المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) (فرائض الصلاة) - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ١

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ]

- ‌[شُرُوط الْوُضُوء]

- ‌(فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌[فَضَائِل الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]

- ‌(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مَنْدُوبَات الْغُسْل]

- ‌[صفة الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَمَسْحِ الْجَوْرَب]

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوط الْمَاسِح عَلَى الْخَفّ]

- ‌[مُبْطِلَات الْمَسْح عَلَى الْخَفّ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ

- ‌[شَرَائِط جَوَازِ التَّيَمُّم]

- ‌[مُوجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[وَاجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[سُنَن التَّيَمُّم]

- ‌[فَضَائِل التَّيَمُّم]

- ‌[مُبْطِلَات التَّيَمُّم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ

- ‌[شَرْط الْمَسْح عَلَى الْجُرْح]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌[بَيَان الْحَيْض وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌ مَوَانِعَ الْحَيْضِ

- ‌[بَيَان النِّفَاس وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْأَذَان وَمَنْدُوبَاته]

- ‌[مِنْ يَجُوز لَهُ الْأَذَان]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الشَّرْط الْأَوَّل وَالثَّانِي طَهَارَة الْحَدَث وَالْخَبَث]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌(فَصْلُ) (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌ مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا]

- ‌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ

- ‌[فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ]

- ‌[تَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ]

- ‌[تَرْتِيب الْفَوَائِت فِي أنفسها وَيَسِيرهَا مَعَ حَاضِرَة]

- ‌[مَا تَبْرَأ بِهِ الذِّمَّة عِنْد جَهْل الْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌ فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

- ‌[مِنْ تكره إمَامَته]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ

- ‌[فَصَلِّ الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[صِحَّة الِاسْتِخْلَاف]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌[الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْت وَأَسْبَاب الْجَمْع]

- ‌[صفة الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[سُنَن الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[الْأَعْذَار الْمُبِيحَة لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌[سُنَن صَلَاة الْعِيد]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد]

- ‌[كَيْفِيَّة أَدَاء صَلَاة الْعِيد وَمَنْدُوبَاتهَا]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامَ الْمَوْتَى]

- ‌[كَيْفِيَّة تَغْسِيل الْمَيِّت]

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ]

- ‌[مَنْدُوبَاتِ غُسْلِ الْمَيِّت]

- ‌ مُسْتَحَبَّاتِ الْكَفَنِ

- ‌ مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ

- ‌ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ

- ‌(زِيَارَةُ الْقُبُورِ)

- ‌[مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ]

- ‌[بَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[زَكَاةِ النَّعَمِ]

- ‌ زَكَاةِ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةُ النَّقْد]

- ‌[زَكَاة نَمَاءِ الْعَيْنِ]

- ‌ بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ

- ‌ زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ

- ‌[فَصْلٌ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌[جنس الصَّاع فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ الصِّيَامِ]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ

- ‌[شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار]

- ‌[أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْجَائِزَاتِ لِلصَّائِمِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]

- ‌[الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَا يَنْدُبُ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ]

- ‌ مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ

الفصل: ‌(فصل) (فرائض الصلاة)

دَرْسٌ] ‌

(فَصْلُ)(فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)

أَيْ أَرْكَانُهَا وَأَجْزَاؤُهَا الْمُتَرَكِّبَةُ هِيَ مِنْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً أَوَّلُهَا (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَلَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَحْمِلُهَا عَنْهُ إمَامُهُ كَالْفَاتِحَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفَرَائِضِ عَدَمُ الْحَمْلِ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِحَمْلِ الْفَاتِحَةِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ وَإِضَافَةُ تَكْبِيرَةٍ لِلْإِحْرَامِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ إنْ قُلْنَا إنَّ الْإِحْرَامَ عِبَارَةٌ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَمِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى مُصَاحِبِهِ إنْ قُلْنَا إنَّهُ النِّيَّةُ فَقَطْ وَأَصْلُ الْإِحْرَامِ الدُّخُولُ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يُنَافِيهَا.

(تَنْبِيهٌ) الصَّلَاةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ فَجَمِيعُ أَقْوَالِهَا لَيْسَتْ بِفَرَائِضَ إلَّا ثَلَاثَةً تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالْفَاتِحَةَ وَالسَّلَامَ وَجَمِيعُ أَفْعَالِهَا فَرَائِضُ إلَّا ثَلَاثَةً رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ وَالتَّيَامُنَ بِالسَّلَامِ.

(وَ) ثَانِيهَا (قِيَامٌ لَهَا) أَيْ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ غَيْرِ الْمَسْبُوقِ فَلَا يُجْزِي إيقَاعُهَا جَالِسًا أَوْ مُنْحَنِيًا (إلَّا لِمَسْبُوقٍ) ابْتَدَأَهَا حَالَ قِيَامِهِ وَأَتَمَّهَا حَالَ الِانْحِطَاطِ أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي الِاعْتِدَالِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ وَهُمَا جَارِيَانِ فِيمَنْ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَأَمَّا لَوْ وَقَفَتْ لَهُ اسْتَقْبَلَ بِهَا الْقِبْلَةَ لَجَازَ وَهُوَ وِفَاقٌ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ بْن.

[فَصْلُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ]

(فَصْلٌ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)(قَوْلُهُ: فَرَائِضُ الصَّلَاةِ) مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ بَعْضُ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ هَيْئَةٌ مُجْتَمِعَةٌ مِنْ فَرَائِضَ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: خَمْسَ عَشْرَةَ) أَيْ وِفَاقًا وَخِلَافًا لِأَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ وَالِاعْتِدَالَ وَقَعَ فِيهِمَا خِلَافٌ وَالْمُرَادُ بِالْفَرِيضَةِ هُنَا مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ صَلَاةَ الصَّبِيِّ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَإِلَّا لَخَرَجَتْ صَلَاةُ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ) فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ شَكَّ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنْ كَانَ شَكُّهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ كَبَّرَهَا بِغَيْرِ سَلَامٍ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ وَإِذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ شَكِّهِ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ جَرَى عَلَى مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ وَإِنْ كَانَ الشَّاكُّ إمَامًا فَقَالَ سَحْنُونٌ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ وَإِذَا سَلَّمَ سَأَلَهُمْ فَإِنْ قَالُوا لَهُ أَحْرَمْت رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ وَإِنْ شَكُّوا أَعَادَ جَمِيعُهُمْ ذَكَرَهُ اللَّقَانِيُّ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا جَرَى فِي الْفَذِّ يَجْرِي فِي الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: عِبَارَةٌ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ) أَيْ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا إنَّهُ) أَيْ الْإِحْرَامُ النِّيَّةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الْإِحْرَامِ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ نُقِلَ لَفْظُ الْإِحْرَامِ لِلنِّيَّةِ أَوْ لِمَجْمُوعِ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَدْخُلُ بِهِمَا فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ

(قَوْلُهُ: فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ) أَيْ وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا يَجِبُ الْقِيَامُ لَهَا وَكَذَا لَا يَجِبُ فِي الْفَرْضِ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِي إيقَاعُهَا) أَيْ فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ جَالِسًا أَوْ مُنْحَنِيًا أَيْ وَلَا قَائِمًا مُسْتَنِدَ الْعِمَادِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْعِمَادُ لَسَقَطَ وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقِيَامُ اسْتِقْلَالًا (قَوْلُهُ: ابْتَدَأَهَا) أَيْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّهَا حَالَ الِانْحِطَاطِ أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ) بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ فَصْلٌ أَصْلًا أَوْ يَكُونَ هُنَاكَ فَصْلٌ يَسِيرٌ فَهَذِهِ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ: فَتَأْوِيلَانِ) أَيْ فَفِي فَرْضِيَّةِ الْقِيَامِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ تَأْوِيلَانِ وَسَبَبُهُمَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ إنْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ لِلرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ أَجْزَأَهُ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَصَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ يَصِحُّ وَإِنْ كَبَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لِلرُّكُوعِ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَسْبُوقِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَى الثَّانِي يَسْقُطُ عَنْهُ ثُمَّ إنَّ عج وَمَنْ تَبِعَهُ جَعَلُوا ثَمَرَةَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ تَرْجِعُ لِلِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ مَعَ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِمَّا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ عَنْهُ وَأَمَّا ح فَجَعَلَ ثَمَرَةَ التَّأْوِيلَيْنِ تَرْجِعُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَبُطْلَانِهَا وَهُوَ الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ عج أَقْوَى

