الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا
وَلَمَّا كَانَتْ أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ أَفَادَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ مُعَلَّقًا لَهُ بِكُفْرٍ بِقَوْلِهِ (بِإِطْعَامِ) أَيْ تَمْلِيكِ (سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَيْ مُحْتَاجًا فَيَشْمَلُ الْفَقِيرَ (لِكُلٍّ مُدٌّ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ أَوْ عَشَاءٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ لَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَلَوْ حَصَلَ الْمُوجِبُ الثَّانِي بَعْدَ الْإِخْرَاجِ أَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ (وَهُوَ) أَيْ الْإِطْعَامُ (الْأَفْضَلُ) مِنْ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَلَوْ لِلْخَلِيفَةِ
وَأَفَادَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ) مُتَتَابِعَيْنِ وَالثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ عُيُوبٍ لَا تُجْزِئُ مَعَهَا كَامِلَةٌ مُحَرَّرَةٌ لِلْكَفَّارَةِ (كَالظِّهَارِ) رَاجِعٌ لِلصَّوْمِ وَالْعِتْقِ وَالتَّخْيِيرِ فِي الْحُرِّ الرَّشِيدِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ عَجَزَ بَقِيَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَأْمُرُهُ وَلِيُّهُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَوْ أَبَى كَفَّرَ عَنْهُ بِأَدْنَى النَّوْعَيْنِ
(وَ) كَفَّرَ (عَنْ أَمَةٍ) لَهُ (وَطِئَهَا) وَلَوْ طَاوَعَتْهُ إلَّا أَنْ تَطْلُبَهُ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ فَيَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ (أَوْ) عَنْ (زَوْجَةٍ) بَالِغَةٍ عَاقِلَةٍ مُسْلِمَةٍ وَلَوْ أَمَةً (أَكْرَهَهَا) الزَّوْجُ وَلَوْ عَبْدًا، وَهِيَ حُرَّةٌ وَتَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ إنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَسْلَمَهُ لَهَا أَوْ فَدَاهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ أَيْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ الطَّعَامِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ وَتَصُومَ إذْ لَا ثَمَنَ لِلصَّوْمِ (نِيَابَةً) عَنْهُمَا (فَلَا يَصُومُ) عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إذَا لَا يُقْبَلُ النِّيَابَةُ (وَلَا يَعْتِقُ) أَيْ لَا يَصِحُّ عِتْقُ السَّيِّدِ (عَنْ أَمَتِهِ) إذْ لَا وَلَاءَ لَهَا (وَإِنْ أَعْسَرَ) الزَّوْجُ عَمَّا لَزِمَهُ عَنْهَا وَكَذَا لَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ مَعَ يُسْرِهِ (كَفَّرَتْ) عَنْ نَفْسِهَا بِأَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (وَرَجَعَتْ) عَلَيْهِ (إنْ لَمْ تَصُمْ بِالْأَقَلِّ مِنْ) قِيمَةِ (الرَّقَبَةِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
خِلَافٌ كَمَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ظَاهِرُهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ خَالَفَ عَادَتَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الْإِمْنَاءِ فَنَظَرَ نَظْرَةً فَأَمْنَى فَلَا كَفَّارَةَ
[أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ]
(قَوْلُهُ تَمْلِيكِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَمْلِيكِ الْمِسْكِينِ لِلْمُدِّ سَوَاءٌ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ أَوْ عَشَاءٌ) أَيْ بَدَلًا عَنْ الْمُدِّ (قَوْلُهُ لَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ) أَيْ فَلَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَكَلَاتِ أَوْ الْوَطَآتِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ) عَطْفٌ عَلَى حَصَلَ أَيْ وَلَوْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نَفْعًا لِتَعَدِّيهِ لِأَفْرَادٍ كَثِيرَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِتْقَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُتَعَدٍّ لِلْغَيْرِ دُونَ الصَّوْمِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ لِلْخَلِيفَةِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَمِيرَ الْأَنْدَلُسِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مِنْ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ بِحَضْرَةِ الْعُلَمَاءِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لِئَلَّا يَتَسَاهَلَ وَيُجَامِعَ ثَانِيًا
