الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ تَرْكُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ خَاصَّةً لَا الْوَطْءُ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا حَتَّى فِي قَضَاءِ الْمَنَازِلِ تَعْظِيمًا لِلْقِبْلَةِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ التَّرْكُ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ جَازَ فِي الْوَطْءِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ اخْتَارَ فِيهِ الْجَوَازَ مَعَ السَّاتِرِ فِي الْفَضَاءِ وَغَيْرِهِ، الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَهُ أَيْضًا أَنَّ اخْتِيَارَهُ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ مَعَ أَنَّهُ جَارٍ عِنْدَهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مَعَ السَّاتِرِ مَا عَدَا الْمِرْحَاضِ، فَإِنَّهُ مَعَ السَّاتِرِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَمَعَ غَيْرِهِ فِيهِ طَرِيقَانِ وَمَا لِلَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا جَائِزَةٌ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الْفَضَاءِ أَيْ الصَّحْرَاءِ بِغَيْرِ سَاتِرٍ فَحَرَامٌ فِي الْوَطْءِ وَالْفَضْلَةِ (لَا) اسْتِقْبَالُ أَوْ اسْتِدْبَارُ (الْقَمَرَيْنِ) الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (وَ) لَا (بَيْتِ الْمَقْدِسِ) فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا
[دَرْسٌ](وَوَجَبَ) بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (اسْتِبْرَاءٌ) مُصَوَّرٌ ذَلِكَ وَمُفَسَّرٌ (بِاسْتِفْرَاغِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: أَيْ تَرْكُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطَ) مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا أَيْ فِي الْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَأَوْلَى عِنْدَ عَدَمِهِ وَقَوْلُهُ: لَا الْوَطْءُ أَيْ.
وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَهُ يَعْنِي مَعَ السَّاتِرِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: تَعْظِيمًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ تَرْكَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا وَلَوْ بِسَاتِرٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ اللَّخْمِيِّ اخْتَارَ تَرْكَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا فِي الْفَضَاءِ حَتَّى فَضَاءِ الْمَنَازِلِ وَلَوْ مَعَ السَّاتِرِ.
وَأَمَّا الْوَطْءُ فِيهِ مَعَ السَّاتِرِ فَلَا يُمْنَعُ عِنْدَهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ تَرْكَ كُلٍّ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْوَطْءِ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا فِي الْفَضَاءِ وَلَوْ بِسَاتِرٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِوَجْهَيْنِ إلَخْ) الْأَوَّلُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَالثَّانِي لح قَالَ بْن وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّخْمِيِّ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اسْتِوَاءُ الْوَطْءِ وَالْحَدَثِ وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِالْجِمَاعِ إلَى الْقِبْلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَرَاحِيضِ وَجَوَازُ ذَلِكَ فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَالشَّأْنُ فِي كَوْنِ أَهْلِ الْإِنْسَانِ مَعَهُ فَمَعَ انْكِشَافِهِمَا يُمْنَعُ فِي الصَّحْرَاءِ وَيَخْتَلِفُ فِي الْمُدُنِ وَمَعَ الِاسْتِتَارِ يَجُوزُ فِيهِمَا اهـ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَقِبَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ اسْتِوَاءُ الْوَطْءِ وَالْحَدَثِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَصَدَقَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ ظَاهِرَ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَمَعَ انْكِشَافِهِمَا يُمْنَعُ فِي الصَّحْرَاءِ ظَاهِرُهُ كَانَ بِسَاتِرٍ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ مَعَ الِاسْتِتَارِ يَجُوزُ فِيهِمَا إنَّمَا جَوَّزَ الْوَطْءَ مَعَ الِاسْتِتَارِ بِثَوْبَيْهِمَا وَلَمْ يُجَوِّزْ الْغَائِطَ إذَا سَدَلَ ثَوْبَهُ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ أَخَفُّ مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ اهـ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ جَارٍ فِي الْفَضَاءِ يَعْنِي الصَّحْرَاءَ وَفِي غَيْرِهَا كَرَحْبَةِ الدَّارِ وَفَضَاءِ الْمُدُنِ بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ خِلَافًا لح وَمَنْ تَبِعَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمُدُنِ وَمَنَعَهُ فِي الصَّحْرَاءِ ذَكَرَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ فِي الصَّحْرَاءِ هَلْ هِيَ طَلَبُ السَّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُصَلِّينَ وَصَالِحِي الْجِنِّ؛ لِأَنَّهُمْ يَطُوفُونَ فِي الصَّحَارِي، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاتِرٌ جَازَ لِوُجُودِ السَّاتِرِ أَوْ هِيَ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الصَّحَارِي وَالْمُدُنُ فَقَوْلُهُ وَهَذَا يَسْتَوِي إلَخْ أَيْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ الَّذِي هُوَ مُخْتَارُهُ يَسْتَوِي فِيهِ الصَّحَارِي وَالْمُدُنُ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ الْمَنْعُ فِيهِمَا لَكِنْ أُبِيحَ ذَلِكَ فِي الْمُدُنِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ قَبْلَهُ وَبَقِيَ مَا عَدَا الْمُدُنَ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ كَلَامُ بْن.
