الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ زِرٍّ وَفُرُشٍ وَمَسَانِدَ (وَلَوْ نَعْلًا) وَقَبْقَابًا (لَا كَسَرِيرٍ) وَمُكْحُلَةٍ وَمُشْطٍ وَمِرْآةٍ وَمُدْيَةٍ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ مُحَلًّى بِهِمَا فَلَا يَجُوزُ
(فَصْلٌ) يَذْكُرُ فِيهِ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا وَمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَدَّمَ بَيَانَ حُكْمِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ عَلَى الْكَلَامِ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ (هَلْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ) الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا (عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ) يَعْنِي مَحْمُولَهُ فَيَشْمَلُ الْحَجَرَ وَالْحَشِيشَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالرَّابِعَةِ الْمَنْعُ وَالْمُرَجَّحُ فِي الثَّانِيَةِ وَالْخَامِسَةِ الْجَوَازُ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الرَّاجِحِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ زِرٍّ) أَيْ وَقُفْلِ جَيْبٍ وَلَفَائِفِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَمَسَانِدَ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَشَيْخُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنْ يَنَامَ مَعَهَا عَلَى الْفُرُشِ الْحَرِيرِ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَصَاحِبُ الْمَدْخَلِ حَيْثُ قَالَا: يَجُوزُ لَهُ تَبَعًا لَهَا وَإِذَا قَامَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ مِنْ عَلَيْهِ وَأَيْقَظَتْهُ إنْ كَانَ نَائِمًا وَالنَّامُوسِيَّةُ مِنْ قَبِيلِ السَّاتِرِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ إذَا كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ مَا لَمْ يَرْتَكِنْ إلَيْهَا وَفِي الْمَدْخَلِ فِي فَصْلِ خُرُوجِ النِّسَاءِ لِلْمَحْمَلِ مَنْعُهَا؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَهُوَ وَجِيهٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَزْوِيقَ الْحِيطَانِ وَالسَّقْفِ وَالْخَشَبِ وَالسَّاتِرِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جَائِزٌ فِي الْبُيُوتِ وَفِي الْمَسَاجِدِ مَكْرُوهٌ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَشْغَلُ الْمُصَلِّي وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَعْلًا) فِي ح أَنَّ لَوْ لِرَدِّ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ فِي الْمَذْهَبِ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ لَوْ هُنَا لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ، وَإِنْ لَبِسَهَا لِلنَّعْلِ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ جَسَدِهَا فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَلَا مِنْ الْمُحَلَّى بِهِ وَجَازَ لَهَا اتِّخَاذُ شَرِيطِ السَّرِيرِ مِنْ حَرِيرٍ لِاتِّصَالِ ذَلِكَ بِجَسَدِهَا كَالْفُرُشِ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ الْمَنْعِ
[فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]
(فَصْلٌ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) دَرْسٌ (قَوْلُهُ: حُكْمِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ) أَيْ الْحَاصِلَةِ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ) أَيْ الْحَاصِلَةِ بِالْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ (قَوْلُهُ: الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي فِي غَسْلِهَا الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَأَمَّا الْمَعْفُوُّ عَنْهَا فَغَسْلُهَا مَنْدُوبٌ إنْ تَفَاحَشَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ) أَيْ مُرِيدِ الصَّلَاةِ لَا الْمُصَلِّي بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ بِالْإِزَالَةِ إلَّا إذَا شَرَعَ فِيهَا بِالْفِعْلِ وَهُوَ بَاطِلٌ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلصَّلَاةِ وَكَانَ بِجَسَدِهِ نَجَاسَةٌ، فَإِنْ كَانَ مُرِيدَ الطَّوَافِ أَوْ مَسَّ مُصْحَفٍ، وَكَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَجَبَتْ الْإِزَالَةُ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْوُضُوءِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا صِحَّةُ الطَّوَافِ وَجَوَازُ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَجَبَتْ الْإِزَالَةُ فِي الطَّوَافِ وَنُدِبَتْ فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ مَكْرُوهٌ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلطَّوَافِ وَلَا لِمَسِّ الْمُصْحَفِ وَلَا صَلَاةَ، فَإِنَّهَا تُنْدَبُ الْإِزَالَةُ فَقَطْ كَانَتْ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي) أَيْ بِثَوْبِهِ مَحْمُولَهُ وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّوْبِ مَحْمُولُ الْمُصَلِّي لَا خُصُوصُ مَا يَسْلُكُ فِي الْعُنُقِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّتْ الْمُبَالَغَةُ عَلَى طَرَفِ الْعِمَامَةِ، وَإِطْلَاقُ الثَّوْبِ عَلَى الْمَحْمُولِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ، أَوْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ وَإِرَادَةِ الْعَامِّ وَلَيْسَ مِنْ مَحْمُولِهِ رَسَنُ الدَّابَّةِ الْحَامِلَةِ لِلنَّجَاسَةِ أَوْ الْمُتَنَجِّسَةِ إذَا جَعَلَهُ فِي وَسَطِهِ فَأَوْلَى تَحْتَ قَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُنْسَبُ لِلدَّابَّةِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ مَا لَمْ تَكُنْ
وَالْحَبْلَ الْمَحْمُولَ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّوْبُ طَرَفَ عِمَامَتِهِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (طَرَفَ عِمَامَتِهِ) الْمُلْقَى بِالْأَرْضِ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَوْ لَا وَشَمِلَ الْمُصَلِّي الصَّبِيَّ وَيَتَعَلَّقُ الْخِطَابُ بِوَلِيِّهِ فَيَأْمُرُهُ بِذَلِكَ وَلَا يُقَالُ: الطَّهَارَةُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ فَالْمُخَاطَبُ الصَّبِيُّ لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِإِزَالَتِهَا مُكَلَّفٌ بِهَا فَالْخِطَابُ بِهَا خِطَابُ تَكْلِيفٍ فَيُخَاطَبُ بِهَا الْوَلِيُّ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا شَرْطٌ خِطَابَ وَضْعٍ (وَ) عَنْ (بَدَنِهِ) الظَّاهِرِ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَدَاخِلِ أَنْفِهِ وَفَمِهِ وَأُذُنِهِ وَعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
النَّجَاسَةُ فِي وَسَطِ الْحَبْلِ الَّذِي فِي وَسَطِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ بِخِلَافِ حَبْلِ السَّفِينَةِ الْحَامِلَةِ لِلنَّجَاسَةِ إذَا جَعَلَهُ فِي وَسَطِهِ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُنْسَبُ إلَيْهِ لِعَدَمِ حَيَاتِهَا.
وَأَمَّا إذَا جَعَلَهُ تَحْتَ قَدَمِهِ فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ كَطَرَفِ الْحَصِيرِ قَالَ فِي المج: وَلَعَلَّ الْبُطْلَانَ فِي حَبْلِ السَّفِينَةِ الَّذِي جَعَلَهُ فِي الْوَسَطِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ السَّفِينَةُ صَغِيرَةً يُمْكِنُهُ تَحْرِيكُهَا وَإِنْ لَمْ تَتَحَرَّكْ بِالْفِعْلِ أَيْ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ تَأَمَّلْ وَلَوْ كَانَتْ الْخَيْمَةُ مَضْرُوبَةً عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ مُتَنَجِّسَةٌ وَصَلَّى شَخْصٌ دَاخِلَهَا وَلَاصَقَ سَقْفُ الْخَيْمَةِ رَأْسَ الْمُصَلِّي، فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ حَامِلًا لَهَا عُرْفًا فَهِيَ كَالْعِمَامَةِ لَا كَالْبَيْتِ كَمَا نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَالْحَبْلَ) أَيْ وَالسَّيْفَ وَالْخُفَّ وَغَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) أَيْ الثَّوْبُ بِمَعْنَى مَحْمُولِهِ طَرَفُ عِمَامَتِهِ أَوْ طَرَفُ رِدَائِهِ الْمُلْقَى بِالْأَرْضِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ أَنَّ طَرَفَ الْعِمَامَةِ الْمُلْقَى بِالْأَرْضِ لَا تَجِبُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ أَمَّا إنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ فَكَالثَّوْبِ اتِّفَاقًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ عَاتٍ لَكِنْ نَقَلَ ح عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ مَا يَقْتَضِي إطْلَاقَ الْخِلَافِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا اُنْظُرْ بْن فَلَوْ كَانَ الْوَسَطُ عَلَى الْأَرْضِ نَجِسًا وَأَخَذَ كُلٌّ طَرَفًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا عَلَى الظَّاهِرِ وَنَظَرَ فِيهِ عبق عِنْدَ قَوْلِهِ وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ اُنْظُرْ المج
(قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ) أَيْ وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِجَعْلِ الشَّيْءِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا كَجَعْلِ الطَّهَارَةِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَجَعْلِ الْحَدَثِ مَانِعًا مِنْ صِحَّتِهَا وَجَعْلِ مِلْكِ النِّصَابِ سَبَبًا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ.
وَأَمَّا خِطَابُ التَّكْلِيفِ فَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالطَّلَبِ أَوْ الْإِبَاحَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ أَيْ مِنْ أَفْرَادِ مُتَعَلَّقِ خِطَابِ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ: هِيَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِإِزَالَتِهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلطَّهَارَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هِيَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِهَا وَيَحْذِفُ إزَالَتَهَا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْأَمْرُ بِإِزَالَتِهَا بَلْ بِتَحْصِيلِهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَالْخِطَابُ بِهَا خِطَابُ تَكْلِيفٍ فَيُخَاطَبُ بِهَا الْوَلِيُّ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَقْسَامَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْخَمْسَةَ كُلُّهَا مَشْرُوطَةٌ بِالْبُلُوغِ كَمَا اخْتَارَهُ الْمَحَلِّيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ عِنْدَنَا إذْ الصَّحِيحُ كَمَا ذَكَرَهُ ح فِيمَا يَأْتِي أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالصَّلَاةِ هُوَ الصَّغِيرُ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَالْقَرَافِيُّ وَالْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ وَأَنَّ الْبُلُوغَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ بِالْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ لَا فِي الْخِطَابِ بِالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ فَكَذَلِكَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الْمُخَاطَبُ بِهَا الصَّغِيرُ لَا وَلِيُّهُ لَكِنْ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِهَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ السُّنِّيَّةِ كَخِطَابِ الْبَالِغِ الْمَذْكُورِ هُنَا بَلْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يُقْصَرُ كَلَامُهُ عَلَى الْبَالِغِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ هُنَا مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي ح لَا مَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ وَبِهَذَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: خِطَابَ وَضْعٍ) أَيْ فَالْخِطَابُ بِهَا خِطَابُ وَضْعٍ وَحِينَئِذٍ فَيُخَاطَبُ بِهَا الصَّبِيُّ لَا الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: كَدَاخِلِ أَنْفِهِ إلَخْ) فَمَنْ اكْتَحَلَ بِمَرَارَةِ خِنْزِيرٍ غَسَلَ دَاخِلَ عَيْنَيْهِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا بِالْغَسْلِ وَإِلَّا كَانَتْ مَعْجُوزًا عَنْهَا لَمْ
مِنْ الْبَاطِنِ
وَلَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَجَسًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَايَأَهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَبَدًا مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَ النَّجَاسَةِ فِي بَطْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّقَايُؤُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا (وَ) عَنْ (مَكَانِهِ) وَهُوَ مَا تَمَاسُّهُ أَعْضَاؤُهُ بِالْفِعْلِ لَا الْمُومِي بِمَحَلٍّ بِهِ نَجَاسَةٌ فَصَحِيحَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا إنْ كَانَتْ تَحْتَ صَدْرِهِ أَوْ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ قَدَمَيْهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ أَسْفَلَ فِرَاشِهِ كَمَا لَوْ فَرَشَ حَصِيرًا بِأَسْفَلِهَا نَجَاسَةٌ وَالْوَجْهُ الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ أَعْضَاءَهُ طَاهِرٌ فَلَا يَضُرُّ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ (لَا) عَنْ (طَرَفِ حَصِيرِهِ) وَلَوْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا زَادَ عَمَّا تَمَاسُّهُ أَعْضَاؤُهُ وَلَيْسَ مِنْ الْحَصِيرِ مَا فَرَشَهُ مِنْ مَحْمُولِهِ عَلَى مَكَان نَجِسٍ وَسَجَدَ عَلَيْهِ كَكُمِّهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
يُطَالَبْ بِإِزَالَتِهَا وَإِنْ نَزَلَ دَمٌ مِنْ أَسْنَانِهِ غَسَلَ دَاخِلَ فَمِهِ وَكَذَا يَغْسِلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ صِمَاخَيْهِ إذَا دَخَلَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ وَلَا يَكْفِي غَلَبَةُ الرِّيقِ وَالدَّمْعِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُطْلَقِ وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ بَاطِنَ الْجَسَدِ كَالْمَعِدَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا أَدْخَلَهُ فِيهَا مِنْ النَّجَاسَةِ وَلِذَا قَالَ: وَلَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ.
وَأَمَّا مَا لَمْ يُدْخِلْهُ وَتَوَلَّدَ فِيهَا فَلَا حُكْمَ لَهُ إلَّا بَعْدَ انْفِصَالِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَاطِنِ) أَيْ وَلِذَا كَانَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ سُنَّةً لَا وَاجِبًا وَلَمْ يَجْعَلُوا دَاخِلَ الْأُذُنِ وَالْأَنْفِ وَالْفَمِ مِنْ الظَّاهِرِ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ لِلْمَشَقَّةِ بِتَكَرُّرِهِ
(قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَايَأَهُ) هَذَا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ: ذَلِكَ الْأَكْلُ أَوْ الشُّرْبُ لَغْوٌ فَلَا يُؤْمَرُ بِتَقَايُؤٍ وَلَا بِإِعَادَةٍ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَايَأَهُ) إنْ قُلْتَ قَدْ اسْتَمَرَّتْ الْمَعِدَةُ نَجِسَةً قُلْتُ: إنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ تَطْهِيرِ نَفْسِ الْمَعِدَةِ فَأَمَرْنَاهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ التَّقَايُؤِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى تَقَايُؤِ الْبَعْضِ وَجَبَ؛ لِأَنَّ تَقْلِيلَ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا يَتَقَايَأَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَبَدًا أَيْ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ فَكُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَ النَّجَاسَةِ فِي جَوْفِهِ يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَعَاطَى النَّجَاسَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ لِضَرُورَةٍ أَوْ لِظَنِّهِ أَنَّهَا غَيْرُ نَجَاسَةٍ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ مَا يَرَى إلَخْ) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا وَقَوْلُهُ مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَ النَّجَاسَةِ فِي بَطْنِهِ أَيْ مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَهَا فِي بَطْنِهِ بِصِفَةِ النَّجَاسَةِ فَإِذَا كَانَتْ خَمْرًا مَثَلًا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَهَا فِي جَوْفِهِ خَمْرًا.
وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ بِمَثَابَةِ الْعَذِرَةِ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ: لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا) أَيْ وَالْعَاجِزُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا صَلَّى بِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ تَابَ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ح خِلَافًا لِمَا فِي خش اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مَا تَمَاسُّهُ أَعْضَاؤُهُ) أَيْ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ عَلَيْهَا فَمَسُّ الْأَعْضَاءِ لِلنَّجَاسَةِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْأَعْضَاءِ حَائِلٌ مُضِرٌّ (قَوْلُهُ: فَصَحِيحَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ مِنْ مَحَلِّ إيمَائِهِ لِعَدَمِ مُمَاسَّةِ أَعْضَائِهِ لَهُ بِالْفِعْلِ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْمَسِّ بِزَائِدٍ لَا يُحِسُّ بِالْأَوْلَى مِنْ الْحَائِلِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْمَسُّ بِالشَّعَرِ كَالْمَسِّ لِطَرَفِ الثَّوْبِ فَلَا يَضُرُّ مَسُّهُ لِلنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ كَانَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ وَقَوْلُهُ: تَحْتَ صَدْرِهِ أَيْ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ فَرَشَ حَصِيرًا) أَيْ أَوْ فَرْوَةً وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي هَذِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالضَّرَرِ (قَوْلُهُ: بِأَسْفَلِهَا) أَيْ بِبَاطِنِهَا الْمُقَابِلِ لِلْأَرْضِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ) الْأَوْلَى فَلَا يُطَالَبُ بِإِزَالَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنْ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: مَا زَادَ عَمَّا تَمَاسُّهُ أَعْضَاؤُهُ) فَيَشْمَلُ طَرَفَ الْحَصِيرِ الطُّولِيِّ
أَوْ طَرَفِ رِدَائِهِ فَلَا يَنْفَعُهُ (سُنَّةٌ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ إزَالَةٌ وَشَهَرَهُ فِي الْبَيَانِ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (أَوْ وَاجِبَةٌ) وُجُوبَ شَرْطٍ (إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَإِلَّا) بِأَنْ صَلَّى نَاسِيًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَصْلًا أَوْ عَاجِزًا حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ (أَعَادَ) نَدْبًا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ (الظُّهْرَيْنِ) وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ (لِلِاصْفِرَارِ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ وَالصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَالْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ عَلَى مَذْهَبِهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ الظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ وَالْعِشَاءَيْنِ لِلثُّلُثِ وَالصُّبْحَ لِلْأَسْفَارِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ كَالتَّنَفُّلِ فَكَمَا لَا يَتَنَفَّلُ فِي الِاصْفِرَارِ لَا يُعَادُ فِيهِ وَيَتَنَفَّلُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالْعَرْضِيِّ وَالسُّمْكِيِّ فَلَا تَجِبُ الْإِزَالَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ طَرَفِ رِدَائِهِ) كَمَا لَوْ الْتَحَفَ بِطَرَفِ حِرَامِهِ وَفَرَشَ الطَّرَفَ الْآخَرَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَصَلَّى فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: فِي الْبَيَانِ) كِتَابٌ لِابْنِ رُشْدٍ شَرْحٌ عَلَى الْعُتْبِيَّةِ وَكَمَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ شَهَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ وَشَهَرَهُ أَيْضًا ابْنُ يُونُسَ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ شَهَرَهُ أَنَّهُ حَكَى تَشْهِيرَهُ أَيْ ذَكَرَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاجِبَةٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ شَرْطٍ) أَيْ بِحَيْثُ إذَا تُرِكَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ مُصَلٍّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمُرِيدِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَلِلصَّبِيِّ وَتَرَكَ الْقَوْلَ بِالنَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ شَاذٌّ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَهُنَاكَ قَوْلٌ رَابِعٌ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا أَمْ لَا قَادِرًا أَمْ لَا وَهُوَ مِثْلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا الْقَوْلُ لِأَبِي الْفَرَجِ وَعَلَى هَذَا فَمَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ بَطَلَتْ كَانَ ذَاكِرًا أَوْ لَا قَادِرًا أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ فَهُوَ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا قَادِرًا أَمْ لَا كَمَا قَرَّرَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَح وَالْمِسْنَاوِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَمَا فِي عبق تَبَعًا لعج مِنْ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ مَعًا فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ مُقْتَضَى السُّنِّيَّةِ مِنْ نَدْبِ الْإِعَادَةِ فِي الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ فَإِنْ قُلْت: جَعْلُ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ مُطْلَقًا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَاجِزَ وَالنَّاسِيَ مُطَالَبَانِ بِالْإِزَالَةِ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ امْتِنَاعُ تَكْلِيفِهِمَا لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ النَّاسِي وَلِكَوْنِ تَكْلِيفِ الْعَاجِزِ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ قُلْت: مَنْ قَالَ بِالسُّنِّيَّةِ حَالَةَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ أَرَادَ ثَمَرَتَهَا مِنْ نَدْبِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ طَلَبَ الْإِزَالَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنِّيَّةَ فِي حَقِّ الْعَاجِزِ وَالنَّاسِي مَصْرُوفَةٌ لِطَلَبِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَا لِطَلَبِ الْإِزَالَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عج نَظَرَ إلَى رَفْعِ طَلَبِ الْإِزَالَةِ عَنْهُمَا حَالَةَ الْعُذْرِ فَقَالَ: إنَّهُ قَيْدٌ فِيهِمَا وَغَيْرُهُ نَظَرَ إلَى طَلَبِ الْإِعَادَةِ مِنْهُمَا فِي الْوَقْتِ فَقَالَ: إنَّهُ قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَعَادَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِ الْخِلَافِ لَفْظِيًّا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَقَدَرَ) أَيْ عَلَى الْإِزَالَةِ بِوُجُودِ مُطْلَقٍ يُزِيلُ بِهِ أَوْ ثَوْبٌ أَوْ مَكَانٌ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ طَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَاجِزًا) أَيْ عَنْ إزَالَتِهَا (قَوْلُهُ: الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ) مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْجُمُعَةُ لَكِنْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ تُعَادُ جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَهَلْ تُعَادُ ظُهْرًا أَوْ لَا تُعَادُ قَوْلَانِ وَعَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا فَلَا تُعَادُ ظُهْرًا قَطْعًا وَهَلْ تُعَادُ جُمُعَةً أَوْ لَا، وَالثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قُلْت هَلْ الْعِبْرَةُ بِإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَوْ رَكْعَةٍ مِنْهَا قُلْت الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِلِاصْفِرَارِ) أَيْ فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ) أَيْ وَلَوْ صَلَّى الْوِتْرَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِيهِمَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إعَادَةُ الْوِتْرِ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ) أَيْ وَقِيَاسُ مَذْهَبِهَا أَيْ وَالْمُوَافِقُ لِلْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهَا أَيْ إعَادَةُ الظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ قِيَاسًا عَلَى الْعِشَاءَيْنِ وَعَلَى الصُّبْحِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أُعِيدَ لِآخِرِ الضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْعِشَاءَيْنِ لِلثُّلُثِ وَالصُّبْحِ لِلْإِسْفَارِ) أَيْ قِيَاسًا لَهُمَا عَلَى الظُّهْرَيْنِ فِي إعَادَتِهِمَا لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ فِي الْكُلِّ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فَكَمَا لَا يَتَنَفَّلُ فِي الِاصْفِرَارِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَرَاهَةَ النَّافِلَةِ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِمَا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ بَلْ تُكْرَهُ النَّافِلَةُ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَلَوْ اعْتَبَرْنَا كَرَاهَةَ النَّفْلِ لَمَا أُعِيدَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَدْ يُقَالُ النَّافِلَةُ وَإِنْ كُرِهَتْ بَعْدَ الْعَصْرِ لَكِنْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ بَعْدَ
فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ، وَالنَّافِلَةُ وَإِنْ كُرِهَتْ بَعْدَ الْأَسْفَارِ لِمَنْ نَامَ عَنْ وِرْدِهِ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ قَوِيٌّ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لِلِاصْفِرَارِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ ثُمَّ عَلِمَ أَوْ قَدَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ (خِلَافٌ) لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى إعَادَةِ الذَّاكِرِ الْقَادِرِ أَبَدًا وَالْعَاجِزِ وَالنَّاسِي فِي الْوَقْتِ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَرُدَّ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْوُجُوبِ وَنَدْبِهَا عَلَى السُّنِّيَّةِ وَبِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَحَدِهِمَا يَرُدُّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْآخَرُ فَالْخِلَافُ مَعْنَوِيٌّ
(وَسُقُوطُهَا) أَيْ النَّجَاسَةُ عَلَى الْمُصَلِّي (فِي صَلَاةٍ) وَلَوْ نَفْلًا (مُبْطِلٌ) لَهَا وَيَقْطَعُهَا وَلَوْ مَأْمُومًا إنْ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَلَمْ تَكُنْ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ، وَأَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الِاصْفِرَارِ أَشَدُّ مِنْهَا قَبْلَهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ قَبْلَهُ وَكَرَاهَتِهِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ) أَيْ فَلِذَا قِيلَ بِإِعَادَةِ الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ (قَوْلُهُ: لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ) أَيْ فَاخْتِيَارِيُّهَا يَمْتَدُّ لِلطُّلُوعِ وَحِينَئِذٍ فَحَقُّهَا أَنْ تُعَادَ فِيهِ فَرُوعِيَ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَقُلْنَا بِإِعَادَتِهَا لِلطُّلُوعِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ صَلَّى) أَيْ بِالنَّجَاسَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ نَاسِيًا لَهَا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا أَوْ عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا ثُمَّ عَلِمَ أَوْ قَدَرَ عَلَى إزَالَتِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْفَائِتَةَ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا يَخْرُجُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ لَا يُعِيدُ النَّافِلَةَ إلَّا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَفِي كَبِيرِ خش إنْ صَلَّى النَّفَلَ بِالنَّجَاسَةِ عَامِدًا لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) قَدَّرَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ " خِلَافٌ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَالْمُشَارُ لَهُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِفْهَامِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ فِي جَوَابِ ذَلِكَ الِاسْتِفْهَامِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) أَيْ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لَفْظِيٌّ) أَيْ وَهُوَ لَفْظِيٌّ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِهِمَا إلَخْ) أَيْ الْقَوْلَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا ثَمَرَةَ لِذَلِكَ الْخِلَافِ فَهُوَ لَفْظِيٌّ رَاجِعٌ لِلَّفْظِ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ بِالسُّنِّيَّةِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: الذَّاكِرُ الْقَادِرُ) أَيْ عَلَى إعَادَةِ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ ذَاكِرًا قَادِرًا (قَوْلُهُ: أَبَدًا) أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَبَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْحَطَّابُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا حَمْلٌ لِلْمُصَنِّفِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِخِلَافٍ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ لَا لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّعْبِيرِ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ خِلَافٌ مَعْنَاهُ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ وَرَدَّ عج مَا قَالَهُ ح قَائِلًا الْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِعَادَةِ أَبَدًا عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَالْعَمْدِ لَكِنَّ الْإِعَادَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَنَدْبًا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَبِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْوُجُوبِ يَرُدُّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْقَائِلُ بِالسُّنِّيَّةِ مِنْ الدَّلِيلِ وَالْقَائِلُ بِالسُّنِّيَّةِ يَرُدُّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْقَائِلُ بِالْوُجُوبِ كَذَا قَالَهُ عج وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْقَوْلَ بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ سُنَّةٌ قَالَ وَعَلَيْهِ فَالْمُصَلِّي بِهَا عَامِدًا يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا كَمَا قِيلَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَامِدَ الْقَادِرَ يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ كَمَا قَالَ ح وَبَعْدَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَهُ طَرِيقَةٌ وَالْقُرْطُبِيُّ لَهُ طَرِيقَةٌ فَالْقُرْطُبِيُّ يَقُولُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ يُعِيدُ الْمُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا أَمْ لَا قَادِرًا عَلَى الْإِزَالَةِ أَوْ عَاجِزًا وَابْنُ رُشْدٍ يَقُولُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ يُعِيدُ الْعَامِدُ الْقَادِرُ أَبَدًا وُجُوبًا وَالْعَاجِزُ وَالنَّاسِي فِي الْوَقْتِ فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فَقَدْ نَظَرَ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ حَقِيقِيٌّ فَقَدْ نَظَرَ لِطَرِيقَةِ الْقُرْطُبِيِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَمِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ تَارَةً وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ تَارَةً أُخْرَى وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عج أَنَّ الْعَامِدَ الْقَادِرَ يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَنَدْبًا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبُطْلَانِ تَبِعَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَذَكَرَهُ ابْنَ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ أَيْضًا وَفِي الْمَوَّاقِ مِنْ نَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْ سَحْنُونٍ مَا يُفِيدُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ طفى عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْبُطْلَانِ وَالْمُدَوَّنَةُ قَدْ قَالَتْ: وَإِنْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَهَا وَالْقَطْعُ يُؤْذِنُ بِالِانْعِقَادِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ الْقَطْعُ وُجُوبًا أَوْ اسْتِحْبَابًا اُنْظُرْ بْن (تَنْبِيهٌ) مَوْتُ الدَّابَّةِ وَحَبْلُهَا بِوَسَطِهِ كَسُقُوطِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمَسْأَلَةُ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَأْمُومًا) أَيْ وَيَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ إذَا قَطَعَ (قَوْلُهُ: إنْ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ رَطْبَةً وَلَمْ تَنْحَدِرْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ بَاطِلَةٌ وَيَقْطَعُهَا إنْ وَجَدَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقُيُودِ الْخَمْسَةِ وَهَلْ وَلَوْ جُمُعَةً وَرَجَّحَهُ سَنَدٌ أَوْ الْجُمُعَةُ لَا يَقْطَعُهَا لِذَلِكَ قَوْلَانِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهَا فَلَا يَقْطَعُهَا وَيُتِمُّهَا وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَلَا يُعِيدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ) وَإِلَّا لَمْ يَقْطَعْ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ.
اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا بِأَنْ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ وَلَوْ رَكْعَةً وَأَنْ يَجِدَ لَوْ قَطَعَ مَا يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبًا آخَرَ يَلْبَسُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَا فِيهِ النَّجَاسَةُ مَحْمُولًا لِغَيْرِهِ وَتَجْرِي هَذِهِ الْقُيُودُ الْخَمْسَةُ فِي قَوْلِهِ (كَذِكْرِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ أَوْ عِلْمِهَا (فِيهَا) وَهَذَا عَلَى أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ فَلَا تَبْطُلُ بِالسُّقُوطِ أَوْ الذِّكْرِ فِيهَا وَكَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الرَّاجِحُ (لَا) إنْ ذَكَرَهَا (قَبْلَهَا) ثُمَّ نَسِيَهَا عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا وَاسْتَمَرَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ تَكَرَّرَ الذِّكْرُ وَالنِّسْيَانُ قَبْلَهَا وَإِنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (أَوْ كَانَتْ) النَّجَاسَةُ (أَسْفَلَ نَعْلٍ) مُتَعَلِّقَةً بِهِ (فَخَلَعَهَا) أَيْ النَّعْلَ فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ مَا لَمْ يَرْفَعْ رِجْلَهُ بِهَا فَتَبْطُلُ لِحَمْلِهِ النَّجَاسَةَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْلَعْهَا بَطَلَتْ حَيْثُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ حَمْلُهَا، وَذَلِكَ حَالَ السُّجُودِ وَإِلَّا فَلَا كَمَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ إيمَاءً قَائِمًا وَلَوْ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ عَامِدًا هَذَا هُوَ النَّقْلُ وَمَفْهُومُ أَسْفَلَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَعْلَاهُ لَبَطَلَتْ وَلَوْ نَزَعَهَا دُونَ تَحْرِيكٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ مَنْ عَلِمَهَا بِنَعْلِهِ فَأَخْرَجَ رِجْلَهُ دُونَ تَحْرِيكِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي الرُّعَافِ وَتَخْصِيصُ ح لَهُ بِالضَّرُورِيِّ.