(قَوْلُهُ مُحَرَّرَةٌ لِلْكَفَّارَةِ) اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا اشْتَرَى أَمَةً اشْتَرَطَ بَائِعُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا عِتْقَهَا فَلَا تُجْزِئُ (قَوْلُهُ وَالتَّخْيِيرِ) أَيْ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ) أَيْ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ) أَيْ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ كَفَّرَ بِهِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ التَّكْفِيرُ بِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ (قَوْلُهُ كَفَّرَ عَنْهُ بِأَدْنَى النَّوْعَيْنِ) أَيْ الْإِطْعَامِ وَالْعِتْقِ وَالْمُرَادُ كَفَّرَ عَنْهُ بِأَقَلِّهِمَا قِيمَةً فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ كَفَّرَ عَنْهُ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ أَقَلَّ كَفَّرَ عَنْهُ بِالْإِطْعَامِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ أَبَى الصَّوْمَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا بَيِّنٌ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الصَّوْمِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ مَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ وَلَوْ طَاوَعَتْهُ) أَيْ هَذَا إذَا أَكْرَهَهَا بَلْ وَلَوْ طَاوَعَتْهُ؛ لِأَنَّ طَوْعَهَا إكْرَاهٌ لِأَجْلِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ) أَيْ بِالصَّوْمِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا سَيِّدُهَا فِي الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ أَوْ عَنْ زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا الزَّوْجُ) أَيْ بِخَوْفِ شَيْءٍ مُؤْلِمٍ كَضَرْبٍ فَأَعْلَى كَالطَّلَاقِ فَقَدْ ذَكَرَ طفى فِي الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ فِي الْعِبَادَاتِ يَكُونُ بِمَا ذَكَرَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بَالِغَةٍ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَغِيرَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ غَيْرَ عَاقِلَةٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهَا نِيَابَةً، وَهِيَ إذَا كَانَتْ بِصِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرِهِهَا عَنْهَا، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ كَمَا تُعْتَبَرُ فِي التَّكْفِيرِ عَنْ الزَّوْجَةِ تُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي التَّكْفِيرِ عَنْ الْأَمَةِ الَّتِي أَكْرَهَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا عَاقِلَةً بَالِغَةً مُسْلِمَةً.
(قَوْلُهُ أَسْلَمَهُ لَهَا إلَخْ) ، وَإِذَا أَسْلَمَهُ لَهَا فَقَدْ مَلَكَتْهُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَهَلْ تَعْتِقُهُ حِينَئِذٍ فَيَصِيرُ مُعْتَقًا عَمَّا لَزِمَهُ فِي الْأَصْلِ أَوْ لَا تُكَفِّرُ بِهِ بَلْ تُكَفِّرُ بِعِتْقِ غَيْرِهِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا تت اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ) أَيْ الزَّوْجَ الْعَبْدَ وَتَصُومَ أَيْ بَلْ مَتَى أَخَذَتْهُ لَا بُدَّ أَنْ تُكَفِّرَ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْعِتْقِ وَكَذَا إذَا أَخَذَتْ مِنْ سَيِّدِهِ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ فَلَا تُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صَامَتْ فَقَدْ أَخَذَتْ الْعَبْدَ أَوْ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ ثَمَنًا لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ نِيَابَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تَكْفِيرِ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ الْمَذْكُورَيْنِ نِيَابَةً عَنْهُمَا أَيْ عَنْ الْأَمَةِ وَالزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَصُومُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالصَّوْمِ بَلْ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ يُكَفِّرُ عَنْهَا بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْعِتْقِ وَالْأَمَةُ يُكَفِّرُ عَنْهَا بِالْإِطْعَامِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتِقَ عَنْهَا إذْ لَا وَلَاءَ لَهَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ عَمَّا لَزِمَهُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الزَّوْجَةِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ عَسِرَ السَّيِّدُ عَمَّا لَزِمَهُ عَنْ الْأَمَةِ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ كَفَّرَتْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْمَعْنَى كَفَّرَتْ نَدْبًا وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ عِبَارَةَ عَبْدِ الْحَقِّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُطَالَبَةٍ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضْطَرَّةٍ لَأَنْ تُكَفِّرَ عَنْ نَفْسِهَا وَلَا مُؤَاخَذَةَ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا مُؤَاخَذَةَ بِذَلِكَ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ، وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَصُمْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَفَّرَتْ بِالصَّوْمِ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ
(وَ) نَفْسِ (كَيْلِ الطَّعَامِ) أَيْ مِثْلِهِ إنْ كَفَّرْت بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ يَرْجِعُ بِهِ وَتَعْلَمُ أَكْثَرِيَّةَ الطَّعَامِ وَأَقَلِّيَّتَهُ بِقِيمَتِهِ هَذَا إذَا أَخْرَجْته مِنْ عِنْدِهَا فَإِنْ اشْتَرَتْهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ رَجَعَتْ بِثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهُمَا رَجَعَتْ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهَا فَإِنْ كَفَّرَتْ بِالرَّقَبَةِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ إنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِهَا وَإِلَّا فَبِالْأَقَلِّ مِنْهَا وَمِنْ ثَمَنِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ (وَفِي تَكْفِيرِهِ عَنْهَا إنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْقُبْلَةِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِجِمَاعٍ (حَتَّى أَنْزَلَا) أَوْ أَنْزَلَتْ هِيَ إذْ الْمَدَارُ عَلَى إنْزَالِهَا وَعَدَمِ تَكْفِيرِهِ عَنْهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا أَيْضًا عَلَى هَذَا الثَّانِي (تَأْوِيلَانِ وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ رَجُلٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمُ فَاعِلٍ (لِيُجَامِعَ) أَيْ هَلْ يُكَفِّرُ عَنْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ أَوْ لَا، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلَانِ) ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً قَطْعًا فَإِنْ أَكْرَهَ امْرَأَةً لِنَفْسِهِ كَفَّرَ عَنْهَا وَلِغَيْرِهِ كَفَّرَ عَنْهَا وَاطِئُهَا وَلَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ عَلَى الْأَظْهَرِ
(لَا إنْ) اسْتَنَدَ فِي فِطْرِهِ إلَى تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، وَهُوَ الْمُسْتَنَدُ فِيهِ إلَى أَمْرٍ مَوْجُودٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ (أَفْطَرَ نَاسِيًا) فَظَنَّ لِفَسَادِ صَوْمِهِ الْإِبَاحَةَ فَأَفْطَرَ ثَانِيًا عَامِدًا (أَوْ) لَزِمَهُ غُسْلٌ لَيْلًا لِجَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ وَ (لَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ) فَظَنَّ الْإِبَاحَةَ فَأَفْطَرَ عَمْدًا (أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ) أَيْ قُرْبَ الْفَجْرِ فَظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ فَأَفْطَرَ وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ تَسَحَّرَ فِي الْفَجْرِ أَيْ فَاَلَّذِي تَسَحَّرَ قُرْبَهُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَعِيدِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ الْقُرْبَ عَلَى اللَّصْقِ أَيْ بِلَصْقِ الْفَجْرِ فَيُوَافِقُ السَّمَاعَ (أَوْ قَدِمَ) الْمُسَافِرُ (لَيْلًا) فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ صَبِيحَةِ قُدُومِهِ فَأَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (أَوْ سَافَرَ دُونَ) مَسَافَةِ (الْقَصْرِ) فَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَبَيَّتَهُ (أَوْ رَأَى شَوَّالًا) أَيْ هِلَالَهُ (نَهَارًا) يَوْمَ ثَلَاثِينَ فَاعْتَقَدَ أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ فَأَفْطَرَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا ثَمَنَ لَهُ (قَوْلُهُ وَنَفْسُ كَيْلِ الطَّعَامِ) قَدْرُ نَفْسٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَكَيْلِ الطَّعَامِ عَطْفٌ عَلَى الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ هَذَا إذَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا) أَيْ فَإِذَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَبِمِثْلِ الطَّعَامِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ فَالْأَقَلِّيَّةُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَالرُّجُوعِ بِكَيْلِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ.
