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ وَلَا يَتَزَبَّبُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ أَهْلُهُمَا لِلْأَكْلِ مَثَلًا يُسْتَغْنَى عَنْ تَخْرِيصِهِمَا بِإِحْصَاءِ الْكَيْلِ فِي الرُّطَبِ وَالْوَزْنِ فِي الْعِنَبِ بَعْدَ الْجَذِّ وَتَقْدِيرِ جَفَافِ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْصَاءِ الْمَذْكُورِ فَاَلَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ تَقْدِيرُ جَفَافِهِمَا وَفَرْقٌ بَيْنَ تَقْدِيرِ الْجَفَافِ وَالتَّخْرِيصِ فَالزَّيْتُونُ وَنَحْوُهُ لَا يُخْرَصُ وَيُقَدَّرُ جَفَافُهُ فَعِنَبُ مِصْرَ وَرُطَبُهَا إنْ خُرِصَا فَعَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يُخْرَصَا كِيلَا ثُمَّ قُدِّرَ جَفَافُهُمَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا شَكَّ فِيمَا لَا يَتَتَمَّرُ وَفِيمَا لَا يَتَزَبَّبُ هَلْ يَبْلُغُ النِّصَابَ أَمْ لَا أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ بُلُوغُهُ النِّصَابَ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ جَفَافٍ أَصْلًا لِأَنَّ الْمُزَكَّى حِينَئِذٍ ثَمَنُهُ كَمَا مَرَّ اهـ كَلَامُهُ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِنَبَ وَالتَّمْرَ مُطْلَقًا إنْ احْتَاجَ أَهْلُهُ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ خُرِصَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجُوا لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ فَاَلَّذِي يَتَتَمَّرُ وَيَتَزَبَّبُ يُنْتَظَرُ جَفَافُهُ وَتُخْرَجُ زَكَاتُهُ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ وَلَا يَتَزَبَّبُ يُنْتَظَرُ جَذُّهُمَا أَوْ يُكَالُ الْبَلَحُ وَيُوزَنُ الْعِنَبُ ثُمَّ يُقَدَّرُ جَفَافُهُمَا هَذَا إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ يَبْلُغُ نِصَابًا أَمْ لَا، أَمَّا مَا تَحَقَّقَ بُلُوغَهُ النِّصَابَ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ جَفَافٍ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا بِبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا) أَيْ وَلَا يَكْفِي هُنَا مَا فِي الْبَيْعِ مِنْ بُدُوِّ صَلَاحِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ لِيُعْلَمَ بِالْخَرْصِ إلَخْ) أَيْ إنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا لِيُعْلَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ الزَّيْتُونِ وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَالشَّعِيرِ إذَا أُكِلَ أَخْضَرَ فَهَذِهِ وَإِنْ كَانَ يَجِبُ بِالتَّحَرِّي مَا أُكِلَ مِنْهَا لَكِنَّهَا لَا تُخْرَصُ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ أَطْلَقَ الْمَلْزُومَ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ وَأَرَادَ لَازِمَهُ وَهُوَ الْوُجُودُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الِاخْتِلَافِ الْوُجُودُ اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ) أَيْ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ يُخْرَصُ أَيْ إنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُفَصَّلًا نَخْلَةً نَخْلَةً (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّهُ يَحْزِرُ كُلَّ نَخْلَةٍ عَلَى حِدَتِهَا) أَيْ وَلَا يَجْمَعُ الْخَارِصُ الْحَائِطَ فِي الْحَزْرِ وَلَا يُجَزِّئُهُ أَرْبَاعًا أَوْ أَثْلَاثًا مَثَلًا وَيَحْزِرُ كُلَّ رُبْعٍ أَوْ ثُلُثٍ عَلَى حِدَتِهِ وَكَذَا لَا يَجْمَعُ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ كَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ مَثَلًا وَلَوْ عَلِمَ مَا فِيهَا جُمْلَةً هَذَا إذَا اخْتَلَفَتْ فِي الْجَفَافِ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَإِنْ اتَّحَدَتْ فِي الْجَفَافِ جَازَ جَمْعُهَا فِي الْخَرْصِ وَلَوْ كَانَتْ عَشَرَةً وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُهَا فَفِي مَفْهُومِ نَخْلَةٍ تَفْصِيلٌ بَيْنَ تَخْرِيصِ الْحَائِطِ كُلِّهِ وَجُمْلَةٍ مِنْ النَّخْلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَا لَمْ تَتَّحِدْ أَيْ النَّخَلَاتُ الْمَجْمُوعُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ جَمْعُ أَكْثَرِ مِنْ نَخْلَةٍ
(بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا) أَيْ مَا تَنْقُصُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْجَفَافِ لِتَسْقُطَ زَكَاتُهُ (وَلَا سَقَطُهَا) أَيْ السَّاقِطُ بِالْهَوَاءِ وَمَا يَأْكُلُهُ الطَّيْرُ وَنَحْوُهُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمَالِكِ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ لَكِنْ إنْ حَصَلَ بَعْدَ التَّخْرِيصِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ وَيُنْظَرُ لِلْبَاقِي كَمَا سَيَقُولُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اُعْتُبِرَتْ.