وَأَمَّا الِاخْتِيَارِيُّ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ فِيهِ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ بْن قَالَ فِي المج وَإِذَا تَمَادَى لِضِيقِ الِاخْتِيَارِيِّ فَلَا يُعِيدُ فِي الضَّرُورِيِّ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَاجِزِ وَكَضِيقِ الْوَقْتِ مَا لَا يُقْضَى كَجِنَازَةٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَعِيدٍ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَقْطَعُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَبْقَى مِنْهُ) أَيْ بَعْدَ إزَالَتِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ مَا فِيهِ النَّجَاسَةُ مَحْمُولًا لِغَيْرِهِ) وَإِلَّا فَلَا يَقْطَعُ لِعَدَمِ بُطْلَانِهَا وَذَلِكَ كَمَا لَوْ سَقَطَ ثَوْبُ شَخْصٍ مُتَنَجِّسٍ لَابِسٍ لَهُ عَلَى مُصَلٍّ أَوْ تَعَلَّقَ صَبِيٌّ نَجِسُ الثِّيَابِ أَوْ الْبَدَنِ بِمُصَلٍّ، وَالصَّبِيُّ مُسْتَقِرٌّ بِالْأَرْضِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ عَلَى الظَّاهِرِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بْن مِنْ الْبُطْلَانِ فِي الْأُولَى قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْخَيْمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخَيْمَةَ مَحْمُولَةٌ لِلْمُصَلِّي بِخِلَافِ الثَّوْبِ النَّجِسِ هُنَا، فَإِنَّهَا مَحْمُولَةٌ لِغَيْرِهِ، وَمَحَلُّ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا إذَا كَانَ الْمُصَلِّي لَمْ يَسْجُدْ عَلَى تِلْكَ الثَّوْبِ وَلَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهَا، فَإِنْ جَلَسَ وَلَوْ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ عَلَيْهَا أَوْ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَتَجْرِي هَذِهِ الْقُيُودُ الْخَمْسَةُ) أَيْ مَا عَدَا الْأَوَّلِ وَهُوَ اسْتِقْرَارُهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ هُنَا أَنَّهَا مُسْتَقِرَّةٌ عَلَيْهِ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي مَا إذَا ذَكَرَهَا أَوْ عَلِمَهَا فِيهَا تَكُونُ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً وَيَقْطَعُ إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ، فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهَا تَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا يُعِيدُهَا لِصِحَّتِهَا (قَوْلُهُ: كَذِكْرِهَا فِيهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءً نَسِيَهَا بَعْدَ الذِّكْرِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ فِيهَا تَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْإِزَالَةِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَهَا فِيهَا) شَمِلَ ذَلِكَ عِلْمُهَا فِي عِمَامَتِهِ بَعْدَ أَنْ سَقَطَتْ أَوْ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ بَعْدَ أَنْ رَفَعَ مِنْهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وِفَاقًا لِفَتْوَى ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ
(تَنْبِيهٌ) إذَا عَلِمَهَا مَأْمُومٌ بِإِمَامِهِ أَرَاهُ إيَّاهَا وَلَا يَمَسُّهَا، فَإِنْ بَعُدَ فَوْقَ الثَّلَاثِ صُفُوفٍ كَلَّمَهُ وَاسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ، فَإِنْ تَبِعَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ) أَيْ وَيُنْدَبُ لَهُ إعَادَتُهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لعج وَعَلَى مَا لِلْقُرْطُبِيِّ يُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَعَدَمَ قَطْعِهَا أَصْلًا (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقَةً بِهِ) أَيْ لِرُطُوبَتِهَا وَهُوَ حَالٌ مِنْ اسْمِ كَانَ وَهُوَ النَّجَاسَةُ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ مُتَعَلِّقَةً بِالنَّعْلِ لِرُطُوبَتِهَا (قَوْلُهُ: فَخَلَعَهَا) أَيْ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَنْ سَلَّ رِجْلَهُ مِنْ النَّعْلِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلنَّعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَحَرَّكَ) أَيْ النَّعْلُ بِحَرَكَتِهِ حِينَ سَلَّ رِجْلَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْحَصِيرِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ وَهُوَ ابْنُ قَدَّاحٍ إذَا تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ حِينَ سَلَّ رِجْلَهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ مِثْلَ مَا إذَا رَفَعَهَا فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَدَارَ الْبُطْلَانِ عَلَى رَفْعِهَا فَإِنْ رَفَعَهَا بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْلَعْهَا) أَيْ بِأَنْ كَمَّلَ صَلَاتَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَلْزَمُ إلَخْ) هَذِهِ الْحَيْثِيَّةُ لِلتَّقْيِيدِ أَيْ إذَا كَانَ يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ خَلْعِهَا حَمْلُهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَلْزَمْ عَلَيْهِ حَمْلُهَا فَلَا تَبْطُلُ كَمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ كَانَ يَخْلَعُ رِجْلَهُ مِنْهَا عِنْدَ السُّجُودِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَقَفَ بِنَعْلٍ طَاهِرَةٍ عَلَى نَجَاسَةٍ جَافَّةٍ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالنَّعْلِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا رَفَعَ نَعْلَهُ عِنْدَ التَّذَكُّرِ أَوْ الْعِلْمِ وَوَضَعَهَا عَلَى أَرْضٍ طَاهِرَةٍ وَحَمَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَذَكَرَ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ رَطْبَةً وَتَعَلَّقَتْ بِأَسْفَلِ النَّعْلِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ النَّعْلَ كَالثَّوْبِ سَوَاءٌ خَلَعَ النَّعْلَ مِنْ رِجْلِهِ أَمْ لَا وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ كَمَا فِي طفى قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّعْلِ يَنْزِعُهَا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَالثَّوْبُ تَبْطُلُ وَلَوْ طَرَحَهَا أَنَّ الثَّوْبَ حَامِلٌ لَهَا وَالنَّعْلَ وَاقِفٌ عَلَيْهَا وَالنَّجَاسَةُ فِي أَسْفَلِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ بَسَطَ عَلَى النَّجَاسَةِ حَائِلًا كَثِيفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَازَةِ وَالْإِيمَاءِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي طفى وَسَوَاءٌ تَوَانَى بِخَلْعِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَنْ عَلِمَهَا بِنَعْلِهِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْعُمُومُ كَمَا إذَا عَلِمَهَا بِأَعْلَاهُ
(وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ) الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ وَلَمَّا كَانَ اسْتِخْرَاجُ الْجُزْئِيَّاتِ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ قَدْ يَخْفَى عَلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ ذَكَرَ لَهَا جُزْئِيَّاتٍ لِلْإِيضَاحِ فَقَالَ (كَحَدَثٍ) بَوْلًا أَوْ مَذْيًا أَوْ غَيْرَهُمَا (مُسْتَنْكِحٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ مُلَازِمٍ كَثِيرًا بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ وَيُبَاحُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بِهِ مَا لَمْ يَخْشَ تَلَطُّخَهُ فَيُمْنَعَ (وَ) ك (بَلَلِ بَاسُورٍ) بِمُوَحَّدَةٍ حَصَلَ (فِي يَدٍ) فَلَا يَلْزَمُ غَسْلُهَا مِنْهُ (إنْ كَثُرَ الرَّدُّ) بِهَا بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الْمَرَّةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي غَسْلِ الْيَدِ إلَّا بِالْكَثْرَةِ وَمِثْلُ الْيَدِ الثَّوْبُ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ أَيْ الْخِرْقَةُ (أَوْ) فِي (ثَوْبٍ) أَوْ بَدَنٍ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الرَّدُّ بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ (وَ) ك (ثَوْبِ مُرْضِعَةٍ) أَوْ جَسَدِهَا أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا إنْ احْتَاجَتْ أَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ سِوَاهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ بِأَسْفَلِهِ
(قَوْلُهُ: وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ) أَيْ عَمَّا يَشُقُّ الِانْفِكَاكُ مِنْهُ وَالتَّبَاعُدُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَحَدَثٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ سَائِرَهَا وَلَمْ يَقُلْ كَأَحْدَاثِ مُسْتَنْكَحَةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ مَقْصُورٌ عَلَى حُصُولِ جَمْعٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ كَغَائِطٍ وَمَنِيٍّ وَفِي الذَّخِيرَةِ فَرْعٌ إذَا عُفِيَ عَنْ الْأَحْدَاثِ فِي حَقِّ صَاحِبِهَا عُفِيَ عَنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِسُقُوطِ اعْتِبَارِهَا شَرْعًا وَقِيلَ لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْعَفْوِ الضَّرُورَةُ وَلَمْ تُوجَدْ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي جَوَازِ صَلَاةِ صَاحِبِهَا إمَامًا بِغَيْرِهِ وَعَدَمِ الْجَوَازِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَجُوزُ وَتُكْرَهُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِالْبُطْلَانِ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ صَاحِبَ السَّلَسِ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ لِلْعَفْوِ عَنْ النَّجَاسَةِ فِي حَقِّهِ وَصَحَّتْ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاتِهِ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فَالْمُرْتَبِطَةُ بِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ مُلَازِمٌ كَثِيرًا) تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَنْكِحَ مَعْنَاهُ الْقَاهِرُ لِلشَّخْصِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَاهِرًا لِلشَّخْصِ إلَّا إذَا لَازَمَهُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ) أَيْ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا يُسَنُّ وَقَوْلُهُ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ أَيْ الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ.
وَأَمَّا الْمَكَانُ فَقَالَ ح لَمْ يَذْكُرُوهُ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَصَابَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا عَفْوَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْهُ إلَى مَكَان طَاهِرٍ وَإِنْ أَصَابَهُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا هُوَ مُلَابِسٌ لَهُ وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ اهـ بْن وَقَوْلُهُ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ أَيْ وَأَمَّا كَوْنُهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَوْ لَا فَشَيْءٌ آخَرُ لَهُ مَحَلٌّ يَخُصُّهُ يَأْتِي فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَنِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ فَلَا يَنْقُضُ وَإِنْ لَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَنِ نَقَضَ مَعَ الْعَفْوِ عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ وَإِنَّمَا عُفِيَ عَمَّا أَصَابَ مِنْ الْحَدَثِ اللَّازِمِ مُطْلَقًا وَفَصَّلَ فِي نَقْضِهِ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ بَابِ الْأَخْبَاثِ وَذَاكَ مِنْ بَابِ الْأَحْدَاثِ وَالْأَخْبَاثُ أَسْهَلُ مِنْ الْأَحْدَاثِ.
(قَوْلُهُ: بَاسُورٍ) جَمْعُهُ بَوَاسِيرُ وَالْمُرَادُ الْبَاسُورُ النَّابِتُ فِي دَاخِلِ مَخْرَجِ الْغَائِطِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ بُلُولَةٌ وَنَجَاسَةٌ فَيَرُدُّهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا كَخِرْقَةٍ إلَى مَحَلِّهِ فَتَتَلَوَّثُ يَدُهُ مِنْ الْبُلُولَةِ الَّتِي عَلَيْهِ أَوْ مِنْ النَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ مَعَهُ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْيَدَ أَوْ الْخِرْقَةَ مِنْ ذَلِكَ الْخَارِجِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ فَلَا مَفْهُومَ لِلْبَلَلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا لِلْيَدِ (قَوْلُهُ: إنْ كَثُرَ الرَّدُّ) أَيْ سَوَاءٌ اُضْطُرَّ لِرَدِّهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ اضْطِرَارُهُ لِرَدِّهِ كَمَا فِي ح وَفِي عبق الظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَ الصَّرْمِ كَالْبَاسُورِ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْيَدَ مِنْ النَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ مَعَهُ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ قِيَاسًا لِلصَّرْمِ عَلَى الْبَاسُورِ بَلْ قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ مِثْلَ الْبَاسُورِ أَثَرُ الدُّمَّلِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ) أَيْ ذَلِكَ الزَّائِدُ عَلَى الْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْيَدِ) أَيْ فِي اعْتِبَارِ كَثْرَةِ الرَّدِّ فِي الْعَفْوِ عَمَّا أَصَابَهَا الْخِرْقَةُ الْمُتَّخَذَةُ لِلرَّدِّ بِهَا كَالْمِنْدِيلِ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهَا إذَا رَدَّ بِهَا إلَّا إذَا كَثُرَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي ثَوْبٍ) أَيْ أَوْ حَصَلَ بَلَلُ الْبَاسُورِ فِي ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الرَّدُّ) أَيْ بِالثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ وَذَلِكَ لِمَشَقَّةِ غَسْلِهِمَا بِخِلَافِ غَسْلِ الْيَدِ، فَإِنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ إلَّا بِالْكَثْرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَثَوْبِ مُرْضِعَةٍ أَوْ جَسَدِهَا) أَيْ لَا مَكَانَهَا فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ إنْ أَمْكَنَهَا التَّحَوُّلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَتْ) أَيْ غَيْرُ الْأُمِّ لِلرَّضَاعِ لِفَقْرِهَا وَهَذَا قَيْدٌ لِلْعَفْوِ عَنْ ثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ أُمٍّ فَلَا يُعْفَى عَمَّا.
(تَجْتَهِدُ) فِي دَرْءِ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ بِأَنْ تُنَحِّيَهُ عَنْهَا حَالَ بَوْلِهِ أَوْ تَجْعَلَ لَهُ خِرَقًا تَمْنَعُ وُصُولَهُ لَهَا، فَإِذَا أَصَابَهَا شَيْءٌ بَعْدَ التَّحَفُّظِ عُفِيَ عَنْهُ لَا إنْ لَمْ تَتَحَفَّظْ وَمِثْلُهَا الْكَنَّافُ وَالْجَزَّارُ (وَنُدِبَ لَهَا) أَيْ لِلْمُرْضِعِ وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهَا (ثَوْبٌ لِلصَّلَاةِ) لَا لِذِي سَلَسٍ وَدُمَّلٍ وَنَحْوِهِمَا لِاتِّصَالِ عُذْرِهِمْ نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُمْ إعْدَادُ خِرْقَةٍ لِدَرْءِ ذَلِكَ (وَ) كَ (دُونِ) مِسَاحَةِ (دِرْهَمٍ) بَغْلِيٍّ وَهِيَ الدَّائِرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي ذِرَاعِ الْبَغْلِ (مِنْ) عَيْنٍ أَوْ أَثَرِ دَمٍ (مُطْلَقًا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ دَمَ حَيْضٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فِي ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَكَان وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا كَانَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْعَفْوُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَصَابَهَا عِنْدَ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْعَفْوِ الضَّرُورَةُ خِلَافًا لِلْمَشَذَّالِيِّ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ: تَجْتَهِدُ) الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِمُرْضِعَةٍ لَا حَالٌ؛ لِأَنَّ مُرْضِعَةً نَكِرَةٌ بِلَا مُسَوِّغٍ وَمُضَافٌ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ مَجِيئِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تُنَحِّيَهُ) أَيْ الْوَلَدَ وَقَوْلُهُ تَمْنَعُ وُصُولَهُ أَيْ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَصَابَهَا شَيْءٌ) أَيْ مِنْ بَوْلِهِ أَوْ غَائِطِهِ (قَوْلُهُ: عُفِيَ عَنْهُ) غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا غَسْلُهُ إنْ تَفَاحَشَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُ مَا أَصَابَهَا مِنْ بَوْلِهِ أَوْ عَذِرَتِهِ، وَلَوْ رَأَتْهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ نَاجِيٍّ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ فَرْحُونٍ مَا رَأَتْهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا لَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا النَّضْحُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْإِصَابَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْلَا الْعَفْوُ لَوَجَبَ عَلَيْهَا النَّضْحُ عِنْدَ الشَّكِّ وَالْغَسْلُ عِنْدَ التَّحَقُّقِ فَالْعَفْوُ أَسْقَطَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ، نَعَمْ يُنْدَبُ لَهَا الْغَسْلُ إنْ تَفَاحَشَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْكَنَّافُ) أَيْ الَّذِي يَنْزَحُ الْكُنُفَ وَالْجَزَّارُ الَّذِي يَذْبَحُ الْحَيَوَانَ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُمَا بَعْدَ التَّحَفُّظِ لَا إنْ لَمْ يَتَحَفَّظَا فَلَا عَفْوَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغَسْلُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ أَوْ ظَنِّهَا وَالنَّضْحُ عِنْدَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهَا) أَيْ مِنْ الْكَنَّافِ وَالْجَزَّارِ (قَوْلُهُ: لِاتِّصَالِ عُذْرِهِمْ) أَيْ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ فَلَا يُمْكِنُهُمْ التَّحَفُّظُ مِنْ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إعْدَادِهِمْ الثَّوْبَ بِخِلَافِ الْمُرْضِعَةِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا لِلْمُرْضِعَةِ إعْدَادَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ إصَابَةَ النَّجَاسَةِ لَهَا أَمْرٌ يَتَكَرَّرُ فَأَشْبَهَ حَالُهَا حَالَ الْمُسْتَنْكَحِ وَلِخِفَّةِ أَمْرِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: لِدَرْءِ ذَلِكَ) أَيْ لِدَفْعِ النَّازِلِ مِنْ ذَلِكَ السَّلَسِ وَالدُّمَّلِ (قَوْلُهُ: وَدُونَ دِرْهَمٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَخْلُوطًا بِمَائِعٍ حَيْثُ كَانَ بِالْمَائِعِ دُونَ دِرْهَمٍ.
وَأَمَّا لَوْ صَارَ دُونَ الدِّرْهَمِ بِالْمَائِعِ أَكْثَرَ مِنْ مِسَاحَةِ الدِّرْهَمِ فَلَا عَفْوَ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ " مِسَاحَةِ " إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمِسَاحَةُ لَا الْكَمِّيَّةُ فَإِذَا كَانَ دُونَ مِسَاحَةِ الدِّرْهَمِ فَالْعَفْوُ وَلَوْ كَانَ الدَّمُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْكَمْيَّةِ وَذَلِكَ كَنُقْطَةٍ مِنْ الدَّمِ ثَخِينَةٍ قَالَ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا فَهُوَ مُغْتَفَرٌ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ، وَالثَّانِي لِلْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَنَّ اغْتِفَارَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا تُقْطَعُ لِأَجْلِهِ إذَا ذَكَرَهُ فِيهَا وَلَا يُعِيدُ.
