الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ
[دَرْسٌ](بَابُ ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ الصِّيَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) ، وَهُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ عَنْ الشَّيْءِ وَشَرْعًا إمْسَاكٌ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ بِنِيَّةٍ فَلَهُ رُكْنَانِ وَافْتَتَحَهُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ رَمَضَانُ بِقَوْلِهِ (يَثْبُتُ رَمَضَانُ) أَيْ يَتَحَقَّق فِي الْخَارِجِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا (بِكَمَالِ شَعْبَانَ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَذَا مَا قَبْلَهُ إنْ غُمَّ وَلَوْ شُهُورًا لَا بِحِسَابِ نَجْمٍ وَسَيْرِ قَمَرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِكْمَالِ الثَّلَاثِينَ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام «الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ» ، وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا قَالَ مَالِكٌ إذَا تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا يُكْمِلُونَ عِدَّةَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ وَيَقْضُونَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ انْتَهَى (أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ) الْهِلَالَ الْمُرَادُ بِهِمَا مَا قَابَلَ الْمُسْتَفِيضَةَ فَيَصْدُقُ بِالْأَكْثَرِ فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ سَمِعَهُمَا يُخْبِرَانِ غَيْرَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لَا بِعَدْلٍ وَلَا بِهِ وَبِامْرَأَةٍ وَلَا بِهِ وَبِامْرَأَتَيْنِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَا مِنْهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ الصَّاعُ هَذَا إنْ أَخْرَجَهَا الْمُزَكِّي فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ فَفِي نَقْلِهِ لَهَا لِأَقْرَبِ الْبِلَادِ لِبَلَدِهَا حِينَ فَقْدِهِمْ مِنْهَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْفَيْءِ قَوْلَانِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ) إنَّمَا جَزَمَ هُنَا بِجَوَازِ دَفْعِهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ دُونَ زَكَاةِ الْمَالِ فَإِنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ لِلْفَرْقِ بِقِلَّةِ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فَقِيرَةً؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ وَمَنْ أَيْسَرَ بَعْدَ أَعْوَامٍ لَمْ يَقْضِيهَا اهـ عبق
[بَابُ الصِّيَامِ]
(بَابٌ فِي الصِّيَامِ)(قَوْلُهُ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ) يَبْطُلُ طَرْدُ هَذَا التَّعْرِيفِ بِمَا إذَا جُومِعَتْ نَائِمَةً أَوْ قَائِمَةً عَمْدًا فَالتَّعْرِيفُ يَقْتَضِي صِحَّةَ صَوْمِهِ لِإِمْسَاكِ كُلٍّ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَهُ رُكْنَانِ) أَيْ الْإِمْسَاكُ وَالنِّيَّةُ وَإِنَّمَا كَانَا رُكْنَيْنِ لِدُخُولِهِمَا فِي مَاهِيَّتِه وَمَفْهُومِهِ، وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهِ فَالْإِطَاقَةُ وَالْبُلُوغُ وَشُرُوطُ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ وَالزَّمَانُ الْقَابِلُ لِلصَّوْمِ، وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهِ وَصِحَّتِهِ فَالْعَقْلُ وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَمَجِيءُ شَهْرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ أَيْ يَتَحَقَّقُ فِي الْخَارِجِ) سَوَاءٌ حَكَمَ بِثُبُوتِهِ حَاكِمٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَكَذَا مَا قَبْلَهُ) أَيْ وَكَذَا بِكَمَالِ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ رَجَبٌ ثَلَاثِينَ وَكَذَا مَا قَبْلَ رَجَبٍ وَقَوْلُهُ إنْ غُمَّ شَرْطٌ فِي كَمَالِ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ أَيْ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مُغَيِّمَةً فِي آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً فَلَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى إكْمَالِ ثَلَاثِينَ بَلْ تَارَةً يَثْبُتُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَتَارَةً يَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ فَيَكُونُ شَعْبَانُ أَوْ غَيْرُهُ حِينَئِذٍ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا كَمَا سَيَأْتِي بِقَوْلٍ أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ لِلْهِلَالِ.
(قَوْلُهُ لَا بِحِسَابِ نَجْمٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِكَمَالِ شَعْبَانَ وَقَوْلُهُ وَسَيْرِ قَمَرٍ تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَثْبُتُ بِحِسَابِ سَيْرِ الْقَمَرِ، وَإِذَا ثَبَتَ بِالْحِسَابِ أَنَّ قَوْسَ الْقَمَرِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مُرْتَفِعٌ بِحَيْثُ إنَّهُ يُرَى ثَبَتَ الشَّهْرُ وَإِلَّا فَلَا وَالثُّبُوتُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْحَاسِبِ لِسَيْرِ الْقَمَرِ وَلِمَنْ يُصَدِّقُهُ فِي حِسَابِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ الضَّعِيفُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ أَنَاطَ الْحُكْمَ) أَيْ الَّذِي هُوَ ثُبُوتُ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ) قِيلَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ فِيهِ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَدْ صَامَ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةَ أَعْوَامٍ مِنْهَا عَامَانِ ثَلَاثُونَ وَسَبْعَةُ أَعْوَامٍ كُلُّ عَامٍ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَهَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ «فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ» أَيْ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ قَوْلُهُ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ» بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ غَيْمٌ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ قَوْلُهُ «فَاقْدُرُوا لَهُ» بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ أَيْ فَأَتِمُّوهُ ثَلَاثِينَ وَهَذَا مَحَطُّ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ وَعُلِمَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِقْدَارِهِ إتْمَامُهُ ثَلَاثِينَ وَأَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ زَائِدَةٌ مِثْلُ {رَدِفَ لَكُمْ} [النمل: 72] وَإِتْيَانُ التَّقْدِيرِ بِمَعْنَى التَّمَامِ وَاقِعٌ بِكَثْرَةٍ قَالَ تَعَالَى {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3] أَيْ تَمَامًا قَوْلُهُ «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ» أَيْ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً (قَوْلُهُ وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا) أَيْ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْإِقْدَارَ يَأْتِي بِمَعْنَى الْإِتْمَامِ وَالْإِكْمَالِ (قَوْلُهُ وَيَقْضُونَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ خِلَافُ مَا هُمْ عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ شَعْبَانَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَنَّ رَمَضَانَ كَامِلٌ فَإِنَّهُمْ يَقْضُونَ يَوْمًا وَإِذَا تَبَيَّنَ نَقْصُ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَكَمَالُ رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمَيْنِ قَالَ عج يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِكَمَالِ شَعْبَانَ بِمَا إذَا لَمْ تَتَوَالَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ شَعْبَانَ عَلَى الْكَمَالِ وَإِلَّا جُعِلَ شَعْبَانُ نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَالَى خَمْسَةُ أَشْهُرٍ عَلَى الْكَمَالِ كَمَا لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةٌ عَلَى النَّقْصِ عِنْدَ مُعْظَمِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ اهـ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا غُمَّ لَيْلَةُ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَثْبُتْ رَمَضَانُ إلَّا بِكَمَالِ شَعْبَانَ، وَإِنْ تَوَالَى قَبْلَهُ أَرْبَعَةٌ كَوَامِلُ أَوْ ثَلَاثَةٌ نَوَاقِصُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ اهـ عَدَوِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَقَدْ كَانَ هِلَالُهُ ثَبَتَ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ مِنْ رَجَبٍ فَإِنَّ رَمَضَانَ حِينَئِذٍ لَا يَثْبُتُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ لِتَكْذِيبِ الشَّاهِدَيْنِ أَوَّلًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا
عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْكُلِّ أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْعَدْلَ أَوْ هُوَ وَالْمَرْأَةَ الصَّوْمُ، وَأَمَّا الرَّائِي فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا فَقَوْلُهُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ أَيْ وَيَعُمُّ قَوْلُهُ أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ أَيْ وَلَا يَعُمُّ إلَّا إذَا نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي وَيَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ (وَلَوْ) ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ (بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ) أَيْ فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ (فَإِنْ) ثَبَتَ بِرُؤْيَتِهِمَا وَ (لَمْ يَرَ) لِغَيْرِهِمَا (بَعْدَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا مِنْ رُؤْيَتِهِمَا حَالَ كَوْنِ السَّمَاءِ (صَحْوًا) لَا غَيْمَ فِيهَا (كُذِّبَا) فِي شَهَادَتِهِمَا، وَأَمَّا شَهَادَتُهُمَا بَعْدَ الثَّلَاثِينَ صَحْوًا فَكَالْعَدِمِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى تَرْوِيجِ شَهَادَتِهِمَا (أَوْ) بِرُؤْيَةِ جَمَاعَةٍ (مُسْتَفِيضَةً) لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَادَةً عَلَى الْكَذِبِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا أَحْرَارًا عُدُولًا (وَعَمَّ) الصَّوْمُ سَائِرَ الْبِلَادِ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَلَا اتِّفَاقُ الْمَطَالِعِ وَلَا عَدَمُهَا فَيَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى كُلِّ مَنْقُولٍ إلَيْهِ (إنْ نُقِلَ) ثُبُوتُهُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْعَدْلَيْنِ أَوْ بِالْمُسْتَفِيضَةِ (عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْعَدْلَيْنِ أَوْ عَنْ الْمُسْتَفِيضَةِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ اسْتِفَاضَةٌ عَنْ مِثْلِهَا أَوْ عَنْ عَدْلَيْنِ وَعَدْلَانِ عَنْ مِثْلِهِمَا أَوْ عَنْ اسْتِفَاضَةٍ وَلَا بُدَّ فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ فَيَكْفِي نَقْلُ اثْنَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ ثُمَّ عَنْ الْآخَرِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَكْمُلْ فِيهِ شَعْبَانُ بِدَلِيلِ تَكْذِيبِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْكُلِّ) خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْأَوَّلِ وَلِأَشْهَبَ فِي الثَّانِي وَلِابْنِ مَسْلَمَةَ فِي الثَّالِثِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْعَدْلَ) أَيْ سَمِعَهُ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ.
