المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط صحة الاعتكاف] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ١

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ]

- ‌[شُرُوط الْوُضُوء]

- ‌(فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌[فَضَائِل الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]

- ‌(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مَنْدُوبَات الْغُسْل]

- ‌[صفة الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَمَسْحِ الْجَوْرَب]

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوط الْمَاسِح عَلَى الْخَفّ]

- ‌[مُبْطِلَات الْمَسْح عَلَى الْخَفّ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ

- ‌[شَرَائِط جَوَازِ التَّيَمُّم]

- ‌[مُوجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[وَاجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[سُنَن التَّيَمُّم]

- ‌[فَضَائِل التَّيَمُّم]

- ‌[مُبْطِلَات التَّيَمُّم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ

- ‌[شَرْط الْمَسْح عَلَى الْجُرْح]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌[بَيَان الْحَيْض وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌ مَوَانِعَ الْحَيْضِ

- ‌[بَيَان النِّفَاس وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْأَذَان وَمَنْدُوبَاته]

- ‌[مِنْ يَجُوز لَهُ الْأَذَان]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الشَّرْط الْأَوَّل وَالثَّانِي طَهَارَة الْحَدَث وَالْخَبَث]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌(فَصْلُ) (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌ مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا]

- ‌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ

- ‌[فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ]

- ‌[تَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ]

- ‌[تَرْتِيب الْفَوَائِت فِي أنفسها وَيَسِيرهَا مَعَ حَاضِرَة]

- ‌[مَا تَبْرَأ بِهِ الذِّمَّة عِنْد جَهْل الْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌ فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

- ‌[مِنْ تكره إمَامَته]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ

- ‌[فَصَلِّ الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[صِحَّة الِاسْتِخْلَاف]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌[الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْت وَأَسْبَاب الْجَمْع]

- ‌[صفة الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[سُنَن الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[الْأَعْذَار الْمُبِيحَة لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌[سُنَن صَلَاة الْعِيد]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد]

- ‌[كَيْفِيَّة أَدَاء صَلَاة الْعِيد وَمَنْدُوبَاتهَا]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامَ الْمَوْتَى]

- ‌[كَيْفِيَّة تَغْسِيل الْمَيِّت]

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ]

- ‌[مَنْدُوبَاتِ غُسْلِ الْمَيِّت]

- ‌ مُسْتَحَبَّاتِ الْكَفَنِ

- ‌ مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ

- ‌ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ

- ‌(زِيَارَةُ الْقُبُورِ)

- ‌[مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ]

- ‌[بَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[زَكَاةِ النَّعَمِ]

- ‌ زَكَاةِ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةُ النَّقْد]

- ‌[زَكَاة نَمَاءِ الْعَيْنِ]

- ‌ بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ

- ‌ زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ

- ‌[فَصْلٌ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌[جنس الصَّاع فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ الصِّيَامِ]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ

- ‌[شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار]

- ‌[أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْجَائِزَاتِ لِلصَّائِمِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]

- ‌[الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَا يَنْدُبُ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ]

- ‌ مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ

الفصل: ‌[شروط صحة الاعتكاف]

وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى التَّحْقِيقِ

(وَإِنْ) سَافَرَ فِي رَمَضَانَ سَفَرًا يُبِيحُ الْفِطْرَ فَصَامَهُ وَ (نَوَى بِرَمَضَانَ) أَيْ بِصَوْمِهِ (فِي سَفَرِهِ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ رَمَضَانَ كَتَطَوُّعٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ (أَوْ) نَوَى فِي سَفَرِهِ (قَضَاءَ) رَمَضَانَ (الْخَارِجِ) دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ غَيْرَهُ فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَخْصَرَ إلَّا أَنَّ مَفْهُومَ مُسَافِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الرَّابِعَةِ فِيهِ خِلَافٌ الرَّاجِحُ أَنَّ الْمُقِيمَ إنْ نَوَى فِي رَمَضَانَ الْحَاضِرِ قَضَاءَ الْخَارِجِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَاضِرِ (أَوْ نَوَاهُ) أَيْ رَمَضَانَ الْحَاضِرَ (وَنَذْرًا) وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَغَيْرَهُ لَكَانَ شَامِلًا لِمَا إذَا نَوَاهُ وَنَذَرَ أَوْ كَفَّارَةً أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي الْمُسَافِرِ كَالْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ وَأَجَابَ عَنْ الثَّمَانِيَةِ بِقَوْلِهِ (لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) وَمِثْلُهَا فِي الْحَاضِرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ مَا عَدَا الصُّورَةَ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ

(وَلَيْسَ لِمَرْأَةٍ) أَوْ سُرِّيَّةٍ (يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجٌ) أَوْ سَيِّدٌ (تَطَوَّعَ بِلَا إذْنٍ) وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ فَيَدْخُلُ فِيهِ النَّذْرُ كَمَا إذَا نَذَرَتْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ اعْتِكَافًا فَلَهُ إفْسَادُهُ عَلَيْهَا بِجِمَاعٍ لَا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لَهَا جَازَ لَهَا التَّطَوُّعُ بِلَا إذْنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[دَرْسٌ]

(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)

(الِاعْتِكَافُ) هُوَ لُزُومُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ مَسْجِدًا مُبَاحًا بِصَوْمٍ كَافًّا عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكْثَرَ لِلْعِبَادَةِ بِنِيَّةٍ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ مُؤَكَّدٌ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (نَافِلَةٌ) وَالتَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ

(وَصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

صَوْمِ مَا ذَكَرَ بَلْ يُنْدَبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ كَمَا قَالَهُ طفى وبن، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لعج وعبق حَيْثُ قَالَا لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ وَلَوْ نَوَاهُ