وَأَمَّا إذَا رَآهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَحَمَلَهَا ابْنُ هَارُونَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَحَمَلَهَا عِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْوُجُوبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَرَى هُنَا عَلَى مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَظْهَرُ وَلِمَا فِي ح عَنْ سَنَدٍ مِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَرَّرَهُ عج وَحِّ بِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا لِلِاسْتِحْبَابِ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ هَارُونَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا ثَلَاثُ طُرُقٍ الْأُولَى طَرِيقَةُ ابْنِ سَابِقٍ وَهِيَ أَنَّ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا وَمَا فَوْقَهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا وَفِي الدِّرْهَمِ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْعَفْوِ، وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ بَشِيرٍ
لَا مَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ وَلَوْ أَثَرًا
(وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ) هُمَا كَالدَّمِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَ) كَ (بَوْلِ فَرَسٍ لِغَازٍ) أَصَابَ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (بِأَرْضِ حَرْبٍ) وَلَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْقُيُودِ بَلْ الرَّوْثُ وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ وَالْمُسَافِرُ وَالرَّاعِي وَأَرْضُ الْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ نَعَمْ حَيْثُ وُجِدَتْ الْقُيُودُ الْأَرْبَعَةُ فَلَا يُعْتَبَرُ اجْتِهَادٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاجْتِهَادِ كَالْمُرْضِعِ كَذَا يَنْبَغِي (وَأَثَرِ) فَمِ وَرِجْلِ (ذُبَابٍ مِنْ عَذِرَةٍ) وَأَوْلَى بَوْلٌ حَلَّ عَلَيْهَا ثُمَّ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ الْجَسَدِ مَا لَمْ يَنْغَمِسْ ثُمَّ يَنْتَقِلْ لِمَا ذُكِرَ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ حَيْثُ زَادَ عَلَى أَثَرِ رِجْلِهِ وَفَمِهِ (وَ) كَ (مَوْضِعِ حِجَامَةٍ) أَيْ مَا بَيْنَ الشَّرَطَاتِ مَعَهَا (مُسِحَ) دَمُهُ حَتَّى يَبْرَأَ (فَإِذَا بَرِئَ غَسَلَ) الْمَوْضِعَ وُجُوبًا أَوْ اسْتِنَانًا عَلَى مَا مَرَّ (وإلَّا) يَغْسِلْ وَصَلَّى (أَعَادَ فِي الْوَقْتِ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ) فَالْعَامِدُ يُعِيدُ أَبَدًا (وَ) أُوِّلَ (بِالْإِطْلَاقِ) أَيْ إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مَنْ تَرَكَ الْغَسْلَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا لِيَسَارَةِ الدَّمِ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ لَا يَأْمُرُهُ بِغَسْلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَا دُونَ الدِّرْهَمِ يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالدِّرْهَمُ وَمَا فَوْقَهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْيَسِيرُ قَدْرُ رَأْسِ الْخِنْصَرِ وَالدِّرْهَمُ كَثِيرٌ، وَالثَّالِثَةُ مَا رَوَاهُ ابْنُ زِيَادٍ وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْإِرْشَادِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ دَمِ غَيْرِ أَثَرِ دُمَّلٍ، وَأَمَّا أَثَرُهُ فَيُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ إذَا لَمْ يَنْكَ، فَإِنْ نَكَى عُفِيَ عَمَّا قَلَّ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا مَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ وَلَوْ أَثَرًا) أَيْ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ الْقَائِلِ: إنَّ الْأَثَرَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا وَلَوْ فَوْقَ دِرْهَمٍ فَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ.
(وَقَوْلُهُ: وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ دُونِ الدِّرْهَمِ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ، وَأَمَّا مَا خَرَجَ مِنْ نَفْطِ الْجَسَدِ مِنْ حَرٍّ أَوْ نَارٍ فَلَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ لَكِنَّهُ كَأَثَرِ الدُّمَّلِ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ إذَا لَمْ يَنْكَ، فَإِنْ نَكَى كَانَ الْخَارِجُ حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّمِ فَيُعْفَى عَنْ الدِّرْهَمِ فَدُونَ لَا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ غَيْرِهَا مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ مَذْيٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَعْرُوفُ لَا مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ اغْتِفَارِ مِثْلِ رُءُوسِ الْإِبَرِ مِنْ الْبَوْلِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْعَفْوُ بِالدَّمِ وَمَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو عَنْهُ؛ لِأَنَّ بَدَنَ الْإِنْسَانِ كَالْقِرْبَةِ الْمَمْلُوءَةِ بِالدَّمِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ فَالِاحْتِرَازُ عَنْ يَسِيرِهَا عُسْرٌ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ، نَعَمْ أَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْمَعْفُوَّاتِ الْمَذْكُورَةِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ بَوْلِ الطُّرُقَاتِ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ خُفٍّ مِثْلُ أَنْ تَزِلَّ الرِّجْلُ مِنْ النَّعْلِ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ فَيُصِيبُهَا مِنْ الْغُبَارِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مُخَالَطَةُ الْبَوْلِ لَهُ إذْ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَلِأَنَّ غُبَارَ الطَّرِيقِ الْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ فَيُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ النَّجَاسَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْقُيُودِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ بَوْلٌ وَفَرَسٌ وَغَازٍ وَأَرْضُ حَرْبٍ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ مُعَانَاةٌ لِلدَّوَابِّ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ بَوْلِهَا وَأَرْوَاثِهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ كَانَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ أَوْ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ هَذَا حَاصِلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الرَّوْثَ كَالْبَوْلِ فِي كَوْنِهِ مَعْفُوًّا عَنْهُ هُوَ مَا فِي الْمُنْتَقَى وَنَقَلَهُ أَيْضًا عج عَنْ بَعْضِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ التَّعْبِيرَ بِالْبَوْلِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالرَّاعِي) أَيْ وَالْحِمَارُ وَالْخَادِمُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ اجْتِهَادٌ) أَيْ تَحَفُّظٌ بَلْ الْعَفْوُ مُطْلَقًا تَحَفَّظَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَأَثَرُ ذُبَابٍ) أَيْ صَغِيرٍ وَمِثْلُهُ مَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَبَعُوضٍ وَنَمْلٍ صَغِيرٍ.
وَأَمَّا أَثَرُ فَمِ وَرِجْلِ الذُّبَابِ وَالنَّمْلِ الْكَبِيرِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ عَلَى الْإِنْسَانِ نَادِرٌ (قَوْلُهُ: حَلَّ عَلَيْهَا) أَيْ حَلَّ الذُّبَابُ عَلَى الْعَذِرَةِ ثُمَّ حَلَّ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ الْجَسَدِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ زَادَ إلَخْ) أَيْ الْمُصِيبُ أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُصِيبُ زَائِدًا عَلَى أَثَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَوْضِعُ حِجَامَةٍ) أَيْ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ دَمِ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ أَوْ الْفَصَادَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مُسِحَ عَنْهُ الدَّمُ لِتَضَرُّرِهِ أَيْ الْمُحْتَجِمِ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ وَيَسْتَمِرُّ الْعَفْوُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ إذَا كَانَ أَثَرُ الدَّمِ الْخَارِجِ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَفْوِ مَسْحٌ (قَوْلُهُ: مُسِحَ) الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِمَوْضِعٍ، وَمِثْلُ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ مَوْضِعُ الْفَصَادَةِ أَوْ قَطْعُ عِرْقٍ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا بَيْنَ الشَّرَطَاتِ مَعَهَا) أَيْ لَا الشَّرَطَاتِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَغْسِلْ وَصَلَّى) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ بَرِئَ وَلَمْ يَغْسِلْ الْمَوْضِعَ وَصَلَّى (قَوْلُهُ: بِالنِّسْيَانِ) أَيْ بِمَا إذَا صَلَّى بَعْدَ الْبُرْءِ نَاسِيًا لِلْغَسْلِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ: فَالْعَامِدُ يُعِيدُ أَبَدًا) أَيْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ عَنْ الْأَثَرِ قَبْلَ الْبُرْءِ وَقَدْ ذَهَبَ عَدَمُ الْبُرْءِ بِوُجُودِ الْبُرْءِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلْعَفْوِ (قَوْلُهُ: وَبِالْإِطْلَاقِ) هَذَا تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ (قَوْلُهُ: لِيَسَارَةِ الدَّمِ) أَيْ لِيَسَارَةِ أَثَرِ الدَّمِ أَيْ أَنَّ كَوْنَهُ أَثَرًا لَا عَيْنًا هُوَ يَسِيرٌ فِي نَفْسِهِ كَذَا يُفْهَمُ مِنْ بْن وَنَصُّ عِبَارَتِهِ قَوْلُهُ لِيَسَارَةِ الدَّمِ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ دُونَ دِرْهَمٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لِكَوْنِهِ أَثَرًا لَا عَيْنًا هُوَ يَسِيرٌ فِي نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ لَا يَأْمُرُهُ
وَرُجِّحَ
(وَ) عُفِيَ عَنْ (كَطِينِ مَطَرٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ مَاءَ الْمَطَرِ وَمَاءَ الرَّشِّ وَيُقَدَّرُ دُخُولُ الْكَافِ عَلَى مَطَرٍ أَيْضًا فَيَدْخُلُ طِينُ الرَّشِّ وَمُسْتَنْقَعُ الطُّرُقِ يُصِيبُ الرِّجْلَ أَوْ الْخُفَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (وَإِنْ اخْتَلَطْت الْعَذِرَةُ) أَوْ غَيْرُهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (بِالْمُصِيبِ) وَالْوَاوُ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ إذْ لَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَاطِ أَوْ الشَّكِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ ثُمَّ إذَا ارْتَفَعَ الْمَطَرُ وَجَفَّ الطِّينُ فِي الطُّرُقِ وَجَبَ الْغَسْلُ (لَا إنْ غَلَبَتْ) النَّجَاسَةُ عَلَى كَالطِّينِ أَيْ كَثُرَتْ أَيْ كَانَتْ أَكْثَرَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا مِنْ الْمُصِيبِ كَنُزُولِ الْمَطَرِ عَلَى مَحَلٍّ شَأْنُهُ أَنْ يُطْرَحَ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ عَلَى الرَّاجِحِ فَقَوْلُهُ: (وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ) ضَعِيفٌ (وَلَا) عَفْوَ أَيْضًا (إنْ)(أَصَابَ عَيْنُهَا) أَيْ عَيْنُ الْعَذِرَةِ أَوْ النَّجَاسَةِ غَيْرَ الْمُخْتَلِطَةِ ثَوْبًا أَوْ غَيْرَهُ وَأَخَّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا عَفْوَ حِينَئِذٍ قَطْعًا
(وَ) عُفِيَ عَنْ مُتَعَلِّقِ (ذَيْلِ) ثَوْبِ (امْرَأَةٍ) يَابِسٍ (مُطَالٍ لِلسَّتْرِ) لَا لِلزِّينَةِ وَلَا غَيْرِ الْيَابِسِ فَلَا عَفْوَ (وَ) عُفِيَ عَنْ (رِجْلٍ بُلَّتْ يَمُرَّانِ) أَيْ الذَّيْلُ وَالرِّجْلُ الْمَبْلُولَةُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِغَسْلِهِ يَعْنِي مَا مَرَّ عَنْ الْبَاجِيَّ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الْأَثَرِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الدِّرْهَمِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ يَغْسِلُهُ أَيْ الْأَثَرَ لَا الدَّمَ (قَوْلُهُ: وَرُجِّحَ) أَيْ التَّأْوِيلُ بِالْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ طِينُ الرَّشِّ إلَخْ) لَكِنَّ مَاءِ الرَّشِّ وَمُسْتَنْقَعَ الطُّرُقَاتِ الْعَفْوُ فِيهِمَا دَائِمًا بِخِلَافِ مَاءِ الْمَطَرِ وَطِينِهِ، فَإِنَّ الْعَفْوَ فِيهِمَا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْجَفَافِ فِي الطَّرِيقِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: بِالْمُصِيبِ) أَيْ بِالطِّينِ الْمُصِيبِ لِلشَّخْصِ فَمَصْدُوقُ الْمُصِيبِ طِينُ نَحْوِ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ لِلْحَالِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لِلْمُبَالَغَةِ وَيَكُونُ تَقْدِيرُ مَا قَبْلَهَا هَكَذَا وَكَطِينِ مَطَرٍ اخْتَلَطَتْ بِهِ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا بَلْ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ بِهِ الْعَذِرَةُ فَغَيْرُ الْعَذِرَةِ مِنْ النَّجَاسَاتِ مَأْخُوذٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْغَسْلُ) أَيْ لِمَا كَانَ أَصَابَهُ مِنْهُ قَبْلَ الْجَفَافِ فَالْعَفْوُ عَمَّا أَصَابَهُ يَسْتَمِرُّ إلَى الْجَفَافِ فِي الطَّرِيقِ، فَإِذَا حَصَلَ الْجَفَافُ فِيهَا وَجَبَ غَسْلُ مَا كَانَ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ كَانَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ أَكْثَرَ مِنْ الطِّينِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا.
وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي أَيِّهِمَا أَكْثَرُ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ أَوْ كَانَ الطِّينُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ تَسَاوِيًا فَالْعَفْوُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعَةٌ: الْأُولَى: كَوْنُ الطَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ النَّجَاسَةِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا كَذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ فِي الْعَفْوِ فِيهِمَا وَالثَّالِثَةُ غَلَبَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى الطِّينِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَيَغْسِلُ عَلَى مَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَقَوْلُهُ لَا إنْ غَلَبَتْ إلَخْ، وَالرَّابِعَةُ: أَنْ تَكُونَ عَيْنُهَا قَائِمَةً وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنُهَا، وَكُلُّهَا مَعَ تَحَقُّقِ وُجُودِ النَّجَاسَةِ فِي الطِّينِ.
وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَاطِ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ إذْ الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: شَأْنُهُ أَنْ يُطْرَحَ إلَخْ) أَيْ نَحْوَ الْمَحَلَّاتِ الَّتِي تُلْقَى فِيهَا النَّجَاسَاتُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْمَرَاحِيضِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ) أَيْ إذَا غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ وَكَانَتْ مُخَالِطَةً لِلطِّينِ وَغَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ عَنْهُ قَالَ فِيهَا لَا بَأْسَ بِطِينِ الْمَطَرِ الْمُسْتَنْقَعِ فِي السِّكَكِ وَالطُّرُقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ الْخُفَّ أَوْ النَّعْلَ أَوْ الْجَسَدَ وَفِيهِ الْعَذِرَةُ وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ وَمَا زَالَتْ الطُّرُقُ وَهَذَا فِيهَا وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ يَخُوضُونَ فِيهِ وَلَا يَغْسِلُونَهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ يَكُنْ لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا عَفْوَ) قَالَ ح عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْعِلَّةُ نُدُورُ ذَلِكَ فِي الطُّرُقَاتِ، فَإِنْ كَثُرَتْ صَارَ كَرَوْثِ الدَّوَابِّ أَفَادَهُ بْن (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْمُخْتَلِطَةِ) أَيْ بِالطِّينِ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَخَّرَ هَذَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ أَتَى بِقَوْلِهِ وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ وَلَوْ أَصَابَ عَيْنُهَا مَعَ أَنَّهُ لَا عَفْوَ فِي هَذِهِ فَلَمَّا أَتَى بِقَوْلِهِ وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنُهَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ إذَا غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ وَكَانَتْ مُخَالِطَةً لِلطِّينِ وَلَمْ يُصِبْهُ عَيْنُهَا
(تَنْبِيهٌ) قَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ عَنْ طِينِ الْمَطَرِ بِمَا إذَا لَمْ يُدْخِلْهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا عَفْوَ وَذَلِكَ كَأَنْ يَعْدِلَ عَنْ الطَّرِيقِ السَّالِمَةِ مِنْ الطِّينِ لِلَّتِي فِيهَا طِينٌ بِلَا عُذْرٍ.
(قَوْلُهُ: عَنْ مُتَعَلِّقِ ذَيْلِ) أَيْ عَمَّا تَعَلَّقَ بِذَيْلِ ثَوْبِ الْمَرْأَةِ الْيَابِسِ مِنْ الْغُبَارِ النَّجِسِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ خَصَّهُ بِالْحُرَّةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ رَاعَى تَعْلِيلَ السَّتْرِ بِكَوْنِ السَّاقِ عَوْرَةً فَخَصَّهُ بِالْحُرَّةِ، وَغَيْرُهُ رَاعَى جَوَازَ السَّتْرِ فَعَمَّهُ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ لِلْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: يَابِسٍ) صِفَةٌ لِذَيْلٍ أَيْ نَاشِفٍ لَا مُبْتَلٍّ (قَوْلُهُ: مُطَالٍ لِلسَّتْرِ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا تُطِيلُهُ لِلسَّتْرِ إلَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لِخُفٍّ أَوْ جَوْرَبٍ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ لَابِسَةً لَهُمَا فَلَا عَفْوَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ زِيِّهَا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْبَاجِيَّ (قَوْلُهُ: يَمُرَّانِ بِنَجَسٍ يَبَسٍ) أَيْ ثُمَّ يَمُرَّانِ عَلَى طَاهِرٍ يَابِسٍ بَعْدَ ذَلِكَ رَفَعَتْ الرِّجْلَ عَنْ النَّجَسِ الْيَبَسِ بِالْحَضْرَةِ أَوْ بَعْدَ مُهْلَةٍ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ اللَّبَّادِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَحَلُّ
(بِنَجَسٍ) أَيْ عَلَيْهِ (يَبَسٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا وَقَوْلُهُ: (يَطْهُرَانِ) طَهَارَةً لُغَوِيَّةً (بِمَا) يَمُرَّانِ عَلَيْهِ (بَعْدَهُ) مِنْ مَوْضِعٍ طَاهِرٍ يَابِسٍ أَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ، اسْتِئْنَافٌ لَا مَحَلَّ لَهُ مِنْ الْإِعْرَابِ كَالتَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ وَلَوْ حَذَفَهُ مَا ضَرَّ
(وَ) عُفِيَ عَنْ مُصِيبِ (خُفٍّ وَنَعْلٍ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ) حِمَارٍ وَفَرَسٍ وَبَغْلٍ (وَبَوْلِهَا) بِمَوْضِعٍ يَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا (إنْ دُلِكَا) بِتُرَابٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى زَالَتْ الْعَيْنُ وَكَذَا إنْ جَفَّتْ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغَسْلُ سِوَى الْحُكْمِ (لَا) مِنْ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ رَوْثٍ وَبَوْلٍ كَالدَّمِ وَكَفَضْلَةِ آدَمِيٍّ أَوْ كَلْبٍ وَنَحْوِهَا فَلَا عَفْوَ، وَإِذَا كَانَ لَا عَفْوَ وَقَدْ كَانَ فَرْضُهُ الْمَسْحَ عَلَى خُفِّهِ (فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ) أَيْ مَنْ حُكْمُهُ الْمَسْحُ الَّذِي أَصَابَ خُفَّهُ مَا لَمْ يُعْفَ عَنْهُ حَيْثُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْعَفْوِ إذَا كَانَ الرَّفْعُ بِالْحَضْرَةِ (قَوْلُهُ: بِنَجَسٍ يَبَسٍ) إنْ قُلْتَ: إذَا كَانَ الذَّيْلُ يَابِسًا وَالنَّجَسُ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّيْلِ شَيْءٌ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ قُلْتُ: قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غُبَارُهُ وَهُوَ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْبَاءِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ وَكَسْرِهَا أَيْ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ (قَوْلُهُ: طَهَارَةٌ لُغَوِيَّةٌ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَا يَطْهُرَانِ بِمَا يَمُرَّانِ عَلَيْهِ بَعْدُ مِنْ طَاهِرٍ يَابِسٍ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ يَطْهُرَانِ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً لَا شَرْعِيَّةً؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَهُمَا إنَّمَا تَكُونُ بِالْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَوْضِعٍ) بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ: كَالتَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ لِأَيِّ شَيْءٍ عُفِيَ عَنْهُمَا فَقَالَ: لِأَنَّهُمَا يَطْهُرَانِ بِمَا يَمُرَّانِ عَلَيْهِ بَعْدُ مِنْ طَاهِرٍ يَابِسٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَذَفَهُ مَا ضَرَّ) أَيْ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ يَطْهُرَانِ وَقَالَ يَمُرَّانِ بِنَجَسٍ يَبَسٍ ثُمَّ يَمُرَّانِ بِطَاهِرٍ بَعْدَهُ مَا ضَرَّ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَعُفِيَ عَنْ مُصِيبِ خُفٍّ) أَيْ عَمَّا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا لَا عَمَّا أَصَابَ الثِّيَابَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ الْأَبْدَانَ (قَوْلُهُ: بِمَوْضِعٍ يَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا) أَيْ كَالطُّرُقِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ فِيهَا عَمَّا ذُكِرَ قَالَ بْن وَهَذَا الْقَيْدُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَحْنُونٍ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إشَارَةٌ إلَيْهِ لِتَعْلِيلِهِ بِالْمَشَقَّةِ وَالْمَشَقَّةُ إنَّمَا هِيَ مَعَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ بِمَوْضِعٍ لَا تَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا وَلَوْ دُلِكَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَالْخِرْقَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ الرِّيحِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ جَفَّتْ) أَيْ وَكَذَا يُعْفَى عَنْ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ إذَا جَفَّتْ النَّجَاسَةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ لَا إنْ كَانَ الْمُصِيبُ لِلْخُفِّ وَالنَّعْلِ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا عَفْوَ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ قَالَ ح نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْعِلَّةُ نُدُورُ ذَلِكَ فِي الطُّرُقَاتِ، فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فِيهَا صَارَ كَرَوْثِ الدَّوَابِّ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ لَا عَفْوَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْخُفَّ إذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَاتِ غَيْرِ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا كَخُرْءِ الْكِلَابِ أَوْ فَضْلَةِ الْآدَمِيِّ أَوْ أَصَابَهُ دَمٌ، فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ كَمَا مَرَّ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْعَفْوِ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ حُكْمُهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ بِأَنْ كَانَ لَا مَاءَ مَعَهُ أَصْلًا إلَّا أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ قَدْ مَسَحَ عَلَى خُفِّهِ وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَوْ كَانَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي إلَّا الْوُضُوءَ وَالْمَسْحَ دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ جَمْعُ مَاءِ أَعْضَائِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرِهِ لِيُزِيلَ بِهِ النَّجَاسَةَ، فَإِنَّهُ يَنْزِعُهُ وَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِمُجَرَّدِ النَّزْعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيَنْتَقِلُ لِلتَّيَمُّمِ وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْمَسْحِ فِي حَقِّهِ وَلَا يَكْفِيهِ دَلْكُهُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَهُ بَدَلٌ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ لَا بَدَلَ لَهُ وَأُخِذَ مِنْ هَذَا تَقْدِيمُ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْوُضُوءِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مَا يَكْفِيهِ لِإِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ، فَإِنَّهُ يَبْقَى خُفُّهُ مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ وَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ مُحَافَظَةً عَلَى الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ كَانَ فَرْضُهُ) أَيْ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ حُكْمُهُ الْمَسْحُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ خَلْعَ الْخُفِّ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِمَنْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا بِالْفِعْلِ بَلْ يَدْخُلُ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَسْحٌ أَصْلًا بِأَنْ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ وَأَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ أَوْ بَعْدَ انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي إدْخَالِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تت التَّابِعِ لِابْنِ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ طفى وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ تَقَدَّمَ لَهُ مَسْحٌ ووضوؤه بَاقٍ وَأَصَابَ خُفَّهُ نَجَاسَةٌ لَا يُعْفَى عَنْهَا وَلَا مَاءَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ يَتَرَدَّدُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَنْزِعُهُ وَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِالنَّزْعِ وَيَتَيَمَّمُ أَمْ يُبْقِيهِ وَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ مُحَافَظَةً عَلَى الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْحُكْمَ بِقَوْلِهِ فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَسْحٌ وَوُضُوءُهُ بَاقٍ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَلَا
يَجِدُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِوُضُوئِهِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ (وَيَتَيَمَّمُ) وَلَا يَكْفِيهِ الدَّلْكُ فَيَنْتَقِلُ مِنْ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ لِلتُّرَابِيَّةِ (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (إلْحَاقَ رِجْلِ الْفَقِيرِ) الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى تَحْصِيلِ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ بِالْخُفِّ وَالنَّعْلِ فِي الْعَفْوِ عَمَّا أَصَابَ رِجْلَهُ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ وَبَوْلِهَا وَدَلْكِهَا، وَمِثْلُهُ غَنِيٌّ لَمْ يَجِدْ مَا ذُكِرَ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اللُّبْسِ لِمَرَضٍ (وَفِي) إلْحَاقِ رِجْلِ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْفَقِيرِ وَهُوَ غَنِيٌّ يَقْدِرُ عَلَى لُبْسِهِ وَوَجَدَهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى أُصِيبَتْ رِجْلُهُ بِذَلِكَ وَدَلَكَهَا (لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ) فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ وَيَتَعَيَّنُ الْغَسْلُ وَلَوْ قَالَ وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ لَكَانَ أَخْصَرَ مَعَ الْإِتْيَانِ بِاصْطِلَاحِهِ
[دَرْسٌ](وَ) عُفِيَ عَنْ (وَاقِعٍ) مِنْ سَقْفٍ وَنَحْوَهُ لِقَوْمٍ مُسْلِمِينَ أَوْ مَشْكُوكٍ فِي إسْلَامِهِمْ (عَلَى) شَخْصٍ (مَارٍّ) أَوْ جَالِسٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَتَهُ وَلَا نَجَاسَتَهُ بَلْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ (وَإِنْ سَأَلَ) كَمَا هُوَ الْمَنْدُوبُ (صُدِّقَ الْمُسْلِمُ) الْعَدْلُ الرِّوَايَةِ إنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ أَيْ وَبَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا وَإِلَّا نُدِبَ الْغَسْلُ لَا الْكَافِرُ أَوْ الْفَاسِقُ، فَإِنْ قُلْتَ: الْوَاقِعُ مِنْ بَيْتِ مُسْلِمٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِي إسْلَامِهِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَتَهُ وَلَا نَجَاسَتَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ فَمَا مَعْنَى الْعَفْوِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إشْكَالَ فِي نَزْعِهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ إذْ نَزْعُهُ لَا يُوجِبُ لَهُ نَقْضًا فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُهُ قَالَ بْن: إنْ قُلْتَ يُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ الْمَسْأَلَةُ بِغَيْرِ الْمَاسِحِ إذَا لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ وَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَمَعَهُ مَاءٌ قَلِيلٌ لَا يَكْفِيهِ إلَّا لِغَسْلِ النَّجَاسَةِ أَوْ لِلْوُضُوءِ مَعَ الْمَسْحِ فَهَذَا يَتَرَدَّدُ هَلْ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ فَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ أَوْ يَخْلَعُهُ وَيَتَيَمَّمُ لِقُصُورِ الْمَاءِ عَنْ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ حَمْلُ الْمَاسِحِ عَلَى مَنْ حُكْمُهُ الْمَسْحُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَمَنْ تَبِعَهُ قُلْتُ لَا يَصِحُّ دُخُولُ هَذِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ خَلْعَ الْخُفِّ فِي حَقِّهِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَغْسِلَهُ وَيَتَيَمَّمَ، الثَّانِي: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَتَأَتَّى التَّرَدُّدُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِفَقْدِ شَرْطِ الْمَسْحِ وَهُوَ طَهَارَةُ الْجِلْدِ فَلَا يُتَوَهَّمُ صِحَّةُ الْوُضُوءِ حَتَّى يَتَرَدَّدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْصِيصِ عَلَيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا مَاءَ مَعَهُ) أَيْ الَّذِي لَا مَاءَ مَعَهُ يَكْفِي الْوُضُوءَ أَوْ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَهَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ أَصْلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ وَبَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ أَوْ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ حِينَ الْإِصَابَةِ غَيْرُ مُتَطَهِّرٍ وَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِي الْوُضُوءَ وَإِزَالَةَ النَّجَاسَةِ مَعًا، وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَطَهِّرٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الَّذِي مَسَحَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ أَوْ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ وَاسْتَمَرَّتْ وَتَنَجَّسَ الْخُفُّ، فَإِنَّهُ يَخْلَعُهُ وَيُصَلِّي بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مُتَطَهِّرٍ أَيْ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِدْ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ) أَيْ أَوْ وَجَدَهُمَا وَلَكِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى أُصِيبَتْ رِجْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِتْيَانِ بِاصْطِلَاحِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ هَذَا تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَوَاقِعٍ عَلَى مَارٍّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّخْصَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَارًّا تَحْتَ سَقَائِفِ مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِمْ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ طَهَارَةُ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ السَّقَائِفِ أَوْ تُظَنَّ طَهَارَتُهُ أَوْ تَتَحَقَّقَ نَجَاسَتُهُ أَوْ تُظَنَّ أَوْ يَشُكَّ فِيهَا فَهَذِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً، فَإِنْ تَحَقَّقَتْ طَهَارَةُ الْوَاقِعِ أَوْ ظُنَّتْ أَوْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهُ أَوْ ظُنَّتْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِيهِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَإِنَّمَا كَلَامُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مَارًّا تَحْتَ سَقَائِفِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِمْ وَشَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْوَاقِعِ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَيُعْفَى عَنْ الْفَحْصِ عَنْهُ وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ مَارًّا تَحْتَ سَقَائِفِ كُفَّارٍ وَشَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْوَاقِعِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا وَلَا يَحْتَاجُ لِسُؤَالِهِمْ، فَلَوْ سَأَلَهُمْ وَأَخْبَرُوا بِالطَّهَارَةِ لَمْ يُصَدَّقُوا وَإِنْ أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْوَاقِعِ مِنْ بُيُوتِهِمْ مُسْلِمٌ صُدِّقَ إنْ كَانَ عَدْلَ رِوَايَةٍ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُسْلِمُ) أَيْ إنْ أَخْبَرَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا.
وَأَمَّا إنْ أَخْبَرَ بِالطَّهَارَةِ صُدِّقَ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْوَاقِعِ أَوْ نَجَاسَتِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ بِالطَّهَارَةِ صُدِّقَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَتِهِ وَبَيَانِهِ لِوَجْهِ النَّجَاسَةِ أَوْ مُوَافَقَتِهِ فِي الْمَذْهَبِ لِمَنْ أَخْبَرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نُدِبَ الْغَسْلُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهَا وَلَمْ يَتَّفِقَا فِي الْمَذْهَبِ نُدِبَ الْغَسْلُ (قَوْلُهُ: لَا الْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقَانِ.
