المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في بيان أوقات الصلاة وما يتعلق بذلك من الأحكام] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ١

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ]

- ‌[شُرُوط الْوُضُوء]

- ‌(فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌[فَضَائِل الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]

- ‌(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مَنْدُوبَات الْغُسْل]

- ‌[صفة الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَمَسْحِ الْجَوْرَب]

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوط الْمَاسِح عَلَى الْخَفّ]

- ‌[مُبْطِلَات الْمَسْح عَلَى الْخَفّ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ

- ‌[شَرَائِط جَوَازِ التَّيَمُّم]

- ‌[مُوجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[وَاجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[سُنَن التَّيَمُّم]

- ‌[فَضَائِل التَّيَمُّم]

- ‌[مُبْطِلَات التَّيَمُّم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ

- ‌[شَرْط الْمَسْح عَلَى الْجُرْح]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌[بَيَان الْحَيْض وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌ مَوَانِعَ الْحَيْضِ

- ‌[بَيَان النِّفَاس وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْأَذَان وَمَنْدُوبَاته]

- ‌[مِنْ يَجُوز لَهُ الْأَذَان]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الشَّرْط الْأَوَّل وَالثَّانِي طَهَارَة الْحَدَث وَالْخَبَث]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌(فَصْلُ) (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌ مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا]

- ‌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ

- ‌[فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ]

- ‌[تَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ]

- ‌[تَرْتِيب الْفَوَائِت فِي أنفسها وَيَسِيرهَا مَعَ حَاضِرَة]

- ‌[مَا تَبْرَأ بِهِ الذِّمَّة عِنْد جَهْل الْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌ فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

- ‌[مِنْ تكره إمَامَته]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ

- ‌[فَصَلِّ الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[صِحَّة الِاسْتِخْلَاف]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌[الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْت وَأَسْبَاب الْجَمْع]

- ‌[صفة الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[سُنَن الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[الْأَعْذَار الْمُبِيحَة لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌[سُنَن صَلَاة الْعِيد]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد]

- ‌[كَيْفِيَّة أَدَاء صَلَاة الْعِيد وَمَنْدُوبَاتهَا]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامَ الْمَوْتَى]

- ‌[كَيْفِيَّة تَغْسِيل الْمَيِّت]

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ]

- ‌[مَنْدُوبَاتِ غُسْلِ الْمَيِّت]

- ‌ مُسْتَحَبَّاتِ الْكَفَنِ

- ‌ مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ

- ‌ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ

- ‌(زِيَارَةُ الْقُبُورِ)

- ‌[مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ]

- ‌[بَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[زَكَاةِ النَّعَمِ]

- ‌ زَكَاةِ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةُ النَّقْد]

- ‌[زَكَاة نَمَاءِ الْعَيْنِ]

- ‌ بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ

- ‌ زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ

- ‌[فَصْلٌ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌[جنس الصَّاع فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ الصِّيَامِ]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ

- ‌[شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار]

- ‌[أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْجَائِزَاتِ لِلصَّائِمِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]

- ‌[الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَا يَنْدُبُ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ]

- ‌ مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ

الفصل: ‌[باب في بيان أوقات الصلاة وما يتعلق بذلك من الأحكام]

وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ أَيْضًا وَاسْتَظْهَرَهُ عِيَاضٌ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَنْقَطِعْ قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِي نِصْفَ شَهْرٍ فَتَسْتَأْنِفُ الثَّانِي نِفَاسًا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ نِصْفُ شَهْرٍ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ كَانَ حَيْضًا (وَتَقَطُّعُهُ) أَيْ النِّفَاسِ كَالْحَيْضِ فَتُلَفِّقُ سِتِّينَ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِعَادَةٍ وَتُلْغِي أَيَّامَ الِانْقِطَاعِ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِصْفَ شَهْرٍ فَالدَّمُ الْآتِي بَعْدَهَا حَيْضٌ وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتَطُوفُ وَتُوطَأُ (وَمَنْعُهُ كَالْحَيْضِ) فَيَمْنَعُ كُلَّ مَا مَنَعَهُ الْحَيْضُ وَتَجُوزُ الْقِرَاءَةُ (وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ) وَهُوَ دَمٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ قُرْبَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ الْوُضُوءِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَادٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ هَذَا

(بَابٌ فِي‌

‌ بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

وَالْأَذَانِ وَشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمُبْطِلَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ) [دَرْسٌ](الْوَقْتُ) وَهُوَ الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لِلْعِبَادَةِ شَرْعًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَعْدَ وَضْعِ الثَّانِي عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا لِلْأَوَّلِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فَعِنْدَهُ تَسْتَأْنِفُ النُّفَسَاءُ لِلتَّوْأَمِ الثَّانِي نِفَاسًا مُسْتَقِلًّا تَخَلَّلَهُمَا أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَوْ أَقَلُّهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّمَ الَّذِي بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ قِيلَ إنَّهُ حَيْضٌ وَعَلَيْهِ فَتَمْكُثُ إذَا اسْتَرْسَلَ عَلَيْهَا عِشْرِينَ يَوْمًا وَنَحْوِهَا وَتَطْهُرُ وَالنِّفَاسُ لَهُمَا وَاحِدٌ بَعْدَ نُزُولِ الثَّانِي هَذَا إذَا تَخَلَّلَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا وَإِلَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِفَاسٌ مُسْتَقِلٌّ مُتَّصِلٌ بِوِلَادَتِهِ وَقِيلَ إنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِفَاسًا مُسْتَقِلًّا تَخَلَّلَهُمَا أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَوْ أَقَلُّهُ فَعَلَى هَذَا لَا تَضُمُّ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ لِلْآخَرِ وَقِيلَ إنْ تَخَلَّلَهُمَا سِتُّونَ يَوْمًا فَنِفَاسَانِ وَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا كَانَ لَهُمَا نِفَاسٌ وَاحِدٌ وَيُضَمُّ الدَّمُ الْحَاصِلُ مَعَ الثَّانِي لِمَا حَصَلَ مَعَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِي نِصْفَ شَهْرٍ بِأَنْ لَمْ يَنْقَطِعْ أَصْلًا أَوْ انْقَطَعَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ (قَوْلُهُ: فَتَسْتَأْنِفُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِي نِصْفَ شَهْرٍ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ نِصْفَ شَهْرٍ فَالدَّمُ الْآتِي بَعْدَهَا حَيْضٌ) أَيْ لَا نِفَاسٌ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ دَمُ الْوَلَدِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ نِفَاسًا مُسْتَقِلًّا لَا مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَتَقَطُّعُهُ) أَيْ وَتَقَطُّعُ دَمِ النِّفَاسِ كَتَقَطُّعِ الْحَيْضِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تُلَفِّقُ عَادَتَهَا فِي النِّفَاسِ حَيْثُ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَنْقُولُ أَنَّهَا تُلَفِّقُ أَكْثَرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِهِ أَمْ لَا وَتَكُونُ بَعْدَ تَلْفِيقِ أَكْثَرِهِ مُسْتَحَاضَةً مِنْ غَيْرِ اسْتِظْهَارٍ وَمَحِلُّ التَّلْفِيقِ مَا لَمْ يَأْتِ الدَّمُ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ وَإِلَّا كَانَ حَيْضًا مُؤْتَنَفًا (قَوْلُهُ: فَيَمْنَعُ كُلَّ مَا مَنَعَهُ الْحَيْضُ) أَيْ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَمِنْ وُجُوبِهِمَا وَمِنْ الطَّلَاقِ وَبَدْءِ الْعِدَّةِ وَوَطْءِ الْفَرْجِ وَمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَرَفْعِ حَدَثِهَا وَلَوْ جَنَابَةً وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ مَا لَمْ تَكُنْ مُعَلَّمَةً أَوْ مُتَعَلِّمَةً (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الْقِرَاءَةُ) أَيْ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ وَلَوْ كَانَتْ جُنُبًا قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَأَمَّا إنْ انْقَطَعَ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الْغُسْلِ كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً بِجَنَابَةٍ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَوْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ اعْتِيَادُ الْخَارِجِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ نَفْيُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ دَوَامِ الِاعْتِيَادِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَادٍ أَيْ لَيْسَ بِدَائِمِ الِاعْتِيَادِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْدَاثِ النَّاقِضَةِ لِلْوُضُوءِ.

[بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام]

[بَيَان أَوْقَات الصَّلَاة]

(بَابٌ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ)(قَوْلُهُ: بَابٌ) خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَالْوَقْتُ مُبْتَدَأٌ وَالْمُخْتَارُ صِفَةٌ لَهُ وَقَوْلُهُ: لِلظُّهْرِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مُبْتَدَإٍ ثَانٍ أَيْ ابْتِدَاؤُهُ لِلظُّهْرِ وَقَوْلُهُ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ الثَّانِي وَالثَّانِي وَخَبَرُهُ خَبَرُ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ لِآخِرِ الْقَامَةِ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ وَإِنَّمَا بَدَأَ بِبَيَانِ وَقْتِ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صُلِّيَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَسُمِّيَتْ الظُّهْرُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْوَقْتِ عِنْدَ الْقَرَافِيِّ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهِ وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ فَرْضُ عَيْنٍ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ دُخُولَ الْوَقْتِ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ التَّقْلِيدِ فِيهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَهُوَ الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لِلْعِبَادَةِ شَرْعًا) جَعَلَ الزَّمَانَ جِنْسًا فِي تَعْرِيفِ الْوَقْتِ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّمَانَ أَعَمُّ مِنْ الْوَقْتِ وَالْوَقْتُ أَخَفُّ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّمَانَ مُدَّةُ حَرَكَةِ الْفَلَكِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَدَّرَةً شَرْعًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: الْمُقَدَّرُ لِلْعِبَادَةِ شَرْعًا) خَرَجَ الزَّمَانُ الَّذِي لَيْسَ بِمِقْدَارٍ لِلْعِبَادَةِ فَلَا يُقَالُ لَهُ وَقْتٌ قَالَ شَيْخُنَا مَا أَفَادَهُ التَّعْرِيفُ مِنْ أَنَّ الزَّمَانَ الْمُقَدَّرَ لِلْفِعْلِ غَيْرُ الْعِبَادَةِ لَا يُقَالُ لَهُ وَقْتٌ لَا يُسَلَّمُ بَلْ الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لِأَيِّ فِعْلٍ يُقَالُ لَهُ وَقْتٌ لِذَلِكَ الْفِعْلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُمْ تَعْرِيفُ الْوَقْتِ الشَّرْعِيِّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَيْ الْوَقْتُ الشَّرْعِيُّ الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ إلَخْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ

ص: 175

(الْمُخْتَارُ) وَيُقَابِلُهُ الضَّرُورِيُّ فَالصَّلَاةُ لَهَا وَقْتَانِ (لِلظُّهْرِ) ابْتِدَاؤُهُ (مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ أَيْ مَيْلُهَا عَنْ وَسَطِ) السَّمَاءِ لِجِهَةِ الْمَغْرِبِ مُنْتَهِيًا (لِآخِرِ الْقَامَةِ) أَيُّ قَامَةٍ كَانَتْ وَقَامَةُ كُلِّ إنْسَانٍ سَبْعَةُ أَقْدَامٍ بِقَدَمِ نَفْسِهِ وَأَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِهِ فَالْمَعْنَى حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ (بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ) فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الْقَامَةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ ظَهَرَ لِكُلِّ شَاخِصٍ ظِلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ فَكُلَّمَا ارْتَفَعَتْ نَقَصَ فَإِذَا وَصَلَتْ وَسَطَ السَّمَاءِ وَهِيَ حَالَةُ الِاسْتِوَاءِ كَمَّلَ نُقْصَانَهُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَشْهُرِ الْقِبْطِيَّةِ وَهِيَ تُوتُ فَبَابَةُ فَهَاتُورُ فَكِيهَكُ فَطُوبَةُ فَأَمْشِيرُ فَبَرَمْهَاتُ فَبَرْمُودَةُ فَبَشَنْسُ فَبُؤْنَةُ فَأَبِيبُ فَمِسْرَى وَقَدْ لَا يَبْقَى مِنْهُ بَقِيَّةٌ وَذَلِكَ بِمَكَّةَ وَزُبَيْدٍ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ وَبِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ مَرَّةً وَهُوَ أَطْوَلُ يَوْمٍ فِيهَا فَإِذَا مَالَتْ الشَّمْسُ لِجَانِبِ الْمَغْرِبِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

غَيْرَهُ يُقَالُ لَهُ وَقْتٌ إلَّا أَنَّهُ عَادِيٌّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْمُخْتَارُ) أَيْ الَّذِي وُكِّلَ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ لِاخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ الْإِثْمِ فَإِنْ شَاءَ أَوْقَعَهَا فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَابِلُهُ الضَّرُورِيُّ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَيْهِ إلَّا لِأَرْبَابِ الضَّرُورَةِ الْآتِي ذِكْرُهُمْ (قَوْلُهُ: لِآخِرِ الْقَامَةِ أَيُّ قَامَةٍ كَانَتْ) كَعُودٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ إنْسَانٍ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْقَامَةِ مُعْتَبَرَةً بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْسَبُ) أَيْ ظِلُّ الزَّوَالِ مِنْ الْقَامَةِ إنْ وُجِدَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اُعْتُبِرَتْ الْقَامَةُ خَاصَّةً وَإِنْ وُجِدَ اُعْتُبِرَتْ الْقَامَةُ وَذَلِكَ الظِّلُّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَخْتَلِفُ إلَخْ) قَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ ضَابِطًا بِقَوْلِهِ.

طزه جبا أبدوحى.