(قَوْلُهُ أَوْ نَوَى فِي سَفَرِهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ الْخَارِجِ) أَيْ وَنَوَى بِصَوْمِهِ فِي سَفَرِهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ الْخَارِجِ فَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ لِلْخَارِجِ إطْعَامُ التَّفْرِيطِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِرَمَضَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ كَفَّارَةٌ كُبْرَى؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ مَفْهُومَ مُسَافِرٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَاضِرَ إذَا نَوَى بِصَوْمِ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ قَضَاءَ رَمَضَانَ الْفَائِتِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْحَاضِرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَصَوَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْجَلَّابِ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ صُحِّحَ لَكِنَّ فِي عبق أَنَّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ إجْزَاؤُهُ عَنْ الْحَاضِرِ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا فِي الْحَاضِرِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ صُوَرَ الْمَسْأَلَةِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ وَهُمَا الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ فِي ثَمَانِيَةٍ، وَهِيَ أَنْ يَنْوِيَ بِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضْرَبُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِثَمَانِيَةٍ أَوْ يَنْوِيَ عَامَهُ وَعَامًا قَبْلَهُ أَوْ هُوَ وَنَذْرًا أَوْ هُوَ وَكَفَّارَةً أَوْ هُوَ وَتَطَوُّعًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضْرَبُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِثَمَانِيَةٍ (قَوْلُهُ مَا عَدَا الصُّورَةَ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ) أَيْ انْفِرَادًا أَوْ اجْتِمَاعًا بِأَنْ نَوَى بِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ قَضَاءَ الْخَارِجِ أَوْ نَوَى بِهِ الْحَاضِرَ وَقَضَاءَ الْخَارِجِ مَعًا

(قَوْلُهُ يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجٌ) أَوْ عَلِمْت أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لَهَا لِلْوَطْءِ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ النَّذْرُ إلَخْ) أَيْ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا مَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ أَوْ فِدْيَةٌ أَوْ جَزَاءُ صَيْدٍ (قَوْلُهُ تَطَوُّعٌ) أَيْ بِصَوْمٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنِ مِثْلِهِ إذَا اسْتَأْذَنَتْهُ فَمَنَعَ.

(قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِهِ) أَيْ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ فَلَهُ إفْسَادُهُ عَلَيْهَا) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَدِّيَةٌ وَدَاخِلَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ تَفْطِيرَهَا فَكَأَنَّهَا أَفْطَرَتْ عَمْدًا حَرَامًا (قَوْلُهُ لَا بِأَكْلٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ إفْسَادُهُ عَلَيْهَا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ؛ لِأَنَّ احْتِيَاجَهُ إلَيْهَا الْمُوجِبَ لِتَفْطِيرِهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ

[بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ]

(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)(قَوْلُهُ مُمَيِّزٍ) هُوَ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْمُرَادُ بِفَهْمِ الْخِطَابِ وَرَدِّ الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا كُلِّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنَ الْجَوَابَ عَنْهُ لَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ أَجَابَ (قَوْلُهُ مَسْجِدًا) خَرَجَ لُزُومُ الْبَيْتِ وَقَوْلُهُ مُبَاحًا أَيْ لِكُلِّ النَّاسِ لَا يُحْجَرُ عَلَى أَحَدٍ خَرَجَ مَسْجِدُ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ بِصَوْمٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُسْلِمِ الْمَذْكُورِ مُتَلَبِّسًا بِصَوْمٍ.

(قَوْلُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ لُزُومُ أَيْ سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْخُرُوجِ لِأَجْلِهِ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْوُضُوءِ وَغَسْلِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ لِلْعِبَادَةِ) أَيْ لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ فِيهِ مِنْ ذِكْرٍ وَقِرَاءَةٍ وَصَلَاةٍ وَلَا يُقَالُ هَذَا يَشْمَلُ لُزُومَ الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ تَدْرِيسِ الْعِلْمِ وَالْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا عِبَادَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَا تُوقَفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَمَا ذَكَرَ لَيْسَ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي خش وعبق وَاعْتَرَضَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ قَائِلًا طَالَعْت شُرَّاحَ الرِّسَالَةِ وَشُرَّاحَ الْمُخْتَصَرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرَهُمْ فَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِتَشْهِيرِهِ وَلَفْظُ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمْ يُوَاظِبْ السَّلَفُ عَلَى تَرْكِهِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنَّهُ سُنَّةٌ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي إنَّهُ سُنَّةٌ فِي رَمَضَانَ وَمَنْدُوبٌ فِي غَيْرِهِ فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ وَكَانَتْ أَزْوَاجُهُ يَعْتَكِفْنَ بَعْدَهُ» وَالتَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ نَافِلَةٌ عَظِيمَةٌ أَيْ مَنْدُوبٌ مُؤَكَّدٌ

[شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف]

