المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الشرط الثالث وهو ستر العورة] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ١

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ]

- ‌[شُرُوط الْوُضُوء]

- ‌(فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌[فَضَائِل الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]

- ‌(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مَنْدُوبَات الْغُسْل]

- ‌[صفة الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَمَسْحِ الْجَوْرَب]

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوط الْمَاسِح عَلَى الْخَفّ]

- ‌[مُبْطِلَات الْمَسْح عَلَى الْخَفّ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ

- ‌[شَرَائِط جَوَازِ التَّيَمُّم]

- ‌[مُوجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[وَاجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[سُنَن التَّيَمُّم]

- ‌[فَضَائِل التَّيَمُّم]

- ‌[مُبْطِلَات التَّيَمُّم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ

- ‌[شَرْط الْمَسْح عَلَى الْجُرْح]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌[بَيَان الْحَيْض وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌ مَوَانِعَ الْحَيْضِ

- ‌[بَيَان النِّفَاس وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْأَذَان وَمَنْدُوبَاته]

- ‌[مِنْ يَجُوز لَهُ الْأَذَان]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الشَّرْط الْأَوَّل وَالثَّانِي طَهَارَة الْحَدَث وَالْخَبَث]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌(فَصْلُ) (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌ مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا]

- ‌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ

- ‌[فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ]

- ‌[تَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ]

- ‌[تَرْتِيب الْفَوَائِت فِي أنفسها وَيَسِيرهَا مَعَ حَاضِرَة]

- ‌[مَا تَبْرَأ بِهِ الذِّمَّة عِنْد جَهْل الْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌ فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

- ‌[مِنْ تكره إمَامَته]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ

- ‌[فَصَلِّ الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[صِحَّة الِاسْتِخْلَاف]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌[الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْت وَأَسْبَاب الْجَمْع]

- ‌[صفة الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[سُنَن الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[الْأَعْذَار الْمُبِيحَة لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌[سُنَن صَلَاة الْعِيد]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد]

- ‌[كَيْفِيَّة أَدَاء صَلَاة الْعِيد وَمَنْدُوبَاتهَا]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامَ الْمَوْتَى]

- ‌[كَيْفِيَّة تَغْسِيل الْمَيِّت]

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ]

- ‌[مَنْدُوبَاتِ غُسْلِ الْمَيِّت]

- ‌ مُسْتَحَبَّاتِ الْكَفَنِ

- ‌ مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ

- ‌ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ

- ‌(زِيَارَةُ الْقُبُورِ)

- ‌[مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ]

- ‌[بَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[زَكَاةِ النَّعَمِ]

- ‌ زَكَاةِ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةُ النَّقْد]

- ‌[زَكَاة نَمَاءِ الْعَيْنِ]

- ‌ بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ

- ‌ زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ

- ‌[فَصْلٌ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌[جنس الصَّاع فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ الصِّيَامِ]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ

- ‌[شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار]

- ‌[أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْجَائِزَاتِ لِلصَّائِمِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]

- ‌[الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَا يَنْدُبُ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ]

- ‌ مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ

الفصل: ‌[فصل الشرط الثالث وهو ستر العورة]

كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ وَفَاته الْوَسِيطَانِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ فِي الرَّابِعَةِ قَضَى الْوُسْطَيَيْنِ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَالرَّابِعَةَ قَضَى الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَلَا يَجْلِسُ وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ قَدَّمَ الْبِنَاءَ فَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ وَيَجْلِسُ.

هَذَا (فَصْلٌ) فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَافْتَتَحَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى لِسَانِ سَائِلٍ سَأَلَهُ وَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ خِلَافٌ فَقَالَ (هَلْ سَتْرُ عَوْرَتِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي الْمُكَلَّفِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ صَلَّى عُرْيَانًا (بِكَثِيفٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا يَشِفُّ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ بِأَنْ لَا يَشِفَّ أَصْلًا أَوْ يَشِفَّ بَعْدَ إمْعَانِ النَّظَرِ وَخَرَجَ بِهِ مَا يَشِفُّ فِي بَادِئِ النَّظَرِ فَإِنَّ وُجُودَهُ كَالْعَدَمِ وَأَمَّا مَا يَشِفُّ بَعْدَ إمْعَانِ نَظَرٍ فَيُعِيدُ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ كَالْوَاصِفِ (وَإِنْ) كَانَ السَّتْرُ بِهِ حَاصِلًا (بِإِعَارَةٍ) بِلَا طَلَبٍ (أَوْ طَلَبٍ) بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِعَارَةٍ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ بُخْلُهُمْ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

غَيْرِ تَكْبِيرٍ لِأَنَّ جُلُوسَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ وَإِنَّمَا جَلَسَ مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ ذَكَرَهُ بْن نَقْلًا عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا) أَيْ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ جَلَسَ فِيهَا فِي ثَانِيَتِهِ وَالْحَالُ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: قَضَى الْوُسْطَيَيْنِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ جَعْلَهُمَا قَضَاءً مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ بَعْدَهُمَا وَقَدْ جَعَلَهُمَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلْأُولَى الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهُمَا وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا قَوْلُ عج وَأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ عَدَمِ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ أُولَاهُمَا وَإِنْ كَانَتْ ثَانِيَةً لِإِمَامِهِ لَكِنَّهَا ثَالِثَةٌ لَهُ فِي الْفِعْلِ وَالْمَأْمُومُ لَا يَجْلِسُ إلَّا فِي رَابِعَةِ إمَامِهِ كَانَتْ ثَانِيَةً لَهُ أَوْ لَا أَوْ فِي ثَانِيَتِهِ هُوَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَةً لِإِمَامِهِ وَلَا أَخِيرَةً لَهُ وَأَمَّا ثَانِيَةُ إمَامِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَانِيَةً لَهُ فَلَا يَجْلِسُ فِيهَا (قَوْلُهُ: قَضَى الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ وَلَا يَجْلِسُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ جَعْلَهُمَا قَضَاءً مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَذْهَبُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الْأُولَى قَضَاءٌ وَالثَّالِثَةَ بِنَاءٌ فَالْأُولَى لَا إشْكَالَ فِي كَوْنِهَا قَضَاءً وَالْخِلَافُ فِي الثَّالِثَةِ فَجَعَلَهُمَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلثَّانِيَةِ الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا وَالْمُدَوَّنَةُ جَعَلَتْهَا قَضَاءً نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ بَعْدَهَا وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّابِعَةَ بِنَاءٌ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ فَجَعَلَهَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا وَجَعَلَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَضَاءً نَظَرًا لِلْمُدْرَكَةِ بَعْدَهَا فَاجْتِمَاعُ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ.

