المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في نواقض الوضوء) - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ١

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ]

- ‌[شُرُوط الْوُضُوء]

- ‌(فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌[فَضَائِل الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]

- ‌(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مَنْدُوبَات الْغُسْل]

- ‌[صفة الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَمَسْحِ الْجَوْرَب]

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوط الْمَاسِح عَلَى الْخَفّ]

- ‌[مُبْطِلَات الْمَسْح عَلَى الْخَفّ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ

- ‌[شَرَائِط جَوَازِ التَّيَمُّم]

- ‌[مُوجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[وَاجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[سُنَن التَّيَمُّم]

- ‌[فَضَائِل التَّيَمُّم]

- ‌[مُبْطِلَات التَّيَمُّم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ

- ‌[شَرْط الْمَسْح عَلَى الْجُرْح]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌[بَيَان الْحَيْض وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌ مَوَانِعَ الْحَيْضِ

- ‌[بَيَان النِّفَاس وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْأَذَان وَمَنْدُوبَاته]

- ‌[مِنْ يَجُوز لَهُ الْأَذَان]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الشَّرْط الْأَوَّل وَالثَّانِي طَهَارَة الْحَدَث وَالْخَبَث]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌(فَصْلُ) (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌ مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا]

- ‌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ

- ‌[فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ]

- ‌[تَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ]

- ‌[تَرْتِيب الْفَوَائِت فِي أنفسها وَيَسِيرهَا مَعَ حَاضِرَة]

- ‌[مَا تَبْرَأ بِهِ الذِّمَّة عِنْد جَهْل الْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌ فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

- ‌[مِنْ تكره إمَامَته]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ

- ‌[فَصَلِّ الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[صِحَّة الِاسْتِخْلَاف]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌[الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْت وَأَسْبَاب الْجَمْع]

- ‌[صفة الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[سُنَن الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[الْأَعْذَار الْمُبِيحَة لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌[سُنَن صَلَاة الْعِيد]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد]

- ‌[كَيْفِيَّة أَدَاء صَلَاة الْعِيد وَمَنْدُوبَاتهَا]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامَ الْمَوْتَى]

- ‌[كَيْفِيَّة تَغْسِيل الْمَيِّت]

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ]

- ‌[مَنْدُوبَاتِ غُسْلِ الْمَيِّت]

- ‌ مُسْتَحَبَّاتِ الْكَفَنِ

- ‌ مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ

- ‌ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ

- ‌(زِيَارَةُ الْقُبُورِ)

- ‌[مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ]

- ‌[بَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[زَكَاةِ النَّعَمِ]

- ‌ زَكَاةِ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةُ النَّقْد]

- ‌[زَكَاة نَمَاءِ الْعَيْنِ]

- ‌ بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ

- ‌ زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ

- ‌[فَصْلٌ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌[جنس الصَّاع فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ الصِّيَامِ]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ

- ‌[شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار]

- ‌[أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْجَائِزَاتِ لِلصَّائِمِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]

- ‌[الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَا يَنْدُبُ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ]

- ‌ مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ

الفصل: ‌(فصل في نواقض الوضوء)

لِوَقْفٍ أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَيُكْرَهُ فِي مِلْكِهِ (وَعَظْمٍ وَرَوْثٍ) طَاهِرَيْنِ لِانْدِرَاجِ النَّجَسَيْنِ فِي النَّجَسِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الطَّاهِرَيْنِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُمَا لِأَنَّ الْعَظْمَ طَعَامُ الْجِنِّ وَالرَّوْثَ طَعَامُ دَوَابِّهِمْ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الْحُرْمَةُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا جِدَارَ النَّفْسِ وَالْعَظْمَ وَالرَّوْثَ الطَّاهِرَيْنِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِجْمَارُ بِهَا (فَإِنْ) ارْتَكَبَ النَّهْيَ وَاسْتَنْجَى بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَ (أَنْقَتْ) الْمَحَلَّ (أَجْزَأَتْ) لِحُصُولِ الْإِزَالَةِ بِهَا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِوَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُنَقِّ كَالنَّجَسِ الَّذِي يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْمُبْتَلُّ وَالْأَمْلَسُ فَلَا يُجْزِي (كَالْيَدِ) ، فَإِنَّهَا تُجْزِي إنْ أَنْقَتْ (وَدُونَ الثَّلَاثِ) مِنْ الْأَحْجَارِ إنْ أَنْقَتْ

(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)

وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَحْدَاثٌ وَأَسْبَابٌ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الرِّدَّةُ وَالشَّكُّ وَابْتَدَأَ بِالْأَوَّلِ لِأَصَالَتِهِ فَقَالَ (نُقِضَ الْوُضُوءُ) أَيْ بَطَلَ حُكْمُهُ عَمَّا كَانَ يُبَاحُ بِهِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا (بِحَدَثٍ) وَهُوَ مَا يَنْقُضُ بِنَفْسِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَدَثُ (الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ) مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ، فَإِنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ (فِي الصِّحَّةِ) فَخَرَجَ بِالْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ كَالْجِنْسِ الدَّاخِلُ مِنْ عُودٍ أَوْ أُصْبُعٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) أَيْ إذَا اسْتَجْمَرَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ وَإِنَّمَا حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِذَا اسْتَجْمَرَ بِجِدَارِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ كُرِهَ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ فِي مِلْكِهِ) أَيْ وَيُكْرَهُ الِاسْتِجْمَارُ بِالْجِدَارِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْجِدَارُ فِي مِلْكِهِ أَيْ وَاسْتَجْمَرَ بِهِ مِنْ دَاخِلٍ.

وَأَمَّا إذَا اسْتَجْمَرَ بِهِ مِنْ خَارِجٍ فَقَوْلَانِ بِالْكَرَاهَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ بِالْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِجِدَارِ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ الْمَطَرُ عَلَيْهِ وَيُصِيبُهُ بَلَلٌ وَيَلْتَصِقُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَلَيْهِ فَتُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ وَخَوْفًا مِنْ أَذِيَّةِ عَقْرَبٍ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِي جِدَارِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الطَّاهِرَيْنِ) أَيْ كَمَا قَالَ ح وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَظْمَ طَعَامُ الْجِنِّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ بِأَوْفَرَ وَأَعْظَمَ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: وَالرَّوْثُ طَعَامُ دَوَابِّهِمْ) أَيْ فَيَصِيرُ الرَّوْثُ شَعِيرًا أَوْ فُولًا أَوْ تِبْنًا أَوْ عُشْبًا كَمَا كَانَ، وَهَلْ الَّذِي يَصِيرُ كَذَلِكَ كُلُّ رَوْثٍ أَوْ خُصُوصُ رَوْثِ الْمُبَاحِ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ أَيْ وَإِذَا كَانَ الْعَظْمُ طَعَامَ الْجِنِّ، وَالرَّوْثُ طَعَامَ دَوَابِّهِمْ صَارَ النَّهْيُ عَنْهُمَا لِحَقِّ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ بِمُبْتَلٍّ إلَخْ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ الِاسْتِجْمَارِ بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ إذَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ أَنْ يُتْبِعَهَا بِالْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إلَّا الْمُحْتَرَمَ وَالْمُحَدَّدَ وَالنَّجَسَ فَالْحُرْمَةُ مُطْلَقًا كَمَا فِي ح نَقْلًا عَنْ زَرُّوقٍ وَاللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ بْن لَا يُقَالُ: الْجَزْمُ بِحُرْمَةِ النَّجَسِ مُطْلَقًا مُشْكِلٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّا نَقُولُ: الِاسْتِجْمَارُ بِالنَّجَاسَةِ فِيهِ قَصْدٌ لِاسْتِعْمَالِ النَّجَسِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ وَالتَّضَمُّخُ الْمَكْرُوهُ لَيْسَ فِيهِ قَصْدُ الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَنْجَى بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ) أَيْ الَّتِي يَحْرُمُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا وَاَلَّتِي يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا (قَوْلُهُ: كَالْيَدِ، فَإِنَّهَا تُجْزِي إنْ أَنْقَتْ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَدُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الْأَحْجَارِ) أَيْ، فَإِنَّهَا تُجْزِي إنْ أَنْقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِأَبِي الْفَرَجِ، فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الثَّلَاثَةَ مِنْ الْأَحْجَارِ، فَإِنْ أَنْقَى أَقَلُّ مِنْ الثَّلَاثِ فَلَا بُدَّ مِنْ الثَّلَاثِ.

[فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ]

(فَصْلٌ نُقِضَ الْوُضُوءُ بِحَدَثٍ إلَخْ)(قَوْلُهُ: أَحْدَاثٌ) جَمْعُ حَدَثٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْأَسْبَابُ فَهِيَ جَمْعُ سَبَبٍ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُؤَدِّي لِمَا يَنْقُضُ وَلَيْسَ نَاقِضًا بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ بَطَلَ حُكْمُهُ) أَيْ بَطَلَ اسْتِمْرَارُ حُكْمِهِ وَهُوَ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بُطْلَانَ ذَاتِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا لَكَانَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي فُعِلَتْ بِهِ تَبْطُلُ بِنَقْضِهِ (قَوْلُهُ: فِي الصِّحَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُعْتَادِ أَيْ الَّذِي اُعْتِيدَ خُرُوجُهُ فِي الصِّحَّةِ لَا بِالْخَارِجِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى عَدَمَ النَّقْضِ بِالْمُعْتَادِ إذَا خَرَجَ فِي الْمَرَضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْخَارِجِ فِي الصِّحَّةِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَخْرُجَ فِيهَا فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ وَالْمُرَادُ بِالْمُعْتَادِ مَا اُعْتِيدَ جِنْسُهُ فَإِذَا خَرَجَ الْبَوْلُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّ جِنْسَهُ مُعْتَادُ الْخُرُوجِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُعْتَادًا وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَوْلَ الْغَيْرَ الْمُتَغَيِّرِ نَجَسٌ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ تَوَقُّفِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ عَلَى التَّغَيُّرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ كَالْجِنْسِ) أَيْ وَهُوَ يَخْرُجُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ

ص: 114

أَوْ حُقْنَةٍ فَلَا يَنْقُضُ وَمَغِيبُ حَشَفَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ خَاصَّةً بَلْ يُوجِبُ مَا هُوَ أَعَمُّ وَالْقَرْقَرَةُ وَالْحَقْنُ الشَّدِيدَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَخَرَجَ بِالْمُعْتَادِ مَا لَيْسَ مُعْتَادًا كَدَمٍ وَقَيْحٍ إنْ خَرَجَا خَالِصَيْنِ مِنْ الْأَذَى وَحَصًى وَدُودٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لَا حَصًى) تَوَلَّدَ بِالْبَطْنِ (وَدُودٌ) وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِيُنَبِّهَ عَلَى حُكْمِ خُرُوجِهِمَا مُبْتَلَّيْنِ وَالْخِلَافُ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بِبِلَّةٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَيْ وَلَوْ خَرَجَا مَعَ أَذًى وَلَوْ كَثُرَ لِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا لَا نَقْضَ فِيهِ وَهُوَ الْحَصَى وَالدُّودُ وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ فِي قَوْلِهِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ فَشَمَلَ كَلَامُهُ اثْنَيْنِ مِنْ الدُّبُرِ وَهُمَا الْغَائِطُ وَالرِّيحُ وَسِتَّةٌ مِنْ الْقُبُلِ وَهِيَ الْبَوْلُ وَالْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَالْمَنِيُّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَالْهَادِي عَلَى مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْحَيْضِ وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي فِي السَّلَسِ وَشَمَلَ خُرُوجَ مَنِيِّ الرَّجُلِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إذَا دَخَلَ بِوَطْءٍ وَخَرَجَ بَعْدَ أَنْ اغْتَسَلَتْ لَا إنْ دَخَلَ بِلَا وَطْءٍ فَلَا يَنْقُضُ خُرُوجُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: أَوْ حُقْنَةٍ) هِيَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ بِآلَةٍ (قَوْلُهُ: بَلْ يُوجِبُ مَا هُوَ أَعَمُّ) أَيْ مِنْ الْوُضُوءِ وَهُوَ غَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ وَالتَّعْرِيفُ إنَّمَا هُوَ لِلْحَدَثِ الْمُوجِبِ لِلْوُضُوءِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ مَعْقُودٌ لِمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالْقَرْقَرَةُ وَالْحَقْنُ) عَطْفٌ عَلَى الدَّاخِلِ كَأَنَّهُ يَقُولُ خَرَجَ بِهِ مَا هُوَ دَاخِلٌ كَالْعُودِ إلَخْ وَمَا لَيْسَ بِدَاخِلٍ وَلَا خَارِجٍ كَالْقَرْقَرَةِ إلَخْ وَالْقَرْقَرَةُ هِيَ حَبْسُ الرِّيحِ وَالْحَقْنُ حَبْسُ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: الشَّدِيدَانِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا لَوْ مَنَعَا مِنْ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ بِعُسْرٍ فَقَدْ أَبْطَلَا الْوُضُوءَ فَمَنْ حَصَرَهُ بَوْلٌ أَوْ رِيحٌ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَصْلًا أَوْ يَأْتِي بِهِ مَعَ عُسْرٍ كَانَ وُضُوءُهُ بَاطِلًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ أَيْ الْخَارِجُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْقَرْقَرَةَ وَالْحَقْنَ الْمَانِعَيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ يَحْصُلُ بِهِمَا مَشَقَّةٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْحَقْنَ وَالْقَرْقَرَةَ الشَّدِيدَيْنِ يَنْقُضَانِ الْوُضُوءَ وَلَوْ لَمْ يَمْنَعَا الْإِتْيَانَ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنْ خَرَجَا) أَيْ مِنْ الْمَخْرَجِ خَالِصَيْنِ مِنْ الْأَذَى أَيْ وَإِلَّا نَقَضَ الْمُخَالِطُ لَهُمَا لِنَدُورَ مُخَالَطَتِهِمَا لِلْأَذَى بِخِلَافِ الْحَصَى وَالدُّودِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ مُخَالِطُهُمَا كَمَا يَأْتِي لِغَلَبَةِ الْمُخَالَطَةِ فِيهِمَا كَذَا فِي عبق وَأَقَرَّهُ الْأَشْيَاخُ وَاعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ بْن قَائِلًا مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الدَّمِ وَالْحَصَى وَالدُّودِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الدَّمُ وَالْحَصَى وَالدُّودُ سَوَاءٌ فَلَا نَقْضَ بِهَا مُطْلَقًا كَانَ مَعَهَا أَذًى أَمْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَح وَهُوَ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَشْهُورِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ وَفِي نَقْضِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ كَدُودٍ أَوْ حَصًى أَوْ دَمٍ ثَالِثُهَا إنْ قَارَنَهُ أَذًى لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّالِثُ عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ نَافِعٍ اهـ (قَوْلُهُ: تَوَلَّدَ بِالْبَطْنِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً أَوْ دُودَةً فَنَزَلَتْ بِصِفَتِهَا فَالنَّقْضُ وَلَوْ كَانَا خَالِصَيْنِ مِنْ الْأَذَى؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْخَارِجِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ) أَيْ دُونَ الْقَيْحِ وَالدَّمِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ فِيهِ) قَالَ بْن لِابْنِ رُشْدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهُمَا لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ خَرَجَتْ الدُّودَةُ نَقِيَّةً أَوْ غَيْرَ نَقِيَّةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الثَّانِي لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَخْرُجَ غَيْرَ نَقِيَّةٍ، وَالثَّالِثُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَإِنْ خَرَجَتْ نَقِيَّةً وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خَاصَّةً مِنْ أَصْحَابِنَا اهـ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِبِلَّةٍ أَيْ وَلَوْ بِأَذًى وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَ) أَيْ الْأَذَى بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْحَصَى وَالدُّودِ الْخَارِجِ مَعَهُمَا مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فِي الْكَثْرَةِ وَإِلَّا نَقَضَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (تَنْبِيهٌ) يُعْفَى عَمَّا خَرَجَ مِنْ الْأَذَى مَعَ الْحَصَى وَالدُّودِ إنْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا بِأَنْ كَانَ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ إنْ كَثُرَ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ أَيْ بِحَسَبِ مَحَلِّهِ لَا بِحَسَبِ إصَابَتِهِ لِثَوْبٍ (قَوْلُهُ: فَشَمَلَ كَلَامُهُ) أَيْ شَمَلَ قَوْلُهُ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ: اثْنَيْنِ مِنْ الدُّبُرِ وَسِتَّةً مِنْ الْقُبُلِ (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا خَرَجَ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ كَانَ سَلَسًا وَلَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْحَيْضِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلٍ إلَخْ) أَيْ إذَا لَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَانِ لَا إنْ لَازَمَ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ) أَيْ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْقُضُ خُرُوجُهُ)

ص: 115

كَمَا قَالَ شَيْخُنَا النَّقْضُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي الصِّحَّةِ مَا إذَا خَرَجَ فِي حَالِ الْمَرَضِ أَيْ خُرُوجُهُ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ، فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ

(وَ) نُقِضَ (بِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ) الزَّمَانِ وَلَازَمَ أَقَلُّهُ، فَإِنْ لَازَمَ النِّصْفَ وَأَوْلَى الْجُلُّ أَوْ الْكُلُّ فَلَا يَنْقُضُ (كَسَلَسِ مَذْيٍ) لِطُولِ عُزُوبَةٍ أَوْ مَرَضٍ فَيَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرٍ أَوْ تَفَكُّرٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا حَيْثُ (قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ) بِتَدَاوٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ تَزَوُّجٍ أَوْ تَسَرٍّ وَيُغْتَفَرُ لَهُ زَمَنُ التَّدَاوِي وَالتَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ بِمَا ذُكِرَ فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْلَاسِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ كَمَا فِي خش نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ شَيْخُنَا) أَيْ الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: مَا إذَا خَرَجَ) أَيْ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ مَخْرَجَيْهِ فِي حَالِ الْمَرَضِ.

(قَوْلُهُ: وَبِسَلَسٍ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ الْخَارِجُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِكَسْرِهَا الشَّخْصُ الَّذِي قَامَ بِهِ السَّلَسُ وَعَطْفُهُ عَلَى الْحَدَثِ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِتَقْيِيدِ الْمَعْطُوفِ بِمُفَارَقَةِ أَكْثَرِ الزَّمَانِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي السَّلَسِ فَيَشْمَلُ سَلَسَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ وَغَيْرِهِ كَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا التَّقْسِيمُ لَا يَخُصُّ حَدَثًا دُونَ حَدَثٍ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي السَّلَسِ طَرِيقَةُ الْمَغَارِبَةِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إلَى أَنَّ السَّلَسَ لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ إذَا لَمْ يُلَازِمْ كُلَّ الزَّمَانِ، فَإِنْ لَازَمَ كُلَّهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَازَمَ النِّصْفَ) أَيْ عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ هَارُونَ النَّقْضَ فِي الْمُلَازِمِ لِنِصْفِ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: كَسَلَسِ مَذْيٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ) .

اعْلَمْ أَنَّ عِنْدَنَا صُوَرًا ثَلَاثَةً: الْأُولَى مَا إذَا كَانَ سَلَسُ الْمَذْيِ لِبُرُودَةٍ وَعِلَّةٍ كَاخْتِلَالِ مِزَاجٍ فَهَذِهِ لَا يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ مُطْلَقًا قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ. الثَّانِيَةُ مَا إذَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ مَعَ تَذَكُّرٍ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ وَصَارَ مَهْمَا نَظَرَ أَوْ سَمِعَ أَوْ تَفَكَّرَ أَمَذَى بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ. الثَّالِثَةُ مَا إذَا كَانَ لِطُولِ عُزُوبَةٍ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرٍ وَتَفَكُّرٍ بَلْ صَارَ الْمَذْيُ مِنْ أَجْلِ طُولِ الْعُزُوبَةِ نَازِلًا مُسْتَرْسِلًا نَظَرَ أَوْ لَا تَفَكَّرَ أَوْ لَا وَالْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَقَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالثَّانِيَةُ مِنْهُمَا يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ فِيهَا إنْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِزَوَاجٍ أَوْ تَسَرٍّ وَجَبَ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ خِلَافٌ لَهَا فَيَكُونُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. إذَا عَلِمْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِعِلَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا وَلَا عَلَى مَا إذَا كَانَ لِتَذَكُّرٍ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ مَهْمَا رَأَى أَوْ سَمِعَ أَوْ تَفَكَّرَ وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ خِلَافًا لخش لِمَا مَرَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مِنْ النَّقْضِ فِيهَا مُطْلَقًا بِلَا خِلَافٍ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ بِدُونِ تَفَكُّرٍ وَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْقُدْرَةِ وَعَدَمِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ الْجَلَّابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهُ وِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَ طفى أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ شَهَرَهُ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي نَقْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ لَك (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّهُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَوْمٍ) أَيْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ هَكَذَا قَيَّدَهُ الْمَازِرِيُّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ لَهُ زَمَنٌ إلَخْ) فَلَا يُعَدُّ السَّلَسُ الْمَذْكُورُ نَاقِضًا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّزَوُّجُ وَالتَّسَرِّي) أَيْ طَلَبُ الزَّوْجَةِ وَالسُّرِّيَّةِ وَكَذَا يُغْتَفَرُ مُدَّةَ اسْتِبْرَاءِ السُّرِّيَّةِ

ص: 116

فَيَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ وَلَا مَفْهُومَ لِمَذْيٍ فَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَشْمَلَ إذْ كُلُّ سَلَسٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ نَقَضَ وَإِلَّا فَالْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ

(وَنُدِبَ) الْوُضُوءُ (إنْ لَازَمَ) السَّلَسُ (أَكْثَرَ) الزَّمَنِ وَأَوْلَى نِصْفُهُ لَا إنْ عَمَّهُ وَمَحَلُّ النَّدْبِ فِي مُلَازَمَةِ الْأَكْثَرِ إنْ لَمْ يَشُقَّ (لَا إنْ شَقَّ) الْوُضُوءُ بِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْدَبُ فَقَوْلُهُ وَنُدِبَ إلَخْ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَارَقَ أَكْثَرَ (وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ) مِنْ دَوَامٍ وَكَثْرَةٍ وَمُسَاوَاةٍ وَقِلَّةٍ (فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ) خَاصَّةً وَهُوَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي (أَوْ) اعْتِبَارُهَا (مُطْلَقًا) لَا بِقَيْدِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَيُعْتَبَرُ حَتَّى مِنْ الطُّلُوعِ إلَى الزَّوَالِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ (مِنْ مَخْرَجَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْخَارِجِ وَالضَّمِيرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: فَيَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ، فَإِنْ لَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَانِ نَقَضَ وَإِنْ لَازَمَ الْكُلَّ أَوْ الْجُلَّ أَوْ النِّصْفَ لَمْ يَنْقُضْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِمَذْيٍ) أَيْ بَلْ كُلُّ سَلَسٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ سَوَاءٌ كَانَ بَوْلًا أَوْ مَنِيًّا أَوْ وَدْيًا فَهُوَ كَسَلَسِ الْمَذْيِ الَّذِي قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ فِي كَوْنِهِ نَاقِضًا مُطْلَقًا وَمَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ تَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ وَبِهَذَا صَرَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَقَوْلُ التَّوْضِيحِ لَمْ أَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ وَغَيْرِهِ فِي الْبَوْلِ قُصُورٌ كَذَا فِي عبق وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِسَلَسِ الْمَذْيِ الَّذِي يَكُونُ نَاقِضًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى رَفْعِهِ مَا كَانَ لِطُولِ عُزُوبَةٍ فَقَطْ لَا مَا كَانَ لِعِلَّةٍ وَلَا مَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ مَعَ تَذَكُّرٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ) أَيْ، فَلَوْ حَذَفَهُ وَقَالَ بِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ وَإِلَّا يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ فَيَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْوُضُوءُ إنْ لَازَمَ السَّلَسُ أَكْثَرَ) أَيْ وَنُدِبَ أَيْضًا اتِّصَالُهُ بِالصَّلَاةِ وَهَلْ يُنْدَبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ أَوْ لَا يُنْدَبُ قَوْلَانِ كَذَا فِي عبق عَلَى الْعِزِّيَّةِ وَتَخْصِيصُهُ النَّدْبَ بِالْوُضُوءِ دُونَ غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ يُشْعِرُ بِنَفْيِ غَسْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَالَ: لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَخَفُّ مِنْ الْحَدَثِ وَالْحُكْمُ بِاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَا يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهَا أَخَفُّ وَاسْتَحَبَّ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ غَسْلَ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ الْمُلَازِمِ لِجُلِّ الزَّمَانِ أَوْ لِنِصْفِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَمَّهُ) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْوُضُوءِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ شَقَّ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَنُدِبَ لَازِمُ أَكْثَرِ إنْ لَمْ يَشُقَّ لَا إنْ شَقَّ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ إلَخْ.

(فَرْعٌ) إذَا كَانَ فِي جَوْفِهِ عِلَّةٌ أَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا اسْتَنْكَحَهُ الرِّيحُ، فَإِذَا صَلَّى مِنْ جُلُوسٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ الرِّيحُ وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا يَخْرُجُ مِنْهُ قَالَ ح الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَالْأَبْيَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا لَا جَالِسًا وَلَا يَكُونُ الرِّيحُ نَاقِضًا لِوُضُوئِهِ كَالْبَوْلِ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ كُلَّمَا تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ أَحْدَثَ بِنُقْطَةِ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَلَا يَكُونُ الْحَدَثُ نَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ سَلَسٌ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَاسْتَظْهَرَهُ ح وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَتَيَمَّمُ وَالْأَحْوَطُ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ: تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَارَقَ أَكْثَرَ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ، فَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ أَكْثَرَ بِأَنْ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ جُلَّهُ فَلَا نَقْضَ لَكِنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ الثَّلَاثَةَ بَعْضُهَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْوُضُوءُ وَهُوَ مَا إذَا لَازَمَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ وَبَعْضُهَا لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْوُضُوءُ وَهُوَ مَا إذَا لَازَمَ كُلَّ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ) أَيْ مُلَازَمَةِ الْمَوْجُودِ مِنْ الْحَدَثِ دَائِمًا أَوْ جُلِّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ أَقَلِّهِ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ) الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا ابْنُ جَمَاعَةَ وَالْبُوذَرِيُّ وَهُمَا مِنْ أَشْيَاخِ مَشَايِخِ ابْنِ عَرَفَةَ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ جَمَاعَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنُوفِيُّ وَالثَّانِي: قَوْلُ الْبُوذَرِيُّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ أَوَّلُهُمَا وَهَذَا التَّرَدُّدُ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ دَرَجَةً وَغَيْرَ أَوْقَاتِهَا مِائَةُ دَرَجَةٍ فَأَتَاهُ السَّلَسُ فِيهَا وَفِي مِائَةٍ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ لِمُفَارَقَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَانِ لَا عَلَى الثَّانِي لِمُلَازَمَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَانِ، فَإِنْ لَازَمَهُ وَقْتَ صَلَاةٍ فَقَطْ نُقِضَ وَصَلَّاهَا قَضَاءً كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ فِيمَنْ يَطُولُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ وَقَالَ الْمَنُوفِيُّ إذَا انْضَبَطَ وَقْتُ إتْيَانِ السَّلَسِ قَدَّمَ تِلْكَ الصَّلَاةَ أَوْ أَخَّرَهَا فَيَجْمَعُهُمَا كَأَرْبَابِ الْأَعْذَارِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَخْرَجَيْهِ) الضَّمِيرُ لِلْخَارِجِ الْمُعْتَادِ لَا لِلشَّخْصِ وَلَا لِلْمُتَوَضِّئِ؛ لِأَنَّهُ

ص: 117

أَحْرَزَ وَصَفًا مُقَدَّرًا وَكَأَنَّهُ قَالَ مِنْ مَخْرَجَيْهِ الْمُعْتَادَيْنِ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ مَا إذَا خَرَجَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْرَجَيْنِ كَمَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَمِ أَوْ خَرَجَ بَوْلٌ مِنْ دُبُرٍ أَوْ رِيحٌ مِنْ قُبُلٍ وَلَوْ قَبَّلَ امْرَأَةً أَوْ مِنْ ثُقْبَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ وَلَمَّا كَانَ فِي هَذَا تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) خَرَجَ مِنْ (ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ) وَهُوَ مَوْضِعُ الطَّعَامِ قَبْلَ انْحِدَارِهِ لِلْأَمْعَاءِ فَهِيَ لَنَا بِمَنْزِلَةِ الْحَوْصَلَةِ لِلطَّيْرِ وَالْكِرْشِ لِغَيْرِ الطَّيْرِ فَالسُّرَّةُ مِمَّا تَحْتَ الْمَعِدَةِ فَيَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهَا (إنْ انْسَدَّا) أَيْ الْمَخْرَجَانِ بِأَنْ انْقَطَعَ الْخُرُوجُ مِنْهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْسَدَّا بِأَنْ انْفَتَحَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَتْ الثُّقْبَةُ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ فِي الْمَعِدَةِ انْسَدَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ انْفَتَحَا (فَقَوْلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ النَّقْضِ وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى النَّقْضِ فِيمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّا لِأَنَّ الطَّعَامَ لَمَّا انْحَدَرَ إلَى الْأَمْعَاءِ صَارَ فَضْلَةً قَطْعًا وَصَارَتْ الثُّقْبَةُ الَّتِي تَحْتَهُمَا قَائِمَةً مَقَامَهُمَا عِنْدِ انْسِدَادِهِمَا وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَحْدَاثِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَسْبَابِهَا فَقَالَ (وَ) نُقِضَ (بِسَبَبِهِ وَهُوَ) أَيْ السَّبَبُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ (زَوَالُ عَقْلٍ) أَيْ اسْتِتَارُهُ لَا بِنَوْمٍ ثَقُلَ بِأَنْ كَانَ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ شِدَّةِ هَمٍّ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ زَوَالُهُ (بِنَوْمٍ ثَقُلَ) هَذَا إذَا طَالَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا خَرَجَ مِنْ مَخْرَجِ الشَّخْصِ يَكُونُ نَاقِضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الرِّيحُ الْخَارِجُ مِنْ الْقُبُلِ لَا يَنْقُضُ مَعَ أَنَّهُ خَارِجٌ مُعْتَادٌ مِنْ مَخْرَجِ الشَّخْصِ الْمُتَوَضِّئِ (قَوْلُهُ: أَحْرَزَ وَصْفًا إلَخْ) أَيْ قَامَ مَقَامَهُ لِإِفَادَتِهِ لِمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْعَهْدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ مِنْ مَخْرَجَيْ الْخَارِجِ الْمَعْهُودَيْنِ أَيْ الْمُعْتَادَيْنِ لِذَلِكَ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَمِ) الَّذِي ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْحَدَثُ مِنْ الْفَمِ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ إذَا انْقَطَعَ خُرُوجُهُ مِنْ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ رَأْسًا.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ خُرُوجُهُ مِنْ مَحَلِّهِ رَأْسًا وَهَذَا صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا تَسَاوَى خُرُوجُهُ مِنْ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ مَعَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَلْقِ وَمَا إذَا كَانَ خُرُوجُهُ مِنْ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ أَكْثَرَ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَلْقِ وَعَكْسِهِ فَلَا نَقْضَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا نَقْضَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْتَ: مُقْتَضَى كَوْنِ الْخَارِجِ مِنْ الثُّقْبَةِ إذَا كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ لَا يَنْقُضُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْ الْفَمِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الثُّقْبَةِ الْمَذْكُورَةِ قُلْتُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَمَ عُهِدَ مَخْرَجًا لِلْفَضْلَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلتِّمْسَاحِ بِخِلَافِ الثُّقْبَةِ هَذَا وَذَكَرَ عج أَنَّ قَوْلَهُمْ إذَا كَانَتْ الثُّقْبَةُ فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَلَا نَقْضَ عَلَى الرَّاجِحِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ انْسِدَادُ الْمَخْرَجَيْنِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لَا دَائِمًا أَمَّا إذَا كَانَ انْسِدَادُهُمَا دَائِمًا فَالنَّقْضُ كَالْفَمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ فِي هَذَا) أَيْ فِي خُرُوجِ الْحَدَثِ مِنْ الثُّقْبَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ) أَيْ الْحَدَثُ وَقَوْلُهُ مِنْ ثُقْبَةٍ أَيْ مِنْ خَرْقٍ (قَوْلُهُ: فَالسُّرَّةُ مِمَّا تَحْتَ الْمَعِدَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعِدَةُ مِنْ مُنْخَسِفِ الصَّدْرِ لِفَوْقِ السُّرَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْسَدَّا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الثُّقْبَةَ تَحْتَ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) أَيْ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّمَانِيَةِ (قَوْلُهُ: الرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ النَّقْضِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى النَّظَرِ فِي انْسِدَادِ أَحَدِهِمَا نَقْضَ خَارِجِهِ مِنْهَا وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَدُمْ الِانْسِدَادُ وَتُعْتَادُ الثُّقْبَةُ وَإِلَّا نَقَضَ الْخَارِجُ مِنْهَا وَلَوْ كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ بِالْأَوْلَى مِنْ نَقْضِهِمْ بِالْفَمِ إذَا اُعْتِيدَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَصَارَتْ الثُّقْبَةُ الَّتِي تَحْتَهُمَا) أَيْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَقَوْلُهُ مَقَامَهُمَا أَيْ الْمَخْرَجَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَنُقِضَ بِسَبَبِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْحَدَثِ الْمُوَصِّلِ إلَيْهِ كَالنَّوْمِ الْمُؤَدِّي لِخُرُوجِ الرِّيحِ وَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ الْمُؤَدِّيَيْنِ لِخُرُوجِ الْمَذْيِ وَالسَّبَبِيَّةُ فِي زَوَالِ الْعَقْلِ مُشْكِلَةٌ إذْ لَا تُعْقَلُ إلَّا إذَا كَانَ زَوَالُ الْعَقْلِ سَبَبًا فِي انْحِلَالِ الْأَعْصَابِ فَيَتَسَبَّبُ عَنْ ذَلِكَ خُرُوجُ الْحَدَثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَدَّهُ سَبَبًا بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ فِي الْجُمْلَةِ كَالْمَسِّ وَاللَّمْسِ، فَإِنَّهُمَا كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: زَوَالُ الْعَقْلِ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ بِغَيْرِ النَّوْمِ كَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ وَالْجُنُونِ لَا يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ كَمَا يُفَصِّلُ فِي النَّوْمِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ فَهُوَ نَاقِضٌ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَالْقَلِيلُ فِي ذَلِكَ كَالْكَثِيرِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِتَارُهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِتَارِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَالَ حَقِيقَةً لَمْ يُعِدْ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: قَدْ انْتَقَضَ وُضُوءُك (قَوْلُهُ: أَوْ شِدَّةِ هَمٍّ) أَيْ إنْ كَانَ مُضْطَجِعًا وَهَلْ كَذَا إنْ كَانَ قَاعِدًا أَوْ يُنْدَبُ لَهُ فَقَطْ احْتِمَالَانِ لِسَنَدٍ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى نَقْلِ ح وَاقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَذَا زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ حَيْثُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ حَصَلَ لَهُ هَمٌّ أَذْهَلَ عَقْلَهُ يَتَوَضَّأُ وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ اهـ.