(وَكَفَى الْخَارِصُ الْوَاحِدُ) إنْ كَانَ عَدْلًا عَارِفًا لِأَنَّهُ حَاكِمٌ فَلَا يَتَعَدَّدُ (وَإِنْ) تَعَدَّدُوا (اخْتَلَفُوا فَالْأَعْرَفُ) مِنْهُمْ هُوَ الْمَعْمُولُ بِقَوْلِهِ إنْ اتَّحَدَ الزَّمَنُ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ (وَإِلَّا) يَكُنْ فِيهِمْ أَعْرَفُ بَلْ اسْتَوَوْا (فَمِنْ) قَوْلِ (كُلٍّ) يُؤْخَذُ (جُزْءٌ) بِنِسْبَةِ عَدَدِهِمْ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أُخِذَ مِنْ قَوْلِ كُلٍّ الثُّلُثُ وَأَرْبَعَةً الرُّبْعُ وَهَكَذَا فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً قَالَ أَحَدُهُمْ عَشَرَةٌ وَالثَّانِي تِسْعَةٌ وَالثَّالِثُ ثَمَانِيَةٌ زُكِّيَ عَنْ تِسْعَةٍ.
(وَإِنْ أَصَابَتْهُ) أَيْ الْمُخَرَّصَ (جَائِحَةٌ) قَبْلَ إجْذَاذِهِ (اُعْتُبِرَتْ) فِي جَانِبِ السُّقُوطِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَإِنْ زَادَتْ) الثَّمَرَةُ بَعْدَ جَذَاذِهَا (عَلَى تَخْرِيصِ) عَدْلٍ (عَارِفٍ فَالْأَحَبُّ) كَمَا قَالَ الْإِمَامُ (الْإِخْرَاجُ) عَمَّا زَادَ لِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخُرَّاصِ الْيَوْمَ (وَهَلْ) الْأَحَبُّ (عَلَى ظَاهِرِهِ) مِنْ النَّدْبِ (أَوْ) مَحْمُولٌ عَلَى (الْوُجُوبِ) وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ وَالْأَرْجَحُ (تَأْوِيلَانِ) فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ تَخْرِيجِهِ فَيُعْمَلُ بِالتَّخْرِيصِ لَا بِمَا وَجَدْت لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّقْصِ مِنْ أَهْلِ الثَّمَرَةِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ (وَأَخَذَ) لَوْ أَحَبَّ (مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ) طَيِّبًا كُلُّهُ أَوْ رَدِيئًا أَوْ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ نَوْعًا كَانَ أَوْ نَوْعَيْنِ أَوْ أَنْوَاعًا وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ لَا مِنْ الْوَسَطِ (كَالتَّمْرِ نَوْعًا) فَقَطْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِيهِ أَيْ الْحَزْرِ (قَوْلُهُ بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا) أَيْ مُصَوِّرًا ذَلِكَ التَّخْرِيصَ بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا إلَخْ يَعْنِي أَنَّ الْخَارِصَ يُسْقِطُ بِاجْتِهَادِهِ مَا يُعْلَمُ عَادَةً أَنَّهُ إذَا جَفَّ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ يَنْقُصُ مِنْهُ بِفِعْلِ ذَلِكَ فِي كُلِّ نَخْلَةٍ بِأَنْ يَقُولَ هَذِهِ النَّخْلَةُ عَلَيْهَا مِنْ الْبَلَحِ وَالْعِنَبِ وَسْقٌ لَكِنَّهُ إذَا جَفَّ وَصَارَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا نَقَصَ ثُلُثُهُ وَصَارَ الْبَاقِي ثُلُثَيْ وَسْقٍ وَهَكَذَا وَأَمَّا مَا يَرْمِيهِ الْهَوَاءُ أَوْ يَأْكُلُهُ الطَّيْرُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ لِأَجْلِهِ شَيْئًا تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ وَيَنْظُرُ لِلْبَاقِي) أَيْ فَإِنْ بَقِيَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا نَقَلَهُ ح عَنْ الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا ادَّعَى رَبُّ الْحَائِطِ حَيْفَ الْخَارِصِ وَأَتَى بِخَارِصٍ آخَرَ لَمْ يُوَافِقْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْخَارِصَ حَاكِمٌ (قَوْلُهُ زَكَّى عَنْ تِسْعَةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا ثُلُثُ مَجْمُوعِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّك إنْ لَمْ تَجْمَعْ الْعَشَرَةَ وَالتِّسْعَةَ وَالثَّمَانِيَةَ يَكُنْ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ تَأْخُذُ ثُلُثَهَا يَكُنْ تِسْعَةً وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً قَالَ أَحَدُهُمْ سِتَّةٌ وَقَالَ الثَّانِي ثَمَانِيَةٌ وَقَالَ الثَّالِثُ عَشَرَةٌ زَكَّى عَنْ ثَمَانِيَةٍ لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ مَجْمُوعُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَهَكَذَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ إلَخْ) حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْعُمُومِ أَيْ عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ ثُمَّ أُجِيحَ وَعَلَى مَا لَمْ يُبَعْ أَصْلًا وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ أَيْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بَعْدَ الطَّيِّبِ ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثًا فَأَكْثَرَ سَقَطَ عَنْ الْبَائِعِ زَكَاةُ مَا أُجِيحَ لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَنَظَرَا لِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَتْ دُونَ الثُّلُثِ زَكَّى جَمِيعَ مَا بَاعَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَهَا دُونَ النِّصَابِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَائِحَةَ الَّتِي لَا تُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي لَا تُوضَعُ عَنْ الْبَائِعِ فِي الزَّكَاةِ وَمَا تُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي تُوضَعُ عَنْ الْبَائِعِ زَكَاتُهَا وَالْحَلُّ الثَّانِي أَوْلَى لِأَنَّ الْحَلَّ الْأَوَّلَ يُؤَدِّي إلَى نَوْعِ تَكْرَارٍ مَعَ مُفَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَتْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ فَتْوَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا لَمْ يَرْجِعْ بِالْفِعْلِ فَكَأَنَّهُ قَدْ وَهَبَ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ الْقَدْرَ الَّذِي مَلَكَ الرُّجُوعَ بِهِ وَالتَّعْلِيلُ الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ يُوَافِقُهُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ.
(قَوْلُهُ عَلَى تَخْرِيصِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ عَارِفٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا عَمِلَ عَلَى مَا تَبَيَّنَّ أَيْ فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ عَمَّا زَادَ اتِّفَاقًا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ النَّدْبِ) أَيْ لِتَعْلِيلِ الْإِمَامِ بِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخَرَّاصِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْوُجُوبِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى إصَابَةِ الْخَرَّاصِ وَلَا إلَى خَطَئِهِمْ وَهَذَا تَأْوِيلُ عِيَاضٍ وَابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْوُجُوبِ) أَيْ لِأَنَّ تَخْرِيصَ الْمُخَرِّصِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ خَطَأٌ (قَوْلُهُ وَأُخِذَ الْوَاجِبُ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ) يَعْنِي أَنَّ الْحَبَّ إذَا اجْتَمَعَ مِنْ أَنْوَاعِهِ نِصَابٌ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقَدْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَبُّ نَوْعًا وَاحِدًا كَالْقَمْحِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَيِّدًا كَانَ أَوْ رَدِيئًا أَوْ وَسَطًا فَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ وَإِنْ كَانَ نَوْعَيْنِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَدْرِهِ وَكَذَا إنْ كَانَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ فَمِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ الْوَسَطَ عَنْ الطَّرَفَيْنِ نَعَمْ إنْ أَطَاعَ بِإِخْرَاجِ النَّوْعِ الْأَعْلَى عَنْ النَّوْعِ الْأَدْنَى أَجْزَأَهُ حَيْثُ كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا وَأَمَّا إنْ أَخْرَجَ النَّوْعَ الْأَدْنَى عَنْ الْأَعْلَى فَلَا يُجْزِئُ كَمَا لَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ جِنْسٍ عَنْ جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ النَّوْعُ الْمُخْرَجُ أَعْلَى مِنْ الْمُخْرَجِ عَنْهُ كَأُرْزٍ عَنْ عَدَسٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ طَيِّبًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُ طَيِّبًا إلَخْ (قَوْلُهُ كَالتَّمْرِ نَوْعًا إلَخْ) أَرَادَ بِالنَّوْعِ الصِّنْفَ لِأَنَّ التَّمْرَ نَوْعٌ تَحْتَهُ أَصْنَافٌ: بَرْنِيُّ وَصَيْحَانِيٌّ وَعَجْوَةٌ؛ فَقَوْلُهُ نَوْعًا أَيْ بِأَنْ كَانَ بَرْنِيًّا وَقَوْلُهُ أَوْ نَوْعَيْنِ أَيْ صِنْفَيْنِ مِثْلَ بَرْنِيِّ وَصَيْحَانِيٍّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَالتَّمْرِ نَوْعًا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ أَعْلَى التَّمْرِ أَوْ مِنْ أَدْنَاهُ أُخِذَ