الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ) فِي صَوْمِهِ لِظَنٍّ أَوْ تَخْيِيرٍ فَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ يُجْزِيهِ فِي الْبَقَاءِ عَلَى الشَّكِّ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَنْكَشِفَ خِلَافُهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَفِي) الْإِجْزَاءِ عِنْدَ (مُصَادَفَتِهِ) فِي صَوْمِهِ تَخْيِيرًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَدَمُهُ (تَرَدُّدٌ) فَإِنْ صَادَفَهُ فِي صَوْمِهِ ظَنًّا فَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ
(وَصِحَّتُهُ) أَيْ
شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ
(مُطْلَقًا) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (بِنِيَّةٍ) أَيْ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَلَوْ لَمْ يُلَاحَظْ التَّقَرُّبُ لِلَّهِ (مُبَيَّتَةٍ) بِأَنْ تَقَعَ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ مِنْ الْغُرُوبِ إلَى الْفَجْرِ وَلَا يَضُرُّ مَا حَدَثَ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ نَوْمٍ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ فَيُبْطِلَانِهَا إنْ اسْتَمَرَّ لِلْفَجْرِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا سَيَأْتِي وَلَمَّا كَانَ اشْتِرَاطُ التَّبْيِيتِ مُشْعِرًا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا قَارَنَتْ الْفَجْرَ كَمَا قِيلَ بِهِ دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ مَعَ الْفَجْرِ) إنْ أَمْكَنَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَلَا قَضَاءَ عَنْ رَمَضَانَ الثَّانِي لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَاءِ الْجَمِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ حَيْثُ قَالَ بِإِجْزَاءِ مَا صَامَهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي قَبْلَ رَمَضَانَ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ لَا تَكْفِي عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَكْفِي عَنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ) أَيْ الْتِبَاسِهِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِهِ شَهْرًا فَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ قَبْلَهُ وَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ إلَّا بِيَقِينٍ وَيُجْزِئُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَنْكَشِفَ خِلَافُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ وَلَا حَدَثَ لَهُ أَمْرٌ يُشَكِّكُهُ سِوَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ صَوْمُهُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ مَا صَامَهُ رَمَضَانَ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَهُ قَضَاءً (قَوْلُهُ وَفِي الْإِجْزَاءِ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَنَسَبَهُ فِي النَّوَادِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُهُ) أَيْ، وَهُوَ مَا نَسَبَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجَّهَهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَعْدَهُ يُجْزِئُ أَنَّ مَا صَادَفَ مِنْ الْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَيُغْتَفَرُ فِي الْقَضَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ بَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي الْبَيَانِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَادَفَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُجْزِئُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَنُقِلَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْإِجْزَاءُ إذَا صَادَفَهُ وَكَذَلِكَ صَدَّرَ صَاحِبُ الْإِشْرَاقِ بِذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ قَالَ بْن وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِجْزَاءِ لَكَانَ أَوْلَى لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ فَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ اخْتَارَ شَهْرًا وَصَامَهُ وَالْحَقُّ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الظَّانِّ أَيْضًا، وَإِنْ جَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالْإِجْزَاءِ فِيهِمَا وَكَلَامُ الْبَيَانِ يُفِيدُ أَنَّ الظَّانَّ مِثْلُ الشَّاكِّ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُتَخَيِّرِ وَالظَّانِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا
[شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ]
(قَوْلُهُ أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ جَعْلِ النِّيَّةِ شَرْطًا أَظْهَرُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ جَعْلِهَا رُكْنًا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْقَصْدُ إلَى الشَّيْءِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَصْدَ لِلشَّيْءِ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الشَّيْءِ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رُكْنًا لَكَانَ التَّلَبُّسُ بِهَا مَشْرُوعًا فَكَانَتْ تَجِبُ الْعِبَادَةُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ وَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فَهُوَ تَسَمُّحٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يُلَاحِظْ إلَخْ إلَى أَنَّ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ نِيَّةِ الصَّوْمِ الْفِعْلُ لَا نِيَّةُ الْقُرْبَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْصِدَ صَوْمَ غَدٍ جَازِمًا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ نَفْلٌ أَوْ قَضَاءٌ أَوْ عَنْ النَّذْرِ فَإِنْ جَزَمَ بِالصَّوْمِ وَلَمْ يَدْرِ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ نَوَى التَّطَوُّعَ أَوْ النَّذْرَ أَوْ الْقَضَاءَ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا، وَإِنْ دَار شَكُّهُ بَيْنَ الْآخَرِينَ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَوَجَبَ إتْمَامُهُ لِانْعِقَادِهِ نَفْلًا فِيمَا يَظْهَرُ اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ مِنْ الْغُرُوبِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلَّيْلِ فَلَا تَكْفِي قَبْلَ الْغُرُوبِ عِنْدَ الْكَافَّةِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ هِيَ الْقَصْدُ وَقَصْدُ صَوْمِ الْجُزْءِ الْمَاضِي مِنْ الْيَوْمِ مُحَالٌ.
(قَوْلُهُ فَيُبْطِلَانِهَا إنْ اسْتَمَرَّا لِلْفَجْرِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ يُبْطِلَانِ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا لَكِنْ إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّا لِلْفَجْرِ أُعِيدَتْ قَبْلَهُ وإلَّا لَمْ تَصِحَّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ الْفَجْرِ) الْمُرَادُ بِوُقُوعِهَا مُصَاحِبَةً لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وُقُوعُهَا فِي الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ الَّذِي يَعْقُبُهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَكَفَتْ النِّيَّةُ الْمُصَاحِبَةُ لِلْفَجْرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّيَّةِ الْمُقَارَنَةُ لِلْمَنْوِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي النِّيَّةِ هُنَا الْمُقَارَنَةُ لِلْفَجْرِ بَلْ يَجُوزُ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهِ إذَا أَتَى بِهَا لَيْلًا وَالْمُضِرُّ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالْحَجِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُقَارَنَةِ أَوْ التَّقَدُّمِ الْيَسِيرِ عَلَى مَا مَرَّ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كِفَايَةِ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْفَجْرِ هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ النِّيَّةَ تَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَنْوِيِّ؛ لِأَنَّهَا قَصْدٌ إلَيْهِ وَالْقَصْدُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَقْصُودِ وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ مَنْوِيٍّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ جَعْلِيَّةٌ وَقَدْ اكْتَفَى الشَّارِعُ بِالْمُقَارَنَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ رُكْنٌ مِنْهَا وَالنِّيَّةَ مُقَارِنَةٌ لَهَا مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بَلْ كَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ
فَلَا تَكْفِي قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ (وَكَفَتْ نِيَّةٌ) وَاحِدَةٌ (لِمَا) أَيْ لِصَوْمٍ (يَجِبُ تَتَابُعُهُ) كَرَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ وَكَالنَّذْرِ الْمُتَتَابِعِ كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبُ التَّتَابُعِ كَالْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ حَيْثُ ارْتِبَاطُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَعَدَمُ جَوَازِ التَّفْرِيقِ فَكَفَتْ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا كَالصَّلَاةِ (لَا) صَوْمٍ (مَسْرُودٍ) أَيْ مُتَتَابِعٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِبَ التَّتَابُعُ شَرْعًا كَأَيَّامٍ اخْتَارَ صِيَامَهَا مَسْرُودَةً (وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ) كَكُلِّ خَمِيسٍ وَلَوْ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ وَكُلِّ خَمِيسٍ وَلَوْ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ وَكُلِّ مَا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَصِيَامِ رَمَضَانَ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ كَمَا يَأْتِي فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ لِكُلِّ لَيْلَةٍ (وَرُوِيَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى الِاكْتِفَاءِ) بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْرُودِ وَالْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ بَلْ قَالَ الْحَطَّابُ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ رَوَاهَا بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِمَا وَأَخْرَجَ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ يَجِبُ تَتَابُعُهُ تَقْدِيرُهُ إنْ اسْتَمَرَّ أَيْ التَّتَابُعُ.