وَأَمَّا مَنْ اُسْتُغْرِقَ عَقْلُهُ فِي حُبِّ اللَّهِ حَتَّى زَالَ عَنْ إحْسَاسِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي ح نَقْلًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَزَرُّوقٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَهُ صِفَةُ النَّوْمِ وَلَا عِبْرَةَ بِهَيْئَةِ النَّائِمِ مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَمَتَى كَانَ النَّوْمُ ثَقِيلًا نَقَضَ كَانَ النَّائِمُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَقِيلٍ فَلَا يَنْقُضُ عَلَى أَيْ حَالٍ كَانَ النَّائِمُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا

ص: 118

بَلْ (وَلَوْ قَصُرَ) ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ (لَا) يُنْتَقَضُ بِنَوْمٍ (خَفَّ) وَلَوْ طَالَ (وَنُدِبَ) الْوُضُوءُ (إنْ طَالَ) الْخَفِيفُ وَجُمْلَةُ لَا خَفَّ اسْتِئْنَافِيَّةٌ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ نَشَأَ مِمَّا قَبْلَهَا فَلَيْسَتْ لَا عَاطِفَةً وَالثَّقِيلُ مَا لَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ بِالْأَصْوَاتِ أَوْ بِسُقُوطِ حَبْوَةٍ بِيَدٍ أَوْ بِسُقُوطِ شَيْءٍ بِيَدِهِ أَوْ بِسَيَلَانِ رِيقِهِ

(وَ) النَّوْعُ الثَّانِي (لَمْسٌ) مِنْ بَالِغٍ لَا مِنْ صَغِيرٍ وَلَوْ رَاهَقَ وَوَطْؤُهُ مِنْ جُمْلَةِ لَمْسِهِ فَلَا يَنْقُضُ وَإِنْ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْغُسْلُ كَمَا سَيَأْتِي (يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ) وَهُوَ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ اللَّمْسُ فَيَشْمَلُ الْمَلْمُوسَ (بِهِ عَادَةً) خَرَجَ بِهِ الْمَحْرَمُ عَلَى قَوْلٍ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَخَرَجَ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى وَغَيْرُ الْأَمْرَدِ مِمَّنْ طَالَتْ لِحْيَتُهُ وَجَسَدُ الدَّوَابِّ فَلَا نَقْضَ فِي الْكُلِّ وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَهِيَ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَاعْتَبَرَ فِي التَّلْقِينِ صِفَةَ النَّوْمِ مَعَ الثِّقَلِ وَصِفَةَ النَّائِمِ مَعَ غَيْرِهِ فَقَالَ: وَأَمَّا النَّوْمُ الثَّقِيلُ فَيَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ النَّائِمُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا.

وَأَمَّا غَيْرُ الثَّقِيلِ فَيَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فِي الِاضْطِجَاعِ وَالسُّجُودِ وَلَا يَجِبُ فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَعَزَا فِي التَّوْضِيحِ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ الثَّانِيَةَ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ قَصُرَ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ: النَّوْمُ الثَّقِيلُ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا كَانَ طَوِيلًا (قَوْلُهُ: لَا بِنَوْمٍ خَفَّ) أَيْ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَالَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْخَفِيفُ قَصِيرًا بَلْ وَلَوْ طَالَ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ إنْ طَالَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ الْقَائِلِ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: نَشَأَ مِمَّا قَبْلَهَا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ وَتَقْرِيرُ السُّؤَالِ، فَإِنْ كَانَ النَّوْمُ خَفِيفًا فَهَلْ يَنْقُضُ كَذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ لَا عَاطِفَةً) ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ عَاطِفَةً لِخَفَّ عَلَى ثَقُلَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهَا قَدْ عَطَفَتْ جُمْلَةً عَلَى جُمْلَةٍ وَلَا إنَّمَا تَعْطِفُ الْمُفْرَدَاتِ وَلَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ وَإِنْ جُعِلَتْ عَاطِفَةً لِمَحْذُوفٍ مَوْصُوفٍ بِجُمْلَةِ خَفَّ وَالتَّقْدِيرُ لَا بِنَوْمٍ خَفَّ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ حَذْفُ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْجُمْلَةِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ بَعْضَ اسْمٍ مَجْرُورٍ بِمِنْ أَوْ فِي كَقَوْلِك مِنَّا ظَعَنَ وَمِنَّا أَقَامَ أَيْ مِنَّا فَرِيقٌ وَكَقَوْلِهِ

إنْ قُلْتَ مَا فِي قَوْمِهَا لَمْ تَيْئَمِ

يَفْضُلُهَا فِي حَسَبٍ وَمِيسَمٍ

أَيْ مَا فِي قَوْمِهَا أَحَدٌ يَفْضُلُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ بِالْأَصْوَاتِ) أَيْ الْمُرْتَفِعَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ أَوْ بِسُقُوطٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الْأَصْوَاتِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ، فَإِنْ شَعَرَ بِالْأَصْوَاتِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ أَوْ شَعَرَ بِانْفِكَاكِ حَبْوَتِهِ أَوْ بِسُقُوطِ مَا كَانَ بِيَدِهِ أَوْ شَعَرَ بِسَيَلَانِ رِيقِهِ فَلَا نَقْضَ لِخِفَّتِهِ حِينَئِذٍ (تَنْبِيهٌ) لَا يَنْقُضُ نَوْمُ مَسْدُودِ الدُّبُرِ كَمَا إذَا اسْتَثْفَرَ بِشَيْءٍ تَحْتَ مَخْرَجِهِ وَلَوْ كَانَ النَّوْمُ ثَقِيلًا إذَا لَمْ يَطُلْ، فَإِنْ طَالَ نَقَضَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْسٌ) عَطْفٌ عَلَى زَوَالِ عَقْلٍ وَاللَّمْسُ مُلَاقَاةُ جِسْمٍ لِجِسْمٍ لِطَلَبِ مَعْنًى فِيهِ كَحَرَارَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ أَوْ صَلَابَةٍ أَوْ رَخَاوَةٍ أَوْ عِلْمِ حَقِيقَةٍ كَأَنْ يَلْمِسَ لِيَعْلَمَ هَلْ هُوَ آدَمِيٌّ أَوْ لَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي إنْ قَصَدَ لَذَّةً إلَخْ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ الْمَعْنَى.

وَأَمَّا الْمَسُّ فَهُوَ مُلَاقَاةُ جِسْمٍ لِآخَرَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلِذَا عَبَّرَ بِهِ فِي الذَّكَرِ لِكَوْنِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ قَصْدٌ وَقَوْلُهُ وَلَمْسٌ أَيْ وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ لِأُخْرَى كَمَا فِي المج نَقْلًا عَنْ ح قِيَاسًا عَلَى الْغُلَامَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَلْتَذُّ بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ صَغِيرٍ وَلَوْ رَاهَقَ) ؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ إنَّمَا نَقَضَ لِكَوْنِهِ يُؤَدِّي لِخُرُوجِ الْمَذْيِ وَلَا مَذْيَ لِغَيْرِ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْغُسْلُ كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ وَاسْتِحْبَابُ الْغُسْلِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الْوُضُوءِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى (قَوْلُهُ: يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ بِهِ عَادَةً) الْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْضَ بِاللَّمْسِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ اللَّامِسُ بَالِغًا وَأَنْ يَكُونَ الْمَلْمُوسُ مِمَّنْ يُشْتَهَى عَادَةً وَأَنْ يَقْصِدَ اللَّامِسُ اللَّذَّةَ أَوْ يَجِدَهَا فَقَوْلُهُ عَادَةً أَيْ لِكَوْنِ الْمَلْمُوسِ يُشْتَهَى عَادَةً أَيْ فِي عَادَةِ النَّاسِ لَا بِحَسَبِ عَادَةِ الْمُلْتَذِّ وَحْدَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَنْضَبِطُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا عَادَةُ النَّاسِ الْغَالِبَةُ وَإِلَّا لَاخْتَلَفَ الْحُكْمُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ بِهِ عَادَةً الْمَحْرَمُ أَيْ فَلَمْسُهَا لَا يَنْقُضُ وَلَوْ قَصَدَ اللَّامِسُ اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ لَا يُلْتَذُّ بِهَا فِي عَادَةِ النَّاسِ وَقَوْلُهُ عَلَى قَوْلٍ أَيْ ضَعِيفٍ وَقَوْلُهُ وَسَيَأْتِي أَيْ ذَلِكَ الْقَوْلُ لِلْمُصَنِّفِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَمْسَ الْمَحْرَمِ نَاقِضٌ مَعَ وُجُودِ اللَّذَّةِ لَا مَعَ قَصْدِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى) أَيْ خَرَجَ لَمْسُهَا أَيْ لَمْسُ جَسَدِهَا.

وَأَمَّا اللَّذَّةُ بِفَرْجِهَا، فَإِنَّهَا نَاقِضَةٌ وَلَوْ كَانَتْ عَادَةُ مَنْ الْتَذَّ بِهِ عَدَمَ اللَّذَّةِ قَالَهُ عج وَلَكِنْ سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ النَّقْضِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ) أَيْ وَلَوْ قَصَدَ بِاللَّمْسِ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا؛ لِأَنَّهَا لَذَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ وَهَذَا بِخِلَافِ اللَّذَّةِ بِفُرُوجِ الدَّوَابِّ، فَإِنَّهَا مُعْتَادَةٌ فَيُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِهَا مَعَ الْقَصْدِ أَوْ الْوِجْدَانِ كَمَا يُفِيدُهُ عج وَهُوَ مَا لِلْمَازِرِيِّ وَعِيَاضٍ وَفِي تت أَنَّ فَرْجَ الْبَهِيمَةِ كَجَسَدِهَا لَا يَكُونُ لَمْسُهُ نَاقِضًا وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ وَهُوَ مَا لِلْجَلَّابِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَمْسَ فُرُوجِ الدَّوَابِّ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ خِلَافٌ كَمَا فِي بْن وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اعْتَرَضَ مَا لِلْمَازِرِيِّ بِمُبَايَنَةِ الْجِنْسِيَّةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اللَّذَّةِ بِجَسَدِ