قُلْنَا: مَعْنَاهُ الْعَفْوُ عَنْ وُجُوبِ السُّؤَالِ إذْ هُوَ الْأَصْلُ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ أَوْ يُقَالُ مَعْنَى الْعَفْوِ حَمْلُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ إذْ مُقْتَضَى الشَّكِّ وُجُوبُ الْغَسْلِ كَمَا أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ بَيْتِ كَافِرٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَتَهُ، فَإِنْ أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْمَشْكُوكِ أَحَدٌ صُدِّقَ الْمُسْلِمُ الْعَدْلُ الرِّوَايَةِ (وَ) عُفِيَ عَنْ (كَسَيْفٍ صَقِيلٍ) دَخَلَ بِالْكَافِ مَا شَابَهَهُ فِي الصِّقَالَةِ كَمُدْيَةٍ وَمِرْآةٍ وَجَوْهَرٍ وَسَائِرِ مَا فِيهِ صِقَالَةٌ وَصَلَابَةٌ مِمَّا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ ثُمَّ صَرَّحَ بِعِلَّةِ الْعَفْوِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ (لَإِفْسَادِهِ) بِالْغَسْلِ وَلَوْ قَالَ لِفَسَادِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ وَسَوَاءٌ مَسَحَهُ مِنْ الدَّمِ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ عَلَّلَهُ بِانْتِفَاءِ النَّجَاسَةِ بِالْمَسْحِ أَيْ عُفِيَ عَمَّا يُصِيبُهُ (مِنْ دَمِ) شَيْءٍ (مُبَاحٍ) كَجِهَادٍ وَقِصَاصٍ وَذَبْحٍ وَعَقْرِ صَيْدٍ وَخَرَجَ بِكَالسَّيْفِ الثَّوْبُ وَالْجَسَدُ وَنَحْوُهُمَا وَبِالصَّقِيلِ غَيْرُهُ وَبِدَمِ الْمُبَاحِ دَمُ الْعُدْوَانِ فَيَجِبُ الْغَسْلُ (وَ) عُفِيَ عَنْ (أَثَرِ) أَيْ مِدَّةِ (دُمَّلٍ) وَنَحْوَهُ كَجُرْحٍ (لَمْ يُنْكَ) أَيْ لَمْ يُعْصَرْ وَلَمْ يُقَشَّرْ بَلْ مُصِلَ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ نُكِيَ لَمْ يُعْفَ عَمَّا زَادَ عَنْ الدِّرْهَمِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَمْ يَضْطَرَّ إلَى نَكْئِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إذَا أَخْبَرَ الْأَوَّلُ بِالطَّهَارَةِ وَأَخْبَرَ الثَّانِي بِالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: قُلْنَا مَعْنَاهُ إلَخْ) قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْوَاقِعُ مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ وَلَا لِوُجُوبِ السُّؤَالِ فَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَاءَ السَّاقِطَ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ النَّجَاسَةَ كَانَ الْأَصْلُ وُجُوبَ غَسْلِهِ لَكِنْ عُفِيَ عَنْهُ لِكَثْرَةِ سُقُوطِ الْمَاءِ مِنْ السَّقَائِفِ وَحَاجَةِ النَّاسِ لِلْمُرُورِ تَحْتَهَا اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ) أَيْ الْوَاقِعِ مِنْ بَيْتِ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُسْلِمُ الْعَدْلُ) أَيْ وَلَا يُصَدَّقُ الْكَافِرُ فِي إخْبَارِهِ بِطَهَارَتِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعُفِيَ عَنْ كَسَيْفٍ إلَخْ) أَيْ عَنْ مُصَابٍ كَسَيْفٍ إذْ لَا مَعْنَى لِلْعَفْوِ عَنْ ذَاتِ السَّيْفِ وَنَحْوِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ صُلْبًا صَقِيلًا وَكَانَ يُخْشَى فَسَادُهُ بِالْغَسْلِ كَالسَّيْفِ وَنَحْوَهُ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ الدَّمِ الْمُبَاحِ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا خَوْفًا مِنْ إفْسَادِ الْغَسْلِ لَهُ (قَوْلُهُ: صَقِيلٍ) أَيْ مَصْقُولٍ لَا خَرْبَشَةَ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا عَفْوَ (قَوْلُهُ: وَمِرْآةٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا؛ لِأَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهَا مِنْ الدَّمِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ لِتَكَرُّرِ النَّظَرِ فِيهَا الْمَطْلُوبِ شَرْعًا دُونَ السَّيْفِ وَالْمُدْيَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَصْدَ الشَّارِحِ التَّمْثِيلُ لِلْمُشَابِهِ لِلسَّيْفِ فِي الصِّقَالَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحُكْمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ مَا فِيهِ صِقَالَةٌ وَصَلَابَةٌ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَفْوِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الصَّلَابَةَ؛ لِأَنَّهُ مَثَّلَ بِالسَّيْفِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا صُلْبًا (قَوْلُهُ: لِإِفْسَادِهِ) مُتَعَلِّقُ يُعْفَى أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ إفْسَادِهِ الْحَاصِلِ بِغَسْلِهِ لَا لِتَحْصِيلِ إفْسَادِهِ (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّ الْإِفْسَادَ فِعْلُ الْفَاعِلِ فَلَا يَتَّصِفُ بِهِ السَّيْفُ وَإِنَّمَا يَتَّصِلُ بِالْفَسَادِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ مَسَحَهُ مِنْ الدَّمِ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) هَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وح عَنْ النَّوَادِرِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْعَفْوَ بِشَرْطِ الْمَسْحِ نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ عَلَّلَهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَقُولُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ الدَّمِ الْمُبَاحِ بِشَرْطِ مَسْحِهِ لِانْتِفَاءِ النَّجَاسَةِ بِالْمَسْحِ فَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ السَّيْفَ وَنَحْوَهُ مِنْ الدَّمِ الْمُبَاحِ إلَّا إذَا مَسَحَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الظُّفْرَ وَالْجَسَدَ مِنْ الدَّمِ الْمُبَاحِ لِعَدَمِ صَلَابَتِهِمَا وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُمَا مِنْهُ إذَا مَسَحَ (قَوْلُهُ: مِنْ دَمٍ مُبَاحٍ) أَيْ زَائِدٍ عَلَى دِرْهَمٍ أَمَّا لَوْ كَانَ دِرْهَمًا فَلَا يَتَقَيَّدُ الْعَفْوُ لَا بِالصَّقِيلِ وَلَا بِالصُّلْبِ وَلَا يَكُونُ الدَّمُ مُبَاحًا قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ فَيَدْخُلُ فِيهِ دَمُ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ إذَا زَكَّاهُ بِهِ وَالْمُرَادُ مُبَاحٌ أَصَالَةً فَلَا يَضُرُّ حُرْمَتُهُ لِعَارِضٍ كَقَتْلِ مُرْتَدٍّ بِهِ وَزَانٍ أُحْصِنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَعَقْرِ صَيْدٍ) أَيْ لِأَجَلِ الْعَيْشِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كَالظُّفْرِ (قَوْلُهُ: غَيْرُهُ) أَيْ مِمَّا فِيهِ خَرْبَشَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِدَمِ الْمُبَاحِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِالدَّمِ غَيْرُهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ هُوَ الَّذِي يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لِغَلَبَةِ وُصُولِهِ لِلسَّيْفِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَبِالْمُبَاحِ مِنْ الْعُدْوَانِ (تَنْبِيهٌ) أَلْحَقَ خش الزُّجَاجَ بِالسَّيْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ لَا يُفْسِدُهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَلِذَا قَالَ ح وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِإِفْسَادِهِ الزُّجَاجُ، فَإِنَّهُ وَإِنْ شَابَهُ السَّيْفَ فِي الصِّقَالَةِ وَالصَّلَابَةِ لَكِنَّهُ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقْشَرْ) أَيْ لَمْ تَزُلْ قِشْرَتُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ مُصِلَ بِنَفْسِهِ) أَيْ بَلْ سَالَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نُكِيَ) أَيْ عُصِرَ أَوْ قُشِرَ أَيْ أُزِيلَتْ قِشْرَتُهُ فَسَالَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَضْطَرَّ إلَى نَكْئِهِ) أَيْ قَشْرِهِ أَوْ عَصْرِهِ
بَعْدَ أَنْ نُكِئَ سَابِقًا، وَقَدْ كَانَ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَالَ بِنَفْسِهِ وَيَسْتَمِرُّ الْعَفْوُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ، فَإِنْ بَرِئَ غَسَلَهُ وَمَحَلُّهُ إنْ دَامَ سَيَلَانُهُ أَوْ لَمْ يَنْضَبِطْ أَوْ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً، فَإِنْ انْضَبَطَ وَفَارَقَ يَوْمًا وَأَتَى آخَرَ فَلَا عَفْوَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدُّمَّلِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ فَيُعْفَى مُطْلَقًا وَلَوْ عَصَرَهَا أَوْ قَشَّرَهَا لِاضْطِرَارِهِ لِذَلِكَ كَالْحَكَّةِ وَالْجَرَبِ
(وَنُدِبَ) غَسْلُ جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ إلَّا كَالسَّيْفِ الصَّقِيلِ لِإِفْسَادِهِ (إنْ تَفَاحَشَ) بِأَنْ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ حَتَّى صَارَ يُسْتَقْبَحُ النَّظَرُ إلَيْهِ أَوْ يَسْتَحِي أَنْ يَجْلِسَ بِهِ بَيْنَ الْأَقْرَانِ أَيْ وَكَانَ سَبَبُ الْعَفْوِ قَائِمًا، فَإِنْ انْقَطَعَ وَجَبَ الْغَسْلُ (كَ) نَدْبِ غَسْلِ (دَمِ) أَيْ خُرْءِ (الْبَرَاغِيثِ) إنْ تَفَاحَشَ وَأَمَّا دَمُهَا الْحَقِيقِيُّ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَدُونَ دِرْهَمٍ وَأَمَّا خُرْءُ الْقُمَّلِ وَالْبَقِّ وَنَحْوِهِمَا فَيُنْدَبُ وَلَوْ لَمْ يَتَفَاحَشْ (إلَّا) أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى الْمُتَفَاحِشِ (فِي صَلَاةٍ) فَلَا يُنْدَبُ الْغَسْلُ بَلْ يَحْرُمُ لِوُجُوبِ التَّمَادِي فِيهَا، فَإِنْ أَرَادَ صَلَاةً أُخْرَى نُدِبَ (وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ يَطْهُرُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ (بِغَسْلِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِلَا نِيَّةٍ مُتَعَلِّقًا بِغَسْلِهِ أَيْ يَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ بِغَسْلِهِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِنِيَّةٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ (إنْ عُرِفَ) مَحَلُّهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ اُضْطُرَّ عُفِيَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الدَّمِ الْخَارِجِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ وَأَشَارَ بِهَذَا لِمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الدُّمَّلَ الْوَاحِدَةَ إذَا اُضْطُرَّ إلَى نَكْئِهَا وَشَقَّ عَلَيْهِ تَرْكُهَا، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَمَّا سَالَ مِنْهَا مُطْلَقًا اهـ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَالْمُتَعَدِّدَةُ أَوْلَى كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ الِاضْطِرَارِ لِنَكْئِهَا وَضْعَ الدَّوَاءِ عَلَيْهَا فَتَسِيلُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَكَاهُ بَعْدَمَا اجْتَمَعَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمِدَّةِ فَخَرَجَتْ ثُمَّ صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّمَا اجْتَمَعَ فِيهِ شَيْءٌ سَالَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَنَّهُ نَكَاهُ قَبْلَ اجْتِمَاعِ شَيْءٍ مِنْ الْمِدَّةِ فِيهِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّمَا اجْتَمَعَ فِيهِ شَيْءٌ سَالَ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ السَّائِلِ الَّذِي سَالَ بِنَفْسِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَرِئَ غَسَلَهُ) أَيْ غَسَلَ مَا كَانَ أَصَابَهُ مِنْهُ قَبْلَ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ أَثَرِ الدُّمَّلِ الَّذِي لَمْ يُنْكَ بَلْ نَصَلَ بِنَفْسِهِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُمْ مُطْلَقٌ (قَوْلُهُ: إنْ دَامَ سَيَلَانُهُ) أَيْ وَلَمْ يَنْقَطِعْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْضَبِطْ) أَيْ أَوْ انْقَطَعَ السَّيَلَانُ وَلَكِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ انْقِطَاعُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَأْتِي إلَخْ) أَيْ أَوْ انْضَبَطَ انْقِطَاعُهُ وَلَكِنْ صَارَ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً أَمَّا لَوْ انْضَبَطَ وَلَمْ يَنْزِلْ كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يُعْفَى إلَّا عَنْ الدِّرْهَمِ فَقَطْ، فَإِنْ نَزَلَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ فَتَلَهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا يُمْكِنُ فَتْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قَطَعَ إنْ رَجَا كَفَّهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَغَسَلَ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ كَفَّهَا تَمَادَى (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ) أَيْ كَالدُّمَّلَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ غَسْلُ جَمِيعِ مَا سَبَقَ إلَخْ) أَيْ لَا خُصُوصَ أَثَرِ الدُّمَّلِ وَالْجُرْحِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: إنْ تَفَاحَشَ) هَذَا قَيْدٌ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَفَاحَشَ.
وَأَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ فَيُنْدَبُ غَسْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَفَاحَشْ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ قَالَ فِي المج وَعَلَيْهِ يُقَالُ: إنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِ غَيْرِهِ بِالتَّفَاحُشِ، فَإِنَّ الْعَفْوَ تَخْفِيفٌ فَقَطْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَحِي إلَخْ) هَذَا يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَكَانَ سَبَبُ الْعَفْوِ) أَيْ وَهُوَ مَشَقَّةُ الِاحْتِرَازِ وَقَوْلُهُ قَائِمًا أَيْ مَوْجُودًا (قَوْلُهُ: خُرْءِ بَرَاغِيثَ) أَيْ مِنْ ثَوْبٍ تَفَاحَشَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِ هَيَجَانِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا) أَيْ كَالذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ (قَوْلُهُ: فَيُنْدَبُ) أَيْ غَسْلُهُ مِنْ الثَّوْبِ وَلَوْ لَمْ يَتَفَاحَشْ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ؛ لِأَنَّ خُرْأَهَا نَادِرٌ فَلَا مَشَقَّةَ فِي غَسْلِهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْبُرْغُوثِ، فَإِنَّهُ يَكْثُرُ خُرْؤُهُ عَادَةً، فَلَوْ حَكَمْنَا بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا حَصَلَتْ الْمَشَقَّةُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْحُلَلِ حَيْثُ قَالَ إنَّ خُرْءَ الْقُمَّلِ وَالْبَقِّ وَنَحْوِهِمَا مِثْلُ خُرْءِ الْبَرَاغِيثِ لَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ مِنْ الثَّوْبِ إلَّا إذَا تَفَاحَشَ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ عج كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى الْمُتَفَاحِشِ) مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ السَّابِقَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ حَذْفَ قَوْلِهِ إلَّا فِي صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ قَطْعُ الصَّلَاةِ لِمَنْدُوبٍ (قَوْلُهُ: وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ النَّجَاسَةِ أَيْ يَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْفُوًّا عَنْهَا أَمْ لَا بِغَسْلِهِ وَلَا يُطْلَبُ بِالتَّثْلِيثِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَاسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيَّةُ لِحَدِيثِ الْقَائِمِ مِنْ النَّوْمِ وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ التَّسْبِيعَ فِي كُلِّ نَجَاسَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْكَلْبِ إلَّا الْأَرْضَ فَوَاحِدَةٌ لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِهِ) أَفَادَ أَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِهِ بِلَا نِيَّةٍ وَقَوْلِهِ بِغَسْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ إلَّا أَنَّ الْجَارَّ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى مَعَ وَالثَّانِي لِلسَّبَبِيَّةِ فَلَمْ يَلْزَمْ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقًا بِغَسْلِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ بِغَسْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ وَالْمَعْنَى يَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ بِغَسْلِهِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ تَعَبُّدٌ لَا مَعْقُولَ الْمَعْنَى وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نِيَّةٌ كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ إذَا كَانَ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ كَمَا هُنَا لَا تُطْلَبُ فِيهِ نِيَّةٌ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْغَيْرِ بِخِلَافِ التَّعَبُّدِ الَّذِي لِتَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ فَيَفْتَقِرُ لَهَا وَذَلِكَ كَغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ عُرِفَ مَحَلُّهُ)
وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ (وَإِلَّا) يُعْرَفْ بِأَنْ شَكَّ فِي مَحَلَّيْنِ مَثَلًا (فَبِجَمِيعِ الْمَشْكُوكِ) أَيْ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِ جَمِيعِ مَا شَكَّ (فِيهِ) مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ مَكَان أَوْ إنَاءٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا فَرْقَ فِي الْمَشْكُوكِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي جِهَةٍ أَوْ جِهَتَيْنِ مُتَمَيِّزَتَيْنِ (كَكُمَّيْهِ) الْمُتَّصِلَيْنِ بِثَوْبِهِ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّ بِأَحَدِهِمَا نَجَاسَةً وَلَا يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ عَيْنَهُ فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ غَسْلِهِمَا مَعًا أَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا فَيَتَحَرَّى حِينَئِذٍ أَحَدَهُمَا لِيَغْسِلَهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَهُ
(بِخِلَافِ)(ثَوْبَيْهِ) الْمُنْفَصِلَيْنِ تُصِيبُ النَّجَاسَةُ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ (فَيَتَحَرَّى) أَيْ يَجْتَهِدُ فِي تَمْيِيزِ الطَّاهِرِ بِعَلَامَةٍ يَسْتَنِدُ إلَيْهَا لِيُصَلِّيَ بِهِ وَيَتْرُكَ الثَّانِيَ أَوْ يَغْسِلَهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي وَإِلَّا صَلَّى بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ كَعَاجِزٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحَرٍّ تَعَيَّنَ غَسْلُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلصَّلَاةِ بِهِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (بِطَهُورٍ) مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلِهِ (مُنْفَصِلٍ) عَنْ مَحَلِّ النَّجَسِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ النَّجَسُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهَا) أَيْ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ فَمَتَى تُحُقِّقَ مَحَلُّهَا أَوْ ظُنَّ طَهُرَ بِغَسْلِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ.
وَأَمَّا الْمَحَلُّ الْمَوْهُومُ كَمَا لَوْ ظَنَّ النَّجَاسَةَ فِي جِهَةٍ وَتَوَهَّمَهَا فِي أُخْرَى فَلَا يَغْسِلُهُ إذْ لَا تَأْثِيرَ لِلْوَهْمِ فِي الْحَدَثِ فَأَوْلَى الْخَبَثِ كَمَا حَقَّقَهُ طفى رَادًّا عَلَى الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ فِي جَعْلِهِ الْوَهْمَ كَالشَّكِّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَبِجَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَذَكَرَ عبق الْقَوْلَيْنِ وَصَدَّرَ بِالْأَوَّلِ وَفِي بْن أَنَّ الْأَوَّلَ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ عج وطفى وَرَجَّحَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ فِي مَحَلَّيْنِ) أَيْ تَرَدَّدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي مَحَلَّيْنِ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ أَوْ ظَنِّهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِ جَمِيعِ مَا شَكَّ فِيهِ) أَيْ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ ثَوْبٍ إلَخْ) أَيْ كَانَ الْمَحَلَّانِ الْمَشْكُوكُ فِيهِمَا مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعًا) أَيْ وَلَا يَتَحَرَّى وَاحِدًا لِيَغْسِلَهُ فَقَطْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنَّهُ يَتَحَرَّى فِي الْكُمَّيْنِ وَاحِدًا يَغْسِلُهُ كَالثَّوْبَيْنِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِغَسْلِ الْكُمَّيْنِ وَوَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْسِلُهُمَا مَعًا، فَإِنْ لَمْ يَسَعْ الْوَقْتُ إلَّا غَسْلَ وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْسِلُ وَاحِدًا مِنْهُمَا تَحَرَّى وَاحِدًا يَغْسِلُهُ فَقَطْ اتِّفَاقًا ثُمَّ يَغْسِلُ الثَّانِيَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ وُجُودِ مَاءٍ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي، فَإِنْ لَمْ يَسَعْ الْوَقْتُ غَسْلَ وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يَسَعْ التَّحَرِّيَ صَلَّى بِدُونِ غَسْلٍ؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْوَقْتِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى طَهَارَةِ الْخَبَثِ.
