المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط صحة صلاة الجمعة] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ١

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ]

- ‌[شُرُوط الْوُضُوء]

- ‌(فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌[فَضَائِل الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]

- ‌(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مَنْدُوبَات الْغُسْل]

- ‌[صفة الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَمَسْحِ الْجَوْرَب]

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوط الْمَاسِح عَلَى الْخَفّ]

- ‌[مُبْطِلَات الْمَسْح عَلَى الْخَفّ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ

- ‌[شَرَائِط جَوَازِ التَّيَمُّم]

- ‌[مُوجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[وَاجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[سُنَن التَّيَمُّم]

- ‌[فَضَائِل التَّيَمُّم]

- ‌[مُبْطِلَات التَّيَمُّم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ

- ‌[شَرْط الْمَسْح عَلَى الْجُرْح]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌[بَيَان الْحَيْض وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌ مَوَانِعَ الْحَيْضِ

- ‌[بَيَان النِّفَاس وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْأَذَان وَمَنْدُوبَاته]

- ‌[مِنْ يَجُوز لَهُ الْأَذَان]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الشَّرْط الْأَوَّل وَالثَّانِي طَهَارَة الْحَدَث وَالْخَبَث]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌(فَصْلُ) (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌ مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا]

- ‌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ

- ‌[فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ]

- ‌[تَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ]

- ‌[تَرْتِيب الْفَوَائِت فِي أنفسها وَيَسِيرهَا مَعَ حَاضِرَة]

- ‌[مَا تَبْرَأ بِهِ الذِّمَّة عِنْد جَهْل الْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌ فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

- ‌[مِنْ تكره إمَامَته]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ

- ‌[فَصَلِّ الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[صِحَّة الِاسْتِخْلَاف]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌[الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْت وَأَسْبَاب الْجَمْع]

- ‌[صفة الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[سُنَن الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[الْأَعْذَار الْمُبِيحَة لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌[سُنَن صَلَاة الْعِيد]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد]

- ‌[كَيْفِيَّة أَدَاء صَلَاة الْعِيد وَمَنْدُوبَاتهَا]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامَ الْمَوْتَى]

- ‌[كَيْفِيَّة تَغْسِيل الْمَيِّت]

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ]

- ‌[مَنْدُوبَاتِ غُسْلِ الْمَيِّت]

- ‌ مُسْتَحَبَّاتِ الْكَفَنِ

- ‌ مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ

- ‌ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ

- ‌(زِيَارَةُ الْقُبُورِ)

- ‌[مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ]

- ‌[بَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[زَكَاةِ النَّعَمِ]

- ‌ زَكَاةِ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةُ النَّقْد]

- ‌[زَكَاة نَمَاءِ الْعَيْنِ]

- ‌ بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ

- ‌ زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ

- ‌[فَصْلٌ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌[جنس الصَّاع فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ الصِّيَامِ]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ

- ‌[شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار]

- ‌[أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْجَائِزَاتِ لِلصَّائِمِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]

- ‌[الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَا يَنْدُبُ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ]

- ‌ مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ

الفصل: ‌[شروط صحة صلاة الجمعة]

(إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْجَمْعَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ حَيْثُ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهُ جَمَعَ بِهَا مُنْفَرِدًا أَيْضًا لِعِظَمِ فَضْلِهَا عَلَى جَمَاعَةٍ غَيْرِهَا.

(وَلَا) يَجُوزُ الْجَمْعُ (إنْ حَدَثَ السَّبَبُ) مِنْ مَطَرٍ أَوْ سَفَرٍ (بَعْدَ) الشُّرُوعِ فِي (الْأُولَى) وَأَوْلَى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَلَا) تَجْمَعُ (الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ بِبَيْتِهِمَا) الْمُجَاوِرِ لِلْمَسْجِدِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِي عَدَمِ الْجَمْعِ (وَلَا) يَجْمَعُ (مُنْفَرِدٌ بِمَسْجِدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَجْمَعُ الْمُقَدَّرُ أَيْ بَلْ يَنْصَرِفُ لِيُصَلِّيَ الْعِشَاءَ بِبَيْتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا فَيَجْمَعُ كَمَا تَقَدَّمَ (كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ) أَيْ لَا مَشَقَّةَ (عَلَيْهِمْ) فِي إيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا كَأَهْلِ الزَّوَايَا وَالرُّبُطِ وَكَالْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ أَوْ تُرْبَةٍ إلَّا أَنْ يَجْمَعُوا تَبَعًا لِمَنْ يَأْتِي لِلصَّلَاةِ مَعَهُمْ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ

فَصْلٌ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَمُسْقِطَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (شَرْطُ) صِحَّةِ صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَحُكِيَ إسْكَانُهَا وَفَتْحُهَا وَكَسْرُهَا (وُقُوعُ كُلِّهَا) أَيْ جَمِيعِهَا (بِالْخُطْبَةِ) أَيْ مَعَ جِنْسِهَا الصَّادِقِ بِالْخُطْبَتَيْنِ (وَقْتَ الظُّهْرِ) فَلَوْ أَوْقَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يَصِحَّ

وَيَمْتَدُّ وَقْتُهَا مِنْ الزَّوَالِ (لِلْغُرُوبِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِأَنْ مُضْمَرَةٍ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الِاسْتِفْهَامِ، وَالْجَزْمُ عَطْفًا عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ بِالْفَاءِ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إنْ فَرَغُوا فَيُؤَخِّرْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَالْفِعْلُ مِنْ بَعْدِ الْجَزَا إنْ يَقْتَرِنْ

بِالْفَا أَوْ الْوَاوِ بِتَثْلِيثٍ قَمِنْ

(قَوْلُهُ إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا دَخَلَهَا بِالْفِعْلِ فَوَجَدَ إمَامَهَا قَدْ جَمَعَ وَالْحَالُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِغَيْرِهَا قَبْلَ دُخُولِهَا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ بِهَا قَبْلَ دُخُولِ الشَّفَقِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ فَإِنْ دَخَلَهَا بِالْفِعْلِ فَوَجَدَ إمَامَهَا قَدْ جَمَعَ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِغَيْرِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ صَلَّى الْمَغْرِبَ مَعَ الْعِشَاءِ جَمْعًا مُنْفَرِدًا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَعَلِمَ وَهُوَ خَارِجُهَا أَنَّ إمَامَهُ قَدْ جَمَعَ فَلَا يُطَالَبُ بِدُخُولِهَا وَيَبْقَى الْعِشَاءُ لِلشَّفَقِ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فَيُصَلُّونَ بِهَا أَفْذَاذًا إنْ دَخَلُوهَا فَيُقَيِّدُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ تَرَدَّدَ فِي الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى) لَكِنْ لَوْ جَمَعُوا لِحُدُوثِ السَّبَبِ بَعْدَ الْأُولَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا عِنْدَ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ كَمَا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ وَلَا الْمَرْأَةُ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَرْأَةِ وَالضَّعِيفِ بِبَيْتِهِمَا الْمُجَاوِرِ لِلْمَسْجِدِ اسْتِقْلَالًا فَإِنْ جَمَعَا تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ جَمْعِهِمَا اهـ خش.