ص: 119

(وَلَوْ) كَانَ اللَّمْسُ (لَظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ) أَوْ سِنٍّ مُتَّصِلَةٍ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ لَا يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ الْأَمْرَدُ مَنْ نَبَتَ عَذَارَاهُ، فَإِنَّهُ يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً (أَوْ) كَانَ اللَّمْسُ فَوْقَ (حَائِلٍ) وَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ (وَأُوِّلَ) الْحَائِلُ (بِالْخَفِيفِ) أَيْ حُمِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يَحُسُّ اللَّامِسُ فَوْقَهُ بِطَرَاوَةِ الْجَسَدِ بِخِلَافِ الْكَثِيفِ (وَ) أُوِّلَ (بِالْإِطْلَاقِ) أَيْ وَلَوْ كَثِيفًا إبْقَاءً لَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَمَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يَضُمَّ أَوْ يَقْبِضْ بِيَدِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْجَسَدِ وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى النَّقْضِ (إنْ قَصَدَ) صَاحِبُ اللَّمْسِ مِنْ لَامِسٍ وَمَلْمُوسٍ بِلَمْسِهِ (لَذَّةً) وَجَدَهَا أَوْ لَا (أَوْ) لَمْ يَقْصِدْ وَ (وَجَدَهَا) حِينَ اللَّمْسِ لَا إنْ وَجَدَهَا بَعْدَهُ مِنْ التَّفَكُّرِ وَلَا يَنْقُضُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي اللَّمْسِ أَنْ يَكُونَ بِعُضْوٍ أَصْلِيٍّ أَوْ لَهُ إحْسَاسٌ بَلْ مَتَى قَصَدَ أَوْ وَجَدَ وَلَوْ بِعُضْوٍ زَائِدٍ لَا إحْسَاسَ لَهُ نُقِضَ بِخِلَافِ مَنْ مَسَّ بِعُودٍ أَوْ ضَرَبَ شَخْصًا بِكُمٍّ قَاصِدًا اللَّذَّةَ فَلَا نَقْضَ (لَا) إنْ (انْتَفَيَا) أَيْ الْقَصْدُ وَاللَّذَّةُ فَلَا نَقْضَ

(إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ) أَيْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا تَنْقُضُ وُضُوءَهُمَا مَعًا (مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ انْتَفَى الْقَصْدُ وَاللَّذَّةُ مَعًا لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ إنْ كَانَ بَالِغَيْنِ أَوْ الْبَالِغَ مِنْهُمَا إنْ كَانَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُشْتَهَى عَادَةً كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ، وَأَمَّا الْقُبْلَةُ عَلَى الْخَدِّ فَتَجْرِي عَلَى تَفْصِيلِ اللَّمْسِ وَتَنْقُضُ الْقُبْلَةُ عَلَى الْفَمِ مُطْلَقًا (وَإِنْ) وَقَعَتْ (بِكُرْهٍ أَوْ اسْتِغْفَالٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الدَّوَابِّ جَسَدُ آدَمِيَّةِ الْمَاءِ، فَإِنَّ اللَّذَّةَ بِهِ مُعْتَادَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَنَّ تَقْبِيلَ فَمِهَا كَفَمِهِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ اللَّمْسُ لِظُفْرٍ) أَيْ وَكَذَا إنْ كَانَ بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَعْرٍ أَيْ لَا إنْ كَانَ اللَّمْسُ بِهِ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: أَيْ حُمِلَ عَلَيْهِ) أَيْ حُمِلَ الْحَائِلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْخَفِيفِ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَثِيفِ) أَيْ فَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِالْمَسِّ مِنْ فَوْقِهِ (قَوْلُهُ: وَأُوِّلَ بِالْإِطْلَاقِ) أَيْ وَحُمِلَ الْحَائِلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْقَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَيُسْتَثْنَى مَا عَظُمَتْ كَثَافَتُهُ كَاللِّحَافِ فَلَا نَقْضَ بِهِ اتِّفَاقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَضُمَّ) أَيْ اللَّامِسُ الْمَلْمُوسَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْبِضْ) أَيْ اللَّامِسُ وَقَوْلُهُ مِنْ الْجَسَدِ أَيْ جَسَدِ الْمَلْمُوسِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى النَّقْضِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ هُنَاكَ قَصْدًا أَوْ وُجْدَانًا لَا مُطْلَقًا كَمَا تُوُهِّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ لَذَّةً) مِنْ أَفْرَادِ قَصْدِ اللَّذَّةِ الِاخْتِيَارُ هَلْ يَلْتَذُّ أَمْ لَا كَمَا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: مِنْ لَامِسٍ وَمَلْمُوسٍ) الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى اللَّامِسِ؛ لِأَنَّ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ أَمَّا الْمَلْمُوسُ فَلَا يُنْتَقَضُ إلَّا إذَا وَجَدَ اللَّذَّةَ.

وَأَمَّا إذَا قَصَدَهَا فَلَا يُقَالُ لَهُ مَلْمُوسٌ بَلْ لَامِسٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ تَوَسَّطَ بَيْنَ إطْلَاقِ الشَّافِعِيَّةِ النَّقْضَ وَإِطْلَاقِ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمَهُ وَلَوْ قَبَّلَ فَمَهَا إلَّا الْمُلَامَسَةَ الْفَاحِشَةَ وَهِيَ وَضْعُ الذَّكَرِ عَلَى الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: بَلْ مَتَى قَصَدَ أَوْ وَجَدَ وَلَوْ بِعُضْوٍ زَائِدٍ لَا إحْسَاسَ لَهُ نَقَضَ) وَذَلِكَ لِتَقَوِّيهِ بِالْقَصْدِ أَوْ الْوِجْدَانِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي مَسِّ الذَّكَرِ وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ بِالْإِطْلَاقِ فِي الْحَائِلِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ النَّقْضِ بِاللَّمْسِ بِالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ مُطْلَقًا هُوَ مَا فِي عبق وَنَازَعَهُ بْن فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ إنَّ إطْلَاقَهُمْ النَّقْضَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ وَإِنْ انْتَفَى الْقَصْدُ وَالْوَجْدُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ اللَّمْسِ وَحِينَئِذٍ فَتَقْيِيدُهُمْ فِي مَسِّ الذَّكَرِ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَةَ بِالْإِحْسَاسِ يُفِيدُ التَّقْيِيدَ هُنَا بِالْأَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ مَسَّ بِعُودٍ إلَخْ) وَلَا يُقَاسُ الْعُودُ عَلَى الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ الَّتِي لَا إحْسَاسَ لَهَا لِانْفِصَالِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي النَّقْضِ أَنْ يَكُونَ اللَّمْسُ بِعُضْوٍ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْإِحْسَاسُ فِي الزَّائِدِ أَوْ لَا، فِيهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ، فَلَوْ مَسَّ بِغَيْرِ عُضْوٍ فَلَا نَقْضَ وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَالْمُرَادُ بِالْعُضْوِ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ اللَّمْسُ بِالظُّفْرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا إنْ انْتَفَيَا) إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومَ شَرْطٍ وَهُوَ يَعْتَبِرُهُ لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهِ) جَعَلَ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَلَى دَفْعًا لِمَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِفَمٍ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقُبْلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْفَمِ أَيْ

وَأَمَّا الْقُبْلَةُ عَلَى الْخَدِّ أَوْ عَلَى أَيِّ عُضْوٍ كَانَ فَتَجْرِي عَلَى الْمُلَامَسَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَلِكَ الْقُبْلَةُ عَلَى الْفَرْجِ كَمَا قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ ذَلِكَ وَلَا تَشْتَهِيهِ وَجَزَمَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ بِأَنَّهَا مِثْلُ الْقُبْلَةِ عَلَى الْفَمِ فِي كَوْنِهَا تَنْقُضُ مُطْلَقًا بَلْ هِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَوْ انْتَفَى الْقَصْدُ وَاللَّذَّةُ) أَيْ الْمَوْضُوعُ أَنَّ الْقُبْلَةَ عَلَى فَمِ مَنْ يَلْتَذُّ بِهِ عَادَةً كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُ الشَّارِحِ قَرِيبًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الصَّوْتِ فِي تَحَقُّقِ التَّقْبِيلِ كَمَا يَأْتِي فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَنْتَفِي فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَا بَالِغَيْنِ) شَرْطٌ فِي نَقْضِ الْقُبْلَةِ لِوُضُوءِ كُلٍّ مِنْ الْمُقَبِّلِ وَالْمُقَبَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْبَالِغَ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ أَوْ تَنْقُضُ وُضُوءَ الْبَالِغِ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُقَبِّلَ أَوْ كَانَ الْمُقَبَّلَ إنْ كَانَ غَيْرُ الْبَالِغِ مِمَّنْ يُشْتَهَى عَادَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُبْلَةَ عَلَى الْفَمِ إنَّمَا تَنْقُضُ إذَا كَانَتْ عَلَى فَمِ مَنْ يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً وَلَوْ كَانَ ذَا لِحْيَةٍ صَغِيرَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَى فَمِ مُلْتَحٍ لِحْيَةً كَبِيرَةً أَوْ عَلَى فَمِ عَجُوزٍ فَلَا تَنْقُضُ وَلَوْ قَصَدَ الْمُقَبِّلُ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا كَمَا أَنَّ الْقُبْلَةَ عَلَى فَمِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى لَا تَنْقُضُ

ص: 120

مِنْ رَجُلٍ لِامْرَأَةٍ أَوْ الْعَكْسِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّقْضِ بِهَا الطَّوْعُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ وَدَاعٍ وَرَحْمَةٍ (لَا) إنْ كَانَتْ الْقُبْلَةُ بِفَمٍ (لِوَدَاعٍ) عِنْدَ فِرَاقٍ (أَوْ رَحْمَةٍ) أَيْ شَفَقَةٍ عِنْدَ وُقُوعِ الْمُقَبَّلِ فِي شِدَّةٍ كَمَرَضٍ فَلَا نَقْضَ مَا لَمْ يَلْتَذَّ

(وَلَا) يَنْقُضُهُ (لَذَّةٌ بِنَظَرٍ) وَلَوْ تَكَرَّرَ (كَإِنْعَاظٍ) أَيْ قِيَامِ ذَكَرٍ فَلَا يَنْقُضُ وَلَوْ طَالَ مَا لَمْ يُمْذِ (وَ) لَا يَنْقُضُهُ (لَذَّةٌ بِمُحَرَّمٍ) مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) خِلَافَ الرَّاجِحِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ وُجُودَ اللَّذَّةِ بِالْمُحْرِمِ نَاقِضٌ قَصَدَ أَوْ لَا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْقَصْدِ فَلَا يَنْقُضُ مَا لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا نَقَضَهُ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَلْتَذَّ بِمَحْرَمِهِ لِدَنَاءَةِ أَخْلَاقِهِ لَا كُلُّ مُرْتَكِبِ كَبِيرَةٍ