(قَوْلُهُ: أَنَّ اخْتِيَارَهُ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ كَرَحْبَةِ الدَّارِ وَفَضَاءِ الْمُدُنِ (قَوْلُهُ: فِيهِ طَرِيقَانِ) الْجَوَازُ لِعِيَاضٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَعَدَمُهُ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: إنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا جَائِزَةٌ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ سِتَّةٌ: الْأُولَى قَضَاءُ الْحَاجَةِ وَالْوَطْءُ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِدُونِ سَاتِرٍ وَهَذِهِ حَرَامٌ قَطْعًا. الثَّانِيَةُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي بَيْتِ الْخَلَاءِ الَّذِي فِي الْمَنْزِلِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِسَاتِرٍ وَهَذِهِ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا. الثَّالِثَةُ قَضَاؤُهَا فِيهِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِدُونِ سَاتِرٍ وَفِيهَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ وَلَوْ كَانَ بَيْتُ الْخَلَاءِ بِالسَّطْحِ. الرَّابِعَةُ قَضَاؤُهَا فِي الْفَضَاءِ، وَمِثْلُهَا الْوَطْءُ فِيهِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِسَاتِرٍ وَفِيهَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ. الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ وَالْوَطْءُ بِحَوْشِ الْمَنْزِلِ بِسَاتِرٍ وَبِدُونِهِ وَفِيهِمَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِيهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِيمَا ذُكِرَ كُلُّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا الْقَمَرَيْنِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا فِي الْفَضَاءِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ لِلْقِبْلَةِ لَا لِلْقَمَرَيْنِ إلَخْ فَالْمُقَدَّرُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُنَا لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ) الْمُرَادُ بِهِ الصَّخْرَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ قِبْلَةً فَيُتَوَهَّمُ مَنْعُ اسْتِقْبَالِهَا حَالَةَ التَّحَدُّثِ وَالْجِمَاعِ لَا الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إذْ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَنْزِلِ أَوْ فِي الْفَضَاءِ بِسَاتِرٍ أَوْ لَا وَإِنَّمَا أَضْرَبَ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْحُرْمَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ لِصِدْقِهِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى.
[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]
(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ
أَيْ إفْرَاغِ وَإِخْرَاجِ (أَخْبَثَيْهِ) هُمَا الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ (مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ) مَاسِكًا لَهُ مِنْ أَصْلِهِ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مَثَلًا يُمِرُّهُمَا لِرَأْسِ الْكَمَرَةِ (وَنَتْرٍ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ جَذْبِهِ لِيُخْرِجَ مَا بَقِيَ فِيهِ (خَفَّا) أَيْ السَّلْتُ وَالنَّتْرُ أَيْ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَفِيفًا لَا بِقُوَّةٍ لِأَنَّهُ كَالضَّرْعِ كُلَّمَا سُلِتَ بِقُوَّةٍ أَعْطَى النَّدَاوَةَ وَلِأَنَّ قُوَّةَ ذَلِكَ تُوجِبُ اسْتِرْخَاءَ الْعُرُوقِ وَيَضُرُّ بِالْمَثَانَةِ أَيْ مُسْتَقَرِّ الْبَوْلِ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ انْقِطَاعُ الْمَادَّةِ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَفِّفَ زَمَنَهُمَا أَيْضًا وَلَا يَتْبَعْ الْأَوْهَامَ، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَمَكُّنِ الْوَسْوَسَةِ مِنْ الْقَلْبِ وَهِيَ تَضُرُّ بِالدِّينِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى
(وَنُدِبَ) لِلْمُسْتَنْجِي (جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ مَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ مِمَّا يَأْتِي لِإِزَالَتِهِمَا الْعَيْنَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنْ يَكُونَا لِلطَّلَبِ وَأَنْ تَكُونَا زَائِدَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَا لِلطَّلَبِ فِي الْأَوَّلِ وَزَائِدَتَيْنِ فِي الثَّانِي، فَإِنْ كَانَتَا لِلطَّلَبِ فِيهِمَا أَوْ زَائِدَتَيْنِ فِيهِمَا كَانَتْ الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْبَرَاءَةِ هُوَ طَلَبُ الْإِفْرَاغِ وَالْإِخْرَاجِ لِلْأَخْبَثَيْنِ وَكَذَلِكَ الْبَرَاءَةُ هِيَ إخْرَاجُ الْأَخْبَثَيْنِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا حِينَئِذٍ لِلِاسْتِعَانَةِ وَلَا لِلسَّبَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعَانَ بِهِ غَيْرُ الْمُسْتَعَانِ عَلَيْهِ وَالسَّبَبَ غَيْرُ الْمُسَبَّبِ، وَهُنَا الْبَرَاءَةُ وَإِخْرَاجُ الْأَخْبَثَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَكَذَا طَلَبُهُمَا.
وَأَمَّا إنْ جَعَلْنَا السِّينَ وَالتَّاءَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ لِلطَّلَبِ وَفِي الِاسْتِفْرَاغِ زَائِدَتَيْنِ كَانَتْ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ لِلِاسْتِعَانَةِ أَيْ وَوَجَبَ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ بِتَفْرِيغِ الْمَحَلَّيْنِ مِنْ الْأَخْبَثَيْنِ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ جَعَلَ الْبَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّصْوِيرِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ نَظَرًا لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: أَيْ إفْرَاغُ وَإِخْرَاجُ أَخْبَثَيْهِ) أَيْ مِنْ مَخْرَجَيْهِمَا، فَلَوْ تَوَضَّأَ وَالْبَوْلُ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ أَوْ الْغَائِطُ فِي دَاخِلِ فَمِ الدُّبُرِ كَانَ الْوُضُوءُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْوُضُوءِ كَمَا مَرَّ عَدَمُ حُصُولِ الْمُنَافِي فَالِاسْتِبْرَاءُ مَطْلُوبٌ لِأَجْلِ إزَالَةِ الْحَدَثِ لَا لِأَجْلِ إزَالَةِ الْخَبَثِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَجَبَ أَيْ وَجَبَ مَا ذُكِرَ مَعَ سَلْتِ ذَكَرِهِ وَنَتْرِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى وُجُوبِهِمَا وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ.
وَأَمَّا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تَضَعُ يَدَهَا عَلَى عَانَتِهَا وَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ، وَأَمَّا الْخُنْثَى فَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ احْتِيَاطًا وَقَوْلُهُ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ إلَخْ هَذَا خَاصٌّ بِالْبَوْلِ، وَأَمَّا الْغَائِطُ فَيَكْفِي فِي تَفْرِيغِ الْمَحَلِّ مِنْهُ الْإِحْسَاسُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِمَّا هُوَ بِصَدَدِ الْخُرُوجِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا بَطَنَ مِنْ الْمَخْرَجِ بَلْ يَحْرُمُ لِشِبْهِ ذَلِكَ بِاللِّوَاطِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَشَارَ إلَى أَنَّ السَّلْتَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خُصُوصِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ نَعَمْ هُمَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا أَعْوَنُ عَلَى الْإِفْرَاغِ مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُمِرُّهُمَا) أَيْ مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ جَذْبِهِ) فِيهِ أَنَّ الْجَذْبَ هُوَ السَّحْبُ الَّذِي هُوَ السَّلْتُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ تَحْرِيكُهُ يَمِينًا وَشِمَالًا أَوْ فَوْقُ وَتَحْتُ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّتْرَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ هُوَ التَّحْرِيكُ الْخَفِيفُ وَحِينَئِذٍ فَوَصْفُ الْمُصَنِّفُ لَهُ بِالْخِفَّةِ كَاشِفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ لِأَخْذِ الْخِفَّةِ فِي مَفْهُومِهِ وَلَيْسَ وَصْفًا مُخَصَّصًا كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الذَّكَرَ كَالضَّرْعِ (قَوْلُهُ: أَعْطَى النَّدَاوَةَ) أَيْ فَيَتَسَبَّبُ عَدَمَ التَّنْظِيفِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ قُوَّةَ ذَلِكَ) أَيْ السَّلْتِ (قَوْلُهُ: وَيَضُرُّ بِالْمَثَانَةِ) أَيْ يُصَيِّرُهَا مَرْخِيَّةً سَائِبَةً لَا تُمْسِكُ عَلَى الْبَوْلِ بَلْ كُلَّمَا حَصَلَ فِيهَا شَيْءٌ نَزَلَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ) هَذَا غَايَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ وَنَتْرٍ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الظَّنِّ بِانْقِطَاعِ الْمَادَّةِ فَإِذَنْ لَا يُشْتَرَطُ التَّنْشِيفُ وَأَنَّهُ لَوْ مَكَثَ مُدَّةً بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ السَّلْتُ كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا وَلَوْ لَمْ يَسْلُتْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعْ الْأَوْهَامَ) أَيْ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ انْقِطَاعُ الْمَادَّةِ مِنْ الذَّكَرِ تَرَكَ ذَلِكَ السَّلْتَ وَالنَّتْرَ وَلَا يَعْمَلُ عَلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ تَوَهُّمِ بَقَاءِ شَيْءٍ فِي الذَّكَرِ مِنْ الْمَادَّةِ وَمَا شَكَّ فِي خُرُوجِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ كَنُقْطَةٍ فَمَعْفُوٌّ عَنْهَا، فَإِنْ فَتَّشَ وَرَآهَا فَحُكْمُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ أَيْ أَنَّهَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ إنْ لَمْ تُلَازِمْ جُلَّ الزَّمَانِ وَيَجِبُ غَسْلُهَا إنْ لَمْ تَعْتَرِهِ كُلَّ يَوْمٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ) أَيْ مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْيَابِسُ الطَّاهِرُ الْمُنَقِّي غَيْرُ الْمُؤْذِي وَغَيْرُ الْمُحْتَرَمِ، وَأَمَّا مَا لَا