ص: 231

الْعَقْدَ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا وَأَمَّا إذَا ابْتَدَأَهُ حَالَ الِانْحِطَاطِ وَأَتَمَّهُ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ فَالرَّكْعَةُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَصَحِيحَةٌ فِي الْقِسْمَيْنِ فَإِنْ حَصَلَ فَصْلٌ بَطَلَتْ فِيهَا فَحَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ إلَّا لِمَسْبُوقٍ وَفِي الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ إنْ ابْتَدَأَهُ حَالَ قِيَامِهِ تَأْوِيلَانِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُ رحمه الله فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ (وَإِنَّمَا يُجْزِئُ اللَّهُ أَكْبَرُ) بِتَقْدِيمِ الْجَلَالَةِ وَمَدِّهَا مَدًّا طَبِيعِيًّا بِالْعَرَبِيَّةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مُسْتَنَدًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: الْعَقْدَ) أَيْ الْإِحْرَامَ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا أَيْ فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ فِيهَا الْخِلَافُ فِي الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا مَعَ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا قَالَهُ عج وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِالتَّكْبِيرِ مُجَرَّدَ الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَمَادَى لَحِقَ الْإِمَامَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا انْصَرَفَ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا ابْتَدَأَهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ) أَيْ كَثِيرٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ فَصْلٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ فَصْلٌ يَسِيرٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ الرَّكْعَةُ فِيهَا بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا وَسَوَاءً نَوَى فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ بِالتَّكْبِيرِ الْإِحْرَامَ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ فِيهَا الرَّكْعَةُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: فِي الْقِسْمَيْنِ) الْقَسَمُ الْأَوَّلُ مَا إذَا ابْتَدَأَ التَّكْبِيرَ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي مَا إذَا ابْتَدَأَهُ حَالَ الِانْحِطَاطِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ مَعَ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِحْرَامُ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ الِاعْتِدَادِ بِهَا إنَّمَا هُوَ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الْإِحْرَامِ فَكَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي إحْرَامِهَا بِتَرْكِ الْقِيَامِ لَهُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَا مِنْ أَرْكَانِ الرَّكْعَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ الْقِيَامُ فِي الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ فَكَانَ الْإِحْرَامُ حَصَلَ حَالَ قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ فَتَكُونُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَالشَّرْطُ الَّذِي هُوَ الْقِيَامُ مُقَارِنٌ لِلْمَشْرُوطِ وَهُوَ التَّكْبِيرُ حُكْمًا وَهَذَا بِخِلَافِ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَحْرَمَ فِي رُكُوعِهَا فَإِنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُقَارِنْ فِيهَا الْمَشْرُوطَ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لِعَدَمِ وُجُودِهِ كَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا حَكَمُوا بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقِيَامَ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ غَيْرُ فَرْضٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْبُوقِ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ إنَّمَا جَاءَ لِلْخَلَلِ فِي رُكُوعِهَا حَيْثُ أَدْمَجَ الْفَرْضَيْنِ الثَّانِيَ فِي الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرِ وَعَلَى هَذَا فَالْقِيَامُ لِلتَّكْبِيرِ إنَّمَا وَجَبَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ لَهُ الرُّكُوعُ فَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَصَلَ فَصْلٌ) أَيْ كَثِيرٌ بَطَلَتْ أَيْ الصَّلَاةُ بِتَمَامِهَا فِيهِمَا أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ وَتَحْتَ هَذَا صُوَرٌ سِتَّةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَبْتَدِئَ التَّكْبِيرَ حَالَةَ الْقِيَامِ وَيُتِمَّهُ بَعْدَ الِانْحِطَاطِ مَعَ فَصْلٍ كَثِيرٍ أَوْ يَبْتَدِئَهُ فِي حَالَةِ الِانْحِطَاطِ بَعْدَهُ مَعَ الْفَصْلِ الْكَثِيرِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالتَّكْبِيرِ الْإِحْرَامَ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهَذِهِ سِتَّةٌ فَجُمْلَةُ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ: فَحَقُّ التَّعْبِيرِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْقِيَامَ لِلْإِحْرَامِ لَيْسَ فَرْضًا فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ اتِّفَاقًا وَأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّأْوِيلَانِ فِي فَرْضِيَّةِ الْقِيَامِ لِلْمَسْبُوقِ وَعَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ لَهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا الِاعْتِدَادُ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهَا عَلَى مَا قَالَ عج وَصِحَّةُ الصَّلَاةِ وَبُطْلَانُهَا عَلَى مَا قَالَ ح وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ هَذَا الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُجْزِئُ اللَّهُ أَكْبَرُ) لَمَّا كَانَ مَعْنَى التَّكْبِيرِ التَّعْظِيمَ فَيُوهِمُ إجْزَاءَ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ بَيْنَ انْحِصَارِ الْمُجْزِي مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ إلَخْ أَيْ إنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يُجْزِئُهُ

ص: 232

مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بِكَلِمَةِ تَعْظِيمٍ فَلَا يُجْزِي أَكْبَرُ اللَّهُ أَوْ اللَّهُ الْعَظِيمُ أَكْبَرُ أَوْ بِمُرَادِفِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْعَجَمِيَّةِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ النُّطْقِ بِهَا لِخَرَسٍ أَوْ عُجْمَةٍ (سَقَطَ) التَّكْبِيرُ عَنْهُ كَكُلِّ فَرْضٍ عَجَزَ عَنْهُ فَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهِ لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْبَعْضِ أَتَى بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى.

(وَ) ثَالِثُهَا (نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ) بِأَنْ يَقْصِدَ بِقَلْبِهِ أَدَاءَ فَرْضِ الظُّهْرِ مَثَلًا وَالتَّعْيِينُ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْفَجْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَيَنْصَرِفُ لِلضُّحَى إنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلِرَاتِبِ الظُّهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ حِينَ الدُّخُولِ فِيهِ وَلِلتَّهَجُّدِ إنْ كَانَ فِي اللَّيْلِ وَلِلْإِشْفَاعِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْوِتْرِ (وَلَفْظُهُ) أَيْ تَلَفُّظُ الْمُصَلِّي بِمَا يُفِيدُ النِّيَّةَ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت صَلَاةَ فَرْضِ الظُّهْرِ مَثَلًا (وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ شَيْءٌ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْظِيمِ إلَّا لَفْظَ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا غَيْرُهُ مِنْ اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ أَوْ الْكَبِيرُ أَوْ الْأَكْبَرُ لِلْعَمَلِ وَلِأَنَّ الْمَحِلَّ مَحَلُّ تَوْقِيفٍ وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَا بِهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لِسَائِرِ اللُّغَاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَهُمَا) قَالَ عبق وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ أَكْبَرُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ اهـ وَقَدْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُضِرٌّ إذْ لَا يُعْطَفُ الْخَبَرُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ مُتَعَبَّدٌ بِهِ وَنَحْوُهُ نُقِلَ عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ اهـ بْن نَعَمْ لَا يَضُرُّ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا وَلَوْ لِغَيْرِ الْعَامَّةِ كَإِشْبَاعِ الْبَاءِ وَتَضْعِيفِ الرَّاءِ عَلَى الظَّاهِرِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَمَّا نِيَّةُ أَكْبَارٍ جَمْعِ كُبَرٍ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ فَكُفْرٌ وَلْيُحْذَرْ مِنْ مَدِّ هَمْزَةِ الْجَلَالَةِ فَيَصِيرُ اسْتِفْهَامًا كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُرَادِفِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ) بِأَنْ يَقُولَ الذَّاتُ الْوَاجِبَةُ الْوُجُودُ أَكْبَرُ أَوْ اللَّهُ أَعْظَمُ أَوْ أَجَلُّ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْعَجَمِيَّةُ أَيْ كخداي أَكْبَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ) أَيْ بِالتَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ جُمْلَةً (قَوْلُهُ: سَقَطَ التَّكْبِيرُ عَنْهُ) أَيْ وَيُكْتَفَى مِنْهُ بِنِيَّةِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَدْخُلُهَا بِمُرَادِفِهِ مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى وَكَمَا يَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْبِيرُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ لَهُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى) أَيْ الْعَاجِزُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَا عَرَبِيَّةً وَقَوْلُهُ: بِمُرَادِفِهِ أَيْ مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَقَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى) أَيْ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ سَوَاءً دَلَّ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ كَأَنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى لَفْظِ اللَّهِ أَوْ عَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ مِثْلِ بَرٍّ بِمَعْنَى مُحْسِنٍ وَأَمَّا إنْ دَلَّ عَلَى مَعْنًى يُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْطِقُ بِهِ مِثْلِ كبر أَوْ كر وَكَذَا إذَا كَانَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى لِكَوْنِهِ مِنْ الْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ أَتَى بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى وَإِلَّا فَلَا يَأْتِي بِهِ طَرِيقَةٌ لعج وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ إذَا لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى الْبَعْضِ فَلَا يَأْتِي بِهِ وَأَطْلَقَ.

(قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ) فِي الْمَوَّاقِ وح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّعْيِينَ لَهَا يَتَضَمَّنُ الْوُجُوبَ وَالْأَدَاءَ وَالْقُرْبَةَ فَهُوَ يُغْنِي عَنْ الثَّلَاثَةِ لَكِنَّ اسْتِحْضَارَ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ أَكْمَلُ اهـ بْن قَالَ فِي المج وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّعْيِينِ نِيَّةُ الْيَوْمِ وَمَا يَأْتِي فِي الْفَوَائِتِ وَإِنْ عَلِمَهَا دُونَ يَوْمِهَا صَلَّاهَا نَاوِيًا لَهُ فَلِيَكُونَ سُلْطَانُ وَقْتِهَا خَرَجَ فَاحْتِيجَ فِي تَعْيِينِهَا لِمُلَاحَظَتِهِ وَأَمَّا الْوَقْتُ الْحَالُّ فَلَا يُقْبَلُ الِاشْتِرَاكُ فَتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَجِبُ فِي الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ) أَيْ الْخَمْسِ الْوِتْرِ وَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَلَا يَكْفِي فِي الْفَرَائِضِ نِيَّةُ مُطْلَقِ الْفَرْضِ وَلَا فِي السُّنَنِ نِيَّةُ مُطْلَقِ السُّنَّةِ فَإِذَا أَرَادَ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَقَالَ نَوَيْت صَلَاةَ الْفَرْضِ وَلَمْ يُلَاحِظْ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ الظُّهْرُ لَمْ تَجُزْ وَكَانَتْ بَاطِلَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي السُّنَنِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ التَّعْيِينِ نِيَّةُ الْجُمُعَةِ عَنْ الظُّهْرِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ عَنْ الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الظُّهْرَ جُمُعَةٌ فَنَوَاهَا أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْجُمُعَةَ ظُهْرٌ فَنَوَاهُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْبُطْلَانُ فِيهِمَا وَالصِّحَّةُ فِيهِمَا وَالْمَشْهُورُ التَّفْصِيلُ إنْ نَوَى الْجُمُعَةَ بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ أَجْزَأَ دُونَ الْعَكْسِ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ أَكْثَرُ مِنْ شُرُوطِ الظُّهْرِ وَنِيَّةُ الْأَخَصِّ تَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ الْأَعَمِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَلَا يَخْلُو عَنْ تَسَمُّحٍ فَإِنَّ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَانِ وَالظُّهْرَ أَرْبَعٌ فَلَا خُصُوصَ

ص: 233

بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى. وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَلَفَّظَ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَحِلُّهَا الْقَلْبُ وَلَا مَدْخَلَ لِلِّسَانِ فِيهَا (وَإِنْ) تَلَفَّظَ وَ (تَخَالَفَا) أَيْ خَالَفَ لَفْظُهُ نِيَّتَهُ (فَالْعَقْدُ) أَيْ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَا اللَّفْظُ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَمُتَلَاعِبٌ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (وَالرَّفْضُ) لِلصَّلَاةِ وَهُوَ نِيَّةُ إبْطَالِ الْعَمَلِ (مُبْطِلٌ) لَهَا اتِّفَاقًا إنْ وَقَعَ فِي الْأَثْنَاءِ وَعَلَى أَحَدِ مُرَجِّحَيْنِ إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَأَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَالصَّوْمُ كَالصَّلَاةِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلُهُ: (كَسَلَامٍ) أَوْقَعَهُ عَقِبَ اثْنَيْنِ مِنْ رَبَاعِيَةٍ مَثَلًا لِظَنِّهِ الْإِتْمَامَ وَإِتْمَامٌ فِي الْوَاقِعِ (أَوْ ظَنِّهِ) أَيْ ظَنِّ السَّلَامِ لِظَنِّهِ الْإِتْمَامَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا شَيْءٌ فِي الْوَاقِعِ (فَأَتَمَّ) يَعْنِي أَحْرَمَ فِي الصُّورَتَيْنِ (بِنَفْلٍ) أَوْ فَرْضٍ فَالْأَوْلَى لَوْ قَالَ فَشَرَعَ بِصَلَاةٍ بَطَلَتْ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (إنْ طَالَتْ) الْقِرَاءَةُ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ بِأَنْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ لَمْ يَرْكَعْ (أَوْ رَكَعَ) بِالِانْحِنَاءِ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ وَإِذَا بَطَلَتْ فِي الصُّورَتَيْنِ فَيُتِمُّ النَّفَلَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ أَوْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَيَقْطَعُ الْفَرْضَ الْمَشْرُوعَ فِيهِ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إنْ عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً وَإِنَّمَا وَجَبَ إتْمَامُ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً لِأَنَّ النَّفَلَ إذَا لَمْ نَقُلْ بِإِتْمَامِهِ يَفُوتُ إذْ لَا يُقْضَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَا عُمُومَ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَوْضُوعَ عِنْدَ الِالْتِبَاسِ لَا عِنْدَ التَّعَمُّدِ فَلَا يُجْزِي قَوْلًا وَاحِدًا لِلتَّلَاعُبِ وَالْأَوْلَى عِنْدَ الِالْتِبَاسِ أَنْ يُحْرِمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا فَإِنْ خَالَفَ جَرَى فِيهِ مَا عَلِمْت مِنْ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ: بِمَعْنًى خِلَافِ الْأَوْلَى) لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُوَسْوِسُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّلَفُّظُ بِمَا يُفِيدُ النِّيَّةَ لِيَذْهَبَ عَنْهُ اللُّبْسُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَهَذَا الْحَلُّ الَّذِي حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى وَاسِعٍ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّلَفُّظِ هُوَ الَّذِي حَلَّ بِهِ بَهْرَامُ تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَخِلَافِهِ تَقْرِيرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ التَّلَفُّظَ وَعَدَمَهُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ ثَانِيهِمَا أَنَّ مَعْنَى وَاسِعٍ أَنَّهُ غَيْرُ مُضَيَّقٍ فِيهِ فَإِنْ شَاءَ قَالَ أُصَلِّي فَرْضَ الظُّهْرِ أَوْ أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ نَوَيْت أُصَلِّي وَنَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْعَقْدُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ) أَيْ وَيَجِبُ تَمَادِيهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا سَوَاءً تَذَكَّرَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَوْ بَعْدَهَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ إذَا خَالَفَ لَفْظُهُ نِيَّتَهُ نِسْيَانًا كَمَا قَالَهُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: فَمُتَلَاعِبٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا الْتَصَقَ تَلَاعُبُهُ بِالصَّلَاةِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَلَاعِبِ فِيهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَاهِلَ مُلْحَقٌ هُنَا بِالْعَامِدِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا إنْ وَقَعَ فِي الْأَثْنَاءِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ فِي الْأَثْنَاءِ مُبْطِلٌ اتِّفَاقًا فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ عَلَى الْمَشْهُورِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَحَدِ مُرَجِّحَيْنِ إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّفْضَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا قِيلَ إنَّهُ يُبْطِلُهَا وَرَجَّحَهُ الْقَرَافِيُّ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُبْطِلُهَا وَرَجَّحَهُ سَنَدٌ وَابْنُ جَمَاعَةَ وَابْنُ رَاشِدٍ وَاللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَالصَّوْمُ كَالصَّلَاةِ) أَيْ فِي بُطْلَانِهِ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا رَفَضَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَأَمَّا إذَا رَفَضَ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَقَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَأَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: كَسَلَامٍ أَوْقَعَهُ) أَيْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا شَيْءٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إتْمَامٌ وَلَا سَلَامٌ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: فَأَتَمَّ بِنَفْلٍ) إنَّمَا عَبَّرَ بِأَتَمَّ دُونَ أَحْرَمَ أَوْ شَرَعَ نَظَرًا لِكَوْنِ إحْرَامِهِ بِالنَّافِلَةِ وَشُرُوعِهِ فِيهَا إتْمَامًا لِلصَّلَاةِ الْأُولَى فِي الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى لَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا يَقِينًا) أَيْ وَهِيَ الَّتِي سَلَّمَ مِنْهَا بِالْفِعْلِ لِظَنِّهِ إتْمَامَهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ ظَنًّا أَيْ وَاَلَّتِي خَرَجَ مِنْهَا ظَنًّا وَهِيَ الَّتِي ظَنَّ السَّلَامَ مِنْهَا لِظَنِّهِ إتْمَامَهَا.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَلَيْسَ طُولًا كَمَا قَالَ عج وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي السُّورَةِ طُولٌ وَلَوْ دَرَجَ فِي الْقِرَاءَةِ وَأَنَّ مُجَرَّدَ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ لَيْسَ طُولًا وَلَوْ مَطَّطَ فِي الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يُطِلْ) أَيْ كَمَا لَوْ رَكَعَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَوْ رَكَعَ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ لِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ سَاقِطَةً عَنْهُ لِعَجْزِهِ عَنْهَا وَإِنَّمَا يُنْدَبُ لَهُ الْفَصْلُ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ فَقَوْلُهُ: أَوْ رَكَعَ أَيْ وَلَوْ بِدُونِ قِرَاءَةٍ كَعَاجِزٍ (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَطَلَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا لِكَوْنِهِ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ أَوْ رَكَعَ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ مَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ الْأُولَى خَرَجَ مِنْهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: فَيُتِمُّ النَّفَلَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءً تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً أَوْ تَذَكَّرَ قَبْلَ عَقْدِهَا إنْ كَانَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ مُتَّسِعًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ إيقَاعُ الْفَرْضِ فِيهِ بَعْدَ إتْمَامِ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَقَدَ رَكْعَةً) أَيْ مِنْ النَّفْلِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَيْ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ فَإِنْ ضَاقَ وَقْتُ الْفَرْضِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً مِنْ النَّفْلِ قَطَعَهُ فَالنَّفَلُ يُتِمُّهُ فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ وَيَقْطَعُهُ فِي حَالَةٍ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إنْ عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً) أَيْ وَكَانَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ مُتَّسِعًا وَإِلَّا قَطَعَ مِنْ غَيْرِ إشْفَاعٍ كَمَا أَنَّهُ يَقْطَعُهُ مِنْ غَيْرِ إشْفَاعٍ إذَا تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً مِنْ الْفَرْضِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ كَانَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ مُتَّسِعًا أَوْ لَا فَقَطْعُ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ إشْفَاعٍ فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ فِي حَالَةٍ