(قَوْلُهُ أَيْ وَيَعُمُّ) ثُبُوتُهُ الْبِلَادَ وَالْأَقْطَارَ (قَوْلُهُ وَلَا يَعُمُّ) أَيْ وَلَا يَعُمُّ ثُبُوتُهُ بِرُؤْيَتِهِمَا بَلْ إنَّمَا يَجِبُ الصَّوْمُ فِي حَقِّ مَنْ أَخْبَرَاهُ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ سَمِعَهُمَا يُخْبِرَانِ غَيْرَهُ بِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا نَقَلَ إلَخْ) أَيْ فَكُلُّ مَنْ نُقِلَ إلَيْهِ بِعَدْلَيْنِ عَنْهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَيَا إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ فِي غَيْمٍ أَوْ فِي صَحْوٍ بِبَلَدٍ صَغِيرَةٍ بَلْ لَوْ ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ بِصَحْوِ مِصْرَ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الطَّلَبُ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِمَا وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلُ سَحْنُونٍ بِرَدِّهِمَا لِلتُّهْمَةِ ابْنُ بَشِيرٍ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالِ أَنَّ نَظَرَ الْكُلِّ إلَى صَوْبٍ وَاحِدٍ رَدَّتْ، وَإِنْ انْفَرَدَ بِالنَّظَرِ إلَى مَوْضِعٍ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُمَا وَعَدَّهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلًا ثَالِثًا وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ثَبَتَ بِرُؤْيَتِهِمَا وَلَمْ يَرَ لِغَيْرِهِمَا بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا) لَيْسَ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الصَّحْوِ وَالْمِصْرِ فَقَطْ كَمَا قِيلَ بَلْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ رُؤْيَتُهُمَا مَعَ الْغَيْمِ أَوْ الصَّحْوِ كَانَ الْبَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَكَذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمَا قِيلَ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَشُرَّاحِهِ حَيْثُ فَرَّعُوهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيمَا قَبْلَهُ وَاعْتَرَضَ ح إطْلَاقَ ابْنِ غَازِيٍّ بِأَنَّ أَمْرَ الشَّاهِدَيْنِ مَعَ الْغَيْمِ أَوْ صِغَرِ الْمِصْرِ يُحْمَلُ عَلَى السَّدَادِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ) أَيْ لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَقَوْلُهُ كَذِبًا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَصِيَامُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَكْذِيبَهُمَا مَشْرُوطٌ بِأَمْرَيْنِ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ لِغَيْرِهِمَا لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَكَوْنُ السَّمَاءِ صَحْوًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَلَوْ رَآهُ غَيْرُهُمَا لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ أَوْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَكَانَتْ السَّمَاءُ غَيْمًا لَمْ يُكَذَّبَا وَوَقَعَ النِّزَاعُ فِي أَمْرٍ ثَالِثٍ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَكْذِيبِهِمَا أَنْ تَكُونَ رُؤْيَتُهُمَا بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْمٍ أَوْ بِصَحْوٍ فِي بَلَدٍ صَغِيرٍ لَمْ يُكَذَّبَا أَوْ يُكَذَّبَانِ مُطْلَقًا كَانَتْ رُؤْيَتُهُمَا بِصَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ كَانَتْ الْبَلَدُ صَغِيرًا أَوْ مِصْرُ الْأَوَّلِ لِشُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاخْتَارَهُ ح وَالثَّانِي لِابْنِ غَازِيٍّ وَمِثْلُ الْعَدْلَيْنِ فِي كَوْنِهِمَا يُكَذَّبَانِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ الْمُسْتَفِيضَةِ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِمْ ذَلِكَ لِإِفَادَةِ خَبَرِهِمْ الْقَطْعَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ فُرِضَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ مِنْ إخْبَارِهِمْ بِالرُّؤْيَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ الِاسْتِفَاضَةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهِمْ وَحِينَئِذٍ فَيُكَذَّبُونَ وَالنِّيَّةُ أَوَّلَ الشَّهْرِ مَعَ التَّكْذِيبِ صَحِيحَةً لِلْعُذْرِ وَلِخِلَافِ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَا يُكَذَّبُ الْعَدْلَانِ وَيُعْمَلُ فِي الْفِطْرِ عَلَى رُؤْيَتِهِمَا أَوَّلًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا يُكَذَّبَانِ وَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا حَاكِمٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَالِكِيًّا أَمَّا لَوْ كَانَ الْحَاكِمُ بِهِمَا شَافِعِيًّا لَا يَرَى تَكْذِيبَهُمَا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْفِطْرُ.
(قَوْلُهُ، وَأَمَّا شَهَادَتُهُمَا إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ كَذَبَا فِي شَهَادَتِهِمَا وَلَوْ رُئِيَ لَهُمَا إذْ شَهَادَتُهُمَا بِرُؤْيَتِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ صَحْوٌ كَالْعَدَمِ لِإِتْهَامِهِمَا عَلَى تَرْوِيجِ شَهَادَتِهِمَا الْأُولَى (قَوْلُهُ مُسْتَفِيضَةً) أَيْ مُنْتَشِرَةً وَقَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ الْخَبَرَ الْمُسْتَفِيضَ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ أَنَّهُ الْمُحَصِّلُ لِلْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الَّذِينَ أَخْبَرُوهُ بِهِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَاَلَّذِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الْخَبَرَ الْمُسْتَفِيضَ هُوَ الْمُحَصِّلُ لِلْعِلْمِ لِصُدُورِهِ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى بَاطِلٍ لِبُلُوغِهِمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَبِيُّ وَالْمَوَّاقُ وَكَذَا شَارِحُنَا فَالْأَوَّلُ أَعَمُّ مِنْ الثَّانِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ إلَخْ أَيْ لِبُلُوغِهِمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ وَعَمَّ الصَّوْمُ) أَيْ وَعَمَّ وُجُوبُهُ سَائِرَ الْبِلَادِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا وَأَوْلَى إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْ الْحُكْمِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ أَوْ الْجَمَاعَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الْقَائِلِ إذَا نُقِلَ بِهِمَا عَلَى الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ عَلَى مَنْ فِي وِلَايَتِهِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّ النَّقْلَ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ حُكْمٍ أَوْ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ أَوْ الْجَمَاعَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ إنَّمَا يَعُمُّ الْبِلَادَ الْقَرِيبَةَ لَا الْبَعِيدَةَ جِدًّا وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ ح وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِالْبَعِيدِ الْبَعِيدَ لَا جِدًّا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ
وَلَا يَكْفِي نَقْلُ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ فَالْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ النَّقْلَ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ بِشَرْطِهِ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَيْفَ يَصِحُّ لِمَنْ بَلَغَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ عُدُولٍ أَوْ مِنْ عَدْلَيْنِ نَقْلًا عَنْ كُلٍّ مِنْ الْعَدْلَيْنِ أَنَّهُمَا قَدْ رَأَيَا الْهِلَالَ عَدَمُ لُزُومِ الصَّوْمِ فَالْقَوْلُ بَعْدَ الْعُمُومِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَإِنَّمَا يُخَصُّ مَنْ رَأَى وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ دُونَ مَنْ سَمِعَ مِنْ السَّامِعِ وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْعُمُومِ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ، وَأَمَّا النَّقْلُ عَنْ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْهِلَالِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ فَإِنَّهُ يَعُمُّ وَلَوْ نَقَلَ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَاحِدٌ عَلَى الرَّاجِحِ
(لَا) يَثْبُتُ رَمَضَانُ (بِ) رُؤْيَةِ (مُنْفَرِدٍ) كَذَا الْفِطْرُ وَلَوْ خَلِيفَةً أَوْ قَاضِيًا أَوْ أَعْدَلَ أَهْلِ الزَّمَانِ (إلَّا كَأَهْلِهِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ) أَيْ أَمْرِ الْهِلَالِ مِنْ أَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ فَيَثْبُتُ فِي رُؤْيَتِهِ فِي حَقِّهِمْ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً حَيْثُ تَثْبُتُ الْعَدَالَةُ وَوُثِّقَتْ أَنْفُسُ غَيْرِ الْمُعْتَنِينَ بِخَبَرِهِ وَاعْتُرِضَ عَطْفُ مَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ عَلَى أَهْلِهِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ لِلْأَهْلِ وَلَوْ اعْتَنَوْا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمُنْفَرِدُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِغَيْرِ الْمُعْتَنِي مُطْلَقًا دُونَ الْمُعْتَنِي مُطْلَقًا فَلَوْ حُذِفَ كَأَهْلِهِ وَالْعَاطِفِ وَقَالَ إلَّا مَنْ لَا اعْتِنَاءَ إلَخْ لَطَابَقَ الرَّاجِحَ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ إنْ نُقِلَ بِهِمَا؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْوَاحِدِ عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ أَوْ ثُبُوتِهِ بِعَدْلَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُعْتَبَرٌ فَيَعُمُّ بِمَحَلٍّ لَا اعْتِنَاءَ فِيهِ وَكَذَا بِمَا يَعْتَنِي فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ بِخِلَافِ نَقْلِ الْوَاحِدِ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ
(وَعَلَى عَدْلٍ) رَأَى الْهِلَالَ (أَوْ مَرْجُوٍّ) لَأَنْ يُقْبَلَ بِأَنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ (رَفْعُ رُؤْيَتِهِ) لِلْحَاكِمِ أَيْ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَنْ يُخْبِرَ الْحَاكِمَ بِأَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ وَلَوْ عَلِمَ الْمَرْجُوُّ جُرْحَهُ نَفْسَهُ (وَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ (وَغَيْرِهَا) ، وَهُوَ الْفَاسِقُ الْمُنْكَشِفُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّفْعُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَكِنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَخْتَرْهُ وَإِنَّمَا اخْتَارَ قَوْلَ أَشْهَبَ بِالنَّدْبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَلَى فِي كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلَةٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ أَيْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا أَوْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا فِي الْأَوَّلَيْنِ وَمَجَازُهَا فِي الثَّالِثِ (وَإِنْ أَفْطَرُوا) أَيْ الْعَدْلُ وَالْمَرْجُوُّ وَغَيْرُهُمَا الْمُنْفَرِدُونَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِلَا رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ) لَازِمَانِ لِكُلٍّ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ (إلَّا بِتَأْوِيلٍ) لِظَنِّهِمْ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ كَغَيْرِهِمْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي نَقْلُ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ) أَيْ بِأَنْ يَنْقُلَ وَاحِدٌ عَنْ أَحَدِ الْعَدْلَيْنِ وَيَنْقُلَ وَاحِدٌ آخَرُ عَنْ الْعَدْلِ الْآخَرِ.
(قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) ، وَهُوَ أَنْ يُنْقَلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ وَكَيْفَ إلَخْ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ بِمَعْنَى النَّفْيِ وَقَوْلُهُ لِمَنْ بَلَغَهُ إلَخْ أَيْ بِالسَّمَاعِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بَعْدُ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ خَبَرٌ (قَوْلُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ عَدْلَانِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَخُصُّ) أَيْ وُجُوبُ الصَّوْمِ مَنْ رَأْي، وَهُوَ الْعَدْلَانِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ أَيْ مِمَّنْ رَأَى وَهُمَا النَّاقِلَانِ (قَوْلُهُ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ) أَيْ بِثُبُوتِهِ وَنَقَلَ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَيْ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِعَدْلَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ مُسْتَفِيضَةٍ وَلَمْ يَحْكُمْ وَنَقَلَ ذَلِكَ الثُّبُوتَ.