قَوْلُهُ (لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) أَيْ وُجُوبُهُ (بِكَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ) فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ الْأُولَى وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مُفْسِدَ الصَّوْمِ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ
(وَ) صِحَّتَهُ (بِنَقَاءٍ) مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَأَفَادَ أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ أَيْضًا بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ) الصَّوْمُ (إنْ طَهُرَتْ) أَيْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ مِنْ قِصَّةٍ أَوْ جُفُوفٍ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الْقِصَّةِ (قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِنْ لَحْظَةً) بَلْ إنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ مُقَارِنَةً لِلْفَجْرِ وَنَوَتْ حِينَئِذٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالْقَرَافِيُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقَارَنَةَ لِلْفَجْرِ هِيَ الْأَصْلُ لَكِنْ لِلْمَشَقَّةِ لَمْ تُشْتَرَطْ اهـ بْن وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلْفَجْرِ وَأَوْلَوِيَّةِ تَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا تَكْفِي قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ) أَيْ فَإِنْ أَتَى بِهَا نَهَارًا بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَا يُجْزِئُ وَلَوْ فِي عَاشُورَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ مِنْ إجْزَاءِ النِّيَّةِ نَهَارًا فِي عَاشُورَاءَ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وبن وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَصِحُّ نِيَّةُ النَّافِلَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ تَصِحُّ نِيَّةُ النَّافِلَةِ فِي النَّهَارِ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ «إنِّي إذَنْ صَائِمٌ» بَعْدَ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ» وَلِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْغَدَاءَ مَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَلَنَا عُمُومُ حَدِيثِ أَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعِ «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ فَلَا صِيَامَ لَهُ» وَالْأَصْلُ تَسَاوِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ يَجِبُ تَتَابُعُهُ) صِفَةٌ أَوْ صِلَةٌ لِمَا وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ مِنْ الصَّوْمِ كَقَضَاءِ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ أَفْطَرَ فِيهَا لِعُذْرٍ وَصِيَامِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فَلَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ (قَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَفَتْ نِيَّةٌ إلَخْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بُدَّ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ الْمُتَتَابِعِ مِنْ النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ كَالْعِبَادَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ فَسَادِ مَا مَضَى مِنْهُ بِفَسَادِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْطُلُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَتَوَقَّفُ أَوَّلُهَا عَلَى آخِرِهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ كَالصَّلَاةِ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ لَا فِي النَّفْيِ (قَوْلُهُ لَا مَسْرُودٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ شَرْطَ الْعَطْفِ بِلَا أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفِيهَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا يُقَالُ جَاءَ زَيْدٌ لَا رَجُلٌ وَلَا جَاءَ رَجُلٌ لَا زَيْدٌ وَالْمَسْرُودُ مَعْنَاهُ الْمُتَتَابِعُ، وَهُوَ صَادَقَ بِوَاجِبِ التَّتَابُعِ وَغَيْرِ وَاجِبِهِ فَقَدْ صَدَقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفِيهَا عَلَى الْآخَرِ وَأَجَابَ شَارِحُنَا بِأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ الصِّفَةِ أَيْ لَا مَسْرُودٍ غَيْرِ وَاجِبِ التَّتَابُعِ فَصَحَّ الْعَطْفُ (قَوْلُهُ كَأَيَّامٍ اخْتَارَ صِيَامَهَا مَسْرُودَةً) أَيْ كَمَا إذَا نَوَى صَوْمَ رَجَبٍ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَلَا يَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ أَوْ بِالنِّيَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمَنْوِيِّ وَأَقَرَّهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِسَفَرٍ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْمَسْرُودِ وَالْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) أَيْ لِمُشَابَهَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِرَمَضَانَ أَمَّا الْمَسْرُودُ فَلِأَنَّهُ بِالتَّتَابُعِ يَحْصُلُ لَهُ الشَّبَهُ بِرَمَضَانَ فِي مُطْلَقِ التَّتَابُعِ وَأَمَّا الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ فَلِوُجُوبِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَتَعَيُّنِ زَمَانِهِ أَشْبَهَ رَمَضَانَ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا) أَيْ هَذَا إذَا أَفْطَرَ لِلْمَرَضِ وَالسَّفَرِ بَلْ وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ أَوْ الْمُسَافِرَ إذَا اسْتَمَرَّ صَائِمًا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ بَقِيَ مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ عَامِدًا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أَوْ لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ ح كَمَا أَنَّ مَنْ بَيَّتَ الْفِطْرَ وَلَوْ نَاسِيًا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهَا لَا إنْ أَفْطَرَ نَهَارًا نَاسِيًا فَلَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ وَمَنْ أَفْطَرَ مُكْرَهًا فَحُكْمُهُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ حُكْمُ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا وَعِنْدَ ابْنِ يُونُسَ حُكْمُ مَنْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ زَالَ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ الْأُولَى لِمَا بَقِيَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهَا نَعَمْ يَكْتَفِي بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لِجَمِيعِ مَا بَقِيَ
(قَوْلُهُ وَبِنَقَاءٍ) جَعَلَهُ شَرْطًا فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَدَمُ مَانِعٍ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا مَا يَتَسَاهَلُونَ فَيُطْلِقُونَ عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ شَرْطًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الْقِصَّةِ) أَيْ فَمُعْتَادَةُ الْقِصَّةِ لَا تَنْتَظِرُهَا هُنَا بَلْ مَتَى رَأَتْ أَيَّ عَلَامَةٍ كَانَتْ جُفُوفًا أَوْ قِصَّةً وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ
صَحَّ صَوْمُهَا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ (وَ) وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ (مَعَ الْقَضَاءِ) لَهُ أَيْضًا (إنْ شَكَّتْ) هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ
(وَ) صِحَّتُهُ (بِعَقْلٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا فَالْعَقْلُ شَرْطٌ فِيهِمَا وَلَمَّا كَانَ فِي قَضَائِهِمَا تَفْصِيلٌ أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ جُنَّ) وَالْأُولَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ يَوْمًا وَأَيَّامًا أَوْ سَنَةً أَوْ سِنِينَ قَلِيلَةً بَلْ (وَلَوْ) جُنَّ (سِنِينَ كَثِيرَةً) فَالْقَضَاءُ أَيْ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَقْلَ شَرْطُ وُجُوبٍ كَالصِّحَّةِ (أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا) مِنْ فَجْرِهِ لِغُرُوبِهِ (أَوْ جُلَّهُ) وَلَوْ سَلِمَ أَوَّلَهُ (أَوْ أَقَلَّهُ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا دُونَ الْجُلِّ فَيَصْدُقُ بِالنِّصْفِ (وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ) بَلْ كَانَ وَقْتَ النِّيَّةِ مُغْمًى عَلَيْهِ (فَالْقَضَاءُ) وَاجِبٌ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَحْوَالِ بَلْ هِيَ فِي التَّحْقِيقِ خَمْسَةٌ (لَا إنْ سَلِمَ) مِنْ الْإِغْمَاءِ أَوَّلَهُ بِأَنْ كَانَ وَقْتَ النِّيَّةِ سَالِمًا وَلَوْ كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ قَبْلَهَا (وَلَوْ) أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ (نِصْفَهُ) أَيْ الْيَوْمِ فَلَا قَضَاءَ فِي الْحَالَتَيْنِ حَيْثُ سَلِمَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِمِقْدَارِ إيقَاعِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْهَا عَلَى الرَّاجِحِ حَيْثُ تَقَدَّمَتْ لَهُ النِّيَّةُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَلَوْ بِانْدِرَاجِهَا فِي نِيَّةِ الشَّهْرِ وَالْجُنُونُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ فِيهِ تَفْصِيلُ الْإِغْمَاءِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَلَا قَضَاءَ عَلَى نَائِمٍ وَلَوْ نَامَ كُلَّ الشَّهْرِ أَنْ يُبَيِّتَ النِّيَّةَ أَوَّلَهُ وَالسُّكْرُ كَالْإِغْمَاءِ وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ بِحَلَالٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ بِالْإِيقَاظِ فَلَا يَلْحَقُ بِالنَّوْمِ خِلَافًا بِالنَّوْمِ لِمَنْ قَيَّدَهُ بِالْحَرَامِ وَجَعَلَ الْحَلَالَ كَالنَّوْمِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ صَحَّ صَوْمُهَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ) أَيْ مِنْ صِحَّةِ الصَّوْمِ بِالنِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْفَجْرِ.
(قَوْلُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ مَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا شَكَّتْ بَعْدَ الْفَجْرِ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِمْسَاكُ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا قَبْلَهُ وَالْقَضَاءُ لِاحْتِمَالِهِ بَعْدَهُ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ تُمْسِكْ وَلَيْسَ كَيَوْمِ الشَّكِّ لِظُهُورِ التَّحْقِيقِ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِفِعْلِ مَا شَكَّتْ فِي وَقْتِهِ هَلْ كَانَ الطُّهْرُ فِيهِ أَمْ لَا فَإِذَا شَكَّتْ بَعْدَ الْفَجْرِ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِشَاءُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَيْضَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالشَّكُّ فِيهِ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلِمَ وَجَبَ الْأَدَاءُ فِي الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ سُلْطَانَ الصَّلَاةِ قَدْ ذَهَبَ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا فَلِذَا لَمْ تُؤَدَّ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْرِقُ النَّهَارَ فَلِلزَّمَنِ فِيهِ حُرْمَةٌ فَوَجَبَ عَلَيْهَا الْإِمْسَاكُ كَمَنْ شَكَّ هَلْ كَانَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ شَكَّتْ) أَرَادَ بِالشَّكِّ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ أَوْ مَا قَابَلَ الْجَزْمَ
(قَوْلُهُ، وَإِنْ جُنَّ وَلَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً فَالْقَضَاءُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ طَارِئًا بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُدَّ بِلَوْ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَالْمَدَنِيِّينَ إنْ قَلَّتْ السُّنُونَ كَالْخَمْسَةِ وَنَحْوِهَا فَالْقَضَاءُ، وَإِنْ كَثُرَتْ كَالْعَشَرَةِ فَلَا قَضَاءَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ) فِيهِ أَنَّ الْقَضَاءَ إذَا كَانَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: بَعْدُ لَمْ يَكُنْ مُرَتَّبًا عَلَى شَرْطِ الْعَقْلِ فَالْمُنَاسِبُ إنَّمَا هُوَ الْوَاوُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ فَرْعٌ عَنْ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْأَدَاءِ بِالشَّخْصِ لَنَا أَنَّ الْجُنُونَ مَرَضٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فَالْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ بِدَلِيلِ الْآيَةِ (قَوْلُهُ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا إلَخْ) الْأَوْلَى إبْدَالُ يَوْمٍ بِيَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ يَوْمًا يَقْتَضِي أَنَّ جُنُونَ الْيَوْمِ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْإِغْمَاءِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ جَرَيَانُهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ كَثِيرَةً) إنَّمَا أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّ سِنِينَ جَمْعُ قِلَّةٍ يَصْدُقُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى أُغْمِيَ عَلَيْهِ كُلَّ الْيَوْمِ مِنْ الْفَجْرِ لِلْغُرُوبِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُلَّ الْيَوْمِ سَوَاءٌ سَلِمَ أَوَّلَهُ، وَهُوَ وَقْتُ النِّيَّةِ أَوْ لَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فِيهِمَا فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَاسْتَمَرَّ بَعْدَهُ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَ الْيَوْمِ أَوْ أَقَلَّهُ وَسَلِمَ أَوَّلَهُ فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا فَالصُّوَرُ سَبْعَةٌ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي خَمْسَةٍ وَعَدَمُهُ فِي اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) تَفْسِيرُهُ الْأَقَلُّ بِهَذَا بَعِيدٌ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ إنَّهُ لَوْ كَانَ كَنِصْفِهِ أَوْ أَقَلِّهِ وَلَمْ يَسْلَمْ إلَخْ لِيُبَيِّنَ أَنَّ النِّصْفَ كَالْأَقَلِّ وَأَنَّ الْقَيْدَ خَاصٌّ بِهِمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ) أَيْ حَالَةِ الْأَقَلِّ الْحَقِيقِيِّ وَحَالَةِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْهَا عَلَى الرَّاجِحِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إنْ حَدَّدَ النِّيَّةَ فِي وَقْتِهَا فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ يُبْطِلَانِ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ إلَخْ اهـ بْن (قَوْلُهُ فِيهِ تَفْصِيلُ الْإِغْمَاءِ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّفْصِيلَ فِي الْجُنُونِ فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَالْيَوْمِ وَعَكَسَ فِي الْإِغْمَاءِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَثِيرِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عِلَل التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْإِغْمَاءِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا تَصِحُّ لَهُ نِيَّةٌ وَالنَّائِمُ مُكَلَّفٌ لَوْ نُبِّهَ تَنَبَّهَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّكْرَ مِثْلُ الْإِغْمَاءِ مُطْلَقًا وَأَنَّ الْغِيبَةَ فِي حُبِّ اللَّهِ مِثْلُهُ مُطْلَقًا أَيْضًا وَهَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ الْعَلَّامَةُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ
(وَ) صِحَّتُهُ (بِتَرْكِ جِمَاعٍ) أَيْ تَغْيِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ أَوْ قَدْرِهَا فِي فَرْجِ مُطِيقٍ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ (وَ) تَرْكِ (إخْرَاجِ مَنِيٍّ) يَقِظَةً بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ (وَ) تَرْكِ إخْرَاجِ (مَذْيٍ) كَذَلِكَ لَا بِلَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ مُجَرَّدِ إنْعَاظٍ
(وَ) بِتَرْكِ إخْرَاجِ (قَيْءٍ) فَإِنْ اسْتَدْعَاهُ فَالْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ مَا لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ غَلَبَةً، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ قَهْرًا فَلَا قَضَاءَ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ مِنْهُ شَيْءٌ فَالْقَضَاءُ فَقَطْ مَا لَمْ يَخْتَرْ فِي إرْجَاعِهِ فَالْكَفَّارَةُ أَيْضًا (وَ) صِحَّتُهُ بِتَرْكِ (إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ) أَيْ مَائِعٍ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ أَوْ سَافِلٍ وَالْمُرَادُ الْوُصُولُ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِنْ طَعَامٍ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ ابْتَلَعَهُ عَمْدًا (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ كَدِرْهَمٍ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَقَطْ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وبن خِلَافًا لعبق وخش تَبَعًا لِاسْتِظْهَارِ شَيْخِهِمَا عج مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَجَعَلَا السُّكْرَ الْحَرَامَ كَالْإِغْمَاءِ فِي تَفْصِيلِهِ وَجَعَلَا الْحَلَالَ كَالنَّوْمِ؛ لِأَنَّ الْحَرَامَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَلَالِ فِيهِ وَأَنَّ السَّكْرَانَ بِحَلَالٍ لَوْ نُبِّهَ مَا تَنَبَّهَ بِخِلَافِ النَّائِمِ وَقَدْ جَعَلُوا السُّكْرَ بِحَلَالٍ فِي الْوُضُوءِ كَالْإِغْمَاءِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ مَا ذَكَرَهُ
(قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ جِمَاعٍ) قَالَ ح الْأَحْسَنُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنْ يَعُدَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ إذْ لَمْ يَبْقَ لِلشُّرُوطِ مَحَلٌّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالشَّرْطِ وَمَا لَا تَصِحُّ الْمَاهِيَّةُ بِدُونِهِ دَاخِلًا كَانَ أَوْ خَارِجًا (قَوْلُهُ فِي فَرْجِ مُطِيقٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْفَرْجُ قُبُلًا أَوْ دُبُرًا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُطِيقُ الْمُغَيَّبُ فِيهِ مُسْتَيْقِظًا أَوْ نَائِمًا سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا كَانَ آدَمِيًّا أَوْ بَهِيمَةً فَلَوْ غَيَّبَهَا بَالِغٌ فِي فَرْجِ غَيْرِ مُطِيقٍ أَوْ غَيَّبَهَا غَيْرُ بَالِغٍ فِي فَرْجِ مُطِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَلَا صَوْمُ مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ حَيْثُ لَمْ تُمْنِ وَلَمْ تُمْذِ قَالَ شَيْخُنَا: اُنْظُرْ لَوْ جَامَعَ لَيْلًا وَنَزَلَ مَنِيُّهُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا ثُمَّ هَبَطَ الْكُحْلُ لِحَلْقِهِ نَهَارًا هَلْ مِثْلُهُ إذَا احْتَلَمَ وَخَرَجَ مَنِيُّهُ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ وَتَرَكَ إخْرَاجَ مَنِيِّ يَقَظَةٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ) أَيْ فَإِنْ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ فَسَدَ الصَّوْمُ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ يَقَظَةٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ عَنْ الِاحْتِلَامِ وَالْمَنِيِّ الْمُسْتَنْكَحِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُمَا (قَوْلُهُ وَمَذْيٍ كَذَلِكَ) أَيْ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ فَإِذَا أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ فَسَدَ الصَّوْمُ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ لَا بِلَا لَذَّةٍ) أَيْ لَا إنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلًا أَوْ خَرَجَ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ مُجَرَّدِ إلَخْ أَيْ أَوْ حَصَلَ مُجَرَّدُ إنْعَاظٍ فَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَلَوْ نَشَأَ عَنْ مُقَدِّمَاتٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهَذَا رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْقَضَاءِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ رِوَايَةَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَعَلَى رِوَايَتِهِ فِي غَيْرِهَا عَنْ الْإِمَامِ قَالَ بْن وَهَذَا الَّذِي تَقَرَّرَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْقَضَاءِ فِي الْإِنْعَاظِ هُوَ الْأَشْهَرُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقَضَاءِ وَالْإِنْعَاظِ النَّاشِئِ عَنْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ فَإِنْ نَشَأَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ فَقَالَ ح الظَّاهِرُ فِيهِ عَدَمُ الْقَضَاءِ اتِّفَاقًا وَلَوْ اُسْتُدِيمَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ وَابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِمَا وَأَطْلَقَ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ الْخِلَافَ اهـ بْن
(قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَدْعَاهُ) أَيْ دَعَاهُ أَيْ طَلَبَ خُرُوجَهُ أَيْ وَخَرَجَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ غَلَبَةً) أَيْ وَإِلَّا فَالْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ مِنْهُ شَيْءٌ) أَيْ غَلَبَةً (قَوْلُهُ أَيْ مَائِعٍ) وَلَوْ فِي الْمَعِدَةِ فَإِنْ وَصَلَ الْمَائِعُ لِلْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ أَوْ سَافِلٍ فَسَدَ الصَّوْمُ، وَوَجَبَ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ) أَيْ ابْتِلَاعُهُ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ ابْتَلَعَهُ عَمْدًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ ابْتِلَاعَ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ لَا يُفَطِّرُهُ وَلَوْ ابْتَلَعَهُ عَمْدًا شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَذُبَابٌ وَقَدْ اسْتَبْعَدَ ابْنُ رُشْدٍ نَفْيَ الْقَضَاءِ فِي الْعَمْدِ وَالْمُدَوَّنَةُ لَمْ تُصَرِّحْ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِي الْعَمْدِ لَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ كَدِرْهَمٍ) أَيْ أَوْ حَصَاةٍ فَإِذَا وَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَعِدَةِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَسَدَ الصَّوْمُ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ وُصُولُهُ لَهَا مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَقَطْ) أَيْ لَا مِنْ سَافِلٍ عَنْ الْمَعِدَةِ كَدُبُرٍ وَفَرْجِ امْرَأَةٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ إنْ كَانَ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَهُوَ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ سَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا أَوْ غَيْرَ مَائِعٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَنْفَذٍ سَافِلٍ فَلَا يَفْسُدُ إلَّا إذَا كَانَ مَائِعًا إلَّا إنْ كَانَ جَامِدًا فَوُصُولُ الْمَائِعِ لِلْمَعِدَةِ مُفْسِدٌ مُطْلَقًا كَانَ الْمَنْفَذُ عَالِيًا أَوْ سَافِلًا وَوُصُولُ الْجَامِدِ لَهَا لَا يُفْسِدُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَنْفَذُ عَالِيًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) هَذَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ كَغَيْرِهِ بِالْكَافِ كَانَ أَوْفَقَ بِعَادَتِهِ وَنَصُّ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ فَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطَةِ إلَى أَنَّ لِلْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ حُكْمَ الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ فِي السَّهْوِ الْقَضَاءُ وَفِي الْعَمْدِ
(لِمَعِدَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِيصَالٍ، وَهِيَ مِنْ الْآدَمِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْحَوْصَلَةِ لِلطَّيْرِ وَالْكِرْشِ لِلْبَهِيمَةِ (بِحُقْنَةٍ بِمَائِعٍ) أَيْ تَرْكِ إيصَالِ مَا ذَكَرَ لِمَعِدَةٍ بِسَبَبِ حُقْنَةٍ مِنْ مَائِعٍ فِي دُبُرِ أَوْ قُبُلِ امْرَأَةٍ لَا إحْلِيلٍ وَاحْتُرِزَ بِالْمَائِعِ عَنْ الْحُقْنَةِ بِالْجَامِدِ فَلَا قَضَاءَ وَلَا فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ وَقَوْلُهُ (أَوْ حَلْقٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعِدَةٍ أَيْ تَرْكِ وُصُولِ الْمُتَحَلِّلِ أَوْ غَيْرِهِ لِحَلْقٍ وَلَمَّا قَيَّدَ الْحُقْنَةَ بِالْمَائِعِ عُلِمَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُتَحَلِّلِ وَلَمَّا أَطْلَقَ فِي الْحَلْقِ عُلِمَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمُتَحَلِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرُدَّ غَيْرَ الْمُتَحَلِّلِ فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ وُصُولِهِ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّ وُصُولَ شَيْءٍ لِلْمَعِدَةِ مِنْ الْحَلْقِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ مَنْفَذٍ أَسْفَلَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَائِعًا أَوْ لِلْحَلْقِ كَذَلِكَ مُفْطِرٌ هَذَا إذَا كَانَ الْوَاصِلُ لِلْحَلْقِ مِنْ الْمَائِعِ مِنْ الْفَمِ بَلْ (وَإِنْ) وَصَلَ لَهُ (مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ) كَالْكُحْلِ نَهَارًا فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِذِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَأَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا وَهَبَطَ لِلْحَلْقِ نَهَارًا أَوْ وَضَعَ دَوَاءً أَوْ دُهْنًا فِي أَنْفِهِ أَوْ أُذُنِهِ لَيْلًا فَهَبَطَ نَهَارًا وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ مَا يَصِلُ نَهَارًا لِلْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَنَافِذِ لَا شَيْءَ فِيهِ فَمَنْ دَهَنَ رَأْسَهُ نَهَارًا وَوَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ وَضَعَ حِنَّاءَ فِي رَأْسِهِ نَهَارًا فَاسْتَطْعَمَهَا فِي حَلْقِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَنْ حَكَّ رِجْلَهُ بِحَنْظَلٍ فَوَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى ثَلْجٍ فَوَجَدَ الْبُرُودَةَ فِي حَلْقِهِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَوُصُولُ مَائِعٍ لِحَلْقٍ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِ فَمٍ أَوْ لِمَعِدَةٍ مِنْ كَدُبُرِ كُلِّهَا بِغَيْرِهِ مِنْ فَمٍ عَلَى الْمُخْتَارِ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ مَعَ الِاخْتِصَارِ وَالْإِيضَاحِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا فَيَقْضِي لِتَهَاوُنِهِ بِصَوْمِهِ فَجَعَلَ الْقَضَاءَ مَعَ الْعَمْدِ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْحَصَاةَ تَشْغَلُ الْمَعِدَةَ اشْتِغَالًا مَا وَتُنْقِصُ كَلَبَ الْجُوعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُخْتَارِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لِمَعِدَةٍ) هِيَ مَا انْخَسَفَ مِنْ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ.
(قَوْلُهُ بِحُقْنَةٍ بِمَائِعٍ) أَيْ فَإِنْ أَوْصَلَ لِلْمَعِدَةِ حُقْنَةً مِنْ مَائِعٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْقَضَاءِ بِسَبَبِ الْحُقْنَةِ مِنْ الْمَائِعِ الْوَاصِلَةِ لِلْمَعِدَةِ مِنْ الدُّبُرِ أَوْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ أَيْ تَرْكُ إيصَالِ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْمُتَحَلِّلِ لِمَعِدَتِهِ بِسَبَبِ حُقْنَةٍ مِنْ مَائِعٍ أَيْ كَائِنَةً مِنْ مَائِعٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِحُقْنَةٍ لِلسَّبَبِيَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِيصَالِ وَأَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِمَائِعٍ بِمَعْنَى مِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِحُقْنَةٍ وَقَوْلُهُ بِسَبَبٍ أَيْ بِسَبَبِ إيصَالِ حُقْنَةٍ كَائِنَةٍ مِنْ مَائِعٍ أَوْ تَرْكِ إيصَالِ هَذَا الْكُلِّيِّ الْمُتَحَقِّقِ بِسَبَبِ إيصَالِ هَذَا الْجُزْئِيِّ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُقْنَةِ الِاحْتِقَانُ وَالْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِمَائِعٍ لِلْمُلَابَسَةِ (قَوْلُهُ فِي دُبُرٍ أَوْ قُبُلٍ) أَيْ أَوْ فِي ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ أَوْ فَوْقَهَا عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَلَا فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ) أَيْ وَلَا فِي فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَلَا قَضَاءَ فِيهَا وَلَا فِي فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ لِخِفَّتِهَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعِدَةٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى حُقْنَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى وَتُرِكَ وُصُولُ مُتَحَلِّلٍ لِمَعِدَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ بِسَبَبِ حُقْنَةٍ أَوْ بِسَبَبِ مُرُورٍ عَلَى حَلْقٍ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْوَاصِلَ مِنْ الْأَعْلَى يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يُجَاوِزَ الْحَلْقَ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْطَفُ عَلَى حُقْنَةٍ بَلْ عَلَى مَعِدَةٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُرَدَّ غَيْرُ الْمُتَحَلِّلِ) أَيْ لَكِنَّ مَحَلَّ فَسَادِ الصَّوْمِ بِوُصُولِ غَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ لِلْحَلْقِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرُدَّهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ وُصُولِهِ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْصُلُ الْفِطْرُ بِغَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ إلَّا إذَا وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ بِخِلَافِ الْمُتَحَلِّلِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الصَّوْمَ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ سَوَاءٌ رَدَّهُ أَوْ لَا وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ الْبِسَاطِيَّ وَاخْتَارَهُ فِي المج وَفِي الْمَوَّاقِ وح عَنْ التَّلْقِينِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِوُصُولِ الْجَامِدِ لِلْحَلْقِ كَالْمُتَحَلِّلِ كَانَ الْجَامِدُ مِمَّا يَنْمَاعُ أَوْ مِمَّا لَا يَنْمَاعُ وَصَوَّبَهُ بْن (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْحَلْقِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْمَعِدَةِ وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَائِعًا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَلَ لَهُ مِنْ أَنْفٍ) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا وَاعْلَمْ أَنَّهُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْوُصُولِ يَحْرُمُ الِاسْتِعْمَالُ وَيُكْرَهُ عِنْدَ الشَّكِّ وَقَوْلُهُ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ أَيْ أَوْ مَسَامِّ رَأْسٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّ مَا وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَنْفَذُ وَاسِعًا أَوْ ضَيِّقًا بِخِلَافِ مَا يَصِلُ لِلْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ سَافِلٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ وَاسِعًا كَالدُّبُرِ وَقُبُلِ امْرَأَةٍ وَالثُّقْبَةِ لَا كَإِحْلِيلٍ وَجَائِفَةٍ، وَهِيَ الْخَرْقُ الصَّغِيرُ جِدًّا الْوَاصِلُ لِلْبَطْنِ وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ أَوْ لَا ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ إنْ نَبَشَ الْأُذُنَ بِكَعُودٍ لَا شَيْءَ فِيهِ وَلَوْ أَخْرَجَ خُرْأَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ بِهِ شَيْءٌ لِلْحَلْقِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَدَمُ وُصُولِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِذِ) أَيْ نَهَارًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْكُحْلَ نَهَارًا لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا بَلْ إنْ تَحَقَّقَ وُصُولُهُ لِلْحَلْقِ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَفْطَرَ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُصُولِهِ فَلَا يَفْطُرُ (قَوْلُهُ كَأَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهَا مَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا لَا يَضُرُّهُ هُبُوطُ الْكُحْلِ فِي حَلْقِهِ نَهَارًا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفَصَّلَ ابْنُ هِلَالٍ فَقَالَ فِي الْكُحْلِ وَالْحِنَّاءِ يَجُوزُ فِعْلُهُمَا أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيَحْرُمُ آخِرَ اللَّيْلِ كَالنَّهَارِ وَسُئِلَ عَنْ غَسْلِ الرَّأْسِ بِالْغَاسُولِ فَأَجَابَ لَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَوُصُولُ) أَيْ وَتَرْكُ وُصُولٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِ فَمٍ أَيْ كَأَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ
(وَ) بِتَرْكِ إيصَالِ (بَخُورٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ الدُّخَانِ الْمُتَصَاعِدِ مِنْ حَرْقِ نَحْوِ الْعُودِ وَمِثْلُهُ بُخَارُ الْقِدْرِ فَمَتَى وَصَلَ لِلْحَلْقِ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ وَمِنْهُ الدُّخَانُ الَّذِي يُشْرَبُ أَيْ يُمَصُّ بِالْقَصَبِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَصِلُ لِلْحَلْقِ بَلْ لِلْجَوْفِ بِخِلَافِ شَمِّ رَائِحَةِ الْبَخُورِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ الدُّخَانُ لِلْحَلْقِ فَلَا يُفْطِرُ (وَ) بِتَرْكِ إيصَالِ (قَيْءٍ) أَوْ قَلْسٍ (وَبَلْغَمٍ أَمْكَنَ طَرْحُهُ) أَيْ طَرْحُ مَا ذَكَرَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ بِأَنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَيْءُ لِعِلَّةٍ أَوْ امْتِلَاءِ مَعِدَةٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ تَغَيَّرَ أَمْ لَا رَجَعَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَلْغَمُ مِنْ الصَّدْرِ أَوْ الرَّأْسِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْبَلْغَمِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا وَلَوْ وَصَلَ إلَى طَرَفِ اللِّسَانِ لِلْمَشَقَّةِ (أَوْ) وُصُولِ أَيْ وَبِتَرْكِ وُصُولِ شَيْءٍ (غَالِبٍ) سَبَقَهُ لِحَلْقِهِ (مِنْ) أَثَرِ مَاءِ (مَضْمَضَةٍ) أَوْ اسْتِنْشَاقٍ لِوُضُوءٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ عَطَشٍ (أَوْ) غَالِبٍ مِنْ رُطُوبَةِ (سِوَاكٍ) مُجْتَمِعٍ فِي فِيهِ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ فِي الْفَرْضِ خَاصَّةً وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اغْتِفَارُهُ لِطَلَبِ الشَّارِعِ الْمَضْمَضَةَ وَالسِّوَاكَ
(وَقَضَى) مَنْ أَفْطَرَ (فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ إكْرَاهًا وَسَوَاءٌ كَانَ حَرَامًا أَوْ جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا كَمَنْ أَفْطَرَ خَوْفَ هَلَاكٍ وَسَوَاءٌ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا كَانَ الْفَرْضُ أَصْلِيًّا أَوْ نَذْرًا، وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ فَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ مُعَيَّنًا كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَجَبَ الْإِمْسَاكُ مُطْلَقًا أَفْطَرَ عَمْدًا أَوْ لَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَقَوْلُهُ أَوْ لِمَعِدَةٍ مِنْ كَدُبُرٍ أَيْ مِنْ دُبُرٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَنْفَذٍ سَافِلٍ مُتَّسِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ كُلُّهَا أَيْ كَوُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ بِغَيْرِ مَائِعٍ مِنْ فَمٍ (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ إيصَالِ بَخُورٍ) أَيْ لِحَلْقٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ بُخَارُ الْقِدْرِ) أَيْ كَأَنْ اسْتَنْشَقَ قِدْرَ الطَّعَامِ حَتَّى وَصَلَ الْبُخَارُ لِحَلْقِهِ (قَوْلُهُ فَمَتَى وَصَلَ) أَيْ دُخَّانُ الْبَخُورِ أَوْ بُخَارُ الْقِدْرِ لِلْحَلْقِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَيْ؛ لِأَنَّ دُخَانَ الْبَخُورِ وَبُخَارَ الْقِدْرِ كُلٌّ مِنْهُمَا جِسْمٌ يَتَكَيَّفُ بِهِ الدِّمَاغُ وَيَتَقَوَّى بِهِ أَيْ تَحْصُلُ لَهُ قُوَّةٌ كَاَلَّتِي تَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْأَكْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِوُصُولِ الْبَخُورِ وَبُخَارِ الْقِدْرِ لِلْحَلْقِ إذَا وَصَلَ بِاسْتِنْشَاقٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَنْشِقُ صَانِعَهُ أَوْ غَيْرَهُ، وَأَمَّا لَوْ وَصَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلْحَلْقِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا قَضَاءَ لَا عَلَى الصَّانِعِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا وَصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَى صَانِعِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ الْقَضَاءُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تُرَابِ الْكَيْلِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ قَبِيلِهِ أَيْ وَمِنْ قَبِيلِ الْبَخُورِ الدُّخَانُ وَقَوْلُهُ إلَخْ فَإِنَّهُ يَصِلُ لِلْحَلْقِ أَيْ وَيَتَكَيَّفُ بِهِ الدِّمَاغُ أَيْ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ كَيْفِيَّةً وَقُوَّةً وَكَذَلِكَ الدُّخَانُ الَّذِي يُسْتَنْشَقُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُفْطِرٌ، وَأَمَّا