(قَوْلُهُ: الْمُنْفَصِلَيْنِ) أَيْ الْمُنْفَصِلِ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ كَالْقَمِيصَيْنِ وَالْإِزَارَيْنِ أَوْ الْقَمِيصِ وَالْإِزَارِ أَوْ الْقَمِيصِ وَالْمِنْدِيلِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا إلَّا أَنَّهُ مُتَّصِلٌ كَطَرَفَيْ الثَّوْبِ وَكُمَّيْهِ، فَلَوْ فَصَلَ الْكُمَّانِ كَانَا كَالثَّوْبَيْنِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: تُصِيبُ النَّجَاسَةُ أَحَدَهُمَا) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ) أَيْ عَيْنَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ الْمُصَابِ بِالنَّجَاسَةِ هَلْ هُوَ هَذَا أَوْ هَذَا (قَوْلُهُ: فَيَتَحَرَّى) أَيْ فَيَجْتَهِدُ فِي تَمْيِيزِ الطَّاهِرِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا اجْتَهَدَ وَحَصَلَ لَهُ ظَنٌّ بِطَهَارَةِ أَحَدِهِمَا صَلَّى بِهِ الْآنَ وَكَذَا بِوَقْتٍ آخَرَ وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَتَرْكُ الثَّوْبِ الثَّانِي أَوْ غَسْلُهُ، فَإِنْ اجْتَهَدَ فَلَمْ يَقَعْ لَهُ ظَنٌّ فِي الثَّوْبَيْنِ، فَإِنَّهُ يَنْضَحُ أَحَدَهُمَا وَيُصَلِّي بِهِ عَمَلًا بِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ لِشَكِّهِ فِي الْإِصَابَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ، قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ قَالَ بْن وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي ح وَمَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّحَرِّي أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ عَلَامَةٍ يَسْتَنِدُ إلَيْهَا فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ ظَنٌّ بِطَهَارَةِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ تَعَيَّنَ غَسْلُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلصَّلَاةِ بِهِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ فَيَتَحَرَّى.
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَقْتَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّسِعًا أَوْ ضَيِّقًا لَا يَسَعُ التَّحَرِّيَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ التَّحَرِّي لِوُجُودِ عَلَامَةٍ يَسْتَنِدُ إلَيْهَا، وَإِمَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ التَّحَرِّي لِعَدَمِ وُجُودِ عَلَامَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَأَمْكَنَ التَّحَرِّي تَحَرَّى أَحَدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّحَرِّي وَالْفَرْضُ أَنَّ الْوَقْتَ مُتَّسِعٌ تَعَيَّنَ غَسْلُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلصَّلَاةِ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لح وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ التَّحَرِّي وَكَانَ يُمْكِنُ التَّحَرِّي أَنْ لَوْ كَانَ مُتَّسِعًا أَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُ صَلَّى بِأَيِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ التَّحَرِّي فِي الثَّوْبَيْنِ إنْ أَمْكَنَ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ طَرِيقَةٌ لِابْنِ شَاسٍ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكُمَّيْنِ يُغْسَلَانِ وَالثَّوْبَيْنِ يَتَحَرَّى أَنَّ الْكُمَّيْنِ لَمَّا اتَّصَلَا صَارَا بِمَثَابَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّوْبَانِ وَاَلَّذِي لِسَنَدٍ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ كَالْكُمَّيْنِ يَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعًا وَلَا يَتَحَرَّى فِيهِمَا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ عَدَمِ وُجُودِ مَاءٍ يَغْسِلُ بِهِ الثَّوْبَيْنِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَرَدَّ ابْنُ هَارُونَ طَرِيقَةَ ابْنِ شَاسٍ بِأَنَّهُ إذَا تَحَرَّى وَلَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا فَقَدْ أَدْخَلَ احْتِمَالَ الْخَلَلِ فِي صَلَاتِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَ ح وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا
(كَذَلِكَ) أَيْ طَهُورًا وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ بِالْأَوْسَاخِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ قَالَ مُنْفَصِلٌ طَاهِرٌ لَحَسُنَ
(وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ) وَلَا عَرْكُهُ إلَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ التَّطْهِيرُ عَلَيْهِ وَيَطْهُرَ مَحَلُّ النَّجَسِ بِغَسْلِهِ (مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ) أَيْ النَّجَسِ مِنْ الْمَحَلِّ وَلَوْ عَسُرَ لِأَنَّ بَقَاءَ الطَّعْمِ دَلِيلٌ عَلَى تَمَكُّنِ النَّجَاسَةِ مِنْ الْمَحَلِّ فَيُشْتَرَطُ زَوَالُهُ (لَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ لَوْنٍ وَرِيحٍ عَسُرَا) بِخِلَافِ الْمُتَيَسِّرَيْنِ فَيُشْتَرَطُ (وَالْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ) بِأَحَدِ أَوْصَافِ النَّجَاسَةِ (نَجِسَةٌ) لَا إنْ تَغَيَّرَتْ بِوَسَخٍ أَوْ صَبْغٍ مَثَلًا فَلَوْ غُسِلَتْ قَطْرَةُ بَوْلٍ مَثَلًا فِي جَسَدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَسَالَتْ غَيْرَ مُتَغَيِّرَةٍ فِي سَائِرِهِ وَلَمْ تَنْفَصِلْ عَنْهُ كَانَ طَاهِرًا (وَلَوْ)(زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) عَنْ الْمَحَلِّ (بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ) مِنْ مُضَافٍ وَبَقِيَ بَلَلُهُ فَلَاقَى جَافًّا أَوْ جَفَّ وَلَاقَى مَبْلُولًا (لَمْ يَتَنَجَّسْ مُلَاقِي مَحَلِّهَا) عَلَى الْمَذْهَبِ إذْ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْحُكْمُ وَهُوَ لَا يَنْتَقِلُ وَفِيهِ أَنَّ الْمُضَافَ قَدْ يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ فَالْبَاقِي نَجِسٌ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِالْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ كَالْمُطْلَقِ لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَلَوْ اسْتَنْجَى بِمُضَافٍ أَعَادَ الِاسْتِنْجَاءَ دُونَ غَسْلِ ثَوْبِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَصَابَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الْأَثْوَابِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا صَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ وَزِيَادَةِ ثَوْبٍ كَالْأَوَانِي وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِفَّةِ الْأَخْبَاثِ عَنْ الْأَحْدَاثِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي مُنْفَصِلٍ أَيْ مُنْفَصِلٍ حَالَةَ كَوْنِهِ طَهُورًا أَيْ مُنْفَصِلٍ عَنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ بِالْأَوْسَاخِ) وَذَلِكَ كَثَوْبِ الْبَقَّالِ وَاللَّحَّامِ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَطْهِيرِهِ إزَالَةُ مَا فِيهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ الْمَاءُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بِهَا بَلْ مَتَى انْفَصَلَ الْمَاءُ خَالِيًا عَنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ بَقِيَ فِيهِ غَيْرُهَا مِنْ الْوَسَخِ فَقَدْ طَهُرَتْ وَكَالثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِزُرْقَةٍ مَثَلًا إذَا تَنَجَّسَ قَبْلَ الصَّبْغِ أَوْ بَعْدَهُ فَالشَّرْطُ فِي طَهَارَتِهِ انْفِصَالُ الْمَاءِ عَنْهُ خَالِيًا عَنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ لَا عَنْ الزُّرْقَةِ وَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ كَالْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَا يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ) أَيْ مَحَلِّ النَّجَسِ إذَا كَانَ ثَوْبًا وَلَا عَرْكُهُ إذَا كَانَ أَرْضًا أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ التَّطْهِيرُ عَلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فَاَلَّتِي يُمْكِنُ زَوَالُهَا بِمُجَرَّدِ صَبِّ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ كَثْرَةٍ كَالْبَوْلِ وَالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ بِمُكَاثَرَةِ صَبِّ الْمَاءِ كَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ لَا تَحْتَاجُ إلَى عَرْكٍ وَدَلْكٍ وَمَا لَا يَزُولُ إلَّا بِالْعَرْكِ وَالدَّلْكِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَسُرَ) أَيْ زَوَالُ الطَّعْمِ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَعْسُرْ بَلْ وَلَوْ عَسُرَ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ زَوَالُهُ) أَيْ وَيُتَصَوَّرُ الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَةِ زَوَالِ طَعْمِ النَّجَاسَةِ وَبَقَائِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ذَوَاقُهَا بِأَنْ تَكُونَ فِي الْفَمِ أَوْ دَمِيَتْ اللِّثَةُ أَوْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُهُ فَجَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمَحَلِّ اسْتِظْهَارًا لِأَجْلِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ أَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَارْتَكَبَ النَّهْيَ وَذَاقَهَا.
وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي زَوَالِهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَوَاقُهَا أَمْ لَا قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَمَنْعُ ذَوَاقِ النَّجَاسَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّلَطُّخَ بِهَا حَرَامٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ كَمَا تَقَدَّمَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ لَوْنٍ وَرِيحٍ عَسُرَا) أَيْ بَلْ يُغْتَفَرُ بَقَاءُ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ لَا فِي الْغُسَالَةِ وَلَا يَجِبُ أُشْنَانٌ وَنَحْوُهُ كَمَا فِي ح وَلَا تَسْخِينُ الْمَاءِ كَمَا فِي عبق لِأَجْلِ زَوَالِ لَوْنِ النَّجَاسَةِ أَوْ رِيحِهَا الْمُتَعَسِّرَيْنِ مِنْ الثَّوْبِ وَذَلِكَ لِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ لَا أَنَّهُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بِأَحَدِ أَوْصَافِ النَّجَاسَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ زَوَالُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مِنْ الْمَحَلِّ مُتَعَسِّرًا وَهَذَا نُكْتَةُ إتْيَانِهِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ مُنْفَصِلٌ كَذَلِكَ الْمُغْنِي عَنْهُ لَكِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِقَوْلِهِ، وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ (قَوْلُهُ: وَسَالَتْ) أَيْ الْغُسَالَةُ وَقَوْلُهُ: فِي سَائِرِهِ أَيْ فِي سَائِرِ الْمَغْسُولِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ (قَوْلُهُ: مِنْ مُضَافٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ زَالَ عَيْنُهَا بِطَعَامٍ كَخَلٍّ أَوْ بِمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ مُلَاقِي مَحَلِّهَا قَوْلًا وَاحِدًا إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِطَاهِرٍ لَمْ يَتَنَجَّسْ مُلَاقِي مَحَلِّهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُطْلَقِ يَصْدُقُ بِالطَّعَامِ وَبِالنَّجَسِ وَالْمُتَنَجِّسِ مَعَ أَنَّ مُلَاقِيَ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ الْمُزَالَةِ بِمَا ذُكِرَ يَتَنَجَّسُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَمُقَابِلُهُ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ مُلَاقِي مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَرَضٌ) قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْعَرَضُ شَيْءٌ مَوْجُودٌ يَقُومُ بِمَحَلٍّ مَوْصُوفٍ وَلَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ وَالْحُكْمُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَالْأُمُورُ الِاعْتِبَارِيَّةُ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا تُسَمَّى أَعْرَاضًا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهُوَ وَصْفٌ لَا يَنْتَقِلُ (قَوْلُهُ: قَدْ يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاتِهِ لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي أُزِيلَتْ عَيْنُهَا بِهِ وَقَدْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ: فَالْبَاقِي نَجِسٌ) أَيْ فَالْبَاقِي مِنْ ذَلِكَ الْمُضَافِ فِي الْمَحَلِّ قَدْ تَنَجَّسَ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا لَاقَى الْمَحَلَّ الْمَبْلُولَ جَافًّا أَوْ لَاقَى الْمَحَلَّ الْجَافَّ شَيْءٌ مَبْلُولٌ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ) أَيْ تَعْلِيلُ عَدَمِ نَجَاسَةِ الْمُلَاقِي لِلْمَحَلِّ بِالْبِنَاءِ إلَخْ أَيْ.
وَأَمَّا التَّعْلِيلُ الَّذِي عَلَّلُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْحُكْمُ وَهُوَ عَرَضٌ لَا يَنْتَقِلُ فَلَيْسَ بِأَوْلَى لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الِاعْتِرَاضِ (تَنْبِيهٌ) لَيْسَ
عَلَى الرَّاجِحِ
(وَإِنْ)(شَكَّ) شَخْصٌ (فِي إصَابَتِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (لِثَوْبٍ) أَوْ حَصِيرٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ (وَجَبَ نَضْحُهُ) فَلَوْ غَسَلَهُ أَجْزَأَ وَمِثْلُهُ الظَّنُّ الضَّعِيفُ، فَإِنْ قَوِيَ فَالْغَسْلُ لَا إنْ تَوَهَّمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ تَرَكَ) النَّضْحَ وَصَلَّى (أَعَادَ الصَّلَاةَ كَالْغَسْلِ) أَيْ كَمَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ تَارِكُ غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ فَالذَّاكِرُ الْقَادِرُ يُعِيدُ أَبَدًا وَالنَّاسِي أَوْ الْعَاجِزُ فِي الْوَقْتِ، وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَشْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا لِوُرُودِ الْأَمْرِ مِنْ الشَّارِعِ بِالنَّضْحِ (وَهُوَ) أَيْ النَّضْحُ (رَشٌّ بِالْيَدِ) أَوْ الْمَطَرِ رَشَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ عُمُومَهَا وَأَعَادَ قَوْلَهُ (بِلَا نِيَّةٍ) مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ بِلَا نِيَّةٍ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّ النَّضْحَ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا أَوْ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَفْتَقِرُ إلَيْهَا (لَا إنْ) تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ وَ (شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ أَوْ) شَكَّ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْإِصَابَةِ وَالنَّجَاسَةِ فَلَا غَسْلَ وَلَا نَضْحَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَعَدَمُ الْإِصَابَةِ (وَ) فِي جَوَابٍ (هَلْ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ) إذَا شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لَهُ فَيَجِبُ نَضْحُهُ (أَوْ) لَيْسَ كَالثَّوْبِ بَلْ (يَجِبُ غَسْلُهُ) لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ زَوَالِ النَّجَاسَةِ جَفَافُ الْبَوْلِ بِكَثَوْبٍ وَحِينَئِذٍ إذَا لَاقَى مَحَلًّا مَبْلُولًا نَجَّسَهُ، نَعَمْ لَا يَضُرُّ الطَّعَامُ الْيَابِسُ كَمَا فِي عبق وَارْتَضَاهُ بْن خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ شب وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) مُقَابَلَةَ قَوْلِ الْقَابِسِيِّ بِإِعَادَةِ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ النَّجَاسَةُ) يَعْنِي غَيْرَ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ احْتِرَازًا عَنْ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ إذَا شَكَّ فِي إصَابَتِهَا أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ وَقَدْ خَفِيَتْ عَيْنُهَا، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَجَبَ نَضْحُهُ) أَيْ لِأَجْلِ قَطْعِ الْوَسْوَسَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَلًا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ النَّضْحِ فَتَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ وَقِيلَ: إنَّ النَّضْحَ تَعَبُّدِيٌّ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ لَا تَقْلِيلٌ لَهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الشَّكِّ فِي وُجُوبِ النَّضْحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَوِيَ) أَيْ ظَنَّ الْإِصَابَةَ وَأَوْلَى إذَا تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ أَوْ ظَنَّهَا ظَنًّا قَوِيًّا وَيَجِبُ النَّضْحُ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا شَكَّ فِي الْإِصَابَةِ أَوْ ظَنَّهَا ظَنًّا ضَعِيفًا وَالْحَالَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ تَوَهُّمُ الْإِصَابَةِ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: كَالْغَسْلِ) تَشْبِيهٌ لِتَكْمِيلِ الْحُكْمِ لَا لِإِفَادَةِ حُكْمٍ غَفَلَ عَنْهُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْوُجُوبِ وَالْإِعَادَةِ أَيْ وَجَبَ نَضْحُهُ وُجُوبًا كَوُجُوبِ الْغَسْلِ فَيَكُونُ وُجُوبُ النَّضْحِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَأَعَادَ إعَادَةً كَالْإِعَادَةِ فِي تَرْكِ الْغَسْلِ فَهِيَ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ بِوُجُوبِ النَّضْحِ (قَوْلُهُ: أَشْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ) أَيْ بِسُنِّيَّتِهِ أَيْ وَأَشْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ؛ لِأَنَّ النَّضْحَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النَّضْحِ أَشْهَرَ مِنْ الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هُنَا الْقَوْلَ بِسُنِّيَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُمَا مَعًا فِي الْغَسْلِ.