(قَوْلُهُ، وَأَمَّا النَّقْلُ عَنْ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْهِلَالِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ) أَيْ وَالْجَمَاعَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَقَدْ تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ صُوَرَ النَّقْلِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ أَوْ عَنْ رُؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ أَوْ عَنْ الْحُكْمِ وَالنَّاقِلُ فِي الثَّلَاثِ إمَّا عَدْلَانِ أَوْ مُسْتَفِيضَةٌ وَكُلُّهَا تَعُمُّ وَيَشْمَلُهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَمَّ إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا أَيْ وَأَوْلَى إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْ الْحُكْمِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ النَّاقِلُ عَدْلًا فَإِنْ نَقَلَ رُؤْيَةَ الْعَدْلَيْنِ كَانَ نَقْلُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ ثُبُوتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ حُكْمٌ أَوْ نُقِلَ ثُبُوتُهُ بِرُؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ فَإِنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ نُقِلَ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ لِلشَّارِحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ نَقْلٌ عَنْ الْحَاكِمِ أَوْ عَنْ الْمُسْتَفِيضَةِ أَوْ عَنْ الْعَدْلَيْنِ فَالتَّعَدُّدُ شَرْطٌ فِي الْأَخِيرِ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ عَنْ الْحَاكِمِ مَا يَشْمَلُ النَّقْلَ لِحُكْمِهِ أَوْ لِمُجَرَّدِ الثُّبُوتِ عِنْدَهُ
(قَوْلُهُ لَا بِرُؤْيَةِ مُنْفَرِدٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ رُؤْيَةٍ إلَى أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ الرُّؤْيَةِ لَا مِنْ النَّقْلِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ عَدَدٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَلِأَجْلِ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ إلَّا كَأَهْلِهِ) أَيْ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِهِ وَلِمَنْ لَا اعْتِنَاءَ بِأَمْرِ الْهِلَالِ سَوَاءٌ كَانُوا أَهْلَهُ أَوْ كَانُوا غَيْرَهُمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبْدًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ عَبْدًا (قَوْلُهُ حَيْثُ ثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ) أَيْ عَدَمُ الِاشْتِهَارِ بِالْكَذِبِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَهْلًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَطْفًا) أَيْ وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا بِمُنْفَرِدٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ إنْ نُقِلَ بِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ غَيْرَهُ وَمُقَابِلُهُ لِأَبِي عُمَرَ إنْ قَالَ لَا يَثْبُتُ بِنَقْلِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِهِ الَّذِينَ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ) أَيْ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرْسَلَ لِيَكْشِفَ الْخَبَرَ فَيَكُونُ كَالْوَكِيلِ سَمَاعُهُ بِمَنْزِلَةِ سَمَاعِ الْمُرْسَلِينَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ قَالَهُ فِي المج
(قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ) أَيْ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى الْعَدْلِ وَالْمَرْجُوِّ أَوْ غَيْرِهِمَا الرَّفْعُ لِأَجْلِ فَتْحِ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ غَيْرِهِمَا عَطْفٌ عَلَى عَدْلٍ السَّابِقِ عَطْفَ تَلْقِينٍ (قَوْلُهُ الْمُنْكَشِفُ) أَيْ الظَّاهِرُ الْفِسْقُ لِلنَّاسِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْفَاسِقِ الرَّفْعُ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَدْلِ وَمَجْهُولِ الْحَالِ (قَوْلُهُ لَمْ يَخْتَرْهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الرَّفْعِ (قَوْلُهُ بِالنَّدْبِ) أَيْ بِنَدْبِ رَفْعِ الْفَاسِقِ بِخِلَافِ الْعَدْلِ وَمَجْهُولِ الْحَالِ فَإِنَّ رَفْعَهُمَا وَاجِبٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ إلَخْ)
(فَتَأْوِيلَانِ) فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا، وَأَمَّا إنْ أَفْطَرَ أَهْلُ الْمُنْفَرِدِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ تَأَوَّلُوا؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ عَدْلَيْنِ وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ مَنْ ذَكَرَ بَعْدَ الرَّفْعِ وَلَمْ يَقْبَلُوا فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ قَطْعًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كِرَاءٍ وَلَمْ يُقْبَلْ إذْ رَدُّ الْحَاكِمِ يُصَيِّرُ التَّأْوِيلَ بَعِيدًا وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ بِتَأْوِيلٍ
(لَا) يَثْبُتُ رَمَضَانُ (بِمُنَجِّمٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ (وَلَا يُفْطِرُ) ظَاهِرًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ (مُنْفَرِدٌ بِشَوَّالٍ) أَيْ بِرُؤْيَتِهِ أَيْ يَحْرُمُ فِطْرُهُ (وَلَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ) أَيْ الْإِطْلَاعَ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ التُّهْمَةِ بِالْفِسْقِ، وَأَمَّا فِطْرُهُ بِالنِّيَّةِ فَوَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ فَإِنْ أَفْطَرَ ظَاهِرًا وُعِظَ وَشُدِّدَ عَلَيْهِ فِي الْوَعْظِ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلَاحِ وَإِلَّا عُزِّرَ (إلَّا بِمُبِيحٍ) لِلْفِطْرِ ظَاهِرًا كَسَفَرٍ وَحَيْضٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ لِذَلِكَ
(وَفِي تَلْفِيقِ) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ) شَهِدَ بِالرُّؤْيَةِ (أَوَّلَهُ) لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الصَّوْمُ (وَلِآخَرَ) شَهِدَ بِرُؤْيَةِ شَوَّالٍ (آخِرَهُ) وَعَدَمِ تَلْفِيقِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فَكَانَ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ وَلَا يُلَفِّقُ شَاهِدٌ إلَخْ وَفَائِدَةُ التَّلْفِيقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَجَبَ الْفِطْرُ لِاتِّفَاقِ شَهَادَتِهِمَا عَلَى مُضِيِّ الشَّهْرِ بِضَمِّ الْأَوَّلِ لِلثَّانِيَّ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَجَبَ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى التَّمَامِ وَفَائِدَةُ عَدَمِ التَّلْفِيقِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثُونَ حُرِّمَ الْفِطْرُ وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ وَأَوْلَى لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ
(وَ) فِي (لُزُومِهِ) أَيْ لِلصَّوْمِ لِلْمَالِكِيِّ (بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ) كَالشَّافِعِيِّ (بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَرَدُّدٌ) حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ
(وَرُؤْيَتُهُ) أَيْ الْهِلَالِ (نَهَارًا) وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (لِلْقَابِلَةِ) فَيَسْتَمِرُّ مُفْطِرًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَصَائِمًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَذَا خِلَافٌ فِي حَالِ هَلْ هَذَا تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ مَنْ ذَكَرَ) أَيْ، وَهُوَ الْعَدْلُ وَالْمَرْجُوُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ) أَيْ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ أَيْ إذَا أَفْطَرَ مَنْ ذَكَرَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ
(قَوْلُهُ لَا بِمُنَجِّمٍ) ، وَهُوَ الَّذِي يَحْسِبُ قَوْسَ الْهِلَالِ هَلْ يَظْهَرُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَوْ لَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِ وَلَوْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّنَا مَأْمُورُونَ بِتَكْذِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِطْرُهُ بِالنِّيَّةِ فَوَاجِبٌ) لَكِنَّهُ لَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا فَإِنْ أَخْبَرَ بِهِ أَحَدًا كَانَ كَمَنْ تَعَاطَى الْمُفْطِرَ ظَاهِرًا فَيُوعَظُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلَاحِ وَإِلَّا عُزِّرَ (قَوْلُهُ إلَّا بِمُبِيحٍ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ مُتَلَبِّسًا بِعُذْرٍ مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ سَفَرٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ ظَاهِرًا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ كَذَا فِي خش وَمِثْلُهُ فِي ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ لِمَ لَا يُقَالُ إنَّ الْفِطْرَ بِالنِّيَّةِ يَكْفِي إذَا الَّذِي يَحْرُمُ يَوْمَ الْعِيدِ هُوَ الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ بِالنِّيَّةِ مُنَافٍ لَهُ اهـ بْن
(قَوْلُهُ وَفِي تَلْفِيقِ إلَخْ) الْقَوْلُ بِالضَّمِّ بَيْنَهُمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الضَّمِّ لِيَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَرَجَّحَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَجَبَ الْفِطْرُ) أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَوَّالٍ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ وَجَبَ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الثَّانِي مُصَدِّقَةٌ لِلْأَوَّلِ إذْ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بَعْدَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَوَّلِ لَا تُوجِبُ كَوْنَ هَذَا الْيَوْمِ مِنْ شَوَّالٍ لِجَوَازِ كَوْنِ الشَّهْرِ كَامِلًا
(قَوْلُهُ وَلُزُومُهُ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخَالِفَ إذَا حَكَمَ بِثُبُوتِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ بِوُجُوبِ صَوْمِهِ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكِيَّ الصَّوْمُ بِهَذَا الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَقَعَ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَهُوَ الْعِبَادَاتُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ أَوَّلًا يَلْزَمُ الْمَالِكِيَّ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ وَحُكْمَهُ فِيهَا بَعْدَ إفْتَاءٍ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ صَلَاةٍ أَوْ بُطْلَانِهَا وَإِنَّمَا يَدْخُلُ حُكْمُهُ حُقُوقَ الْعِبَادِ مِنْ مُعَامَلَاتٍ وَغَيْرِهَا وَهَذَا قَوْلُ الْقَرَافِيِّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْقَرَافِيُّ شَيْخُ ابْنِ رَاشِدٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَوَائِلُ شَرْحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدِّيبَاجِ لَا تِلْمِيذُهُ خِلَافًا لِمَا فِي تت وخش وَلِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ قَوْلُ ثَالِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا فَعَلَى هَذَا إذَا حَكَمَ بِثُبُوتِ الشَّهْرِ لَزِمَ الْمَالِكِيَّ الصَّوْمُ لَا إنْ حَكَمَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لِلْمَالِكِيِّ وَصَامَ النَّاسُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِالْفِطْرِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَصْعَبُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ رُئِيَ قَبْلَهُ فَلِلْمَاضِيَةِ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَالْفِطْرُ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ، وَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الْفِطْرِ إنْ كَانَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَعَلَى الصَّوْمِ إنْ كَانَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ لِلْقَابِلَةِ) أَيْ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ
(وَإِنْ ثَبَتَ) رَمَضَانُ (نَهَارًا أَمْسَكَ) الْمُكَلَّفُ وُجُوبًا عَنْ الْمُفْطِرَاتِ وَلَوْ تَقَدَّمَ لَهُ فِطْرٌ لِحُرْمَةِ الزَّمَنِ (وَإِلَّا) يُمْسِكْ (كُفِّرَ إنْ انْتَهَكَ) الْحُرْمَةَ بِعِلْمِهِ بِالْحُكْمِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِكْ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ جَازَ لَهُ فِطْرُهُ فَلَا كَفَّارَةَ
(وَإِنْ غَيَّمَتْ) السَّمَاءُ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ (وَلَمْ يَرَ) الْهِلَالَ (فَصَبِيحَتُهُ) أَيْ الْغَيْمِ (يَوْمُ الشَّكِّ) الَّذِي نُهِيَ عَنْ صَوْمِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَمْ يَكُنْ يَوْمَ شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَرَ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» أَيْ أَكْمِلُوا عِدَّةَ مَا قَبْلَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَبِيحَةَ الْغَيْمِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا فَالْوَجْهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ صَبِيحَةُ مَا تَحَدَّثَ فِيهِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ مَنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ فَاسِقٍ كَمَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
(وَصِيمَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ أَيْ جَازَ صَوْمُهُ أَيْ أَذِنَ فِيهِ (عَادَةً) بِأَنْ اعْتَادَ سَرْدَ الصَّوْمِ أَوْ صَادَفَ يَوْمًا جَرَتْ عَادَتُهُ أَنْ يَصُومَهُ كَخَمِيسٍ (وَتَطَوُّعًا) أَيْ لَا لِعَادَةٍ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ قَالَ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ (وَقَضَاءً) عَنْ رَمَضَانَ السَّابِقِ (وَكَفَّارَةً) عَنْ هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَيَمِينٍ وَكَذَا نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ (وَلِنَذْرٍ صَادَفَ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَا لِلْمَاضِيَةِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَيَسْتَمِرُّ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هِلَالِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِهِلَالِ شَوَّالٍ اهـ خش
(قَوْلُهُ، وَإِنْ ثَبَتَ رَمَضَانُ) أَيْ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ كَأَنْ يُثْبِتَ بِالنَّقْلِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ عَدْلَانِ أَوْ جَمَاعَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ أَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ أَمْسَكَ) أَيْ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالْمَنْوِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ نَهَارًا وَأَمْسَكَ فَإِنَّهُ يُمْسِكُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ صَوْمٍ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّوْمِ وَقْتَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَإِنْ نَوَى نَهَارًا كَانَتْ كَالْعَدَمِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَمْسَكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ نَهَارًا وَنَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عِنْدَ إمْسَاكِهِ وَلَمْ يَجِدْ تِلْكَ النِّيَّةَ فِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ كَانَ صَوْمُهُ كُلُّهُ بَاطِلًا، وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ وَالنِّيَّةُ قَبْلَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ بَاطِلَةٌ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَصْبَحَ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ بَعْدَ ثُبُوتِهِ يَعْنِي إذَا وَقَعَتْ فِي مَحَلِّهَا بِأَنْ كَانَتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِعِلْمِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ وُجُوبُ الْإِمْسَاكِ (قَوْلُهُ فَلَا كَفَّارَةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ الْمَذْكُورَ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ
(قَوْلُهُ، وَإِنْ غَيَّمَتْ) الصَّوَابُ ضَبْطُهُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ يَوْمُ الشَّكِّ) أَيْ صَبِيحَةُ يَوْمِ الشَّكِّ لِلشَّكِّ فِي كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كَانَ أَيْ صَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ اعْتَرَضَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ جَزْمًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِتَسْمِيَتِهِ يَوْمَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ صَبِيحَةُ الثَّلَاثِينَ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ صَحْوًا وَتَحَدَّثَ فِيهَا بِالرُّؤْيَةِ مَنْ لَا يَثْبُتُ بِهِ كَعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الرُّؤْيَةِ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً مَعَ انْضِمَامِ حَدِيثِ مَنْ لَا يَثْبُتُ بِهِ وَقَوْلُهُمْ أَنَّهُ رُئِيَ مُثِيرٌ لِلشَّكِّ بِخِلَافِ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مَعَ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ لَا يُثِيرُ شَكًّا؛ لِأَنَّهُ صَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ
(قَوْلُهُ أَيْ أُذِنَ فِيهِ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَادَةً أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَقَضَاءً (قَوْلُهُ وَتَطَوُّعًا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ الْقَائِلِ بِكَرَاهَةِ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَطَوُّعًا جَوَازُ الصَّوْمِ تَطَوُّعًا فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْكَرَاهَةِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلًا كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصِلْهُ» أَيْ كَأَنْ يَصُومَ صَوْمًا مُعْتَادًا لَهُ فَيَسْتَمِرُّ فِيهِ عَلَى مَا كَانَ وَأَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّقْدِيمِ بِقَصْدِ تَعْظِيمِ الشَّهْرِ كَمَا أَنَّ الرَّوَاتِبَ الْقَبْلِيَّةَ فِي الصَّلَاةِ إذَا قُصِدَ بِهَا تَعْظِيمُ الْفَرِيضَةِ بَعْدَهَا تُكْرَهُ (قَوْلُهُ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ) أَيْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ مَا صِيمَ عَادَةً تَطَوُّعٌ فَالْمُتَعَاطِفَانِ غَيْرُ مُتَغَايِرَيْنِ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ تَطَوُّعٌ مُعْتَادٌ وَالثَّانِي غَيْرُ مُعْتَادٍ (قَوْلُهُ قَالَ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ) أَيْ جَوَازُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا لَا لِعَادَةٍ (قَوْلُهُ وَقَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ السَّابِقِ) وَيُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَلَا الْفَائِتِ وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَقَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْفَائِتِ فَلَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِهِ قَضَاءً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَتَذَكَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَنَّهُ قَدْ قَضَى مَا فِي ذِمَّتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ فَإِنْ أَفْطَرَ فَهَلْ يَقْضِيهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَصُوِّبَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهُ ظَنًّا أَنَّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَفَّارَةً عَنْ هَدْيٍ) الْأَوْلَى وَكَفَّارَةً عَنْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ لَا أَنَّهُ كَفَّارَةٌ عَنْهُمَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ) أَيْ وَكَذَا يَجُوزُ صَوْمُهُ إذَا كَانَ نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ فَصَامَ يَوْمَ الشَّكِّ، وَإِذَا صَامَهُ وَثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَضَى مَا فِي ذِمَّتِهِ وَيَوْمًا عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ اهـ خش (قَوْلُهُ وَلِنَذْرٍ صَادَفَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ صَوْمَهُ تَعْيِينًا بِأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَوْمُ الشَّكِّ سَقَطَ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ
كَنَذْرِ يَوْمِ خَمِيسٍ أَوْ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ وَأَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَيَوْمٌ لِلْفَائِتِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلنَّذْرِ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ (لَا احْتِيَاطًا) عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ اُحْتُسِبَ بِهِ وَإِلَّا كَانَ تَطَوُّعًا فَلَا يَجُوزُ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الرَّاجِحِ (وَنُدِبَ إمْسَاكُهُ) بِقَدْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالثُّبُوتِ (لِيَتَحَقَّقَ) الْحَالُ مِنْ صِيَامٍ أَوْ إفْطَارٍ (لَا) يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ (لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ) بِهِ احْتِيَاطًا لَهَا أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْإِمْسَاكِ لِلثُّبُوتِ وَإِلَّا فَهُوَ يُمْسِكُ بِقَدْرِ الْأَوَّلِ كَمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى
(أَوْ زَوَالِ) أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ لِزَوَالِ (عُذْرٍ مُبَاحٍ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْعُذْرِ (الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ كَمُضْطَرٍّ) لِفِطْرٍ مِنْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ فَأَفْطَرَ لِذَلِكَ وَكَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَتَا نَهَارًا أَوْ مَرِيضٍ صَحَّ وَمُرْضِعٍ مَاتَ وَلَدُهَا وَمُسَافِرٍ قَدِمَ وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ وَصَبِيٍّ بَلَغَ نَهَارًا فَلَا يُنْدَبُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ الْإِمْسَاكُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ عَنْ النَّاسِي وَمَنْ أَفْطَرَ يَوْمَ الشَّكِّ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ كَصَبِيٍّ بَيَّتَ الصَّوْمَ وَاسْتَمَرَّ صَائِمًا حَتَّى بَلَغَ أَوْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا قَضَاءَ وَأُورِدَ عَلَى مَنْطُوقِهِ الْمُكْرَهُ عَلَى الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَعَلَى مَفْهُومِهِ الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ إذَا أَفَاقَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَعْصِيَةٍ اُنْظُرْ ح وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الْحَقُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَادَةٌ وَحِينَئِذٍ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا احْتِيَاطًا لَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ صَادَفَ.