(وَ) النَّوْعُ الثَّالِثُ (مُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ الْمُتَّصِلِ) مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ إنْ كَانَ بَالِغًا (وَلَوْ) كَانَ الْمَاسُّ (خُنْثَى مُشْكِلًا) سَوَاءٌ كَانَ الْمَسُّ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا الْتَذَّ أَوْ لَا مِنْ الْكَمَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَالْإِطْلَاقُ فِي الْمَاسِّ وَالْمَمْسُوسِ لَا إنْ مَسَّ ذَكَرَ غَيْرِهِ فَيَجْرِي عَلَى الْمُلَامَسَةِ وَلَا الْمَقْطُوعُ وَلَوْ الْتَذَّ وَلَا إنْ كَانَ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ وَلَوْ خَفِيفًا مَا لَمْ يَكُنْ كَالْعَدَمِ وَلَا إنْ كَانَ صَبِيًّا وَالْخُنْثَى الْمُحَقَّقُ أَمْرُهُ وَاضِحٌ (بِبَطْنٍ) لِكَفِّ الْمَاسِّ (أَوْ جَنْبٍ لِكَفٍّ) لَا بِظَهْرِهِ وَلَا بِذِرَاعِهِ (أَوْ) بَطْنِ أَوْ جَنْبِ (إصْبَعٍ) وَرُءُوسُ الْأَصَابِعِ كَجَنْبِهَا لَا بِظُفْرٍ (وَإِنْ) كَانَ الْأُصْبُعُ (زَائِدًا حَسَّ) أَيْ وَتَصَرَّفَ كَإِخْوَتِهِ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَوْ وَجَدَهَا الْمُقَبِّلُ فَالْمُعْتَبَرُ عَادَةُ النَّاسِ لَا عَادَةُ الْمُقَبِّلِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَبَّلَ شَيْخٌ شَيْخَةً لَانْتَقَضَ وُضُوءُ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْمَشَايِخِ اللَّذَّةُ بِالنِّسَاءِ الْكِبَارِ وَفِي ح لَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي تَقْبِيلِ الْمَرْأَةِ لِمِثْلِهَا اهـ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ النَّقْضَ لِتَلَذُّذِ الْمَرْأَةِ بِمِثْلِهَا كَالْغُلَامِ بِمِثْلِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ لِلْمَازِرِيِّ مَا نَصُّهُ وَعَلَّلَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ النَّقْضِ بِمَسِّ الْمَحْرَمِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِلشَّهْوَةِ فَأَشْبَهَ لَمْسَ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِلْمَرْأَةِ اهـ فَجُعِلَ لَمْسُ الْمَرْأَةِ لِمِثْلِهَا غَيْرَ نَاقِضٍ كَلَمْسِ الرَّجُلِ لِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ رَجُلٍ لِامْرَأَةٍ أَوْ الْعَكْسِ) يَعْنِي مَثَلًا أَوْ مِنْ رَجُلٍ لِرَجُلٍ يُشْتَهَى عَادَةً أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ لِمِثْلِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ الْقُبْلَةُ بِفَمٍ) أَيْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَرَضٍ) أَيْ أَوْ قُدُومٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ خَلَاصٍ مِنْ يَدِ ظَالِمٍ.

(قَوْلُهُ: كَإِنْعَاظٍ) أَيْ عِنْدَ تَفَكُّرٍ فَلَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِمْذَاءَ بِالْإِنْعَاظِ أَوْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ: إنَّ الْإِنْعَاظَ يَنْقُضُ مُطْلَقًا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ إنْ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ لَا يُمْذِي فَلَا نَقْضَ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ يُمْذِي نَقَضَ وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا حَصَلَ مُجَرَّدُ الْإِنْعَاظِ مِنْ غَيْرِ إمْذَاءٍ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى النَّقْضِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْقُضُهُ لَذَّةٌ بِمَحْرَمٍ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا أَوْ قَصَدَهَا فَقَطْ أَوْ وَجَدَهَا فَقَطْ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ الْجَلَّابِ (قَوْلُهُ: مِنْ قَرَابَةٍ) كَعَمَّتِهِ أُخْتِ أَبِيهِ وَخَالَتِهِ أُخْتِ أُمِّهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ صِهْرٍ أَيْ كَعَمَّةِ زَوْجَتِهِ وَخَالَتِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ رَضَاعٍ أَيْ كَعَمَّتِهِ أَوْ خَالَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ كَأُخْتِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْرَمِ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ اللَّامِسِ، فَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ بِلَمْسِهَا لِظَنِّهِ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَظَهَرَتْ أَنَّهَا مَحْرَمٌ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَلَوْ قَصَدَ مَسَّهَا لِلَّذَّةِ ظَانًّا أَنَّهَا مَحْرَمٌ فَظَهَرَ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَلَا نَقْضَ؛ لِأَنَّهَا مَحْرَمٌ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ اللَّامِسِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ وُجُودَ اللَّذَّةِ بِالْمَحْرَمِ إلَخْ) هَذَا مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْقَصْدِ) أَيْ بِخِلَافِ قَصْدِهَا الْمُجَرَّدِ عَنْ وُجُودِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ (قَوْلُهُ: نَقَضَهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَنْقُضُهُ الْوِجْدَانُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْفَاسِقِ.

(قَوْلُهُ: وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ) أَيْ وَمَسُّ ذَكَرِهِ مُطْلَقًا وَفَسَّرَ الشَّارِحُ الْإِطْلَاقَ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ وَالْإِضَافَةُ فِي ذَكَرِهِ لِلْجِنْسِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ الْأَصْلِيِّ وَالزَّائِدِ إنْ كَانَ لَهُ إحْسَاسٌ وَقَرُبَ مِنْ الْأَصْلِيِّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إحْسَاسُ الذَّكَرِ إذَا كَانَ أَصْلِيًّا بِخِلَافِ الزَّائِدِ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَالِغًا) أَيْ لِأَنَّ الْمَسَّ إنَّمَا أَوْجَبَ النَّقْضَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِحُصُولِ الْحَدَثِ وَهُوَ الْمَذْيُ، وَالصَّبِيُّ لَا مَذْيَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ مَسَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ ذَكَرَهُ لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَسُّ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا) الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِغَيْرِ عَمْدٍ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا وُضُوءَ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَيَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: فَالْإِطْلَاقُ فِي الْمَاسِّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا الْتَذَّ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَالْمَمْسُوسُ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ الْمَسِّ لِلْكَمَرَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَذَّ) أَيْ بِمَسِّهِ بَعْدَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ كَانَ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ وَلَوْ خَفِيفًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ النَّقْضِ مُطْلَقًا إذَا كَانَ الْمَسُّ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ وَهِيَ عَدَمُ النَّقْضِ مُطْلَقًا وَالنَّقْضُ مُطْلَقًا وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيفِ فَيُنْتَقَضُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بِبَطْنِ الْكَفِّ الْمَاسِّ) الظَّاهِرُ النَّقْضُ بِمَسِّ الْكَفِّ الَّذِي فِي الْمَنْكِبِ وَاَلَّذِي فِي الْيَدِ الزَّائِدَةِ إنْ كَانَتْ تُغْسَلُ فِي الْوُضُوءِ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: لَا بِظَهْرِهِ وَلَا بِذِرَاعِهِ) أَيْ وَلَوْ قَصَدَ لَذَّةً وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ النَّقْضَ بِذَلِكَ إنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَجَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: حَسَّ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَحَسَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِحْسَاسِ لَا مِنْ الْحِسِّ (قَوْلُهُ: أَيْ وَتَصَرَّفَ كَإِخْوَتِهِ) أَيْ وَإِنْ شَكًّا قِيَاسًا عَلَى الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ كَمَا وَجَّهُوا مَسَّ الْخُنْثَى لِذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَا إحْسَاسَ لَهُ أَوْ كَانَ فِيهِ إحْسَاسٌ

ص: 121

وَيُشْتَرَطُ الْإِحْسَاسُ فِي الْأَصْلِيَّةِ أَيْضًا

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا لَيْسَ بِحَدَثٍ وَلَا سَبَبٍ وَهُوَ شَيْئَانِ: الْأَوَّلُ مَا أَشَارَ لَهُ بِالْعَطْفِ عَلَى بِحَدَثٍ مُعِيدًا لِلْعَامِلِ بِقَوْلِهِ (وَ) نُقِضَ (بِرِدَّةٍ) وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي إبْطَالِهَا الْغُسْلَ قَوْلَانِ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْإِبْطَالَ

وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَ) نُقِضَ (بِشَكٍّ) أَيْ تَرَدُّدٍ مُسْتَوٍ فَأَوْلَى بِظَنٍّ بِخِلَافِ الْوَهْمِ (فِي) حُصُولِ (حَدَثٍ) أَيْ نَاقِضٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَكِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ إخْوَتِهِ تَحْقِيقًا فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْإِحْسَاسُ فِي الْأَصْلِيَّةِ أَيْضًا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُسَاوِي إخْوَتَهَا فِي التَّصَرُّفِ فَالْمَدَارُ فِي الْأَصْلِيَّةِ عَلَى الْإِحْسَاسِ بِخِلَافِ الزَّائِدَةِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا.

(قَوْلُهُ: وَنُقِضَ بِرِدَّةٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَرَوَى مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَدْبُ الْوُضُوءِ مِنْ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ لِاعْتِبَارِ الرِّدَّةِ مِنْهُ وَصَرَّحَ خش فِي كَبِيرِهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي إبْطَالِهَا الْغُسْلَ) أَيْ وَعَدَمُ إبْطَالِهَا لَهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَرَجَّحَهُ بَهْرَامُ فِي صَغِيرِهِ وَالثَّانِي لِابْنِ جَمَاعَةَ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ح تَرْجِيحُهُ وَتَبِعَهُ عج وَوَجْهُ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِحَبْطِ الْأَعْمَالِ بِالرِّدَّةِ أَنَّ الْأَعْمَالَ نَفْسَهَا تَبْطُلُ بَلْ بُطْلَانُ ثَوَابِهَا فَقَطْ فَلِذَا لَا يُطْلَبُ بَعْدَهَا بِقَضَاءِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ فَكَذَا مَا قَدَّمَهُ مِنْ غُسْلٍ فَهُوَ وَإِنْ حَبِطَ ثَوَابُهُ بِهَا لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ بَعْدُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَلَغَ حِينَئِذٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِمُوجِبِهِ وَهُوَ إرَادَةُ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِوُقُوعِ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ نَفْسَ الْأَعْمَالِ، فَإِذَا ارْتَدَّ وَبَطَلَ عَمَلُهُ رَجَعَ الْأَمْرُ لِكَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِالْحَدَثِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ ذَلِكَ الْحَدَثُ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْإِبْطَالَ) لَا يُقَالُ إنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا الرِّدَّةَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ بَلْ اقْتَصَرُوا عَلَى الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ.

(قَوْلُهُ: وَنُقِضَ بِشَكٍّ فِي حَدَثٍ بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِذَلِكَ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ فَقَطْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى أَنَّ الذِّمَّةَ عَامِرَةٌ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى اسْتِصْحَابِ مَا كَانَ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ تَأَمَّلَ عَلِمَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ لَا فِيمَا هُوَ شَرْطٌ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الْحَدَثُ لَا الْوُضُوءُ وَالْمَعْرُوفُ إلْغَاءُ الشَّكِّ فِي الْمَانِعِ فَكَانَ الْوَاجِبُ طَرْحَ ذَلِكَ الشَّكِّ وَإِلْغَاءَهُ اهـ وَإِنَّمَا كَانَ الشَّكُّ فِي الْمَانِعِ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى حَالِهِ وَعَدَمُ طُرُوُّ الْمَانِعِ وَكَانَ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ يُؤَثِّرُ الْبُطْلَانَ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ عَامِرَةٌ لَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: الْمَشْكُوكُ فِيهِ الْحَدَثُ لَا الْوُضُوءُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْآخَرِ فَمَنْ شَكَّ فِي وُجُودِ زَيْدٍ فِي الدَّارِ فَقَدْ شَكَّ فِي عَدَمِ كَوْنِهِ