ص: 234

وَقِيلَ إنَّ إتْمَامَ الْفَاتِحَةِ طُولٌ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي السُّورَةِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: أَوْ رَكَعَ عَلَى مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْفَاتِحَةُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: إنْ طَالَتْ مَحْمُولًا عَلَى مَنْ يَحْفَظُهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ رَكَعَ إذَا لَمْ يَحْفَظْهَا وَاسْتُبْعِدَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ وَلَمْ يَرْكَعْ (فَلَا) تَبْطُلُ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ بَلْ يَرْجِعُ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا الْفَرْضَ فَيَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُعِيدُ الْفَاتِحَةَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ خَمْسَ مَسَائِلَ فَقَالَ (كَأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ) أَيْ السَّلَامَ بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي نَافِلَةٍ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا فَلَا تَبْطُلُ وَيُجْزِئُهُ مَا صَلَّى بِنِيَّةِ النَّفْلِ عَنْ فَرْضِهِ (أَوْ عَزَبَتْ) نِيَّتُهُ أَيْ غَابَتْ ذَهَبَتْ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا وَلَوْ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ تَقَدَّمَ صَلَاتَهُ فَلَا تَبْطُلُ لِمَشَقَّةِ الِاسْتِصْحَابِ وَكُرِهَ التَّفَكُّرُ بِدُنْيَوِيٍّ (أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ) أَيْ عَدَدَهَا إذْ كُلُّ صَلَاةٍ تَسْتَلْزِمُ عَدَدَ رَكَعَاتِهَا (أَوْ) لَمْ (يَنْوِ الْأَدَاءَ) فِي حَاضِرَةٍ (أَوْ ضِدِّهِ) وَهُوَ الْقَضَاءُ فِي فَائِتَةٍ بَلْ أَطْلَقَ لِاسْتِلْزَامِ الْوَقْتِ الْأَدَاءَ وَعَدَمِهِ الْقَضَاءَ.

(وَ) رَابِعُهَا (نِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ) لِإِمَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَتَابَعَهُ مُتَابَعَةَ الْمَأْمُومِ بِأَنْ يَتْرُكَ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا بَطَلَتْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّ تَمَامَ الْفَاتِحَةِ طُولٌ وَلَوْ لَمْ يَشْرَعْ فِي السُّورَةِ) هَذَا الْقَوْلُ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلْ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ أَنَّهُ يُلْغَى ذَلِكَ الَّذِي عَمِلَهُ وَيَرْجِعُ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا الْفَرْضَ (قَوْلُهُ: فَيَجْلِسُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَشْرُوعِ فِيهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ لِفَرْضِهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي نَافِلَةٍ) أَيْ وَتَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهَا أَنَّهُ فِيهِمَا قَصَدَ الْخُرُوجَ مِنْ الْفَرْضِ لِحُصُولِ السَّلَامِ مِنْهُ أَوْ ظَنَّهُ وَفِي هَذِهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ الْخُرُوجِ مِنْ الْفَرْضِ وَإِنَّمَا ظَنَّ أَنَّهُ فِي نَافِلَةٍ فَتَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ لِذَلِكَ سَهْوًا وَأَمَّا لَوْ تَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ عَمْدًا فَإِنْ قَصَدَ بِنِيَّتِهِ رَفْعَ الْفَرِيضَةِ وَرَفْضَهَا بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ رَفْضَهَا لَمْ تَكُنْ نِيَّتُهُ الثَّانِيَةِ مُنَافِيَةً لِلْأُولَى كَذَا فِي ح عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَوَّاقِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّوْمِ أَوْ رَفَعَ نِيَّتَهُ نَهَارًا عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ مِنْ أَنَّهُ مَنْ حَالَتْ نِيَّتُهُ إلَى نَافِلَةٍ عَمْدًا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ أَفْسَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ اهـ فَقَدْ أَطْلَقَ فِي الْعَامِدِ الْبُطْلَانَ وَلَمْ يُفَصِّلْ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ اُنْظُرْ بْن. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ وَإِجْزَاءِ مَا صَلَّى بِنِيَّةِ النَّفْلِ عَنْ فَرْضِهِ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ لِتَرْجِيحِهِ عِنْدَهُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ مِنْ بُطْلَانِ تِلْكَ الصَّلَاةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ تَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ مِنْ فَرِيضَةٍ إلَى نَافِلَةٍ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ وَعَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَ ابْنِ فَرْحُونٍ وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَصَحِيحَةُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ شَيْخُنَا وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ وَتَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ تَحَوُّلِ نِيَّتِهِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ فَقَالَ أَشْهَبُ تُجْزِيهِ صَلَاتُهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا تَجْزِيهِ نَفْلَهُ اللَّخْمِيُّ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ عَزَبَتْ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاغِلِ عَنْ اسْتِصْحَابِهَا تَفَكُّرُهُ بِدُنْيَوِيٍّ أَوْ أُخْرَوِيٍّ مُتَقَدِّمًا عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ طَارِئًا عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ) أَيْ إنَّ مَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فِي نِيَّتِهِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ الْقَلْشَانِيُّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي نِيَّةِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ قَوْلَانِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِنِيَّةِ عَدَدِهَا أَوْ لَا وَأَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي نِيَّةِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا نَوَى عَدَدًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ وَحُكْمُ التَّخْيِيرِ بَاقٍ فِي حَقِّهِ وَذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ يَدْخُلُ الصَّلَاةَ بِنِيَّةِ صَلَاةِ السَّفَرِ وَأَرَادَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إتْمَامَهَا أَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ وَأَرَادَ فِي أَثْنَائِهَا الْقَصْرَ هَلْ يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ وَحُكْمُ التَّخْيِيرِ بَاقٍ فِي حَقِّهِ وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى وَفِي لُزُومِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ الَّذِي نَوَاهُ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ الْأَدَاءَ فِي حَاضِرَةٍ أَوْ ضِدِّهِ) لَيْسَ فِي هَذَا تَعَرُّضٌ لِنِيَابَةِ نِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَنْ نِيَّةِ الْآخَرِ وَالْحُكْمُ صِحَّةُ النِّيَابَةِ إنْ اتَّحَدَتْ الْعِبَادَةُ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ فَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ فَنَوَى الْأَدَاءَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ خَرَجَ قَبْلَ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيَّامًا نَاوِيًا الْأَدَاءَ أَعَادَ ظُهْرَ جَمِيعِ الْأَيَّامِ وَلَا يَكُونُ ظُهْرُ يَوْمٍ قَضَاءً عَمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ اخْتِلَافَ زَمَنِ الْعِبَادَةِ مُؤَدٍّ لِاخْتِلَافِهَا.

(قَوْلُهُ: وَرَابِعُهَا) أَيْ رَابِعُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: نِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ) أَيْ نِيَّةُ مُتَابَعَتِهِ لِإِمَامِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ رُكْنٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَشَرْطٌ فِي الِاقْتِدَاءِ أَيْ الْمُتَابَعَةُ فَنِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ شَرْطٌ فِي الْمُتَابَعَةِ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْهَا وَرُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ دَاخِلَةٌ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الرُّكْنِيَّةِ وَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ

ص: 235

(وَجَازَ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ (دُخُولٌ) فِي الصَّلَاةِ (عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ) مَحْمُولٌ عَلَى صُورَتَيْنِ فَقَطْ عَلَى التَّحْقِيقِ الْأُولَى أَنْ يَجِدَ الْمَأْمُومُ إمَامًا وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَيَنْوِي مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَيُجْزِئُ مَا تَبَيَّنَ مِنْهُمَا الثَّانِيَةُ أَنْ يَجِدَ إمَامًا وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ مُسَافِرٌ أَوْ مُقِيمٌ فَأَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَيُجْزِئُهُ مَا تَبَيَّنَ مِنْ سَفَرِيَّةٍ أَوْ حَضَرِيَّةٍ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُقِيمًا فَإِنَّهُ يُتِمُّ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ الْمُسَافِرِ وَيَلْزَمُهُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا مُتَابَعَةُ إمَامِهِ الْمُقِيمِ (وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ اتِّفَاقًا (بِسَبْقِهَا) أَيْ النِّيَّةِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (إنْ كَثُرَ) السَّبْقُ كَأَنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهَا (وَإِلَّا) يَكْثُرْ السَّبْقُ بِأَنْ كَانَ يَسِيرًا بِأَنْ نَوَى فِي نِيَّتِهِ الْقَرِيبَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَبَّرَ فِي الْمَسْجِدِ ذَاهِلًا عَنْهَا (فَخِلَافٌ) فِي الْبُطْلَانِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ وَعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ هُنَا لِوُجُوبِ اتِّصَالِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ اغْتِفَارِ تَفَرُّقٍ يَسِيرٍ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ إلَّا أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ كَلَامِهِمْ اعْتِمَادُ الصِّحَّةِ.

(وَ) خَامِسُهَا (فَاتِحَةٌ) أَيْ قِرَاءَتُهَا (بِحَرَكَةِ لِسَانٍ عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ) أَيْ مُنْفَرِدٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ مِنْ الشَّرْطِيَّةِ وَإِنَّمَا يَأْتِي التَّعَارُضُ لَوْ اُعْتُبِرَتْ رُكْنِيَّتُهَا وَشَرْطِيَّتُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَقَطْ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلِاقْتِدَاءِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَجَازَ لَهُ دُخُولُهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ بِالنِّيَّةِ وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ التَّعْيِينَ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ.

(قَوْلُهُ: عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَح وَالشَّيْخُ سَالِمٌ خِلَافًا لتت وَبَهْرَامَ حَيْثُ حَمَلَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى عُمُومِهِ لِهَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَلِصُورَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ مَا إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَوَجَدَ الْإِمَامَ يُصَلِّي وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ فِي الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ فَيَنْوِي مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَإِذَا تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْعَصْرَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ وَيَتَمَادَى عَلَيْهَا وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ فَقَطْ بَعْدَ فِعْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ كَوْنِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ وَاجِبًا شَرْطًا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ خِلَافُ النَّقْلِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ لِلْمَأْمُومِ أَنَّ الْإِمَامَ فِي الْعَصْرِ وَعَلَيْهِ الظُّهْرُ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مَعَهُ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ يُصَلِّي بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَأَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَقَدْ كَانَ الْمَأْمُومُ صَلَّاهَا فَإِنَّهَا لَا تُجْزِيهِ عَنْ الْعَصْرِ اتِّفَاقًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الِاقْتِدَاءِ الْمُسَاوَاةُ فِي الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ نَافِلَةً بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: فَيَنْوِي مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَوَى إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا الْأُخْرَى فَقَدْ مَرَّ أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَا مُقِيمَيْنِ أَوْ مُسَافِرَيْنِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ بِسَبْقِهَا) أَيْ عَلَى فَرْضِ حُصُولِ ذَلِكَ إذْ يَبْعُدُ جِدًّا أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ ثُمَّ يَمْكُثَ زَمَنًا طَوِيلًا ثُمَّ يُصَلِّي بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ سُئِلَ مَاذَا يَفْعَلُ لَمْ يُجِبْ بِأَنَّهُ يُصَلِّي أَمَّا لَوْ كَانَ لَوْ سُئِلَ مَاذَا يَفْعَلُ لَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُصَلِّي كَانَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً اتِّفَاقًا لِأَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ مُقَارِنَةٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهَا) أَيْ سَوَاءً كَثُرَ التَّأْخِيرُ أَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ: فِي الْبُطْلَانِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ الْجَلَّابِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ) الْمُرَادُ بِهَا عَدَمُ الْفَصْلِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُصَاحَبَةُ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ) أَيْ وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ وَهُوَ اخْتِيَارِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ ابْنُ عَاتٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّيَّةَ إنْ اقْتَرَنَتْ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَلَا إشْكَالَ فِي الْإِجْزَاءِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهَا فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ بِكَثِيرٍ لَمْ تَجُزْ اتِّفَاقًا وَبِيَسِيرٍ فَقَوْلَانِ بِالْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَاتٍ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: أَيْ قِرَاءَتُهَا) إنَّمَا قَدَّرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَائِنَةٍ بِحَرَكَةِ إلَخْ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا أَجْرَاهَا عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً جَهْرِيَّةً أَوْ سِرِّيَّةً وَهَلْ تَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ عَلَى مَنْ يُلْحِنُ فِيهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْنَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَوْ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهَا تَجِبُ إذْ هِيَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا لَحْنَ فِيهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يُبْطِلُهَا فَلَا يَقْرَؤُهَا وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ يُلْحِنُ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ مَا لَا لَحْنَ فِيهِ وَيَتْرُكُ مَا يُلْحِنُ فِيهِ هَذَا إذَا كَانَ مَا يُلْحِنُ فِيهِ مُتَوَالِيًا وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَتْرُكُ الْكُلَّ قَالَهُ عج قَالَ شَيْخُنَا وَاسْتِظْهَارُهُ وُجُوبَ قِرَاءَتِهَا مَلْحُونَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّحْنَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ اسْتِظْهَارٌ بَعِيدٌ إذْ الْقِرَاءَةُ الْمَلْحُونَةُ لَا تَجُوزُ بَلْ لَا تُعَدُّ قِرَاءَةً فَصَاحِبُهَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعَاجِزِ وَفِي ح

ص: 236

لَا عَلَى مَأْمُومٍ هَذَا إذَا أَسْمَعَ نَفْسَهُ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ) فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ.

(وَ) سَادِسُهَا (قِيَامٌ لَهَا) أَيْ لِلْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَتْ الْفَاتِحَةُ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ (فَيَجِبُ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ) بِأَنْ قَبِلَ التَّعَلُّمَ وَلَوْ فِي أَزْمِنَةٍ طَوِيلَةٍ وَأَيَّامٍ كَثِيرَةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ وُسْعِهِ فِي تَعَلُّمِهَا إنْ كَانَ عَسِرَ الْحِفْظِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ إلَّا أَوْقَاتَ الضَّرُورَةِ وَوَجَدَ مُعَلِّمًا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (وَإِلَّا) يُمْكِنْ التَّعَلُّمُ بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْهُ أَوْ لَمْ يَجِدْ مُعَلِّمًا أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ (ائْتَمَّ) وُجُوبًا بِمَنْ يُحْسِنُهَا إنْ وَجَدَهُ وَتَبْطُلُ إنْ تَرَكَهُ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا) أَيْ التَّعَلُّمُ وَالِائْتِمَامُ وَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِالْإِفْرَادِ لِيَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الِائْتِمَامِ الْمُرَتَّبِ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِائْتِمَامُ وَصَلَّى مُنْفَرِدًا (فَالْمُخْتَارُ سُقُوطُهُمَا) أَيْ الْفَاتِحَةُ وَالْقِيَامُ لَهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُقَابِلَ الْمُخْتَارِ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا حَالَ عَجْزِهِ عَنْهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ إذْ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهَا مِمَّا تَيَسَّرَ مِنْ الذِّكْرِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الثَّانِيَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَالْمُخْتَارُ سُقُوطُ بَدَلِهَا (وَنُدِبَ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَوْ قَرَأَ بِالزَّبُورِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ بَطَلَتْ وَهُوَ كَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَرَأَ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى مَأْمُومٍ) أَيْ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَانَتْ الصَّلَاةُ جَهْرِيَّةً أَوْ سِرِّيَّةً خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ الْقَائِلِ بِلُزُومِهَا لِلْمَأْمُومِ فِي السِّرِّيَّةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ لُزُومِهَا لَهُ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ بِالْمُبَالَغَةِ نَعَمْ إسْمَاعُ نَفْسِهِ أَوْلَى مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ عِنْدَ عَدَمِ إسْمَاعِهِ لَهَا.

(قَوْلُهُ: وَقِيَامٌ لَهَا) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَقِيَامٌ لِأَجْلِ الْفَاتِحَةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ لَا أَنَّهُ فَرْضٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ لَوْ عَجَزَ عَنْهَا سَقَطَ الْقِيَامُ وَقِيلَ إنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ مُسْتَقِلٌّ فَلَا يَسْقُطُ عَمَّنْ عَجَزَ عَنْ قِرَاءَتِهَا وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا فَلَوْ اسْتَنَدَ حَالَ قِرَاءَتِهَا لِعِمَادٍ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْعِمَادُ لَسَقَطَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ جَازَ لَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ بِجُلُوسِهِ حَالَ قِرَاءَتِهَا ثُمَّ قِيَامُهُ لِلرُّكُوعِ لِكَثِيرِ الْفِعْلِ لَا لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِمَامِ كَمَا قِيلَ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْجَالِسِ بِالْقَائِمِ (قَوْلُهُ: لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقِيَامِ أَيْ وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا فَلَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ عَلَى الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ لِبَعْضِهَا وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لِبَعْضِهَا فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ لِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَأْتِي بِهَا كُلِّهَا مِنْ جُلُوسٍ أَوْ يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَائِمًا وَيَجْلِسُ فِي غَيْرِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ) أَيْ فَبِسَبَبِ وُجُوبِهَا يَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ فَرَّطَ فِي التَّعَلُّمِ مَعَ إمْكَانِهِ قَضَى مِنْ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ مَا صَلَّاهُ فَذًّا فِي غَيْرِ الزَّمَانِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّمَ فِيهِ وَأَمَّا الزَّمَنُ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّمَ فِيهِ فَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ الْوَاقِعَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَوَجَدَ مُعَلِّمًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَ التَّعَلُّمِ (قَوْلُهُ: ائْتَمَّ وُجُوبًا بِمَنْ يُحْسِنُهَا) أَيْ لِأَنَّ قِرَاءَتَهَا وَاجِبَةٌ وَلَا يُتَوَصَّلُ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ إلَّا بِالِائْتِمَامَ بِمَنْ يُحْسِنُهَا (قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ إنْ تَرَكَهُ) أَيْ إنْ تَرَكَ الِائْتِمَامَ وَصَلَّى فَذًّا (قَوْلُهُ: أَيْ التَّعَلُّمُ وَالِائْتِمَامُ) عَدَمُ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ إمَّا لِعَدَمِ مُعَلِّمٍ أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ لِعَدَمِ قَبُولِهِ التَّعَلُّمَ لِبَلَادَةٍ وَعَدَمِ إمْكَانِ الِائْتِمَامِ لِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَصَلَّى مُنْفَرِدًا) أَيْ وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: فِي وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهَا مِمَّا تَيَسَّرَ مِنْ الذِّكْرِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْإِمَامِ سَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُ وُجُوبِهِ أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ التَّعَلُّمِ وَالِائْتِمَامِ وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا فَطَرَأَ عَلَيْهِ قَارِئٌ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ سَمِعَ مَنْ قَرَأَهَا فَعَلِقَتْ بِحِفْظِهِ مِنْ مُجَرَّدِ السَّمَاعِ لَمْ يَقْطَعْ وَيُتِمُّهَا كَعَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا

ص: 237

عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (فَصْلٌ) بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ وَهُوَ أَوْلَى (بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ)(وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) وَهُوَ الْأَرْجَحُ (أَوْ) فِي (الْجُلِّ) وَتُسَنُّ فِي الْأَقَلِّ لَكِنْ لَا كَحُكْمِ السُّنَنِ لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ تَرْكَهَا عَمْدًا مُبْطِلٌ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ شُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا (خِلَافٌ) مَحِلُّهُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ الْجِلِّ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ (وَإِنْ تَرَكَ) الْفَذُّ أَوْ الْإِمَامُ (آيَةً مِنْهَا) أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ تَرَكَهَا كُلَّهَا سَهْوًا وَلَمْ يُمْكِنْ التَّلَافِي بِأَنْ رَكَعَ (سَجَدَ) قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْكُلِّ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ فَإِنْ أَمْكَنَ التَّلَافِي تَلَافَاهَا فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ أَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ وَلَوْ تَرَكَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ أَوْ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ رَبَاعِيَةٍ سَهْوًا تَمَادَى وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَأَعَادَ أَبَدًا احْتِيَاطًا عَلَى الْأَشْهَرِ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهَا مِنْ الذِّكْرِ عَلَى مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهَا وَلَا الِائْتِمَامُ (قَوْلُهُ: فَصْلٌ بَيْنَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقِفَ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وُقُوفًا مَا سَاكِتًا فِيهِ أَوْ ذَاكِرًا فَاصِلًا بِهِ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ وَرَكَعَ أَجْزَأَهُ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ قَدْرَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مَعَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ بَيِّنًا لِأَنَّ الْوُقُوفَ لَمْ يَكُنْ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ ذَلِكَ صَارَ الْقِيَامُ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) أَيْ فَالْفَصْلُ مَنْدُوبٌ وَكَوْنُهُ يَذْكُرُ مَنْدُوبًا آخَرَ فَإِنْ حَفِظَ غَيْرَهَا مِنْ الْقُرْآنِ كَانَ الْفَصْلُ بِهِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْإِذْكَارِ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ تَجِبُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافٌ فِي وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهَا فَقِيلَ إنَّهَا لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِحَمْلِ الْإِمَامِ لَهَا وَهُوَ لَا يَحْمِلُ فَرْضًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ نَحْوَهُ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ عَنْهُ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي صَلَاةٍ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَقِيلَ إنَّهَا تَجِبُ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ مَا تَجِبُ فِيهِ مِنْ الرَّكَعَاتِ عَلَى أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ فَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْجُلِّ وَسُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي رَكْعَةٍ وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْبَاقِي وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي النِّصْفِ وَسُنَّةٍ فِي الْبَاقِي وَالْمُصَنِّفُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلَيْنِ لِتَشْهِيرِهِمَا لِأَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْإِرْشَادِ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ تَرْكَهَا عَمْدًا) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ وَقَوْلُهُ مُبْطِلٌ أَيْ لِلصَّلَاةِ لَا لِلرَّكْعَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْبُطْلَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْجُلِّ وَسُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ فَفِي عبق أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا عَمْدًا فَعَلَى وُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ قِيلَ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ تَرَكَ سُنَّةً شُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ لِلْعَمْدِ وَعَلَى وُجُوبِهَا بِكُلِّ رَكْعَةٍ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ قَطْعًا وَكَأَنَّ الشَّارِحَ نَزَّلَ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ (قَوْلُهُ: مَحِلُّهُ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ) أَيْ مَحِلُّهُ فِي الرَّبَاعِيَةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ وَأَمَّا الثُّنَائِيَّةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ وَسُنِّيَّتُهَا فِي الْأَقَلِّ وَيَتَأَتَّى فِيهَا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ) هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَيْ وَإِنْ تَرَكَ مِنْ الْفَاتِحَةِ آيَةً سَهْوًا وَلَمْ يُمْكِنْ تَلَافِيهَا بِأَنْ رَكَعَ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ تَرَكَ السُّجُودَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَأَمَّا إنْ أَمْكَنَهُ تَلَافِيهَا بِأَنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ تَلَافَاهَا فَإِنْ تَرَكَ التَّلَافِيَ مَعَ إمْكَانِهِ كَأَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ قَبِيلِ تَرْكِ الْآيَةِ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ أَوْ كُلِّهَا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ قَائِمًا فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ حَيْثُ فَاتَ التَّلَافِي وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا هَذَا إذَا كَانَتْ قِرَاءَتُهُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَهَا كُلَّهَا) أَيْ فِي رَكْعَةٍ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رَبَاعِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ التَّلَافِي) رَاجِعٌ لِتَرْكِ الْآيَةِ وَالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَلِتَرْكِهَا كُلِّهَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ سَهْوًا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: سَجَدَ قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَدَلَ رَكْعَةِ النَّقْصِ وَلَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ هَذَا ظَاهِرُهُ وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا سَهْوًا مِنْ الْأَقَلِّ كَرَكْعَةٍ مِنْ الرَّبَاعِيَةِ أَوْ الثُّلَاثِيَّةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَنَصُّهَا وَاخْتُلِفَ فِي السَّهْوِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ مِنْ غَيْرِ

ص: 238

(وَ) سَابِعُ الْفَرَائِضِ (رُكُوعٌ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ) تَثْنِيَةُ رَاحَةٍ وَهِيَ بَطْنُ الْكَفِّ وَالْجَمْعُ رَاحٌ بِغَيْرِ تَاءٍ (فِيهِ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ (مِنْ رُكْبَتَيْهِ) إنْ وَضَعَهُمَا أَوْ بِتَقْدِيرِ الْوَضْعِ إنْ لَمْ يَضَعْهُمَا فَإِنْ لَمْ تَقْرُبْ رَاحَتَاهُ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ رُكُوعًا وَإِنَّمَا هُوَ إيمَاءٌ وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ هِيَ الْقَدْرُ الْكَافِي فِي الْوُجُوبِ وَأَكْمَلَهُ أَنْ يُسَوِّيَ ظَهْرَهُ وَعُنُقَهُ فَلَا يُنَكِّسُ رَأْسَهُ وَلَا يَرْفَعُهُ (وَنُدِبَ)(تَمْكِينُهُمَا) أَيْ الرَّاحَتَيْنِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مُفَرِّقًا أَصَابِعَهُ (وَنَصْبُهُمَا) أَيْ رُكْبَتَيْهِ وَلَا يُبْرِزُهُمَا قَلِيلًا.

(وَ) ثَامِنُهَا (رَفْعٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ فَتَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِهِ.