(قَوْلُهُ كَنَذْرِ يَوْمِ خَمِيسٍ أَوْ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ) أَيْ فَصَادَفَ أَنَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ يَوْمُ الشَّكِّ فَيَجُوزُ لَهُ صَوْمُهُ وَيُجْزِئُهُ عَنْ النَّذْرِ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ فَقَطْ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلنَّذْرِ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ وَأَجْزَأَهُ) أَيْ إذَا صَامَهُ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ الْفَائِتِ لِكَوْنِهِ نَذْرًا صَادَفَ وَقَوْلُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَالْفَائِتِ إذَا صَامَهُ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ وَلَا عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَالنَّذْرُ إذَا كَانَ صَامَهُ لِنَذْرٍ صَادَفَ (قَوْلُهُ وَيَوْمٍ لِلْفَائِتِ) أَيْ لِرَمَضَانَ الْفَائِتِ وَهَذَا فِيمَا إذَا صَامَهُ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ الْفَائِتِ (قَوْلُهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلنَّذْرِ) أَيْ إذَا صَامَهُ لِنَذْرٍ صَادَفَ (قَوْلُهُ لَا احْتِيَاطًا) أَيْ لَا يُصَامُ احْتِيَاطًا، وَإِذَا صَامَهُ وَصَادَفَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا يُجْزِئُهُ لِتَزَلْزُلِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ وَلَا يُرَدُّ قَوْلُ عَائِشَةَ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ كَنَى بِالْعِصْيَانِ عَنْ شِدَّةِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إمْسَاكُهُ) أَيْ يَوْمِ الشَّكِّ أَيْ نُدِبَ الْإِمْسَاكُ فِيهِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالثُّبُوتِ) أَيْ ثُبُوتِ الشَّهْرِ مِنْ الْمَارِّينَ فِي الطَّرِيقِ مِنْ السِّفَارَةِ وَذَلِكَ بِارْتِفَاعِ النَّهَارِ (قَوْلُهُ لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَاحْتَاجَ الْأَمْرُ إلَى تَزْكِيَتِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ لِأَجْلِ التَّزْكِيَةِ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فِي تَزْكِيَتِهِمَا طُولٌ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا فَاسْتِحْبَابُ الْإِمْسَاكِ مُتَعَيِّنٌ كَمَا قَالَ ح بَلْ هُوَ آكَدُ مِنْ الْإِمْسَاكِ فِي الْفَرْعِ السَّابِقِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالرُّؤْيَةِ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا، وَكَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَأُخِّرَ أَمْرُ التَّزْكِيَةِ لِلنَّهَارِ فَلَا إمْسَاكَ أَصْلًا وَلَا يَجِبُ تَبْيِيتُ الصَّوْمِ، وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً وَأُخِّرَ أَمْرُ التَّزْكِيَةِ لِلنَّهَارِ فَالْمَنْفِيُّ إنَّمَا هُوَ الْإِمْسَاكُ الزَّائِدُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْأَمْرُ وَإِنْ زَكَّيَا بَعْدَ ذَلِكَ أُمِرَ النَّاسُ بِالْإِمْسَاكِ وَالْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفِطْرِ بِأَنْ رَأَيَا هِلَالَ شَوَّالٍ وَاحْتَاجَ الْأَمْرُ لِلتَّزْكِيَةِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ زَكَّيَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِمْ فِيمَا صَامُوا (قَوْلُهُ زِيَادَةً عَلَى الْإِمْسَاكِ لِلثُّبُوتِ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ كَمَا فِي بْن تَبَعًا لح إذَا كَانَ الْيَوْمُ يَوْمَ شَكٍّ بِأَنْ كَانَ صَبِيحَةَ صَحْوٍ فَلَا إمْسَاكَ أَصْلًا وَكَذَا إنْ شَهِدَا نَهَارًا فَلَا إمْسَاكَ أَصْلًا كَمَا عَلِمْت
(قَوْلُهُ أَوْ زَوَالِ عُذْرٌ) مُحَصَّلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُفْطِرًا لِأَجْلِ عُذْرٍ يُبَاحُ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِمْسَاكُ فَإِذَا زَالَ الْحَيْضُ أَوْ النِّفَاسُ فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ انْقَضَى السَّفَرُ أَوْ زَالَ الصِّبَا وَبَلَغَ فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ زَالَ الْجُنُونُ أَوْ الْإِغْمَاءُ أَوْ قَوِيَ الْمَرِيضُ الْمُفْطِرُ أَوْ زَالَ اضْطِرَارُ الْمُضْطَرِّ لِلْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ الْإِمْسَاكُ وَيَجُوزُ لَهُمْ التَّمَادِي عَلَى تَعَاطِي الْمُفْطِرِ (قَوْلُهُ مَعَ الْعِلْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُبَاحٍ أَيْ أُبِيحَ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ لَا بِزَوَالٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ جُوعٍ) أَيْ مِنْ أَجْلِ جُوعٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَصَبِيٍّ) أَيْ بَيَّتَ الْفِطْرَ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ عَنْ النَّاسِي) أَيْ عَمَّنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا (قَوْلُهُ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النِّسْيَانِ وَالشَّكِّ عُذْرٌ يُبَاحُ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ لَكِنْ لَا مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ (قَوْلُهُ كَصَبِيٍّ بَيَّتَ الصَّوْمَ إلَخْ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ لِانْعِقَادِ الصَّوْمِ لَهُ نَافِلَةً كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ أَوْ أَفْطَرَ نَاسِيًا) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ الْإِمْسَاكُ (قَوْلُهُ وَلَا قَضَاءَ) أَيْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَجِبُ فِيهِمَا الْإِمْسَاكُ (قَوْلُهُ وَأُورِدَ عَلَى مَنْطُوقِهِ الْمُكْرَهُ عَلَى الْفِطْرِ) أَيْ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ عُذْرٌ يُبَاحُ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ مَعَ أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى الْفِطْرِ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَفْهُومِهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجُنُونَ عُذْرٌ يُبَاحُ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ لَكِنْ لَا مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ
مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِرَمَضَانَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِعْلَهُمَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا فَلَمْ يَدْخُلَا فِي كَلَامِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ (فَلِقَادِمٍ) مِنْ سَفَرِهِ نَهَارًا مُفْطِرًا (وَطْءُ زَوْجَةٍ) أَوْ أَمَةٍ (طَهُرَتْ) مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ نَهَارًا أَوْ صَبِيَّةٍ لَمْ تُبَيِّتْ الصَّوْمَ أَوْ قَادِمَةٍ مِنْ سَفَرٍ مُفْطِرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ
(وَ) نُدِبَ (كَفُّ لِسَانٍ) عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ، وَأَمَّا عَنْ الْمُحَرَّمِ فَيَجِبُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَيَتَأَكَّدُ فِيهِ (وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ) بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغُرُوبِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَنُدِبَ كَوْنُهُ عَلَى رُطَبَاتٍ فَتَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ وَكَوْنُ مَا ذَكَرَ وِتْرًا وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت وَفِي حَدِيثِ «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» (وَ) نُدِبَ (تَأْخِيرُ سُحُورٍ) وَكَذَا يُسْتَحَبُّ أَصْلُ السُّحُورِ
(وَ) نُدِبَ (صَوْمٌ) لِرَمَضَانَ (بِسَفَرٍ، وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ) وَطَنَهُ (بَعْدَ الْفَجْرِ) وَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ وُجُوبِ صِيَامِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ وَلَا يَجِبُ وَلَوْ عَلِمَ إلَخْ (وَصَوْمُ عَرَفَةَ) ، وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ سَنَةً مَاضِيَةً وَسَنَةً مُسْتَقْبَلَةً وَالْيَوْمُ الثَّامِنُ يُكَفِّرُ سَنَةً (إنْ لَمْ يَحُجَّ) وَكُرِهَ لِحَاجٍّ صَوْمُهُمَا لِلتَّقَوِّي عَلَى الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ (وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ) عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ فِي تَسْمِيَتِهَا عَشْرًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ فِعْلَهُمَا) أَيْ فِعْلَ الْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْفِطْرُ الْحَاصِلُ مَنَعَهُمَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ لِعُذْرٍ يُبَاحُ مَعَهُ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ فِطْرَهُمَا مُبَاحٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَمْ يَدْخُلَا فِي كَلَامِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُكْرَهَ مِنْ أَهْلِ الْإِبَاحَةِ فَكُلٌّ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ مَعَ الْعِلْمِ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ فَهُوَ مُكَلَّفٌ وَعُذْرُهُ مُبِيحٌ لِاخْتِيَارِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُكْرَهُ لَمْ يَدْخُلُوا فِي مَنْطُوقٍ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ وَلَا فِي مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ لَمْ تُبَيِّتْ الصَّوْمَ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَوْ بَيَّتَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِالصَّوْمِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَلَا يُقَالُ هِيَ، وَإِنْ لَمْ تُؤْمَرْ بِالصَّوْمِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا لَكِنْ إذَا بَيَّتَتْهُ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا كَمَا مَرَّ عَنْ ح؛ لِأَنَّا نَقُولُ: سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجُهَا أَنْ تَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ تَطَوَّعَتْ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ إفْسَادُهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَوْ كَافِرَةٍ) قَالَ عبق وَلَوْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا كَانَتْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا لَا يُفَطِّرُهَا فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ إذَا كَانَتْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا لَا يُفَطِّرُهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ التَّشَرُّعِ بِدِينِهَا اهـ بْن
(قَوْلُهُ عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ) أَيْ عَنْ الْكَلَامِ الْفَاضِلِ الزَّائِدِ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ الْمُبَاحِ فَخَرَجَ ذِكْرُ اللَّهِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْقَلْبِ بِهِ يُشْغِلُ عَنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَتَعَشَّى بَعْدَهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ «إذَا حَضَرَ الْعِشَاءُ وَالْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» فَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ مَالِكٌ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَحَمَلَ الْعَشَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْأَكْلِ الْكَثِيرِ وَحَمَلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْأَكْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَمْ يَطُلْ كَثَلَاثِ تَمَرَاتٍ أَوْ زَبِيبَاتٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ مَالِكٌ (قَوْلُهُ فَتَمَرَاتٍ) أَيْ فَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْحَلْوَيَاتِ؛ لِأَنَّ السُّكَّرَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْحَلَاوَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَاءِ وَالتَّمْرُ يُقَدَّمُ عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ حَسَوَاتٍ) جَمْعُ حُسْوَةٍ كَمُدْيَةٍ وَمُدْيَاتٍ وَالْفَتْحُ فِي الْجَمْعِ لُغَةٌ وَالْحُسْوَةُ مِلْءُ الْفَمِ مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُ مَا ذَكَرَ وِتْرًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَاحِدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثُ أَوْلَى مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ) أَيْ بَعْدَ فِطْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ) هُوَ بِالضَّمِّ الْفِعْلُ وَبِالْفَتْحِ مَا يُؤْكَلُ آخِرَ اللَّيْلِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ لِقَرْنِهِ بِالْفِطْرِ وَلِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّأْخِيرِ وَقَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ أَيْ لِلثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ وَيَدْخُلُ وَقْتُ السُّحُورِ بِنِصْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَكُلَّمَا تَأَخَّرَ كَانَ أَفْضَلَ فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤَخِّرُهُ بِحَيْثُ يَكُونُ مَا بَيْنَ فَرَاغِهِ مِنْهُ وَبَيْنَ الْفَجْرِ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ خَمْسِينَ آيَةً وَعُلِمَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْأَكْلَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ لَيْسَ سُحُورًا
(قَوْلُهُ وَصَوْمٌ بِسَفَرٍ) أَيْ يُنْدَبُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَ فِي سَفَرِهِ الْمُبِيحِ لِلْفِطْرِ وَسَيَأْتِي شُرُوطُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَيُكْرَهُ الْفِطْرُ، وَأَمَّا قَصْرُ الصَّلَاةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إتْمَامِهَا وَذَلِكَ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالْقَصْرِ وَعَدَمِ بَرَاءَتِهَا بِالْفِطْرِ فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ الصَّوْمِ بِالسَّفَرِ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» قُلْت الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى صَوْمِ النَّفْلِ أَوْ الْفَرْضِ إذَا شَقَّ وَيُرْوَى الْحَدِيثُ بِاللَّامِ وَالْمِيمِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ عُلِمَ دُخُولُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ) أَيْ أَوَّلَ النَّهَارِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ كَمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ لَا يَمُوتُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ؛ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ يُشْعِرُ بِحَيَاتِهِ وَصُدُورِ ذُنُوبٍ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَنُدِبَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَخْ الْمُرَادُ تَأَكُّدُ النَّدْبِ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ مُطْلَقًا مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ وَالْيَوْمُ الثَّامِنُ) أَيْ، وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَقَوْلُهُ يُكَفِّرُ أَيْ يُكَفِّرُ صَوْمُهُ سَنَةً مَاضِيَةً وَهَذَا قَوْلُ الْقَرَافِيِّ وَفِي ح أَنَّ صَوْمَهُ يُكَفِّرُ شَهْرًا (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ) ؛ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِيَوْمِ
تَغْلِيبٌ أَوْ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمٍ عَلَى الْجُزْءِ وَاخْتُلِفَ هَلْ كُلُّ يَوْمٍ مِنْ بَقِيَّةِ التِّسْعِ يُكَفِّرُ سَنَةً أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا (وَعَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ) بِالْمَدِّ فِيهِمَا وَقَدَّمَ عَاشُورَاءَ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ تَاسُوعَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً وَنُدِبَ فِيهِ تَوْسِعَةٌ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَالْيَتَامَى بِالْمَعْرُوفِ
(وَ) نُدِبَ صَوْمُ (الْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ وَشَعْبَانَ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْحُرُمِ الْأَرْبَعَةِ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ فَرَجَبٌ فَذُو الْقَعْدَةِ وَالْحِجَّةِ (وَ) نُدِبَ (إمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ لِمَنْ أَسْلَمَ) لِتَظْهَرَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ بِسُرْعَةٍ (وَ) نُدِبَ (قَضَاؤُهُ) وَلَمْ يَجِبْ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ (وَ) نُدِبَ (تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ) لِمَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى الطَّاعَةِ أَوْلَى وَإِبْرَاءَ الذِّمَّةِ مِنْ الْفَرَائِضِ أَوْلَى مِنْ النَّافِلَةِ (وَتَتَابُعُهُ) أَيْ الْقَضَاءِ (كَكُلِّ صَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ) يُنْدَبُ تَتَابُعُهُ كَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَتَمَتُّعٍ وَصِيَامِ جَزَاءٍ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ (وَ) نُدِبَ (بَدْءٌ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ) وَقِرَانٍ وَكُلِّ نَقْصٍ فِي حَجٍّ عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ أَيْ إذَا اجْتَمَعَ صَوْمٌ كَالتَّمَتُّعِ وَقَضَاءِ رَمَضَانِ نُدِبَ تَقْدِيمُ صِيَامِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ صَوْمِ الْقَضَاءِ لِجَوَازِ تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ لِشَعْبَانَ وَنُدِبَ الْبُدَاءَةُ بِمَا ذَكَرَ لِيَصِلَ سَبْعَةَ التَّمَتُّعِ بِالثَّلَاثَةِ الَّتِي صَامَهَا فِي الْحَجِّ فَلَوْ بَدَأَ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ لِفَصْلٍ بَيْنَ جُزْأَيْ صَوْمِ التَّمَتُّعِ فَتَأَمَّلْ (إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ
(وَ) نُدِبَ (فِدْيَةٌ) وَهِيَ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى مُدٌّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ (لِهَرِمٍ وَعَطِشٍ) بِكَسْرِ الرَّاء وَالطَّاء أَيْ لَا يَقْدِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الصَّوْمِ فِي زَمَنٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ فَإِنْ قَدَرَ فِي زَمَنٍ مَا أَخَّرَ إلَيْهِ وَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَرَفَةَ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ إذْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لَيْسَ عَامًّا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ تَغْلِيبٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تِسْعَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ إذْ الْعَاشِرُ، وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ لَا يُصَامُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ تَغْلِيبٌ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ إذْ لَا تَغْلِيبَ هُنَا (قَوْلُهُ مِنْ بَقِيَّةِ التِّسْعِ) أَيْ غَيْرِ الثَّامِنِ وَالتَّاسِعِ، وَأَمَّا هُمَا فَقَدْ مَرَّ مَا يُكَفِّرُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ يُكَفِّرُ سَنَةً أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَرَافِيِّ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهْرَيْنِ أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ تت وَقَوْلُهُ أَوْ شَهْرًا أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ح (قَوْلُهُ وَعَاشُورَاءَ) هُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ وَتَاسُوعَاءَ تَاسِعَةٌ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ عَاشُورَاءُ) أَيْ مَعَ أَنَّ تَاسُوعَاءَ سَابِقٌ فِي الْوُجُودِ عَلَى عَاشُورَاءَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً أَيْ ذُنُوبَ سَنَةٍ مِنْ الصَّغَائِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَغَائِرُ حَتَّتْ مِنْ كَبَائِرِ سَنَةٍ، وَذَلِكَ التَّحْتِيتُ مُوَكَّلٌ لِفَضْلِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَبَائِرَ رَفَعَ لَهُ دَرَجَاتٍ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ فِيهِ تَوْسِعَةٌ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ يُنْدَبُ عَشْرُ خِصَالٍ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:
صُمْ صَلِّ صِلْ زُرْ عَالِمًا ثُمَّ اغْتَسِلْ
…
رَأْسَ الْيَتِيمِ امْسَحْ تَصَدَّقْ وَاكْتَحِلْ
وَسِّعْ عَلَى الْعِيَالِ قَلِّمْ ظُفْرًا
…
وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ قُلْ أَلْفًا تَصِلْ
لِقُوَّةِ حَدِيثِ التَّوْسِعَةِ دُونَ غَيْرِهَا
(قَوْلُهُ وَرَجَبٍ) اعْتَرَضَ ح رَجَبَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي فِطْرِ رَجَبٍ وَلَا فِي صِيَامِهِ وَلَا فِي صِيَامِ شَيْءٍ مِنْهُ مُعَيَّنٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ اُنْظُرْهُ وَلِذَا قَالَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُحَرَّمِ وَشَعْبَانَ لَوَافَقَ الْمَنْصُوصَ اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق وَنُدِبَ بَقِيَّةُ الْأَرْبَعَةِ غَيْرُ الْمَنْصُوصِ قَالَ ح وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأَشْهُرِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا شَوَّالًا وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لَكِنْ وَقَفْت فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ عَلَى حَدِيثٍ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ وَنَصُّهُ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَشَوَّالًا وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ دَخَلَ الْجَنَّةَ» اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَنُدِبَ قَضَاؤُهُ) اُنْظُرْ هَلْ نَدْبُ الْقَضَاءِ خَاصٌّ بِمَا إذَا أَمْسَكَ بَقِيَّتَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْسِكْ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ أَوْ عَامٌّ فِيمَنْ أَمْسَكَ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ أَوْ أَفْطَرَ فِيهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِبْ) أَيْ الْإِمْسَاكُ مَعَ أَنَّ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ هُوَ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ وَزَوَالُ عُذْرٍ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ) أَيْ وَأَمَّا الصَّوْمُ الَّذِي يَلْزَمُ تَتَابُعُهُ فَتَتَابُعُ قَضَائِهِ وَاجِبٌ مَا عَدَا رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَتَمَتُّعٍ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَلْزَمُهُ دَمٌ أَوْ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَقَوْلُهُ وَثَلَاثَةٌ إلَخْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِإِغْنَاءِ التَّمَتُّعِ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَصِيَامِ جَزَاءٍ) أَيْ إذَا قَتَلَ صَيْدًا، وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ وَقَوَّمَ بِطَعَامٍ وَأَرَادَ أَنْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا (قَوْلُهُ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ) أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ مَثَلًا وَأَرَادَ الصَّوْمَ قَدَّمَهُ عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ لِشَعْبَانَ) أَيْ فَقَضَاءُ رَمَضَانَ مُوَسَّعٌ وَصَوْمُ التَّمَتُّعِ وَمَا مَعَهُ مُضَيَّقٌ وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ الْمُضَيَّقِ عَلَى الْمُوَسَّعِ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَجْرِي فِي صَوْمِ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّ فِي صَوْمِ الْقِرَانِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَفِيهَا قُصُورٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ فِيهَا شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْفَصْلَ غَيْرُ مُضِرٍّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ الْفَصْلُ بِالرُّجُوعِ لِبَلَدِهِ
(قَوْلُهُ وَنُدِبَ فِدْيَةٌ لِهَرِمٍ وَعَطِشٍ) مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ الْفِدْيَةِ لَهُمَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلِلْعَطِشِ أَنْ يَتَنَاوَلَ غَيْرَ الشُّرْبِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لِلْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ لَا يُنْدَبُ لَهُ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ بَلْ لَهُ تَنَاوُلُ كُلِّ شَيْءٍ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ح عَنْ مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ إنَّ الْمُتَعَطِّشَ يَشْرَبُ إذَا بَلَغَ الْجَهْدَ مِنْهُ وَلَا يَعْدِلُ عَنْ الشُّرْبِ إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا فِدْيَةَ) أَيْ لَا وُجُوبًا
(وَ) نُدِبَ (صَوْمُ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) وَكَانَ مَالِكٌ يَصُومُ أَوَّلَ يَوْمِهِ وَحَادِي عَشْرَةَ وَحَادِي عَشْرَيْهِ (وَكُرِهَ كَوْنُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (الْبِيضَ) أَيْ أَيَّامَ اللَّيَالِي الْبِيضِ ثَالِثَ عَشْرِهِ وَتَالِيَاهُ مَخَافَةَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبِهَا وَفِرَارًا مِنْ التَّحْدِيدِ وَهَذَا إذَا قَصَدَ صَوْمَهَا بِعَيْنِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ فَلَا كَرَاهَةَ (كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) فَتُكْرَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ مُتَتَابِعَةً وَأَظْهَرَهَا مُعْتَقِدًا سَنَةَ اتِّصَالِهَا
(وَ) كُرِهَ لِلصَّائِمِ (ذَوْقُ مِلْحٍ) لِطَعَامِهِ لِيَنْظُرَ اعْتِدَالَهُ وَلَوْ لِصَانِعٍ وَكَذَا ذَوْقُ عَسَلٍ وَخَلٍّ وَنَحْوِهِمَا (وَ) كُرِهَ مَضْغُ (عِلْكٍ) ، وَهُوَ مَا يُعْلَكُ أَيْ يُمْضَغُ كَتَمْرٍ لِصَبِيٍّ مَثَلًا وَمَضْغُ لِبَانٍ (ثُمَّ يَمُجُّهُ) قَبْلَ أَنْ يَصِلَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى حَلْقِهِ فَإِنْ وَصَلَ قَضَى فَقَطْ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا كَفَّرَ أَيْضًا (وَمُدَاوَاةُ حُفَرٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ فَسَادُ أُصُولِ الْأَسْنَانِ (زَمَنَهُ) أَيْ الصَّوْمِ، وَهُوَ النَّهَارُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ سَلِمَ فَإِنْ ابْتَلَعَ مِنْهُ شَيْئًا غَلَبَةً قَضَى، وَإِنْ تَعَمَّدَ كَفَّرَ أَيْضًا (إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ) فِي تَأْخِيرِهِ لِلَّيْلِ بِحُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ شِدَّةِ تَأَلُّمٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ مَرَضٌ فَلَا تُكْرَهُ بَلْ يَجِبُ إنْ خَافَ هَلَاكًا أَوْ شِدَّةَ أَذًى
(وَ) كُرِهَ (نَذْرَ) صَوْمِ (يَوْمٍ مُكَرَّرٍ) كَكُلِّ خَمِيسٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِهِ عَلَى كَسَلٍ فَيَكُونُ لِغَيْرِ الطَّاعَةِ أَقْرَبَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَا نَدْبًا (قَوْلُهُ وَصَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَيَّامِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَهَذَا زِيَادَةٌ عَلَى الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَحَبَّانِ مُسْتَقِلَّانِ (قَوْلُهُ أَوَّلَ يَوْمِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا فَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ بِحَسَنَةٍ، وَهِيَ بِصَوْمِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَحَادِي عَشْرِهِ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ وَحَادِي عَشْرَيْهِ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ الثَّالِثَةِ فَإِذَا صَامَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَحَادِي عَشْرِهِ وَحَادِي عَشْرَيْهِ فَكَأَنَّهُ صَامَ الدَّهْرَ وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ فَلَا يُرَدُّ النَّقْضُ بِأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ اهـ تَقْرِيرٌ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَادِي عَشْرَيْهِ) كَذَا قَالَهُ تت لَا أَوَّلَهُ وَعَاشِرَهُ وَيَوْمَ عَشْرَيْهِ كَمَا فِي الشَّارِحِ بَهْرَامَ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ كَذَا فِي عبق قَالَ بْن مِثْلُهُ فِي ح عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَالذَّخِيرَةِ وَيَا لَلْعَجَبِ كَيْفَ يَكُونُ مَا لتت أَرْجَحُ مِمَّا فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا لتت قَدْ تَأَيَّدَ عِنْدَ عبق نَقْلًا كَمَا تَأَيَّدَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الدِّرَايَةَ كَانَتْ أَغْلَبَ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الرِّوَايَةِ.
(قَوْلُهُ أَيْ أَيَّامَ اللَّيَالِي الْبِيضِ) أَيْ فَقَدْ حَذَفَ الْمُضَافَ لِلْمَوْصُوفِ وَقَوْلُهُ ثَالِثَ عَشَرَهِ أَيْ الشَّهْرِ وَتَالِيَاهُ وُصِفَتْ اللَّيَالِي الْمَذْكُورَةُ بِالْبِيضِ لِشِدَّةِ نُورِ الْقَمَرِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَفِرَارًا إلَخْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ الْعِلَّةِ عَلَى قَوْلِهِ مَخَافَةَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ إذَا قَصَدَ صَوْمَهَا بِعَيْنِهَا) بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الثَّوَابَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِصَوْمِهَا خَاصَّةً (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ) بِأَنْ قَصَدَ صِيَامَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لِمُقْتَدًى بِهِ) خَوْفًا مِنْ اعْتِقَادِ الْعَامَّةِ وُجُوبَهَا وَانْظُرْ التَّقْيِيدَ بِهِ مَعَ مَا فِي ح عَنْ مُطَرِّفٍ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ صَوْمَهَا لِذِي الْجَهْلِ خَوْفًا مِنْ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا اهـ بْن (مُعْتَقِدًا سُنَّةَ اتِّصَالِهَا) أَيْ مُعْتَقِدًا أَنَّ الثَّوَابَ لَا يَحْصُلُ إلَّا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُقَيَّدَةٌ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ فَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ خَبَرُ أَبِي أَيُّوبَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ الْحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا فَشَهْرُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ تَمَامَ السَّنَةِ» اهـ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَبَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ يُكْرَهْ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ الْوُجُوبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى إظْهَارُهَا لَمْ يُكْرَهْ وَلَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَتَى أَظْهَرَهَا كُرِهَ لَهُ فِعْلُهَا اعْتَقَدَ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا أَوْ لَا، وَكَذَا إنْ اعْتَقَدَ سُنِّيَّتَهُ كُرِهَ فِعْلُهَا أَظْهَرَهَا أَوْ لَا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فَيُكْرَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ، وَلِمَنْ خَافَ عَلَيْهِ اعْتِقَادَ وُجُوبِهَا إنْ صَامَهَا مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ مُتَتَابِعَةً وَأَظْهَرَهَا أَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَمَضْغُ عِلْكٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنْ عِلْكَ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ لَا عَطْفٌ عَلَى مِلْحٍ؛ لِأَنَّ الْعِلْكَ لَا يُذَاقُ اللَّهُمَّ أَنْ يَضْمَنَ ذَوْقَ مَعْنَى تَنَاوُلٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَمُجُّهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا فَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ أَيْ، وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَذَاقَ الْمِلْحَ أَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ فَيَمُجُّهُ أَيْ وُجُوبًا وَعَلَيْهِ فَإِنْ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ وَلَمْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْغُرُوبِ فَهَلْ يَأْثَمُ أَمْ لَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُدَاوَاةُ حُفَرٍ زَمَنَهُ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ مُدَاوَاتِهِ لَيْلًا فَإِنْ وَصَلَ لِحَلْقِهِ نَهَارًا فَهَلْ يَكُونُ مِثْلَ هُبُوطِ الْكُحْلِ نَهَارًا أَمْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ هُبُوطَ الْكُحْلِ لَيْسَ فِيهِ وُصُولُ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الْجَوْفِ بِخِلَافِ دَوَاءِ الْحُفَرِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ سَلِمَ) أَيْ مِنْ وُصُولِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَاءِ لِحَلْقِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ ابْتَلَعَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الدَّوَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ مُدَاوَاةٍ.
(قَوْلُهُ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ) مِنْ ذَلِكَ غَزْلُ الْكَتَّانِ لِلنِّسَاءِ إذَا كُنَّ يُرِقْنَهُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تُضْطَرَّ الْمَرْأَةُ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ طَعْمٌ يَتَحَلَّلُ كَاَلَّذِي يَعْطَنُ فِي الْمُبَلَّاتِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِصْرِيًّا أَيْ يَعْطَنُ فِي الْبَحْرِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ وَمِنْ ذَلِكَ حَصَادُ الزَّرْعِ إذَا كَانَ يُؤَدِّي لِلْفِطْرِ كُرِهَ مَا لَمْ يُضْطَرَّ الْحَصَّادُ لِذَلِكَ، وَأَمَّا رَبُّ الزَّرْعِ فَلَهُ الْخُرُوجُ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُضْطَرٌّ لِحِفْظِهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْبُرْزُلِيِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ فِي تَأْخِيرِهِ) أَيْ فِي تَأْخِيرِ الدَّوَاءِ أَيْ فِي تَأْخِيرِ اسْتِعْمَالِهِ لَيْلًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ أَيْ مِنْ التَّأَلُّمِ
(قَوْلُهُ فَيَكُونُ لِغَيْرِ الطَّاعَةِ أَقْرَبَ) أَيْ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّ
وَلَا مَفْهُومَ لِيَوْمٍ إذْ مِثْلُهُ أُسْبُوعٌ أَوْ شَهْرٌ أَوْ عَامٌ مُكَرَّرٌ كُلٌّ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ
(وَ) كُرِهَ (مُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ كَقُبْلَةٍ وَفِكْرٍ) وَنَظَرٍ (إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ) مِنْ مَنِيٍّ وَمَذْيٍ (وَإِلَّا) يَعْلَمْ بِأَنْ شَكَّ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ عَدَمَهَا (حُرِّمَتْ) مُقَدِّمَةُ الْجِمَاعِ لَا إنْ تَوَهَّمَ عَدَمَ السَّلَامَةِ (وَ) كُرِهَتْ (حِجَامَةُ مَرِيضٍ) إنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ فَإِنْ عَلِمَهَا جَازَتْ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حُرِّمَتْ (فَقَطْ) أَيْ لَا صَحِيحٍ فَلَا تُكْرَهُ حِجَامَتُهُ إنْ شَكَّ فِي سَلَامَتِهِ وَأَوْلَى أَنْ عَلِمَهَا فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حُرِّمَتْ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ حَالَةُ الشَّكِّ
(وَ) كُرِهَ (تَطَوُّعٌ) بِصِيَامٍ (قَبْلَ) صَوْمِ (نَذْرٍ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ (أَوْ) قَبْلَ (قَضَاءٍ) وَكَفَّارَةٍ بِصَوْمٍ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
التَّكَرُّرَ مَظِنَّةُ التَّرْكِ (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُكَرَّرُ فَإِذَا كَانَ أَقَلُّ مَا يُكَرَّرُ نَذْرُ صَوْمِهِ مَكْرُوهًا كَانَ الْمُكَرَّرُ أَكْثَرَ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ إذْ مِثْلُهُ أُسْبُوعٌ) أَيْ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أُسْبُوعٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كُلِّ رَجَبٍ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كُلِّ عَامٍ فِيهِ خِصْبٌ.
(تَنْبِيهٌ) مِنْ جُمْلَةِ الصِّيَامِ الْمَكْرُوهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ صَوْمُ يَوْمِ الْمَوْلِدِ الْمُحَمَّدِيِّ إلْحَاقًا لَهُ بِالْأَعْيَادِ وَكَذَا صَوْمُ الضَّيْفِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَنْزِلِ قَالَهُ فِي المج (قَوْله وإلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْأُسْبُوعُ أَوْ الشَّهْرُ أَوْ الْعَامُ مُعَيَّنًا فَلَا كَرَاهَةَ
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ مُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ) أَيْ لِشَخْصٍ شَابٍّ أَوْ لِشَيْخٍ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ كَقُبْلَةٍ وَفِكْرٍ وَنَظَرٍ) أَيْ وَمُبَاشَرَةٍ وَمُلَاعَبَةٍ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمِثَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُبْلَةِ لَتُوُهِّمَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي الْفِكْرِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْقُبْلَةِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفِكْرِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْقُبْلَةَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةُ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ إذَا عُلِمَتْ السَّلَامَةُ وَلَوْ كَانَا غَيْرَ مُسْتَدَامَيْنِ لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ: وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ وَالْفِكْرَ غَيْرَ الْمُسْتَدَامَيْنِ لَا يُكْرَهَانِ إذَا عُلِمَتْ السَّلَامَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقُبْلَةِ وَالنَّظَرِ إذَا كَانَا بِقَصْدِ لَذَّةٍ لَا إنْ كَانَا بِدُونِ قَصْدِهَا أَوْ كَانَتْ الْقُبْلَةُ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةُ الْمُقَدِّمَاتِ الْمَذْكُورَةِ إذَا عُلِمَتْ السَّلَامَةُ وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَصَلَ إنعاظ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ لُزُومَ الْقَضَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَقْضِي وَمَا دُونَهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ) أَيْ أَوْ ظُنَّتْ وَقَوْلُهُ وَأُولَى إنْ عُلِمَ عَدَمُهَا أَيْ أَوْ ظُنَّ عَدَمُهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنْ مَذَى بِالْمُقَدِّمَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَالَةِ الْكَرَاهَةِ أَوْ فِي حَالَةِ الْحُرْمَةِ فَالْقَضَاءُ اتِّفَاقًا فَإِنْ حَصَلَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا مُتَابَعَةٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْزَلَ فَفِي حَالَةِ الْحُرْمَةِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ اتِّفَاقًا وَفِي حَالَةِ الْكَرَاهَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا قَوْلُ أَشْهَبَ إنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَابِعَ حَتَّى يُنْزِلَ وَالثَّانِي قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَبَيْنَ النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فَالْإِنْزَالُ النَّاشِئُ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا وَالنَّاشِئُ عَنْ الْأَخِيرَيْنِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُتَابِعَ ذَلِكَ حَتَّى يُنْزِلَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن فَإِنْ شَكَّ فِي الْخَارِجِ مِنْهُ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ أَمَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَى الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ قَبِيلِ الْحُدُودِ فَتُدْرَأُ بِالشَّكِّ خُصُوصًا وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرَاهَا فِي غَيْرِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ أَصْلُ نَصِّهَا قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ إنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ) أَيْ مِنْ الْمَرَضِ الْمُوجِبِ لِلْفِطْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَهَا جَازَتْ) أَيْ وَكَذَا إذَا ظَنَّهَا وَقَوْلُهُ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حُرِّمَتْ أَيْ وَكَذَا إذَا ظُنَّ عَدَمُهَا أَوْ أَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ فَالْفَرْقُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالصَّحِيحَ إذَا عُلِمَتْ سَلَامَتُهُمَا أَوْ ظُنَّتْ جَازَتْ الْحِجَامَةُ لَهُمَا، وَإِنْ عُلِمَ أَوْ ظُنَّ عَدَمُ السَّلَامَةِ لَهُمَا حُرِّمَتْ لَهُمَا وَفِي حَالَةِ الشَّكِّ تُكْرَهُ لِلْمَرِيضِ وَتَجُوزُ لِلصَّحِيحِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ وَمِثْلُهُ فِي ح عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ قَائِلًا إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ اسْتِوَاءُ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ فِي الْكَرَاهَةِ حَالَةَ الشَّكِّ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يُخْشَ بِتَأْخِيرِهَا لِلَّيْلِ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وإلَّا وَجَبَ فِعْلُهَا، وَإِنْ أَدَّتْ لِلْفِطْرِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَالْفَصَادَةُ كَالْحِجَامَةِ كَمَا قَالَ ح
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَطَوُّعٌ بِصِيَامٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ لِمَنْ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَاجِبٌ كَالْمَنْذُورِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَذَلِكَ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِ الْوَاجِبِ وَعَدَمِ فَوْرِيَّتِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُحَرَّمُ كَمَا تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ صَوْمُ التَّطَوُّعِ الَّذِي قَدَّمَهُ عَلَى الصَّوْمِ الْوَاجِبِ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ أَوْ كَانَ مُؤَكَّدًا كَعَاشُورَاءَ وَتَاسُوعِ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي تَرْجِيحِ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ قَضَاءً أَوْ تَطَوُّعًا ثَالِثُهَا سَوَاءٌ وَالْأَرْجَحُ الْأَوَّلُ يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ فَقِيلَ إنَّ
فَلَا يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ قَبْلَهُ وَلَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ فِي زَمَنِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ
(وَمَنْ) عَلِمَ الشُّهُورَ وَ (لَا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ) لِلْهِلَالِ (وَلَا غَيْرُهَا) مِنْ إخْبَارٍ بِهِ (كَأَسِيرٍ) وَمَسْجُونٍ (كَمَّلَ الشُّهُورَ) أَيْ بَنَى فِي صِيَامِ رَمَضَانَ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّ الشُّهُورَ كُلَّهَا كَامِلَةٌ كَمَا إذَا تَوَالَى غَيْمُهَا وَصَامَ رَمَضَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا حَيْثُ عُرِفَ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ تَلْتَبِسْ عَلَيْهِ الشُّهُورُ وَإِنَّمَا الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ كَمَالِ الْأَهِلَّةِ (وَإِنْ الْتَبَسَتْ) عَلَيْهِ الشُّهُورُ فَلَمْ يُعْرَفْ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِهِ عَرَفَ الْأَهِلَّةَ أَمْ لَا (وَظَنَّ شَهْرًا) أَنَّهُ رَمَضَانُ (صَامَهُ وَإِلَّا) يَظُنَّ بَلْ تَسَاوَتْ عِنْدَهُ الِاحْتِمَالَاتُ (تَخَيَّرَ) شَهْرًا وَصَامَهُ فَإِنْ فَعَلَ مَا طُلِبَ مِنْهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (وَأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ) أَيْ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ فِي صُورَتَيْ الظَّنِّ وَالتَّخَيُّرِ هُوَ مَا بَعْدَ رَمَضَانَ أَجْزَأَ وَيَكُونُ قَضَاءً عَنْهُ وَنَابَتْ نِيَّةُ الْأَدَاءِ عَنْ الْقَضَاءِ وَيَعْتَبِرُ فِي الْإِجْزَاءِ مُسَاوَاتَهُمَا (بِالْعَدَدِ) فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ شَوَّالٌ وَكَانَ هُوَ وَرَمَضَانُ كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ قَضَى يَوْمًا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ، وَإِنْ كَانَ الْكَامِلُ رَمَضَانَ فَقَطْ قَضَى يَوْمَيْنِ وَبِالْعَكْسِ لَا قَضَاءَ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ الْحِجَّةُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلِثَانِيهَا وَثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (لَا) إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ (قَبْلَهُ) وَلَوْ تَعَدَّدَتْ السُّنُونُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
صَوْمَهُ قَضَاءً أَرْجَحُ وَأَفْضَلُ مِنْ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا وَصَوْمَهُ تَطَوُّعًا مَكْرُوهٌ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ لَا أَرْجَحِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالْأَرْجَحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَوَّلُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي سَمَاعُ ابْنِ وَهْبٍ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ آخِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَيْنِ يَبْدَأُ بِأَوَّلِهِمَا وَيُجْزِئُ الْعَكْسُ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ قَبْلَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ قَبْلَ زَمَنِهِ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ فِي زَمَنِهِ) أَيْ لِتَعَيُّنِ الزَّمَانِ لِلنَّذْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ) أَيْ بَعْدَ فِعْلِ التَّطَوُّعِ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: وَانْظُرْ هَلْ تَطَوُّعُهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا لِتَعَيُّنِ الزَّمَنِ لِغَيْرِهِ اهـ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِصَلَاحِيَّةِ الزَّمَنِ فِي ذَاتِهِ لِلْعِبَادَةِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ مَا عَيَّنَهُ الشَّارِعُ أَقْوَى مِمَّا عَيَّنَهُ الشَّخْصُ قَالَهُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ كَمَّلَ الشُّهُورَ) أَيْ الْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ أَنْ يُكْمِلَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَإِذَا دَخَلَ رَمَضَانَ عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ الْعَدَدِ صَامُوا كَذَلِكَ ثَلَاثِينَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا تَوَالَى غَيْمُهَا) أَيْ كَمَا إذَا تَوَالَى الْغَيْمُ فِي شُهُورٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَإِذَا غَيَّمَتْ السَّمَاءُ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَرَجَبَ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَكَمَّلَ عِدَّةَ هَذِهِ الشُّهُورِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ نَاقِصَةٌ قَضَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الَّتِي أَفْطَرَهَا مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ الَّتِي صَامَهَا فِي آخِرِ رَمَضَانَ هِيَ يَوْمُ الْعِيدِ وَتَالِيهَا (قَوْلُهُ عَرَفَ الْأَهِلَّةَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَرَاهُ لَكِنْ لَا يَعْرِفُ هِلَالَ أَيِّ شَهْرٍ هُوَ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا تَحْتَ الْأَرْضِ وَلَمْ يَعْرِفْ هُوَ فِي أَيِّ شَهْرٍ (قَوْلُهُ وَظَنَّ شَهْرًا) أَيْ وَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ شَهْرٌ أَنَّهُ رَمَضَانُ إنْ قُلْت كَيْفَ يَحْصُلُ لَهُ الظَّنُّ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الِالْتِبَاسِ، وَهُوَ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا لَبْسَ مَعَ الظَّنِّ قُلْت مُرَادُهُ بِالِالْتِبَاسِ عَدَمُ التَّحَقُّقِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ وَعَدَمُ التَّحَقُّقِ صَادِقٌ بِالظَّنِّ (قَوْلُهُ تَخَيَّرَ شَهْرًا إلَخْ) هَذَا إذَا تَسَاوَتْ جَمِيعُ الشُّهُورِ عِنْدَهُ فِي الشَّكِّ فِيهَا كَمَا فِي ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَكْثَرَ كَالْكُلِّ بَلْ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ كَالْكُلِّ أُخِذَ مِنْ تَحْدِيدِهِمْ الْيَسِيرَ بِالثُّلُثِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي شَهْرٍ قَبْلَ صَوْمِهِ هَلْ هُوَ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ أَوْ قَطَعَ فِيمَا عَدَاهُمَا بِأَنَّهُ غَيْرُ رَمَضَانَ صَامَ شَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّهْرَيْنِ مُحْتَمِلٌ لِكَوْنِهِ رَمَضَانَ وَالذِّمَّةُ لَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ فَإِذَا صَامَ الشَّهْرَيْنِ صَادَفَ رَمَضَانَ وَلَا مَحَالَةَ وَكَذَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ أَوْ شَوَّالٌ فَإِنَّهُ يَصُومُ شَهْرَيْنِ أَيْضًا فَإِذَا صَامَهُمَا فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُصَادِفَ رَمَضَانَ وَلَوْ شَكَّ فِي شَهْرٍ هَلْ هُوَ شَوَّالٌ أَوْ رَمَضَانُ صَامَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ شَوَّالًا كَانَ قَضَاءً لَهُ نَعَمْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا عَنْ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى احْتِمَالِهِ بِالْعَدَدِ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ رَجَبٌ أَوْ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي أَكْثَرَ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ رَجَبٌ أَوْ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ أَوْ شَوَّالٌ وَبِالْجُمْلَةِ الشَّكُّ فِي رَمَضَانَ وَمَا بَعْدَهُ يَكْفِيهِ شَهْرٌ وَالشَّكُّ فِي رَمَضَانَ وَمَا قَبْلَهُ يَزِيدُ عَلَى مَا قَبْلَهُ شَهْرًا فَإِذَا زَادَهُ فَإِمَّا أَنْ يُصَادِفَ رَمَضَانَ أَوْ قَضَاءَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخَيُّرِهِ شَهْرًا إذَا تَسَاوَتْ عِنْدَهُ الِاحْتِمَالَاتُ وَلَمْ يَظُنَّ شَهْرًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَلْزَمُهُ صَوْمُ سَنَةٍ قِيَاسًا عَلَى صَلَاةِ أَرْبَعٍ فِي الْتِبَاسِ الْقِبْلَةِ وَفَرَّقَ الْمَشْهُورُ بِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ هُنَا.
(قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ مَا طُلِبَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ صَوْمِهِ مَا ظَنَّ أَنَّهُ رَمَضَانُ أَوْ مَا تَخَيَّرَهُ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي ظَنَّهُ وَصَامَهُ أَوْ تَخَيَّرَهُ وَصَامَهُ رَمَضَانُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ يَسْتَمِرُّ بَاقِيًا عَلَى الْتِبَاسِهِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ مُسَاوَاتَهُمَا بِالْعَدَدِ) بِأَنْ يَكُونَ أَيَّامُ ذَلِكَ الشَّهْرِ الَّذِي صَامَهُ مُسَاوِيًا لِأَيَّامِ رَمَضَانَ فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ) أَيْ فَيَقْضِي أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ إنْ كَانَ رَمَضَانُ وَالْحِجَّةُ كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ) أَيْ لَا مَا صَامَهُ قَبْلَهُ فَلَا يُجْزِئُ فَالْمَعْطُوفُ بِلَا مَحْذُوفٍ، وَهُوَ مَا الْمَوْصُولَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا عَاطِفَ لِمُفْرَدٍ عَلَى مُفْرَدٍ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ مَعَ أَنَّهُ لَا لَا تُعْطَفُ الْجُمَلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ حَلُّ الشَّارِحِ حَلُّ مَعْنًى لَا حَلُّ إعْرَابٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ بِاتِّفَاقٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ فِي سِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ فَلَا يُجْعَلُ شَعْبَانُ الثَّانِي قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