(قَوْلُهُ وَلَا مُنْفَرِدٌ بِمَسْجِدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُقِيمًا بِهِ أَوْ يَنْصَرِفُ مِنْهُ لِمَنْزِلِهِ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِمَنْزِلِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجْمَعُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الرَّاتِبَ يَسْتَخْلِفُ وَلَا يَتَقَدَّمُ وَيُصَلِّي تَبَعًا فَذَاكَ فِي الْمُعْتَكِفِ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهَذَا يَذْهَبُ لِمَنْزِلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِخْلَافٍ بَلْ يَجْمَعُ بِمُفْرَدِهِ وَيَخْرُجُ فِي الضَّوْءِ.

(قَوْلُهُ كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي إيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا) أَيْ لِإِقَامَتِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ.

(قَوْلُهُ كَأَهْلِ الزَّوَايَا وَالرُّبُطِ وَكَالْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ أَمَاكِنُ يَنْصَرِفُونَ إلَيْهَا وَإِلَّا جَازَ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ وَأَفْتَى الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ أَهْلَ الْمَدَارِسِ يَجْمَعُونَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي فِيهِ الْمَدْرَسَةُ اسْتِقْلَالًا وَأَنَّ السَّاكِنَ بِهَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بِهَا إمَامًا قَالَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كَالْمُعْتَكِفِ مُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ بَلْ هُمْ جِوَارَ الْمَسْجِدِ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَجْمَعُ جَارُ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَبَعِيَّةٍ قَالَ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ فِي الْجَمَاعَةِ الْمُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَا قَالَ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ إمَامًا وَحُجْرَتُهُ مُلْتَصِقَةٌ بِالْمَسْجِدِ وَلَهَا خَوْخَةٌ إلَيْهِ» وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَكَالْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ عَلَى مَدْرَسَةٍ اتَّحَدَ مَحَلُّ السُّكْنَى بِهَا وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِمِصْرَ قُلْت وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إذْ قَدْ نَصَّ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّ قَرِيبَ الدَّارِ مِنْ الْمَسْجِدِ إنَّمَا يَجْمَعُ تَبَعًا لِلْبَعِيدِ وَنَصُّهُ وَإِنَّمَا أُبِيحَ الْجَمْعُ لِقَرِيبِ الدَّارِ وَالْمُعْتَكِفِ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ اهـ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ إنْ اتَّحَدَ مَحَلُّ السُّكْنَى بِهَا وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا بَلْ تَبَعًا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ سُكْنَاهُمْ غَيْرَ مَحَلِّ الصَّلَاةِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا بَلْ تَبَعًا؟ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ مُخْتَارُ بْن ثَانِيهُمَا وَمُخْتَارُ الْبَرْمُونِيِّ وَالْمِسْنَاوِيِّ أَوَّلُهُمَا

[فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ]

فَصْلٌ فِي الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَمُسْقِطَاتِهَا) أَرَادَ بِهَا الْأَعْذَارَ الْمُبِيحَةَ لِلتَّخَلُّفِ عَنْهَا (قَوْلُهُ وُقُوعُ كُلِّهَا) أَيْ وُقُوعُهَا كُلِّهَا فَالْمُؤَكَّدُ مَحْذُوفٌ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ كِلَا الْمُضَافَةَ لِلضَّمِيرِ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ مُؤَكِّدَةً أَوْ مُبْتَدَأً وَلَا تَتَأَثَّرُ بِمُبَاشَرَةِ الْعَوَامِلِ اللَّفْظِيَّةِ وَالْمُصَنِّفُ اسْتَعْمَلَهَا مُضَافًا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ حَذْفَ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ جَائِزٌ عِنْدَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَالصَّفَّارِ خِلَافًا لِلْأَخْفَشِ وَالْفَارِسِيِّ وَابْنِ جِنِّي وَابْنِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَوْقَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ كَالْخُطْبَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيْ أَوْقَعَ الْخُطْبَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالصَّلَاةَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ تَصِحَّ

(قَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ)

ص: 372

(وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ) بَعْدَ صَلَاتِهَا بِخُطْبَتَيْهَا (رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ) فَقَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ مَعْنَاهُ لِقُرْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لِلْعَصْرِ رَكْعَةٌ سَقَطَ وُجُوبُهَا (وَصُحِّحَ) هَذَا الْقَوْلُ (أَوْ لَا) يُشْتَرَطُ إدْرَاكُ شَيْءٍ مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ بَلْ الشَّرْطُ فِعْلُهَا بِخُطْبَتَيْهَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ فَقَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ عَلَى هَذَا حَقِيقَةً قَوْلَانِ (رُوِيَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا)

(بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ (أَوْ أَخْصَاصٍ) جَمْعُ خُصٍّ وَهُوَ الْبَيْتُ مِنْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ (لَا) تَصِحُّ بِإِقَامَةٍ فِي (خِيَمٍ) مِنْ قُمَاشٍ أَوْ شَعْرٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِهَا الِارْتِحَالُ فَأَشْبَهَتْ السُّفُنَ، نَعَمْ إذَا كَانُوا مُقِيمِينَ عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ بَلَدِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ تَبَعًا وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ.

(وَبِجَامِعٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي (مَبْنِيٍّ) بِنَاءً مُعْتَادًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَيَشْمَلُ بِنَاؤُهُ مِنْ بُوصٍ لِأَهْلِ الْأَخْصَاصِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ رَكْعَةٌ لِلْعَصْرِ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ: الْوَقْتُ إذَا ضَاقَ يَخْتَصُّ بِالْأَخِيرَةِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجُمُعَةُ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَمْتَدُّ لِلِاصْفِرَارِ. وَأَجَازَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِعْلَهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا عِنْدَهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ ثُمَّ إنَّ الْوَقْتَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ كُلُّهُ اخْتِيَارِيًّا لَهَا بَلْ هِيَ فِيهِ وَفِي الضَّرُورِيِّ كَالظُّهْرِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ أَوْ فَرْضُ يَوْمِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ صَدَّرَ بِهَذَا الْقَوْلِ لِكَوْنِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ حَكَى مَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْغُرُوبَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فَلَا يُقَالُ جَزْمُهُ بِذَلِكَ أَوَّلًا يُنَافِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ) أَيْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ بَعْدَ صَلَاتِهَا بِخُطْبَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لِلْعَصْرِ رَكْعَةٌ سَقَطَ وُجُوبُهَا وَهَذَا رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ هَذَا الْقَوْلُ) أَيْ صَحَّحَهُ عِيَاضٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ بَلْ الشَّرْطُ فِعْلُهَا بِخُطْبَتَيْهَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهَذَا رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ التُّونُسِيُّ: فَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَخَرَجَ وَقْتُهَا أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ ذَلِكَ بَنَى وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا وَهَذَا إذَا دَخَلَ مُعْتَقِدًا اتِّسَاعَ الْوَقْتِ لِرَكْعَتَيْنِ أَوْ لِثَلَاثٍ أَمَّا لَوْ دَخَلَ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَسَعُ إلَّا رَكْعَةً بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ هَذَا حَاصِلُ مَا ارْتَضَاهُ طفى خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا) فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَتَّابٍ لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ الْعَصْرَ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ ابْنِ عَتَّابٍ وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ عِيَاضٌ وَهَذِهِ أَصَحُّ وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ اُنْظُرْ ح اهـ بْن

(قَوْلُهُ الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ إلَخْ) أَيْ فَالْمَعْنَى شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وُقُوعُهَا كُلُّهَا بِالْخُطْبَةِ وَقْتَ الظُّهْرِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْوُقُوعِ مُصَاحِبًا لِلْعَزْمِ عَلَى الْإِقَامَةِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ فِي بَلَدٍ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ وَهُوَ الْعَزْمُ الْمَذْكُورُ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا يَأْتِي وَذِكْرُهُ هُنَا فِي أَثْنَاءِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ إضَافَةُ بَلَدِ الِاسْتِيطَانِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةُ وُقُوعٍ أَيْ وُقُوعُهَا فِي بَلَدٍ مُسْتَوْطَنَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ كَوْنَ الْبَلَدِ مُسْتَوْطَنَةً شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الِاسْتِيطَانَ شَرْطُ وُجُوبٍ فَالْمُرَادُ اسْتِيطَانُ الشَّخْصِ نَفْسِهِ أَيْ عَزْمُهُ عَلَى الْإِقَامَةِ فِي الْبَلَدِ عَلَى التَّأْبِيدِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ اسْتِيطَانَ بَلَدِهَا أَيْ كَوْنُ الْبَلَدِ مُسْتَوْطَنَةً شَرْطُ صِحَّةٍ وَاسْتِيطَانُ الشَّخْصِ فِي نَفْسِهِ شَرْطُ وُجُوبٍ، وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَوْ مَرَّتْ جَمَاعَةٌ بِقَرْيَةٍ خَالِيَةٍ فَنَوَوْا الْإِقَامَةَ فِيهَا شَهْرًا وَصَلَّوْا الْجُمُعَةَ بِهَا لَمْ تَصِحَّ لَهُمْ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ

وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْبَلَدُ مُسْتَوْطَنَةً وَالْجَمَاعَةُ مُسْتَوْطِنَةً وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ وَصَحَّتْ مِنْهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَلَدُ تَحْتَ حُكْمِ الْكُفَّارِ كَمَا لَوْ تَغَلَّبُوا عَلَى بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَأَخَذُوهَا وَلَمْ يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ الْمُتَوَطِّنِينَ بِهَا مِنْ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ (قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا لِأَهْلِ الْخِيَمِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ

(قَوْلُهُ وَبِجَامِعٍ إلَخْ)

ص: 373

فَلَا تَصِحُّ فِي بَرَاحِ حَجَرٍ بِأَحْجَارٍ مَثَلًا وَلَا فِيمَا بُنِيَ بِمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ بِنَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْبَلَدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِالْعُرْفِ (مُتَّحِدٍ) فَإِنْ تَعَدَّدَ لَمْ تَصِحَّ فِي الْكُلِّ (وَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ) أَيْ مَا أُقِيمَتْ فِيهِ أَوَّلًا وَلَوْ تَأَخَّرَ بِنَاؤُهُ (وَإِنْ تَأَخَّرَ) الْعَتِيقُ (أَدَاءً) بِأَنْ أُقِيمَتْ فِيهِمَا وَفَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهَا فِي الْجَدِيدِ قَبْلَ جَمَاعَةِ الْعَتِيقِ فَهِيَ فِي الْجَدِيدِ بَاطِلَةٌ وَمَحَلُّ بُطْلَانِهَا فِي الْجَدِيدِ مَا لَمْ يُهْجَرْ الْعَتِيقُ وَمَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ تَبَعًا لِحُكْمِهِ بِصِحَّةِ عِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ مَثَلًا عُلِّقَ عَلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ وَمَا لَمْ يَحْتَاجُوا لِلْجَدِيدِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