فَالطَّاءُ إشَارَةٌ لِإِقْدَامِ ظِلِّ الزَّوَالِ بِطُوبَةٍ وَالزَّايُ إشَارَةٌ لِعَدَمِ إقْدَامِ ظِلِّ الزَّوَالِ بِأَمْشِيرِ وَهَكَذَا لِآخِرِهَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بِمَكَّةَ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ وَبِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ مَرَّةً إلَخْ) بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ عَرْضَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَعَرْضَ مَكَّةَ إحْدَى وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَكِلَاهُمَا شَمَالِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ بُعْدُ سَمْتِ رَأْسِ أَهْلِ الْبَلَدِ عَنْ دَائِرَةِ الْمُعَدَّلِ وَالْمَيْلِ الْأَعْظَمِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَالْمُرَادُ بِهِ غَايَةُ بُعْدٍ لِلشَّمْسِ إذَا كَانَتْ عَلَى مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ مِنْ دَائِرَةِ الْمُعَدَّلِ فَإِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَى مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ فِي غَايَةِ الْمِيلِ الشَّمَالِيِّ كَانَتْ مُسَامَتُهُ لِرَأْسِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَنْعَدِمُ الظِّلُّ

ص: 176

أَخَذَ الْفَيْءُ فِي الزِّيَادَةِ لِجِهَةِ الْمَشْرِقِ حَالَ الْأَخْذِ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ بَعْدَ ظِلِّ الزَّوَالِ إنْ كَانَ (وَهُوَ) أَيْ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ (أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ) الِاخْتِيَارِيِّ وَيَنْتَهِي (لِلِاصْفِرَارِ) وَعَلَى هَذَا فَالْعَصْرُ هِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى الظُّهْرِ (وَاشْتَرَكَا) أَيْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ (بِقَدْرِ إحْدَاهُمَا) أَيْ أَنَّ إحْدَاهُمَا تُشَارِكُ الْأُخْرَى بِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي الْحَضَرِ وَرَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ (وَهَلْ) الِاشْتِرَاكُ (فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى) قَبْلَ تَمَامِهَا بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ سَنَدٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ فِي آخِرِ الْقَامَةِ بِحَيْثُ إذَا سَلَّمَ مِنْهَا فَرَغَتْ الْقَامَةُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخَّرَ الظُّهْرَ عَنْ الْقَامَةِ بِحَيْثُ أَوْقَعَهَا فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ أَثِمَ (أَوْ) فِي (أَوَّلِ) الْقَامَةِ (الثَّانِيَةِ) فَالظُّهْرُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْعَصْرِ فَمَنْ أَخَّرَهَا لِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ فَلَا إثْمَ وَمَنْ قَدَّمَ الْعَصْرَ فِي آخِرِ الْأُولَى بَطَلَتْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ أَوَّلُ الثَّانِيَةِ وَشُهِرَ أَيْضًا (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ (وَ) الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ (لِلْمَغْرِبِ)(غُرُوبٌ) أَيْ غِيَابُ جَمِيعِ قُرْصِ (الشَّمْسِ) وَهُوَ مُضَيَّقٌ (يُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا) ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ (بَعْدَ) تَحْصِيلِ (شُرُوطِهَا)

ــ

[حاشية الدسوقي]

عِنْدَهُمْ وَلَا تَكُونُ الشَّمْسُ كَذَلِكَ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الشَّمْسُ فِي آخِرِ الْجَوْزَاءِ وَإِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَى مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ وَكَانَ الْمَيْلُ الشَّمَالِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ دَرَجَةً كَانَتْ مُسَامَتُهُ الرَّأْسُ أَهْلِ مَكَّةَ فَيَنْعَدِمُ الظِّلُّ عِنْدَهُمْ فِي يَوْمَيْنِ مُتَوَازِيَيْنِ يَوْمٌ قَبْلَ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ الشَّمَالِيِّ الْوَاقِعِ فِي آخِرِ الْجَوْزَاءِ وَيَوْمٌ قَبْلَ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ الْجَنُوبِيِّ الْوَاقِعِ فِي آخِرِ بُرْجِ الْقَوْسِ فَإِنْ كَانَ الْعَرْضُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ كَمَا فِي مِصْرَ فَإِنَّ عَرْضَهَا ثَلَاثُونَ دَرَجَةً لَمْ يَنْعَدِمْ الظِّلُّ أَصْلًا لِأَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُسَامِتْهُمْ بَلْ دَائِمًا فِي جَنُوبِهِمْ (قَوْلُهُ: أَخْذُ الْفَيْءِ) أَيْ الظِّلِّ الْبَاقِي مِنْ ظِلِّ الشَّاخِصِ (قَوْلُهُ: أَيْ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى بِحَيْثُ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: لِلِاصْفِرَارِ) أَيْ لِاصْفِرَارِ الشَّمْسِ فِي الْأَرْضِ وَالْجُدُرِ لَا بِحَسَبِ عَيْنِهَا إذْ لَا تَزَالُ عَيْنُهَا نَقِيَّةً حَتَّى تَغْرُبَ (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَكَا) ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الْفَرْضَيْنِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا فَآخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ أَوَّلُ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ تَاللَّهِ مَا بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ وَلَقَدْ زَلَّ فِيهِ أَقْدَامُ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ سَنَدٍ) فِيهِ أَنَّ سَنَدًا إنَّمَا شَهَرَ الثَّانِيَ لَا الْأَوَّلَ نَعَمْ الْأَوَّلُ شَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ آخِرَ الْقَامَةِ الْأُولَى بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ اخْتِيَارِيٌّ لَهَا كَمَا أَنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ لِلظُّهْرِ لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ كَمَا فِي شب وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ مُقَدَّمُ الْعَصْرِ وَلَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّ الضَّرُورِيَّ الْمُقَدَّمَ خَاصٌّ بِالْجَمْعِ لِلْأَعْذَارِ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ) أَيْ فَالْأَوَّلُ اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ رَاشِدٍ وَفِي جَزْمِ الْمُصَنِّفُ بِهِ قَبْلَ إشْعَارٍ بِأَنَّهُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ وَالثَّانِي شَهَرَهُ الْقَاضِي سَنَدٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ اهـ بْن.

وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ فَائِدَةَ هَذَا الْخِلَافِ بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ تَظْهَرُ فِي الْإِثْمِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ تَأْخِيرِهَا عَنْ الْقَامَةِ الْأُولَى لِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ وَتَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا إذَا قَدَّمَهَا فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ» وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ «فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ مِنْ الْغَدِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ» فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَصَلَّى هَلْ مَعْنَاهُ شَرَعَ فِيهِمَا أَوْ مَعْنَاهُ فَرَغَ مِنْهُمَا فَإِنْ فُسِّرَ بِشَرَعَ كَانَتْ الظُّهْرُ دَاخِلَةً عَلَى الْعَصْرِ وَمُشَارَكَةً لَهَا فِي أَوَّلِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ فُسِّرَ بِفَرَغَ كَانَتْ الْعَصْرُ دَاخِلَةً عَلَى الظُّهْرِ وَمُشَارِكَةً لَهَا فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي نَحْوُهُ فِي الْعِشَاءَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ بِمَغِيبِ الشَّفَقِ لَا عَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ فَإِذَا قِيلَ بِالِاشْتِرَاكِ وَقِيلَ بِدُخُولِ الْمَغْرِبِ عَلَى الْعِشَاءِ فَالِاشْتِرَاكُ بِمِقْدَارِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَإِنْ قِيلَ بِدُخُولِ الْعِشَاءِ عَلَى الْمَغْرِبِ فَبِمِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ (قَوْلُهُ: غُرُوبُ الشَّمْسِ) أَيْ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَيْ مِنْ مَغِيبِ جَمِيعِ قُرْصِهَا إلَى انْتِهَاءِ وَقْتِ تَحْصِيلِهَا وَشُرُوطِهَا فَقَوْلُهُ بِقَدْرِ حَالِ إشَارَةً إلَى انْتِهَاءِ الْوَقْتِ وَغُرُوبِ جَمِيعِ الْقُرْصِ هُوَ الْغُرُوبُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَوَازُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَجَوَازُ الْفِطْرِ

ص: 177

مِنْ طَهَارَتَيْ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَيُزَادُ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ يُقَدَّرُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمُحَصِّلِهَا التَّأْخِيرُ بِقَدْرِ ذَلِكَ (وَ) الْمُخْتَارُ (لِلْعِشَاءِ) مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ لِلثُّلُثِ (الْأَوَّلِ) مِنْ اللَّيْلِ (وَلِلصُّبْحِ)(مِنْ الْفَجْرِ) أَيْ ظُهُورُ الضَّوْءِ (الصَّادِقِ) وَهُوَ الْمُسْتَطِيرُ أَيْ الْمُنْتَشِرُ ضِيَاؤُهُ حَتَّى يَعُمَّ الْأُفُقَ احْتِرَازًا مِنْ الْكَاذِبِ وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ بِاللَّامِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَنْتَشِرُ بَلْ يُطْلَبُ وَسَطَ السَّمَاءِ دَقِيقًا يُشْبِهُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلصَّائِمِ وَأَمَّا الْغُرُوبُ الْمِيقَاتِيُّ فَهُوَ مَغِيبُ مَرْكَزِ الْقُرْصِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَحْدِيدُ قَدْرِ اللَّيْلِ وَأَحْكَامٌ أُخَرُ تُذْكَرُ فِي الْمِيقَاتِ وَالْغُرُوبُ الْمِيقَاتِيُّ قَبْلَ الشَّرْعِيِّ بِنِصْفِ دَرَجَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ طَهَارَتَيْ حَدَثٍ وَخَبَثٍ) أَيْ مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ أَصْغَرَ إنْ كَانَ غَيْرَ جُنُبٍ وَأَكْبَرَ إنْ كَانَ جُنُبًا مَائِيَّةً إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ وَتُرَابِيَّةً إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ فَإِنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا مُغْتَسِلًا قَدَّرَ لَهُ مِقْدَارَ الْكُبْرَى وَإِنْ كَانَ مُغْتَسِلًا غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ قَدَّرَ لَهُ مِقْدَارَ الصُّغْرَى قَالَ شَيْخُنَا وَعَلَيْهِ فَالْوَقْتُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ النَّظَرُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْأَبِيِّ اعْتِبَارَ مِقْدَارِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى مُطْلَقًا كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ كَانَ فَرْضُهُ الْوُضُوءُ أَوْ الْغُسْلُ أَوْ التَّيَمُّمُ وَعَلَيْهِ فَالْوَقْتُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُصَلِّينَ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمُعْتَادِ لِغَالِبِ النَّاسِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَطْوِيلُ مُوَسْوِسٍ وَلَا تَخْفِيفُ مُسْرِعٍ نَادِرٍ كَذَا اسْتَظْهَرَهُ ح (قَوْلُهُ: وَسِتْرُ عَوْرَةٍ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ شَرْعًا. .

(تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ الْمُخْتَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْتِدَاءِ لِجَوَازِ التَّطْوِيلِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا لِمَغِيبِ الشَّفَقِ لَا بَعْدَهُ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمُقِيمِ وَأَمَّا الْمُسَافِرُونَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمُدُّوا أَيْ يَسِيرُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ الْمِيلَ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يَنْزِلُونَ وَيُصَلُّونَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَ ذَلِكَ بْن وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْمَدُّ لِغَرَضٍ كَمَنْهَلٍ وَإِلَّا صَلُّوا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ يُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا بَعْدَ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ امْتِدَادَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ الْمُخْتَارِ لِلشَّفَقِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِامْتِدَادِ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ قُوَّةٍ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ) أَيْ مِنْ غُرُوبِ الْحُمْرَةِ الَّتِي هِيَ الشَّفَقُ وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ قَالَ الشَّاعِرُ

إنْ كَانَ يُنْكِرُ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ

فِي فِيهِ كَذَّبَهُ فِي وَجْهِهِ الشَّفَقُ

هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ابْنُ نَاجِيٍّ وَنَقَلَ ابْنُ هَارُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَ مَا لِأَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ مُخْتَارِ الْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ الْبَيَاضِ وَهُوَ يَتَأَخَّرُ عَنْ غُرُوبِ الْحُمْرَةِ لَا أَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ: لِلثُّلُثِ الْأَوَّلِ) أَيْ مَحْسُوبًا مِنْ الْغُرُوبِ وَقِيلَ إنَّ اخْتِيَارِيَّ الْعِشَاءِ يَمْتَدُّ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ فَلَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَفِيهِ فُسْحَةٌ (قَوْلُهُ: الْمُنْتَشِرُ ضِيَاؤُهُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَمِنْ جِهَةِ دُبُرِهَا حَتَّى يَعُمَّ الْأُفُقُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْمُنْتَشِرُ ضِيَاؤُهُ أَنَّ الْفَجْرَ الصَّادِقَ غَيْرَ الضَّوْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ السَّابِقِ عَلَيْهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْذَفَ ضِيَاؤُهُ بِأَنْ يَقُولَ أَيْ الْمُنْتَشِرُ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَفِي دُبُرِهَا حَتَّى يَعُمَّ الْأُفُقَ (قَوْلُهُ: بَلْ يُطْلَبُ وَسَطَ السَّمَاءِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ بَيَاضٌ دَقِيقٌ يَخْرُجُ مِنْ الْأُفُقِ وَيَصْعَدُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ بَلْ بِحِذَائِهِ ظُلْمَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَأَمَّا الصَّادِقُ فَهُوَ بَيَاضٌ يَخْرُجُ مِنْ الْأُفُقِ وَيَمْتَدُّ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلِدُبُرِهَا وَيَنْتَشِرُ وَيَصْعَدُ لِلسَّمَاءِ مُنْتَشِرًا (قَوْلُهُ: يُشْبِهُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُشْبِهُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ الْأَسْوَدِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَجْرَ الْكَاذِبَ بَيَاضٌ مُخْتَلِطٌ بِسَوَادٍ وَالسِّرْحَانُ الْأَسْوَدُ لَوْنُهُ مُظْلِمٌ وَبَاطِنُ ذَنَبِهِ أَبْيَضُ فَالْبَيَاضُ فِيهِ مُخْتَلِطٌ بِسَوَادٍ

ص: 178

وَلَا يَكُونُ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ بَلْ فِي الشِّتَاءِ ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَهُ ظَلَامٌ ثُمَّ يَظْهَرُ الْفَجْرُ الْحَقِيقِيُّ وَيَنْتَهِي الْمُخْتَارُ (لِلْإِسْفَارِ) أَيْ الضَّوْءِ (الْأَعْلَى) أَيْ الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ وَهُوَ الَّذِي تَتَمَيَّزُ فِيهِ الْوُجُوهُ (وَهِيَ) الصَّلَاةُ (الْوُسْطَى) أَيْ الْفُضْلَى عِنْدَ الْإِمَامِ وَعُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَقِيلَ الْعَصْرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ الْأَحَادِيثِ وَمَا مِنْ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ إلَّا قِيلَ فِيهَا هِيَ الْوُسْطَى وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

(وَإِنْ)(مَاتَ) الْمُكَلَّفُ (وَسَطَ) يَعْنِي أَثْنَاءَ (الْوَقْتِ) الِاخْتِيَارِيِّ (بِلَا أَدَاءٍ) لَهَا فِيهِ (لَمْ يَعْصِ) لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ (إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ) وَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَاصِيًا وَكَذَا إذَا تَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَلَمْ يَمُتْ لِأَنَّ الْمُوَسَّعَ صَارَ فِي حَقِّهِ مُضَيَّقًا وَهَذَا إذَا أَمْكَنَهُ الطَّهَارَةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ كَمَا تَقَدَّمَ

وَلَمَّا كَانَ الِاخْتِيَارِيُّ يَنْقَسِمُ إلَى فَاضِلٍ وَمَفْضُولٍ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْأَفْضَلُ)(لِفَذٍّ) وَمَنْ فِي حُكْمِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ) أَيْ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ (قَوْلُهُ: وَيَنْتَهِي الْمُخْتَارُ) أَيْ مُخْتَارُ الصُّبْحِ وَقَوْلُهُ لِلْإِسْفَارِ أَيْ لِدُخُولِ الْإِسْفَارِ وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي تَتَمَيَّزُ فِيهِ الْوُجُوهُ) أَيْ بِالْبَصَرِ الْمُتَوَسِّطِ فِي مَحَلٍّ لَا سَقْفَ فِيهِ وَلَا غِطَاءَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ الصُّبْحُ يَمْتَدُّ لِلْإِسْفَارِ الْأَعْلَى هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَمْتَدُّ اخْتِيَارِيُّ الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَعَلَيْهِ فَلَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَكْثَرِ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِكَافَّةِ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى قَالَ وَهُوَ مَشْهُورٌ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ شُهِرَ لَكِنْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَشْهَرُ وَأَقْوَى كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. .

(تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ مَبْدَأَ الْمُخْتَارِ لِلظُّهْرِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إلَى هُنَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ زَمَنِ الدَّجَّالِ وَأَمَّا فِي زَمَنِهِ فَيُقَدَّرُ لِلظُّهْرِ وَغَيْرِهَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ زَمَانِهِ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الْبِلَادِ السَّنَةُ فِيهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيُقَدِّرُونَ لِكُلِّ صَلَاةٍ كَزَمَنِ الدَّجَّالِ وَفِي بَعْضِ الْبِلَادِ اللَّيْلُ مِنْ الْمَغْرِبِ لِلْعِشَاءِ فَيَخْرُجُ الْفَجْرُ وَقْتَ الْعِشَاءِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَسْقُطُ عَنْهُمْ الْعِشَاءُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُقَدِّرُونَ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ وَلَا نَصَّ عِنْدَنَا وَلَكِنْ اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الرُّجُوعَ فِي ذَلِكَ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الصُّبْحِ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238](قَوْلُهُ: أَيْ الْفُضْلَى) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْوُسْطَى تَأْنِيثُ الْأَوْسَطِ بِمَعْنَى الْمُخْتَارِ وَالْأَفْضَلُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} [القلم: 28] وَلَا غَرَابَةَ فِي تَفْضِيلِ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ إذْ الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ يُفَضِّلُ مَا يَشَاءُ عَلَى مَا يَشَاءُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فَضَّلَ الْقَصْرَ عَلَى الْإِتْمَامِ وَالْوِتْرَ عَلَى الْفَجْرِ وَقِيلَ إنَّهَا تَأْنِيثُ وَسَطٍ بِمَعْنَى مُتَوَسِّطٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لِأَنَّ قَبْلَهَا لَيْلَتَيْنِ مُشْتَرَكَتَيْنِ وَبَعْدَهَا نَهَارَيْنِ مُشْتَرَكَتَيْنِ وَهِيَ مُنْفَرِدَةٌ بِوَقْتٍ لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ الْأَحَادِيثِ) أَيْ فَقَدْ «قَالَ عليه الصلاة والسلام فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» وَكَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَمَا مِنْ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ إلَخْ) أَيْ فَقِيلَ إنَّهَا الظُّهْرُ لِوُقُوعِهَا فِي وَسَطِ النَّهَارِ وَقِيلَ إنَّهَا الْمَغْرِبُ لِتَوَسُّطِهَا بَيْنَ ظَلَامِ اللَّيْلِ وَضَوْءِ النَّهَارِ وَقِيلَ إنَّهَا الْعِشَاءُ لِتَوَسُّطِهَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ لَا يُقَصَّرَانِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ وَقِيلَ إنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى غَيْرُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَقِيلَ إنَّهَا صَلَاةُ عِيدِ الْأَضْحَى وَقِيلَ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ وَقِيلَ صَلَاةُ الضُّحَى وَقِيلَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَعَلَّ مَعْنَى الْوُسْطَى عَلَى هَذَا الْفَاضِلَةُ لَا الْفُضْلَى الَّتِي هِيَ تَأْنِيثُ الْأَفْضَلِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ

(قَوْلُهُ: وَسَطَ الْوَقْتِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِهَا (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَثْنَاءَ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَسَطِ حَقِيقَتُهُ وَهُوَ النِّصْفُ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَوْتُ وَاقِعًا فِي مُنْتَصَفِ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُصُورِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْصِ) أَيْ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ ظَنَّ السَّلَامَةَ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا بِأَنْ كَانَ خَالِي الذِّهْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَازِمًا عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ بَلْ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِهَا وَإِنْ كَانَ يَعْصَى مِنْ حَيْثُ الْعَزْمُ لَا مِنْ حَيْثُ التَّرْكُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الظَّنُّ غَيْرُ قَوِيٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ نَقْلِ الْمَوَّاقُ وَقَيَّدَهُ ح بِمَا إذَا كَانَ قَوِيًّا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا تَخَلَّفَ ظَنُّهُ) أَيْ وَكَذَا يَكُونُ عَاصِيًا إذَا ظَنَّ الْمَوْتَ وَتَخَلَّفَ الظَّنُّ وَلَمْ يَمُتْ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَوْقَعَهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ وَإِنَّمَا أَثِمَ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى ظَنِّهِ لَكِنَّهُ أَدَاءٌ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا قَضَاءً كَمَا قِيلَ نَظَرًا لِمَا اقْتَضَاهُ الظَّنُّ مِنْ الضِّيقِ وَوُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ (قَوْلُهُ: صَارَ فِي حَقِّهِ مُضَيِّقًا) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ لِلْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ أَثِمَ مِنْ ظَنِّ الْمَوْتِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ إذَا أَمْكَنَهُ الطَّهَارَةُ وَمَاتَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا وَلَمْ يَفْعَلْ.

وَاعْلَمْ أَنَّ ظَنَّ بَقِيَّةِ الْمَوَانِعِ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجُنُونِ كَظَنِّ الْمَوْتِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ شُرَّاحُ الرِّسَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ مِنْ

ص: 179

كَالْجَمَاعَةِ لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا (تَقْدِيمُهَا) أَوَّلَ الْمُخْتَارِ بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولِهِ (مُطْلَقًا) وَلَوْ ظُهْرًا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْمُرَادُ تَقْدِيمًا نِسْبِيًّا فَلَا يُنَافِي نَدْبَ تَقْدِيمِ النَّفْلِ الْوَارِدِ فِي الْأَحَادِيثِ وَهُوَ الْفَجْرُ وَكَذَا الْوَرْدُ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَقَبْلَ الْعَصْرِ وَغَيْرُ هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (وَ) الْأَفْضَلُ لَهُ تَقْدِيمُهَا مُنْفَرِدًا (عَلَى) إيقَاعِهَا فِي (جَمَاعَةٍ) يَرْجُوهَا (آخِرُهُ) لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ إنْ وَجَدَهَا أَعَادَ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى إطْلَاقِهِ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الصُّبْحِ بِنَدْبِ تَقْدِيمِهَا عَلَى جَمَاعَةٍ يَرْجُوهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَإِلَّا لَوَجَبَ (وَ) الْأَفْضَلُ (لِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ) وَلَوْ جُمُعَةً (وَ) الْأَفْضَلُ لَهَا (تَأْخِيرُهَا) أَيْ الظُّهْرِ (لِرُبْعِ الْقَامَةِ) بَعْدَ ظِلِّ الزَّوَالِ صَيْفًا وَشِتَاءً لِأَجْلِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ فَلَيْسَ هَذَا التَّأْخِيرُ مِنْ مَعْنَى الْإِبْرَادِ وَلِذَا قَالَ (وَيُزَادُ) عَلَى رُبْعِ الْقَامَةِ مِنْ أَجْلِ الْإِبْرَادِ (لِشِدَّةِ الْحَرِّ) وَمَعْنَى الْإِبْرَادِ الدُّخُولُ فِي وَقْتِ الْبَرْدِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْمُبَادَرَةُ فِي أَوَّلِ الْمُخْتَارِ مُطْلَقًا إلَّا الظُّهْرَ لِجَمَاعَةٍ تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا

فَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا وَتَحْتَهُ قِسْمَانِ تَأْخِيرٌ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ فَقَطْ وَتَأْخِيرٌ لِلْإِبْرَادِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ قَدْرَهُ قَالَ الْبَاجِيَّ نَحْوُ الذِّرَاعَيْنِ وَابْنِ حَبِيبٍ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْ لَا يَخْرُجَهَا عَنْ الْوَقْتِ (وَفِيهَا)(نَدْبُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ) لِلْقَبَائِلِ وَالْحُرُسِ بَعْدَ الشَّفَقِ (قَلِيلًا)

ــ

[حاشية الدسوقي]

حُرْمَةِ التَّأْخِيرِ لِظَنِّ الْحَيْضِ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ كَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ لِظَنِّهِ فَلَيْسَ ظَنُّ بَقِيَّةِ الْمَوَانِعِ كَظَنِّ الْمَوْتِ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَلَامَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ بِالتَّأْخِيرِ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَإِلَّا فَلَا، فَيَتَّفِقُ عَلَى الْحُرْمَةِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ كَمَا فِي بْن وَلَا تَرْكَنْ لِغَيْرِهِ.

لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ عَلِمَتْ مَجِيءَ الْحَيْضِ فِي الْوَقْتِ وَأَخَّرَتْ الصَّلَاةَ عَامِدَةً وَأَتَاهَا الْحَيْضُ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَسْقُطُ عَنْهَا وَلَا تَقْضِيهَا لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ لَا يُنَافِي الْإِثْمَ

(قَوْلُهُ: كَالْجَمَاعَةِ لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا) أَيْ كَأَهْلِ الرَّبْطِ الَّذِينَ لَا يَتَفَرَّقُونَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولٍ) أَيْ لَا فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ لِأَنَّ إيقَاعَهَا إذْ ذَاكَ مِنْ فِعْلِ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظُهْرًا إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ صُبْحًا أَوْ عَصْرًا أَوْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً أَوْ ظُهْرًا فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ ظُهْرًا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لح (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ هَذَا إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ عج أَنَّ الْفَذَّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ الْأَفْضَلُ لَهُمْ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا تَقْدِيمًا حَقِيقِيًّا فَلَا يُطَالَبُونَ بِالنَّوَافِلِ الْقَبَلِيَّةِ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِهَا الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَأَكُّدِ النَّفْلِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَنْتَظِرُ الْجَمَاعَةَ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَمْ لَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ ح وَعِجْ فِي كَوْنِ التَّقْدِيمِ فِي حَقِّ الْفَذِّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ نِسْبِيًّا أَوْ حَقِيقِيًّا إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِأَنَّهُمَا اللَّتَانِ يُتَنَفَّلُ قَبْلَهُمَا دُونَ الْمَغْرِبِ لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا وَدُونَ الصُّبْحِ إذْ لَا يُصَلِّي قَبْلَهَا إلَّا الْفَجْرَ وَالْوِرْدَ لِنَائِمٍ عَنْهُ بِاتِّفَاقٍ وَدُونَ الْعِشَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ فِي خُصُوصِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لَهُ) أَيْ لِلْفَذِّ تَقْدِيمُهَا أَيْ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ وَجَدَهَا إلَخْ) أَيْ الْجَمَاعَةَ أَعَادَ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ أَيْ فَيَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْفَضْلَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلَمْ يَكُنْ مُحَصِّلًا إلَّا لِفَضِيلَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِعَادَةِ إذَا وَجَدَ الْجَمَاعَةَ هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فِي مُغْنِيهِ حَيْثُ قَالَ وَيَتَوَلَّدُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هِيَ فِي الصُّبْحِ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَفِعْلُهَا جَمَاعَةً آخِرَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا أَوَّلَهُ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ ذَلِكَ الْغَيْرِ لَا إنْ ضَاقَ كَالْمَغْرِبِ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَتَعَقَّبَهُ تت بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَقَلَ أَنَّ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي تَرْجِيحِ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَذَا عَلَى آخِرِهِ جَمَاعَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ لَا فِي خُصُوصِ الصُّبْحِ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُصَنِّفِ سَنَدٌ فِي الْإِطْلَاقِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَعْرِضْ مُرَجِّحُ التَّأْخِيرِ كَرَجَاءِ الْمَاءِ وَالْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ أَوْ مُوجِبَةٌ كَذِي نَجَاسَةٍ يَرْجُو مَا يُزِيلُهَا بِهِ عَنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَمَنْ بِهِ مَانِعُ الْقِيَامِ يَرْجُو زَوَالَهُ فِي الْوَقْتِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لَهَا) أَيْ وَإِنَّ اخْتِيَارِيَّهَا يَمْتَدُّ لِلطُّلُوعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَوَجَبَ) أَيْ وَإِلَّا لَوْ قُلْنَا أَنَّ لَهَا ضَرُورِيًّا مِنْ الْإِسْفَارِ لِلطُّلُوعِ لَوَجَبَ فِعْلُهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَلَا تَنْتَظِرُ الْجَمَاعَةَ الَّتِي يَرْجُوهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لِلْجَمَاعَةِ) أَيْ الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَأَمَّا الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا فَهِيَ كَالْفَذِّ كَمَا مَرَّ يُنْدَبُ لَهُمْ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا حَتَّى لِلظُّهْرِ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ) أَيْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا تَقْدِيمًا نِسْبِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ وَتَقْدِيمًا حَقِيقِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا ثُمَّ إنَّ غَيْرَ الظُّهْرِ صَادِقٌ بِالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ شِتَاءً وَصَيْفًا بِرَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدُّرَرِ مِنْ نَدْبِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ بِرَمَضَانَ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ فِي الْفُطُورِ (قَوْلُهُ: لِرُبْعِ الْقَامَةِ) وَهُوَ ذِرَاعٌ بِأَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّخْصِ كَذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى ظِلِّ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَعْنَى الْإِبْرَادِ) أَيْ لِأَجْلِ مَعْنًى هُوَ الْإِبْرَادُ فَمِنْ لِلتَّعْلِيلِ وَإِضَافَةُ مَعْنًى لِلْإِبْرَادِ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ الْحَرِّ) أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ شِدَّةِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي أَيِّ صَلَاةٍ وَفِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَلَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا

(قَوْلُهُ: وَتَحْتَهُ) أَيْ وَتَحْتَ تَأْخِيرِهَا (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرٌ لِلْإِبْرَادِ) أَيْ لِأَجْلِ الدُّخُولِ فِي وَقْتِ الْبَرْدِ (قَوْلُهُ: قَدَّرَهُ) أَيْ قَدَّرَ التَّأْخِيرَ لِلْإِبْرَادِ بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ قَدْ عَيَّنَ قَدْرَهُ بِرُبْعِ الْقَامَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُخْرِجَهَا عَنْ الْوَقْتِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْقَامَةِ وَأَفَادَ ح أَنَّ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا لِلْإِبْرَادِ لِوَسَطِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ

ص: 180

لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالْقَبَائِلُ الْأَرْبَاضُ أَيْ أَطْرَافُ الْمِصْرِ وَالْحُرُسُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُرَابِطُونَ أَيْ لِأَنَّ شَأْنَهُمْ التَّفَرُّقُ ثُمَّ الرَّاجِحُ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا

(وَإِنْ)(شَكَّ) لَوْ طَرَأَ فِي الصَّلَاةِ أَيْ تَرَدَّدَ مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ الظَّنَّ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ (فِي دُخُولِ الْوَقْتِ) وَصَلَّى (لَمْ تَجُزْ وَلَوْ) تَبَيَّنَ أَنَّهَا (وَقَعَتْ فِيهِ)

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الِاخْتِيَارِيِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الضَّرُورِيِّ بِقَوْلِهِ (وَالضَّرُورِيُّ) أَيْ ابْتِدَاؤُهُ (بَعْدَ) أَيْ عَقِبَ وَتِلْوَ (الْمُخْتَارِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ بِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ وَيَمْتَدُّ مِنْ مَبْدَإِ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى (لِلطُّلُوعِ فِي التَّصْحِيحِ)(وَ) يَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الظُّهْرِ الْخَاصِّ بِهَا مِنْ دُخُولِ مُخْتَارِ الْعَصْرِ وَيَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الْعَصْرِ مِنْ دُخُولِ الِاصْفِرَارِ وَيَسْتَمِرُّ (لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَ) يَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الْمَغْرِبِ مِنْ مُضِيِّ مَا يَسَعُهَا وَشُرُوطُهَا وَضَرُورِيُّ الْعِشَاءِ مِنْ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَيَسْتَمِرُّ (لِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الَّذِي أَخَّرَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَكَلَامُ ح يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ (قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) أَيْ لَا إنْ نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلًا لِلْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ كَلَامَهَا فِي خُصُوصِ الْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ فَلَا يَكُونُ كَلَامُهَا مُعَارِضًا لِمَا مَرَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا يُؤَخِّرُونَ إلَّا الظُّهْرَ لِأَنَّ مَا مَرَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَسَاجِدِ غَيْرِ الْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ وَكِلَاهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ كَمَا هُوَ نَصُّهَا وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ الْمُعَارِضَةِ (قَوْلُهُ: وَالْقَبَائِلُ الْإِرْبَاضُ) أَيْ أَهْلُ الْإِرْبَاضِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَطْرَافُ الْمِصْرِ) أَيْ الْأَمَاكِنُ الَّتِي حَوْلَ الْبَلَدِ خَلْفَ السُّوَرِ كَالْحُسَيْنِيَّةِ وَالنَّاصِرِيَّةِ وَالْفَوَّالَةِ بِمِصْرَ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ) أَيْ وَيُقَالُ أَيْضًا بِفَتْحِهَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقَوْلُهُ: الْمُرَابِطُونَ أَيْ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ التَّفَرُّقُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّاجِحُ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا) أَيْ ثُمَّ الرَّاجِحُ نَدْبُ تَقْدِيمِ الْعِشَاءِ لِلْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا حَتَّى لِأَهْلِ الْإِرْبَاضِ وَالْحَرَسِ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ نَدْبِ تَأْخِيرِهَا لَهُمْ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَرَدَّدَ هَلْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ لَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَوْ ظَنَّ دُخُولَهُ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ وَتَوَهَّمَ الدُّخُولَ سَوَاءٌ حَصَلَ لَهُ مَا ذُكِرَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ طَرَأَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَجْزِيهِ لِتَرَدُّدِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ أَنَّهَا وَقَعَتْ قَبْلَهُ أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظَنُّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ قَوِيًّا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ إذَا ظَنَّ دُخُولَهُ سَوَاءٌ كَانَ الظَّنُّ قَوِيًّا أَمْ لَا وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ وَأَمَّا إذَا دَخَلَ الصَّلَاةَ جَازِمًا بِدُخُولِ وَقْتِهَا فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ فَرَاغِهَا قَبْلَهُ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَالْإِجْزَاءُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ لَمْ تُجْزِهِ. .

(تَنْبِيهٌ) قَدْ عَلِمْت مَا إذَا شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي خُرُوجِهِ فَيَنْوِي الْأَدَاءَ كَمَا قَالَ عج لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ لَا يَنْوِي أَدَاءً وَلَا قَضَاءً لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مَعَ الْمُبَادَرَةِ عَلَى الْفِعْلِ حِرْصًا عَلَى الْوَقْتِ فَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ لِظَنِّهِ بَقَاءَ الْوَقْتِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خُرُوجُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَهُ كَذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَطَرَأَ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ الشَّكُّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا بَلْ وَلَوْ طَرَأَ فِيهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا طَرَأَ الشَّكُّ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِحْرَامَ حَصَلَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ

(قَوْلُهُ: أَيْ عَقِبَ وَتِلْوَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ بَعْدَ فِي الْأَصْلِ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ بَيْنَ الضَّرُورِيِّ وَالِاخْتِيَارِيِّ مُدَّةٌ مُتَّسِعَةٌ مَعَ أَنَّهُ مُلَاصِقٌ لَهُ دَفَعَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِجَعْلِهِ بَعْدَ بِمَعْنَى التِّلْوِ وَالْعَقِبِ فَهِيَ هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الضَّرُورِيَّ عَقِبَ الْمُخْتَارِ فِي غَيْرِ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ وَالْمُسَافِرِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا فَالضَّرُورِيُّ قَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمُخْتَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرَكَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَ مَا بَعْدَ الْمُخْتَارِ بِالضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ بِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ) أَيْ وَإِثْمِ غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مُؤَدِّينَ (قَوْلُهُ: لِلطُّلُوعِ) أَيْ لِمَبْدَإِ الطُّلُوعِ (قَوْلُهُ: مِنْ دُخُولِ مُخْتَارِ الْعَصْرِ) أَيْ الْخَاصِّ بِهَا وَهُوَ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتِ الِاشْتِرَاكِ مِنْ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي أَنَّ الْعَصْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الظُّهْرِ أَوْ الظُّهْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَصْرَ لَا تَخْتَصُّ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهُوَ رِوَايَةُ عِيسَى وَأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةُ يَحْيَى عَنْهُ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَوْ صَلَّيْت الظُّهْرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِأَرْبَعٍ كَانَتْ فَائِتَةً وَقَضَاءً وَلَيْسَتْ حَاضِرَةً

ص: 181

(وَتُدْرَكُ فِيهِ) أَيْ فِي الضَّرُورِيِّ (الصُّبْحُ) أَدَاءً وَوُجُوبًا عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ (بِرَكْعَةٍ) بِسَجْدَتَيْهَا مَعَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةٍ قِرَاءَةً مُعْتَدِلَةً وَطُمَأْنِينَةً وَاعْتِدَالًا وَيَجِبُ تَرْكُ السُّنَنِ كَالسُّورَةِ وَكَذَا الِاخْتِيَارِيُّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ (لَا أَقَلَّ) مِنْ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ (وَالْكُلُّ) مَا فَعَلَ أَيْ فِي الْوَقْتِ وَخَارِجَهُ (أَدَاءً) حَقِيقَةً لَا حُكْمًا فَمَنْ حَاضَتْ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ لِحُصُولِ الْعُذْرِ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِهِ فِيهَا لَبَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ لِأَنَّهَا قَضَاءٌ خَلْفَ أَدَاءً وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَابْنُ قَدَّاحٍ بِالصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ أَدَاءً حُكْمًا وَهِيَ قَضَاءٌ فِعْلًا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا أَدَاءٌ حُكْمًا وَبُطْلَانُ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ نِيَّةً وَصِفَةً إذْ صِفَةُ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَدَاءُ بِاعْتِبَارِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْقَضَاءُ وَأَنَّهَا حَاضَتْ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ حَقِيقَةً (وَ) تُدْرَكُ فِي الضَّرُورِيِّ الْمُشْتَرِكَانِ وَهُمَا الظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ (بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ) الصَّلَاةِ (الْأُولَى) عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأُخْرَى فِعْلًا وَجَبَ التَّقْدِيرُ بِهَا (لَا) بِفَضْلِهَا عَنْ الصَّلَاةِ (الْأَخِيرَةِ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٍ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ وَسَقَطَتْ الْأُولَى اتِّفَاقًا وَجَبَ التَّقْدِيرُ بِهَا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي حَائِضٍ مُسَافِرٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَا أَدَاءَ عَلَى الثَّانِي وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ بَاقٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِالنَّظَرِ لِلْعَصْرِ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ بِالنَّظَرِ لِلظُّهْرِ أَيْ لِقُرْبِ الْغُرُوبِ وَمَا قِيلَ هُنَا مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّقْدِيرِ يُقَالُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا لَكِنَّ الَّذِي فِي بْن أَنَّ الْمَشْهُورَ رِوَايَةُ عِيسَى أَعْنِي عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَتُدْرِكُ فِيهِ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ كَالنَّوْمِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ عَلَى مَا يَأْتِي وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ ضَرُورِيِّ الصُّبْحِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً بِسَجْدَتِهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ مُدْرَكَةً مِنْ حَيْثُ الْأَدَاءُ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ فِعْلِهَا وَإِنَّمَا خَصَّ الصُّبْحَ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ الْوَقْتَ الضَّرُورِيَّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ مُطْلَقًا كَانَ لِلصُّبْحِ أَوْ لِغَيْرِهَا لِأَنَّ غَيْرَهَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى إنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ (قَوْلُهُ: مَعَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ فَالْمُعْتَبَرُ رَكْعَةٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ فَاتِحَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَرْكُ السُّنَنِ كَالسُّورَةِ) أَيْ وَكَالِاعْتِدَالِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاخْتِيَارِيُّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِ الضَّرُورِيَّ بِرَكْعَةٍ لِأَنَّهُ هُنَا بَقِيَّةُ الصَّلَاةِ تَقَعُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ ضَرُورِيًّا بِخِلَافِهَا فِي الضَّرُورِيِّ فَإِنَّ بَعْضَهَا يَقَعُ خَارِجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ حَيْثُ قَالَ إنَّ الضَّرُورِيَّ يُدْرَكُ بِالرُّكُوعِ وَحْدَهُ وَلِلْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا أَقَلَّ وَإِنْ كَانَ يَكْفِي فِي الرَّدِّ قَوْلُهُ بِرَكْعَةٍ تَأَمَّلْ.

(تَنْبِيهٌ) كَوْنُ الْوَقْتِ لَا يُدْرَكُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ لَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ مُمْتَدٌّ لِلطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَالْفَجْرِ لِأَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ أَمْرٌ مُغَايِرٌ لِإِدْرَاكِهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْحَاصِلَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ الْحَاصِلَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ قَضَاءٌ فِعْلًا) الْأُولَى حَقِيقَةٌ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ حَاضَتْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا فِيهَا وَجَبَ الْقَضَاءُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا فَهُوَ قَضَاءٌ خَلْفَ قَضَاءٍ وَثَمَرَةُ كَوْنِ الْأَدَاءِ حُكْمًا رَفْعُ الْإِثْمِ فَقَطْ.

وَوَرَدَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ قَدَّاحٍ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ مُخَالِفَةٌ لِنِيَّةِ الْمَأْمُومِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَاوٍ لِلْأَدَاءِ وَالْمَأْمُومَ نَاوٍ لِلْقَضَاءِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ تَنُوبُ عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَكْسُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا مُتَلَاعِبًا أَوْ سَهْوًا لَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَدَاءُ أَوْ ضِدُّهُ مِمَّا يُفِيدُ خِلَافَهُ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ وَالتَّحْقِيقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ بَلْ يَقْضِيهَا وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ قَدَّاحٍ وَحِّ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ أَنَّهُ أَقْيَسُ وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ سُقُوطِ الصَّلَاةِ لِحُصُولِ الْعُذْرِ وَقْتَ الْأَدَاءِ فَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَشَهَرَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِفَضْلِ رَكْعَةٍ) أَيْ بِرَكْعَةٍ

ص: 182

طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُدْرَكُ الْعِشَاءُ وَتَسْقُطُ الْمَغْرِبُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ تُدْرِكُهُمَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْعِشَاءِ الْمَقْصُورَةِ وَلِأَرْبَعٍ أَدْرَكَتْهُمَا اتِّفَاقًا وَلِاثْنَتَيْنِ أَدْرَكَتْ الثَّانِيَةَ فَقَطْ اتِّفَاقًا وَفِي حَائِضٍ حَاضِرٍ طَهُرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تُدْرِكُهُمَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْمَغْرِبِ وَعَلَى الثَّانِي تُدْرِكُ الْعِشَاءَ فَقَطْ إذَا لَمْ يَفْضُلْ لِلْمَغْرِبِ شَيْءٌ فِي التَّقْدِيرِ وَلِخَمْسٍ أَدْرَكَتْهُمَا وَلِثَلَاثٍ سَقَطَتْ الْأُولَى اتِّفَاقًا فِيهِمَا فَتَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ (كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ) صَوَابُهُ كَحَائِضٍ مُسَافِرَةٍ أَوْ حَاضِرَةٍ طَهُرَتْ وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ ذِي الْعُذْرِ وَلَا يَظْهَرُ لِلتَّقْدِيرِ فِيهِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ سَفَرِيَّةً عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا لِأَقَلَّ لِاخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِالْأَخِيرَةِ وَالْقَادِمُ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ حَضَرِيَّةً وَأَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ فَلَا يَظْهَرُ بِالتَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ لِتَسَاوِيهِمَا (وَأَثِمَ) مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي الضَّرُورِيِّ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لَهُ (لِعُذْرٍ) فَلَا يَأْثَمُ

ثُمَّ ذَكَرَ الْأَعْذَارَ بِقَوْلِهِ (بِكُفْرٍ) أَصْلِيٍّ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ (بِرِدَّةٍ وَصِبًا) فَإِذَا بَلَغَ فِي الضَّرُورِيِّ وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ صَلَّاهَا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَاضِلَةٍ أَيْ زَائِدَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْفَجْرِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَدْ أَدْرَكَتْ الظُّهْرَيْنِ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْأَرْبَعُ وَأَمَّا إذَا طَهُرَتْ لِاثْنَتَيْنِ فَقَدْ أَدْرَكَتْ الثَّانِيَةَ مِنْ الظُّهْرَيْنِ اتِّفَاقًا وَسَقَطَتْ الْأُولَى وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي وَأَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُدْرَكُ الْعِشَاءُ وَتَسْقُطُ الْمَغْرِبُ) وَذَلِكَ لِأَنَّنَا لَوْ قَدَّرْنَا بِالْأُولَى لَمْ يَبْقَ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ وَالْوَقْتُ إذَا ضَاقَ يَخْتَصُّ بِالْأَخِيرَةِ فَيَكُونُ الْوَقْتُ الْبَاقِي الَّذِي يَسَعُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لِلْأَخِيرَةِ وَتَسْقُطُ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَلِأَرْبَعٍ) أَيْ وَإِذَا طَهُرَتْ أَدْرَكْتهمَا لِأَرْبَعٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إنْ قَدَّرَ بِالْأُولَى فَضَلَتْ رَكْعَةٌ لِلثَّانِيَةِ وَإِنْ قَدَّرَ بِالثَّانِيَةِ فَضَلَتْ رَكْعَتَانِ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ: وَلِاثْنَتَيْنِ) أَيْ وَإِذَا طَهُرَتْ لِاثْنَتَيْنِ أَدْرَكَتْ الثَّانِيَةَ فَقَطْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا إنْ قُدِّرَتْ بِالْأُولَى لَمْ يَبْقَ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ وَإِنْ قُدِّرَتْ بِالثَّانِيَةِ لَمْ يَبْقَ لِلْأُولَى شَيْءٌ وَالْوَقْتُ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: طَهُرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ) ذَكَرَ بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ وَأَمَّا لَوْ طَهُرَتْ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَدْ أَدْرَكَتْ ثَانِيَ الظُّهْرَيْنِ اتِّفَاقًا وَسَقَطَتْ الْأُولَى وَلِخَمْسٍ أَدْرَكَتْهُمَا اتِّفَاقًا وَكَذَا مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ تُدْرِكُهُمَا) أَيْ لِأَنَّهَا إذَا قُدِّرَتْ بِالْأُولَى بَقِيَ لِلثَّانِيَةِ رَكْعَةٌ فَتَكُونُ قَدْ طَهُرَتْ فِي وَقْتِهِمَا (قَوْلُهُ: كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ لِبَيَانِ مَا يُدْرَكُ بِهِ الْقَصْرُ وَالْإِتْمَامُ كَمَا شَرَحَ بِهِ الْمَوَّاقُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وَالشَّيْخُ مَيَّارَةُ وَنَصَّهُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ كَمَا تُدْرَكُ الصَّلَاتَانِ مَعًا بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ إحْدَاهُمَا وَإِلَّا أُدْرِكَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ كَذَلِكَ يُدْرَكُ حُكْمُ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ إحْدَاهُمَا وَإِلَّا أُدْرِكَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ فَيَقْصُرُهَا مَنْ سَافَرَ وَيُتِمُّهَا مَنْ حَضَرَ مِنْ سَفَرِهِ فَلَوْ سَافَرَ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ صَلَّاهُمَا سَفَرِيَّتَيْنِ وَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْعَصْرُ سَفَرِيَّةٌ وَالظُّهْرُ حَضَرِيَّةٌ وَلَوْ قَدِمَ لِخَمْسٍ فَأَكْثَرَ صَلَّاهُمَا حَضَرِيَّتَيْنِ وَلِمَا دُونَهَا صَلَّى الْعَصْرَ حَضَرِيَّةً وَالظُّهْرَ سَفَرِيَّةً وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ وَمَا ذَكَرَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ كَحَاضِرٍ سَافَرَ إلَخْ تَمْثِيلٌ ثُمَّ اعْتَرَضَ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا يَصِحُّ وَصَوَّبَهُ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ تَكَلُّفٌ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِالْأَخِيرَةِ) بِمَعْنَى أَنَّ الْوَقْتَ إذَا ضَاقَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخِيرَةُ.

إنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ آخِرَ الْوَقْتِ تَخْتَصُّ بِهِ الثَّانِيَةُ اتِّفَاقًا وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْخِلَافِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اخْتِصَاصِ الْعَصْرِ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَنْ الطُّهْرِ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِسَمَاعِ يَحْيَى وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى وَأَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

قُلْت لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّ الِاخْتِصَاصَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ أَوْ السُّقُوطِ لِارْتِفَاعِ الْعُذْرِ أَوْ طُرُوِّه بِاعْتِبَارِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْأَدَاءِ وَعَدَمِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْأُولَى إذَا وَقَعَتْ آخِرَ الْوَقْتِ فَهِيَ أَدَاءٌ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَضَاءٌ عَلَى مُقَابِلِهِ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتَا حَضَرِيَّتَيْنِ أَوْ سَفَرِيَّتَيْنِ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ أَمْ لَا فَلَا يَظْهَرُ بِالتَّقْدِيرِ بِالْأَوْلَى مِنْهُمَا أَوْ بِالثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا تَظْهَرُ فَائِدَةٌ فِي اللَّيْلَتَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ كَانَ الشَّخْصُ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ الْفَائِدَةُ بِالتَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مِنْ اللَّيْلَتَيْنِ إذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ كَحَيْضٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ فَالْأَحْوَالُ ثَمَانِيَةٌ سِتَّةٌ لَا يَظْهَرُ فِيهَا فَائِدَةٌ وَاثْنَانِ تَظْهَرُ فِيهِمَا الْفَائِدَةُ (قَوْلُهُ: مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي الضَّرُورِيِّ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْقَعَ بَعْضًا مِنْهَا وَلَوْ رَكْعَةً فِي الِاخْتِيَارِيِّ وَبَاقِيهَا فِي الضَّرُورِيِّ فَلَا إثْمَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لَهُ) أَيْ لِلضَّرُورِيِّ

(قَوْلُهُ: بِكُفْرٍ وَإِنْ بِرِدَّةٍ) أَيْ إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِخِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَمْ لَا

ص: 183

وَلَوْ كَانَ صَلَّاهَا قَبْلُ (وَإِغْمَاءٍ وَجُنُونٍ وَنَوْمٍ) وَلَا إثْمَ عَلَى النَّائِمِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَوْ عَلِمَ اسْتِغْرَاقَ الْوَقْتِ وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ فَلَا يَجُوزُ النَّوْمُ بِلَا صَلَاةٍ إنْ ظَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ (وَغَفْلَةٍ) وَلَمَّا كَانَ الْحَيْضُ مَانِعًا شَرْعِيًّا عُرِفَتْ مَانِعِيَّتُهُ مِنْ الشَّارِعِ وَلَا اسْتِقْلَالَ لِلْعَقْلِ بِهِ جَعَلَهُ أَصْلًا فَشَبَّهَ بِهِ مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ (كَحَيْضٍ) وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ لِتَآخِيهِمَا فِي الْأَحْكَامِ (لَا سُكْرٍ) حَرَامٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا عُذْرُ الْكَافِرِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْحَرَامِ فَهُوَ عُذْرٌ كَالْجُنُونِ (وَالْمَعْذُورُ) مِمَّنْ ذُكِرَ (غَيْرُ كَافِرٍ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ) بِالْمَاءِ لِأَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِلَّا فَبِالصَّعِيدِ فَمَنْ زَالَ عُذْرُهُ الْمُسْقِطُ لِلصَّلَاةِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إلَّا إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً بَعْدَ تَقْدِيرِ تَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ أَوْ التُّرَابِيَّةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ بَلْ إنْ أَسْلَمَ لِمَا يَسَعُ رَكْعَةً فَقَطْ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ لِأَنَّ تَرْكَ عُذْرِهِ بِالْإِسْلَامِ فِي وُسْعِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَدِّيهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ خَارِجَ الْوَقْتِ وَلَا إثْمَ أَيْضًا إنْ بَادَرَ بِالطَّهَارَةِ وَصَلَّى بَعْدَ الْوَقْتِ وَيُرَاعَى فِي الطُّهْرِ الْحَالَةُ الْوُسْطَى لَا حَالَتُهُ هُوَ فِي نَفْسِهِ إذْ قَدْ يَكُونُ مُوَسْوِسًا

(وَإِنْ)(ظَنَّ) الْمَعْذُورُ الَّذِي يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ بَعْدَ أَنْ زَالَ وَتَطَهَّرَ (إدْرَاكَهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ (فَرَكَعَ) رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا مَثَلًا (فَخَرَجَ الْوَقْتُ) بِالْغُرُوبِ أَوْ الطُّلُوعِ ضَمَّ إلَيْهَا أُخْرَى نَدْبًا وَخَرَجَ عَنْ شَفْعٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ صَلَّاهَا قَبْلُ) أَيْ وَلَوْ نَوَى الْفَرْضَ بِحَسَبِ زَعْمِهِ حِينَ صَلَّاهَا صَبِيًّا فَإِنْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا بِكَإِنْبَاتٍ كَمَّلَهَا نَافِلَةً ثُمَّ أَعَادَ فَرْضًا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا قَطَعَ وَابْتَدَأَهَا (قَوْلُهُ: وَإِغْمَاءٌ وَجُنُونٌ وَنَوْمٌ) أَيْ فَإِذَا أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَوْ الْمَجْنُونُ أَوْ اسْتَيْقَظَ النَّائِمُ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَصَلَّوْا فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ) أَيْ لِذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ عَدَمَ الِاسْتِغْرَاقِ جَازَ لَهُ النَّوْمُ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ حَصَلَ اسْتِغْرَاقٌ كَمَا يَجُوزُ لَهُ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ إذَا ظَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ وَوَكَّلَ وَكِيلًا يُوقِظُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَغَفْلَةٌ) أَيْ نِسْيَانٌ فَإِذَا نَسِيَ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً وَلَمْ يَتَذَكَّرْهَا إلَّا فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: كَحَيْضٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا انْقَطَعَ كُلٌّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّتْ فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِعُذْرٍ) أَيْ فَإِذَا سَكِرَ بِحَرَامٍ وَأَفَاقَ مِنْ سُكْرِهِ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ وَسَوَاءٌ سَكِرَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِثْمُ إيقَاعِهَا فِي الضَّرُورِيِّ غَيْرُ إثْمِ تَعَاطِي الْمُسْكِرِ فَهُوَ زَائِدٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ) أَيْ فَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَانِعُ مِنْ الْإِثْمِ إنَّمَا هُوَ الْإِسْلَامُ لَا الْكُفْرُ

(قَوْلُهُ: يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ) أَيْ يُقَدَّرُ لَهُ زَمَنٌ يَسَعُ طُهْرَهُ الَّذِي يَحْتَاجُهُ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ قَدَّرَ لَهُ مَا يَسَعُ الْوُضُوءَ وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ قَدَّرَ لَهُ مَا يَسَعُ الْغُسْلَ هَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا أَوْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَإِلَّا قُدِّرَ لَهُ مَا يَسَعُ التَّيَمُّمَ وَلَا يُقَدَّرُ لَهُ زَمَنٌ يَسَعُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ لِأَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَلَا زَمَنَ يَسَعُ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَالِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِبْرَاءَ أَنْ لَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ كَمَا قَالَ عج ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُقَدَّرُ لَهُ زَمَنٌ يَسَعُ الطُّهْرَ زِيَادَةً عَلَى التَّقْدِيرِ السَّابِقِ وَهُوَ مُدَّةٌ تَسَعُ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَفَائِدَةُ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ إسْقَاطُ تِلْكَ الصَّلَاةِ الَّتِي زَالَ عُذْرُهُ فِي ضَرُورِيِّهَا وَعَدَمُ إسْقَاطِهَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ رَكْعَةً بَعْدَ تَحْصِيلِ الطُّهْرِ لَمْ تَسْقُطْ وَإِلَّا سَقَطَتْ (قَوْلُهُ: لِأَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ) أَيْ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ لِحَدَثٍ أَكْبَرَ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَكَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ زَالَ عُذْرُهُ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: الْمُسْقِطُ لِلصَّلَاةِ) أَيْ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ الْعُذْرِ الَّذِي لَا يُسْقِطُهَا فَالنَّائِمُ أَوْ السَّاهِي لَا يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ بَلْ مَتَى تَنَبَّهَ السَّاهِي أَوْ اسْتَيْقَظَ النَّائِمُ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي يَسَعُ رَكْعَةً مَعَ فِعْلِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الطُّهْرِ أَمْ لَا بَلْ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ أَسْلَمَ لِمَا يَسَعُ رَكْعَةً) أَيْ مِنْ الضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: وَصَلَّى بَعْدَ الْوَقْتِ) أَيْ الَّذِي أَسْلَمَ بِقُرْبِ آخِرِهِ

ص: 184

وَكَذَا يَضُمُّ لِلثَّلَاثَةِ رَابِعَةٌ وَ (قَضَى) الصَّلَاةَ (الْأَخِيرَةَ) لِأَنَّ الْوَقْتَ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا مَعًا بَعْدَ تَقْدِيرِ الطَّهَارَةِ فَتَبَيَّنَ إدْرَاكُ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَقَطْ رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ

(وَإِنْ تَطَهَّرَ) مَنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا (فَأَحْدَثَ) قَبْلَ الصَّلَاةِ (أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمَ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ) قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فَظَنَّ إدْرَاكَ الصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ أُخْرَى فَفَعَلَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ فَالْقَضَاءُ فِي الْأُولَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ سَحْنُونٍ عَمَلًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِغَيْرِهِ فِي الْأُولَى (أَوْ) تَطَهَّرَ وَ (ذَكَرَ مَا يُرَتِّبُ) مَعَ الْحَاضِرَةِ مِنْ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ أَيْ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَاضِرَةِ فَقَدَّمَهُ فَخَرَجَ الْوَقْتُ (فَالْقَضَاءُ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِغَيْرِهِ (وَأُسْقِطَ عُذْرٌ حَصَلَ) أَيْ طَرَأَ مِنْ الْأَعْذَارِ السَّابِقَةِ الْمُتَصَوَّرَةِ الطُّرُوِّ فَلَا يُرَدُّ الصِّبَا (غَيْرُ نَوْمٍ وَنِسْيَانِ) الْفَرْضِ (الْمُدْرَكِ) مَفْعُولُ أَسْقَطَ أَيْ أَسْقَطَ الْعُذْرَ مَا يُدْرَكُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى تَقْدِيرِ زَوَالِهِ فَكَمَا تُدْرِكُ الْحَائِضُ مَثَلًا الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ بِطُهْرِهَا لِخَمْسٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَالثَّانِيَةُ فَقَطْ لِطُهْرِهَا لِدُونِ ذَلِكَ كَذَلِكَ يَسْقُطَانِ أَوْ تَسْقُطُ الثَّانِيَةُ وَتَبْقَى الْأُولَى عَلَيْهَا إنْ حَاضَتْ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَلَوْ أَخَّرَتْ الصَّلَاةَ عَامِدَةً وَلَا يُقَدَّرُ الطُّهْرُ فِي جَانِبِ السُّقُوطِ عَلَى الْمُتَعَمَّدِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَضُمُّ لِلثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةً) أَيْ وَلَا يَكُونُ تَنَفُّلُهُ بِأَرْبَعٍ مَكْرُوهًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّنَفُّلُ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَعْنِي وَقْتَ الْغُرُوبِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا إلَخْ) سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ عَكْسِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا ظَنَّ إدْرَاكَ الْعَصْرِ فَقَطْ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ الْوَقْتِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ لِتَبَيُّنِ إدْرَاكِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُعِيدُ الْعَصْرَ أَوْ لَا يُعِيدُهَا وَالظَّاهِرُ وَهُوَ الَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ عَدَمُ الْإِعَادَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن وَأَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ يُدْرِكُ رَكْعَةً وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ يُدْرِكُهُمَا أَوْ لَا يُدْرِكُ شَيْئًا مِنْهُمَا فَلَا يُصَلِّي وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ تَبَيَّنَ بَعْدُ أَنَّ الْوَقْتَ كَانَ يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ صَلَّاهُمَا مَعًا قَضَاءً وَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدُ أَنَّ الْوَقْتَ كَانَ يَسَعُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَضَى الْأَخِيرَةَ فَقَطْ وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَشَكَّ فِي الْأُخْرَى فَيُخَاطَبُ بِالثَّانِيَةِ فَإِنْ فَعَلَهَا وَبَانَ لَهُ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْأُولَى فَعَلَهَا أَيْضًا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَتَى بِهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ) أَيْ إلَّا أَنَّهُ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَطَعَ صَلَاتَهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ رَكْعَةً ضَمَّ إلَيْهَا أُخْرَى نَدْبًا وَخَرَجَ عَنْ شَفْعٍ هَذَا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ إدْرَاكُ الْأَخِيرَةِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْمُدْرَكَ الْأَخِيرَةُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ إنْ كَمَّلَ مَا هُوَ فِيهِ نَفْلًا خَرَجَ الْوَقْتُ وَجَبَ الْقَطْعُ وَصَلَّى الثَّانِيَةَ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَطَهَّرَ مَنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا) أَيْ مَنْ زَالَ عُذْرُهُ وَظَنَّ إدْرَاكَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَأَحْدَثَ) أَيْ عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا وَقَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَيْ الَّتِي ظَنَّ إدْرَاكَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ) بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي تَوَضَّأَ فِيهِ مُضَافٌ أَوْ نَجِسٌ (قَوْلُهُ: فَظَنَّ إدْرَاكَ الصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ أُخْرَى إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ أَصْلُهُ لِلتَّوْضِيحِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي تَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ لَا يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ حَتَّى تُصَلِّي بِهِ الصَّلَاةَ وَلَا كَوْنُهُ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ فَمَتَى حَصَلَ الطُّهْرُ ثُمَّ انْتَقَضَ أَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ رَكْعَةٌ فَقَدْ تَقَرَّرَ وُجُوبُهَا وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ وَأَمَّا أَنَّهَا تَتَيَمَّمُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ تَغْتَسِلُ إذَا ظَنَّتْ اتِّسَاعَهُ فَهَذَا أَمْرٌ زَائِدٌ اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا زَائِدًا لَكِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِأَجْلِ حُكْمِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ فَالْقَضَاءُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَيُّنُهُ إلَّا بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ إذْ لَوْ عَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ عَدَمَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ بِطَهَارَةٍ أُخْرَى لَوَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَتَيَمَّمَ عَلَى الرَّاجِحِ فَتَقَعُ الصَّلَاةُ أَدَاءً فَتَأَمَّلْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَالْقَضَاءُ فِي الْأُولَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ اعْتِبَارًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ مِنْ الطَّهَارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ فِيهَا لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ لَهُ طُهْرٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ فِي الْأُولَى) أَيْ وَخِلَافًا لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَازِرِيُّ فِي الْأُولَى حَيْثُ قَالَ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ لَهُ طُهْرٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: فَالْقَضَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ اعْتِبَارًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ مِنْ الْفَوَائِتِ وَقَوْلُهُ فَالْقَضَاءُ أَيْ لِلْمُدْرِكِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِطُهْرِهَا لِخَمْسٍ أَوْ أَرْبَعٍ) هَذَا نَشْرٌ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ فَالْحَائِضُ تُدْرِكُ الظُّهْرَيْنِ إذَا طَهُرَتْ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَتُدْرِكُ الْعِشَاءَيْنِ بِطُهْرِهَا لِأَرْبَعٍ وَتُدْرِكُ الثَّانِيَةَ مِنْ الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ إذَا طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ يَسْقُطَانِ إلَخْ) فَإِذَا حَاضَتْ وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ سَقَطَ الظُّهْرَانِ وَسَقَطَ الْعِشَاءَانِ إنْ حَاضَتْ وَالْبَاقِي لِلْفَجْرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَإِنْ حَاضَتْ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةٍ سَقَطَتْ الثَّانِيَةُ مِنْ الظُّهْرَيْنِ وَمِنْ الْعِشَاءَيْنِ وَتَقَرَّرَتْ الْأُولَى فِي ذِمَّتِهَا فَتَقْضِيهَا بَعْدَ طُهْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّرُ الطُّهْرُ فِي جَانِبِ السُّقُوطِ) بَلْ مَتَى حَاضَتْ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلَوْ بِدُونِ تَقْدِيرِ طُهْرٍ سَقَطَتْ الْأَخِيرَةُ وَإِنْ حَاضَتْ وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَلَوْ بِدُونِ تَقْدِيرِ طُهْرٍ سَقَطَتَا مَعًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَاخْتَارَهُ عج مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ تَقْدِيرُ الطُّهْرِ فِي جَانِبِ السُّقُوطِ كَجَانِبِ الْإِدْرَاكِ فَإِذَا حَاضَتْ قَبْلَ الْمَغْرِبِ بِخَمْسِ دَقَائِقَ إنْ لَمْ يُقَدَّرْ الطُّهْرُ وَلِثَلَاثٍ إنْ قُدِّرَ فَعَلَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ تَسْقُطُ عَنْهَا الثَّانِيَةُ فَقَطْ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ

ص: 185

بِخِلَافِهِ فِي جَانِبِ الْإِدْرَاكِ وَأَمَّا النَّوْمُ وَالنِّسْيَانُ فَلَا يُسْقِطَانِ الصَّلَاةَ

(وَأُمِرَ) نَدْبًا (صَبِيٌّ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى كَوَلِيٍّ عَلَى التَّحْقِيقِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَأْمُورٌ مَأْجُورٌ (بِهَا) أَيْ بِالصَّلَاةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْمَقَامِ (لِسَبْعٍ) أَيْ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا بِلَا ضَرْبٍ (وَضُرِبَ) نَدْبًا عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ بِالْقَوْلِ (لِعَشْرٍ) أَيْ لِدُخُولِهِ فِيهَا ضَرْبًا مُؤْلِمًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ وَإِلَّا فَلَا وَتُنْدَبُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ فِي الْمَضَاجِعِ وَمَعْنَى التَّفْرِقَةِ أَنْ لَا يَنَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ غَيْرِهِ إلَّا وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ فَالْمَكْرُوهُ التَّلَاصُقُ

(وَمُنِعَ نَفْلٌ) مُرَادُهُ بِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْمَكْرُوهِ مَا قَابَلَ الْفَرَائِضَ الْخَمْسَ فَشَمِلَ الْجِنَازَةَ وَالنَّفَلَ الْمَنْذُورَةَ (وَقْتَ) أَيْ حَالَ (طُلُوعِ شَمْسٍ) أَيْ ظُهُورِ حَاجِبِهَا إلَى ارْتِفَاعِ جَمِيعِهَا (وَ) وَقْتِ (غُرُوبِهَا) أَيْ اسْتِتَارِ طَرَفِهَا الْمُوَالِي لِلْأُفُقِ إلَى ذَهَابِ جَمِيعِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَسْقُطُ عَنْهَا الظُّهْرَانِ مَعًا وَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ضَعِيفٌ وَإِنْ عَبَّرَ عَنْهُ عج بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ فِي ذَلِكَ طفى قَائِلًا أَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ اعْتِبَارَ الطُّهْرِ فِي جَانِبِ السُّقُوطِ قَالَ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ اللَّخْمِيِّ وَكَذَا ابْنُ فَرْحُونٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ فَكَيْفَ يَكُونُ الْمَذْهَبُ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَقَطْ وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ لِلَّخْمِيِّ اخْتِيَارَاتٌ خَرَجَ بِكَثِيرٍ مِنْهَا عَنْ الْمَذْهَبِ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي جَانِبِ الْإِدْرَاكِ) أَيْ بِخِلَافِ الطُّهْرِ فِي جَانِبِ الْإِدْرَاكِ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ اتِّفَاقًا فَإِذَا طَهُرَتْ وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ قَلِيلٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ الطُّهْرَ وَرَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَجَبَتْ الْأَخِيرَةُ وَإِنْ كَانَ يَسَعُ الطُّهْرَ وَخَمْسَ رَكَعَاتٍ وَجَبَتَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُسْقِطَانِ الصَّلَاةَ) أَيْ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ النَّوْمُ أَوْ النِّسْيَانُ جَمِيعَ الْوَقْتِ

(قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَأْمُورٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ لَكِنَّ الْوَلِيَّ مَأْمُورٌ بِالْأَمْرِ بِهَا وَالصَّبِيَّ مَأْمُورٌ بِفِعْلِهَا وَهَذَا أَيْ كَوْنُ الصَّبِيِّ مَأْمُورًا مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ بِفِعْلِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ أَمْرٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَعَلَى هَذَا فَالصَّبِيُّ مُكَلَّفٌ بِالْمَنْدُوبَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَالْبُلُوغُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ بِالْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَكْلِيفِهِ بِالْمَنْدُوبَاتِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى الصَّلَاةِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ يَكُونُ الْوَلِيُّ مَأْمُورًا مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ فَيُؤْجَرُ دُونَ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ لِأَجْلِ تَدْرِيبِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ مُكَلَّفًا بِالْمَنْدُوبَاتِ وَلَا ثَوَابَ لَهُ عَلَيْهَا وَالثَّوَابُ عَلَيْهَا لِأَبَوَيْهِ قِيلَ عَلَى السَّوَاءِ وَقِيلَ ثُلُثَاهُ لِلْأُمِّ وَثُلُثُهُ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: أَيْ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا) أَيْ وَهُوَ سِنُّ الْإِثْغَارِ أَيْ نَزْعُ الْأَسْنَانِ لِإِنْبَاتِهَا (قَوْلُهُ: بِلَا ضَرْبٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَمَرَ (قَوْلُهُ: ضَرْبًا مُؤْلِمًا) أَيْ وَلَا يُحَدُّ بِعَدَدٍ كَثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الصَّبِيَّانِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُبَرِّحٍ) هُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ) شَرْطٌ فِي ضَرْبِهِ عَلَى تَرْكِهَا إذَا دَخَلَ فِي الْعَشْرِ سِنِينَ (قَوْلُهُ: وَتُنْدَبُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الدُّخُولِ فِي الْعَشْرِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنَامَ إلَخْ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ التَّفْرِقَةِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِرَاشٌ عَلَى حِدَةٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ ثَوْبٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ فِرَاشٌ عَلَى حِدَةٍ أَمْ لَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَالْآخَرُ عُرْيَانَ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي حُصُولِ نَدْبِ التَّفْرِقَةِ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ يَكْفِي (قَوْلُهُ: فَالْمَكْرُوهُ التَّلَاصُقُ) أَيْ تَلَاصُقُهُمَا بِعَوْرَتَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا ثَوْبٌ دُونَ الْآخَرِ كَانَ كَافِيًا فِي حُصُولِ التَّفْرِقَةِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَقِيلَ إنْ كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا ثَوْبٌ دُونَ الْآخَرِ كَانَ كَافِيًا فِي حُصُولِ نَدْبِ التَّفْرِقَةِ فَالْمَكْرُوهُ التَّلَاصُقُ كَانَ أَوْلَى فَالْمُخَاطَبُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَلِيُّهُ وَهَمَ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ خِطَابِهِمْ بِالْمَكْرُوهَاتِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَقْصِدْ أَحَدُهُمَا اللَّذَّةَ بِالْمُلَاصَقَةِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُهُ مِنْهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُهُ مِنْ أَكْلِ مَيْتَةٍ وَمِنْ كُلِّ مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ فِي حَقِّ الْبَالِغِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَا فِي خش وعبق مِنْ كَرَاهَةِ تَلَاصُقِهِمَا وَلَوْ مَعَ قَصْدِ اللَّذَّةِ أَوْ وُجُودِهَا فِيهِ نَظَرٌ بَلْ التَّلَاصُقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَرَامٌ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: وَمُنِعَ نَفْلٌ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْعَ النَّفْلِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا إذَا كَانَ النَّفَلُ مَدْخُولًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ كَمَا إذَا شَرَعَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ عِنْدَ الْغُرُوبِ مَثَلًا أَوْ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ فَبَعْدَ أَنْ عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا فَإِنَّهُ يَشْفَعُهَا وَلَا حُرْمَةَ لِأَنَّ هَذَا النَّفَلَ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ الْجِنَازَةَ وَالنَّفَلَ الْمَنْذُورَ)