(قَوْلُهُ وَصِحَّتُهُ) مُبْتَدَأٌ

ص: 541

(بِمُطْلَقِ صَوْمٍ) أَيْ أَيِّ صَوْمٍ كَانَ سَوَاءٌ قُيِّدَ بِزَمَنٍ كَرَمَضَانَ أَوْ سَبَبٍ كَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ أَوْ أَطْلَقَ كَتَطَوُّعٍ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُفْطِرٍ وَلَوْ لِعُذْرٍ فَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ (وَلَوْ) كَانَ الِاعْتِكَافُ (نَذْرًا) فَلَا يَحْتَاجُ الْمَنْذُورُ إلَى صَوْمٍ يَخُصُّهُ بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَ) بِمُطْلَقِ (مَسْجِدٍ) مُبَاحٍ لَا بِمَسْجِدِ بَيْتٍ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ (إلَّا لِمَنْ فَرَضَهُ الْجُمُعَةَ) مِنْ ذَكَرٍ حُرٍّ مُقِيمٍ بِلَا عُذْرٍ، وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهَا (تَجِبُ بِهِ) أَيْ فِيهِ أَيْ فِي زَمَنِ اعْتِكَافِهِ الَّذِي يُرِيدُهُ الْآنَ ابْتِدَاءً كَنَذْرِ اعْتِكَافِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ أَوْ انْتِهَاءً كَنَذْرِ أَرْبَعَةٍ أَوَّلُهُنَّ السَّبْتُ فَمَرِضَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ وَصَحَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ (فَالْجَامِعُ) هُوَ الْمُتَعَيِّنُ (مِمَّا) أَيْ فِي كُلِّ مَكَان (تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ) اخْتِيَارًا بِالنِّسْبَةِ لِلْجَامِعِ وَلِلْمَسْجِدِ عَلَى تَقْدِيرِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ بِرَحْبَتِهِ وَطُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اعْتَكَفَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ غَيْرَ الْجَامِعِ وَقَدْ نَذَرَ أَوْ نَوَى أَيَّامًا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ (خَرَجَ) لَهَا وُجُوبًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَقَوْلُهُ لِمُسْلِمٍ خَبَرٌ أَوَّلٌ وَقَوْلُهُ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ صِحَّتُهُ كَائِنَةٌ لِمُسْلِمٍ وَصِحَّتُهُ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ (قَوْلُهُ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ وَصِحَّتُهُ مُتَلَبِّسَةٌ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ، وَأَمَّا الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ وَبِمُطْلَقِ مَسْجِدٍ فَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُلَابَسَةِ وَلِلظَّرْفِيَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِصَوْمٍ مُطْلَقٍ لِئَلَّا يَخْرُجَ مَا قُيِّدَ بِزَمَنِهِ كَرَمَضَانَ وَمَا قُيِّدَ بِسَبَبِهِ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ فَمُطْلَقُ الصَّوْمِ أَعَمُّ مِنْ الصَّوْمِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الصَّوْمِ يَشْمَلُ الصَّوْمَ الْمُطْلَقَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ أَوْ بِسَبَبٍ وَيَشْمَلُ مَا كَانَ مُقَيَّدًا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْمُقَيَّدَ؛ لِأَنَّهُ مُبَايِنٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَسِيمُهُ (قَوْلُهُ كَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ) أَيْ فَالصَّوْمُ الْمَنْذُورُ وَالْكَفَّارَةُ لَا يُوجَدَانِ إلَّا إذَا وُجِدَ سَبَبُهُمَا، وَهُوَ النَّذْرُ وَمُوجِبُ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أُطْلِقَ) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالزَّمَنِ وَالسَّبَبِ (قَوْلُهُ فَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ) أَيْ لِكِبَرٍ أَوْ لِضَعْفٍ بُنْيَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ الْمَنْذُورَ) أَيْ الِاعْتِكَافَ الْمَنْذُورَ وَقَوْلُهُ بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ أَيْ وَفِي غَيْرِهِ بِصَوْمِ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ كَمَا أَنَّ الِاعْتِكَافَ غَيْرَ الْمَنْذُورِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ إذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ مَنْذُورَيْنِ أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهِمَا أَوْ الْأَوَّلُ مَنْذُورٌ وَالثَّانِي مُتَطَوَّعٌ بِهِ وَعَكْسُهُ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الصَّوْمِ مَنْذُورًا أَنَّهُ نَذَرَهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ وَالْمُرَادُ بِتَطَوُّعِهِ نِيَّتُهُ لِلصَّوْمِ قَبْلَ نِيَّةِ الِاعْتِكَافِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ صِحَّتِهِ مُتَوَقِّفَةً عَلَيْهِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ لَا بُدَّ لِلِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ مِنْ صَوْمٍ يَخُصُّهُ بِنَذْرِهِ أَيْ يَخُصُّهُ بِسَبَبِ نَذْرِ الِاعْتِكَافِ أَيْ أَنَّ النَّذْرَ كَمَا هُوَ سَبَبٌ فِي وُجُوبِ الِاعْتِكَافِ سَبَبٌ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صَوْمِ مَنْذُورٍ كَالِاعْتِكَافِ فَلَا يَصِحُّ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي كَفَّارَتِهِ وَلَا فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ نَذْرَ الِاعْتِكَافِ نَذْرٌ لِلصَّوْمِ فَلَا يَصِحُّ بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا بِصَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَلَا بِالصَّوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ، وَأَمَّا صَوْمُ التَّطَوُّعِ الَّذِي نَوَاهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ الَّذِي نَذَرَهُ فَيَصِحُّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ الْمَنْذُورُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَنْذُورًا بِنَذْرِ الِاعْتِكَافِ كَذَا أَفَادَهُ عج وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ فِي الِاعْتِكَافِ فَنَذْرُ الِاعْتِكَافِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَرْكَانِهِ وَنَذْرُ الْمَاهِيَّةِ نَذْرٌ لِأَجْزَائِهَا عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَبِمُطْلَقِ مَسْجِدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ لَا بِمَسْجِدِ بَيْتٍ أَيْ وَلَا فِي الْكَعْبَةِ وَلَا فِي مَقَامِ وَلِيٍّ (قَوْلُهُ ابْتِدَاءً) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَيَجِبُ فِيهِ وَقَوْلُهُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ أَيْ لِذَلِكَ الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي كُلِّ مَكَان) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى فِي وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِمِنْ مَعَ أَنَّ فِي أَوْضَحُ؛ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ إدْغَامِ النُّونِ فِي الْمِيمِ سَقَطَ حَرْفٌ فِي الْخَطِّ بِخِلَافِ فِي فَإِنَّ يَاءَهَا لَا تُدْغَمُ فِي الْمِيمِ. (قَوْلُهُ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ) رَاجِعٌ لِلْجَامِعِ وَكَذَا لِلْمَسْجِدِ بِتَقْدِيرِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْهُمَا بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ أَيْ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ بِرَحْبَتِهِ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الِاخْتِيَارِ فِي الصِّحَّةِ وَالصَّوَابِ أَنَّ الرَّحْبَةَ وَالطُّرُقَ خَارِجَةٌ بِنَفْسِ الْمَسْجِدِ إذْ لَا يُقَالُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسْجِدًا وَأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ بَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَالسِّقَايَةِ وَالسَّطْحِ مِمَّا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا حَاجَةَ لِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّحْبَةِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ يُقَالُ لَهُمَا مَسْجِدٌ فَقَيْدُ الِاخْتِيَارِ لَا يُخْرِجُهُمَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ فِيهِمَا مُطْلَقًا ضَاقَ الْمَسْجِدُ أَمْ لَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ أَمْ لَا خِلَافًا لِتَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ اُنْظُرْ بْن ثُمَّ ذَكَرُوا هُنَا عَدَمَ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِي الرِّحَابِ وَالطُّرُقِ فَمَا هُنَا فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا خَرَجَ وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ يَجْهَلُ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهُ مُبْطِلٌ كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَيُعْذَرُ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ قَالَهُ الشَّارْمَسَاحِيُّ وَمِثْلُهُ فِي خش وَقَيَّدَ خش أَيْضًا قَوْلُهُ وَبَطَلَ بِمَا إذَا نَذَرَ أَوْ نَوَى أَيَّامًا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ قَالَ فَلَوْ نَذَرَ

ص: 542

(وَبَطَلَ) اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ بِرِجْلَيْهِ مَعًا سَوَاءٌ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ أَمْ لَا وَيَقْضِيهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَثِمَ وَلَمْ يَبْطُلْ عَلَى الظَّاهِرِ إذْ لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ قَوْلُهُ (كَمَرَضِ) أَحَدِ (أَبَوَيْهِ) دَنِيَّةً فَيَخْرُجُ لِبِرِّهِمَا الْآكَدِ مِنْ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَيَقْضِيهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بَطَلَ لِلْعُقُوقِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ (لَا جِنَازَتِهِمَا مَعًا) فَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ، وَأَمَّا لِجِنَازَةِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ حَيًّا خَرَجَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْخُرُوجِ مَظِنَّةُ عُقُوقِ الْحَيِّ وَإِلَّا فَلَا فَالْمُرَادُ بِالْمَعِيَّةِ مَا يَشْمَلُ مَوْتَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ

(وَكَشَهَادَةٍ) تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهَا فَإِنْ خَرَجَ بَطَل اعْتِكَافُهُ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ الْوَاوِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ لِيَكُونَ مُشَبَّهًا بِقَوْلِهِ لَا جِنَازَتِهِمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (وَإِنْ وَجَبَتْ) الشَّهَادَةُ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ غَيْرُهُ أَوْ لَا يَتِمَّ النِّصَابُ إلَّا بِهِ فَلَا يَخْرُجُ (وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ) بِأَنْ يَأْتِيَ إلَيْهِ الْقَاضِي لِسَمَاعِهَا (أَوْ تُنْقَلَ عَنْهُ) ، وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ شُرُوطُ النَّقْلِ مِنْ بَعْدِ غَيْبَةٍ وَمَرَضٍ لِلضَّرُورَةِ وَعُطِفَ عَلَى مَا يُبْطِلُهُ قَوْلُهُ

(وَكَرِدَّةٍ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافٌ إذَا تَابَ وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً وَرَجَعَ قَبْلَ مُضِيِّهَا فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا لِتَقْدِيرِهِ كَافِرًا أَصْلِيًّا (وَكَمُبْطِلٍ) بِالتَّنْوِينِ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ وَكَشَخْصٍ مُبْطِلٍ (صَوْمَهُ) مَفْعُولٌ لَهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ تَعَمَّدَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيَّامًا لَا تَأْخُذُهُ فِيهَا فَمَرِضَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ شَرَعَ ثُمَّ خَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ يُتِمُّ فَصَادَفَ الْجُمُعَةَ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ هَذَا يَخْرُجُ إلَيْهَا وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ شَارِحِنَا أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا نَسَبَ هَذَا التَّفْصِيلَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ، وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَهُوَ فِي مُعْتَكَفِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لَهَا وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْيِ لَهَا وَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ بِذَلِكَ الْخُرُوجُ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْجَهْمِ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ) أَيْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ بِرِجْلَيْهِ مَعًا أَيْ لَا بِإِحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ دَخَلَ إلَخْ) أَيْ الْمَسْجِدَ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ عَازِمًا عَلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ لِلْجُمُعَةِ وَقَوْلُهُ وَيَقْضِيهِ أَيْ يَقْضِي ذَلِكَ الِاعْتِكَافَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) أَيْ لِلْجُمُعَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ أَيْ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ) أَيْ بِعَدَمِ خُرُوجِهِ لِلْجُمُعَةِ كَبِيرَةً حَتَّى إنَّ الِاعْتِكَافَ يَبْطُلُ، وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ صَغِيرَةً، وَهِيَ لَا تُبْطِلُهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ لَا يَكُونُ كَبِيرَةً إلَّا إذَا كَانَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَيَجْرِي عَلَى خِلَافِ الْكَبَائِرِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَيْ وَأَحْرَى هُمَا وَقَوْلُهُ فَيَخْرُجُ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَعُودَهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوجُ لِلْعِيَادَةِ لِأَجْلِ بِرِّهِمَا أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ كَمَا فِي عج وَقَوْلُهُ دَنِيَّةً خَرَجَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمُعْتَكَفِ لِعِيَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الِاعْتِكَافِ وَلَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي لَا انْفِكَاكَ لِلْمُعْتَكِفِ عَنْهَا فَهُوَ عَارِضٌ كَالْخُرُوجِ لِتَخْلِيصِ الْغَرْقَى فَإِنَّهُ وَاجِبٌ وَمُبْطِلٌ لِلِاعْتِكَافِ فَكَذَا مَا كَانَ مِثْلَهُ، وَهُوَ الْخُرُوجُ لِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ) أَيْ مِنْ بُطْلَانِهِ بِالْكَبَائِرِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ بِهَا وَالْعُقُوقُ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ.

(قَوْلُهُ لَا جِنَازَتِهِمَا مَعًا فَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ خُرُوجِهِ لِجِنَازَتِهِمَا كَمَا يَجِبُ خُرُوجُهُ لِزِيَارَتِهِمَا وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ إذَا خَرَجَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَقُيِّدَ الْمَشْهُورُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ التَّجْهِيزُ عَلَى خُرُوجِهِ وَإِلَّا وَجَبَ اتِّفَاقًا وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ حَيًّا خَرَجَ) أَيْ وُجُوبًا وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْخُرُوجِ مَظِنَّةُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ يَقُولُ إنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ لِجِنَازَةِ أُمِّهِ فَأَنَا كَذَلِكَ لَا يَمْشِي خَلْفَ جِنَازَتِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ الْآخَرُ حَيًّا فَلَا يَخْرُجُ لِجِنَازَةِ ذَلِكَ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمَا

(قَوْلُهُ وَكَشَهَادَةٍ) عَطْفٌ عَلَى جِنَازَتِهِمَا أَيْ لَا جِنَازَتِهِمَا وَلَا كَشَهَادَةٍ أَيْ وَلَا مِثْلُ شَهَادَةٍ فَالْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلُ وَمِثْلُ الشَّهَادَةِ الدَّيْنُ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُوَفِّهِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ لِأَدَائِهِ (قَوْلُهُ لِيَكُونَ مُشَبَّهًا بِقَوْلِهِ لَا جِنَازَتِهِمَا) أَيْ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ لَا يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا كَمَا لَا يَخْرُجُ لِلشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَتْ) مُبَالَغَةً فِي عَدَمِ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ مِنْ بَعْدِ غَيْبَةٍ إلَخْ) أَيْ غَيْبَةِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ مَوْتِهِ