نَصُّ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا الْمَسْجِدُ فَقِيلَ إنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا كَالْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا إلَّا إذَا كَانَ مَبْنِيًّا وَلَهُ سَقْفٌ إذْ قَدْ يُعْدَمُ مَسْجِدٌ يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَقَدْ يُوجَدُ فَإِذَا عَدِمَ فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ فَصَحَّ كَوْنُهُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ وَإِذَا وُجِدَ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِيهِ فَلِذَا كَانَ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا أَفْتَى الْبَاجِيَّ فِي أَهْلِ قَرْيَةٍ إنْ هُدِمَ مَسْجِدُهُمْ وَبَقِيَ لَا سَقْفَ لَهُ فَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ قَبْلَ أَنْ يَبْنُوهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهُمْ أَنْ يُجَمِّعُوا فِيهِ وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا جُعِلَ مَسْجِدًا لَا يَعُودُ غَيْرَ مَسْجِدٍ إذَا انْهَدَمَ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فِيهِ مَسْجِدًا قَبْلَ أَنْ يُبْنَى وَهُوَ فَضَاءٌ، وَقِيلَ إنَّ الْمَسْجِدَ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ دُونَ الْوُجُوبِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْمَكَانَ مِنْ الْفَضَاءِ يَكُونُ مَسْجِدًا وَيُسَمَّى مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِهِ وَتَحْبِيسِهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ فَلَا يُعْدَمُ مَوْضِعٌ يَصِحُّ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَحِينَئِذٍ فَمَا يَكُونُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَكُونُ إلَّا شَرْطَ صِحَّةٍ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ مَنُوطٌ بِوُجُودِ الْجَامِعِ وَالْجَامِعُ مَوْجُودٌ مُتَحَقِّقٌ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ وَالتَّعْيِينُ لَا كُلْفَةَ فِيهِ فَصَارَ الْجَامِعُ مُتَقَرِّرًا بِالْأَصَالَةِ وَصِحَّتُهَا لَيْسَتْ مَنُوطَةً بِمُجَرَّدِ تَحَقُّقِ الْجَامِعِ الْمُتَحَقِّقِ بِالتَّعْيِينِ بَلْ بِالْأَوْصَافِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ مَبْنِيٍّ إلَخْ حِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الْجَامِعُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا شَرْطَ صِحَّةٍ (قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ فِي بَرَاحِ حَجَرٍ) أَيْ أُحِيطَ بِأَحْجَارٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى مَسْجِدًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ مُسَمَّى الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ ذَا بِنَاءٍ وَسَقْفٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ " مَبْنِيٍّ " وَصْفٌ كَاشِفٌ إلَّا أَنْ يُلَاحِظَ قَوْلَهُ " بِنَاءً مُعْتَادًا " وَإِلَّا كَانَ مُخَصَّصًا (قَوْلُهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا) أَيْ بِحَيْثُ يَنْعَكِسُ عَلَيْهِ دُخَانُهَا وَحَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا أَوْ بَاعًا فَلَوْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهَا فَلَا تَصِحُّ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ بُنِيَ أَوَّلًا قَرِيبًا مِنْهَا فَتَهَدَّمَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنْ الْبُنْيَانِ وَصَارَ بَعِيدًا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ بُعْدُهُ (قَوْلُهُ مُتَّحَدٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ تَعَدُّدُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا مُرَاعَاةً لِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَجَمْعًا لِلْكُلِّ وَطَلَبًا لِجَلَاءِ الصُّدُورِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بِجَوَازِ تَعَدُّدِهِ إنْ كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ فِي الْجَدِيدِ وَلَوْ صَلَّى فِيهِ السُّلْطَانُ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَتِيقٌ بِأَنْ بُنِيَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُصَلِّ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِيمَا أُقِيمَتْ فِيهِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ فَإِنْ أُقِيمَتْ فِيهِمَا بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّتْ لِلسَّابِقِ بِالْإِحْرَامِ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا حُكِمَ بِفَسَادِهَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ وَوَجَبَ إعَادَتُهَا لِلشَّكِّ فِي السَّبْقِ جُمُعَةً إنْ كَانَ وَقْتُهَا بَاقِيًا وَإِلَّا ظُهْرًا (قَوْلُهُ أَيْ مَا أُقِيمَتْ فِيهِ أَوَّلًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْعَتَاقَةَ تُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءً) أَيْ فِعْلًا يَعْنِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ الْأُولَى الَّتِي أَثْبَتَتْ لَهُ كَوْنَهُ عَتِيقًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَتِيقُ أَدَاءً أَيْ وَأَوْلَى إذَا سَاوَى الْجَدِيدَ أَوْ سَبَقَهُ فِي الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُهْجَرْ الْعَتِيقُ) أَيْ وَيَنْقُلُوهَا لِلْجَدِيدِ فَإِنْ هُجِرَ الْعَتِيقُ وَصَلَّوْهَا فِي الْجَدِيدِ فَقَطْ صَحَّتْ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُهُ كَأَنْ هُجِرَ الْعَتِيقُ لِغَيْرِ مُوجِبٍ أَوْ لِمُوجِبٍ كَخَلَلٍ حَصَلَ فِيهِ وَظَاهِرُهُ دَخَلُوا عَلَى دَوَامِ هِجْرَانِ الْعَتِيقِ أَوْ عَلَى عَدَمِ دَوَامِ ذَلِكَ فَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الْهِجْرَانِ لِلْعَتِيقِ مَعَ الْجَدِيدِ فَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُتَنَاسَى الْعَتِيقُ بِالْمَرَّةِ وَإِلَّا كَانَ الْحُكْمُ لِلثَّانِي كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ تَبَعًا لِحُكْمِهِ بِصِحَّةِ عِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) الْأَوْلَى تَبَعًا لِحُكْمِهِ بِعِتْقِ عَبْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ عُلِّقَ) أَيْ ذَلِكَ الْعِتْقُ (وَقَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْجَدِيدِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَانِيَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرَهُ يَقُولُ لِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ مَمْلُوكٍ لَهُ إنْ صَحَّتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَعْدَ

ص: 374

لِضِيقِ الْعَتِيقِ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَوْسِعَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (لِأَذَى بِنَاءٍ خَفَّ) بِأَنْ يَكُونَ أَدْنَى مِنْ بُنْيَانِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَهُ الْبِنَاءُ الْمُعْتَادُ وَالِاتِّحَادُ (وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ) الْمُعْتَادِ لَا صِحَّتِهِ لِصِحَّتِهَا فِيهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ تَرَدُّدٌ (و) فِي اشْتِرَاطِ (قَصْدِ تَأْبِيدِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (بِهِ) وَعَدَمِهِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ تَرَدُّدٌ وَمَحَلُّ قَصْدِ التَّأْبِيدِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ حَيْثُ نُقِلَتْ مِنْ مَسْجِدٍ إلَى آخَرَ أَمَّا إنْ أُقِيمَتْ فِيهِ ابْتِدَاءً فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدُوا عَدَمَهُ بِأَنْ قَصَدُوا التَّأْبِيدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا (و) فِي اشْتِرَاطِ (إقَامَةِ) الصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ) لِصِحَّتِهَا بِهِ فَإِنْ بُنِيَ عَلَى أَنْ لَا تُقَامَ إلَّا الْجُمُعَةُ أَوْ تَعَطَّلَتْ بِهِ الْخَمْسُ عَنْهُ لَمْ تَصِحَّ بِهِ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فَتَصِحُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (تَرَدُّدٌ) حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِيَّيْنِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ (وَصَحَّتْ) لِمَأْمُومٍ لَا لِإِمَامٍ صَلَّى (بِرَحَبَتِهِ) وَهِيَ مَا زِيدَ خَارِجَ مُحِيطِهِ لِتَوْسِعَتِهِ (وَطُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ) بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الصَّلَاةِ فِيهِ يَذْهَبُ ذَلِكَ الْعَبْدُ إلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ يَرَى صِحَّةَ التَّعَدُّدِ فَيَقُولُ ادَّعَى عَلَيَّ سَيِّدِي أَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقِي عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيُثْبِتُ عِنْدَهُ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ جُمُعَةً صَحِيحَةً فَيَقُولُ ذَلِكَ الْقَاضِي لِاعْتِقَادِهِ صِحَّتَهَا فِي الْجَدِيدِ حَكَمْتُ بِعِتْقِكَ فَيَسْرِي حُكْمُهُ بِالْعِتْقِ إلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الْعِتْقُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْحُكْمِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ فَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ تَابِعٌ لِلْحُكْمِ بِالْعِتْقِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُعَلَّقِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْكَمْ بِالصِّحَّةِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ اسْتِقْلَالًا بَلْ تَبَعًا كَمَا لِلْقَرَافِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ رَاشِدٍ حَيْثُ قَالَ حُكْمُ الْحَاكِمِ يَدْخُلُهَا اسْتِقْلَالًا كَالْمُعَامَلَاتِ (قَوْلُهُ لِضِيقِ الْعَتِيقِ) أَيْ أَوْ لِحُدُوثِ عَدَاوَةٍ فَإِذَا حَصَلَتْ عَدَاوَةٌ بَيْنَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَصَارُوا فِرْقَتَيْنِ وَكَانَ الْجَامِعُ الَّذِي فِي الْبَلَدِ فِي نَاحِيَةِ فِرْقَةٍ وَخَافَتْ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى عَلَى نَفْسِهَا إذَا أَتَوْا ذَلِكَ الْجَامِعَ فَلَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا جَامِعًا فِي نَاحِيَتِهِمْ وَيُصَلُّونَ فِيهِ الْجُمُعَةَ فَإِنْ زَالَتْ الْعَدَاوَةُ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ لِلْكُلِّ لَا فِي الْعَتِيقِ فَإِنْ عَادَتْ الْعَدَاوَةُ صَحَّتْ فِي الْجَدِيدِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَقَدْ أَشَارَ لِمَا قُلْنَاهُ عج وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ) أَشَارَ بِهَذَا لِمَا يَرِدُ عَلَى الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَحْثِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاحْتِيَاجُ لِلْجَدِيدِ لِضِيقِ الْعَتِيقِ لِأَنَّ الْعَتِيقَ إذَا ضَاقَ يُوَسَّعُ وَلَوْ بِالطَّرِيقِ وَالْمَقْبَرَةِ وَيُجْبَرُ الْجَارُ عَلَى الْبَيْعِ لِتَوَسُّعَتِهِ وَلَوْ وَقْفًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنَّ الْكَلَامَ يُفْرَضُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَتِيقُ بِجِوَارِ بَحْرٍ أَوْ جَبَلٍ فَلَا يُمْكِنُ تَوْسِعَتُهُ أَوْ لَيْسَ بِجِوَارِهِمَا لَكِنَّ تَوْسِعَتَهُ تُؤَدِّي لِلِاخْتِلَاطِ عَلَى الْمُصَلِّينَ لِكَثْرَةِ الْمُسْتَمِعِينَ مَثَلًا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ دَوَامِ سَقْفِهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْبَاجِيَّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّرَدُّدَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الدَّوَامِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْجِدًا إذَا بُنِيَ ابْتِدَاءً إلَّا إذَا كَانَ مَسْقُوفًا فَإِذَا هُدِمَ مَسْجِدٌ فَهَلْ يَزُولُ عَنْهُ اسْمُ الْمَسْجِدِيَّةِ وَهُوَ مَا لِلْبَاجِيِّ أَوَّلًا وَهُوَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ لِصِحَّتِهَا فِيهِ) أَيْ اتِّفَاقًا وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مَسْقُوفٍ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ دَوَامِ سَقْفِهِ فَتَصِحُّ فِيمَا هُدِمَ سَقْفُهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وتت وعج أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ح عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَعَدَمِهِ) أَيْ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَصْدِ تَأْبِيدِهَا بِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ قَصْدِ التَّأْبِيدِ إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ قَصْدِ التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدُوا عَدَمَهُ) أَيْ عَدَمَ التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَطَّلَتْ بِهِ الْخَمْسُ) لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ التَّعْطِيلِ بِكَوْنِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَمَّا لِعُذْرٍ فَالصِّحَّةُ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ لِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ الْقَائِلَ بِالشَّرْطِيَّةِ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ التَّعْطِيلَ إذَا كَانَ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ يُغْتَفَرُ قَالَهُ طفى (قَوْلُهُ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فَتَصِحُّ) أَيْ فِي مَسْجِدٍ بُنِيَ لِقَصْدِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فَقَطْ وَفِيمَا بُنِيَ لَهَا وَلِغَيْرِهَا ثُمَّ تَعَطَّلَ غَيْرُهَا وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْمُقَابِلَ مُصَرَّحٌ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ لِمَا ذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ مِنْ الِاشْتِرَاطِ وَسُكُوتِ غَيْرِهِ عَنْهُ فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ إذَا لَوْ كَانَ شَرْطًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا لِإِمَامٍ) أَيْ وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ فَلَا بُدَّ فِي صِحَّتِهَا مِنْ كَوْنِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْخُطْبَةِ بِالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَطُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ) أَيْ وَلَا حَدَّ لَهَا وَلَوْ قَدْرَ مِيلَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مُسَاوِيَةً لِلْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ مُرْتَفِعًا عَنْهَا بِحَيْثُ يَنْزِلُ لَهَا مِنْهُ بِدَرَجٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ صِحَّتُهَا فِي الطُّرُقِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا أَرْوَاثُ دَوَابَّ وَأَبْوَالُهَا لَكِنْ قَيَّدَهُ عَبْدُ الْحَقِّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فِيهَا قَائِمَةً وَإِلَّا أَعَادَ أَبَدًا إذَا وَجَدَ مَا يَبْسُطُهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا كَانَ كَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ، اُنْظُرْ طفى. وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْكَلَامُ

ص: 375

مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ مِنْ بُيُوتٍ أَوْ حَوَانِيتَ وَمِثْلُهَا دُورٌ وَحَوَانِيتُ غَيْرُ مَحْجُورَةٍ وَكَذَا مَدْرَسَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْمَدَارِسِ الَّتِي حَوْلَ جَامِعِ الْأَزْهَرِ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ بِهِمَا (إنْ ضَاقَ) الْجَامِعُ (أَوْ اتَّصَلْت الصُّفُوفُ) وَلَمْ يَضِقْ لِمَنْعِ التَّخَطِّي بَعْدَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ (لَا انْتَفَيَا) أَيْ الضِّيقُ وَالِاتِّصَالُ فَلَا تَصِحُّ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا قَدْ أَسَاءَ وَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ وَشَبَهَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ قَوْلُهُ (كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ (وَسَطْحِهِ) وَلَوْ ضَاقَ (وَدَارٍ وَحَانُوتٍ) مُتَّصِلِينَ إنْ كَانَا مَحْجُورَيْنِ وَإِلَّا صَحَّتْ كَمَا مَرَّ

وَأَشَارَ لِرَابِعِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ عَاطِفًا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ بِجَامِعٍ بِقَوْلِهِ (وَبِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى) أَيْ تَسْتَغْنِي وَتَأْمَنُ (بِهِمْ قَرْيَةٌ) بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمْ الْمَثْوَى صَيْفًا وَشِتَاءً وَالدَّفْعُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فِي الْغَالِبِ (بِلَا حَدٍّ) مَحْصُورٌ فِي خَمْسِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (أَوَّلًا) أَيْ ابْتِدَاءً أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا بِالْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلَ جُمُعَةٍ أُقِيمَتْ فَإِنْ حَضَرَ مِنْهُمْ مَا لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وَلَوْ اثْنَيْ عَشَرَ لَمْ تَصِحَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَوَّلًا بَلْ فِيمَا بَعْدَهَا (فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ) رَجُلًا أَحْرَارًا مُتَوَطِّنِينَ غَيْرَ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْآنَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهَا بَلْ الْكَلَامُ فِي ضَرَرِ الْفَصْلِ بِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الْفَاصِلَ النَّجِسَ يَضُرُّ كَالْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ مِنْ بُيُوتٍ أَوْ حَوَانِيتَ) فَلَوْ فَصَلَ بَيْنَ حِيطَانِهِ وَبَيْنَ الطُّرُقِ بِحَوَانِيتَ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِمِصْرَ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ الْمَغَارِبَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا عَدَمَ الضَّرَرِ إذَا صَلَّى عَلَى مَسَاطِبِ تِلْكَ الْحَوَانِيتِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ فِي صِحَّتِهَا بِهَا دُورٌ إلَخْ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ ضَاقَ إلَخْ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالطُّرُقِ وَالرِّحَابِ بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي كُلِّ مَا خَرَجَ عَنْ الْمَسْجِدِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا أَتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِعِبَارَةٍ عَامَّةٍ فَقَالَ وَخَارِجُهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ مِثْلُهُ إنْ ضَاقَتْ وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ اهـ طفى (قَوْلُهُ كَالْمَدَارِسِ الَّتِي حَوْلَ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ) أَيْ وَأَمَّا الْأَرْوِقَةُ الَّتِي فِيهِ فَهِيَ مِنْهُ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا مَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورَةً وَإِلَّا كَانَتْ كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَمَقَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ كَمَقَامِ أَبِي مَحْمُودٍ الْحَنَفِيِّ وَالْحُسَيْنِ وَالسَّيِّدَةِ فَهِيَ مِنْ قَبِيلِ الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ فَتَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَقَامُ لَا يُفْتَحُ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ لِأَنَّ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ) الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ إسَاءَتَهُ بِالْكَرَاهَةِ الشَّدِيدَةِ لَا بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ إلَخْ) فِي مَعْنَى ذَلِكَ بَيْتُ الْحُصُرِ وَالْبُسُطِ وَالسِّقَايَةِ لِأَنَّهَا مَحْجُورَةٌ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي بَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَلَوْ مَعَ ضِيقِ الْمَسْجِدِ هَذَا وَقَدْ بَحَثَ الْقَاضِي سَنَدٌ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا قُصِرَ عَلَى بَعْضِ مَصَالِحِهِ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الصَّلَاةِ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ نِسَاءَهُ كُنَّ يُصَلِّينَ الْجُمُعَةَ فِي حُجَرِهِنَّ عَلَى عَهْدِهِ وَإِلَى أَنْ مُتْنَ وَهِيَ أَشَدُّ تَحْجِيرًا مِنْ بَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلِمَا شَدَّدَ عَلَيْهِنَّ فِي لُزُومِ الْحُجُرَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] جَوَّزَ لَهُنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَسَطْحِهِ وَلَوْ ضَاقَ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهَا بِدِكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ مَحْجُورَةً وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُعِيدُ أَبَدًا ابْنُ شَاسٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ سَطْحِهِ وَالطُّرُقِ أَنَّ الطُّرُقَ مُتَّصِلَةٌ بِأَرْضِهِ وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَهُوَ لِمَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ قَالُوا إنَّمَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءً وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا عَلَيْهِ لِلْمُؤَذِّنِ لَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا وَقِيلَ إنْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَى سَطْحِهِ وَهُوَ قَوْلُ حَمْدِيسٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَا مَحْجُورَيْنِ) أَيْ وَلَوْ أَذِنَ أَهْلُهُمَا بِالدُّخُولِ لِلصَّلَاةِ فِيهِمَا

(قَوْلُهُ وَبِجَمَاعَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِجَامِعٍ وَالْبَاءُ فِيهِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا فِي الْجَامِعِ مَعَ جَمَاعَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا أَنْ تَكُونَ فِي جَامِعٍ وَفِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ الْمَثْوَى) أَيْ الْإِقَامَةُ (قَوْلُهُ أَوَّلَ جُمُعَةٍ أُقِيمَتْ) أَيْ فِي الْبَلَدِ (وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَضَرَ مِنْهُمْ) أَيْ فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ أُقِيمَتْ بِالْبَلَدِ (قَوْلُهُ بَلْ فِيمَا بَعْدَهَا) أَيْ بَلْ فِي الْجُمُعَةِ الَّتِي بَعْدَ الْأُولَى أَيْ بَعْدَ الَّتِي أُقِيمَتْ فِي الْبَلَدِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ مُتَوَطِّنِينَ) فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَيْرَ مُتَوَطِّنٍ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ الْمُتَوَطِّنُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لِكَوْنِ مَنْزِلِهِ خَارِجًا عَنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ بِكَفَرْسَخٍ فَالْجُمُعَةُ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْإِمَامِ) أَيْ وَأَنْ يَكُونُوا