ص: 186

(وَ) وَقْتَ (خُطْبَةِ جُمُعَةٍ) أَيْ حَالَ شُرُوعِهِ فِيهَا لِأَنَّهُ يُشْغَلُ عَنْ سَمَاعِهَا الْوَاجِبِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ بَلْ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ وَحَالَ صُعُودِهِ لِلْمِنْبَرِ وَحَالَ جُلُوسِهِ عَلَيْهِ كَمَا سَيُنَبَّهُ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ وَكَذَا يُمْنَعُ النَّفَلُ عِنْدَ إقَامَةٍ وَضِيقِ وَقْتٍ عَنْ فَرْضٍ وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ

(وَكِرْهُ) النَّفَلُ (بَعْدَ) طُلُوعِ (فَجْرٍ) وَلَوْ لِدَاخِلِ مَسْجِدٍ (وَ) بَعْدَ أَدَاءِ (فَرْضِ عَصْرٍ)(إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ) الشَّمْسُ (قِيدَ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ قَدْرَ (رُمْحٍ) مِنْ رِمَاحِ الْعَرَبِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ شِبْرًا بِشِبْرٍ مُتَوَسِّطٍ (وَ) إلَى أَنْ (تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ) فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ إقَامَتِهَا جَلَسَ (إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) وَالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِلَا شَرْطٍ (وَ) إلَّا (الْوَرْدُ) أَيْ صَلَاةُ اللَّيْلِ (قَبْلَ) صَلَاةِ (الْفَرْضِ) أَيْ الصُّبْحِ (لِنَائِمٍ عَنْهُ) أَيْ لِمَنْ عَادَتُهُ تَأْخِيرُهُ وَنَامَ عَنْهُ غَلَبَةً وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَ جَمَاعَةٍ وَلَا إسْفَارًا فَيُصَلِّيهِ بِهَذِهِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ (وَ) إلَّا (جِنَازَةٌ وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ (قَبْلَ إسْفَارٍ وَ) بَعْدَ صَلَاةِ عَصْرٍ قَبْلَ (اصْفِرَارٍ) لَا فِيهِمَا فَيُكْرَهَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَقَطْعُ مُحْرِمٍ) بِنَافِلَةٍ (بِوَقْتِ نَهْيٍ) وُجُوبًا إنْ كَانَ وَقْتَ تَحْرِيمٍ وَنَدْبًا إنْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَقَضَاءُ النَّفْلِ الْمُفْسِدِ وَسُجُودُ السَّهْوِ الْبَعْدِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى كَوْنِهِ سُنَّةً (قَوْلُهُ: وَخُطْبَةُ جُمُعَةٍ) أَيْ وَأَمَّا خُطْبَةُ غَيْرِهَا فَلَا يَحْرُمُ النَّفَلُ وَقْتَهَا بَلْ يُكْرَهُ فَقَطْ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النَّفَلُ يُشْغِلُ عَنْ سَمَاعِهَا الْوَاجِبِ أَيْ عَنْ اسْتِمَاعِهَا الْوَاجِبِ وَالْمُرَادُ بِهِ السُّكُوتُ فَلَوْ تَفَكَّرَ بِدُونِ كَلَامٍ حَتَّى لَمْ يَسْمَعْ مَا قَالَ الْإِمَامُ لَمْ يَأْثَمْ (قَوْلُهُ: بَلْ مِنْ ابْتِدَاءٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُمْنَعُ النَّفَلُ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ مِنْ الْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ: وَحَالَ جُلُوسِهِ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ جُلُوسُهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ لِصُعُودِهِ عَلَيْهِ فَلَوْ صَعِدَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ الْمُعْتَادُ إذَا جَاءَ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِفِعْلِ الْإِمَامِ الْفِعْلُ وَيَحْرُمُ بِكَلَامِهِ الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: وَتَذَكَّرَ فَائِتَةً) أَيْ وَعِنْدَ تَذَكُّرِ فَائِتَةً

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِدَاخِلِ مَسْجِدٍ) أَيْ فَلَا يُطَالَبُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ لَا بَأْسَ بِالنَّفْلِ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ أَيْ وَكَذَا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ عَصْرٍ) أَيْ وَأَمَّا النَّفَلُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَقَبْلَ أَدَائِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَمْتَدُّ كَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَيَحْرُمُ النَّفَلُ إلَى أَنْ يَتَكَامَلَ ظُهُورُ قُرْصِهَا فَتَعُودُ الْكَرَاهَةُ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْمَنْعِ فِي عُمُومِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِوَقْتِ الْمَنْعِ فَلَا يَغْفُلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَرْضِ عَصْرٍ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَمْتَدُّ كَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ طَرَفِ الشَّمْسِ فَيَحْرُمُ إلَى اسْتِتَارِ جَمِيعِهَا فَتَعُودُ الْكَرَاهَةُ إلَى أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْمَنْعِ فِي عُمُومِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرْضِ) أَيْ فَلَا بَأْسَ بِإِيقَاعِهِمَا قَبْلَ صَلَاةِ الْفَرْضِ فَإِنْ صَلَّى الْفَرْضَ فَاتَ الْوَرْدُ وَالشَّفْعُ وَالْوِتْرِ وَأَخَّرَ الْفَجْرَ لِحِلِّ النَّافِلَةِ وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ الْوِرْدَ أَوْ الشَّفْعَ أَوْ الْوِتْرَ فِي أَثْنَاءِ الْفَجْرِ قَطَعَهُ وَإِنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ إذْ لَا يَفُوتُ الْوَرْدُ وَالشَّفْعُ وَالْوِتْرُ إلَّا بِصَلَاةِ الْفَرْضِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: لِنَائِمٍ عَنْهُ) أَيْ لَكِنْ جَوَازُ الْوَرْدِ قَبْلَ الْفَرْضِ لِنَائِمٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَ جَمَاعَةً) أَيْ وَلَمْ يَخَفْ بِفِعْلِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَوَاتَ جَمَاعَةِ الصُّبْحِ وَإِلَّا بَادَرَ لِفَرْضِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ أَهَمُّ مِنْ أَلْفِ نَافِلَةٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَادَتِهِ تَأْخِيرُهُ لِآخِرِ اللَّيْلِ وَأَنْ يَكُونَ نَامَ عَنْهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ غَلَبَةً وَأَنْ لَا يَخَافَ بِفِعْلِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ فِي الصُّبْحِ وَأَنْ لَا يَخَافَ وُقُوعَ الصُّبْحِ فِي الْإِسْفَارِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جِنَازَةٌ وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ وَقْتَيْ الْكَرَاهَةِ أَيْ مِنْ مَجْمُوعِ قَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وَفَرْضِ عَصْرٍ (قَوْلُهُ: لَا فِيهِمَا فَيُكْرَهَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) فَلَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهَا لَا تُعَادُ بِحَالٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي وَقْتِ الْمَنْعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تُعَادُ مَا لَمْ تُدْفَنْ أَيْ مَا لَمْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهَا التُّرَابُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُعَادُ وَإِنْ لَمْ تُدْفَنْ وَهَذَا مَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ عَلَيْهَا لَوْ أُخِّرَتْ لِوَقْتِ الْجَوَازِ أَمَّا عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا فَيُصَلِّي عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ وَلَا إعَادَةَ دُفِنَتْ أَمْ لَا وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الطِّرَازِ وَقَالَ إنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَقَطْعُ مُحْرِمٍ بِنَافِلَةٍ بِوَقْتِ نَهْيٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ أَيْ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بِهَا جَاهِلًا أَوْ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَهَذَا التَّعْمِيمُ فِي غَيْرِ الدَّاخِلِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالنَّافِلَةِ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى لِلدَّاخِلِ أَنْ يَرْكَعَ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ

ص: 187

وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ قَطْعُ وَلَوْ بَعْدَ رَكْعَةٍ وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْقَطْعِ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ بِالسَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْقَطْعِ مُشْعِرٌ بِانْعِقَادِهِ وَأُعِيدَتْ الْجِنَازَةُ إنْ صُلِّيَ عَلَيْهَا بِوَقْتِ مَنْعٍ مَا لَمْ تُدْفَنْ وَمَحَلُّ مَنْعِهَا أَوْ كَرَاهَتِهَا وَقْتَيْهِمَا مَا لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَهَا بِتَأْخِيرِهَا وَإِلَّا صُلِّيَ عَلَيْهَا بِلَا خَوْفٍ.

(وَجَازَتْ) الصَّلَاةُ (بِمَرْبِضٍ) أَيْ بِمَحَلِّ رُبُوضِ أَيْ بُرُوكِ (بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ)(كَ) جَوَازِهَا بِ (مَقْبَرَةٍ) مُثَلَّثُ الْبَاءِ وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ بِلَا حَائِلٍ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً مَنْبُوشَةً أَوْ لَا (وَلَوْ لِمُشْرِكٍ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي مَقْبَرَتِهِمْ (وَمَزْبَلَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ فِيهِ وَفِي تَالِيَيْهِ وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَوْضِعُ طَرْحِ الزِّبْلِ (وَمُحَجَّةٍ) جَادَّةُ الطَّرِيقِ أَيْ وَسَطُهَا (وَمَجْزَرَةٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ مَوْضِعُ الْجَزْرِ أَيْ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِذَلِكَ (إنْ أُمِنَتْ) هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ (مِنْ النَّجَسِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْخَطِيبُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فَأَحْرَمَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَأَحْرَمَ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَسَوَاءٌ فِي الْكُلِّ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: مُشْعِرٌ بِانْعِقَادِهِ) أَيْ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ لِذَاتِ الْوَقْتِ أَيْ لَيْسَ لِكَوْنِ الْوَقْتِ لَا يَقْبَلُ الْعِبَادَةَ كَالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِ اللَّيْلِ لِأَنَّ الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ قَابِلَةٌ لِلصَّلَاةِ وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهَا كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ زَمَنَ الْحَيْضِ بَلْ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ كَوْنُ السَّاجِدِ فِي وَقْتِ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ شَبِيهًا بِالسَّاجِدِ لِلشَّيْطَانِ وَالِاشْتِغَالِ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهَا كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ شَغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ النَّهْيَ هُنَا وَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ لَكِنَّهُ مُلَازِمٌ لِلْوَقْتِ فَكَانَ النَّهْيُ لِذَاتِ الْوَقْتِ فَلِذَا اسْتَظْهَرَ الْعَلَّامَةُ يَحْيَى الشَّاوِيُّ وَشَيْخُنَا الْبُطْلَانَ وَعَدَمُ الِانْعِقَادِ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لَيْسَ لِذَاتِ الْوَقْتِ وَلَا لِمَانِعٍ مِنْ الْعِبَادَةِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُلَازِمٍ لِلْوَقْتِ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ بَاطِلٌ وَغَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُدْفَنْ) أَيْ مَا لَمْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهَا التُّرَابُ فَإِذَا دُفِنَتْ فَلَا تُعَادُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا إعَادَةَ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ فِي الطِّرَازِ

(قَوْلُهُ: وَجَازَتْ بِمَرْبِضِ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ فُرُشٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْمَرْبِضُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا مَحَلُّ رُبُوضِهَا أَيْ بُرُوكِهَا حِينَ الْقَيْلُولَةِ وَالْمَبِيتِ وَكَمَا يُسَمَّى مَحَلُّ بُرُوكِ الْغَنَمِ حِينَ الْقَيْلُولَةِ وَالْمَبِيتِ مَرْبِضًا يُسَمَّى أَيْضًا مَرَاحًا بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا حَائِلٍ) أَيْ هَذَا إذَا جُعِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ بَلْ وَلَوْ بِلَا حَائِلٍ يَجْعَلُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَرْضِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا يُصَلِّي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ هَذَا إذَا صَلَّى بَيْنَ الْقُبُورِ بَلْ وَلَوْ صَلَّى فَوْقَ الْقَبْرِ إنْ قُلْت سَيَأْتِي أَنَّ الْقَبْرَ حَبْسٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْبَشُ وَالصَّلَاةُ تَسْتَلْزِمُ الْمَشْيَ قُلْت يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَبْرُ غَيْرَ مُسَنَّمٍ وَالطَّرِيقُ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: مَنْبُوشَةً أَوْ لَا) فِيهِ أَنَّ الْمَقْبَرَةَ إذَا نُبِشَتْ صَارَ التُّرَابُ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ الدَّمُ وَالْقَيْحُ مِنْ الْمَوْتَى ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى عَلَى تُرَابٍ نَجِسٍ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِالْأَمْنِ مِنْ النَّجَاسَةِ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَةَ الْمَحَلِّ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ وَالْمَقْبَرَةُ إذَا نُبِشَتْ يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَةَ مَا صَلَّى عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَنْبُوشِ أَوْ أَنَّ الدَّمَ وَالصَّدِيدَ النَّازِلَ مِنْ الْمَوْتَى لَمْ يَعُمَّ التُّرَابَ أَوْ يُقَالَ إنَّ جَوَازَ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي مَقْبَرَتِهِمْ) الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُ هَذَا الْقَوْلِ فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَفِي تَالِيَيْهِ) أَيْ الْمَحَجَّةِ وَالْمَجْزَرَةِ (قَوْلُهُ: مَوْضِعُ طَرْحِ الزِّبْلِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الزِّبْلِ بَلْ فِي مَحَلٍّ لَا زِبْلَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا طَاهِرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمُحَجَّةٌ) مِثْلُهَا فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا طَاهِرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ قَارِعَةُ الطَّرِيقِ أَيْ جَانِبَهُ فَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ: مَوْضِعُ الْجَزْرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الدَّمِ بَلْ فِي مَحَلٍّ مِنْ الْمَجْزَرَةِ لَا دَمَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا طَاهِرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمِنَتْ مِنْ النَّجَسِ) أَيْ بِأَنْ تُحَقِّقَ أَوْ ظَنَّ طَهَارَةَ الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مِنْهَا وَقَوْلُهُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ إنَّمَا جَعَلَ الْقَيْدَ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَهَا لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَهُوَ مَرْبِضُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ دَائِمًا مَأْمُونٌ مِنْ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ بَوْلَهَا وَرَجِيعَهَا طَاهِرَانِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِرُجُوعِ الْقَيْدِ لَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ بَوْلَهَا وَرَجِيعَهَا وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لَكِنْ مَنِيَّهَا نَجِسٌ فَالْأَوْلَى جَعْلُ الشَّرْطِ