(وَ) تَاسِعُهَا (سُجُودٌ عَلَى جَبْهَتِهِ) وَهِيَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الصُّبْحِ فَقِيلَ يُجْزِئُ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ وَقِيلَ يُلْغِيهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا وَهُوَ أَحْسَنُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا هُوَ الْمَشْهُورُ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ الرَّبَاعِيَةِ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْ الثُّنَائِيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ خِلَافًا لِمَا قَالَ إنَّهُ يُلْغِي مَا تَرَكَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَيَأْتِي بِبَدَلِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَيْضًا فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ الْجُلِّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُلْغِي مَا تَرَكَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَيَأْتِي بِبَدَلِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا فَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا مِنْ الْأَقَلِّ أَوْ مِنْ النِّصْفِ أَوْ مِنْ الْجُلِّ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ يَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُهَا نَدْبًا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ إذَا تَرَكَهَا مِنْ الْأَقَلِّ وَقَوْلٌ وَاحِدٌ إذَا تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ أَوْ الْجُلِّ وَالْإِعَادَةُ أَبَدِيَّةٌ كَمَا قَالَ طفى وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَإِنَّمَا أَعَادَ أَبَدًا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْكُلِّ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ بِوُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ وَمَا فَهِمَهُ تت وعج مِنْ أَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ قَالَ طفى فَهْمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَرُكُوعٌ) أَيْ انْحِنَاءُ ظَهْرٍ بِحَيْثُ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ إنْ وَضَعَهُمَا بِالْفِعْلِ عَلَى آخِرِ فَخِذَيْهِ أَوْ بِتَقْدِيرِ وَضْعِهِمَا عَلَى آخِرِ فَخِذَيْهِ إنْ لَمْ يَضَعْهُمَا بِالْفِعْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَقْدِيرِ الْوَضْعِ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ فِي الرُّكُوعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ سَنَدٌ وَأَبُو الْحَسَنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ مِنْهَا مِنْ الْوُجُوبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَقْرُبْ رَاحَتَاهُ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ رُكُوعًا إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مِقْدَارُ الْقُرْبِ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَمْ لَا وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ وَهُوَ مَا إذَا أَحْرَمَ الْمَسْبُوقُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَنْحَنِ إلَّا بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَكِنْ يَخِرُّ سَاجِدًا وَلَا يَرْفَعُ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ رَفَعَ مَعَهُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ وَلَا يُقَالُ هُوَ قَاضٍ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يُعَدُّ قَاضِيًا إذَا كَانَ مَا يَفْعَلُهُ يُعْتَدُّ بِهِ وَهَذِهِ الرَّكْعَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ قَالَهُ خش فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ) أَيْ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَهِيَ انْحِنَاءُ ظَهْرِهِ بِحَيْثُ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ إنْ وَضَعَهُمَا أَوْ بِتَقْدِيرِ الْوَضْعِ إنْ لَمْ يَضَعْهُمَا (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا) أَيْ فَوَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ ثَانٍ فَإِنْ قَصَرَتَا لَمْ يَزِدْ عَلَى تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ وَلَوْ قُطِعَتْ إحْدَاهُمَا وَضَعَ الْأُخْرَى عَلَى رُكْبَتِهَا كَمَا فِي الطِّرَازِ لَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مَعًا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: مُفَرِّقًا أَصَابِعَهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَحْصُلَ زِيَادَةُ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: وَنَصْبُهُمَا) أَيْ وَضْعُهُمَا مُعْتَدِلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ إبْرَازٍ لَهُمَا.

(قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ تَرْكُهُ سَهْوًا فَيَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا حَتَّى يَصِلَ لِحَالَةِ الرُّكُوعِ ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إلَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَسْجُدُ لِحَمْلِ الْإِمَامِ لِسَهْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مُحْدَوْدِبًا وَرَجَعَ قَائِمًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّ تَارِكَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ سَهْوًا يَرْجِعُ قَائِمًا لَا مُحْدَوْدِبًا كَتَارِكِ الرُّكُوعِ.

(قَوْلُهُ: وَسُجُودٌ إلَخْ) عَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مَسُّ الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ ثَابِتٍ بِالْجَبْهَةِ اهـ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا عَنْ نَحْوِ السَّرِيرِ الْمُعَلَّقِ وَبِقَوْلِهِ مِنْ ثَابِتٍ عَنْ الْفِرَاشِ الْمَنْفُوشِ جِدًّا وَدَخَلَ بِهِ السَّرِيرُ الْكَائِنُ مِنْ خَشَبٍ لَا مِنْ

ص: 239

مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبِينَ إلَى النَّاصِيَةِ أَيْ عَلَى أَيْسَرِ جُزْءٍ مِنْهَا وَنُدِبَ إلْصَاقُهَا بِالْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا كَسَرِيرٍ عَلَى أَبْلَغِ مَا يُمْكِنُهُ وَكُرِهَ شَدُّهَا بِالْأَرْضِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي جَبْهَتِهِ وَيُشْتَرَطُ اسْتِقْرَارُهَا عَلَى مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى تِبْنٍ أَوْ قُطْنٍ إلَّا إذَا انْدَكَّ لِارْتِفَاعِ الْعَجُزَةِ عَنْ الرَّأْسِ بَلْ يَنْدُبُ (وَأَعَادَ) الصَّلَاةَ (لِتَرْكِ) السُّجُودِ عَلَى (أَنْفِهِ بِوَقْتٍ) وَلَوْ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ سَهْوًا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا إعَادَةَ لِمُسْتَحَبٍّ (وَسُنَّ) السُّجُودُ (عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ) بِأَنْ يَجْعَلَ صَدْرَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ رَافِعًا عَقِبَيْهِ (وَ) عَلَى (رُكْبَتَيْهِ كَيَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فَإِنْ سَجَدَ وَظُهُورُ الْقَدَمَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ جَنْبُهُمَا أَوْ رَافِعًا رُكْبَتَيْهِ عَنْهَا أَوْ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مَثَلًا لَمْ تَبْطُلْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِوُجُوبِ ذَلِكَ وَهَلْ هُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ خَفِيفَةٌ وَهَلْ مَا ذُكِرَ سُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ فِي الْمَجْمُوعِ اُسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ فِيهِمَا فَيَتَرَتَّبُ السُّجُودُ إذَا تَكَرَّرَ تَرْكُ الْبَعْضِ لَا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَلَوْ تَرَكَ الْكُلَّ بِأَنْ سَجَدَ وَهُوَ رَافِعٌ رُكْبَتَيْهِ وَيَدَاهُ فَوْقُهُمَا وَجَمِيعُ الْقَدَمِ عَلَى الْأَرْضِ سَهْوًا سَجَدَ وَعَمْدًا جَرَى عَلَى الْخِلَافِ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ.

(وَ) عَاشِرُهَا (رَفْعٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السُّجُودِ وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ حَالَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَيْثُ اعْتَدَلَ.

(وَ) حَادِي عَشْرَتِهَا (جُلُوسٌ لِسَلَامٍ) أَيْ لِأَجْلِهٍ وَلَوْ قَالَ وَسَلَامٌ وَجُلُوسٌ لَهُ كَانَ أَوْضَحَ.

(وَ) ثَانِي عَشْرَتِهَا (سَلَامٌ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

شَرِيطٍ نَعَمْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ لِلْمَرِيضِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا وَلَوْ كَانَ أَعْلَى مِنْ سَطْحِ رُكْبَتَيْ الْمُصَلِّي وَذَلِكَ كَالْمِفْتَاحِ أَوْ السُّبْحَةِ وَلَوْ اتَّصَلَتْ بِهِ وَالْمِحْفَظَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ الْأَكْمَلُ خِلَافُهُ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِمَّا فِي عبق وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ: مُسْتَدِيرٌ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ) أَيْ فَلَوْ سَجَدَ عَلَى مَا فَوْقَ الْحَاجِبِ لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ: إلَى النَّاصِيَةِ) هُوَ شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى أَيْسَرِ) أَيْ عَلَى أَقَلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي السُّجُودِ إلْصَاقٌ فِي الْجَبْهَةِ بِتَمَامِهَا بِالْأَرْضِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ إلْصَاقُ أَقَلِّ جُزْءٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَبْلَغِ مَا يُمْكِنُهُ) أَيْ بِحَيْثُ تَسْتَقِرُّ مُنْبَسِطَةً. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي إلْصَاقُ جُزْءٍ مِنْهَا بِالْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا وَأَمَّا إلْصَاقُهَا عَلَى أَبْلَغِ مَا يُمْكِنُهُ بِحَيْثُ يُلْصِقُهَا كُلَّهَا فَهُوَ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: لَا ارْتِفَاعَ الْعَجَزَةِ) عَطْفٌ عَلَى اسْتِقْرَارِهَا أَيْ لَا يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُ الْعَجَزَةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَعَادَ الصَّلَاةَ لِتَرْكِ السُّجُودِ عَلَى أَنْفِهِ) أَيْ سَوَاءً كَانَ التَّرْكُ عَامِدًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: بِوَقْتٍ) أَيْ وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي غَيْرِهِمَا لِلطُّلُوعِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوَقْتٍ اخْتِيَارِيٍّ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ مِنْ رَبَاعِيَةٍ وَقَوْلُهُ: سَهْوًا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فَأَوْلَى إذَا كَانَ عَمْدًا (قَوْلُهُ: وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ) تَبِعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالسُّنَّةِ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَوْنُ السُّجُودِ عَلَيْهِمَا سُنَّةً لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْمَذْهَبِ غَايَتُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ قَالَ الَّذِي يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنَّ السُّجُودَ عَلَيْهِمَا وَاجِبٌ وَوَجْهُهُ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ» قَالَ الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ عَوَّلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَرُكْبَتَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَيَدَيْهِ (قَوْلُهُ: كَيَدَيْهِ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَمَّا الْيَدَانِ فَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَقَوْلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَتَخَرَّجُ فِي وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى الْيَدَيْنِ قَوْلَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا سَحْنُونٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْهُمَا عَنْ الْأَرْضِ فَعَلَى الْبُطْلَانِ يَكُونُ السُّجُودُ عَلَيْهِمَا وَاجِبًا وَعَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا وَقَدْ صَحَّحَ سَنَدٌ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ إشَارَةً لِتَصْحِيحِ سَنَدٍ وَقَالَ تت إنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِمَا قَبْلَهَا فَيَكُونُ إشَارَةً لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ فِيمَا قَبْلَهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِوُجُوبِ ذَلِكَ) أَيْ بِوُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى أَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ) أَيْ السُّجُودُ عَلَى الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: اسْتَظْهَرَ الْأَوَّلُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الِاسْتِفْهَامَيْنِ وَهَذَا إشَارَةٌ لِقَوْلِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّ السُّجُودَ عَلَى مَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ سُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَنَّهُ مِنْ السُّنَنِ الْغَيْرِ الْخَفِيَّةِ وَيَنْبَغِي عَدَمُ السُّجُودِ فِي تَرْكِ الْقَدَمَيْنِ أَوْ الرُّكْبَتَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ بَعْضُ سُنَّةٍ اهـ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إذَا تَكَرَّرَ تَرْكُ الْبَعْضِ) بِأَنْ تَكَرَّرَ تَرْكُ السُّجُودِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ أَوْ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى خِلَافٍ) أَيْ فِيمَنْ تَرَكَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَرَفْعٌ مِنْهُ) الْمَازِرِيُّ أَمَّا الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَوَاجِبٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّ السَّجْدَةَ وَإِنْ طَالَتْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ سَجْدَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَكُونَا اثْنَيْنِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا الِاتِّفَاقُ لَا يُعَارِضُ قَوْلَ ابْن عَرَفَة الْبَاجِيَّ فِي كَوْنِ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً خِلَافٌ اهـ لِمَا فِي تت مِنْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الِاعْتِدَالِ لَا فِي أَصْلِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ حَسَنٌ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَجُلُوسٌ لِسَلَامٍ) أَيْ لِأَجْلِ إيقَاعِ السَّلَامِ فَالْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ الْجُلُوسِ