ص: 376

(بَاقِينَ) مَعَ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (لِسَلَامِهَا) أَيْ إلَى سَلَامِهِمْ مِنْهَا فَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْجَمِيعِ وَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ التَّحْرِيرِ وَالتَّحْرِيرُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ شَرْطُ وُجُوبٍ لِإِقَامَتِهَا وَصِحَّةٌ لَهَا وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَيْضًا حُضُورُ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَلَوْ فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ فَلَوْ قَالَ وَبِحُضُورِ اثْنَيْ عَشَرَ إلَخْ مِنْ جَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى إلَخْ لَوَافَقَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ (بِإِمَامٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الِاثْنَيْ عَشَرَ مَعَ إمَامٍ (مُقِيمٍ) بِالْبَلَدِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَيَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ مُسَافِرٌ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِغَيْرِ قَصْدِ الْخُطْبَةِ وَلَوْ سَافَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَكَذَا خَارِجٌ عَنْ قَرْيَتِهَا بِكَفَرْسَخٍ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ بِخِلَافِ الْخَارِجِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَرْسَخٍ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ مُقِيمٍ قَوْلَهُ (إلَّا الْخَلِيفَةَ) أَوْ نَائِبَهُ فِي الْحُكْمِ وَالصَّلَاةِ (يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ) مِنْ قُرَى عَمَلِهِ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ (و) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا تَجِبُ عَلَيْهِ) لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا فَيَصِحُّ بَلْ يُنْدَبُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَالِكِيِّينَ أَوْ حَنَفِيِّينَ أَوْ شَافِعِيِّينَ قَلَّدُوا وَاحِدًا مِنْهُمَا لَا إنْ لَمْ يُقَلِّدُوا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةُ الْمَالِكِيِّ مَعَ اثْنَيْ عَشَرَ شَافِعِيِّينَ لَمْ يُقَلِّدُوا لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ يَحْفَظُونَ الْفَاتِحَةَ بِشَدَّاتِهَا (قَوْلُهُ بَاقِينَ لِسَلَامِهَا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ حَصَلَ لِأَحَدِهِمْ رُعَافٌ بِنَاءً اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَدَتْ إلَخْ) فَلَوْ دَخَلَ مَعَهُمْ مَسْبُوقٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَأَحْدَثَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ بَعْدَ دُخُولِ الْمَسْبُوقِ بِحَيْثُ بَقِيَ الْعَدَدُ اثْنَيْ عَشَرَ بِالْمَسْبُوقِ فَهَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ اهـ شب لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَسْبُوقَ لَمْ يَحْضُرْ الْخُطْبَةَ وَحُضُورُ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَهَا شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالتَّحْرِيرُ إلَخْ) هَذَا التَّحْرِيرُ لح فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ مِنْهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَقَدْ ارْتَضَى الْأَشْيَاخُ مَا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ شَرْطُ وُجُوبٍ لِإِقَامَتِهَا) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا تَجِبُ إقَامَتُهَا فِي الْبَلَدِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا جَمَاعَةٌ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ حُرًّا وَبَعْضُهُمْ رَقِيقًا وَلَا تَقَعُ صَحِيحَةً مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَحَاصِلُ هَذَا التَّحْرِيرِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وُجُودُهُمْ فِيهَا شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ وَالِاثْنَا عَشَرَ الْأَحْرَارُ حُضُورُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ شَرْطُ صِحَّةٍ تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى حُضُورِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَعَلَى وُجُودِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ فِي الْبَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا التَّحْرِيرِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ عِنْدَ الطَّلَبِ أَيْ عِنْدَ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ بِهَا وَوُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَجُوزُ إلَخْ أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ حَالُ الطَّلَبِ وَالْخِطَابِ بِأَنْ كَانَ حَالُ الْحُضُورِ فِي الْمَسْجِدِ فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَخْ فَلَوْ تَفَرَّقَ مَنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَشْغَالِهِمْ مِنْ حَرْثٍ أَوْ حَصَادٍ وَلَمْ يَبْقَ فِي الْقَرْيَةِ إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَالْإِمَامُ جَمَّعُوا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ ارْتَحَلُوا مِنْهَا وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَالْإِمَامُ جَمَّعُوا إنْ رَحَلُوا فِي أَمَاكِنَ قَرِيبَةٍ مِنْ قَرْيَتِهِمْ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمْ الذَّبُّ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ بِإِمَامٍ إلَخْ) لَوْ عَطَفَهُ بِالْوَاوِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ كَانَ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ) أَيْ مِنْ الْمُتَوَطِّنِينَ فِيهَا (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ إلَخْ) بَلْ وَكَذَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ عَدَمُ وُجُودِ خَطِيبٍ بِالْبَلَدِ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ ح وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِغَيْرِ قَصْدِ الْخُطْبَةِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ لِأَجْلِهَا فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَافَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طُرُوءِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا خَارِجٌ عَنْ قَرْيَتِهَا) أَيْ وَكَذَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ شَخْصٌ مَنْزِلُهُ خَارِجٌ عَنْ قَرْيَتِهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّةِ إمَامَةِ الْمُقِيمِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ خَارِجًا عَنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ بِكَفَرْسَخٍ هُوَ مَا لِابْنِ غَلَّابٍ وَالشَّيْخِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الطَّرَابُلُسِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ فِي الْجُمُعَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ

وَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْمُقِيمَ وَالْخَارِجَ الْمَذْكُورَيْنِ لَوْ اجْتَمَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَعَ اثْنَيْ عَشَرَ مُتَوَطِّنِينَ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَهُمْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا وَيَؤُمُّهُمْ أَحَدُ الْمُتَوَطِّنِينَ وَبِهَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ شَخْصٌ إنْ صَلَّى إمَامًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَأْمُومِيهِ وَإِنْ صَلَّى مَأْمُومًا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخَارِجِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَنْزِلُهُ خَارِجًا عَنْ قَرْيَتِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَرْسَخٍ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِأَهْلِ قَرْيَتِهَا إلَّا إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِيهَا لَا بِقَصْدِ الْخُطْبَةِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُسَافِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ نَائِبَهُ فِي الْحُكْمِ وَالصَّلَاةِ) أَيْ وَذَلِكَ كَالْبَاشَا وَخَرَجَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ نَائِبُهُ فِي الْحُكْمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ) أَيْ لَهَا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قَدِمَ بَعْدَ صَلَاتِهِمْ لَهَا وَكَانَ وَقْتُهَا بَاقِيًا فَإِنَّهُ لَا يُقِيمُهَا عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ يُصَلِّي ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ الظُّهْرَ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فَلَوْ حَضَرَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهَا بَلْ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ عَقَدُوا رَكْعَةً فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّي هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَلَا يَبْنِي عَلَى الْخُطْبَةِ بَلْ يَبْتَدِئُهَا كَمَا يُفِيدُهُ عج وَقِيلَ تَصِحُّ إنْ قَدِمَ بَعْدَ رَكْعَةٍ