(قَوْلُهُ وَكَرِدَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي أَحَدِ حُكْمَيْهِ، وَهُوَ الْبُطْلَانُ لَا فِي مَجْمُوعِ حُكْمَيْهِ مِنْ وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافٌ) أَيْ لِذَلِكَ الِاعْتِكَافِ الَّذِي بَطَلَ بِالرِّدَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ بْن لَكِنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَلْيَقُ بِالْقَوَاعِدِ إذْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَكَفَّارَتُهُ إذَا ارْتَدَّ فِي رَمَضَانَ وَتَابَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ) أَيْ لِلْإِسْلَامِ بَعْدَ رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَكَشَخْصٍ مُبْطِلٍ) أَيْ وَكَإِبْطَالِ شَخْصٍ مُبْطِلٍ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْمُبْطِلَاتِ (قَوْلُهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ تَعَمَّدَ)

ص: 543

إفْسَادَهُ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ فَيَسْتَأْنِفُهُ لَا بِالْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا أَبْطَلَ الصَّوْمَ وَلَوْ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ أَكَلَ نِسْيَانًا أَوْ مَرَضٍ يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَبْطُلُ وَيَقْضِي مَا حَصَلَ فِيهِ مُتَّصِلًا بِاعْتِكَافِهِ إنْ كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا وَلَوْ بِالنَّذْرِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا فَكَذَلِكَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِالِاعْتِكَافِ، وَإِنْ أَفْطَرَ لِحَيْضٍ أَوْ مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْجِمَاعَ وَمُقَدِّمَاتِهِ عَمْدُهُمَا وَسَهْوُهُمَا سَوَاءٌ فِي الْإِفْسَادِ (وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا) حَرَامًا، وَإِنْ صَحَا مِنْهُ قَبْلَ الْفَجْرِ (وَفِي إلْحَاقِ الْكَبَائِرِ) الْغَيْرِ الْمَفْسَدَةِ لِلصَّوْمِ كَغِيبَةٍ وَسَرِقَةٍ (بِهِ) أَيْ بِالسُّكْرِ الْحَرَامِ فِي الْإِفْسَادِ بِجَامِعِ الْمَعْصِيَةِ وَعَدَمِ الْإِلْحَاقِ بِهِ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهَا بِتَعْطِيلِ الزَّمَنِ (تَأْوِيلَانِ) وَفُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ إبْطَالِهِ بِالصَّغَائِرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ

(وَ) صِحَّتُهُ (بِعَدَمِ وَطْءٍ) لَيْلًا (وَ) بِعَدَمِ (قُبْلَةِ شَهْوَةٍ وَلَمْسٍ وَمُبَاشَرَةٍ) كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إفْسَادَهُ) أَيْ الصَّوْمَ وَالْإِفَادَةُ مِنْ حَيْثُ إسْنَادُ الْإِبْطَالِ لِلشَّخْصِ (قَوْلُهُ أَوْ جِمَاعٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ، وَإِنْ كَانَ مُسَلَّمًا لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى خُصُوصِ الْإِفْسَادِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ فَيَسْتَأْنِفُهُ) أَيْ فَإِذَا تَعَمَّدَ إفْسَادَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَيَسْتَأْنِفُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يَنْبَنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الْإِفْسَادِ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ الَّذِي تَعَمَّدَ إفْسَادَهُ فَرْضًا أَصْلِيًّا أَوْ نَذْرًا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ وَيَقْضِي مَا) أَيْ الِاعْتِكَافَ الَّذِي حَصَلَ فِي صَوْمِهِ مَا ذَكَرَ مُتَّصِلًا ذَلِكَ الْقَضَاءُ بِاعْتِكَافِهِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا وَلَوْ بِالنَّذْرِ) أَيْ إنْ كَانَ فَرْضًا أَصْلِيًّا كَرَمَضَانَ أَوْ كَانَ نَذْرًا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَيْ وَطَرَأَ الْحَيْضُ أَوْ النِّفَاسُ أَوْ الْمَرَضُ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يَقْضِي لَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ قَضَاءِ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ إذَا حَصَلَ فِيهِ مَرَضٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ وَأَفْطَرَ لِذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِعُذْرٍ كَالْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الصَّوْمُ هُنَا لَمَّا انْضَمَّ الِاعْتِكَافُ تَقَوَّى جَانِبُهُ فَلِذَا وَجَبَ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ يَقْضِيهِ مُتَّصِلًا بِاعْتِكَافِهِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(قَوْلُهُ لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِالِاعْتِكَافِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مَعَ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا كَانَ تَطَوُّعًا وَأَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَفْطَرَ لِحَيْضٍ) أَيْ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ فِي الْإِفْسَادِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُ الْإِفْسَادُ بِالْجِمَاعِ فِي كَلَامِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ وَكَلَامُهُ هُنَا خَاصٌّ بِتَعَمُّدِ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ إفْسَادَ الصَّوْمِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ يَبْطُلُ وَيَسْتَأْنِفُهُ مِنْ أَوَّلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرًا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا وَكَذَلِكَ إذَا حَصَلَ مِنْهُ جِمَاعٌ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ إفْسَادَ الصَّوْمِ بِأَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ فَصُوَرُهُ سِتَّةَ عَشْرَ حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَقْسَامِ الصَّوْمِ الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ رَمَضَانُ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَغَيْرُهُ وَالتَّطَوُّعُ فَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ غَيْرَ تَطَوُّعٍ قَضَى الِاعْتِكَافَ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ كَانَ الْفِطْرُ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ نِسْيَانًا، وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا لَمْ يَقْضِ إنْ كَانَ الْفِطْرُ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَقَضَى إنْ كَانَ الْفِطْرُ نِسْيَانًا.