[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

(فَصْلٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ)(قَوْلُهُ: هَلْ سَتْرُ) هُوَ هُنَا بِفَتْحِ السِّينِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَأَمَّا السِّتْرُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مَا يُسْتَتَرُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهَا) أَيْ إنْ عَجَزَ عَنْ سَتْرِ كُلِّهَا وَلَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى سَتْرِ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ صَلَّى عُرْيَانًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا صَلَّى بِلَا وُضُوءٍ فَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ أَبَدًا أَيْ نَدْبًا وَقَالَ أَصْبَغُ يُعِيدُ بِالْقُرْبِ لَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: مَا لَا يَشِفُّ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ) أَيْ مَا لَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْعَوْرَةُ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ مَا يَشِفُّ) أَيْ مَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْعَوْرَةُ فِي بَادِي النَّظَرِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ وُجُودَهُ كَالْعَدَمِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِيهِ أَبَدًا (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ إنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ صَحِيحَةٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ كَالْوَاصِفِ لِلْعَوْرَةِ الْمُحَدِّدِ لَهَا هَذَا هُوَ الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ عج وَارْتَضَاهُ بْن وَهُوَ الظَّاهِرُ لَا مَا فِي طفى أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْرِيمِ وَالْإِعَادَةَ أَبَدِيَّةٌ وَلَا مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ ابْنِ عبق مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيمَا يَشِفُّ مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَظْهَرُ مِنْهُ لِلتَّأَمُّلِ أَوْ لِغَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَاعْتَمَدَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ بِالثَّوْبِ الشَّفَّافِ فِيهِ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ فَقِيلَ إنَّهُ كَالْعَدَمِ وَيُعِيدُ أَبَدًا كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَظْهَرُ مِنْهُ لِلْمُتَأَمِّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَقِيلَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْعَوْرَةُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَمَا تَظْهَرُ مِنْهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّأَمُّلِ فَتَصِحُّ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِإِعَارَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ السَّتْرُ بِهِ حَاصِلًا مِنْ غَيْرِ إعَارَةٍ لِوُجُودِهِ عِنْدَهُ بَلْ وَإِنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِلَا طَلَبٍ) أَيْ فَإِذَا أَعَارَهُ لَهُ صَاحِبُهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْمِنَّةُ وَذَلِكَ لِقِلَّةِ سَبَبِ الْمَانِّيَّةِ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْإِعَارَةَ بِعَدَمِ الطَّلَبِ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ فِيهِ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ. وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبٍ) أَيْ أَوْ كَانَ السَّتْرُ بِهِ حَاصِلًا بِطَلَبٍ بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِعَارَةٍ فَيَلْزَمُ الْمُصَلِّيَ أَنْ يَطْلُبَ السَّاتِرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِإِعَارَةٍ أَوْ بِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مُعْتَادٍ كَالْمَاءِ لَا يَحْتَاجُ لَهُ لَا بِهِبَةٍ

ص: 211

(أَوْ) كَانَ حَاصِلًا (نَجِسٌ وَحْدَهُ) أَيْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ إذَا كَانَ نَجِسَ الذَّاتِ كَجِلْدِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَأَوْلَى مِنْ الْمُتَنَجِّسِ (كَحَرِيرٍ) فَإِنَّهُ يَسْتَتِرُ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِلضَّرُورَةِ فِيهِمَا (وَهُوَ) أَيْ الْحَرِيرُ (مُقَدَّمٌ) عَلَى النَّجِسِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الصَّلَاةَ بِخِلَافِ النَّجِسِ (شَرْطٌ) خَبَرُ قَوْلِهِ سَتْرُ (إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِخَلْوَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِخَلْوَةٍ) لَكِنَّ الرَّاجِحَ التَّقْيِيدُ بِالْقُدْرَةِ فِي فَقَطْ، فَمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا نَاسِيًا أَعَادَ أَبَدًا. (لِلصَّلَاةِ) تُنَازِعُهُ سَتْرٌ وَشَرْطٌ، أَيْ هَلْ السَّتْرُ لِلصَّلَاةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا فَتَبْطُلُ بِتَرْكِهِ أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَيَأْثَمُ تَارِكُهُ عَمْدًا وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَالْعَاجِزِ وَالنَّاسِي بِلَا إثْمٍ (خِلَافٌ) وَالْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ أَوْ النَّدْبِ ضَعِيفٌ لَمْ يَدْخُلْ فِي كَلَامِهِ وَالْخِلَافُ فِي الْمُغَلَّظَةِ وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ السَّوْأَتَانِ وَهُمَا مِنْ الْمُقَدَّمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ، وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ مَا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَيُعِيدُ مَكْشُوفَ الْأَلْيَتَيْنِ وَالْعَانَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِوَقْتٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِعِظَمِ مَانِّيَّتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ حَاصِلًا بِنَجِسٍ) أَيْ أَوْ كَانَ السَّتْرُ بِالْكَثِيفِ حَاصِلًا بِنَجِسٍ أَيْ مُتَحَقِّقًا فِي السَّتْرِ بِنَجِسٍ وَقَوْلُهُ وَحْدَهُ حَالٌ مِنْ نَجِسٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ النَّجِسِ مُتَوَعَّدًا فِي الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: كَجِلْدِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَتِرَ بِمَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا وَيَكُونُ هَذَا مُخَصِّصًا لِمَا سَبَقَ مِنْ مَنْعِ الِانْتِفَاعِ بِذَاتِ النَّجَاسَةِ قَالَهُ شب (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مِنْ الْمُتَنَجِّسِ) أَيْ إنَّهُ أَوْلَى مِنْ نَجِسِ الذَّاتِ فِي وُجُوبِ الِاسْتِتَارِ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا وَأَوْلَى مِنْهُمَا الْحَشِيشُ وَالْمَاءُ لِمَنْ فَرْضُهُ الْإِيمَاءُ وَإِلَّا فَالرُّكْنُ مُقَدَّمٌ وَأَمَّا الطِّينُ فَقَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَجَبَ الِاسْتِتَارُ بِهِ بِأَنْ يَتَمَعَّكَ بِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ بِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِلسُّقُوطِ وَيُكَبِّرُ الْجُرْمَ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَهَذَا الثَّانِي أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَحَرِيرٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِتَارِ بِهِ أَوْ بِالنَّجِسِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمُقَابِلُهُ مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي عُرْيَانًا وَلَا يُصَلِّي بِالْحَرِيرِ وَلَا بِالنَّجِسِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّجِسِ) أَيْ وَكَذَا عَلَى الْمُتَنَجِّسِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُقَدَّمُ كُلٌّ مِنْ النَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسِ عَلَى الْحَرِيرِ لِأَنَّ الْحَرِيرَ يُمْنَعُ لُبْسُهُ مُطْلَقًا وَالنَّجِسُ إنَّمَا يُمْنَعُ لُبْسُهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّجِسِ فِي قَوْلِهِ وَيَنْتَفِعُ بِمُتَنَجِّسٍ لَا نَجِسٍ وَالْمَمْنُوعُ فِي حَالَةٍ أَوْلَى مِنْ الْمَمْنُوعِ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا تَقْدِيمُ الْمُتَنَجِّسِ عَلَى النَّجِسِ لِأَنَّ تَقْلِيلَ النَّجَاسَةِ مَطْلُوبٌ مَعَ الْإِمْكَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الصَّلَاةَ) أَيْ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَشَأْنُ الطَّاهِرِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ دُونَ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) أَيْ فَإِنْ صَلَّى عُرْيَانًا نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا صَحَّتْ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ طفى تَعَقَّبَ الْمُصَنِّفَ فَقَالَ إنَّهُ تَبِعَ ابْنَ عَطَاءِ اللَّهِ فِي تَقْيِيدِهِ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالذِّكْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُعِيدُ أَبَدًا مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا نَاسِيًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ وَقَدْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِأَنَّهُ شَرْطٌ مَعَ الْقُدْرَةِ ذَاكِرًا أَوْ نَاسِيًا وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ اهـ قَالَ ابْنُ قَلْبٍ فِي ح عَنْ الطِّرَازِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ هُوَ فَرْضٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ حَتَّى إذَا صَلَّى مَكْشُوفًا مَعَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا آثِمًا اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ تَعَقُّبَهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ غَيْرُهُ كُلُّ ذَلِكَ قُصُورٌ اهـ كَلَامُ بْن فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ شَرْطُ صِحَّةٍ مُقَيَّدٌ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَبِالْقُدْرَةِ فَقَطْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَالْمُصَلِّي عُرْيَانًا نَاسِيًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي وَالرَّاجِحُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِمَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَاعْلَمْ أَنَّ سُقُوطَ السَّاتِرِ لَيْسَ مِنْ الْعَجْزِ فَيَرُدُّهُ فَوْرًا بَلْ الْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ) هَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَعَلَيْهِ فَالْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِالشَّرْطِ فَيُعِيدُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ مَعَ عَدَمِ أَحَدِهِمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: كَالْعَاجِزِ وَالنَّاسِي) أَيْ كَإِعَادَةِ الْعَاجِزِ وَالنَّاسِي (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ شَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ قَائِلًا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي شَهَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَكِنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ فَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَابْنِ بُكَيْر وَالْأَبْهَرِيِّ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالنَّدْبِ فَنَقَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ عَنْ اللَّخْمِيِّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَنَصُّ الْمَوَّاقُ ابْنُ شَاسٍ السَّتْرُ وَاجِبٌ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَهَلْ يَجِبُ فِي الْخَلَوَاتِ أَوْ يُنْدَبُ قَوْلَانِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ فِي الْخَلَوَاتِ فَهَلْ يَجِبُ لِلصَّلَاةِ فِي الْخَلْوَةِ أَوْ يُنْدَبُ لَهَا فِيهَا؟ ذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ فِي كَلَامِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْهِرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْمُغَلَّظَةُ الَّتِي تُعَادُ الصَّلَاةُ لِكَشْفِهَا أَبَدًا عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ) أَيْ وَهُوَ فَمُ الدُّبُرِ وَيُسَمَّى مَا ذَكَرَ بِالسَّوْأَتَيْنِ لِأَنَّ كَشْفَهُمَا يَسُوءُ الشَّخْصَ وَيُدْخِلُ عَلَيْهِ الْأَحْزَانَ (قَوْلُهُ: بِوَقْتٍ)

ص: 212

وَمِنْ أَمَةٍ الْأَلْيَتَانِ وَالْفَرْجُ وَمَا وَالَاهُ وَمِنْ حُرَّةٍ مَا عَدَا صَدْرَهَا وَأَطْرَافَهَا وَلَيْسَ مِنْهَا السَّاقُ عَلَى الظَّاهِرِ بَلْ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ الْعَوْرَةَ الشَّامِلَةَ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَلِلرُّؤْيَةِ إجْمَالًا فَقَالَ (وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ) مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ مَحْرَمِهِ (وَ) مِنْ (أَمَةٍ) مَعَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (وَإِنْ) كَانَتْ الْأَمَةُ (بِشَائِبَةٍ) مِنْ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ (وَ) مِنْ (حُرَّةٍ مَعَ امْرَأَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَوْ كَافِرَةً (مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ لِأَنَّ الْأَلْيَتَيْنِ وَالْعَانَةَ مِنْ الْعَوْرَةِ الْمُخَفَّفَةِ لَا الْمُغَلَّظَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي كَشْفِ الْفَخِذِ وَلَوْ عَمْدًا لَا بِوَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَكَذَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ عج كَشْفُ مَا فَوْقَ الْعَانَةِ لِلسُّرَّةِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْعَوْرَةِ الْمُخَفَّفَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَمَةٍ) عَطْفٌ عَلَى مِنْ رَجُلٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْأَلْيَتَانِ) أَيْ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ فَمِ الدُّبُرِ وَقَوْلُهُ وَمَا وَالَاهُ أَيْ مِنْ الْعَانَةِ وَأَمَّا الْفَخِذُ وَكَذَا مَا فَوْقَ الْعَانَةِ لِلسُّرَّةِ فَلَيْسَ مِنْ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ بَلْ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ فَتُعِيدُ لِكَشْفِهِ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا صَدْرَهَا) أَيْ وَكَذَا مَا حَاذَاهُ مِنْ ظَهْرِهَا أَعْنِي الْكَتِفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَطْرَافُهَا) أَيْ وَمَا عَدَا أَطْرَافَهَا وَهِيَ الذِّرَاعَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْعُنُقُ وَالرَّأْسُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ السَّاقُ بَلْ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ كَمَا أَنَّ صَدْرَهَا وَمَا حَاذَاهُ مِنْ أَكْتَافِهَا وَأَطْرَافِهَا مِنْ الْمُخَفَّفَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ مِنْ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ بَطْنُهَا وَمَا حَاذَاهُ وَمِنْ السُّرَّةِ لِلرُّكْبَةِ وَهِيَ خَارِجَةٌ فَدَخَلَ الْأَلْيَتَانِ وَالْفَخِذَانِ وَالْعَانَةُ وَمَا حَاذَى الْبَطْنَ مِنْ ظَهْرِهَا وَأَمَّا صَدْرُهَا وَمَا حَاذَاهُ مِنْ ظَهْرِهَا سَوَاءً كَانَ كَتِفًا أَوْ غَيْرَهُ وَعُنُقُهَا لِآخِرِ الرَّأْسِ وَرُكْبَتُهَا لِآخِرِ الْقَدَمِ فَعَوْرَةٌ مُخَفَّفَةٌ يُكْرَهُ كَشْفُهَا فِي الصَّلَاةِ وَتُعَادُ فِي الْوَقْتِ لِكَشْفِهَا وَإِنْ حُرِّمَ النَّظَرُ لِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ) أَرَادَ بِهِ الشَّخْصُ الذَّكَرُ وَلَوْ جِنِّيًّا فَعَوْرَتُهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ مَحْرَمِهِ) أَيْ مِنْ النِّسَاءِ وَأَمَّا عَوْرَتُهُ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ سَوَاءً كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَهِيَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ (قَوْلُهُ: بِشَائِبَةٍ) أَيْ مُلْتَبِسَةٌ بِشَائِبَةٍ (قَوْلُهُ: كَأُمِّ وَلَدٍ) أَيْ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُدَبَّرَةٍ قِيلَ فِي ذِكْرِهِ أُمَّ الْوَلَدِ نَظَرٌ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تُصَلِّي أُمُّ الْوَلَدِ إلَّا بِقِنَاعٍ كَالْحُرَّةِ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ صَدْرَهَا وَعُنُقَهَا عَوْرَةٌ لَا أَنَّ عَوْرَتَهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ سَتْرَهَا مَا زَادَ عَلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مَنْدُوبٌ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِأُمِّ وَلَدٍ وَصَغِيرَةٍ سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا هُوَ عَوْرَةٌ يَجِبُ سَتْرُهُ (قَوْلُهُ: مَعَ امْرَأَةٍ) رَاجِعٌ لِلْحُرَّةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْحُرَّةُ أَوْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً بَلْ وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي الْأَمَةِ وَأَمَّا الْحُرَّةُ الْكَافِرَةُ فَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةُ مَعَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ كَمَا فِي بْن لَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَقَوْلُ عبق مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ مَمْنُوعٌ بَلْ فِي شب حُرْمَةُ جَمِيعِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى

ص: 213

وَهُوَ بَيَانٌ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْأُولَيَيْنِ الشَّامِلَةِ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ فَإِذَا خِيفَ مِنْ أَمَةٍ فِتْنَةٌ وَجَبَ سَتْرُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا لِكَوْنِهَا عَوْرَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظِيرِهِ كَسَتْرِ وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدَيْهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَوْرَةَ يَحْرُمُ النَّظَرُ لَهَا وَلَوْ بِلَا لَذَّةٍ وَغَيْرِهَا إنَّمَا يَحْرُمُ لَهُ النَّظَرُ بِلَذَّةٍ وَعَطَفَ عَلَى مَعَ امْرَأَةٍ قَوْلُهُ (وَ) هِيَ مِنْ حُرَّةٍ (مَعَ) رَجُلٍ (أَجْنَبِيٍّ) مُسْلِمٍ (غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) مِنْ جَمِيعِ جَسَدِهَا حَتَّى قِصَّتِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ التَّلَذُّذُ وَأَمَّا مَعَ أَجْنَبِيٍّ كَافِرٍ فَجَمِيعُ جَسَدِهَا حَتَّى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَكَذَا الصَّلَاةُ (وَأَعَادَتْ) الْحُرَّةُ الصَّلَاةَ (لِ) كَشْفِ (صَدْرِهَا وَ) كَشْفِ (أَطْرَافِهَا) مِنْ عُنُقٍ وَرَأْسٍ وَذِرَاعٍ وَظَهْرِ قَدَمٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمِثْلُ الصَّدْرِ مَا حَاذَاهُ مِنْ الظَّهْرِ فِيمَا يَظْهَرُ (بِوَقْتٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْعَوْرَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَتُعِيدُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ أَبَدًا وَأَمَّا بُطُونُ الْقَدَمَيْنِ فَلَا إعَادَةَ لِكَشْفِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعَوْرَةِ كَفَخِذِ الرَّجُلِ وَمِثْلُ الْحُرَّةِ أُمُّ الْوَلَدِ (كَكَشْفِ أَمَةٍ فَخِذًا) فَتُعِيدُ لَهُ بِوَقْتٍ (لَا رَجُلٌ) فَلَا يُعِيدُ لِكَشْفِ فَخِذِهِ أَوْ فَخِذَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَوْرَةً لِخِفَّةِ أَمْرِهِ بِخِلَافِ الْأَلْيَتَيْنِ أَوْ بَعْضِهِمَا فَيُعِيدُ بِوَقْتٍ وَلِلسَّوْأَتَيْنِ أَبَدًا (وَ) مِنْ حُرَّةٍ (مَعَ) رَجُلٍ (مَحْرَمٍ) وَلَوْ بِصِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ (غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ) فَلَا يَجُوزُ نَظَرُ صَدْرٍ وَلَا ظَهْرٍ وَلَا ثَدْيٍ وَلَا سَاقٍ وَإِنْ لَمْ يُلْتَذَّ بِخِلَافِ الْأَطْرَافِ مِنْ عُنُقٍ وَرَأْسٍ وَظَهْرِ قَدَمٍ إلَّا أَنْ يَخْشَى لَذَّةً فَيَحْرُمُ ذَلِكَ لَا لِكَوْنِهِ عَوْرَةً كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْكَافِرَةِ لِئَلَّا تَصِفَهَا لِزَوْجِهَا الْكَافِرِ فَالتَّحْرِيمُ لِعَارِضٍ لَا لِكَوْنِهِ عَوْرَةً كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَيَانٌ لَهَا) أَيْ لِلْعَوْرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ فِي حَقِّ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرَى الْفَخِذَ مِنْ مِثْلِهِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ كَرَاهَةَ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ كَرَاهَةَ كَشْفِهِ مَعَ مَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ «فَقَدْ كَشَفَهُ صلى الله عليه وسلم بِحَضْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ سَتَرَهُ وَقَالَ أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْأُولَيَيْنِ) أَيْ وَأَمَّا عَوْرَةُ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَسَيَأْتِي يُشِيرُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَجَبَ سَتْرُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: كَسَتْرِ وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدَيْهَا) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ إذَا خِيفَ الْفِتْنَةُ بِكَشْفِهَا.

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَوْرَةَ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا وَلَوْ بِلَا لَذَّةٍ) هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَسْتُورَةٍ وَأَمَّا النَّظَرُ إلَيْهَا مَسْتُورَةً فَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ جَسِّهَا مِنْ فَوْقِ السَّاتِرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً فَإِنْ انْفَصَلَتْ فَلَا يَحْرُمُ جَسُّهَا (قَوْلُهُ: مَعَ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مُسْلِمٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ مِلْكَهَا (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) أَيْ وَأَمَّا هُمَا فَغَيْرُ عَوْرَةٍ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِمَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ظَاهِرِ الْكَفَّيْنِ وَبَاطِنِهِمَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْشَى بِالنَّظَرِ لِذَلِكَ فِتْنَةً وَأَنْ يَكُونَ النَّظَرُ بِغَيْرِ قَصْدِ لَذَّةٍ وَإِلَّا حَرُمَ النَّظَرُ لَهُمَا وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ سَتْرُ وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا وَهُوَ الَّذِي لِابْنِ مَرْزُوقٍ قَائِلًا إنَّهُ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَى الرَّجُلِ غَضُّ بَصَرِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ عِيَاضٍ وَفَصَلَ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْوَغْلِيسِيَّةِ بَيْنَ الْجَمِيلَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا وَغَيْرِهَا فَيُسْتَحَبُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ) أَيْ هَذَا عَوْرَتُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ الشَّامِلَةِ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ وَالْمُشَارِ إلَيْهِ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَتْ الْحُرَّةُ الصَّلَاةَ لِكَشْفِ صَدْرِهَا) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ: وَظَهْرَ قَدَمٍ) أَيْ وَكَذَلِكَ سَاقٌ وَنَهْدٌ (قَوْلُهُ: مَا حَاذَاهُ مِنْ الظَّهْرِ) أَيْ وَهُوَ الْكَتِفَانِ وَمَا تَحْتَهُمَا مِمَّا كَانَ غَيْرَ مُحَاذٍ لِلْبَطْنِ فَتُعِيدُ لِكَشْفِ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ مِثْلِ الْأَطْرَافِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِوَقْتٍ) الْمُرَادُ بِهِ الِاصْفِرَارُ فِي الظُّهْرَيْنِ وَإِلَى الْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتُعِيدُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ أَبَدًا) قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَعَادَتْ إلَخْ عَوْرَةُ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ حُكْمِهِ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لِكَشْفِ الْأَطْرَافِ أَنَّهَا عَوْرَةٌ مُخَفَّفَةٌ وَيُعْلَمُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ أَنَّ غَيْرَ الصَّدْرِ وَالْأَطْرَافِ وَهُوَ الْبَطْنُ لِلرُّكْبَةِ وَمَا حَاذَى ذَلِكَ مِنْ ظَهْرِهَا تُعِيدُ فِيهِ أَبَدًا لِكَوْنِهِ عَوْرَةً مُغَلَّظَةً (قَوْلُهُ: كَفَخِذِ الرَّجُلِ) أَيْ فَإِنَّهُ عَوْرَةٌ مُخَفَّفَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَا إعَادَةَ فِي كَشْفِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْحُرَّةِ أُمُّ الْوَلَدِ) أَيْ فِي كَوْنِهَا تُعِيدُ لِكَشْفِ صَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ (قَوْلُهُ: كَكَشْفِ أَمَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَقَوْلُهُ فَخِذَا أَيْ أَوْ فَخِذَيْنِ (قَوْلُهُ: لِخِفَّةِ أَمْرِهِ) أَيْ لِخِفَّةِ ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ بِخِلَافِهِ مِنْ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ مِنْهَا أَغْلَظُ وَأَفْحَشُ (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ بِوَقْتٍ) أَيْ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَتُعِيدُ فِيهِ أَبَدًا فَكُلُّ مَا أَعَادَ فِيهِ الرَّجُلُ أَبَدًا تُعِيدُ فِيهِ الْأَمَةُ كَذَلِكَ وَكُلُّ مَا أَعَادَ فِيهِ فِي الْوَقْتِ تُعِيدُ فِيهِ أَبَدًا وَمَا لَا يُعِيدُ فِيهِ تُعِيدُ فِيهِ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِصِهْرٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مَحْرَمِيَّتُهُ بِنَسَبٍ كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا وَابْنِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ بِصِهْرٍ كَزَوْجِ أُمِّهَا أَوْ ابْنَتِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ نَظَرُ صَدْرٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرَى مِنْ الْمَرْأَةِ الَّتِي مِنْ

ص: 214

(وَتَرَى) الْمَرْأَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً (مِنْ) الرَّجُلِ (الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ) الرَّجُلُ (مِنْ مَحْرَمِهِ) الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ إلَّا أَنْ تَخْشَى لَذَّةً (وَ) تَرَى (مِنْ الْمَحْرَمِ) وَلَوْ كَافِرًا (كَرَجُلٍ مَعَ مِثْلِهِ) مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (وَلَا تُطْلَبُ أَمَةٌ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ غَيْرُ أُمِّ وَلَدٍ (بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ) فِي الصَّلَاةِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّأْسِ فَمَطْلُوبٌ (وَنُدِبَ) لِغَيْرِ مُصَلٍّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (سَتْرُهَا) أَيْ الْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ (بِخَلْوَةٍ) حَيَاءً مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَكُرِهَ كَشْفُهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ السَّوْأَتَانِ وَمَا قَارَبَهُمَا مِنْ كُلِّ شَخْصٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَحَارِمِهِ صَدْرَهَا إلَخْ وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ رُؤْيَةَ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَذَلِكَ فُسْحَةٌ (قَوْلُهُ: وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ وَعَلَى هَذَا فَيَرَى الرَّجُلُ مِنْ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ أَمَةً أَكْثَرَ مِمَّا تَرَى مِنْهُ لِأَنَّهَا تَرَى مِنْهُ الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ فَقَطْ وَهُوَ يَرَى مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِأَنَّ عَوْرَةَ الْأَمَةِ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرَى مِنْ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ مِنْ مَحْرَمِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْأَطْرَافُ وَأَمَّا لَمْسُهَا ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ لَمْسُهَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ مِنْ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَجُوزُ لَهَا وَضْعُ يَدِهَا فِي يَدِهِ وَلَا وَضْعُ يَدِهَا عَلَى وَجْهِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ يَدِهِ فِي يَدِهَا وَلَا عَلَى وَجْهِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ فِيهِ النَّظَرُ لِلْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ يَجُوزُ مُبَاشَرَةُ ذَلِكَ مِنْهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ مُقَيَّدٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ أَيْ إنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ بِأَنْ كَانَ مَعَ رَجُلٍ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ مَحْرَمِهِ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ أُخِذَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ عَوْرَتَهُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ سَابِقًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ لَهُ لِاخْتِلَافِ مَوْضِعِهِمَا فَمَا سَبَقَ فِي الْعَوْرَةِ وَهَذَا فِي النَّظَرِ فَمَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ وَهِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ سَتْرُهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ النَّظَرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَطْلُبُ أَمَةٌ إلَخْ) لَمَّا قَدَّمَ تَحْدِيدَ عَوْرَةِ الْأَمَةِ الْوَاجِبِ سَتْرُهَا أَشَارَ لِحُكْمِ مَا عَدَاهَا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ) أَيْ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَيُنْدَبُ لَهَا تَغْطِيَةُ رَأْسِهَا فِي الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلِأُمِّ وَلَدٍ وَصَغِيرَةٍ سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ فَمَا يَأْتِي مُخَصِّصٌ لِمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ) أَيْ وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيُنْدَبُ كَشْفُهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا) أَيْ بَلْ يَجُوزُ لَهَا كُلٌّ مِنْ الْكَشْفِ وَالتَّغْطِيَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَنَدٌ إنَّهُ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّهْذِيبِ وَنَصُّهُ وَلِلْأَمَةِ وَمَنْ لَمْ تَلِدْ مِنْ السَّرَارِي وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهَا الصَّلَاةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ وَقِيلَ يُنْدَبُ لَهَا كَشْفُ رَأْسِهَا وَعَدَمُ تَغْطِيَتِهَا فِي الصَّلَاةِ كَخَارِجِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَاجِيٍّ تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَلَّابِ فَقَالَ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ رَأْسَهَا فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى هَذَا فَتَغْطِيَتُهَا فِي الصَّلَاةِ إمَّا مَكْرُوهَةٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ يُنْدَبُ كَشْفُ رَأْسِهَا بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَيُنْدَبُ تَغْطِيَتُهَا بِهَا لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ الرِّجَالِ وَيَدُلُّ لِنَدْبِ الْكَشْفِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ مَا وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَضْرِبُ الْإِمَاءَ اللَّاتِي كُنَّ يَخْرُجْنَ إلَى السُّوقِ مُغَطَّيَاتِ الرُّءُوسِ وَيَقُولُ لَهُنَّ تَتَشَبَّهْنَ بِالْحَرَائِرِ يَا لَكَاعُ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْفَسَادِ يَجْسُرُونَ عَلَى الْإِمَاءِ فَبِاللُّبْسِ يَجْسُرُونَ عَلَى الْحُرَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] . نَعَمْ حَيْثُ كَثُرَ الْفَسَادُ كَمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلَا يَنْبَغِي الْكَشْفُ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا بَلْ يَنْبَغِي سَتْرُهَا لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ يُمَيِّزُهَا مِنْ الْحَرَائِرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّأْسِ) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ جَسَدِهَا فَإِنَّهَا تُطَالَبُ بِتَغْطِيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا نَدْبًا فَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ وَمَا عَدَاهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ الرَّأْسِ يُنْدَبُ لَهَا سَتْرُهُ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مُصَلٍّ) أَيْ وَأَمَّا الْمُصَلِّي فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ سَتْرَهَا فِي حَقِّهِ وَاجِبٌ صَلَّى فِي خَلْوَةٍ أَوْ جَلْوَةٍ وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِخَلْوَةٍ) مِنْ جُمْلَتِهَا مُصَاحَبَةُ غَيْرِ الْعَاقِلِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهُمَا) أَيْ وَهُوَ الْأَلْيَتَانِ وَالْعَانَةُ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْفَخِذُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مَرْأَةٍ وَلَا الْبَطْنُ مِنْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ شَخْصٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَعَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَلَوْ حُرَّةً أَنْ يَكْشِفَ فِي الْخَلْوَةِ مَا عَدَا السَّوْأَتَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا مِنْ الْعَانَةِ وَالْأَلْيَةِ وَأَمَّا كَشْفُ السَّوْأَتَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ فَمَكْرُوهٌ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَعَلَيْهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ الَّتِي يُنْدَبُ سَتْرُهَا فِي الْخَلْوَةِ الْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ فَقَطْ وَلَا مَا يَشْمَلُهَا وَيَشْمَلُ الْمُخَفَّفَةَ وَإِنَّمَا