ص: 377

أَنْ يُجَمِّعَ بِهِمْ (و) إنْ مَرَّ (بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ قَرْيَةِ جُمُعَةٍ بِأَنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهَا الشُّرُوطُ (تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ) وَقَوْلُهُ (وَبِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ) وَصْفٌ ثَانٍ لِإِمَامٍ أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا وَأَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَاطِبَ (إلَّا لِعُذْرٍ) طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ كَجُنُونٍ وَرُعَافٍ مَعَ بُعْدِ الْمَاءِ فَيُصَلِّي بِهِمْ غَيْرُهُ وَلَا يُعِيدُ الْخُطْبَةَ (وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ) زَوَالُهُ بِالْعُرْفِ كَحَدَثٍ حَصَلَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَوْ رُعَافٍ يَسِيرٍ وَالْمَاءُ قَرِيبٌ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ بَعُدَ

وَأَشَارَ لِخَامِسِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ (وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) فَلَوْ خَطَبَ بَعْدَهَا أَعَادَ الصَّلَاةَ فَقَطْ إنْ قَرُبَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهَا لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا وَصْلَ الصَّلَاةِ بِهَا وَكَوْنَهَا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَكَوْنُهَا عَرَبِيَّةً وَالْجَهْرُ بِهَا وَكَوْنُهَا (مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً) بِأَنْ يَكُونَ كَلَامًا مَسْجَعًا يَشْتَمِلُ عَلَى وَعْظٍ فَإِنْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ لَمْ يُجْزِئْ وَنُدِبَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَصَلَاةٌ عَلَى نَبِيِّهِ وَأَمْرٌ بِتَقْوَى وَدُعَاءٌ بِمَغْفِرَةٍ وَقِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ كَمَا سَيَأْتِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَمَا ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُجَمِّعَ بِهِمْ) أَيْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ) أَيْ بِأَنْ مَرَّ بِقَرْيَةٍ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهَا شُرُوطُ الْوُجُوبِ أَيْ بِأَنْ كَانَ أَهْلُهَا الْمُقِيمُونَ بِهَا لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ غَالِبًا (قَوْلُهُ تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ) أَيْ إذَا جَمَّعُوا مَعَهُ وَلَوْ أَتَمُّوا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَصْفٌ ثَانٍ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ وَصْفًا لِإِمَامٍ لَقَالَ خَاطِبٍ وَإِنْ كَانَ جَعْلُهُ وَصْفًا لِإِمَامٍ مُحْرَزًا لِذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الشَّرْطِ شَرْطٌ (قَوْلُهُ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ) أَيْ أَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْعُذْرَ طَرَأَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ بَعْدَهُ أَمَّا لَوْ حَصَلَ الْعُذْرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إلَى أَنْ يَبْقَى لِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ مَا يَسَعُ الْخُطْبَةَ وَالْجُمُعَةَ ثُمَّ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، هَذَا إذَا أَمْكَنَهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ وَأَمَّا إذَا كَانُوا لَا يُمْكِنُهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ مَا يُصَلُّونَ فِيهِ الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ أَفْذَاذًا فِي آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ قَرُبَ زَوَالُهُ بِالْعُرْفِ) اعْتِبَارُ الْقُرْبِ بِالْعُرْفِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْبِسَاطِيِّ الْقُرْبُ بِقَدْرِ أُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا بِالْفَاتِحَةِ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ السُّورَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ بَعُدَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لَهُمْ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ اسْتَخْلَفُوا وُجُوبًا مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ وَلَا يَنْتَظِرُونَهُ فَإِنْ تَقَدَّمَ إمَامٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافِ أَحَدٍ صَحَّتْ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ اسْتِخْلَافَ الْإِمَامِ وَاجِبٌ

(قَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَلَا يَكْفِي إيقَاعُهُمَا فِي رِحَابِهِ وَلَا فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهَا) أَيْ الْخُطْبَةَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا وَصْلُ الصَّلَاةِ بِهَا) أَيْ وَوَصْلُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَذَلِكَ وَيَسِيرُ الْفَصْلِ مُغْتَفَرٌ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا عَرَبِيَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ عَجَمًا لَا يَعْرِفُونَ الْعَرَبِيَّةَ فَلَوْ كَانَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْإِتْيَانَ بِالْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً لَمْ يَلْزَمْهُمْ جُمُعَةٌ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْجَهْرُ بِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ صُمًّا لَا يَسْمَعُونَ فَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ بُكْمًا سَقَطَتْ الْجَمَاعَةُ عَنْهُمْ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْخُطْبَةِ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَمِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً) قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الْخُطْبَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ تُطْلَقُ عَلَى مَا يُقَالُ فِي الْمَحَافِلِ مِنْ الْكَلَامِ الْمُنَبَّهِ بِهِ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ لَدَيْهِمْ وَالْمُرْشِدِ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِمْ حَالِيَّةً أَوْ مَالِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْعِظَةٌ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ تَحْذِيرٍ أَوْ تَبْشِيرٍ أَوْ قُرْآنٍ يُتْلَى وَقَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَقَلُّ الْخُطْبَةِ حَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَحْذِيرٌ وَتَبْشِيرٌ وَقُرْآنٌ اهـ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَكُلٌّ مِنْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَالْقُرْآنِ مُسْتَحَبٌّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ كَلَامًا مَسْجَعًا) الظَّاهِرُ أَنَّ كَوْنَهَا سَجْعًا لَيْسَ شَرْطَ صِحَّةٍ فَلَوْ أَتَى بِهَا نَظْمًا أَوْ نَثْرًا صَحَّتْ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا إنْ لَمْ يُصَلِّ فَإِنْ صَلَّى فَلَا إعَادَةَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ يَشْتَمِلُ عَلَى وَعْظٍ) أَيْ وَنُدِبَ كَوْنُهَا عَلَى مِنْبَرٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ) أَيْ فَقَطْ وَقَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ أَيْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِإِجْزَاءِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ) أَيْ وَكَذَا يُنْدَبُ فِيهَا التَّرَضِّي عَلَى الصَّحَابَةِ

ص: 378