(قَوْلُهُ وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا حَرَامًا) وَأَوْلَى سُكْرُهُ نَهَارًا وَمِثْلُ السُّكْرِ بِحَرَامٍ كُلُّ مُخَدِّرٍ اسْتَعْمَلَهُ لَيْلًا وَخَدَّرَهُ (قَوْلُهُ حَرَامًا) أَيْ، وَأَمَّا سُكْرُهُ بِحَلَالٍ فَيُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ يَوْمَهُ إنْ كَانَ السُّكْرُ نَهَارًا وَالْحَالُ أَنَّ الشُّرْبَ لَيْلًا كَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِيهِمَا مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فَالْقَضَاءُ (قَوْلُهُ كَغَيْبَةٍ) أَيْ وَقَذْفٍ وَغَصْبٍ (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْمَعْصِيَةِ) أَيْ بِجَامِعِ الذَّنْبِ فِي كُلٍّ وَالْأَوْلَى بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) فِيهَا إنْ سَكِرَ لَيْلًا وَصَحَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ فَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ؛ لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَقَالَ الْمَغَارِبَةُ لِتَعْطِيلِ عَمَلِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَهُمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ عَدَمُ إبْطَالِهِ بِالصَّغَائِرِ) أَيْ اتِّفَاقًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ، وَأَمَّا فِي نَقْلِ الْأَقَلِّ فَفِيهَا الْخِلَافُ

(قَوْلُهُ وَبِعَدَمِ وَطْءٍ لَيْلًا) أَيْ فَإِنْ وَطِئَ لَيْلًا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ لِغَيْرِ مُطِيقَةٍ؛ لِأَنَّ أَدْنَاهُ أَنْ يَكُونَ كَقُبْلَةِ الشَّهْوَةِ وَاللَّمْسِ وَقَوْلُهُ لَيْلًا الْأَوْلَى وَلَوْ لَيْلًا وَلَا يُقَالُ الْوَطْءُ نَهَارًا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ بِشَهْوَةٍ فَفِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الْآخَرِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَبَّلَ وَقَصَدَ اللَّذَّةَ أَوْ لَمَسَ أَوْ بَاشَرَ بِقَصْدِهَا أَوْ وَجَدَهَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ مِنْ أَوَّلِهِ فَلَوْ قَبَّلَ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ لِوَدَاعٍ رَحْمَةً وَلَمْ يَقْصِدْ لَذَّةً وَلَا وَجَدَهَا لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ وَطْءَ الْمُكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ مُبْطِلٌ لِاعْتِكَافِهِمَا كَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الِاحْتِلَامِ وَقَوْلُهُ قُبْلَةِ شَهْوَةٍ مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ إلَى الْمُسَبِّبِ ثُمَّ إنَّ اشْتِرَاطَ الشَّهْوَةِ فِي الْقُبْلَةِ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْفَمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِيهِ فَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ يُبْطِلُهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ مَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ كَمَا فِي ح اُنْظُرْ بْن

ص: 544

وَإِنْ وَقَعَ مَا ذَكَرَ (لِحَائِضٍ) أَيْ مِنْهَا (نَاسِيَةً) فَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهَا مُتَعَمِّدَةً، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَيْهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا مَعْذُورَةٌ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْفِطْرِ وَالنِّسْيَانِ

(وَإِنْ أَذِنَ) سَيِّدٌ أَوْ زَوْجٌ (لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ) لِعِبَادَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ إحْرَامٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذَرَاهَا (فَلَا مَنْعَ) مِنْ الْوَفَاءِ بِهَا أَيْ لَا يَجُوزُ الْمَنْعُ فَإِنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَإِذْنِ مَنْ ذَكَرَ لَهُمَا فِي غَيْرِ نَذْرٍ بَلْ فِي تَطَوُّعٍ (إنْ دَخَلَا) فِي النَّذْرِ فِي الْأُولَى وَفِي الْمُعْتَكَفِ مَثَلًا فِي الثَّانِيَةِ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَعْنَى الدُّخُولِ فِي النَّذْرِ أَنْ يَنْذِرَا بِاللَّفْظِ

(وَ) إنْ اجْتَمَعَ عَلَى امْرَأَةٍ عِبَادَاتٌ مُتَضَادَّةُ الْأَمْكِنَةِ كَعِدَّةٍ وَإِحْرَامٍ وَاعْتِكَافٍ (أَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَكَذَا مَا سَبَقَ مِنْ إحْرَامٍ عَلَى عِدَّةٍ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ أَوْ مُحْرِمَةٌ فَتَتَمَادَى عَلَى اعْتِكَافِهَا أَوْ إحْرَامِهَا حَتَّى تُتِمَّهُ (أَوْ) مَا سَبَقَ مِنْ (عِدَّةٍ) عَلَى اعْتِكَافٍ كَمَا لَوْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا ثُمَّ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا فَتَسْتَمِرُّ فِي مَنْزِلِ عِدَّتِهَا حَتَّى تُتِمَّهَا ثُمَّ تَفْعَلُ الِاعْتِكَافَ الْمَضْمُونَ، وَأَمَّا مَا بَقِيَ مِنْ مُعَيَّنٍ إنْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِهِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَأَشَارَ لِرَابِعَةٍ، وَهِيَ إذَا سَبَقَتْ الْعِدَّةُ الْإِحْرَامَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ تُحْرِمَ) وَهِيَ بِعِدَّةِ طَلَاقٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ مُلْتَبِسَةً (بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ) إحْرَامُهَا مَعَ إثْمِهَا فَتَخْرُجُ لَهُ (وَتَبْطُلُ) الْعِدَّةُ أَيْ مَبِيتُهَا وَالْمُكْثُ لَهَا لَا أَصْلُ الْعِدَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ حَقَّهَا فِي الْمَبِيتِ وَبَقِيَ صُورَتَانِ طُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى إحْرَامٍ وَعَكْسُهُ فَتُتِمُّ السَّابِقَ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ فَوَاتَ الْحَجِّ فَتُقَدِّمُهُ إنْ كَانَا فَرْضَيْنِ أَوْ نَفْلَيْنِ وَالْإِحْرَامُ فَرْضًا وَالِاعْتِكَافُ نَفْلًا فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ فَرْضًا وَالْإِحْرَامُ نَفْلًا أَتَمَّتْ الِاعْتِكَافَ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ لَا يَخُصَّانِ الْمَرْأَةَ

(وَإِنْ مَنَعَ) السَّيِّدُ (عَبْدَهُ نَذْرًا) أَيْ الْوَفَاءَ بِنَذْرٍ نَذَرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَعَلَيْهِ وَفَاؤُهُ إنْ عَتَقَ) لِبَقَائِهِ بِذِمَّتِهِ إنْ كَانَا مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ وَقْتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَقْضِهِ فَإِنْ مَنَعَهُ مَا نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَلَوْ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ، وَإِنْ لِحَائِضٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَصِحَّتُهُ بِعَدَمِ مَا ذَكَرَهُ فَإِنْ حَلَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ بَطَلَ الِاعْتِكَافُ هَذَا إذَا حَصَلَ مِنْ غَيْرِ حَائِضٍ بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْ حَائِضٍ نَاسِيَةٍ لِاعْتِكَافِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ إذَا حَاضَتْ وَخَرَجَتْ عَلَيْهَا حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ فَحَصَلَ مِنْهَا مَا ذَكَرَ نَاسِيَةً لِاعْتِكَافِهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَتَسْتَأْنِفُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَمِثْلُ الْحَائِضِ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ الْمَانِعَةِ مِنْ الصَّوْمِ كَالْعِيدِ أَوْ الِاعْتِكَافِ كَالْمَرَضِ كَمَا يَأْتِي فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ مِنْ الْحَائِضِ كَانَ أَوْلَى

(قَوْلُهُ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الَّذِي تَضُرُّ عِبَادَتُهُ بِعَمَلِهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا فِي نَذْرِ عِبَادَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ إحْرَامٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذْرَاهَا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعُ الْوَفَاءِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا فِي تِلْكَ الْعِبَادَةِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولُ الْمُعْتَكِفِ وَلَا تَلَبَّسَ بِالصَّوْمِ وَلَا بِالْإِحْرَامِ بَلْ حَصَلَ النَّذْرُ خَاصَّةً إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ الَّذِي أَذِنَا فِيهِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِأَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَهُ الْمَنْعُ وَلَوْ دَخَلَا فِي الْعِبَادَةِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا نَذَرَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ أَوْ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ فِي الْفِعْلِ خَاصَّةً بِدُونِ نَذْرٍ فَلَا يَقْطَعُهُ عَلَيْهِمَا إنْ دَخَلَا فِيهِ أَيْ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي أَذِنَهُمَا فِيهِ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا أَوْ إحْرَامًا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا فِيهِ كَانَ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْ الدُّخُولِ فِيهِ فَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ فِي النَّذْرِ ثُمَّ مَنَعَا مِنْهُ فَقَالَ الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ وَقَعَ مِنِّي النَّذْرُ وَقَالَ السَّيِّدُ أَوْ الزَّوْجُ لَمْ يَقَعْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ

(قَوْلُهُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ) أَيْ وَهِيَ طُرُوُّ عِدَّةٍ عَلَى اعْتِكَافٍ أَوْ عَلَى إحْرَامٍ أَوْ طُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى عِدَّةٍ فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ تُتِمُّ السَّابِقَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ طُرُوُّ الْعِدَّةِ عَلَى الِاعْتِكَافِ أَوْ الْإِحْرَامِ وَطُرُوُّ الِاعْتِكَافِ عَلَى الْعِدَّةِ وَمَا بَعْدَهُ فِي طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ، وَإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ أَيْ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ وَهِيَ مُتَلَبِّسَةٌ بِعِدَّةِ هَذَا إذَا كَانَتْ عِدَّةَ طَلَاقٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ (قَوْلُهُ لَا أَصْلُ الْعِدَّةِ) أَيْ بِحَيْثُ تَتَزَوَّجُ مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ أَوْ أَنَّهَا تَتْرُكُ الْإِحْدَادَ وَقَوْلُهُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ فِي قَوْلِهِ يَبْطُلُ (قَوْلُهُ فَتُتِمُّ السَّابِقَ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةٌ وَأَنَّهَا تُتِمُّ السَّابِقَ فِي خَمْسَةٍ مِنْهَا وَيَبْطُلُ الْأَوَّلُ فِي وَاحِدَةٍ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَهِيَ طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الِاعْتِكَافِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ إتْمَامِهَا لِلِاعْتِكَافِ مَا لَمْ تَخْشَى بِإِتْمَامِهِ فَوَاتَ الْحَجِّ إلَخْ وَهَذَا التَّقْيِيدُ أَصْلُهُ لعج وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ إطْلَاقَ أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي عِمْرَانَ يُنَافِيهِ حَيْثُ قَالَا إنْ الْمُعْتَكِفَةَ إذَا أَحْرَمَتْ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهَا وَلَا تَخْرُجُ لَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ اعْتِكَافُهَا اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمَا أَنَّهَا تُتِمُّ الِاعْتِكَافَ مُطْلَقًا خَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ أَمْ لَا وَسَلَّمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ لَكِنَّ كَلَامَ عج أَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إذَا خَشِيَ فَوَاتَهُ عَلَى الصَّلَاةِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصَلَّى وَلَوْ فَاتَ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لِقَوْلِهِ إنْ عَتَقَ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ يَفْعَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ بِأَنْ يَرْفَعَ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ فَيُجْبِرُ سَيِّدَهُ عَلَى أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَنَعَهُ مَا نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْصُوصٍ؛ لِأَنَّ طَاعَتَهُ لِسَيِّدِهِ فِيمَا نَذَرَ بِإِذْنِهِ لَا تَجُوزُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ يَجِبُ قَضَاؤُهُ إنْ تَرَكَهُ اخْتِيَارًا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ وَقْتُهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا وَفَاتَ وَقْتُهُ؛ لِأَنَّهُ

ص: 545

(وَلَا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ) أَيْ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ يَسِيرِ الِاعْتِكَافِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ عَجْزٌ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (وَلَزِمَ يَوْمٌ إنْ نَذَرَ لَيْلَةً) وَأَوْلَى عَكْسُهُ (لَا) إنْ نَذَرَ (بَعْضَ يَوْمٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذْ لَا يُصَامُ بَعْضُ يَوْمٍ وَعُوِّضَ بِمَنْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَةٍ أَوْ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ فَيَلْزَمُ إكْمَالُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ لَمَّا كَانَا مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُمَا مَزِيَّةٌ عَلَى الِاعْتِكَافِ