وَالْأَثَرَ مَعَ عَدَمِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ بِيَدِهِ فَيُقَدِّمُ الْحَجَرَ ثُمَّ يُتْبِعُهُ بِالْمَاءِ (ثُمَّ) نُدِبَ عِنْدَ إرَادَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا (مَاءٌ) لِأَنَّهُ أَنْقَى لِلْمَحَلِّ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ أَجْزَأَ فِي غَيْرِ مَا تَعَيَّنَ فِيهِ الْمَاءُ (وَتَعَيَّنَ) الْمَاءُ وَلَا يَكْفِي الْحَجَرُ (فِي مَنِيٍّ) خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَكَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ لِمَرَضٍ أَوْ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غَسْلَهُ أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ وَكَانَ يَأْتِي يَوْمًا وَيُفَارِقُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ أَمَّا إذَا كَانَ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ مَاءٌ وَلَا حَجَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَعْفُوَّاتِ وَوَقَعَ لِلشُّرَّاحِ هُنَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ وَإِمَّا صَحِيحٌ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي غَسْلَهُ وَنَزَلَ الْمَنِيُّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَخَبَثُهُ (وَ) تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي (حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) وَيَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى فِي الْمَنِيِّ (وَ) فِي (بَوْلِ امْرَأَةٍ) بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا لِتَعَدِّيهِ مِنْهَا مَخْرَجَهُ إلَى جِهَةِ الْمَقْعَدَةِ غَالِبًا إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَسًا وَإِلَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ مَاءٌ وَلَا حَجَرٌ إنْ كَانَ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
يُبَاحُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ يَعْنِي لَا يَكُونُ جَمْعُهُ مَعَ الْمَاءِ أَفْضَلَ مِنْ الْمَاءِ وَحْدَهُ كَذَا فِي عبق وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ جَمْعُهُ مَعَ الْمَاءِ جَائِزًا كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ زَرُّوقٍ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ الْمَاءِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ النَّدْبِ أَوْلَى اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْأَثَرِ) أَيْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ الْحَجَرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الْحَجَرُ إلَخْ فَهُوَ عِلَّةٌ لِعَدَمِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ لِيَدِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْقَى لِلْمَحَلِّ) أَيْ لِإِزَالَتِهِ الْعَيْنَ وَالْحُكْمَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ أَجْزَأَ إلَخْ) وَهَلْ يَكُونُ الْمَحَلُّ طَاهِرًا لِرَفْعِ الْحُكْمِ وَالْعَيْنِ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ، وَظَاهِرُ الطِّرَازِ أَنَّ الْحَجَرَ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ لَا يَرْفَعُ الْحُكْمَ وَأَنَّ الْمَحَلَّ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي مَنِيٍّ إلَخْ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَنِيَّ وَالْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ يَتَعَيَّنُ فِيهَا غَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ وَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهَا كِفَايَةُ الِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِلنَّصِّ عَلَى تَعَيُّنِ الْمَاءِ فِيهَا وَعَدَمِ كِفَايَةِ الْأَحْجَارِ وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِي حَقِّ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ أَوْ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غَسْلَهُ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ فَيُقَالُ لِمَنْ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الذَّكَرِ أَوْ الْفَرْجِ بِالْمَاءِ وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ الدَّاخِلِ فِي الْفَرْجِ بِالْمَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الْمَنِيِّ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ كُلِّهِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ بَرَكَاتٍ الْحَطَّابِ أَخِي الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْحَطَّابِ شَارِحِ الْمَتْنِ وَتِلْمِيذِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غَسْلَهُ) أَيْ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ) أَيْ فَهَذَا إنَّمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ لَا الْغُسْلَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الذَّكَرِ بِالْمَاءِ مَعَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَيُوجِبُ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَعْفُوَّاتِ) أَيْ مِنْ أَنَّ حَدَثَ الْمُسْتَنْكِحِ إذَا أَتَى كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ إزَالَتِهِ مُطْلَقًا أَوْجَبَ الْوُضُوءَ بِأَنْ فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ لِلشُّرَّاحِ هُنَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ) حَيْثُ قَالُوا مَنِيُّ صَاحِبِ السَّلَسِ يَكْفِيهِ الْحَجَرُ كَالْبَوْلِ وَالْحَصَى وَالدُّودِ بِبِلَّةٍ فَقَوْلُهُمْ يَكْفِيهِ الْحَجَرُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ إنْ أَتَى يَوْمًا وَفَارَقَ يَوْمًا تَعَيَّنَ فِيهِ الْمَاءُ وَإِنْ أَتَى كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يُطْلَبُ فِيهِ حَجَرٌ وَلَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى فِي الْمَنِيِّ) أَيْ فَيُحْمَلَانِ عَلَى مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَوْ نِفَاسُهَا وَفَرْضُهَا التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ أَوْ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غُسْلَهَا وَمَعَهَا مِنْ الْمَاءِ مَا تُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ فَلَا بُدَّ فِي غَسْلِ الدَّمِ مِنْ فَرْجِهَا مِنْ الْمَاءِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ (قَوْلُهُ: وَفِي بَوْلِ امْرَأَةٍ) مِثْلُ بَوْلِهَا بَوْلُ الْخَصِيِّ أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ قُطِعَتْ أُنْثَيَاهُ أَيْضًا أَمْ لَا وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَنِيُّ الرَّجُلِ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ غَسْلِهَا فَهُوَ كَبَوْلِهَا لَا يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ وَمِثْلُهُ أَيْضًا الْبَوْلُ الْخَارِجُ مِنْ الثُّقْبَةِ إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَشِرٌ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الْأَحْجَارُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَوْلٌ أَنَّ حُكْمَهَا فِي الْغَائِطِ حُكْمُ الرَّجُلِ وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا كُلَّ مَا ظَهَرَ مِنْ فَرْجِهَا حَالَ جُلُوسِهَا.
وَأَمَّا قَوْلُ عبق وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ مَا ظَهَرَ مِنْ فَرْجِهَا وَالْبِكْرُ مَا دُونَ الْعُذْرَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ إنَّمَا هِيَ فِي الْحَيْضِ خَاصَّةً كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَاخْتَارَ فِي الْبَوْلِ تَسَاوِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ قَبْلَ الْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ اُنْظُرْ ح وَلَا تُدْخِلُ الْمَرْأَةُ يَدَهَا بَيْنَ شَفْرَيْهَا كَفِعْلِ اللَّوَاتِي لَا دِينَ لَهُنَّ وَكَذَا يَحْرُمُ إدْخَالُ أُصْبُعٍ بِدُبُرِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ لِزَوَالِ الْخَبَثِ كَمَا فِي المج وَلَا يُقَالُ الْحُقْنَةُ مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْحُقْنَةَ شَأْنُهَا تُفْعَلُ لِلتَّدَاوِي (قَوْلُهُ: غَالِبًا) أَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ عَدَمُ تَعَدِّي بَوْلِهَا لِجِهَةِ الْمَقْعَدَةِ وَعَدَمُ انْتِشَارِهِ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ تَعَيُّنُ الْمَاءِ لِبَوْلِ الْمَرْأَةِ ثَابِتٌ مُطْلَقًا حَصَلَ فِيهِ انْتِشَارٌ أَمْ لَا إلْحَاقًا لِغَيْرِ الْغَالِبِ بِالْغَالِبِ
(وَ) يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِي حَدَثِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (مُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ) انْتِشَارًا (كَثِيرًا) وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَلْوِيثِهِ كَأَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْأَلْيَةِ أَوْ يَعُمَّ جَمِيعَ الْحَشَفَةِ أَوْ جُلَّهَا (وَ) تَعَيَّنَ فِي (مَذْيٍ) خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَإِلَّا كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ مَا لَمْ يَكُنْ سَلَسًا لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ (بِغَسْلِ) أَيْ مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ (ذَكَرِهِ كُلِّهِ) لَا مَحَلِّ الْأَذَى خَاصَّةً خِلَافًا لِلْعِرَاقِيَّيْنِ وَإِذَا قُلْنَا بِغَسْلِ كُلِّهِ (فَفِي) وُجُوبِ (النِّيَّةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي النَّفْسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَعَدَمِ وُجُوبِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ تَعَبُّدٍ بَلْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعٌ مِنْ التَّعَبُّدِ وَإِلَّا لَاقْتَصَرَ عَلَى مَحَلِّ الْأَذَى خَاصَّةً قَوْلَانِ (وَ) فِي (بُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا) أَيْ النِّيَّةِ مَعَ غَسْلِ جَمِيعِ الذَّكَرِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهَا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَوْلَانِ (أَوْ) بُطْلَانِ صَلَاةِ (تَارِكِ) غَسْلِ (كُلِّهِ) أَيْ وَغَسَلَ بَعْضَهُ وَلَوْ مَحَلَّ الْأَذَى خَاصَّةً بِنِيَّةٍ أَوْ لَا وَعَدَمِ الْبُطْلَانِ (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ فِي هَذَا الْفَرْعِ، وَقَدْ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ وَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَغْسِلْ مِنْهُ شَيْئًا فَالْبُطْلَانُ قَطْعًا كَمَا أَنَّهُ إذَا غَسَلَهُ كُلَّهُ بِنِيَّةٍ فَالصِّحَّةُ اتِّفَاقًا وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَيَجِبُ تَكْمِيلُ غَسْلِهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَفِي إعَادَتِهَا فِي الْوَقْتِ قَوْلَانِ وَيَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْ ذَكَرِهِ وَلَا نِيَّةَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي مَذْيِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ
(وَلَا يَسْتَنْجِي مِنْ) خُرُوجِ (رِيحٍ) أَيْ يُكْرَهُ كَمَا لَا يُغْسَلُ مِنْهُ الثَّوْبُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَمُنْتَشِرٍ) أَيْ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِي هَذَا الْحَدَثِ كُلِّهِ لَا فِي الْمُنْتَشِرِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَغْسِلُ الْكُلَّ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَا جَاوَزَ الْمُعْتَادَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَغْتَفِرُونَ الشَّيْءَ مُنْفَرِدًا دُونَهُ مُجْتَمِعًا مَعَ غَيْرِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: يَغْسِلُ الْمُنْتَشِرَ الزَّائِدَ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَلْوِيثِهِ وَيُعْفَى عَنْ الْمُعْتَادِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا بَقِيَ مِنْ الْفَضْلَةِ عَلَى فَمِ الْمَخْرَجِ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ زَائِدٍ عَلَى الْمُعْتَادِ يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مُنْتَشِرًا كَثِيرًا غَسَلَ الزَّائِدَ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَلْوِيثِهِ وَعُفِيَ عَنْ الْمُعْتَادِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلًا لَكِنْ صَارَ يَأْتِي يَوْمًا وَيُفَارِقُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ أَوْ خَرَجَ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَهَزِّ دَابَّةٍ مَثَلًا كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ (وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ) أَيْ وَلَا يُطْلَبُ فِي إزَالَتِهِ حَجَرٌ وَلَا مَاءٌ (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ) أَيْ وَأَمَّا مَا فِي خش وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ مَا خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ مِنْ الْمَنِيِّ أَوْ مِنْ الْمَذْيِ إنْ لَمْ يُوجِبْ الْوُضُوءَ بِأَنْ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ وَإِنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ لِمُلَازَمَتِهِ أَقَلَّ الزَّمَانِ تَعَيَّنَ فِيهِ الْمَاءُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُ مَتَى أَتَى كُلَّ يَوْمٍ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ لَا يُطْلَبُ فِي إزَالَتِهِ مَاءٌ وَلَا حَجَرٌ وَعُفِيَ عَنْهُ لَازِمُ كُلِّ الزَّمَانِ أَوْ جُلِّهِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ أَقَلِّهِ بَلْ وَلَوْ أَتَى مَرَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: بِغَسْلِ ذَكَرِهِ كُلِّهِ) اعْلَمْ أَنَّ غَسْلَ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ قِيلَ: إنَّهُ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ الْمَادَّةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَقِيلَ: إنَّهُ تَعَبُّدٌ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يَتَفَرَّعُ خِلَافٌ هَلْ الْوَاجِبُ غَسْلُ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي وَيَتَفَرَّعُ أَيْضًا هَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ فِي غَسْلِهِ أَوْ لَا تَجِبُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَبُّدِ تَجِبُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ لَا تَجِبُ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ إذَا غُسِلَ كُلُّهُ بِلَا نِيَّةٍ وَصَلَّى هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ الْأَمْرَ الْوَاجِبَ وَهُوَ النِّيَّةُ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَمُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَأَنَّ الْغَسْلَ مُعَلَّلٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ غَسْلِهِ كُلِّهِ لَوْ غَسَلَ بَعْضَهُ بِنِيَّةٍ أَوْ بِدُونِهَا وَصَلَّى هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا تَبْطُلُ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ: إنَّمَا يَجِبُ غَسْلُ بَعْضِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فَهَلْ تُعَادُ فِي الْوَقْتِ نَدْبًا أَوْ لَا يُطْلَبُ بِإِعَادَتِهَا قَوْلَانِ هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا إلَخْ) هَذَانِ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ فِي هَذَا الْفَرْعِ مُرَتَّبَانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَهُ فَاَلَّذِي يَقُولُ هُنَا بِالْبُطْلَانِ بَنَاهُ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ وَاَلَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ بَنَاهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ سَابِقًا وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَغْسِلْ مِنْهُ شَيْئًا) أَيْ وَاقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ (قَوْلُهُ: فَالصِّحَّةُ اتِّفَاقًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا غَسَلَهُ كُلَّهُ بِلَا نِيَّةٍ وَصَلَّى فَقَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ وَإِنْ غَسَلَ بَعْضَهُ بِنِيَّةٍ أَوْ بِدُونِهَا وَصَلَّى فَقَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ الصِّحَّةُ اتِّفَاقًا فِي حَالَةٍ وَالْبُطْلَانُ اتِّفَاقًا فِي حَالَةٍ وَالْخِلَافُ فِي حَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ) أَيْ فِيمَا إذَا غَسَلَ بَعْضَهُ بِنِيَّةٍ أَوْ بِدُونِهَا (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ تَكْمِيلُ غَسْلِهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَصَلَّى بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِدُونِ تَكْمِيلٍ فَفِي صِحَّةِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَبُطْلَانِهَا قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي) أَيْ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ الْمَذْيُ عِنْدَ غَسْلِ ذَكَرِهِ أَوْ مَنْ أَرَادَ تَكْمِيلَ غَسْلِ ذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا نِيَّةَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي مَذْيِهَا) أَيْ وَتَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ اسْتِظْهَارِهِ افْتِقَارَ غَسْلِهَا الْمَذْيَ لِنِيَّةٍ. مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ بِلَا نِيَّةٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي عج.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَنْجِي مِنْ رِيحٍ) هَذَا نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ مِنَّا مَنْ اسْتَنْجَى مِنْ رِيحٍ» أَيْ لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا وَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا لِلْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُغْسَلُ مِنْهُ الثَّوْبُ)
(وَجَازَ) أَيْ الِاسْتِنْجَاءُ بِمَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ إذْ الِاسْتِنْجَاءُ يَشْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ وَالْأَحْجَارِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِهِ فَرْدِهِ الثَّانِي (بِيَابِسٍ) كَانَ مِنْ نَوْعِ الْأَرْضِ كَحَجَرٍ وَمَدَرٍ أَيْ طُوبٍ وَهُوَ مَا حُرِقَ مِنْ الطِّينِ كَالْآجُرِّ أَوْ لَا كَخِرَقٍ وَقُطْنٍ وَصُوفٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ وَإِلَّا كُرِهَ (طَاهِرٍ مُنَقٍّ غَيْرِ مُؤْذٍ وَلَا مُحْتَرَمٍ)(لَا) يَجُوزُ بِ (مُبْتَلٍّ) كَطِينٍ (وَ) لَا (نَجَسٍ) كَعَظْمِ مَيْتَةٍ وَرَوْثِ مُحَرَّمِ أَكْلٍ وَعَذِرَةٍ (وَ) لَا (أَمْلَسَ) كَزُجَاجٍ وَقَصَبٍ لِعَدَمِ الْإِنْقَاءِ (وَ) لَا (مُحَدَّدٍ) كَمَكْسُورِ زُجَاجٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ وَسِكِّينٍ (وَ) لَا (مُحْتَرَمٍ) إمَّا لِطَعْمِهِ أَوْ لِشَرَفِهِ أَوْ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَبَيَّنَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (مِنْ مَطْعُومٍ) لِآدَمِيٍّ وَلَوْ مِنْ أَدْوِيَةٍ وَعَقَاقِيرَ كَحَزَنْبَلٍ وَمُغَاتٍ وَشَمَلَ الْمِلْحَ وَالْوَرَقَ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّشَا وَبَيَّنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (وَ) مِنْ (مَكْتُوبٍ) لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ وَلَوْ بَاطِلًا كَسِحْرٍ (وَ) مِنْ (ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) يَاقُوتَةٍ وَجَوْهَرٍ نَفِيسٍ وَبَيَّنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَجِدَارٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ لِطَهَارَتِهِ وَمِثْلُ الرِّيحِ فِي كَوْنِهِ لَا يُسْتَنْجَى مِنْهُ الْحَصَى وَالدُّودُ إذَا خَرَجَا خَالِصَيْنِ مِنْ الْبِلَّةِ أَوْ كَانَتْ خَفِيفَةً.