(قَوْلُهُ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهَا هَذَا إذَا أَخْرَجَتْ الرَّقَبَةَ مِنْ عِنْدِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا تَكُنْ الرَّقَبَةُ الَّتِي كَفَّرَتْ بِهَا عِنْدَهَا بَلْ اشْتَرَتْهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْهَا أَيْ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِنْ ثَمَنِهَا وَمِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ فَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِمِثْلِ الطَّعَامِ إلَّا إذَا كَفَّرَتْ بِهِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ فَإِنْ لَمْ تُكَفِّرْ بِهِ كَانَ الرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ لَا بِمِثْلِهِ قَالَ بْن وَهَذَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَوَابٍ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ مُحْرِزٍ أَنَّهَا إنْ كَفَّرَتْ بِالْإِطْعَامِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَتْهُ بِهِ أَوْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهِ، وَإِذَا كَفَّرَتْ بِالْعِتْقِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيَمِهِ الرَّقَبَةِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَتْهُ بِهِ أَوْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهَا أَبَدًا لَا تُعْطِي الْأَقَلَّ (قَوْلُهُ إذْ الْمَدَارُ إلَخْ) أَيْ مَدَارُ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى إنْزَالِهَا وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى إنْزَالِهِمَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا اتِّفَاقًا فَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَجْرِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ تَكْفِيرِهِ عَنْهَا) أَيْ وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ إذَا أَنْزَلَ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ قَالَ عِيَاضٌ: وَالثَّانِي مِنْهُمَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً قَطْعًا) أَيْ اتِّفَاقًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ: وَالْبَاجِيِّ إنَّ الْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ وَأَكْثَرُ أَقْوَالِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ ضَعِيفٌ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ قِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ وَقِيلَ لَا يُكَفِّرُ عَنْهُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ كَفَّارَةٌ عَنْ نَفْسِهِ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْجِمَاعِ، وَأَمَّا لَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ أَيْضًا وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرِهٍ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ امْرَأَةٍ عَلَى وَطْءٍ وَفِي الرَّجُلِ قَوْلَانِ لَهَا وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ مَنْ أَكْرَهَ شَخْصًا عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ وَنَقَلَ عبق هَذَا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي نَقْلِهِ عَنْهُ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ نَصِّ كَلَامِهِ
(قَوْلُهُ لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَ أَيْ وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا أَوْ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُسْتَنَدُ فِيهِ إلَى أَمْرٍ مَوْجُودٍ) أَيْ يُعْذَرُ بِهِ شَرْعًا (قَوْلُهُ فَظَنَّ لِفَسَادِ صَوْمِهِ الْإِبَاحَةَ) أَيْ إبَاحَةَ الْفِطْرِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ تَسَحَّرَ فِي الْفَجْرِ) أَيْ تَسَحَّرَ فِي الْجُزْءِ الْمُلَاقِي لَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَعِيدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَسَحِّرَ قُرْبَهُ لَمْ يَسْتَنِدْ لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ يُعْذَرُ بِهِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ أَيْ بِلَصْقِ الْفَجْرِ) أَيْ الْجُزْءِ الْمُلَاصِقِ لِلْجُزْءِ الَّذِي طَلَعَ فِيهِ الْفَجْرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَسَحَّرَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي طَلَعَ فِيهِ الْفَجْرُ (قَوْلُهُ أَوْ سَافَرَ دُونَ الْقَصْرِ) ، وَأَمَّا مَنْ أَصْبَحَ فِي الْحَضَرِ صَائِمًا فَسَافَرَ
فَقَوْلُهُ (فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ) أَيْ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَأَفْطَرُوا رَاجِعٌ لِلسِّتَّةِ أَمْثِلَةٍ فَإِنْ عَلِمُوا الْحُرْمَةَ أَوْ شَكُّوا فِيهَا فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ
(بِخِلَافٍ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ، وَهُوَ الْمُسْتَنَدُ فِيهِ إلَى أَمْرٍ مَعْدُومٍ فَلَا يَنْفَعُ وَمَثَّلَ لَهُ بِخَمْسَةِ أَمْثِلَةٍ بِقَوْلِهِ (كِرَاءُ) لِرَمَضَانَ فَشَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَرَدَّ (وَلَمْ يَقْبَلْ) لِمَانِعٍ فَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (أَوْ أَفْطَرَ) أَيْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فِي يَوْمٍ (لِحُمَّى) تَأْتِيهِ فِيهِ عَادَةً (ثُمَّ حُمَّ) فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (أَوْ) وَقَعَ مِنْ امْرَأَةٍ (لِحَيْضِ) اعْتَادَتْهُ (ثُمَّ حَصَلَ) الْحَيْضُ بَعْدَ فِطْرِهَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْصُلْ فَالْكَفَّارَةُ (أَوْ) أَفْطَرَ لِأَجْلِ (حِجَامَةٍ) فَعَلَهَا بِغَيْرِهِ أَوْ فُعِلَتْ بِهِ فَظَنَّ الْإِبَاحَةَ وَالْمُعْتَمَدُ فِي هَذَا عَدَمُ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقَرِيبِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَوْجُودٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمُحْتَجِمُ» فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي الْقَرِيبِ (أَوْ غِيبَةٍ) لِغَيْرِهِ فَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالْقَضَاءِ تَلَازُمٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ مَعَهَا الْقَضَاءُ إنْ كَانَتْ) الْكَفَّارَةُ (لَهُ) أَيْ عَنْ الْمُكَفِّر لَا إنْ كَانَتْ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمَا مَرَّ فَالْقَضَاءُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ
وَلَمَّا قَدَّمَ ضَابِطًا لِقَضَاءِ التَّطَوُّعِ مُطَّرِدًا مُنْعَكِسًا فِي قَوْلِهِ وَفِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ ذَكَرَ لَهُ هُنَا ضَابِطًا آخَرَ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ بِقَوْلِهِ (وَالْقَضَاءُ فِي) الصَّوْمِ (التَّطَوُّعِ) ثَابِتٌ (بِمُوجِبِهَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ، وَهُوَ الْفِطْرُ بِرَمَضَانَ عَمْدًا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَجَهِلَ كَمَا مَرَّ فَكُلُّ مَا وَجَبَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْوَاجِبِ وَجَبَ بِهِ الْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ وَهَذِهِ الْكُلِّيَّةُ فَاسِدَةُ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ أَمَّا فَسَادُ الْمَنْطُوقِ فَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ عَبَثَ بِنَوَاةٍ فِي فِيهِ فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي الْفَرْضِ وَلَا يَقْضِي فِي النَّفْلِ وَقَوْلُهُ فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ أَيْ عَمْدًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا غَلَبَةً فَلَا كَفَّارَةَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
دُونَ الْقَصْرِ فَأَفْطَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ سَافَرَ سَفَرَ قَصْرٍ فَأَفْطَرَ لِذَلِكَ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ بَلْ هَذَا أَحْرَى بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ اهـ ح (قَوْلُهُ فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ إلَخْ) قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَمْثِلَةً سِتَّةً لِلتَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ وَزِيدَ عَلَيْهَا مَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ بَعْدَ ثُبُوتِ الصَّوْمِ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ كَمَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا عَدَمَ تَكْذِيبِ الْعَدْلَيْنِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ وَمَنْ أَفْطَرَ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ لِأَجْلِ حِجَامَةٍ فَعَلَهَا بِغَيْرِهِ أَوْ فُعِلَتْ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّظَرَ فِي قُرْبِ التَّأْوِيلِ لِلشَّأْنِ وَالْمِثَالُ لَا يُخَصِّصُ
(قَوْلُهُ بِخِلَافٍ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مَنْطُوقُهُ فَكَيْفَ يَخْرُجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: بَلْ قَوْلُهُ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ أَعَمُّ مِنْهُ لِصِدْقِهِ بِانْتِفَاءِ التَّأْوِيلِ أَصْلًا وَبِالتَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَّارَةِ انْتِفَاءُ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ بِخِلَافِ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ فَلَا يُشْتَرَطُ انْتِفَاؤُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ انْتِهَاكًا لِلْحُرْمَةِ حُكْمًا لِقَوْلِهِ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَعَدَّ هَذَا تَأْوِيلًا قَرِيبًا وَقَدْ اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا إنَّ هَذَا أَقْرَبُ تَأْوِيلًا مِمَّنْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ تَسَحَّرَ حَالَ الْفَجْرِ قَالَ عج هُوَ فِي هَذَا الْفَرْعِ قَدْ اسْتَنَدَ فِي فِطْرِهِ لِمَوْجُودٍ، وَهُوَ رَدُّ الشَّهَادَةِ فَلَا يَكُونُ تَأْوِيلًا بَعِيدًا اهـ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ وَإِنْ اسْتَنَدَ فِي فِطْرِهِ لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ لَكِنَّهُ لَمْ يُعْذَرْ بِهِ شَرْعًا وَالتَّأْوِيلُ الْبَعِيدُ هُوَ الْمُسْتَنَدُ فِيهِ لِأَمْرٍ مَعْدُومٍ أَوْ مَوْجُودٍ لَكِنَّهُ لَمْ يُعْذَرْ بِهِ شَرْعًا وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ بِأَنَّ رَفْعَهُ لِلْقَاضِي نَاشِئٌ عَنْ رُؤْيَتِهِ لِلْهِلَالِ فَلِذَا عُدَّ هَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدًا.
(قَوْلُهُ فَالْكَفَّارَةُ) أَيْ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْعِيدِ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَيْضَ أَتَاهَا قَبْلَ الْفِطْرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِحَمْدِيسَ اهـ عَدَوِيٌّ (تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا وَرَآهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ أَوْ أَفْطَرَ لِأَجْلِ حِجَامَةٍ) أَيْ أَوْ أَفْطَرَ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ لِأَجْلِ حِجَامَةٍ إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ هَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ مَذْهَبُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمُحْتَجِمُ) فَالْمُتَأَوِّلُ اسْتَنَدَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَادٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا فَعَلَا مَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْفِطْرُ أَمَّا الْحَاجِمُ فَلِمَصِّهِ الدَّمَ، وَأَمَّا الْمُحْتَجِمُ فَلِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ أَوْ غِيبَةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اغْتَابَ شَخْصًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ لِأَكْلِهِ لَحْمَ أَخِيهِ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ قَالَ ح لَوْ جَرَى فِي هَذَا مِنْ الْخِلَافِ مَا جَرَى فِي الْحِجَامَةِ مَا بَعُدَ لَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهَا إلَّا قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ اهـ عَدَوِيٌّ وَبَقِيَ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ لِاعْتِقَادِهِ جَوَازَ الْإِفْطَارِ فَقَدْ اسْتَظْهَرُوا وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَأَنَّ هَذَا مِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ بَيَّنَهُ) أَيْ بَيَّنَ عَدَمَ التَّلَازُمِ (قَوْلُهُ فَالْقَضَاءُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ
(قَوْلُهُ مُنْعَكِسًا) وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ فِطْرٍ عَمْدًا حَرَامًا فِي النَّفْلِ يُوجِبُ قَضَاءً (قَوْلُهُ ذَكَرَ لَهُ هُنَا ضَابِطًا آخَرَ) حَاصِلُهُ كُلُّ مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي التَّطَوُّعِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ هُوَ الْفِطْرُ عَمْدًا بِلَا جَهْلٍ وَلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ (قَوْلُهُ فَكُلُّ مَا إلَخْ) أَيْ فَكُلُّ فِطْرٍ وَجَبَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْوَاجِبِ، وَهُوَ الْفِطْرُ عَمْدًا بِلَا