(وَ) لَزِمَ (تَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِتَتَابُعٍ وَلَا عَدَمِهِ فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَمِلَ بِهِ وَهَذَا فِي الْمَنْذُورِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَ) لَزِمَ (مَنْوِيُّهُ) أَيْ مَا نَوَاهُ مِنْ الْعَدَدِ بِأَنْ نَوَى فِي التَّطَوُّعِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا لَزِمَهُ (حِينَ دُخُولِهِ) الْمُعْتَكَفَ مَا نَوَاهُ فَحِينَ مُتَعَلِّقٌ بِلَزِمَ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِمَنْوِيِّهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ غَيْرُ صَحِيحٍ (كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الِاعْتِكَافِ فَيَلْزَمُهُ تَتَابُعُهُ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ عَمِلَ بِهِ وَيَلْزَمُ فِيهِ الصَّوْمُ وَيَمْتَنِعُ فِيهِ مَا يَمْتَنِعُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُهُ فَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدِ يَوْمًا مَثَلًا فَهُوَ نَذْرُ اعْتِكَافٍ بِلَفْظِ جِوَارٍ فَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ قَوْلِهِ أَعْتَكِفُ مُدَّةً كَذَا أَوْ أُجَاوِرُ وَاللَّفْظُ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يُرَادُ لِمَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِنَهَارٍ فَقَطْ وَلَا لَيْلٍ فَقَطْ فَهُوَ اعْتِكَافٌ بِلَفْظِ جِوَارٍ كَمَا عَلِمْت وَسَوَاءٌ كَانَ مَنْذُورًا أَوْ مَنْوِيًّا وَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ بِدُخُولِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَوَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ أَطَاعَ سَيِّدَهُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ وَيَرْفَعْهُ لِلْحَاكِمِ لِيُجْبِرَهُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَذِنَهُ فِي النَّذْرِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ

(قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ) أَيْ مِنْ يَسِيرِ الِاعْتِكَافِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ قَالَ خش وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ أَيْ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجُهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ يَسِيرِ الِاعْتِكَافِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ أَذِنَ لَهَا فِيهِ أَمْ لَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ فَلَا مَنْعَ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ الْمَنْعُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ وَلَوْ يَسِيرًا وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ فِي الْجَمَاعَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِهِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَأَحْرَى الِاعْتِكَافُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَ يَحْتَاجُ لَهَا الزَّوْجُ فَهِيَ كَالْعَبْدِ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْقِسْمَيْنِ أَيْ مِنْ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ لَهَا فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ وَلَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ يَوْمٌ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى عَكْسُهُ) أَيْ فَإِنْ نَذَرَ يَوْمًا لَزِمَهُ لَيْلَةٌ زِيَادَةً عَلَى الْيَوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ وَاللَّيْلَةُ الَّتِي تَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ لَيْلَةُ الْيَوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ لَا اللَّيْلَةُ الَّتِي بَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دُخُولُهُ الْمُعْتَكَفَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَهُ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْ مَا لَمْ يَنْوِ الْجِوَارَ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَذَرَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ طَاعَةً نَاقِصَةً كَصَلَاةِ رَكْعَةٍ وَصَوْمِ بَعْضِ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ إكْمَالُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ الثَّانِي فِي غَيْرِ الِاعْتِكَافِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ بِاتِّفَاقِهِمَا لِضَعْفِ أَمْرِ الِاعْتِكَافِ وَبِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ فَإِنَّ أَمْرَهَا قَوِيٌّ لِكَوْنِهَا مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) أَيْ حَيْثُ قَالَ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ كَالِاعْتِكَافِ

(قَوْلُهُ وَلَزِمَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِي مُطْلَقِهِ أَيْ فِيمَا إذَا نَذَرَهُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِتَتَابُعٍ وَلَا تَفْرِيقٍ فَإِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الِاعْتِكَافِ وَشَأْنَهُ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَمِلَ بِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا نَوَى عَدَمَ التَّتَابُعِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَتَابُعٌ وَلَا تَفْرِيقٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ حِينَ دُخُولِهِ الْمُعْتَكَفَ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ مُعْتَكَفَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِلَزِمَ) أَيْ فَيَكُونُ الدُّخُولُ سَبَبًا فِي اللُّزُومِ.

(قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ أَنَّ مَا نَوَاهُ حِينَ دُخُولِهِ لَازِمٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَمَا قِيلَ) الْقَائِلُ لِذَلِكَ خش وَعَلَّلَ بِعِلَّةٍ لَا مَعْنَى لَهَا (قَوْلُهُ كَمُطْلِقِ الْجِوَارِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَالْجِوَارِ الْمُطْلَقِ إذْ فَرْقٌ بَيْنَ مُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ وَالْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّ الثَّانِي عِبَارَةٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ كَمُطْلِقِ الْجِوَارِ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْوِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا أَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِ الْفِطْرَ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ وَكَانَ كَذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ اعْتِكَافٌ بِلَفْظِ الْجِوَارِ فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيَمْتَنِعُ مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى التَّفْرِيقَ عَمِلَ بِهَا، وَإِذَا نَوَى فِي قَلْبِهِ أَنْ يُجَاوِرَ فِي الْمَسْجِدِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْوِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا وَلَا فِطْرًا فَهُوَ اعْتِكَافٌ فِي الْمَعْنَى غَيْرُ مَنْذُورٍ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمَفْهُومُ لَمْ يُقَيِّدْ بِلَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِذَلِكَ بِالتَّلَفُّظِ أَوْ النِّيَّةِ لَزِمَهُ مَا قَيَّدَ بِهِ فَقَطْ لَكِنْ بِلَا صَوْمٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْجِوَارُ مُطْلَقًا وَلَكِنْ نَوَى الْفِطْرَ أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ وَمَحَلُّ لُزُومِهِ إذَا قَيَّدَ بِالْفِطْرِ أَوْ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ إذَا نَذَرَ الْجِوَارَ أَمَّا إذَا نَوَاهُ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِوَارَ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا وَلَمْ يَنْوِ فِيهِ فِطْرًا لَزِمَ بِالنَّذْرِ إذَا نَذَرَهُ وَلَزِمَ بِالدُّخُولِ إذَا نَوَاهُ، وَإِنْ نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالنَّذْرِ وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ إذَا نَوَاهُ وَكَذَا الْمُقَيَّدُ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالنَّذْرِ وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ إذَا نَوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ

ص: 546