وَأَمَّا لَوْ كَثُرَتْ الْبِلَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ أَوْ الِاسْتِجْمَارِ بِالْحَجَرِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَمَا يَأْتِي وَبِهَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ شَيْءٌ خَرَجَ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ أَوْجَبَ قَطْعَ الصَّلَاةِ وَالِاسْتِنْجَاءَ وَالْوُضُوءُ بَاقٍ بِحَالِهِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بِيَابِسٍ) أَيْ جَازَ بِمَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ الْخَمْسَةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ بِيَابِسٍ إلَخْ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَافُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ صَلَابَةٌ أَوْ لَا لَا خُصُوصَ مَا فِيهِ صَلَابَةٌ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِ الشَّارِحِ بِالْخِرَقِ وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: إذْ الِاسْتِنْجَاءُ يَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْأَثِيرِ إزَالَةُ الْأَذَى مِنْ عَلَى الْمَخْرَجِ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْحَجَرِ وَالِاسْتِجْمَارُ إزَالَةُ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ بِالْأَحْجَارِ فَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ طُوبٍ) تَفْسِيرٌ لِلْمَدَرِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ الطُّوبُ مَا حُرِقَ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ كَانَ ذَلِكَ الْيَابِسُ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ كَخِرَقٍ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ جَمْعُ خِرْقَةٍ لَا بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ؛ لِأَنَّ الْخَزَفَ هُوَ الْآجُرُّ وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: لَا بِمُبْتَلٍّ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزِ الْأَوْصَافِ الْخَمْسَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي جَوَازِ مَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِمَفْهُومِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ لِمَفْهُومِ غَيْرِ الشَّرْطِ كَالصِّفَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ بِمُبْتَلٍّ) أَيْ يَحْرُمُ لِنَشْرِهِ النَّجَاسَةَ وَأَحْرَى الْمَائِعُ، فَإِنْ وَقَعَ وَاسْتَجْمَرَ بِهِ فَلَا يُجْزِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الْمَحَلِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَاءِ، فَإِنْ صَلَّى عَامِدًا قَبْلَ غَسْلِهِ أَعَادَ أَبَدًا وَمَا قِيلَ فِي الْمُبْتَلِّ يُقَالُ فِي النَّجَسِ أَيْ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُسْتَنْجَى بِهِ وَيَغْسِلُ الْمَحَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَائِعًا وَأَنَّهُ إنْ صَلَّى عَامِدًا بِدُونِ غَسْلٍ أَعَادَ أَبَدًا (قَوْلُهُ: وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ) عَطْفٌ عَلَى زُجَاجٍ أَيْ مَكْسُورِ قَصَبٍ وَمَكْسُورِ حَجَرٍ بِأَنْ كَانَ مُحَرَّفًا (قَوْلُهُ: وَعَقَاقِيرَ) الْعَطْفُ مُغَايِرٌ إنْ أُرِيدَ بِالْأَدْوِيَةِ الْمُرَكَّبَاتُ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالْوَرَقُ) أَيْ وَكَذَلِكَ النُّخَالَةُ غَيْرُ الْخَالِصَةِ مِنْ الدَّقِيقِ.
وَأَمَّا النُّحَالَةُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْخَشَبِ إذَا مَلَّسَهُ النَّجَّارُ أَوْ خَرَطَهُ وَالسُّحَالَةُ وَهِيَ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْخَشَبِ عِنْدَ نَشْرِهِ بِالْمِنْشَارِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الِاسْتِجْمَارِ بِهِمَا كَذَا قَالَ الشُّرَّاحُ لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي النُّخَالَةِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِأَنَّهَا وَإِنْ خَلَصَتْ مِنْ الطَّعَامِ إلَّا أَنَّهَا مَا زَالَتْ مُحْتَرَمَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ؛ لِأَنَّهَا عَلَفٌ لِلدَّوَابِّ وَإِذَا اُحْتُرِمَ عَلَفُ دَوَابِّ الْجِنِّ فَأَحْرَى عَلَفُ دَوَابِّ الْإِنْسِ اهـ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ) أَيْ لِشَرَفِهَا قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ مَحَلُّ كَوْنِ الْحُرُوفِ لَهَا حُرْمَةٌ إذَا كَانَتْ مَكْتُوبَةً بِالْعَرَبِيِّ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ لَهَا إلَّا إذَا كَانَ الْمَكْتُوبُ بِهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَقَالَ عج الْحُرُوفُ لَهَا حُرْمَةٌ سَوَاءٌ كُتِبَتْ بِالْعَرَبِيِّ أَوْ بِغَيْرِهِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ ح وَفَتْوَى النَّاصِرِ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاطِلًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَكْتُوبُ بَاطِلًا كَسِحْرٍ وَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ مُبَدِّلًا فِيهِمَا أَسْمَاءَ اللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ (قَوْلُهُ: وَجِدَارٍ لِوَقْفٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْفُ مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ كَأَنْ وَقَفَهُ أَوْ وَقَفَ غَيْرَهُ كَانَ الِاسْتِجْمَارُ بِجِدَارِ الْوَقْفِ مِنْ دَاخِلِهِ أَوْ مِنْ خَارِجِهِ فَالْحُرْمَةُ بِالِاسْتِجْمَارِ بِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِهَدْمِهِ