الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا إذَا أَخْبَرَهُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا مَثَلًا فَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ قَدْ بَطَلَتْ وَصَارَ اسْتِخْلَافُهُ عَلَى ثَانِيَةِ الْإِمَامِ وَقَدْ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْأُولَى فَتَصِيرُ الثَّانِيَةُ أُولَى وَالثَّالِثَةُ ثَانِيَةً وَهِيَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَإِنْ تَمَحَّضَتْ الزِّيَادَةُ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ قَبْلَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا فَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ.
وَكَذَا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ فِي الرَّابِعَةِ وَعَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ الثَّالِثَةِ سَجَدَ بَعْدَ سَلَامِهِ وَقَوْلُهُ (بَعْدَ) كَمَالِ (صَلَاةِ إمَامِهِ) وَقَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ سُجُودِ إمَامِهِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ وَهَذَا نَائِبُهُ
فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ
(سُنَّ) سُنَّةً مُؤَكَّدَةً (لِمُسَافِرٍ) رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (غَيْرِ عَاصٍ بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ فَيَمْنَعُ قَصْرَ عَاصٍ بِهِ كَآبِقٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَعَاقٍّ فَإِنْ تَابَ قَصَرَ إنْ بَقِيَ بَعْدَهَا الْمَسَافَةَ وَإِنْ عَصَى بِهِ فِي أَثْنَائِهِ وَأَتَمَّ وُجُوبًا حِينَئِذٍ فَإِنْ قَصَرَ لَمْ يُعِدْ عَلَى الْأَصْوَبِ (وَ) غَيْرُهُ (لَاهٍ) بِهِ وَكُرِهَ قَصْرُ اللَّاهِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ قَصَرَ لَمْ يُعِدْ بِالْأُولَى مِنْ الْعَاصِي بِهِ (أَرْبَعَةَ بُرُدٍ) مَعْمُولُ مُسَافِرٍ بَيَانٌ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ كُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ كُلُّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمِيلَ أَلْفَا ذِرَاعٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَى الْخِلَافِ فِي هَلْ سَهْوُ الْإِمَامِ عَمَّا لَا يَحْمِلُهُ عَنْ الْمَأْمُومِينَ سَهْوٌ لَهُمْ وَإِنْ هُمْ فَعَلُوهُ أَوْ لَيْسَ سَهْوًا لَهُمْ إذَا هُمْ فَعَلُوهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُغْنِي عَنْهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ إلَخْ وَأَعَادَهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ إلَخْ وَإِنَّمَا فَرَضَهَا فِي الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ فِي أَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى قَوْلِ الْمُسْتَخْلِفِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ إذْ لَا يَتَأَتَّى هَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ.
(قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَخْبَرَهُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِلنَّفْيِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ أَيْ الَّتِي اسْتَخْلَفَهُ فِيهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَقَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ هُوَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ اسْتِخْلَافُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَالَ لَهُ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ الثَّالِثَةَ أَسْقَطْت رُكُوعًا مِنْ الْأُولَى فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَسْجُدُ الْقَبْلِيَّ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَقِبَ إتْمَامِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَصَلَاتِهِ هُوَ لِأَنَّ إتْمَامَ صَلَاةِ إمَامِهِ إتْمَامٌ لَهُ إذْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الثَّالِثَةَ رَجَعَتْ ثَانِيَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَصَيْرُورَتُهُ مَسْبُوقًا بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ.
(قَوْلُهُ وَصَارَ اسْتِخْلَافُهُ عَلَى ثَانِيَةِ الْإِمَامِ وَقَدْ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ) أَيْ وَجَلَسَ لِأَنَّهُ حِينَ أَخْبَرَهُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ وَقَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ لِلرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ ثُمَّ يُكْمِلُ صَلَاةَ إمَامِهِ بِرَكْعَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ فَإِذَا تَشَهَّدَ بَعْدَهُمَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ قَامَ لِرَكْعَةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمَ مَعَهُ مَنْ عَلِمَ خِلَافَ مَا قَالَ الْإِمَامُ الْأَصْلِيُّ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَيَتْبَعُهُ فِي السُّجُودِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَ قَوْلِهِ دُونَ مَنْ عَلِمَ خِلَافَ قَوْلِهِ.
(قَوْلُهُ فَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِ نَقْصٌ) أَيْ لِلسُّورَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ وَزِيَادَةٌ أَيْ لِلرَّكْعَةِ الْمُلْغَاةِ.
(قَوْلُهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ) أَيْ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاةِ إمَامِهِ هَذَا وَاضِحٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّهْوِ وَقَدْ يُقَالُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَيَصِيرُ مَطْلُوبًا بِمَا يُطْلَبُ بِهِ الْإِمَامُ فَيُطْلَبُ حِينَئِذٍ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّهْوِ بِغَيْرِ مَا هُنَا كَذَا فِي عبق وخش
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ]
(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ)(قَوْلُهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ قَالَ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ كَوْنُهُ سُنَّةً هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ اهـ وَقِيلَ إنَّ الْقَصْرَ فَرْضٌ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ مُبَاحٌ وَعَلَى السُّنِّيَّةِ فَفِي آكَدِيَّتِهَا عَلَى سُنِّيَّةِ الْجَمَاعَةِ وَعَكْسِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا تَعَارَضَا كَمَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُسَافِرُ أَحَدًا يَأْتَمُّ بِهِ إلَّا مُقِيمًا فَهَلْ لَا يَأْتَمُّ بِهِ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةَ الِائْتِمَامِ بِهِ فِيمَا يَأْتِي أَوْ يَأْتَمُّ بِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ بَلْ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ لِمُسَافِرٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ كَانَ بِطَيَرَانٍ أَوْ بِخُطْوَةٍ فَمَنْ كَانَ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ الْآتِيَةَ بِسَفَرِهِ قَصَرَ وَلَوْ كَانَ يَقْطَعُهَا فِي لَحْظَةٍ بِطَيَرَانٍ وَنَحْوِهِ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُسَافِرِ مُرِيدَ السَّفَرِ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ.
(قَوْلُهُ غَيْرُ عَاصٍ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ أَنَّ الْعَاصِيَ فِيهِ كَالزَّانِي وَشَارِبِ الْخَمْرِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَصَى بِهِ) أَيْ طَرَأَ لَهُ الْعِصْيَانُ فِي أَثْنَائِهِ.
(قَوْلُهُ أَتَمَّ وُجُوبًا) أَيْ وَلَا يَقْصُرُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَصَرَ) أَيْ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ سَوَاءٌ كَانَ عِصْيَانُهُ فِي أَوَّلِ السَّفَرِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمَسَافَةَ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي قَصْرِ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ قَوْلَيْنِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَفِي قَصْرِ اللَّاهِي قَوْلَيْنِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ وَالرَّاجِحُ فِيهِ الْحُرْمَةُ فِي الْعَاصِي وَالْكَرَاهَةُ فِي اللَّاهِي فَلَوْ قَصَرَ الْعَاصِي فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصْوَبِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح وَغَيْرُهُ فَقَوْلُ خش فَإِنْ قَصَرَ الْعَاصِي أَعَادَ أَبَدًا عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ قَصَرَ اللَّاهِي أَعَادَ فِي
وَهِيَ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ مَرْحَلَتَانِ أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِسَيْرِ الْإِبِلِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ عَلَى الْمُعْتَادِ.
(وَلَوْ) كَانَ سَفَرُهَا (بِبَحْرٍ) أَيْ جَمِيعُهَا أَوْ بَعْضُهَا تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ أَوْ تَأَخَّرَتْ حَيْثُ كَانَ السَّيْرُ فِيهِ بِالْمَجَاذِيفِ أَوْ بِهَا وَبِالرِّيحِ كَأَنْ كَانَ بِالرِّيحِ فَقَطْ وَتَأَخَّرَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ أَوْ تَقَدَّمَتْ وَكَانَتْ قَدْرَ الْمَسَافَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يَنْزِلَ الْبَحْرَ وَيَسِيرَ بِالرِّيحِ وَكَانَ فِيهِ الْمَسَافَةُ مُعْتَبَرَةٌ (ذَهَابًا) أَيْ غَيْرَ مَضْمُومٍ إلَيْهَا الرُّجُوعُ (قُصِدَتْ) تِلْكَ الْمَسَافَةُ (دَفْعَةً) بِفَتْحِ الدَّالِ فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَصْلًا كَهَائِمٍ وَطَالِبِ رَعْيٍ أَوْ قُصِدَتْ لَا دَفْعَةً بَلْ نَوَى إقَامَةً فِي أَثْنَائِهَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ لَمْ يَقْصُرْ (إنْ عَدَّى) أَيْ جَاوَزَ (الْبَلَدِيُّ) أَيْ الْحَضَرِيُّ (الْبَسَاتِينَ) الْمُتَّصِلَةَ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَرْتَفِقَ سُكَّانُهُمَا بِالْبَلَدِ ارْتِفَاقَ الِاتِّصَالِ مِنْ نَارٍ وَطَبْخٍ وَخَبْزٍ (الْمَسْكُونَةَ) بِالْأَهْلِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْعَامِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْوَقْتِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ وَهِيَ) الْأَرْبَعَةُ بُرُدٍ.
(قَوْلُهُ يَوْمَيْنِ مُتَعَادِلَيْنِ) هَذَا هُوَ مَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَقَوْلُهُ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ هُوَ مَا لِلشَّاذِلِيِّ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لخش فِي كَبِيرِهِ أَنَّ الْيَوْمَ يُعْتَبَرُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ لِلسَّيْرِ غَالِبًا لَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَيُغْتَفَرُ وَقْتُ النُّزُولِ الْمُعْتَادِ لِرَاحَةٍ أَوْ إصْلَاحِ مَتَاعٍ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهَا بِبَحْرٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي التَّحْدِيدِ بِالْمَسَافَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْعِبْرَةُ فِي الْبَحْرِ بِالزَّمَانِ مُطْلَقًا وَلِمَنْ قَالَ الْعِبْرَةُ فِيهِ بِالزَّمَانِ إنْ سَافَرَ فِيهِ لَا بِجَانِبِ الْبَرِّ وَإِنْ سَافَرَ بِجَانِبِهِ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَلَيْسَتْ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةً لِمُسَافِرٍ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي قَصْرِ الْمُسَافِرِ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ تَقَدَّمَتْ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْعَوْفِيُّ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ وَبَهْرَامُ وَاعْتَمَدَهُ عج وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُلَفِّقُ بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ أَوْ تَأَخَّرَتْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَسَافَتَيْنِ مَسَافَةَ قَصْرٍ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى أَوْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا مَسَافَةَ قَصْرٍ إذَا كَانَ السَّيْرُ فِي الْبَحْرِ بِالْمَقَاذِيفِ أَوْ بِهَا وَبِالرِّيحِ وَكَذَا إنْ كَانَ بِالرِّيحِ فَقَطْ وَكَانَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ مُتَقَدِّمَةً أَوْ تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ وَتَأَخَّرَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ وَكَانَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ عَلَى حِدَّتِهَا مَسَافَةً شَرْعِيَّةً فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يَنْزِلَ الْبَحْرَ وَيَسِيرَ بِالرِّيحِ لِاحْتِمَالِ تَعَذُّرِ الرِّيحِ عَلَيْهِ وَكَانَتْ فِيهِ الْمَسَافَةُ شَرْعِيَّةً عَلَى حِدَتِهِ ذَهَابًا وَمُقَابِلُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ إنَّهُ إذَا اتَّفَقَ لِلشَّخْصِ سَفَرُ بَرٍّ وَبَحْرٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَيُلَفِّقُ مَسَافَةَ الْبَرِّ لِمَسَافَةِ الْبَحْرِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَتَحَصَّلَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْبَحْرَ قِيلَ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَسَافَةُ بَلْ الزَّمَانُ وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقِيلَ بِاعْتِبَارِهَا فِيهِ كَالْبَرِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ إذَا سَافَرَ وَكَانَ بَعْضُ سَفَرِهِ فِي الْبَرِّ وَبَعْضُ سَفَرِهِ فِي الْبَحْرِ فَقِيلَ يُلَفِّقُ مَسَافَةَ أَحَدِهِمَا لِمَسَافَةِ الْآخَرِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَقِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ عَلَى مَا مَرَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ حَتَّى يَنْزِلَ الْبَحْرَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ تَعَذُّرِ الرِّيحِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ ذَهَابًا) حَالٌ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا ذَا ذَهَابٍ أَوْ يُؤَوَّلُ ذَهَابًا بِمَذْهُوبًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مَذْهُوبًا فِيهَا أَوْ أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِحَالٍ مَحْذُوفَةٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فَلَوْ كَانَتْ مُلَفَّقَةً مِنْ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ لَمْ يَقْصُرْ.
(قَوْلُهُ قُصِدَتْ دَفْعَةً) الْمُرَادُ بِقَصْدِهَا دَفْعَةً أَنْ لَا يَنْوِيَ أَنْ يُقِيمَ فِيمَا بَيْنَهَا إقَامَةً تُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فَمَنْ قَصَدَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ وَنَوَى أَنْ يَسِيرَ مِنْهَا بُرْدَيْنِ ثُمَّ يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ ثُمَّ يُسَافِرَ بَاقِيَهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ فَإِنْ نَوَى إقَامَةَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا قُصِدَتْ دَفْعَةً أَنْ يَقْصِدَ قَطْعَهَا فِي سَيْرَةٍ وَاحِدَةٍ بِحَيْثُ لَا يُقِيمُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهَا أَصْلًا لِأَنَّ الْعَادَةَ قَاضِيَةٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَصْلًا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِسَفَرِهِ تِلْكَ الْمَسَافَةَ أَصْلًا (قَوْلُهُ إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ تَعْدِيَتَهَا إذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا وَكَانَ مُحَاذِيًا لَهَا وَإِلَّا فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ كَذَا فِي عبق وَفِي بْن أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا إلَّا إذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا إنْ سَافَرَ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَلَوْ كَانَ مُحَاذِيًا لَهَا إذْ غَايَةُ الْبَسَاتِينِ أَنْ تَكُونَ كَجُزْءٍ مِنْ الْبَلَدِ (تَنْبِيهٌ) مِثْلُ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ الْقَرْيَتَانِ اللَّتَانِ يَرْتَفِقُ أَهْلُ إحْدَاهُمَا بِأَهْلِ الْأُخْرَى بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَكُلُّ قَرْيَةٍ تُعْتَبَرُ بِمُفْرَدِهَا إنْ كَانَ عَدَمُ الِارْتِفَاقِ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ وَفِي شب إذَا كَانَ بَعْضُ سَاكِنِيهَا يَرْتَفِقُ بِالْبَلَدِ الْأُخْرَى كَالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ دُونَ الْآخَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا كُلَّهَا كَحُكْمِ الْمُتَّصِلَةِ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْحَضَرِيُّ)
وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَزَارِعِ أَوْ الْبَسَاتِينِ الْمُنْفَصِلَةِ أَوْ غَيْرِ الْمَسْكُونَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْحَارِسِ وَالْعَامِلِ فِيهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُتِمُّ الْمُسَافِرُ حَتَّى يَبْرُزَ مِنْ قَرْيَتِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ) بِحَمْلِ قَوْلِهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ عَلَى مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثَةِ فِي قَرْيَتِهَا (وَ) إنْ عَدَّى (الْعَمُودِيُّ حِلَّتَهُ) أَيْ بُيُوتَ حِلَّتِهِ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ حَيْثُ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ أَوْ الدَّارُ فَقَطْ (وَ) إنْ (انْفَصَلَ غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ الْبَلَدِيِّ وَالْعَمُودِيِّ عَنْ مَكَانِهِ كَسَاكِنِ الْجِبَالِ وَقَرْيَةٍ لَا بَسَاتِينَ بِهَا مُتَّصِلَةً (قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ) نَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ لَا صُبْحٍ وَمَغْرِبٍ (وَقْتِيَّةٍ) أَيْ سَافَرَ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ الضَّرُورِيِّ فَيَقْصُرُ الظُّهْرَيْنِ مَنْ عَدَّى الْبَسَاتِينَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ وَلَوْ أَخَّرَهُمَا عَمْدًا وَلِرَكْعَتَيْنِ أَوْ رَكْعَةٍ صَلَّى الْعَصْرَ فَقَطْ سَفَرِيَّةً (أَوْ فَائِتَةً فِيهِ) أَيْ فِي السَّفَرِ وَلَوْ أَدَّاهَا فِي الْحَضَرِ وَلَا فَائِتَةَ فِي الْحَضَرِ فَحَضَرِيَّةٌ وَلَوْ أَدَّاهَا بِسَفَرٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَالَهُ بْن الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ إذْ الْمُرَادُ بِالْبَلَدِيِّ مَنْ كَانَ يُكْمِلُ الصَّلَاةَ فِي الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ حَضَرِيًّا أَوْ بَدَوِيًّا فَإِذَا دَخَلَ الْبَلَدِيُّ بَلَدًا وَنَوَى أَنْ يُقِيمَ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ ثُمَّ أَرَادَ الِارْتِحَالَ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ الْبَسَاتِينَ إذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَزَارِعِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَكَذَا مَا بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْحَارِسِ إلَخْ) أَيْ لَا عِبْرَةَ بِإِقَامَتِهِ فِيهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْبَلَدِ.
(قَوْلُهُ وَيُتِمُّ الْمُسَافِرُ حَتَّى يَبْرُزَ مِنْ قَرْيَتِهِ) أَيْ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ بُرُوزِهِ مِنْ الْقَرْيَةِ مُجَاوَزَتُهَا بِالْمَرَّةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا جَاوَزَ مَا فِي حُكْمِهَا مِنْ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَزَارِعِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ السُّورِ إنْ كَانَ لِلْبَلَدِ سُورٌ وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ بِنَائِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَيَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ وَاخْتُلِفَ هَلْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ خِلَافٌ أَيْ أَوْ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ مُوَافِقَةٌ لِلْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَنَّ قَوْلَهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ بِمُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ وَإِلَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ أَيْ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ مُطْلَقًا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَتْ تَفْسِيرًا لَهَا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْأَرْبَعَةُ بُرُدٍ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهَلْ تُحْسَبُ الثَّلَاثَةُ أَمْيَالٍ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَوَّبَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ لَا تُحْسَبُ مِنْ جُمْلَتِهَا وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَقَالَ عبق وخش وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ أَيْ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ فِي قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ حَيْثُ لَمْ تَزِدْ الْبَسَاتِينُ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهَا اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ عَلَى اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الثَّلَاثَةُ أَمْيَالٍ تَزِيدُ عَلَى الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ فَيَجْرِي فِيهَا التَّأْوِيلَانِ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَتِهَا وَعَدَمِهِ وَرَدَّ هَذَا بْن بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ فَإِذَا زَادَتْ الْبَسَاتِينُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ زَادَتْ الثَّلَاثَةُ أَمْيَالٍ عَلَى الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ جَرَى الْخِلَافُ فِيهِمَا وَنُقِلَ عَنْ الْمَوَّاقِ وَعَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ اُنْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ) أَيْ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا وَلَوْ فِي زَمَنٍ مِنْ دُونِ زَمَنِ كَذَا فِي عبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ ظَاهِرَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ مَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ تُقَامُ فِيهَا بِالْفِعْلِ دَائِمًا.
(قَوْلُهُ وَالْعَمُودِيُّ) أَيْ وَهُوَ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ بَيْتَهُ عَلَى عُمُدٍ وَقَوْلُهُ حِلَّتَهُ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ مَحَلَّتُهُ وَهِيَ مَنْزِلُ قَوْمِهِ فَالْحِلَّةُ وَالْمَنْزِلُ بِمَعْنًى.
(قَوْلُهُ حَيْثُ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ أَوْ الدَّارُ فَقَطْ) الْمُرَادُ بِالْحَيِّ الْقَبِيلَةُ وَالْمُرَادُ بِالدَّارِ الْمَنْزِلُ الَّذِي يَنْزِلُونَ فِيهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ أَوْ الدَّارِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ إلَّا إذَا جَاوَزَ جَمِيعَ الْبُيُوتِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْفَضَاءِ وَالرِّحَابِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْأَبْنِيَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْفَضَاءِ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ جَمِيعِ الْبُيُوتِ وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ فَقَطْ دُونَ الدَّارِ بِأَنْ كَانَ كُلُّ فِرْقَةٍ فِي دَارٍ فَإِنَّهَا تَعْتَبِرُ كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا حَيْثُ كَانَ لَا يَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَإِلَّا فَهُمْ كَأَهْلِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَجْمَعْهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ بُيُوتَ حِلَّتِهِ هُوَ.
(قَوْلُهُ كَسَاكِنِ الْجِبَالِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ مَحَلَّهُ وَسَاكِنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي لَا بَسَاتِينَ بِهَا مَسْكُونَةً فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ وَالْأَبْنِيَةَ الْخَرَابَ الَّتِي فِي طَرَفِهَا وَكَذَلِكَ سَاكِنُ الْبَسَاتِينِ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ عَنْ مَسْكَنِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْبَسَاتِينُ مُتَّصِلَةً بِالْبَلَدِ أَوْ مُنْفَصِلَةً عَنْهَا.
(قَوْلُهُ وَقْتِيَّةٌ) فِيهِ أَنَّ الْأَوْلَى إبْدَالُهُ بِحَاضِرَةٍ لِأَنَّ الْفَائِتَةَ إنَّمَا تُقَابِلُ الْحَاضِرَةَ لَا الْوَقْتِيَّةَ لِأَنَّ الْفَائِتَةَ وَقْتِيَّةٌ
(وَإِنْ) كَانَ الْمُسَافِرُ (نُوتِيًّا) أَيْ خَادِمَ سَفِينَةٍ سَافَرَ (بِأَهْلِهِ)
ثُمَّ بَيَّنَ نِهَايَةَ الْقَصْرِ بِقَوْلِهِ (إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ) أَيْ جِنْسِهِ فَيَصْدُقُ بِعَوْدِهِ لِمَا قَصَرَ مِنْهُ وَبِدُخُولِهِ لِبَلَدٍ أُخْرَى (لَا أَقَلَّ) مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَلَا يَقْصُرُ أَيْ يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ فِي خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا وَصَحَّتْ فِي أَرْبَعِينَ إلَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَلَا إعَادَةَ قَطْعًا وَإِنْ حَرُمَ وَتَصِحُّ فِيمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا إعَادَةَ.
وَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ لَا أَقَلَّ وَإِنْ فُهِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (إلَّا كَمَكِّيٍّ) وَمَنْوِيٍّ وَمُزْدَلِفِيٍّ وَمُحَصَّبِيٍّ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ (فِي خُرُوجِهِ) مِنْ مَحَلِّهِ (لِعَرَفَةَ) لِلْحَجِّ (وَ) فِي (رُجُوعِهِ) لِبَلَدِهِ حَيْثُ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ مِنْ النُّسُكِ بِغَيْرِهَا وَإِلَّا أَتَمَّ حَالَ رُجُوعِهِ كَمَنْوِيٍّ رَاجِعٍ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ لِمِنًى لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الرَّمْيِ إنَّمَا هُوَ فِي مَحَلِّهِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ وَرُجُوعِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ يُتِمُّ مَكَانَهُ وَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ بِغَيْرِهِ عَمَلًا كَمَكِّيٍّ رَجَعَ يَوْمَ النَّحْرِ لِمَكَّةَ لِلْإِفَاضَةِ وَيَقْصُرُ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ الْعَرَفِيِّ لِقَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالْمَكِّيِّ فَيَقْصُرُ فِي خُرُوجِهِ مِنْهَا لِلنُّسُكِ مِنْ إفَاضَةٍ وَغَيْرِهَا وَيُتِمُّ بِهَا ثُمَّ سُنَّ الْقَصْرُ لِمَنْ ذَكَرَ مَعَ قَصْرِ الْمَسَافَةِ لِلسُّنَّةِ
(وَلَا) يَقْصُرُ (رَاجِعٌ) بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ مَحَلِّهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنًا أَوْ مَحَلَّ إقَامَةٍ (لِدُونِهَا) أَيْ دُونِ الْمَسَافَةِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ يُعْتَبَرُ سَفَرًا بِنَفْسِهِ هَذَا إنْ رَجَعَ تَارِكًا لِلسَّفَرِ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ صَحِيحَةٌ بَلْ.
(وَلَوْ) رَجَعَ (لِشَيْءٍ نَسِيَهُ) وَيَعُودُ لِسَفَرِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْضًا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَقْتُ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِوَقْتِ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَحْرَى غَيْرُ النُّوتِيِّ إذَا سَافَرَ بِأَهْلِهِ وَالنُّوتِيُّ إذَا سَافَرَ بِأَهْلِهِ بِغَيْرِ أَهْلِهِ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ
(قَوْلُهُ إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَعْنَى حَتَّى يَأْتِيَ الْمَكَانَ الَّذِي قَصَرَ مِنْهُ فِي خُرُوجِهِ فَإِذَا أَتَاهُ أَتَمَّ وَحِينَئِذٍ فَمُنْتَهَى الْقَصْرِ فِي الرُّجُوعِ وَهُوَ مَبْدَؤُهُ فِي الْخُرُوجِ فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيَقْصُرْ حَتَّى يَدْخُلَ الْبُيُوتَ أَوْ قُرْبَهَا فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُنْتَهَى الْقَصْرِ لَيْسَ كَمَبْدَئِهِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ فِي الذَّهَابِ لَا فِي الرُّجُوعِ فَهُوَ سَاكِتٌ عَنْهُ أَيْ يَقْصُرُ إذَا بَلَغَ مُنْتَهَى سَفَرِهِ إلَى نَظِيرِ مَحَلِّ الْبَدْءِ فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ الْمُرَادُ إلَى الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ لِبَدْءِ الْقَصْرِ مِنْهُ فِي حَقِّ مَنْ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ وَهُوَ الْبَسَاتِينُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَهُ ذَلِكَ أَوْ الْمَحَلَّةِ فِي الْبَدْوِيِّ وَمَحَلُّ الِانْفِصَالِ فِي غَيْرِهِمَا وَأَمَّا كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مُنْتَهَى السَّفَرِ فِي الرُّجُوعِ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الدُّخُولِ الْقُرْبُ وَحِينَئِذٍ فَمَا مَعْنَى الْعَطْفِ وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْعَطْفَ تَفْسِيرِيٌّ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِدُخُولِهَا الدُّنُوُّ وَالْقُرْبُ مِنْهَا وَالْمُرَادُ بِالْقُرْبِ أَقَلُّ مِنْ مِيلٍ وَمِنْهَا أَنَّ الدُّخُولَ لِمَنْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا وَقَوْلُهُ أَوْ قُرْبَهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ نَزَلَ خَارِجَهَا لِاسْتِرَاحَةٍ مَثَلًا وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى يَدْخُلَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَارِبَهَا قَوْلٌ آخَرُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ نَزَلَ خَارِجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الْمِيلِ وَعَلَيْهِ الْعَصْرُ وَلَمْ يَدْخُلْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصَلِّي الْعَصْرَ سَفَرِيَّةً وَعَلَى الثَّانِي حَضَرِيَّةً وَأَمَّا شَارِحُنَا فَجَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمُنْتَهَى السَّفَرِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَى شُمُولِهِ لِمُنْتَهَاهُ فِي الرُّجُوعِ يَكُونُ مَاشِيًا عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ جِنْسِهِ) أَيْ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَحَلِّ جِنْسِ الْبَدْءِ فَيَصْدُقَ بِعَوْدِهِ لِلْبَلَدِ الَّذِي قَصَرَ مِنْهُ وَهِيَ الَّتِي ابْتَدَأَ السَّيْرَ مِنْهَا وَهِيَ النِّهَايَةُ فِي الرُّجُوعِ وَبِدُخُولِهِ لِبَلَدٍ أُخْرَى أَيْ وَهِيَ مُنْتَهَى السَّفَرِ فِي الذَّهَابِ.
(قَوْلُهُ أَيْ يَحْرُمُ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْقَصْرُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ الصَّادِقُ بِجَوَازِهِ وَنَدْبِهِ.
(قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَصْرَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْإِعَادَةِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ بَلْ مَتَى كَانَتْ الْمَسَافَةُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَأَفْطَرَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَأَوِّلًا.
(قَوْلُهُ وَتَصِحُّ فِيمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ فِي حَالِ خُرُوجِهِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ أَنْ لَوْ كَانَ فِيهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَيْثُ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ إلَخْ) أَيْ كَمَكِّيٍّ فِي حَالِ رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى لِبَلَدِهِ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ يَعْمَلُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ النُّزُولُ بِالْمُحَصَّبِ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّقْيِيدِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ النُّسُكِ لَا بِهَا وَلَا بِغَيْرِهَا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ كَمَا فِي ح فَالصَّوَابُ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا فَكُلٌّ مِنْ الْمُحَصِّبِيِّ وَالْمُزْدَلِفِيِّ يَقْصُرُ فِي حَالِ رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى لِبَلَدِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالْمَكِّيِّ) أَيْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ مَالِكٍ وَمُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّ الْعُرْفِيَّ لَا يَقْصُرُ وَهَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ
(قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ صَحِيحَةٌ) أَيْ صَلَاتُهُ الَّتِي صَلَّاهَا مَقْصُورَةً قَبْلَ رُجُوعِهِ صَحِيحَةٌ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِدُونِهَا أَنَّهُ إذَا رَجَعَ بَعْدَهَا قَصَرَ فِي رُجُوعِهِ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ يُعْتَبَرُ سَفَرًا بِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ) قَالَ طفى هَذَا إذَا رَجَعَ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ رَجَعَ لِغَيْرِهِ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ لَقَصَرَ فِي رُجُوعِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ بْن وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِ
(وَلَا) يَقْصُرُ (عَادِلٌ عَنْ) طَرِيقٍ (قَصِيرٍ) دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ إلَى طَوِيلٍ فِيهِ الْمَسَافَةُ (بِلَا عُذْرٍ) بَلْ لِمُجَرَّدِ قَصْدِ الْقَصْرِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ فَإِنْ عَدَلَ لِعُذْرٍ أَوْ لِأَمْرٍ وَلَوْ مُبَاحًا فِيمَا يَظْهَرُ قَصَرَ (وَلَا هَائِمٌ) وَهُوَ الْمُتَجَرِّدُ السَّائِحُ فِي الْأَرْضِ أَيُّ بَلَدٍ طَابَتْ لَهُ أَقَامَ فِيهَا مَا شَاءَ (وَ) لَا (طَالِبُ رَعْيٍ) يَرْتَعُ حَيْثُ وَجَدَ الْكَلَأَ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (قَطْعَ الْمَسَافَةِ) الشَّرْعِيَّةِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ لِلْهَائِمِ وَلِلرَّاعِي أَيْ وَقَدْ عَزَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْخُرُوجِ (وَلَا مُنْفَصِلٌ) عَنْ الْبَلَدِ (يَنْتَظِرُ رُفْقَةً) يُسَافِرُ مَعَهُمْ (إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا) أَوْ بِمَجِيئِهَا لَهُ قَبْلَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَوْ عَزَمَ عَلَى السَّيْرِ دُونَهَا لَكِنْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ تَحَقَّقَ مَجِيئَهَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَتَمَّ.
(وَقَطَعَهُ) أَيْ الْقَصْرَ أَحَدُ أُمُورٍ خَمْسَةٍ أَوَّلُهَا (دُخُولُ بَلَدِهِ) الرَّاجِعِ هُوَ إلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ وَطَنَهُ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إنْ دَخَلَ اخْتِيَارًا بَلْ (وَإِنْ) دَخَلَ مَغْلُوبًا (بِرِيحٍ) مِنْ بَحْرٍ بِخِلَافِ رَدِّهِ بِغَاصِبٍ فَلَا قَطْعَ لِإِمْكَانِ الْخَلَاصِ مِنْهُ بِخِلَافِ الرِّيحِ فَلْيُتَأَمَّلْ (إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ) مِنْ الْبِلَادِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إذَا رَجَعَ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ سَفَرَهُ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ قَبْلَ رُجُوعِهِ وَطَنَهُ الَّذِي نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَإِنْ دَخَلَهُ فَلَا خِلَافَ فِي إتْمَامِهِ فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ
(قَوْلُهُ وَلَا عَادِلٌ عَنْ قَصِيرٍ) مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ ح مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْرِ اللَّاهِي أَنَّهُ إذَا قَصَرَ لَا يُعِيدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْقَصِيرِ لِلطَّوِيلِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَفِي التَّوْضِيحِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّاهِيَ بِصَيْدٍ وَشَبَهِهِ لَا يَقْصُرُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقْصُرُ فَلَا شَكَّ فِي قَصْرِ هَذَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُتَجَرِّدُ) أَيْ عَنْ التَّعَلُّقِ بِالدُّنْيَا.
(قَوْلُهُ يَرْتَفِعُ) أَيْ يُقِيمُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا خَرَجَ سَائِحًا فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَصِلَ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مَثَلًا أَوْ سَافَرَ طَالِبًا لِلرَّعْيِ إلَّا أَنْ يَصِلَ لِغَزَّةَ مَثَلًا فَلَهُ الْقَصْرُ حَيْثُ عَلِمَ قَطْعَ الْمَسَافَةِ قَبْلَ غَزَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ (قَوْلُهُ وَلَا مُنْفَصِلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ قَبْلَ مَسَافَتِهِ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً لَاحِقَةً لَهُ فَإِنْ جَزَمَ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ دُونَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ مَجِيئِهَا فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ بَلْ يُتِمُّ مُدَّةَ انْتِظَارِهِ لَهَا فَإِنْ نَوَى انْتِظَارَهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ تَأْتِ سَافَرَ دُونَهَا أَوْ جَزَمَ بِمَجِيئِهَا قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ قَصَرَ مُدَّةَ انْتِظَارِهِ لَهَا.
(قَوْلُهُ لَكِنْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أَيْ بِأَنْ جَلَسَ فِي انْتِظَارِهَا وَعَزَمَ عَلَى أَنَّهَا إنْ جَاءَتْ فِي مُدَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَافَرَ مَعَهَا فَإِنْ لَمْ تَأْتِ سَافَرَ دُونَهَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ
(قَوْلُهُ وَقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ) الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا تَبَعًا لح وَابْنِ غَازِيٍّ وطفى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّخُولِ هُنَا الدُّخُولُ النَّاشِئُ عَنْ الرُّجُوعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَرَجَعَ إلَخْ وَفِي الْآتِيَةِ بِالدُّخُولِ النَّاشِئِ عَنْ الْمُرُورِ فَلَا تَكْرَارَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ خِلَافًا لِلْمَوَّاقِ وعبق وَحَيْثُ حَمَلَا عَلَى دُخُولِ الْمُرُورِ فِيهِمَا فَلَزِمَهُمْ التَّكْرَارُ وَمَا دَفَعُوهُ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِبَلَدِهِ بَلَدُهُ أَصَالَةً وَبِوَطَنِهِ مَحَلٌّ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِنِيَّةِ السَّكَنِ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ إلَخْ بَعِيدٌ مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى مَا لِابْنِ غَازِيٍّ فَالرِّيحُ هُنَا أَلْجَأَتْهُ لِدُخُولِ الرُّجُوعِ وَفِي الَّتِي بَعْدُ أَلْجَأَتْهُ لِدُخُولِ الْمُرُورِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ وعبق الرِّيحُ أَلْجَأَتْهُ لِدُخُولِ الْمُرُورِ فِيهِمَا ثُمَّ إنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ رُجُوعُهُ بَعْدَ أَنْ سَارَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ بِدَلِيلِ إسْنَادِهِ الْقَطْعَ لِلدُّخُولِ أَيْ فَلَا يَزَالُ فِي رُجُوعِهِ يَقْصُرُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ فَيَنْقَطِعَ الْقَصْرُ خِلَافًا لِمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ ح مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ الرُّجُوعُ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَأَنَّ مُجَرَّدَ الْأَخْذِ فِي الرُّجُوعِ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ وَفِيهِ التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ وَلَا رَاجِعَ لِدُونِهَا.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ وَطَنُهُ) أَيْ مُقِيمًا فِيهَا بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ كَانَتْ بَلَدُهُ الْأَصْلِيَّةُ أَوْ غَيْرَهَا وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ مَكَثَ فِيهَا مُدَّةً طَوِيلَةً لَا بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ وَبِهَذَا التَّعْمِيمِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامٌّ لِصُورَتَيْنِ وَالْمُسْتَثْنَى إحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَإِنَّمَا كَانَ دُخُولُ الْبَلَدِ قَاطِعًا لِلْقَصْرِ لِأَنَّ دُخُولَ الْبَلَدِ مَظِنَّةٌ لِلْإِقَامَةِ فَإِذَا كَفَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي قَطْعِ الْقَصْرِ فَالْفِعْلُ الْمُحَصِّلُ لَهَا بِالظَّنِّ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ وَإِنْ بِرِيحٍ) بَالَغَ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى سَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْقَصْرِ لِمَنْ غَلَبَتْهُ الرِّيحُ وَرَدَّتْهُ لِبَلَدِهِ وَمِثْلُ الرِّيحِ جُمُوحُ الدَّابَّةِ.
(قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ الْخَلَاصِ مِنْهُ) أَيْ بِحِيلَةٍ كَأَنْ يَهْرَبَ مِنْهُ أَوْ يَسْتَشْفِعَ بِآخَرَ أَوْ يَسْتَعِينَ عَلَيْهِ بِأَعْلَى مِنْهُ فَهُوَ بِمَظِنَّةِ عَدَمِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ حِينَئِذٍ عَلَى حُكْمِ السَّفَرِ بِخِلَافِ الرِّيحِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُ مَعَهَا حِيلَةٌ.
(قَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ) أَيْ فِي هَذَا الْفَرْقِ الَّذِي فَرَّقُوا بِهِ بَيْنَ الرِّيحِ وَالْغَاصِبِ هَلْ هُوَ مُفِيدٌ لِلْمَقْصُودِ أَوْ لِعَكْسِهِ كَمَا ادَّعَاهُ شب قَالَ شَيْخُنَا وَلَمْ يَظْهَرْ لِي كَوْنُهُ مُفِيدِ الْعَكْسِ الْمَقْصُودِ كَمَا ادَّعَاهُ شب.
(قَوْلُهُ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ إلَخْ) حَمَلَهُ ح وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ وَأَقَامَ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَوْطَنَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُحْفَةِ ثُمَّ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ وَيُقِيمَ بِهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجَ مِنْهَا فَقَالَ مَالِكٌ يُتِمُّ فِي يَوْمَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَقْصُرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ وَوَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ فِيهَا أَكْسَبَتْهَا حُكْمَ الْوَطَنِ وَوَجَّهَ الثَّانِيَ بِأَنَّهَا
يَعْنِي مُقِيمًا بِهَا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ كَالْمُجَاوِرِينَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ بِمَكَّةَ وَلَوْ قَالَ إلَّا مُقِيمًا بِبَلَدٍ كَانَ أَوْضَحَ (رَفَضَ سُكْنَاهَا) وَخَرَجَ مِنْهَا لِلتَّوَطُّنِ بِغَيْرِهَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ (وَرَجَعَ) لَهَا بَعْدَ سَيْرِ الْمَسَافَةِ أَوْ دُونَهَا (نَاوِيًا السَّفَرَ) فَيَقْصُرُ فِي إقَامَتِهِ بِهَا إقَامَةً غَيْرَ قَاطِعَةٍ وَمِثْلُ نِيَةِ السَّفَرِ خُلُوُّ الذِّهْنِ فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ ثَانِيهَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَقَطَعَهُ) أَيْضًا (دُخُولُ وَطَنِهِ) الْمَارِّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ بِمَحَلٍّ غَيْرِ وَطَنِهِ وَسَافَرَ مِنْهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَوَطَنُهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ دَخَلَهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ ثَالِثُهَا قَوْلُهُ.
(أَوْ) دُخُولُ (مَكَانِ زَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا فَقَطْ) قَيْدٌ فِي " دَخَلَ " إذْ مَا بِهِ سُرِّيَّةٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ كَذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي زَوْجَةٍ أَيْضًا يَحْتَرِزُ بِهِ عَنْ الْأَقَارِبِ كَأُمٍّ أَوْ أَبٍ وَإِنَّمَا كَانَ مَكَانُ الزَّوْجَةِ قَاطِعًا لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْوَطَنِ (وَإِنْ) كَانَ دُخُولُهُ (بِرِيحٍ غَالِبَةٍ) أَلْجَأَتْهُ لِذَلِكَ (وَ) رَابِعُهَا (نِيَّةُ دُخُولِهِ) وَطَنَهُ أَوْ مَكَانَ زَوْجَتِهِ الَّذِي فِي أَثْنَاءِ طَرِيقِهِ (وَلَيْسَ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ (وَبَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ (الْمَسَافَةُ) الشَّرْعِيَّةُ كَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَوَطَنُهُ أَوْ مَكَانُ زَوْجَتِهِ الْجِعْرَانَةِ مَثَلًا وَسَافَرَ مِنْ مَكَّةَ لِلْمَدِينَةِ وَنَوَى حِينَ خُرُوجِهِ أَنْ يَدْخُلَ الْجِعْرَانَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْجِعْرَانَةِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهَا ثُمَّ إذَا خَرَجَ اعْتَبَرَ بَاقِيَ سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ وَإِلَّا أَتَمَّ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَالْمَكَانِ الْمَسَافَةُ قَصَرَ وَاعْتَبَرَ بَاقِيَ سَفَرِهِ أَيْضًا فَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ وَقَوْلُنَا أَيْ بَيْنَ الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا طَرَأَتْ نِيَّةُ الدُّخُولِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى الْقَصْرِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَالْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولَهُ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَيْسَتْ وَطَنَهُ حَقِيقَةً وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ حَمَلَ طفى كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ لَكِنْ اعْتَرَضَ قَوْلَهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَسْأَلَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهِيَ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ وَطَنِ سُكْنَاهُ لِمَوْضِعٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ رَافِضًا سُكْنَى وَطَنِهِ ثُمَّ رَجَعَ لَهُ غَيْرَ نَاوٍ الْإِقَامَةَ كَانَ نَاوِيًا لِلسَّفَرِ أَوْ خَالِيَ الذِّهْنِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فَإِنْ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهُ أَتَمَّ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَنَقَلَهُ طفى وَغَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّوَطُّنُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا شَرْطًا مُعْتَبَرًا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ يَعْنِي مُقِيمًا بِهَا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ) أَيْ فَالتَّوَطُّنُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي حَمْلَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ عَلَى هَذَا لَا يَكُونُ قَوْلُهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ جَعْلُ التَّوَطُّنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَحَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى فَرْعِ ابْنُ الْمَوَّازِ.
(قَوْلُهُ أَوْ دُونَهَا) لَا يُقَالُ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَى الرَّاجِعِ إلَيْهَا كَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ سَيْرِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ إذْ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَأَتَمَّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا (قَوْلُهُ فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ) أَيْ فَإِنْ رَجَعَ نَاوِيًا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ دُخُولَ بَلَدِهِ أَوْ وَطَنِهِ يَقْطَعُ الْقَصْرَ وَلَوْ كَانَ نَاوِيًا لِلسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهَا فَإِنْ رَفَضَ سُكْنَاهَا فَلَا يَكُونُ دُخُولُهُ مُوجِبًا لِلْإِمَامِ إلَّا إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الرَّفْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَا أَهْلٌ حِينَ الرَّفْضِ فَإِنْ كَانَ بِهَا لَهُ أَهْلٌ أَيْ زَوْجَةٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَقَطَعَهُ دُخُولُ وَطَنِهِ أَوْ مَكَانُ زَوْجَةٍ) أَيْ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْمُرُورِ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فَلَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ حَاذَاهُ وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُرُورُ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ وَالْمُرَادُ بِمَكَانِ الزَّوْجَةِ الْبَلَدُ الَّتِي هِيَ بِهَا لَا خُصُوصُ الْمَنْزِلِ الَّتِي هِيَ بِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَتَكَرَّرُ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا دُخُولُ مُرُورٍ وَمَا مَرَّ دُخُولٌ نَاشِئٌ عَنْ الرُّجُوعِ.
(قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا) أَيْ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَتَّخِذْهُ وَطَنًا أَيْ مَحَلَّ إقَامَةٍ عَلَى الدَّوَامِ (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي دَخَلَ) أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَفِي المج أَنَّ الزَّوْجَةَ النَّاشِزَةَ لَا عِبْرَةَ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ دُخُولُ بَلَدِهَا قَاطِعًا لِلْقَصْرِ.
(قَوْلُهُ إذْ مَا بِهِ سُرِّيَّةٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ كَذَلِكَ) رَدَّ بِهِ عَلَى الشَّارِحِ بَهْرَامَ فِي الْوَسَطِ مِنْ إخْرَاجِ السُّرِّيَّةِ قَالَ ح وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَلَى إلْحَاقِهَا بِالزَّوْجَةِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْأَقَارِبِ) أَيْ لَا عَنْ السُّرِّيَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ.
(قَوْلُهُ وَنِيَّةُ دُخُولِهِ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ جَعْلَ نِيَّةِ الدُّخُولِ قَاطِعَةً لِلْقَصْرِ يَقْتَضِي حُصُولَهُ قَبْلَهَا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ وَمَنَعَهُ نِيَّةُ دُخُولِهِ فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْقَطْعِ تَسَمُّحٌ وَالضَّمِيرُ فِي دُخُولِهِ لِلْوَطَنِ وَمَكَانِ الزَّوْجَةِ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَحِينَئِذٍ فَإِفْرَادُ الْمُصَنِّفِ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ أَيْ بَيْنَ الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ) أَيْ وَنَوَى وَهُوَ فِيهِ الدُّخُولَ لِوَطَنِهِ أَوْ لِمَكَانِ الزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْجِعْرَانَةِ أَقَلُّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى نِيَّةِ دُخُولِهِ الْوَطَنَ أَوْ مَكَانَ الزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا خَرَجَ) أَيْ مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَقَوْلُهُ اعْتَبَرَ بَاقِيَ سَفَرِهِ أَيْ لِلْمَدِينَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ مَحَلُّ النِّيَّةِ) أَيْ وَهُوَ مَكَّةُ وَقَوْلُهُ وَالْمَكَانُ أَيْ الَّذِي نَوَى دُخُولَهُ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ.
(قَوْلُهُ فَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ) الْأَوَّلُ أَنْ يَسْتَقِلَّ مَا قَبْلَ وَطَنِهِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْمَسَافَةِ وَفِي هَذِهِ يَقْصُرُ قَبْلَ دُخُولِهِ لِوَطَنِهِ وَبَعْدَهُ الثَّانِي عَكْسُهُ وَالْمَجْمُوعُ مُسْتَقِلٌّ وَفِي هَذِهِ إنْ نَوَى دُخُولَهُ قَبْلَ سَيْرِهِ أَتَمَّ قَبْلَ دُخُولِهِ
(وَ) خَامِسُهَا (نِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ) مَعَ وُجُوبِ عِشْرِينَ صَلَاةً فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فَمَنْ دَخَلَ قَبْلَ فَجْرِ السَّبْتِ مَثَلًا وَنَوَى أَنْ يُقِيمَ إلَى غُرُوبِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ وَيَخْرُجَ قَبْلَ الْعِشَاءِ لَمْ يَنْقَطِعْ حُكْمُ سَفَرِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ صِحَاحًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عِشْرُونَ صَلَاةً وَمَنْ دَخَلَ قَبْلَ عَصْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَنَوَى الِارْتِحَالَ بَعْدَ صُبْحِ الْخَامِسِ لَمْ يَنْقَطِعْ حُكْمُ سَفَرِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ صَلَاةً إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ الْعِشْرِينَ فَقَطْ هَذَا إذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ بَلْ (وَلَوْ) حَدَثَتْ (بِخِلَالِهِ إلَّا الْعَسْكَرَ) يَنْوِي إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ وَهُوَ (بِدَارِ الْحَرْبِ) فَلَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ سَفَرِهِ (أَوْ الْعِلْمُ بِهَا) أَيْ بِإِقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ فِي مَحَلٍّ (عَادَةً) فَيَتِمُّ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الشَّكِّ فِيهَا فَيَسْتَمِرُّ عَلَى قَصْرِهِ (لَا الْإِقَامَةُ) الْمُجَرَّدَةُ عَنْ نِيَّةِ مَا يَرْفَعُهُ كَإِقَامَتِهِ لِحَاجَةٍ يَظُنُّ قَضَاءَهَا قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَقْطَعُ الْقَصْرَ.
(وَإِنْ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ وَإِنْ نَوَاهَا) أَيْ الْإِقَامَةَ الْقَاطِعَةَ (بِصَلَاةٍ) أَحْرَمَ بِهَا سَفَرِيَّةً
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَطَنَهُ وَبَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ دُخُولَهُ قَصَرَ وَإِنْ نَوَى دُخُولَهُ بَعْدَ سَيْرِهِ شَيْئًا فَفِي قَصْرِهِ قَوْلَا سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ، الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَطَنِهِ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ وَبَعْدَهُ مَسَافَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَإِنْ نَوَى الدُّخُولَ قَبْلَ سَفَرِهِ فَلَا يَقْصُرُ قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الدُّخُولَ قَصَرَ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَقْصُرُ مُطْلَقًا وَلَوْ نَوَى دُخُولَهُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ فَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ فِي هَذِهِ قَوْلَيْنِ الْقَصْرَ لِسَحْنُونٍ وَالْإِتْمَامَ لِغَيْرِهِ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَطَنِهِ مَسَافَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَبَعْدَهُ أَقَلُّ مِنْهَا فَيَقْصُرُ قَبْلَ وَطَنِهِ مُطْلَقًا نَوَى الدُّخُولَ أَمْ لَا وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَقْصُرُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إلَخْ) الْأَوْلَى وَنُزُولٌ بِمَكَانٍ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فِيهِ وَلَوْ بِخِلَالِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَنْقَطِعُ حُكْمُ السَّفَرِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّهَا وَمَحَلِّ الْإِقَامَةِ الْمَسَافَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِذَا سَافَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي نَوَى بِهِ الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلَا يَقْصُرُ إلَّا إذَا وَصَلَ لِمَحَلِّ الْقَصْرِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ عَلَى السَّفَرِ عَلَى أَقْوَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَحَلٍّ وَرَجَعَ عَنْ النِّيَّةِ قَبْلَ دُخُولِهِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ مَعَ وُجُوبِ عِشْرِينَ صَلَاةً فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ) بِأَنْ دَخَلَ قَبْلَ فَجْرِ السَّبْتِ وَنَوَى الِارْتِحَالَ بَعْدَ عِشَاءِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ.
(قَوْلُهُ وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ الْعِشْرِينَ فَقَطْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ فَيُتِمُّ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ) أَيْ أَوْ فِي آخِرِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَدَثَتْ بِخِلَالِهِ) يَعْنِي أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ مُعْتَبَرَةٌ فِي قَطْعِ الْقَصْرِ وَلَوْ حَدَثَتْ بِخِلَالِ السَّفَرِ أَيْ فِي أَثْنَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِأَوَّلِهِ وَلَا لِآخِرِهِ وَرَدَّ بِهَذِهِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ إقَامَةِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ إلَّا إذَا كَانَتْ فِي انْتِهَاءِ السَّفَرِ أَوْ فِي ابْتِدَائِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي خِلَالِهِ فَلَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ فَلَهُ الْقَصْرُ إذَا خَلَّلَ الْمَسَافَةَ بِإِقَامَاتٍ وَكُلَّمَا سَافَرَ قَصَرَ وَلَوْ دُونَ الْمَسَافَةِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ إلَّا الْعَسْكَرَ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ الْعَسْكَرَ أَنَّ الْأَسِيرَ بِدَارِ الْحَرْبِ يُتِمُّ مَا دَامَ مُقِيمًا بِهَا فَإِنْ هَرَبَ لِلْجَيْشِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ بِنَاءِ الْبَلَدِ وَلَا بَسَاتِينِهَا لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْجَيْشِ وَهُوَ يَقْصُرُ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ وَإِنْ هَرَبَ لِغَيْرِ الْجَيْشِ قَصَرَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ أَوْ الْبِنَاءِ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ بِدَارِ الْحَرْبِ) الْمُرَادُ بِهَا الْمَحَلُّ الَّذِي يَخَافُ فِيهِ الْعَدُوَّ سَوَاءٌ كَانَتْ دَارَ كُفْرٍ أَوْ إسْلَامٍ وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ الْعَسْكَرُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَحَلُّ الَّذِي لَا يُخَافُ فِيهِ مِنْ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يُتِمُّ.
(قَوْلُهُ أَوْ الْعِلْمَ بِهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عَادَةِ الْحَاجِّ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ يُقِيمُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَيُتِمُّ سَوَاءٌ نَوَى الْإِقَامَةَ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ فَلَا يَقْطَعُ الْقَصْرَ) أَيْ لِأَجْلِ تِلْكَ الْإِقَامَةِ وَلَوْ مَكَثَ مُدَّةً طَوِيلَةً.
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ) هُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ وَلَوْ كَثُرَتْ إقَامَتُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ بِآخِرِ سَفَرِهِ بِبَاءِ الْجَرِّ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ الْمُجَرَّدَةُ بِآخِرِ سَفَرِهِ وَفِيهَا نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَقْصُرُ فِي الْإِقَامَةِ الَّتِي فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الرُّجُوعَ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ قَالَ ح أَوْ يَظُنَّ وَلَوْ تَخَلَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا مَعَ الِاحْتِمَالِ وَقَدْ سُئِلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ سِرَاجٍ عَنْ الْمُسَافِرِ يُقِيمُ فِي الْبِلَادِ وَلَا يَدْرِي كَمْ يَجْلِسُ هَلْ يَبْقَى عَلَى قَصْرِهِ أَمْ لَا فَأَجَابَ إنْ كَانَ الْبَلَدُ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ قَصَرَ مُدَّةَ إقَامَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مُنْتَهَاهُ أَتَمَّ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ لَا يُسَلَّمُ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْإِقَامَةُ الْقَاطِعَةُ) أَيْ وَهِيَ إقَامَةُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَمِثْلُ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا إذَا أَدْخَلَتْهُ الرِّيحُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا سَفَرِيَّةً مَحَلًّا يَقْطَعُ دُخُولُهُ حُكْمَ السَّفَرِ مِنْ وَطَنِهِ أَوْ مَحَلِّ
(شَفَعَ) بِأُخْرَى نَدْبًا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَجَعَلَهَا نَافِلَةً (وَلَمْ تُجْزِ حَضَرِيَّةٌ) إنْ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا لِعَدَمِ دُخُولِهِ عَلَيْهَا (وَلَا سَفَرِيَّةٌ) لِتَغَيُّرِ نِيَّتِهِ فِي أَثْنَائِهَا (وَ) إنْ نَوَاهَا (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ تَمَامِهَا (أَعَادَ) حَضَرِيَّةً نَدْبًا (فِي الْوَقْتِ) الْمُخْتَارِ
(وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِهِ) أَيْ بِالْمُسَافِرِ (فَكُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى سُنَّتِهِ) أَيْ عَلَى طَرِيقَتِهِ (وَكُرِهَ) ذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ نِيَّةَ إمَامِهِ (كَعَكْسِهِ) وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ (وَتَأَكَّدَ) الْكُرْهُ لِمُخَالَفَةِ الْمُسَافِرِ سُنَّتَهُ بِلُزُومِهِ الْإِتْمَامَ وَلِذَا قَالَ (وَتَبِعَهُ) بِأَنْ يُتِمَّ مَعَهُ وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ كَمَا فِي النَّقْلِ إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً (وَلَمْ يُعِدْ) صَلَاتَهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِعَادَةُ بِوَقْتٍ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مَعَهُ قَصَرَ إنْ لَمْ يَنْوِ الْإِتْمَامَ وَإِلَّا أَتَمَّ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ قَالَهُ سَنَدٌ.
(وَإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إتْمَامًا) عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (أَعَادَ) صَلَاتَهُ سَفَرِيَّةً إنْ لَمْ يُحْضِرْ وَحَضَرِيَّةً إنْ حَضَرَ (بِوَقْتٍ) وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ أَتَمَّهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ حَيْثُ نَوَى الْإِتْمَامَ وَقَوْلُهُ أَعَادَ بِوَقْتٍ هُوَ ثَابِتٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَسَاقِطٌ فِي أَكْثَرِهَا فَيَجِبُ تَقْدِيرُهُ (وَإِنْ) نَوَى الْإِتْمَامَ (سَهْوًا) عَنْ كَوْنِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ عَنْ كَوْنِ الْمُسَافِرِ يَقْصُرُ وَأَتَمَّهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا (سَجَدَ) فِي الْأَرْبَعِ مُرَاعَاةً لِحُصُولِ السَّهْوِ فِي نِيَّتِهِ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ وَلَا يُعِيدُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ) كَالنَّاوِي عَمْدًا (كَمَأْمُومِهِ) لِتَبَعِيَّتِهِ لَهُ (بِوَقْتٍ) وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا (وَالْأَرْجَحُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْوَقْتَ هُنَا (الضَّرُورِيُّ) وَقِيلَ الِاخْتِيَارِيُّ وَمَحَلُّ إعَادَةِ مَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
زَوْجَةٍ بَنَى بِهَا.
(قَوْلُهُ شَفَعَ) أَيْ ثُمَّ يَبْتَدِئُ صَلَاتَهُ حَضَرِيَّةً.
(قَوْلُهُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً) أَيْ وَإِلَّا قَطَعَهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا سَفَرِيَّةً) أَيْ إذَا لَمْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا وَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا أَعَادَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ تَمَامِهَا سَفَرِيَّةً مِثْلَ مَا أَحْرَمَ بِهَا أَعَادَ إلَخْ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ وَقَعَتْ مُسْتَجْمِعَةً لِلشَّرَائِطِ قَبْلَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلْإِعَادَةِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَرَدُّدٍ قَبْلَهَا فِي الْإِقَامَةِ وَعَدَمِهَا فَإِذَا جَزَمَ بِالْإِقَامَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَعَلَّهُ كَانَ عِنْدَ نِيَّتِهِ الصَّلَاةَ سَفَرِيَّةً عِنْدَهُ تَرَدُّدٌ فِي الْإِقَامَةِ وَعَدَمِهَا فَاحْتِيطَ لَهُ بِالْإِعَادَةِ
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُسَافِرُ ذَا فَضْلٍ أَوْ سِنٍّ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَنَقَلَهُ ح عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَذَكَرَ طفى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الْكَرَاهَةِ وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رَجَحَ.
(قَوْلُهُ لِمُخَالَفَةِ الْمُسَافِرِ سُنَّتَهُ) أَيْ وَهُوَ الْقَصْرُ وَالْكَرَاهَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْقَصْرِ آكَدُ مِنْ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْجَمَاعَةِ آكَدُ فَلَا كَرَاهَةَ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ كَمَا فِي النَّقْلِ) اسْتَشْكَلَ إتْمَامَهُ مَعَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَأَنْ أَتَمَّ وَمَأْمُومُهُ إلَخْ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ نَوَى الْقَصْرَ وَأَتَمَّ عَمْدًا وَمَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا إلَخْ وَأَجَابَ طفى بِأَنَّ نِيَّتَهُ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ وَمُخَالَفَةُ فِعْلِهِ لِتِلْكَ النِّيَّةِ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَتَارَةً يَلْغُونَهُ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَهُ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَرَّ عَلَى قَوْلٍ فَمَرَّ هُنَا عَلَى اغْتِفَار مُخَالَفَةِ الْفِعْلِ لِلنِّيَّةِ لِأَجْلِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَفِيمَا يَأْتِي مَرَّ عَلَى عَدَمِ اغْتِفَارِ مُخَالَفَةِ النِّيَّةِ وَلَا مُعَارَضَةَ مَعَ الِاخْتِلَافِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ إنْ أَدْرَكَ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَبِعَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ فَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مُطْلَقًا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً وَأَمَّا إنْ نَوَى الْقَصْرَ فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَلَا يُتِمُّ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِ فِي أَخِيرَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ سَوَاءٌ نَوَى الْقَصْرَ أَوْ الْإِتْمَامَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعِدْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي صَلَاةِ إمَامِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِعَادَةُ إلَخْ) قَدْ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الْقَوْلَ هُنَا بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْإِعَادَةِ قَالَ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ فَضِيلَةٌ وَالْقَصْرَ سُنَّةٌ وَالْفَضِيلَةُ لَا تَسُدُّ لَهُ مَسَدَّ السُّنَّةِ
(قَوْلُهُ عَنْ كَوْنِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ عَنْ كَوْنِ الْمُسَافِرِ يَقْصُرُ) كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَمِثْلُهُ فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ مَالِكٍ فَقَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ الصَّوَابُ أَنَّ السَّهْوَ هُنَا إنَّمَا هُوَ عَنْ السَّفَرِ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
(قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ) أَيْ فِي السُّجُودِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ بِالسُّجُودِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ إلَخْ) هَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَرَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ لَكَانَ عَلَيْهِ فِي عَمْدِهِ أَنْ يُعِيدَ أَبَدًا وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالْأَصَحِّ لِكَلَامِ سَحْنُونٍ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا) أَيْ بِالْإِعَادَةِ.
(قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ) فِي جَامِعِ ابْنِ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْوَقْتُ فِي ذَلِكَ النَّهَارُ كُلُّهُ وَقَالَ الْأَبْيَانِيُّ الْوَقْتُ فِي
فِي عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَسُجُودُ السَّهْوِ مَعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ (إنْ تَبِعَهُ فِي الْإِتْمَامِ) .
(وَإِلَّا) يَتْبَعُهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ إمَامَهُ (كَأَنْ قَصَرَ) الْمُسَافِرُ صَلَاتَهُ (عَمْدًا) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْجَهْلَ وَالتَّأْوِيلَ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ وَلَوْ سَهْوًا فَتَبْطُلُ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ (وَ) الْمُقْصِرُ (السَّاهِي) عَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ مُطْلَقًا (كَأَحْكَامِ السَّهْوِ) الْحَاصِلُ لِلْمُقِيمِ يُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ طَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ وَإِنْ قَرُبَ جَبَرَهَا وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَعَادَ بِالْوَقْتِ كَمُسَافِرٍ أَتَمَّ (وَكَأَنْ أَتَمَّ) الْمُسَافِرُ (وَ) تَبِعَهُ (مَأْمُومُهُ) فِي الْإِتْمَامِ أَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ (بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ عَمْدًا) مَعْمُولُ أَتَمَّ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَأْمُومِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ نِيَّةِ الْقَصْرِ (وَ) إنْ أَتَمَّ (سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) وَأَوْلَى تَأْوِيلًا وَقَدْ نَوَى الْقَصْرَ (فَفِي الْوَقْتِ) وَالتَّأْوِيلُ هُنَا هُوَ مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ أَوْ أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ
(وَ) إنْ قَامَ الْإِمَامُ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لِلْإِتْمَامِ بَعْدَ نِيَّةِ الْقَصْرِ (سَبَّحَ مَأْمُومُهُ) إنْ عَلِمَ بِسَهْوِهِ أَوْ جَهْلِهِ فَإِنْ رَجَعَ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَصَحَّتْ (وَ) إنْ تَمَادَى (لَا يَتْبَعُهُ) بَلْ يَجْلِسُ لِفَرَاغِهِ مُقِيمًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا (وَسَلَّمَ) مَأْمُومُهُ (الْمُسَافِرُ بِسَلَامِهِ وَأَتَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُسَافِرِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ سَلَامِهِ (أَفْذَاذًا) لَا مُؤْتَمِّينَ بِغَيْرِهِ لِامْتِنَاعِ إمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ (وَأَعَادَ) الْإِمَامُ (فَقَطْ بِالْوَقْتِ) الضَّرُورِيِّ دُونَ الْمَأْمُومِينَ إذْ لَا خَلَلَ فِي صَلَاتِهِمْ لِعَدَمِ اتِّبَاعِهِمْ لَهُ.
(وَإِنْ) دَخَلَ مُصَلٍّ مَعَ قَوْمٍ (ظَنَّهُمْ سَفْرًا) بِسُكُونِ الْفَاءِ اسْمُ جَمْعٍ لِسَافِرٍ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ (فَظَهَرَ خِلَافُهُ) وَأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ (أَعَادَ أَبَدًا إنْ كَانَ) الدَّاخِلُ (مُسَافِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ إمَامَهُ لِأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ خَالَفَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا وَإِنْ أَتَمَّ فَقَدْ خَالَفَهُ نِيَّةً وَفَعَلَ خِلَافَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ هَذَا إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ احْتِمَالُ الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَدْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ يُوجِبُ الْبُطْلَانَ وَمَفْهُومُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
ذَلِكَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ.
(قَوْلُهُ فِي عَمْدِهِ) أَيْ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا وَقَوْلُهُ وَسَهْوِهِ أَيْ إذَا نَوَاهُ سَهْوًا.
(قَوْلُهُ إنْ تَبِعَهُ فِي الْإِتْمَامِ) أَيْ بِأَنْ نَوَى الْمَأْمُومُ الْإِتْمَامَ كَمَا نَوَاهُ إمَامُهُ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا يَتْبَعُهُ) بِأَنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ ظَانًّا أَنَّ إمَامَهُ أَحْرَمَ كَذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ نَوَى الْإِتْمَامَ فَلَمْ يَتْبَعْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِمَامِ نِيَّةً وَفِعْلًا.
(قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا وَقَصَرَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا.
