الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَفِي كَوْنِهَا) دَائِرَةً (بِالْعَامِ) كُلِّهِ (أَوْ بِرَمَضَانَ) خَاصَّةً (خِلَافٌ وَانْتَقَلَتْ) عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَلَا تَخْتَصُّ بِلَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي الْعَامِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا فِي رَمَضَانَ عَلَى الثَّانِي وَقِيلَ تَخْتَصُّ بِالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَتَنْتَقِلُ أَيْضًا (وَالْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ) أَوْ تَاسِعَةٍ أَوْ خَامِسَةٍ فِي حَدِيث الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ أَوْ السَّابِعَةِ أَوْ الْخَامِسَةِ أَيْ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ (مَا بَقِيَ) مِنْ الْعَشْرِ لَا مَا مَضَى فَالْمُرَادُ بِالتَّاسِعَةِ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَالسَّابِعَةِ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةِ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ الْعَدَدُ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ فَالتَّاسِعَةُ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَالسَّابِعَةُ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةُ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ سَوَاءٌ عُلِمَتْ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ وَلَهَا عَلَامَاتٌ ذَكَرَهَا الْعُلَمَاءُ أَخْذًا مِنْ الْأَحَادِيثِ
وَلَمَّا كَانَتْ
مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ
قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يُبْطِلُ مَا فَعَلَهُ مِنْهُ وَيُوجِبُ اسْتِئْنَافَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا خَرَجَ وَبَطَلَ إلَخْ وَقِسْمٌ يَخُصُّ زَمَنَهُ وَلَا يُبْطِلُ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالْمَسْجِدَ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) إذَا نَذَرَ أَيَّامًا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُعَيَّنَةً مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَحَصَلَ لَهُ عُذْرٌ فِي أَثْنَاءِ اعْتِكَافِهِ وَزَالَ (بَنَى) مُلَاصِقًا لِبِنَائِهِ (بِزَوَالِ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ) أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ شَدِيدٍ لَا يَجُوزُ مَعَهُ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِ مَا حَصَلَ فِيهِ الْمَانِعُ وَتَكْمِيلُ مَا نَذَرَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءً عَمَّا مُنِعَ فِيهِ صَوْمُهُ كَأَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً كَالنَّذْرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَتْ هَذِهِ الْأَعْذَارُ فِي التَّطَوُّعِ فَلَا قَضَاءَ وَقَوْلُنَا فِي أَثْنَاءِ اعْتِكَافِهِ أَمَّا لَوْ حَصَلَتْ قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ قَارَنَتْهُ بَنَى فِي الْمُطْلَقِ وَفِي الْمُعَيَّنِ مِنْ رَمَضَانَ لَا فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا فِي التَّطَوُّعِ وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْبِنَاءِ وَمِنْهَا مَا يَمْنَعُ الْمَسْجِدَ فَقَطْ كَالسَّلَسِ وَتَرْكُهُ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
وَمِنْهَا مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ فَقَطْ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ مُنِعَ مِنْ الصَّوْمِ) دُونَ الْمَسْجِدِ (لِمَرَضٍ) خَفِيفٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِهَا دَائِرَةٌ بِالْعَامِّ) ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ حَيْثُ قَالَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ أَوْلَى الْأَقَاوِيلِ وَقَوْلُهُ أَوْ دَائِرَةً فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ الَّذِي شَهَّرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ) أَيْ عَمَلَ الطَّاعَاتِ وَقَوْلُهُ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أَيْ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ الطَّاعَاتِ أَلْفَ شَهْرٍ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ عُلِمَتْ أَيْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَهَا عَلَامَاتٌ) ذَكَرَهَا الْعُلَمَاءُ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ صَبِيحَةَ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَأَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ لَيْلَتَهَا صَحْوًا لَا غَيْمَ فِيهَا وَأَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ لَيْلَتَهَا مُعْتَدِلًا لَا حَارًّا وَلَا بَارِدًا (قَوْلُهُ، وَإِذَا نَذَرَ إلَخْ) حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى صُوَرِ النَّذْرِ الثَّلَاثِ جَرْيًا عَلَى مَا عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إذَا طَرَأَ فِيهِ عُذْرٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَقْضِي مُطْلَقًا وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ النَّاذِرَ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَإِنْ مَرِضَهَا كُلَّهَا لِوُجُوبِ قَضَاءِ الصِّيَامِ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَرِضَ بَعْضَهَا قَضَى مَا مَرِضَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ فَمَرِضَهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا وُجُوبُ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الصَّوْمِ الثَّانِي عَدَمُ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ الثَّالِثُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَمْرَضَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الِاعْتِكَافِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا قَضَى مَا مَرِضَ مِنْهَا أَوْ أَفْطَرَهُ سَاهِيًا يَصِلُ ذَلِكَ بِاعْتِكَافِهِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا فَأَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَكِنْ إنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْوِيِّ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ بَنَى كَمَا فِي ابْنِ عَاشِرٍ اهـ بْن (وَحَاصِلُ إيضَاحِ الْمَقَامِ) أَنْ تَقُولَ الْعُذْرُ إمَّا إغْمَاءٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ أَوْ مَرَضٌ وَالِاعْتِكَافُ إمَّا نَذْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ نَذْرٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ تَطَوُّعٌ مُعَيَّنٌ بِالْمُلَاحَظَةِ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَهَذِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَطْرَأَ الْعُذْرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ يُقَارِنَ الشُّرُوعَ فِيهِ فَهَذِهِ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ صُورَةً فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ نَذْرًا مُعَيَّنًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَطَرَأَتْ خَمْسَةُ الْأَعْذَارِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مُقَارِنَةً لَهُ فَإِنَّهُ يَبْنِي فِي هَذِهِ الثَّلَاثِينَ صُورَةً، وَإِنْ كَانَ نَذْرًا مُعَيَّنًا بِغَيْرِ رَمَضَانَ فَإِنْ طَرَأَتْ خَمْسَةُ الْأَعْذَارِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ مُقَارِنَةً لَهُ فَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ طَرَأَتْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَالْقَضَاءُ مُتَّصِلًا فَصُوَرُهُ خَمْسَةَ عَشْرَ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا مُعَيَّنًا بِالْمُلَاحَظَةِ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا قَضَاءَ سَوَاءٌ طَرَأَتْ خَمْسَةُ الْأَعْذَارِ قَبْلَ الشُّرُوعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مُقَارِنَةً لَهُ فَصُوَرُهُ ثَلَاثُونَ فَالْجُمْلَةُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ صُورَةً وَبَقِيَ حُكْمُ مَا إذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَقْضِي سَوَاءً كَانَ الِاعْتِكَافُ نَذْرًا مُعَيَّنًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ كَانَ نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا مُعَيَّنًا بِالْمُلَاحَظَةِ أَوْ لَا فَصُوَرُهُ خَمْسَةٌ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَمَانُونَ
[مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ]
(قَوْلُهُ مُلَاصِقًا لِبِنَائِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ لِلْمُلَاصَقَةِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُصَاحَبَةِ وَعَلَيْهِمَا يَتَفَرَّعُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ، وَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلسَّبَبِيَّةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ التَّفْرِيغِ الْمَذْكُورِ قَالَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ، وَهُوَ مَا لَا يُعَدُّ بِهِ مُتَوَانِيًا عُرْفًا
(قَوْلُهُ كَأَنْ مُنِعَ مِنْ الصَّوْمِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ لَهُ مَرَضٌ خَفِيفٌ مَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَوْ جَاءَ يَوْمُ الْعِيدِ فِي أَثْنَاءِ الِاعْتِكَافِ وَزَالَ الْمَرَضُ وَمَضَى يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ عَلَى مَا فَعَلَهُ سَابِقًا وَكَذَلِكَ إذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا فَقَوْلُهُ كَأَنْ مُنِعَ مِنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ أَيْ لِوُجُودِ مَرَضٍ خَفِيفٍ طَرَأَ عَلَيْهِ