ص: 215

(وَ) نُدِبَ (لِأُمِّ وَلَدٍ) فَقَطْ (وَ) لِحُرَّةٍ (صَغِيرَةٍ) تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ (سَتْرٌ) فِي الصَّلَاةِ (وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ) الْبَالِغَةِ وَكَذَا الصَّغِيرُ الْمَأْمُورُ بِهَا يُنْدَبُ لَهُ سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْبَالِغِ (وَأَعَادَتْ) الصَّغِيرَةُ فِي تَرْكِ الْقِنَاعِ (إنْ رَاهَقَتْ) بِوَقْتٍ قَالَهُ أَشْهَبُ (لِلِاصْفِرَارِ) فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِلطُّلُوعِ فِي غَيْرِهِمَا (كَكَبِيرَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَلَوْ قَالَ كَأُمِّ وَلَدٍ بَلْ لَوْ قَالَ وَأَعَادَتَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ الْحُرَّةِ الْكَبِيرَةِ مِنْ أَنَّهَا تُعِيدُ لِصَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ (إنْ تَرَكَا) الْأَوْلَى إنْ تَرَكَتَا (الْقِنَاعَ) وَصَلَّتَا بَادِيَتَيْ الشَّعْرِ (كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ) لَابِسًا لَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُرَادُ بِهَا عَوْرَةٌ خَاصَّةٌ وَقِيلَ إنَّ الْعَوْرَةَ الَّتِي يُنْدَبُ سَتْرُهَا فِي الْخَلْوَةِ الْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَهِيَ السَّوْأَتَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَالْأَمَةِ وَتَزِيدُ الْأَمَةُ الْأَلْيَتَانِ وَالْعَانَةُ وَتَزِيدُ الْحُرَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ وَعَلَى هَذَا فَسَتْرُ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ فِي الْخَلْوَةِ مَنْدُوبٌ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ دُونَ الرَّجُلِ وَالْأَمَةِ وَشَارِحُنَا قَدْ لَفَّقَ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ وَلَوْ حَذَفَ الْمُغَلَّظَةَ مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ كَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِأُمِّ وَلَدٍ فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ (قَوْلُهُ: تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُرَاهِقَةٍ.