ص: 188

كَمَوْضِعٍ مِنْهَا مُنْقَطِعٌ عَنْ النَّجَاسَةِ (وَإِلَّا) تُؤْمَنُ (فَلَا إعَادَةَ) وَاجِبَةً بَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) وَهَذَا (إنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ) النَّجَاسَةُ بِأَنْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ تَحَقَّقَتْ بِأَنْ عُلِمَتْ أَوْ ظُنَّتْ أُعِيدَتْ أَبَدًا وُجُوبًا

(وَكُرِهَتْ) الصَّلَاةُ (بِكَنِيسَةٍ) يَعْنِي مُتَعَبَّدَ الْكُفَّارِ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً مَا لَمْ يُضْطَرَّ لِنُزُولِهِ فِيهَا لِكَبَرْدٍ أَوْ خَوْفٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَلَوْ عَامِرَةً (وَلَمْ تُعَدْ) الصَّلَاةُ بِوَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ بِدَارِسَةٍ مُطْلَقًا كَبِعَامِرَةٍ اُضْطُرَّ لِنُزُولٍ بِهَا كَأَنْ طَاعَ وَصَلَّى عَلَى فُرُشٍ طَاهِرٍ وَإِلَّا أَعَادَ بِوَقْتٍ عَلَى الْأَرْجَحِ وَقِيلَ لَا إعَادَةَ أَيْضًا (وَ) كُرِهَتْ (بِمَعْطِنِ إبِلٍ) مَوْضِعُ بُرُوكِهَا عِنْدَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ عَلَلًا وَهُوَ الثَّانِي بَعْدَ شُرْبِهَا نَهَلًا وَهُوَ الْأَوَّلُ فَإِنْ صَلَّى بِهَا أَعَادَ (وَلَوْ أَمِنَ) النَّجَاسَةَ أَوْ فَرَشَ فَرْشًا طَاهِرًا لِلتَّعَبُّدِ (وَفِي) كَيْفِيَّةِ (الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ) قِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا وَقِيلَ النَّاسِي فِي الْوَقْتِ وَالْعَامِدُ أَوْ الْجَاهِلُ بِالْحُكْمِ أَبَدًا نَدْبًا

(وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا) أَيْ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ كَسَلًا وَطُلِبَ بِفِعْلِهِ بِسَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ وَلَوْ الضَّرُورِيِّ وَتَكَرَّرَ الطَّلَبُ وَلَمْ يَمْتَثِلْ (أُخِّرَ) أَيْ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ مَعَ التَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ وَيُضْرَبُ عَلَى الرَّاجِحِ (لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ) الْوَقْتِ (الضَّرُورِيِّ) إنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضٌ فَقَطْ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ اثْنَانِ مُشْتَرَكَانِ أُخِّرَ لِخَمْسٍ فِي الظُّهْرَيْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

رَاجِعًا لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَمَا قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خِلَافَ قَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ الْأَغْلَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَوْضِعٍ مِنْهَا) أَيْ كَأَنْ يُصَلِّيَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمَقْبَرَةِ وَالزَّبْلَةِ وَالْمَحَجَّةِ وَالْمَجْزَرَةِ مُنْقَطِعٌ عَنْ النَّجَاسَةِ أَيْ بَعِيدٌ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُؤْمَنُ) أَيْ بِأَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مِنْهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ إنْ أُمِنَتْ مِنْ النَّجَسِ بِأَنْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ طَهَارَتَهَا كَانَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا جَائِزَةً وَلَا إعَادَةَ أَصْلًا وَإِنْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَإِذَا صَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا وَطَهَارَتِهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الرَّاجِحِ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا إنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا تَرْجِيحًا لِلْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَحْسَنِ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا كَمَا عَلِمْت وَهَذَا فِي غَيْرِ مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ إذَا صَلَّى فِيهَا لِضِيقِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا حِينَئِذٍ جَائِزَةٌ وَلَا إعَادَةَ مَعَ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ وَعَدَمِهَا كَمَا فِي كَبِيرِ خش

(قَوْلُهُ: يَعْنِي مُتَعَبَّدَ الْكُفَّارِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَنِيسَةً أَوْ بَيْعَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ (قَوْلُهُ: بِدَارِسَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اُضْطُرَّ لِلنُّزُولِ فِيهَا أَوْ نَزَلَهَا اخْتِيَارًا سَوَاءٌ صَلَّى عَلَى فُرُشِهَا أَوْ فَرَشَ شَيْئًا طَاهِرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي الدَّارِسَةِ لَا إعَادَةَ فِيهَا وَذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعَامِرَةِ أَرْبَعَ صُوَرٍ ثَلَاثَةٌ لَا إعَادَةَ فِيهَا وَالرَّابِعَةُ فِيهَا الْإِعَادَةُ عَلَى الرَّاجِحِ.

وَحَاصِلُهَا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ عَامِرَةً وَاضْطُرَّ لِنُزُولِهِ بِهَا فَلَا إعَادَةَ سَوَاءٌ صَلَّى عَلَى فِرَاشِهَا أَوْ فَرَشَ شَيْئًا طَاهِرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ طَاعَ بِنُزُولِهِ فِيهَا وَصَلَّى عَلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ وَأَمَّا إذَا نَزَلَهَا اخْتِيَارًا وَصَلَّى عَلَى أَرْضِهَا أَوْ عَلَى فِرَاشِهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى الرَّاجِحِ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَمَانِيَةٌ وَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّمَانِيَةُ مِنْ جِهَةِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي صُلِّيَتْ فِيهَا وَعَدَمِ إعَادَتِهَا وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَعَدَمِهَا فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ الْكَرَاهَةُ إنْ دَخَلَهَا مُخْتَارًا كَانَتْ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً وَإِنْ دَخَلَهَا مُضْطَرًّا فَلَا كَرَاهَةَ عَامِرَةً كَانَتْ أَوْ دَارِسَةً وَمَا ادَّعَاهُ عج مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِيهَا إذَا دَخَلَهَا مُضْطَرًّا فَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ أَحَدٌ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَكَيْفَ يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ الِاضْطِرَارِ وَيَكُونُ ذَلِكَ ظَاهِرًا مِنْ كَلَامِهِ وَالْمُضْطَرُّ يُغْتَفَرُ لَهُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا كَيْفَ وَمَالِكٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْجَوَازِ هَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَعَادَ بِوَقْتٍ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ لِتَكُونَ الْإِعَادَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ وَقَالَ بِهِ سَحْنُونٌ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَرْجِيحِ الْغَالِبِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا إعَادَةَ أَيْضًا) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي ح بِنَاءً أَيْضًا عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: مَوْضِعُ بُرُوكِهَا) أَيْ وَأَمَّا مَوْضِعُ مَبِيتِهَا وَقَيْلُولَتِهَا فَلَيْسَ بِمَعْطِنٍ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ إنْ أَمِنَ مِنْ النَّجَسِ وَهُوَ مَنِيُّهَا أَوْ صَلَّى عَلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي ح وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَيُفِيدُ اعْتِمَادَهُ وَفِي شب وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِمَعْطِنِهَا بَلْ كَذَلِكَ مَحَلُّ مَبِيتِهَا وَقَيْلُولَتِهَا وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْمَعْطِنِ مَحَلُّ بُرُوكِهَا مُطْلَقًا فَقَدْ اعْتَمَدَ كَلَامَ ابْنِ الْكَاتِبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ الشُّرْبُ الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوَّلُ أَيْ وَهُوَ الشُّرْبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِعَادَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَصَلَّى فِي مَعْطِنِ الْإِبِلِ فَفِي كَيْفِيَّةِ الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا

(قَوْلُهُ: أَيْ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) أَيْ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانُوا فِي سَفَرٍ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبَهُ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَأْخِيرِهِ وَقَتْلِهِ إنْ كَانَ مَاءً أَوْ صَعِيدًا وَإِلَّا فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ لِسُقُوطِهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُضْرَبُ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُضْرَبُ وَمَا فِي الشَّرْحِ نَحْوُهُ فِي تت وَتَعَقَّبَهُ طفى بِأَنَّ خِلَافَ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ إنَّمَا هُوَ فِي الْجَاحِدِ فِي زَمَنِ اسْتِتَابَتِهِ هَلْ يُخَوِّفُ بِالضَّرْبِ ثُمَّ يُضْرَبُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ أَوْ يُخَوِّفُ بِهِ فَقَطْ وَلَا يُضْرَبُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكَذَا النَّقْلُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا التَّارِكُ لَهَا كَسَلًا فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُضْرَبُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا ضَرْبَهُ

ص: 189

وَلِأَرْبَعٍ فِي الْعِشَاءَيْنِ بِحَضَرٍ وَلِثَلَاثٍ بِسَفَرٍ وَيُقَدَّرُ هُنَا بِالْأَخِيرَةِ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ وَتُعْتَبَرُ الرَّكْعَةُ مُجَرَّدَةً عَنْ فَاتِحَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَاعْتِدَالٍ وَيُقَدَّرُ لَهُ طَهَارَةٌ مَائِيَّةٌ إنْ كَانَ بِحَضَرٍ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ بِدُونِهَا مُجَرَّدَةٌ عَنْ سُنَنٍ وَمَنْدُوبٍ وَتَدْلِيكٍ بَلْ بِقَدْرِ غَمْسِ الْفَرَائِضِ مَعَ تَقْدِيرِ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ

(وَقُتِلَ) وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَصَارَتْ فَائِتَةً فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ بِسَعَةِ وَقْتِهَا لَمْ يُقْتَلْ (بِالسَّيْفِ) لَا بِغَيْرِهِ (حَدًّا) لَا كُفْرًا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى قَوْلِهِ لَا أَفْعَلُ بَلْ (وَلَوْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ) وَلَمْ يَفْعَلْ وَإِلَّا تُرِكَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ بِعَدَمِ الْقَتْلِ إنْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ بَلْ يُبَالِغُ فِي أَدَبِهِ (وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَلِأَرْبَعٍ فِي الْعِشَاءَيْنِ بِحَضَرٍ) قَالَ عج الصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ لِبَقَاءِ خَمْسٍ فِي الْعِشَاءَيْنِ بِحَضَرٍ اعْتِبَارًا بِكَوْنِ الْوَقْتِ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْدِيرُ بِهَا وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ التَّقْدِيرُ بِالْأَوْلَى وَلَا وَجْهَ لِلْعُدُولِ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ أَنْسَبُ بِصَوْنِ الدِّمَاءِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ فِي السَّفَرِ لِلتَّقْدِيرِ بِثَلَاثٍ مُرَاعَاةً لِصَوْنِ الدِّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلِثَلَاثٍ بِسَفَرٍ) أَيْ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ هُنَا بِالْأَخِيرَةِ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ كَمَا اخْتَارَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ يُؤَخَّرُ فِي الْعِشَاءَيْنِ لِأَرْبَعٍ حَضَرًا وَسَفَرًا (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الرَّكْعَةُ مُجَرَّدَةً عَنْ فَاتِحَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَاعْتِدَالٍ) أَيْ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ لِأَنَّنَا لَوْ اعْتَبَرْنَاهَا لَبُودِرَ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِحَضَرٍ) الْأَوْلَى إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَقَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا قُدِّرَ لَهُ الطَّهَارَةُ التُّرَابِيَّةُ هَذَا وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ رَجَّحَ أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ لَهُ الطَّهَارَةُ أَصْلًا صَوْنًا لِلدِّمَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ

(قَوْلُهُ: وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ) أَيْ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَعْنَى ضَرْبِ الرَّقَبَةِ بِهِ لَا أَنَّهُ يُنْخَسُ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ بِسَعَةِ وَقْتِهَا) أَيْ وَإِنَّمَا طُلِبَ بِضِيقِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً مَعَ الظُّهْرِ لَمْ يُقْتَلْ وَكَذَا إنْ طُلِبَ بِسَعَتِهِ طَلَبًا غَيْرَ مُتَكَرِّرٍ ثُمَّ ضَاقَ الْوَقْتُ لَمْ يُقْتَلْ (قَوْلُهُ: حَدًّا) أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَتْلُهُ حَدًّا لَسَقَطَ بِرُجُوعِهِ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ إقَامَتِهِ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى حَدَّ الْحِرَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ وَرُجُوعِهِ قَبْلَ إقَامَتِهِ لَكِنَّ الْقَتْلَ هُنَا لَا يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَوْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ لَيْسَ بِحَدٍّ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَعْضَ الْحُدُودِ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ سَبَبِهَا كَحَدِّ الْمُحَارَبِ وَبَعْضُهَا لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ عَنْ السَّبَبِ كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَكَمَا هُنَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ سَبَبِهِ وَهُوَ التَّرْكُ وَقَالَ أَنَا أَفْعَلُ فَقَوْلُ الْمُعْتَرِضِ لَوْ كَانَ الْقَتْلُ هُنَا حَدًّا لَسَقَطَ بِرُجُوعِهِ فِيهِ نَظَرًا لِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ) أَيْ الْقَائِلِ أَنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا لِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مُكَفِّرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَتْلِهِ أَنَا أَفْعَلُ وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَقَتَلَ لَا لِقَوْلِهِ أَخَّرَ وَلَا لِقَوْلِهِ حَدًّا لِأَنَّ الَّذِي يُتَوَهَّمُ عَلَى هَذَيْنِ إنَّمَا هُوَ إذَا قَالَ أَنَا لَا أَفْعَلُ أَيْ أَخَّرَ وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُ وَقُتِلَ حَدًّا لَا كُفْرًا وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ جَاحِدًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفْعَلْ) أَيْ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُرِكَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ وَفَعَلَ تُرِكَ وَلَمْ يُقْتَلْ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى مُكْرَهًا كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَدِينُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ بِعَدَمِ الْقَتْلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْقَتْلَ عِنْدَهُ كُفْرٌ فَيَنْدَفِعُ بِأَدْنَى دَافِعٍ

ص: 190