(قَوْلُهُ وَالسَّاهِي إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا ثُمَّ قَصَرَهَا سَهْوًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُقِيمِ يُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا (قَوْلُهُ وَكَأَنْ أَتَمَّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ قَصَرَ عَمْدًا وَهَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّهُ فِي السَّابِقَةِ نَوَى الْإِتْمَامَ ثُمَّ قَصَرَ وَهُنَا نَوَى الْقَصْرَ ثُمَّ أَتَمَّ ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا أَتَمَّ كَالْإِمَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَبْطُلُ مُطْلَقًا أَتَمَّ أَمْ لَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَلِذَا خَبَطَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ أَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ أَقِفْ فِي الْقَصْرِ إلَّا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: الْفَرْضِيَّةُ وَالسُّنِّيَّةُ وَالِاسْتِحْبَابُ وَالْإِبَاحَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ بْن وَقَدْ يُقَالُ لَعَلَّ الشَّارِحَ أَرَادَ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ فَفِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ كَانَ يَرَى أَنَّ الْقَصْرَ مُقَيَّدٌ بِالْخَوْفِ مِنْ الْكُفَّارِ كَمَا فِي الْآيَةِ وَكَانَتْ عَائِشَةُ لَا تَقْصُرُ وَرُبَّمَا احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَجَمِيعُ الْأَرْضِ وَطَنٌ لَهَا فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ سَبَّحَ مَأْمُومُهُ) أَيْ تَسْبِيحًا يَحْصُلُ بِهِ التَّنْبِيهُ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْإِشَارَةِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّسْبِيحِ كَمَا قِيلَ فَإِنْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ التَّسْبِيحَ فَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَاشِرٍ الْبُطْلَانَ حَمْلًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْخَامِسَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ لَمْ يُكَلِّمْهُ عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ وَتَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ اتِّبَاعٍ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُكَلِّمُهُ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ كَلَّمَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ لَمْ يَتْبَعْهُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَتْبَعُهُ) أَيْ فَإِنْ تَبِعَهُ فَهَلْ تَبْطُلُ أَوْ لَا وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عبق جَرْيُهُ عَلَى حُكْمِ قِيَامِ الْإِمَامِ لِخَامِسَةٍ وَتَيَقَّنَ الْمَأْمُومُ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا مِنْ أَنَّهُ إذَا تَبِعَهُ فِيهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بِلَا تَأْوِيلٍ فَالْبُطْلَانُ وَإِنْ تَبِعَهُ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا فَلَا تَبْطُلُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا) أَيْ مُسَافِرِينَ فَنَوَى الْقَصْرَ وَدَخَلَ مَعَهُمْ.
(قَوْلُهُ اسْمُ جَمْعٍ لِسَافِرٍ) أَيْ بِمَعْنَى مُسَافِرٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ لِسَافِرٍ لَا جَمْعٌ لَهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ فَعْلًا لَا يَكُونُ جَمْعًا لِفَاعِلٍ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْأَخْفَشُ فَهُوَ جَمْعٌ لَهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ لَيْسَ اسْمُ جَمْعٍ لِمُسَافِرٍ وَلَا جَمْعًا لَهُ.
(قَوْلُهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ بَلْ ظَهَرَ مَا يُوَافِقُ ظَنَّهُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ) هَذَا هُوَ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وح وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ يَصْدُقُ بِالصِّحَّةِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ مَا إذَا ظَهَرَتْ الْمُوَافَقَةُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ ذَلِكَ الدَّاخِلَ.
(قَوْلُهُ خَالَفَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الدَّاخِلَ الَّذِي نَوَى الْقَصْرَ وَسَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَالْإِمَامُ نَوَى الْإِتْمَامَ وَسَلَّمَ مِنْ أَرْبَعٍ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَتَمَّ) أَيْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ الَّذِي نَوَى الْقَصْرَ (قَوْلُهُ وَفَعَلَ خِلَافَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ) أَيْ فَهُوَ كَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ وَأَتَمَّ عَمْدًا.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ) أَيْ بِأَنْ ذَهَبُوا حِينَ سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَدْرِ أَهِيَ صَلَاتُهُمْ أَوْ أَخِيرَتَا تَامَّةٍ.
(قَوْلُهُ احْتِمَالُ حُصُولِ الْمُخَالَفَةِ) أَيْ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ مُوَافَقَةَ الْجَمَاعَةِ لَهُ
أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّاخِلُ مُقِيمًا لَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَلَا يَضُرُّهُ كَوْنُهُمْ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْإِمَامِ نِيَّةً وَفِعْلًا (كَعَكْسِهِ) وَهُوَ أَنْ يَظُنَّهُمْ مُقِيمِينَ فَيَنْوِيَ الْإِتْمَامَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَرَ لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ وَأَمَّا إنْ أَتَمَّ فَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ الصِّحَّةَ كَاقْتِدَاءِ مُقِيمٍ بِمُسَافِرٍ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَتَبَيَّنَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ لَمْ يُغْتَفَرْ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُقِيمِ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى الْمُخَالَفَةِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَاغْتُفِرَ لَهُ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ مُقِيمًا صَحَّتْ وَلَا إعَادَةَ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ
(وَفِي) صَلَاةِ الْمُسَافِرِ إنْ دَخَلَ عَلَى (تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ) مَعًا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا بِأَنْ نَوَى صَلَاةَ الظُّهْرِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِنِيَّةِ قَصْرٍ أَوْ إتْمَامٍ (تَرَدُّدٌ) فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ وَعَلَى الصِّحَّةِ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَقِيلَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةٌ لَا بِعَيْنِهَا أَيْ أَنَّهُ إنْ صَلَّاهَا أَرْبَعًا أَجْزَأَ وَإِنْ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ أَجْزَأَ وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْقَصْرِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ بِخِلَافِهَا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ فَلَا يَلْزَمُ
(وَنُدِبَ) لِلْمُسَافِرِ (تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ) أَيْ الرُّجُوعُ لِوَطَنِهِ بَعْدَ قَضَاءِ وَطَرِهِ وَاسْتِصْحَابِ هَدِيَّةٍ بِقَدْرِ حَالِهِ (وَالدُّخُولُ ضُحًى) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي السُّرُورِ وَيُكْرَهُ لَيْلًا فِي حَقِّ ذِي زَوْجَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي كَوْنِهِمْ مُسَافِرِينَ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ صَحِيحَةً وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ مُقِيمُونَ فَيَلْزَمُ إمَّا مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ نِيَّةً وَفِعْلًا إنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ أَتَمَّ يَلْزَمُ مُخَالَفَتُهُ لِإِمَامِهِ نِيَّةً وَمُخَالَفَةُ نِيَّتِهِ لِفِعْلِهِ.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّاخِلُ) أَيْ الَّذِي ظَنَّهُمْ مُسَافِرِينَ مُقِيمًا فَنَوَى الْإِتْمَامَ وَدَخَلَ مَعَهُمْ فَظَهَرَ خِلَافُ مَا ظَنَّ وَأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ.
(قَوْلُهُ كَعَكْسِهِ) تَشْبِيهٌ فِي الْإِعَادَةِ أَبَدًا إنْ كَانَ ذَلِكَ الدَّاخِلُ مُسَافِرًا (قَوْلُهُ فَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ الصِّحَّةَ) أَيْ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ.
(قَوْلُهُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ) أَيْ الَّذِي ظَنَّهُمْ مُقِيمِينَ فَظَهَرَ خِلَافُهُ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمَأْمُومَ هُنَا لَمَّا خَالَفَ سُنَّتَهُ وَهُوَ الْقَصْرُ وَعَدَلَ إلَى الْإِتْمَامِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْإِمَامَ مُتِمٌّ كَانَتْ نِيَّتُهُ مُعَلَّقَةً فَكَأَنَّهُ نَوَى الْإِتْمَامَ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مُتِمًّا وَقَدْ ظَهَرَ بُطْلَانُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَبْطُلُ الْمُعَلَّقُ وَهُوَ نِيَّتُهُ الْإِتْمَامَ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ نَاوٍ الْإِتْمَامَ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ) أَيْ فِي الْإِتْمَامِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُغْتَفَرْ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ فِي الْفِعْلِ وَالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُقِيمِ) أَيْ الَّذِي اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ) أَيْ مَعَ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَنَّهُمْ مُقِيمِينَ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ
(قَوْلُهُ تَرَدَّدَ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ) أَيْ سَوَاءٌ صَلَّاهَا حَضَرِيَّةً أَوْ سَفَرِيَّةً هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ إنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ إنْ صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً وَإِلَّا صَحَّتْ اتِّفَاقًا قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ فِي أَوَّلِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ لَهُ نِيَّةُ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى الصِّحَّةِ فِيمَا بَعْدُ إذَا قَصَرَ لِأَنَّ نِيَّةَ الْقَصْرِ قَدْ انْسَحَبَتْ عَلَيْهِ فَهِيَ مَوْجُودَةٌ حُكْمًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ فِي أَوَّلِ صَلَاةٍ ثُمَّ تَرَكَ نِيَّةَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ فِيمَا بَعْدَهَا وَأَتَمَّ (قَوْلُهُ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا) أَيْ وَهُوَ مَا قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْوَاجِبُ إلَخْ) الْأَوْضَحُ وَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي إتْمَامِهَا وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ لَا بِعَيْنِهَا وَهَذَا الْقَوْلُ لِلَّخْمِيِّ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ) أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ صَحِيحَةً اتِّفَاقًا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي أَوَّلِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي السَّفَرِ وَالْحَقُّ مَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ) أَيْ مُكْثُهُ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ خِلَافُ الْمَنْدُوبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لَيْلًا فِي حَقِّ ذِي زَوْجَةٍ) فَفِي مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَطْلُبُ عَثَرَاتِهِمْ» وَالطُّرُوقُ هُوَ الدُّخُولُ مِنْ بُعْدٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ خَرَجَ لِلسَّفَرِ أَنْ يَذْهَبَ لِإِخْوَانِهِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَيَأْخُذُ خَاطِرَهُمْ وَأَمَّا إذَا قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ فَالْمُسْتَحَبُّ لِإِخْوَانِهِ أَنْ يَأْتُوا إلَيْهِ وَيُسَلِّمُوا عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا يَقَعُ مِنْ قِرَاءَةِ