الدُّخَانُ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ غِذَاءٌ لِلْجَوْفِ كَدُخَانِ الْحَطَبِ فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ وَلَوْ تَعَمَّدَ اسْتِنْشَاقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلدِّمَاغِ بِهِ قُوَّةٌ كَاَلَّتِي تَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالزُّبْدِ وَالْأَعْطَارِ (قَوْلُهُ فَلَا يُفْطِرُ) أَيْ وَلَوْ جَاءَتْهُ الرَّائِحَةُ وَاسْتَنْشَقَهَا؛ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ لَا جِسْمَ لَهَا (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ إيصَالِ قَيْءٍ) أَيْ تَرْجِيعِ قَيْءٍ أَوْ قَلْسٍ أَوْ بَلْغَمٍ لِمَعِدَتِهِ أَوْ لِحَلْقِهِ فَإِنْ وَصَلَ لِمَا ذَكَرَ فَالْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْبَلْغَمِ فِيمَا وَصَلَ لِلَّهَوَاتِ جَمْعُ لَهَاةٍ وَهِيَ اللُّحْمَةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى الْحَلْقِ فِي أَقْصَى الْفَمِ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَلَا خِلَافَ فِي لَغْوِهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى طَرْحِهِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لَغْوِ ابْتِلَاعِ تَمَامِهِ أَيْ الْبَلْغَمِ وَلَوْ عَمْدًا بَعْدَ إمْكَانِ طَرْحِهِ وَنَقْضِهِ أَيْ الصَّوْمِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَائِلًا أَرَانِي سَمِعْته عَنْ مَالِكٍ وَالشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ اهـ وَفِي الْمَوَّاقِ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ وَقَالَ الْقَبَّابُ: هُوَ الرَّاجِحُ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَوْ وَصَلَ إلَى طَرَفِ اللِّسَانِ) قَالَ عبق وَلَا شَيْءَ عَلَى الصَّائِمِ فِي ابْتِلَاعِ رِيقِهِ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا قَضَاءَ مُطْلَقًا، وَهُوَ الرَّاجِحُ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ وَبِتَرْكِ وُصُولِ شَيْءٍ غَالِبٍ) أَيْ وَصِحَّتُهُ بِتَرْكِ وُصُولِ شَيْءٍ يَغْلِبُ سَبْقُهُ لِحَلْقِهِ مِنْ أَثَرِ مَاءِ مَضْمَضَةٍ أَوْ رُطُوبَةِ سِوَاكٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ) تَفْسِيرٌ لِكَوْنِهِ غَالِبًا وَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ وُصُولُ مَا أَمْكَنَ طَرْحُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى (قَوْلُهُ فِي الْفَرْضِ خَاصَّةً) أَيْ فَإِنْ وَصَلَ لِمَعِدَتِهِ أَوْ لِحَلْقِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْقَضَاءُ فِي الْفَرْضِ خَاصَّةً، وَأَمَّا وُصُولُ أَثَرِ الْمَضْمَضَةِ أَوْ السِّوَاكِ لِلْحَلْقِ فِي صَوْمِ النَّفْلِ فَلَا يُفْسِدُهُ.
(قَوْلُهُ وَنُبِّهَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَبِتَرْكِ إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ لِمَعِدَةٍ أَوْ حَلْقٍ
(قَوْلُهُ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأُمُورِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى فِطْرِ الصَّائِمِ، وَهِيَ سَبْعَةٌ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِطْعَامُ وَالْكَفَّارَةُ وَالتَّأْدِيبُ وَقَطْعُ التَّتَابُعِ وَقَطْعُ النِّيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بِكُلِّ فِطْرٍ وَصَلَ مِنْ أَيِّ مَنْفَذٍ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ عَمْدٍ أَوْ سَهْوٍ أَوْ غَلَبَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ أَمْ لَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ:(قَوْلُهُ أَوْ غَلَبَةً) أَيْ بِأَنْ سَبَقَهُ الْمُفْطِرُ لِحَلْقِهِ (قَوْلُهُ حَرَامًا) بِأَنْ كَانَ لِغَيْرِ مُقْتَضٍ أَوْ جَائِزًا بِأَنْ كَانَ لِشِدَّةِ تَأَلُّمٍ أَوْ لِخَوْفِ حُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الصَّوْمَ الَّذِي أُفْطِرَ فِيهِ الشَّخْصُ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا وَالْفَرْضُ إمَّا مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ إمَّا وَاجِبُ التَّتَابُعِ أَوْ غَيْرُ وَاجِبِ
كَالتَّطَوُّعِ إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا كَأَنْ تَعَمَّدَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ عَدَمَ وُجُوبِهِ، وَإِنْ كَانَ كَالظِّهَارِ مِمَّا يَجِبُ تَتَابُعُهُ فَإِنْ أَفْطَرَ عَمْدًا فَلَا إمْسَاكَ لِفَسَادِهِ، وَإِنْ أَفْطَرَ سَهْوًا أَمْسَكَ وُجُوبًا وَكَمَّلَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا إذَا كَانَ الْفِطْرُ أَوَّلَ يَوْمٍ فَيُسْتَحَبُّ، وَإِنْ كَانَ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَنَذْرٍ مَضْمُونٍ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ مِمَّا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ خُيِّرَ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَعَدَمِهِ مُطْلَقًا وَيَجِبُ قَضَاءُ الْفَرْضِ
(وَإِنْ) حَصَلَ الْفِطْرُ (بِصَبٍّ فِي حَلْقِهِ نَائِمًا) فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ (كَمُجَامَعَةِ نَائِمَةٍ) وَلَمْ تَشْعُرْ بِهِ فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَكَأَكْلِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ) أَوْ فِي الْغُرُوبِ فَالْقَضَاءُ مَعَ الْحُرْمَةِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ (أَوْ) أَكَلَ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ اللَّيْلِ أَوْ حُصُولَ الْغُرُوبِ ثُمَّ (طَرَأَ الشَّكُّ) فَالْقَضَاءُ بِلَا حُرْمَةٍ (وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ دَلِيلَهُ) أَيْ الدَّلِيلَ الْمُتَعَلِّقَ بِالصَّوْمِ وُجُودًا أَوْ عَدَمًا مِنْ فَجْرٍ أَوْ غُرُوبٍ (اقْتَدَى بِالْمُسْتَدِلِّ) الْعَدْلِ الْعَارِفِ أَوْ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي مَعْرِفَةِ الدَّلِيلِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَعْرِفَةِ وَلِذَا قَالَ وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ وَلَمْ يَقُلْ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَلَا يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ غَيْرَهُ لِكَثْرَةِ الْخَطَأِ فِيهَا لِخَفَائِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مُسْتَدِلًّا (احْتَاطَ) فِي سُحُورِهِ وَفِطْرِهِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ (إلَّا) النَّذْرَ (الْمُعَيَّنَ) يَفُوتُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِالْفِطْرِ (لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ فَلَا يَقْضِي لِفَوَاتِ زَمَنِهِ فَإِنْ زَالَ عُذْرُهُ وَبَقِيَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
التَّتَابُعِ فَالنَّفَلُ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ إنْ كَانَ الْفِطْرُ فِيهِ سَهْوًا وَكَذَا إنْ كَانَ عَمْدًا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ وَالْفَرْضُ الْمُعَيَّنُ كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ الْوَاجِبُ تَتَابُعُهُ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ إنْ كَانَ الْفِطْرُ سَهْوًا إلَّا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَالْإِمْسَاكُ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ، وَأَمَّا الْفِطْرُ عَمْدًا فَيُفْسِدُهُ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى فَيُخَيَّرُ فِي الْإِمْسَاكِ وَعَدَمِهِ كَانَ الْفِطْرُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا.
(قَوْلُهُ كَالتَّطَوُّعِ) أَيْ كَمَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ فِي فِطْرِ التَّطَوُّعِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَيْ الْفَرْضُ كَالظِّهَارِ أَيْ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَنَذْرٍ مَضْمُونٍ) ، وَهُوَ النَّذْرُ الْغَيْرُ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْفِطْرُ عَمْدًا وَسَهْوًا
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا) هَذَا يَقْتَضِي أَيْ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ أَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ بِصَبٍّ فِي حَلْقِهِ نَائِمًا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ عَلَى الْفَاعِلِ وَمِثْلُهُ فِي الْقَرَافِيِّ وَفِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ تَرْجِيحُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّابِّ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ فِي الْمُصَنَّفِ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ لِلْفَاعِلِ فِيهِمَا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أُكْرِهَ أَوْ كَانَ نَائِمًا فَصُبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءٌ فِي رَمَضَانَ أَوْ جُومِعَتْ امْرَأَةٌ نَائِمَةٌ فِي رَمَضَانَ فَالْقَضَاءُ يُجْزِئُ بِلَا كَفَّارَةٍ اهـ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقُ وح قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَسَكَتَ عَنْ الْفَاعِلِ هَلْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا وَأَوْجَبَهَا ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى الْفَاعِلِ فِيهِمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ الثَّالِثِ قَالَ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْفَرْقُ الَّذِي فَرَّقَ بِهِ عبق بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ حَيْثُ قَالَ فِيمَنْ صَبَّ مَاءً فِي حَلْقِ نَائِمٍ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ لَذَّةِ ذَلِكَ الصَّابِّ وَمَنْ جَامَعَ نَائِمَةً تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا لِلَذَّةِ الْمُجَامِعِ إنَّمَا فَرَّقَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ بَيْنَ مَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ وَمَنْ أَكْرَهَ شَخْصًا وَصَبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءً وَهُمَا غَيْرُ فَرْعَيْ الْمُصَنِّفِ هُنَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَكَأَكْلِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ إلَخْ) أَيْ وَكَأَكْلِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ أَيْ فَالْقَضَاءُ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ اللَّيْلِ وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ عَدَمُ الْيَقِينِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَكَلْت بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَالَ لَهُ آخَرُ أَكَلَتْ قَبْلَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّقْلَ يُخَالِفُ الْفَرْضَ فِي هَذَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ قَضَاءٌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ عبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ الْأَكْلَ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ مِنْ الْعَمْدِ الْحَرَامِ، وَهُوَ يُوجِبُ الْقَضَاءَ حَتَّى فِي النَّفْلِ (قَوْلُهُ فَالْقَضَاءُ مَعَ الْحُرْمَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الْحُرْمَةَ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا إذْ قَدْ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي خش وَعِنْدَ الشَّكِّ فِي الْغُرُوبِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَعَدَمَ الْكَفَّارَةِ فِي الْأَكْلِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الْأَكْلِ شَاكًّا فِي الْغُرُوبِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَدَمَهَا.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ) أَيْ فَإِنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ طَرَأَ الشَّكُّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ شَاكًّا أَيْ وَكَأَكْلِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ وَكَأَكْلِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ طَارِئًا لَهُ الشَّكُّ فَهِيَ حَالٌ مُنْتَظِرَةٌ وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى مَعْنَى أَكْلِهِ أَيْ وَإِنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ أَوْ طَرَأَ لَهُ الشَّكُّ فِيهِ فَالْقَضَاءُ وَاعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ فِي مَسْأَلَةِ طُرُوُّ الشَّكِّ خَاصٌّ بِالْفَرْضِ، وَأَمَّا النَّفَلُ فَلَا قَضَاءَ فِيهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ أَكْلَهُ لَيْسَ مِنْ الْعَمْدِ الْحَرَامِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مِنْ فَجْرٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وُجُودًا وَقَوْلُهُ أَوْ غُرُوبٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَدَمًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُودِ الصَّوْمِ وَالْغُرُوبَ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْفِطْرِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ) أَيْ أَوْ اقْتَدَى بِالْمُسْتَنِدِ لِلْمُسْتَدِلِّ الْعَدْلِ الْعَارِفِ بِالدَّلِيلِ أَوْ اقْتَدَى بِالْمُقْتَدِي بِالْمُسْتَنِدِ لِذَلِكَ الْمُسْتَدِلِّ الْعَدْلِ الْعَارِفِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَعْرِفَةِ) هَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْعَاجِزِ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ) أَيْ الشَّامِلُ لِمَا إذَا كَانَ عَدَمُ نَظَرِهِ فِي الدَّلِيلِ لِعَجْزِهِ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ وَلِمَا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مُسْتَدِلًّا) أَيْ أَصْلًا أَيْ أَوْ وَجَدَهُ لَكِنْ فَاقِدًا بَعْضَ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ (قَوْلُهُ احْتَاطَ فِي سُحُورِهِ)