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ فَقَدْ خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَاعِدَتَهُ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ فَمَنْ قَيَّدَهُ بِالْغَلَبَةِ فَقَدْ خَالَفَ النَّفَلَ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ؛ وَلِأَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي الْفَرْضِ لِوَجْهٍ كَالْوَالِدِ وَشَيْخٍ يُكَفِّرُ وَلَا يَقْضِي فِي النَّفْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا فَسَادُ الْمَفْهُومِ فَبِمَسَائِلِ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا فِي الْفَرْضِ وَيَقْضِي فِي النَّفْلِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ فَلَا تُرَدُّ وَبِمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَمَا شَرَعَ فِي السَّفَرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ وَيَقْضِي فِي النَّفْلِ كَمَا يَأْتِي
(وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ أَيْ خَرَجَ غَلَبَةً وَلَوْ كَثُرَ مَا لَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا كَمَا مَرَّ (أَوْ) غَالِبِ (ذُبَابٍ) أَوْ بَعُوضٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ وَالذُّبَابُ يَطِيرُ فَيَسْبِقُهُ إلَى حَلْقِهِ فَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأَشْبَهَ الرِّيقَ (أَوْ) غَالِبِ (غُبَارِ طَرِيقٍ) لِحَلْقِهِ لِلْمَشَقَّةِ (أَوْ) غُبَارِ (دَقِيقٍ أَوْ) غُبَارِ (كَيْلٍ أَوْ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ) قَيَّدَ فِي الدَّقِيقِ وَمَا بَعْدَهُ (وَ) لَا فِي (حُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ) أَيْ ثُقْبِ الذَّكَرِ وَلَوْ بِمَائِعٍ (أَوْ) لَا فِي (دَهْنِ جَائِفَةٍ) أَيْ دَهْنٍ وُضِعَ عَلَى الْجُرْحِ الْكَائِنِ فِي الْبَطْنِ الْوَاصِلِ لِلْجَوْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ لِمَحَلِّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَإِلَّا لَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ (وَ) لَا فِي خُرُوجِ (مَنِيٍّ مُسْتَنْكِحٍ أَوْ مَذْيٍ) بِأَنَّهُ يَعْتَرِيهِ كُلَّمَا نَظَرَ أَوْ تَفَكَّرَ مِنْ غَيْرِ تَتَابُعٍ لِلْمَشَقَّةِ
(و) لَا قَضَاءَ فِي (نَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ أَوْ فَرْجٍ طُلُوعَ الْفَجْرِ) أَيْ حَالَ طُلُوعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَضْمَضْ مِنْ الْأَكْلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَجَهْلٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ حُمِلَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى نُزُولِهَا غَلَبَةً أَوْ عَمْدًا.
(قَوْلُهُ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ) أَيْ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَمَنْ قَيَّدَهُ) أَيْ فَمَنْ قَيَّدَ ابْتِلَاعَ الْحَصَاةِ بِالْغَلَبَةِ كخش (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فَسَادُ الْمَفْهُومِ) أَيْ، وَهُوَ كُلُّ فِطْرٍ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً فِي الْفَرْضِ لَا يُوجِبُ قَضَاءً فِي النَّفْلِ (قَوْلُهُ وَمِمَّنْ أَصْبَحَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَسَائِلِ التَّأْوِيلِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَنْ أَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ الْفَمِ وَمَنْ أَمَذَى فَإِنَّ فِي كُلٍّ الْقَضَاءَ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَا شَرَعَ فِي السَّفَرِ) أَيْ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَزْدَرِدْ) أَيْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا أَيْ عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ وَصَلَ لِمَحَلٍّ يُمْكِنُ طَرْحُهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْ لِمَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى طَرْحِهِ مِنْهُ كَمَا إذَا لَمْ يَصِلْ لِحَلْقِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ابْتِلَاعِهِ (قَوْلُهُ وَغَالِبِ ذُبَابٍ) أَيْ وَذُبَابٍ غَالِبٍ وَقَاهِرٍ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا وَقَوْلُهُ أَوْ بِعِوَضٍ أَيْ نَامُوسٍ وَغَيْرِ الذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ كَالْبَرَاغِيثِ، وَالْقَمْلُ لَيْسَ مِثْلُهُمَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ غُبَارِ طَرِيقٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الْغُبَارُ، وَأَمَّا غُبَارُ غَيْرِ الطَّرِيقِ كَغُبَارِ كَنْسِ الْبَيْتِ فَالْقَضَاءُ فِي وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ فِيمَا يَظْهَرُ وَانْظُرْ إذَا كَثُرَ غُبَارُ الطَّرِيقِ وَأَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ بِوَضْعِ حَائِلٍ عَلَى فِيهِ هَلْ يَلْزَمُهُ وَضْعُ حَائِلٍ عَلَى فِيهِ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ اهـ عَدَوِيٌّ وَقَوْلُهُ أَوْ كَيْلٍ أَيْ غُبَارِ مَكِيلٍ مِنْ سَائِرِ الْحُبُوبِ (قَوْلُهُ أَوْ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ) وَكَذَا غُبَارُ الدِّبَاغِ لِصَانِعِهِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ غُبَارُ الدَّقِيقِ وَمَا مَعَهُ لِلصَّانِعِ نَظَرًا لِضَرُورَةِ الصَّنْعَةِ وَإِمْكَانِ التَّحَفُّظِ لِغَيْرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَلَا لِلصَّانِعِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ.
(قَوْلُهُ قُيِّدَ فِي الدَّقِيقِ) ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الدَّقِيقِ وَمَا بَعْدَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّانِعِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُغْتَفَرُ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَحُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِلُ لِمَعِدَتِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ إحْلِيلٍ، وَأَمَّا مِنْ الدُّبُرِ أَوْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فَتُوجِبُ الْقَضَاءَ إذَا كَانَتْ بِمَائِعٍ لَا بِجَامِدٍ كَمَا مَرَّ كَذَا قَالَ عبق وَاعْتَرَضَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ فَرْجَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ مُتَّصِلًا بِالْجَوْفِ فَلَا يَصِلُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَيْهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ كَرِهَ مَالِكٌ الْحُقْنَةَ لِلصَّائِمِ فَإِنْ احْتَقَنَ فِي فَرْضٍ بِشَيْءٍ يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ فَلْيَقْضِ وَلَا يُكَفِّرُ اهـ وَفِي ح عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ الْإِحْلِيلَ يَقَعُ عَلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ اهـ بْن فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحُقْنَةَ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ لَا قَضَاءَ فِيهَا كَالْحُقْنَةِ مِنْ ثُقْبِ الذَّكَرِ.
(قَوْلُهُ وَمَنِيٍّ) بِالتَّنْوِينِ وَمُسْتَنْكِحٍ بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ غَالِبٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مَذْيٍ) لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْمُسْتَنْكِحِ؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدٍ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُقَيَّدِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَيْدُ أَيْضًا
(قَوْلُهُ وَنَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَزَعَ الْمَأْكُولَ أَوْ الْمَشْرُوبَ مِنْ فَمِهِ فِي حَالِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إخْرَاجَ الْمَائِعِ مِنْ الْحَلْقِ لَيْسَ إيصَالًا لَهُ وَلَا يُقَالُ إذَا نَزَعَ الْمَأْكُولَ فِي حَالِ الطُّلُوعِ كَانَ نَازِعًا فِي النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ نَازِعًا فِي النَّهَارِ إلَّا إذَا كَانَ النَّزْعُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ النَّزْعَ فِي حَالِ الطُّلُوعِ لَا بَعْدَهُ وَلَا فِي الْجُزْءِ الْمُلَاقِي لِطُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ حِينَئِذٍ لَيْلًا فَلَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ فَرْجٍ) أَيْ أَنَّهُ إذَا نَزَعَ فَرْجَهُ مِنْ فَرْجِ مَوْطُوءَتِهِ فِي حَالِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَزْعَ الذَّكَرِ لَا يُعَدُّ وَطْئًا