(قَوْلُهُ: لِوُرُودِ الْأَمْرِ مِنْ الشَّارِعِ بِالنَّضْحِ) فِيهِ أَنَّ الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ، فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْقَوْلَ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْغَسْلِ لِكَوْنِهِ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَشْهِيرُ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِي النَّضْحِ، لَكَانَ أَحْسَنَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَنْ تَرَكَ النَّضْحَ وَصَلَّى أَعَادَ كَإِعَادَةِ تَارِكِ غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَعِيسَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ النَّضْحَ وَصَلَّى يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ مُطْلَقًا لِخِفَّةِ أَمْرِهِ قَالَ بْن وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِجَعْلِ التَّشْبِيهِ فِي مُطْلَقِ الْإِعَادَةِ لَا تَامًّا حَتَّى يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ الْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَلِخِفَّةِ النَّضْحِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِإِعَادَةِ النَّاسِي أَبَدًا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي تَرْكِ غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا قَوْلًا لِأَبِي الْفَرَجِ بِوُجُوبِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ فَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا أَعَادَ أَبَدًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ النَّضْحِ مُطْلَقًا بَلْ قِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَقِيلَ: إنَّهُ سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: أَيْ النَّضْحُ) يَعْنِي مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لِثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ أَرْضٍ (قَوْلُهُ: بِالْيَدِ) أَيْ أَوْ الْفَمِ بَعْدَ إزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ الْبُصَاقِ (قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَجَبَ نَضْحُهُ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ حَالًا مِنْ قَوْلِهِ رَشٌّ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ بِالْيَدِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا نِيَّةٍ مِنْ حَقِيقَةِ النَّضْحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَفْتَقِرُ إلَيْهَا) وَذَلِكَ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ فِيهِ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ لَا تَقْلِيلٌ لَهَا فَقَدْ أَمَرَنَا بِهِ الشَّارِعُ وَلَمْ نَعْقِلْ لَهُ حِكْمَةً (قَوْلُهُ: لَا إنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ النَّضْحِ وَالْغَسْلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ مِنْ وُجُوبِ النَّضْحِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِمَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْغَسْلِ وَالنَّضْحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَهُوَ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ لَمَّا تَرَكَّبَ مِنْ وَجْهَيْنِ ضَعُفَ أَمْرُهُ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نَضْحُهُ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ) أَيْ لِأَنَّ الْجَسَدَ لَا يَفْسُدُ بِالْغَسْلِ أَيْ وَلِأَنَّ
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (خِلَافٌ)
(وَإِذَا)(اشْتَبَهَ) أَيْ الْتَبَسَ مَاءٌ (طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجَسٍ) كَبَوْلٍ مُوَافِقٍ لَهُ فِي أَوْصَافِهِ (صَلَّى) مُرِيدُ التَّطْهِيرِ صَلَوَاتٍ (بِعَدَدِ) أَوَانِي (النَّجِسِ) أَوْ الْمُتَنَجِّسِ (وَزِيَادَةِ إنَاءٍ) كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
النَّضْحَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَا وَرَدَ وَهُوَ الْحَصِيرُ وَالثَّوْبُ وَالْخُفُّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَجَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ الْمَذْهَبَ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَالشَّارِحِ عَنْ الْبُقْعَةِ يَشُكُّ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لَهَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْبُقْعَةِ فَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: لَا يَكْفِي النَّضْحُ فِيهَا اتِّفَاقًا بَلْ يَجِبُ غَسْلُهَا لِيَسْرِيَ الِانْتِقَالُ إلَى الْمُحَقَّقِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّطِّيُّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ثُبُوتُ النَّضْحِ فِيهَا وَمِثْلُهُ فِي قَوَاعِدِ عِيَاضٍ وَالْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَصَدَّرَ بِالْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ بِالْبُقْعَةِ الْأَرْضُ.
وَأَمَّا الْفَرْشُ فَكَالثَّوْبِ وَسَبَقَ أَنَّ الشَّكَّ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَطْعُومَاتِ وَكَذَا فِي نَجَاسَةِ الطُّرُقَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ.
(تَنْبِيهٌ) ذَكَر فِي المج أَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ عَلَى الرَّاجِحِ لَا النَّضْحُ إذَا شَكَّ فِي بَقَاءِ النَّجَاسَةِ وَزَوَالِهَا نَعَمْ مُلَاقِي مَا شَكَّ فِي بَقَائِهَا فِيهِ قَبْلَ غَسْلِهِ يَنْضَحُ مِنْ الرُّطُوبَةِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح اهـ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ تَحَقَّقَ نَجَاسَةَ الْمُصِيبِ لِثَوْبٍ وَشَكَّ فِي إزَالَتِهَا بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي غَسْلِهَا ثُمَّ لَاقَاهَا ثَوْبٌ آخَرُ وَابْتَلَّ بِبَلَلِهَا فَالثَّوْبُ الْأَوَّلُ الْمَشْكُوكُ فِي بَقَاءِ النَّجَاسَةِ بِهَا يَجِبُ غَسْلُهَا عَلَى الرَّاجِحِ.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَشْكُوكٌ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لَهَا فَيَجِبُ نَضْحُهَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح وَاسْتَظْهَرَ غَيْرُهُ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ؛ لِأَنَّ الْبَلَلَ الَّذِي فِي الثَّوْبِ الْأَوَّلِ مَشْكُوكٌ فِي نَجَاسَتِهِ، وَالثَّوْبُ الثَّانِي مَشْكُوكٌ فِي نَجَاسَةِ مُصِيبِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ قَالَ بْن وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ) كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ جُمْلَةٌ مِنْ الْأَوَانِي تَغَيَّرَ بَعْضُهَا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ طُرِحَ فِيهَا، وَبَعْضُهَا تَغَيَّرَ بِتُرَابٍ نَجِسٍ وَاشْتَبَهَتْ هَذِهِ بِهَذِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَجَسٍ أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ جُمْلَةٌ مِنْ الْأَوَانِي بَعْضُهَا طَهُورٌ وَبَعْضُهَا بَوْلٌ مَقْطُوعُ الرَّائِحَةِ مُوَافِقٌ لِلْمُطْلَقِ فِي أَوْصَافِهِ وَاشْتَبَهَتْ هَذِهِ بِهَذِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأَوْلَى الْخِلَافُ فِيهَا مَنْصُوصٌ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ أَعْنِي مَا إذَا اشْتَبَهَ الطَّهُورُ بِالنَّجَسِ فَلَا نَصَّ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ خَرَّجَهَا عَلَى الْأُولَى وَرَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَبِلَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالطُّرْطُوشِيُّ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثُ أَوَانٍ نَجِسَةٌ أَوْ مُتَنَجِّسَةٌ وَاثْنَانِ طَهُورَانِ وَاشْتَبَهَتْ هَذِهِ بِهَذِهِ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ ثَلَاثَ وُضُوآتٍ مِنْ ثَلَاثِ أَوَانٍ عَدَدِ الْأَوَانِي النَّجِسَةِ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءًا رَابِعًا مِنْ إنَاءٍ رَابِعٍ وَيُصَلِّي بِكُلِّ وُضُوءٍ صَلَاةً وَحِينَئِذٍ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْتَبَسَ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الِاشْتِبَاهَ وَأَرَادَ الِالْتِبَاسَ تَجَوُّزًا؛ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ مَعَهُ دَلِيلٌ، وَالِالْتِبَاسُ لَا دَلِيلَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ) كَلَامُهُ يَصْدُقُ بِمَا إذَا جَمَعَ الْأَوْضِيَةَ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ مَا ذَكَرَهُ كُلُّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ اثْنَانِ طَهُورَانِ وَاثْنَانِ طَاهِرَانِ وَاثْنَانِ نَجِسَانِ وَالْتَبَسَتْ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الطَّاهِرَ مِنْ جُمْلَةِ النَّجِسِ وَيُصَلِّي خَمْسًا كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ (قَوْلُهُ: كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ) أَيْ كُلَّ صَلَاةٍ عَقِبَ وُضُوءٍ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ قَاصِرَةً عَلَى صَلَاتِهَا.
وَأَمَّا لَوْ جَمَعَ الْأَوْضِيَةَ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ أَنَّ الْوُضُوءَ بِالطَّهُورِ وَقَعَ قَبْلَ النَّجَسِ فَتَبْطُلُ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا لِلنَّجَاسَةِ إنْ قُلْتَ: إنَّ نِيَّتَهُ غَيْرُ جَازِمَةٍ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمَا صَلَّى وَالثَّانِيَةُ إنْ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ كَانَ رَفْضًا لِلْأُولَى وَإِنْ نَوَى النَّفَلَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ وَإِنْ نَوَى التَّفْوِيضَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ نِيَّةٍ جَازِمَةٍ كَذَا أَوْرَدَ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ عَلَى قَوْلِهِمْ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ عَقِبَ كُلِّ وُضُوءٍ صَلَاةً أُجِيبَ بِأَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَ الْجَمِيعُ شَرْعًا جَزَمَ بِالنِّيَّةِ فِي كُلٍّ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَدْرِي عَيْنَهَا (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ الْأَوَّلِ بِالْمَاءِ الثَّانِي ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ قَالَ شب: لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ ضَرُورَةٍ
وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ فِيهِ وَهَذَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَتَيَمَّمَ، وَلَمْ يَجِدْ طَهُورًا مُحَقَّقًا غَيْرَ هَذِهِ الْأَوَانِي وَإِلَّا تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ وَأَمَّا لَوْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِعَدَدِ الطَّاهِرِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ
(وَنُدِبَ غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ وَيُرَاقُ) ذَلِكَ الْمَاءُ نَدْبًا (لَا) إنَاءِ (طَعَامٍ) فَلَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ وَلَا إرَاقَتُهُ بَلْ يَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يُرِيقَهُ لِكَلْبٍ أَوْ بَهِيمَةٍ فَلَا يَحْرُمُ (وَ) لَا (حَوْضٍ) فَلَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ وَلَا يُرَاقُ فَهُمَا مَفْهُومَا إنَاءِ مَاءٍ عَلَى النَّشْرِ الْمُشَوَّشِ (تَعَبُّدًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ غَسْلًا (سَبْعًا) أَيْ سَبْعَ مَرَّاتٍ (بِ) سَبَبِ (وُلُوغِ كَلْبٍ مُطْلَقًا) مَأْذُونًا فِي اتِّخَاذِهِ أَمْ لَا (لَا غَيْرِهِ) أَيْ لَا غَيْرِ الْوُلُوغِ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ رِجْلَهُ أَوْ لِسَانَهُ بِلَا تَحْرِيكٍ أَوْ سَقَطَ لُعَابُهُ وَيَحْتَمِلُ لَا غَيْرَ الْكَلْبِ كَخِنْزِيرٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَعَ خِفَّةِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُوَجَّهُ بِإِزَالَتِهَا بِالْوُضُوءِ الثَّانِي لِوُرُودِ مَسْحِ الرَّأْسِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْأَكْثَرَ مِنْ الْأَوَانِي النَّجِسَةِ إذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ الْأَكْثَرِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ سِتَّةٌ أَوْ إنْ عَلِمَ أَنَّ أَرْبَعَةً مِنْهَا مِنْ نَوْعٍ وَاثْنَيْنِ مِنْ نَوْعٍ وَشَكَّ هَلْ الْأَرْبَعَةُ مِنْ نَوْعِ النَّجِسِ أَوْ مِنْ نَوْعِ الطَّهُورِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا مِنْ النَّجِسِ وَيُصَلِّي خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ. . . إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يُصَلِّي بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِذَلِكَ وَإِلَّا تَرَكَهَا وَتَيَمَّمَ، وَأَنْ لَا يَجِدَ طَهُورًا مُحَقَّقًا غَيْرَ هَذِهِ الْأَوَانِي وَإِلَّا تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ بِالطَّهُورِ الْمُحَقَّقِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُصَلِّي بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ سَوَاءٌ قَلَّتْ الْأَوَانِي أَوْ كَثُرَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمُقَابِلُهُ مَا عَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ لِابْنِ الْقَصَّارِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ تَقِلَّ الْأَوَانِي فَيَتَوَضَّأَ بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَبَيْنَ أَنْ تَكْثُرَ الْأَوَانِي كَالثَّلَاثِينَ فَيَتَحَرَّى وَاحِدًا مِنْهَا يَتَوَضَّأُ بِهِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ مُقَابِلٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَعْلَمُ أَنَّ تَقْيِيدَ بَعْضِهِمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا لَمْ تَكْثُرْ الْأَوَانِي وَإِلَّا تَحَرَّى فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن وَحِّ وَمَا قَالَهُ الْمُحَمَّدَانِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ يَتَحَرَّى إنَاءً يَتَوَضَّأُ مِنْهُ مُطْلَقًا قَلَّتْ الْأَوَانِي أَوْ كَثُرَتْ وَقِيلَ يَتْرُكُهَا وَيَتَيَمَّمُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُرِيقَهَا قَبْلَ تَيَمُّمِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ تَنْزِيلًا لِوُجُودِهَا مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُرِيقُهَا لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الْمَاءِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا وَجْهَ لِلتَّيَمُّمِ وَمَعَهُ مَاءٌ مُحَقَّقُ الطَّهَارَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ أَيْ بِالْحِيلَةِ كَمَا قَالَ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ صَلَاتِهِ بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ لَوْ أُرِيقَ بَعْضُ الْأَوَانِي بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ عَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي ح قَالَ شب وَيَجْرِي هَذَا أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي صَعِيدَاتِ التَّيَمُّمِ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ عَلَى النَّجِسِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْآتِي وَحِينَئِذٍ فَيَتَحَرَّى وَاحِدًا لِخِفَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ) أَيْ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْأَكْثَرَ مِنْ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ إذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ الْأَكْثَرِ كَمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ عَدَدَ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ خَمْسَةٌ وَعَدَدَ الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا الَّذِي عَدَدُهُ خَمْسَةٌ وَمَا الَّذِي عَدَدُهُ أَرْبَعَةٌ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِعَدَدِ أَكْثَرِهَا وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً.
(قَوْلُهُ: وَيُرَاقُ ذَلِكَ الْمَاءُ نَدْبًا) أَيْ إذَا كَانَ يَسِيرًا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ كَرَاهَةَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ قَلِيلًا أَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِإِرَاقَتِهِ كَذَا قَالَ طفى وَقَوْلُهُ وَيُرَاقُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ أَوْ بِالنَّصْبِ " بِأَنْ مُضْمَرَةً " عَطْفًا عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْمَعِيَّةَ بَلْ الْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَهُوَ صَحِيحٌ بَلْ هُوَ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ (قَوْلُهُ: فَهُمَا) أَيْ قَوْلُهُ لَا طَعَامٍ وَحَوْضٍ (قَوْلُهُ: تَعَبُّدًا) اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْغَسْلِ تَعَبُّدًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا لِطَهَارَةِ الْكَلْبِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَطْلُبْ الْغَسْلَ فِي الْخِنْزِيرِ وَقِيلَ: إنَّ نَدْبَ الْغَسْلِ مُعَلَّلٌ بِقَذَارَةِ الْكَلْبِ، وَقِيلَ لِنَجَاسَتِهِ إلَّا أَنَّ الْمَاءَ لَمَّا لَمْ يَتَغَيَّرْ قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِ الْغَسْلِ، فَلَوْ تَغَيَّرَ لَوَجَبَ وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُلْحَقُ الْخِنْزِيرُ بِالْكَلْبِ فِي نَدْبِ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ شُرْبُ ذَلِكَ الْمَاءِ وَلَا يَنْبَغِي الْوُضُوءُ بِهِ إذَا وَجَدَ غَيْرَهُ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا يَجُوزُ شُرْبُهُ وَلَا الْوُضُوءُ بِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ) أَيْ فَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ نُدِبَ أَيْ أَنَّ النَّدْبَ لِلتَّعَبُّدِ وَهُوَ مِنْ تَعْلِيلِ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ طَلَبُ الشَّارِعِ أَمْرًا خَالِيًا عَنْ الْحِكْمَةِ فِي عِلْمِنَا فَالتَّعَبُّدُ خَاصٌّ بِالْخَالِي عَنْ حِكْمَةٍ بِخِلَافِ النَّدْبِ، فَإِنَّهُ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: سَبْعَ مَرَّاتٍ) أَيْ وَلَا يُعَدُّ مِنْهَا الْمَاءُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ (قَوْلُهُ: بِوُلُوغِ كَلْبٍ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْوُلُوغَ إدْخَالُ فَمِهِ فِي الْمَاءِ وَتَحْرِيكُ لِسَانِهِ فِيهِ فَقَوْلُهُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَيْ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ لَعِقَ الْكَلْبُ الْإِنَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَاءٌ لَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَدْخَلَ رِجْلَهُ أَوْ لِسَانَهُ) أَيْ فِي الْمَاءِ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ (قَوْلُهُ: كَخِنْزِيرٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ السِّبَاعِ فَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْإِنَاءِ بِوُلُوغِهِ فِيهِ