ص: 240

عُرِّفَ بِأَلْ) لَا بِإِضَافَةٍ كَسَلَامِي أَوْ سَلَامُ اللَّهِ وَلَا بِالتَّنْكِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) بِالْعَرَبِيَّةِ وَتَأْخِيرُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهِ بَطَلَتْ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْبَعْضِ أَتَى بِهِ إنْ كَانَ يُعَدُّ سَلَامًا كَمَنْ يَقْلِبُ السِّينَ أَوْ الْكَافَ تَاءً مَثَلًا (وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ) مِنْ الصَّلَاةِ (بِهِ) أَيْ بِالسَّلَامِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا وَهُوَ الْأَرْجَحُ (خِلَافٌ وَأَجْزَأَ فِي تَسْلِيمِهِ الرَّدُّ) عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ عَلَى الْيَسَارِ (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْك السَّلَامُ) وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ أَجْزَأَ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُهُ كَالتَّحْلِيلِ.

(وَ) الثَّالِثَةَ عَشَرَ (طُمَأْنِينَةٌ) فِي جَمِيعِ الْأَرْكَانِ وَهِيَ اسْتِقْرَارُ الْأَعْضَاءِ زَمَنًا مَا.

(وَ) الرَّابِعَةَ عَشَرَ (تَرْتِيبُ أَدَاءِ) أَيْ الْمُؤَدَّى مِنْ فَرَائِضِهَا بِأَنْ يُقَدِّمَ النِّيَّةَ عَلَى التَّكْبِيرِ ثُمَّ هُوَ عَلَى الْقِرَاءَةِ ثُمَّ هِيَ عَلَى الرُّكُوعِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ.

(وَ) الْخَامِسَةَ عَشَرَ (اعْتِدَالٌ) بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُنْحَنِيًا فَإِنْ تَرَكَهُ وَلَوْ سَهْوًا بَطَلَتْ (عَلَى الْأَصَحِّ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الَّذِي يُوقَعُ فِيهِ السَّلَامُ فَرْضٌ وَمَا قَبْلَهُ سُنَّةٌ فَلَا يَلْزَمُ إيقَاعُ فَرْضٍ فِي سُنَّةٍ بَلْ فِي فَرْضٍ وَلَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَاعْتَدَلَ جَالِسًا وَسَلَّمَ كَانَ ذَلِكَ الْجُلُوسُ هُوَ الْوَاجِبَ وَفَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَلَوْ جَلَسَ ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ كَانَ آتِيًا بِالْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَلَوْ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ اسْتَقَلَّ قَائِمًا وَسَلَّمَ كَانَ آتِيًا بِالسُّنَّةِ تَارِكًا لِلْفَرْضِ.

(قَوْلُهُ: عُرِّفَ بِأَلْ) أَيْ وَفِي إجْزَاءِ أَمْ بَدَلَهَا فِي لُغَةِ حِمْيَرَ الَّذِينَ يُبْدِلُونَهَا بِهَا قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى غَيْرِهَا قَطْعًا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَا بِالتَّنْكِيرِ) أَيْ إنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَا نُوِّنَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَرَّفٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعَرَّفًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِالصِّحَّةِ وَقَالَ تت يَنْبَغِي إجْرَاؤُهُ عَلَى اللَّحْنِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) أَيْ فَلَوْ أَسْقَطَ الْمِيمَ مِنْ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ صِيغَةِ الْجَمْعِ سَوَاءً كَانَ الْمُصَلِّي إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا إذْ لَا يَخْلُو مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُصَاحِبِينَ لَهُ أَقَلُّهُمْ الْحَفَظَةُ وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا غَيْرُ سُنَّةٍ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الْحَدِيثُ لِأَنَّهَا لَمْ يَصْحَبْهَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَلْ ذَكَرَ فِي المج أَنَّ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَأَنَّ زِيَادَةَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ هُنَا خِلَافُ الْأَوْلَى وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ أَيْ لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا وَلَا يَكْفِيهِ الْخُرُوجُ بِالنِّيَّةِ وَلَا بِمُرَادِفِهَا مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِالنِّيَّةِ قَطْعًا وَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهَا بِالْعَجَمِيَّةِ فَذَكَرَ عج أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الصِّحَّةُ قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ بِالْعَجَمِيَّةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهِ) أَيْ مِنْ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا بَطَلَتْ حَيْثُ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَأَوْلَى لَوْ قَصَدَ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُنَافِيَاتِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَالَ الْبَاجِيَّ وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَجْزَأَتْهُ قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ وَهَذَا مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى، أَمَّا نَقْلًا فَلِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا هُوَ فِي جَمَاعَةٍ صَلَّوْا خَلْفَ إمَامٍ فَأَحْدَثَ إمَامُهُمْ فَسَلَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ تُجْزِيهِمْ صَلَاتُهُمْ أَيْ تُجْزِيهِمْ الْمَأْمُومِينَ فَقَطْ. وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْأُمَّةَ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى لَفْظَ السَّلَامِ بِعَيْنِهِ كَمَالِكٍ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَاهُ، وَلَكِنْ شَرَطَ أَنْ يَنْوِيَ بِكُلٍّ مُنَافٍ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ أَمَّا مَا حَكَاهُ الْبَاجِيَّ مِنْ إطْلَاقِ كَلَامِهِ فَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأُمَّةُ وَقَبِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ زَرْقُونٍ وَهَذَا وَقَدْ يَرِدُ الثَّانِي بِأَنَّ سَبْقِيَّةَ الْخِلَافِ لَا تَمْنَعُ مِنْ نَقْلِ قَوْلٍ ثَالِثٍ أَوْ اخْتِيَارِهِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ بِهِ خِلَافٌ) أَيْ إنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ نِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِالسَّلَامِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَيَّزَ عَنْ جِنْسِهِ كَافْتِقَارِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إلَيْهَا لِتَمَيُّزِهَا عَنْ غَيْرِهَا فَلَوْ سَلَّمَ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ لَمْ يُجْزِهِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ فَقَطْ لِانْسِحَابِ النِّيَّةِ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُبْحَثُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى نِيَّةٌ مُدْخِلَةٌ وَلَا يُنَاسِبُ السَّلَامَ الَّذِي بِهِ الْخُرُوجُ إلَّا نِيَّةٌ مُخْرِجَةٌ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ كَالتَّحْلِيلِ) أَيْ مُعَرَّفًا بِأَلْ مَعَ تَقْدِيمِ لَفْظِ السَّلَامِ عَلَى عَلَيْكُمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ.

(قَوْلُهُ: وَطُمَأْنِينَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِفَرْضِيَّتِهَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلِذَا قَالَ زَرُّوقٌ كَمَا فِي بْن مَنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنَّهَا فَضِيلَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُؤَدَّى مِنْ فَرَائِضِهَا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ تَرْتِيبُ الْفَرَائِضِ فِي أَنْفُسِهَا وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَمْ تَبْطُلْ وَيُطَالَبُ بِإِعَادَةِ السُّورَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي لُزُومِ السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ فَاتَ التَّلَافِي كَانَ كَإِسْقَاطِ السُّورَةِ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ)

ص: 241