(أَوْ) زَوَالِ (حَيْضٍ) نَهَارًا (أَوْ) دُخُولِ يَوْمِ (عِيدٍ) أَوْ فَطَرَ نِسْيَانًا وَبِقَوْلِنَا زَوَالِ حَيْضٍ نَهَارًا انْدَفَعَ مَا قِيلَ الْحَيْضُ مَانِعٌ مِنْ الصَّوْمِ وَالْمَسْجِدِ مَعًا فَكَيْفَ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ مَانِعًا مِنْ الصَّوْمِ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْحَيْضِ هُنَا الَّذِي طَهُرَتْ مِنْهُ نَهَارًا، وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الصَّوْمِ فَقَطْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ لِلْمَسْجِدِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ مُطْلَقَ الْحَيْضِ إذْ هُوَ مَانِعٌ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ (وَخَرَجَ) مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ عُذْرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالصَّوْمِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ جَوَازِ الْخُرُوجِ فِي الْمَانِعِ مِنْ الصَّوْمِ كَعِيدٍ وَمَرَضٍ خَفِيفٍ (وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ) أَيْ حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ فَلَا يَفْعَلُ مَا لَا يَفْعَلُهُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ رَجَعَ فَوْرًا لِلْبِنَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ أَخَّرَ الرُّجُوعَ وَلَوْ لِعُذْرٍ مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ (بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ (إلَّا) إنْ أَخَّرَ الرُّجُوعَ (لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَؤُمُّهُ) فَلَا يَبْطُلُ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ لَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ وَأَخَّرَ كُلٌّ الرُّجُوعَ فَيَبْطُلُ لِصِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ غَيْرِهِمَا (وَإِنْ اشْتَرَطَ) الْمُعْتَكِفُ (لِنَفْسِهِ سُقُوطَ الْقَضَاءِ) عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ عُذْرٍ أَوْ مُبْطِلٍ (لَمْ يُفِدْهُ) شَرْطُهُ وَوَجَبَ الْعَمَلُ عَلَى مُقْتَضَى شَرْطِ الشَّارِعِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ لِوُجُودِ عِيدٍ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ خَرَجَ فَإِذَا صَحَّ بَنَى ثُمَّ قَالَتْ وَلَا يَلْبَثُ يَوْمَ الْفِطْرِ فِي مُعْتَكَفِهِ إذْ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصِيَامٍ فَإِذَا مَضَى يَوْمُ الْفِطْرِ عَادَ لِمُعْتَكَفِهِ فَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ زَوَالِ حَيْضٍ نَهَارًا) أَيْ فَإِذَا طَرَأَ لَهَا الْحَيْضُ وَخَرَجَتْ لِمَنْزِلِهَا ثُمَّ طَهُرَتْ نَهَارًا فَإِنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْبِنَاءُ وَالرُّجُوعُ لِلْمَسْجِدِ لِتَبْنِيَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ صَائِمَةً فَهَذَا الْحَيْضُ الْمَوْصُوفُ بِالِانْقِطَاعِ نَهَارًا يَمْنَعُ مِنْ الصَّوْمِ لَا مِنْ الِاعْتِكَافِ.
(قَوْلُهُ إنَّ مُرَادَهُ بِالْحَيْضِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْحَيْضِ هُنَا الْحَيْضُ الَّذِي انْقَطَعَ وَاغْتَسَلَتْ مِنْهُ نَهَارًا فَإِذَا اغْتَسَلَتْ رَجَعَتْ لِلْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ صَائِمَةٍ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَيْضَ مَنَعَ مِنْ الصَّوْمِ فِيهِ لَا الْمُكْثِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ لِلْمَسْجِدِ) أَيْ لِتُكْمِلَ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَائِمَةٍ (قَوْلُهُ مُطْلَقَ الْحَيْضِ) أَيْ الشَّامِلِ لِلْمُسْتَرْسِلِ عَلَيْهَا جَمِيعَ النَّهَارِ (قَوْلُهُ فِي الْعُذْرِ الْمَانِعِ إلَخْ) أَيْ كَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرَضِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يُطِيقُ الْإِقَامَةَ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوُجُوبُ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَلِيِّ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَبِالْمُعْتَكِفِ فِي الْبَاقِي (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ فَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخَرَجَ مَنْ طَرَأَ لَهُ عُذْرٌ خَاصٌّ بِالْأَعْذَارِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالصَّوْمِ، وَأَمَّا قَوْلُ خش وَخَرَجَ مَنْ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ لَكِنْ وُجُوبًا فِي الْمَانِعِ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَجَوَازًا فِي الْمَانِعِ مِنْ الصَّوْمِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الرَّاجِحِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ الْعِيدُ فِي أَثْنَاءِ الِاعْتِكَافِ جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ وَكَذَلِكَ إذَا مَرِضَ مَرَضًا خَفِيفًا، وَهُوَ خِلَافُ الرَّاجِحِ عَلَى مَا قَالَهُ عج وَقَدْ يُقَالُ إنَّ خش ارْتَضَى مَا ذَكَرَ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ جَعَلَ جَوَازَ الْخُرُوجِ فِي الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ الصَّوْمِ فَقَطْ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ كَعِيدٍ وَمَرَضٍ خَفِيفٍ) أَيْ يُطِيقُ مَعَهُ الْإِقَامَةَ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ الصَّوْمِ فَإِذَا طَرَأَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الرَّجْرَاجِيِّ وَالْمَوَّاقِ وَقِيلَ إنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا الْخُرُوجُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي جَوَازِ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَدَمِ جَوَازِ خُرُوجِهِ قَوْلَيْنِ فَرُوِيَ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَخْرُجُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَخْرُجُ هَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ نَاجِيٍّ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْخُرُوجُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ أَيْضًا لِظَاهِرِهَا كَمَا نَقَلَهُ ح، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْبَقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي ح وَاخْتَارَهُ عج اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ) أَيْ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ كَثِيرًا، وَهُوَ مَا يُعَدُّ بِهِ مُتَوَانِيًا عُرْفًا وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ لِكَوْنِ الْوَقْتِ وَقْتَ خَوْفٍ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَذَلِكَ كَمَا لَوْ زَالَ الْعُذْرُ لَيْلًا وَأَخَّرَ الذَّهَابَ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى طَلَعَ النَّهَارُ لِخَوْفِهِ فِي ذَهَابِهِ لَيْلًا (قَوْلُهُ إلَّا لَيْلَةَ الْعِيدِ) صُورَتُهُ أَنَّ الشَّخْصَ الْمُعْتَكِفَ إذَا حَصَلَ لَهُ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ أَوْ إغْمَاءٌ أَوْ مَرَضٌ شَدِيدٌ فِي أَثْنَاءِ الِاعْتِكَافِ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْبَيْتِ ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْعُذْرُ لَيْلَةَ الْعِيدِ فَأَخَّرَ الرُّجُوعَ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى مَضَى يَوْمُ الْعِيدِ وَتَالِيَاهُ فِي عِيدِ الْأَضْحَى فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ لَا يَبْطُلُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي اللَّبْثِ يَوْمَ الْعِيدِ عَلَى نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي لَيْلَتِهِ عَلَى اخْتِيَارِ التُّونُسِيِّ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْمَرِيضُ يَصِحُّ وَالْحَائِضُ تَطْهُرُ نَهَارًا غَيْرُ يَوْمِ الْعِيدِ يُؤْمَرَانِ بِالرُّجُوعِ فَإِنْ أَخَّرَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُمَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَنْ زَالَ عُذْرُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ يَتَعَذَّرُ مِنْهُ الصَّوْمُ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي طَهُرَتْ فِيهِ الْحَائِضُ وَصَحَّ فِيهِ الْمَرِيضُ يَصِحُّ صَوْمُهُ لِغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ يَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لِأَحَدٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اشْتَرَطَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إذَا شَرَطَ أَيْ عَزَمَ فِي نَفْسِهِ عَلَى مَا يُنَافِي اعْتِكَافَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَزْمُ قَبْلَ دُخُولِهِ الْمُعْتَكَفَ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ قَالَ إنْ حَصَلَ لِي مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ لَا أَقْضِي أَوْ أَعْتَكِفُ وَلَكِنْ أَطَأُ زَوْجَتِي أَوْ أَعْتَكِفُ وَلَا أَصُومُ بَلْ يُفِدْهُ شَرْطُهُ أَيْ يَبْطُلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَاعْتِكَافُهُ صَحِيحٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إنْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ اعْتِكَافٌ وَقِيلَ إنْ كَانَ الشَّرْطُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الِاعْتِكَافِ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاعْتِكَافُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بَطَلَ الشَّرْطُ.