ص: 122

فَيَشْمَلُ السَّبَبَ مَا عَدَا الشَّكَّ فِي الرِّدَّةِ فَلَا أَثَرَ لَهُ لَا فِي وُضُوءٍ وَلَا غَيْرِهِ (بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ إلَّا) الشَّكَّ (الْمُسْتَنْكِحَ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ الَّذِي يَعْتَرِي صَاحِبَهُ كَثِيرًا بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَلَا يَنْقُضُ وَلَا يُضَمُّ شَكٌّ فِي الْمَقَاصِدِ كَالصَّلَاةِ إلَى شَكٍّ فِي الْوَسَائِلِ كَالْوُضُوءِ، فَإِذَا كَانَ يَأْتِيهِ يَوْمًا فِي الصَّلَاةِ وَآخَرَ فِي الْوُضُوءِ نَقَضَ وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الشَّكُّ فِي حُصُولِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ حَدَثٍ عُلِمَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَلَوْ مُسْتَنْكِحًا (وَ) نُقِضَ (بِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا) أَيْ فِي السَّابِقِ مِنْ الطُّهْرِ وَالْحَدَثِ سَوَاءٌ كَانَا مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالثَّانِي مَشْكُوكًا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْتَنْكِحًا أَمْ لَا بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْمُسْتَنْكِحِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ النَّوَاقِضِ أَتْبَعَهَا بِمَا لَيْسَ مِنْهَا مِمَّا وَقَعَ فِيهَا الْخِلَافُ وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ فَقَالَ (لَا) يُنْقَضُ الْوُضُوءُ (بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ) وَلَوْ الْتَذَّ (أَوْ) بِمَسِّ (فَرْجِ صَغِيرَةٍ) وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِالْفِعْلِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا عَدَمَ النَّقْضِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا مَسُّ جَسَدِهَا فَلَا يَنْقُضُ وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ أَوْ قَبَّلَهَا بِفَمٍ (وَ) لَا (قَيْءٍ) وَقَلْسٍ (وَأَكْلُ لَحْمِ جَزُورٍ) أَيْ إبِلٍ (وَذَبْحٍ وَحِجَامَةٍ وَفَصْدٍ وَقَهْقَهَةٍ بِصَلَاةٍ وَ) لَا (مَسَّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا) أَلْطَفَتْ أَمْ لَا قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ) ، فَإِنْ أَلْطَفَتْ انْتَقَضَ وَالْإِلْطَافُ أَنْ تُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ يَدِهَا فِي فَرْجِهَا

(وَنُدِبَ) لِكُلِّ أَحَدٍ وَتَأَكَّدَ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ (غَسْلُ فَمٍ) وَيَدٍ (مِنْ لَحْمٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِيهَا وَمَنْ شَكَّ فِي وُجُودِ الْحَدَثِ فَقَدْ شَكَّ فِي وُجُودِ الطَّهَارَةِ حِينَ شَكِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ فَالشَّكُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ شَكٌّ فِي الشَّرْطِ وَهُوَ مُؤَثِّرٌ نَقَلَهُ بْن عَنْ شَيْخِهِ سَيِّدِي أَحْمَدَ بْنِ مُبَارَكٍ وَقَدْ يُقَالُ الْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ الْمَانِعُ.

وَأَمَّا الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي عَكْسِ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ اللُّزُومَ فَكُلُّ شَكٍّ فِي الْمَانِعِ يَسْتَلْزِمُ الشَّكَّ فِي الشَّرْطِ.

إنْ قُلْت حَيْثُ كَانَ التَّحْقِيقُ: إنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ فَلِمَ اُعْتُبِرَ وَجُعِلَ نَاقِضًا عَلَى الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ يُلْغَى كَالشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَحُصُولِ الرَّضَاعِ قُلْتُ كَأَنَّهُمْ رَاعَوْا سُهُولَةَ الْوُضُوءِ وَكَثْرَةَ نَوَاقِضِهِ فَاحْتَاطُوا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا هَذَا وَذَكَرَ ح عَنْ سَنَدٍ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ لَهُ صُورَتَانِ الْأُولَى مَنْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا بَعْدَ وُضُوئِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يُتَخَيَّلَ لَهُ أَنَّ شَيْئًا حَاصِلًا مِنْهُ بِالْفِعْلِ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ حَدَثٌ أَوْ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْوَهْمِ فَلِذَا أُلْغِيَ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ السَّبَبَ) أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ حَصَلَ مِنْهُ لَمْسٌ بِلَذَّةٍ أَوْ مَسٌّ لِذَكَرِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرَهُ) أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ حَصَلَتْ مِنْهُ رِدَّةٌ أَوْ لَا، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وُضُوءَهُ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً) .

وَأَمَّا لَوْ أَتَى يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ وَقَالَ عج الْأَلْيَقُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ أَيْ بِالْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ السَّهْلَةِ أَنَّ إتْيَانَهُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ مُسْتَنْكِحٌ كَالْمُسَاوِي فِي السَّلَسِ فَأَجْرَاهُ عَلَيْهِ لَكِنْ قَدَحَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُضَمُّ شَكٌّ فِي الْمَقَاصِدِ إلَخْ) وَأَمَّا الشَّكُّ فِي الْوَسَائِلِ فَيُضَمُّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ فَإِذَا أَتَاهُ الشَّكُّ يَوْمًا فِي الْغُسْلِ وَيَوْمًا فِي الْوُضُوءِ فَلَا نَقْضَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّهَارَةَ كُلَّهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَيُضَمُّ الشَّكُّ فِي الْوُضُوءِ لِلشَّكِّ فِي الْغُسْلِ وَالنَّجَاسَةِ وَكَذَا الْعَكْسِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْتَنْكِحًا أَمْ لَا) هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ كَمَا فِي طفى نَقْلًا عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَيَّدَهُ بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ وَجَعَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ شَكَّ هَلْ غَسَلَ وَجْهَهُ أَمْ لَا أَتَى بِهِ وَهَلْ وَلَوْ مُسْتَنْكِحًا أَوْ يُلْهَى عَنْهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: لَا يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ) أَيْ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا دُبُرُ الْغَيْرِ فَيَجْرِي عَلَى الْمُلَامَسَةِ وَكَذَا إنْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ وَكَانَ لَهُ ثُقْبَةٌ فَلَا يَنْقُضُ مَسُّهَا بِالْأَوْلَى مِنْ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِالْفِعْلِ) أَيْ، فَإِنْ الْتَذَّ بِالْفِعْلِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ اللَّذَّةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ بَعْضِهِمْ) أَرَادَ بِهِ عج قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ مَالِكٌ لَا وُضُوءَ فِي قُبْلَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فِي مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا فِي قُبْلَةِ الصَّبِيَّةِ وَمَسِّ فَرْجِهَا إلَّا لِلَّذَّةِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ نَحْوَهُ فِي مَسِّ فَرْجِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَرَوَى عَنْهُ عَلِيٌّ لَا وُضُوءَ فِي مَسِّ فَرْجِ صَبِيٍّ أَوْ صَبِيَّةٍ يُرِيدُ إلَّا اللَّذَّةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَدَمَ النَّقْضِ مُطْلَقًا) أَيْ لِعَدَمِ اللَّذَّةِ بِذَلِكَ عَادَةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَرَافِيِّ وَرَجَّحَهُ ح وَبَهْرَامُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ رَاجِحٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ) أَيْ كَمَا قَالَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْإِلْطَافِ وَعَدَمِهِ انْتَهَى قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ تَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَ بِعَدَمِ النَّقْضِ مُطْلَقًا وَجَعْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرَهَا مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ عج ثُمَّ قَالَ بْن وَنَقَلَ الْقَبَّابُ عَنْ عِيَاضٍ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ مَسُّهَا لِفَرْجِهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَسُّ بِلَذَّةٍ وَجَبَ الْوُضُوءُ كَالْمُلَامَسَةِ اهـ كَلَامُ بْن.

(قَوْلُهُ: لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مُرِيدٍ لِلصَّلَاةِ أَمْ لَا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُتَوَضِّئِ؛ لِأَنَّ لَهَا تَعَلُّقًا بِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ تَأَكُّدُ النَّدْبِ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ

ص: 123

(وَلَبَنٍ) وَسَائِرُ مَا فِيهِ مِنْ دُسُومَةٍ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ بِمَا يَقْطَعُ الرَّائِحَةَ كَأُشْنَانٍ وَصَابُونٍ وَغَاسُولٍ وَيُكْرَهُ بِمَا فِيهِ طَعَامٌ كَدَقِيقِ التُّرْمُسِ

(وَ) نُدِبَ (تَجْدِيدُ وُضُوءٍ) لِصَلَاةٍ وَلَوْ نَافِلَةً أَوْ طَوَافٍ لَا لِغَيْرِهِمَا كَمَسِّ مُصْحَفٍ (إنْ صَلَّى بِهِ) وَلَوْ نَفْلًا أَوْ فَعَلَ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ عَلَى الرَّاجِحِ فَلَوْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ لَمْ يَجُزْ التَّجْدِيدُ أَيْ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ

(وَلَوْ شَكَّ) أَيْ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ (فِي) أَثْنَاءِ (صَلَاتِهِ) بَعْدَ أَنْ دَخَلَهَا جَازِمًا بِالطُّهْرِ هَلْ نُقِضَ قَبْلَ دُخُولِهَا أَوْ هَلْ نُقِضَ بَعْدُ أَوْ لَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّمَادِي فِيهِمَا (ثُمَّ) إذَا (بَانَ) أَيْ ظَهَرَ لَهُ (الطُّهْرُ) فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا (لَمْ يُعِدْ) صَلَاتَهُ لِبَقَاءِ الطَّهَارَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ أَعَادَهَا لِنَقْضِ وُضُوئِهِ وَلَا يُعِيدُ مَأْمُومُهُ كَالنَّاسِي وَلَوْ شَكَّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ دُخُولُهَا لِانْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الطُّهْرُ وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ إنْ طَرَأَ فِيهَا لِأَنَّ دُخُولَهَا جَازِمًا بِالطُّهْرِ قَوَّى جَانِبَ الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ اسْمَ الْوُضُوءِ فِي حَدِيثِ «الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ بَرَكَةٌ وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ» (قَوْلُهُ: وَلَبَنٌ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَقَيَّدَهُ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَلِيبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فِيهِ دَسَمٌ.

وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ مَا فِيهِ دُسُومَةٌ) أَيْ وَدَكٌ كَالطَّبِيخِ بِأَنْوَاعِهِ، وَأَمَّا الطَّعَامُ الَّذِي لَا دُسُومَةَ فِيهِ كَالتَّمْرِ وَالسَّوِيقِ وَالشَّيْءِ الْجَافِّ الَّذِي يُذْهِبُهُ أَدْنَى الْمَسْحِ فَلَا يُطْلَبُ فِيهِ غَسْلُ فَمٍ وَلَا يَدٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ) أَيْ الْغَسْلُ بِمَا فِيهِ طَعَامٌ وَقَوْلُهُ كَدَقِيقِ التُّرْمُسِ أَيْ وَأَوْلَى دَقِيقُ الْعَدَسِ أَوْ الْفُولِ وَإِنَّمَا كَانَ دَقِيقُ التُّرْمُسِ طَعَامًا؛ لِأَنَّ التُّرْمُسَ مِنْ الْقَطَانِيِّ وَهِيَ طَعَامٌ وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ الْغُسْلَ بِدَقِيقِ التُّرْمُسِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ عِنْدَهُمْ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَجْدِيدُ وُضُوءٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ بِالْوُضُوءِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَصَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَهُ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ نَافِلَةً أَوْ أَرَادَ الطَّوَافَ لَا إنْ أَرَادَ مَسَّ الْمُصْحَفِ أَوْ الْقِرَاءَةَ ظَاهِرًا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَانْظُرْ مَا الَّذِي يَنْوِيهِ بِهَذَا الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمُجَدَّدِ إذَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْفَضِيلَةَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْفَرِيضَةَ، فَإِنْ نَوَاهَا كَانَ الْمُجَدَّدُ بَاطِلًا أَيْ إذَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ كَانَتْ نِيَّةُ الْفَرِيضَةِ كَافِيَةً فِي التَّجْدِيدِ كَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ السُّنَّةَ فَرْضٌ أَوْ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فَرَائِضُ (قَوْلُهُ: إنْ صَلَّى بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى بِهِ فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفْعَلْ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَوْ زِيَارَةِ وَلِيٍّ أَوْ دُخُولٍ عَلَى أَمِيرٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ التَّجْدِيدُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ تَوَضَّأَ أَوَّلًا وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يُجَدِّدَ بِحَيْثُ يُكْمِلُ الثَّلَاثَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ خِلَافٌ وَلَا يُقَالُ: إنَّ التَّجْدِيدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُوقِعُ فِي مَكْرُوهٍ وَهُوَ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ تَكْرَار مَسْحِ الرَّأْسِ بِمَاءِ جَدِيدٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّرْتِيبِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا هُنَا، فَإِنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ بَيْنَ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْكَرَاهَةُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاةٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا كَمَا فِي خش مَا قَابَلَ الْجَزْمَ فَيَشْمَلُ الظَّنَّ وَلَوْ كَانَ قَوِيًّا فَمَنْ ظَنَّ النَّقْضَ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي وُجُوبِ التَّمَادِي.

وَأَمَّا الْوَهْمُ فَلَا أَثَرَ لَهُ بِالْأَوْلَى مِمَّا إذَا حَصَلَ لَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: جَازِمًا بِالطُّهْرِ) أَيْ بِالْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ هَلْ نُقِضَ أَيْ الطُّهْرُ قَبْلَ دُخُولِهَا أَوْ لَمْ يُنْقَضْ بَيَانٌ لِلشَّكِّ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُنْتَقَضْ طُهْرُهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ التَّمَادِي) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْعِبَادَةِ وَهَذَا الْوُجُوبُ لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ) أَيْ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ) أَيْ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ الْقَائِلَيْنِ بِبُطْلَانِهَا بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ وَالْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ تَمَادٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَعَادَهَا (قَوْلُهُ: وَكَالنَّاسِي) أَيْ كَالْإِمَامِ إذَا صَلَّى مُحْدِثًا نَاسِيًا لِلْحَدَثِ، فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى مَأْمُومِهِ لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ إلَّا فِي سَبْقِ الْحَدَثِ وَنِسْيَانِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ شَكَّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا) أَيْ كَمَا هُوَ الْفَرْعُ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ دُخُولُهَا) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَنْ شَكَّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ وَمَنْ شَكَّ خَارِجَهَا طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ إلَخْ) الْأُولَى وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّمَادِي وَلَمْ يَقْطَعْ إذَا طَرَأَ فِيهَا إلَخْ بَقِيَ مَا إذَا شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَدَثُ فَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي

ص: 124

وَلَوْ شَكَّ فِيهَا هَلْ تَوَضَّأَ أَوْ لَا لَوَجَبَ الْقَطْعُ، وَاسْتَخْلَفَ إنْ كَانَ إمَامًا وَالْأَنْسَبُ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِهِ لَا بِمَسِّ دُبُرٍ إلَخْ

(وَمَنَعَ حَدَثٌ) أَصْغَرُ وَكَذَا أَكْبَرُ وَسَيَأْتِي أَيْ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالشَّخْصِ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ (صَلَاةً) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا وَمِنْهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ (وَطَوَافًا وَمَسَّ مُصْحَفٍ) كُتِبَ بِالْعَرَبِيِّ لَا بِالْعَجَمِيِّ إنْ مَسَّهُ بِعُضْوٍ بَلْ (وَإِنْ) مَسَّهُ (بِقَضِيبٍ) أَيْ عُودٍ (وَ) مَنَعَ (حَمْلَهُ وَإِنْ بِعِلَاقَةٍ) إنْ لَمْ يُجْعَلْ حِرْزًا وَإِلَّا جَازَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (أَوْ) وَإِنْ حَمَلَهُ فِي (وِسَادَةٍ) مُثَلَّثَةِ الْوَاوِ (إلَّا) أَنْ يَحْمِلَهُ (بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ) فَيَجُوزُ (وَإِنْ) حُمِلَتْ (عَلَى كَافِرٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهِ الْمُصْحَفُ مِنْ الْأَمْتِعَةِ أَمَّا إنْ قُصِدَا مَعًا وَأَوْلَى إنْ قُصِدَ الْمُصْحَفُ فَقَطْ بِالْحَمْلِ مُنِعَ وَمِثْلُ الْمَسِّ وَالْحَمْلِ كَتْبُهُ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ عَلَى الرَّاجِحِ

(لَا) يَمْنَعُ الْحَدَثُ مَسَّ وَحَمْلَ (دِرْهَمٍ) أَوْ دِينَارٍ فِيهِ قُرْآنٌ فَيَجُوزُ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ لِلْمُحْدِثِ وَلَوْ أَكْبَرَ (وَ) لَا (تَفْسِيرٍ) فَيَجُوزُ وَلَوْ لِجُنُبٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْحَدَثِ يَبْطُلُ وُضُوءُهُ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ كَانَ الشَّكُّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا وَوُجُوبُ التَّمَادِي إذَا حَصَلَ الشَّكُّ فِيهَا شَيْءٌ آخَرُ.

وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الشَّكُّ بَعْدَهَا فَلَا يَضُرُّ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ الْحَدَثَ.

وَأَمَّا اسْتِمْرَارُهُ عَلَى شَكِّهِ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِيهَا هَلْ تَوَضَّأَ) أَيْ بَعْدَ حُصُولِ الْحَدَثِ الْمُحَقَّقِ وَمِثْلُ هَذَا فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ مَا إذَا شَكَّ فِيهَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا بَعْدَ تَحَقُّقِهِمَا أَوْ ظَنِّهِمَا أَوْ تَحَقُّقِ أَحَدِهِمَا وَظَنِّ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا كَمَا جَزَمَ بِهِ عج وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ التَّمَادِي.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا أَكْبَرُ إلَخْ) الْأَوْلَى تَخْصِيصُهُ بِالْأَصْغَرِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْوَصْفُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَرَتُّبُهُ مِنْ أَجْلِ حَدَثٍ أَيْ خَارِجٍ مُعْتَادٍ أَوْ مِنْ أَجْلِ سَبَبٍ أَوْ مِنْ أَجْلِ غَيْرِهِمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَنْعَ الْمُتَرَتِّبَ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُوَ الْحُرْمَةُ وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْحُرْمَةِ تُمْنَعُ عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ فِي الْكَلَامِ تَهَافُتٌ (قَوْلُهُ: بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ) أَيْ وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فَيَحْرُمُ فِعْلُهُمَا مَعَ وُجُودِ الْحَدَثِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَمَسَّ مُصْحَفٍ) قَالَ ح نَقْلًا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ سَوَاءٌ كَانَ مُصْحَفًا جَامِعًا أَوْ جُزْءًا أَوْ وَرَقَةً فِيهَا بَعْضُ سُورَةٍ أَوْ لَوْحًا أَوْ كَتِفًا مَكْتُوبَةً اهـ وَلِجِلْدِ الْمُصْحَفِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ مِنْهُ حُكْمُهُ وَأَحْرَى طَرَفُ الْمَكْتُوبِ وَمَا بَيْنَ الْأَسْطُرِ (قَوْلُهُ: كُتِبَ بِالْعَرَبِيِّ) أَيْ وَمِنْهُ الْكُوفِيُّ (قَوْلُهُ: لَا بِالْعَجَمِيِّ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كُتِبَ بِالْعَجَمِيِّ لَجَازَ لِلْمُحْدِثِ مَسُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْقُرْآنِ كَذَا فِي ح كَمَا يَجُوزَ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُبَدَّلَةٍ وَالْأَقْرَبُ مَنْعُ كَتْبِ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ الْقَلَمِ الْعَرَبِيِّ كَمَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهُ بِغَيْرِ لِسَانِ الْعَرَبِ لِقَوْلِهِمْ الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ قَلَمًا غَيْرَ الْعَرَبِيِّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] اُنْظُرْ بْن وَمَا يَقَعُ مِنْ التَّمَائِمِ وَالْأَوْفَاقِ يُقْصَدُ بِهِ مُجَرَّدُ التَّبَرُّكِ بِالْأَعْدَادِ الْهِنْدِيَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِلْحُرُوفِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَمَحَلُّ امْتِنَاعِ مَسِّ الْمُحْدِثِ لِلْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ بِالْعَرَبِيِّ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الْغَرَقَ أَوْ الْحَرْقَ أَوْ اسْتِيلَاءَ يَدِ كَافِرٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ مَسُّهُ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا جَوَازُ كَتْبِهِ لِلسُّخُونَةِ وَتَبْخِيرِ مَنْ هِيَ بِهِ بِمَا كَتَبَ اللَّازِمَ مِنْهُ حَرَقَهُ حَيْثُ حَصَلَ الدَّوَاءُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ طَرِيقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِقَضِيبٍ) وَأَوْلَى بِحَائِلٍ وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ بَلْ عِنْدَهُمْ قَوْلٌ بِقَصْرِ الْحُرْمَةِ عَلَى مَسِّ النُّقُوشِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ وَالثَّانِي بِالْمَنْعِ وَظَاهِرُ ح تَسَاوِي الْقَوْلَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ وَالْخِلَافُ فِي حَمْلِ الْكَامِلِ الَّذِي جُعِلَ حِرْزًا.

وَأَمَّا غَيْرُ الْكَامِلِ الَّذِي جُعِلَ حِرْزًا فَيَجُوزُ حَمْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ وِسَادَةٍ) أَيْ أَوْ حَمَلَهُ بِالْوِسَادَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا كَالْكُرْسِيِّ وَالْمِخَدَّةِ الْمَجْعُولِ فَوْقَهَا وَقَدْ حَرَّمَ الشَّافِعِيَّةُ مَسَّ كُرْسِيِّهِ وَهُوَ عَلَيْهِ وَمَذْهَبُنَا وَسَطٌ وَهُوَ مَنْعُ حَمْلِهِ بِالْكُرْسِيِّ لَا مَسُّ الْكُرْسِيِّ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ وَلَا جَوَازُ مَسِّ الْكُرْسِيِّ وَحَمْلِهِ بِهِ كَمَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْمِلَهُ بِأَمْتِعَةٍ) أَيْ مَعَهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ قُصِدَا مَعًا) أَيْ بِالْحَمْلِ وَقَوْلُهُ مُنِعَ أَيْ مُنِعَ حَمْلُ الْمُحْدِثِ لَهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ كَافِرٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَنْعِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى هُوَ الْمُرْتَضَى وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ الْجَوَازِ حَيْثُ قُصِدَا مَعًا وَجَعَلَ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ خِلَافًا لتت حَيْثُ أَجَازَ كَتْبَهُ لِلْمُحْدِثِ لِمَشَقَّةِ الْوُضُوءِ كُلَّ سَاعَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَفْسِيرٍ فَيَجُوزُ) أَيْ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ وَالْمُطَالَعَةُ فِيهِ لِلْمُحْدِثِ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّفْسِيرِ مَعَانِي الْقُرْآنِ لَا تِلَاوَتُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كُتِبَتْ فِيهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَقَصَدَهَا بِالْمَسِّ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ الْقَائِلِ بِمَنْعِ مَسِّ تِلْكَ التَّفَاسِيرِ الَّتِي فِيهَا الْآيَاتُ الْكَثِيرَةُ مُتَوَالِيَةً مَعَ قَصْدِ

ص: 125