(قَوْلُهُ: سَتْرٌ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ) أَيْ كَسَتْرِ رَأْسِهَا وَعُنُقِهَا وَصَدْرِهَا وَأَكْتَافِهَا وَظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا وَسَاقِهَا وَظُهُورِ قَدَمَيْهَا فَالْمُرَادُ السَّتْرُ الزَّائِدُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ وَهُوَ سَتْرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَسَتْرُ عَوْرَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالصَّغِيرَةِ وَاجِبٌ وَالْوُجُوبُ فِي الصَّغِيرَةِ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا الصَّغِيرُ الْمَأْمُورُ بِهَا يُنْدَبُ لَهُ سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْبَالِغِ) وَهُوَ سَتْرُ السَّوْأَتَيْنِ وَالْعَانَةِ وَالْأَلْيَتَيْنِ فَإِنْ صَلَّى الصَّغِيرُ الْمَأْمُورُ بِهَا كَاشِفًا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَعَادَ بِوَقْتٍ وَالْأَوْلَى إبْدَالُ قَوْلِهِ وَاجِبٌ بِمَطْلُوبٍ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مَا يُنْدَبُ لِلْكَبِيرِ كَسَتْرِ الْفَخِذِ لَا يُنْدَبُ لِلصَّغِيرِ وَالظَّاهِرُ نَدْبُهُ لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَتْ إنْ رَاهَقَتْ إلَخْ) هَذَا مِنْ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّغِيرَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ يُنْدَبُ لَهَا فِي الصَّلَاةِ السَّتْرُ الْوَاجِبُ لِلْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ زِيَادَةً عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمْ فِي الْوُجُوبِ فَإِنْ تَرَكْنَا ذَلِكَ وَصَلَّتَا بِغَيْرِ قِنَاعٍ مَثَلًا أَعَادَتْ أُمُّ الْوَلَدِ لِلِاصْفِرَارِ وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ إنْ رَاهَقَتْ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَكَبِيرَةٍ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأُمِّ وَلَدٍ وَقَوْلُهُ: إنْ تَرَكَتَا الْقِنَاعَ لَا مَفْهُومَ لِلْقِنَاعِ بَلْ الْمُرَادُ إنْ تَرَكَتَا سَتْرَ كُلِّ مَا سَتْرُهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ مِمَّا زَادَ عَلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَيَدْخُلُ كَشْفُ الصَّدْرِ وَالْأَطْرَافِ وَالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالسَّاقِ وَتَرْكِ الْقِنَاعِ السَّاتِرِ لِلرَّأْسِ وَالْعُنُقِ. وَاعْتَرَضَ عج عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ كَلَامَهُ خِلَافُ النَّقْلِ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِنَدْبِ السَّتْرِ لِلْمُرَاهِقَةِ وَغَيْرِهَا وَالْإِعَادَةِ لِخُصُوصِ الْمُرَاهِقَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ نَدْبُ السَّتْرِ لِلْمُرَاهِقَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّهُ سَكَتَ فِيهَا عَنْ الْإِعَادَةِ لِتَرْكِ ذَلِكَ فَظَاهِرُهَا عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَأَشْهَبُ وَإِنْ قَالَ بِنَدْبِ السَّتْرِ لِلْمُرَاهِقَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّهُ زَادَ الْإِعَادَةَ لِتَرْكِهِ فِي الْوَقْتِ وَأَطْلَقَ فِي الْإِعَادَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْمُرَاهِقَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَنِّفِ الْإِعَادَةَ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَتَقْيِيدُهَا بِالْمُرَاهَقَةِ مُخَالِفٌ لِأَشْهَبَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَوَّلَ فِي نَدْبِ عُمُومِ السَّتْرِ لِلْمُرَاهِقَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَوَّلَ فِي الْإِعَارَةِ عَلَى مَا قَالَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْمُدَوِّنَةِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ أَشْهَبَ أَطْلَقَ فِي الْإِعَادَةِ بَلْ قَيَّدَهَا بِالْمُرَاهَقَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّجْرَاجِيُّ فِي مَنَاهِجِ التَّحْصِيلِ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ وَنَصَّ الرَّجْرَاجِيُّ كَمَا فِي بْن وَأَمَّا الْحَرَائِرُ غَيْرُ الْبَوَالِغِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ مُرَاهِقَةً أَوْ غَيْرَ مُرَاهِقَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُرَاهِقَةً فَصَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَهَلْ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقَةِ كَبِنْتِ ثَمَانِ سِنِينَ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِأَنْ تَسْتُرَ مِنْ نَفْسِهَا مَا تَسْتُرُ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا إنْ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ أَوْ بَادِيَةَ الصَّدْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلِاصْفِرَارِ) إنَّمَا لَمْ تَكُنْ لِلْغُرُوبِ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ فَهِيَ كَالنَّافِلَةِ وَلَا تُصَلِّي نَافِلَةً عِنْدَ الِاصْفِرَارِ (قَوْلُهُ: وَلِلطُّلُوعِ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ فَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَذَكَرَهَا هَا هُنَا بِقَوْلِهِ كَكَبِيرَةٍ حُرَّةٍ تَكْرَارٌ مَعَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى إنْ تَرَكَتَا) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ الصَّوَابُ تَرَكَتَا مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ إذَا أُسْنِدَ إلَى ضَمِيرٍ مَجَازِيِّ التَّأْنِيثِ أَوْ حَقِيقَتِهِ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَبَ تَأْنِيثُهُ لِإِمْكَانِ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ ذُكِرَ نَظَرًا لِكَوْنِ الْمَرْأَتَيْنِ بِمَعْنَى الشَّخْصَيْنِ وَالشَّخْصُ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ) تَشْبِيهٌ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَمِثْلُ الْحَرِيرِ الذَّهَبُ وَلَوْ خَاتَمًا كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: لَابِسًا لَهُ) أَيْ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى بِهِ حَامِلًا لَهُ فِي كُمِّهِ أَوْ جَيْبِهِ فَلَا إعَادَةَ

ص: 216

عَجْزًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا مُخْتَارًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (وَإِنْ انْفَرَدَ) بِلُبْسِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا حِينَئِذٍ وَيَحْتَمِلُ وَإِنْ انْفَرَدَ بِالْوُجُودِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ (أَوْ) مُصَلٍّ (بِنَجِسٍ) عَجْزًا أَوْ نِسْيَانًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (بِغَيْرِ) أَيْ بِغَيْرِ حَرِيرٍ وَنَجِسٍ (أَوْ) يُعِيدُ فِيهِ (بِوُجُودِ) مَاءٍ (مُطَهِّرٍ) لِلثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّطْهِيرِ وَالْبَاءُ فِي بِوُجُودِ سَبَبِيَّةٌ وَفِيمَا قَبْلَهُ ظَرْفِيَّةٌ وَيُعِيدُ إذَا لَمْ يَظُنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ أَوَّلًا بَلْ (وَإِنْ)(ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ) الَّتِي صَلَّاهَا أَوَّلًا بِالْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ بِأَنْ نَسِيَهَا (وَصَلَّى) ثَانِيًا (بِطَاهِرٍ) غَيْرِ حَرِيرٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ فَيُعِيدُ ثَالِثَةً لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَقَعْ جَابِرَةً لِلْأُولَى (لَا) يُعِيدُ بِوَقْتٍ (عَاجِزٌ) عَنْ السَّتْرِ بِطَاهِرٍ أَوْ حَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ.

(صَلَّى عُرْيَانًا) ثُمَّ وَجَدَ ثَوْبًا وَالْمُعْتَمَدُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ بِالْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ عَاجِزًا إذَا كَانَ يُطْلَبُ بِالْإِعَادَةِ مَعَ تَقْدِيمِهِمَا وُجُوبًا عَلَى الْعُرْيِ فَتُطْلَبُ مِنْ الْمُصَلِّي عُرْيَانًا عَاجِزًا بِالْأَوْلَى (كَفَائِتَةٍ) صَلَّاهَا بِنَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ ثُمَّ وَجَدَ ثَوْبًا طَاهِرًا غَيْرَ حَرِيرٍ فَلَا يُعِيدُهَا لِانْقِضَاءِ وَقْتِهَا بِفَرَاغِهَا (وَكُرِهَ) لِبَاسٌ (مُحَدِّدٌ) لِلْعَوْرَةِ بِذَاتِهِ لِرِقَّتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَحِزَامٍ بِالزَّايِ أَوْ لِضِيقِهِ وَإِحَاطَتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَجْزًا) أَيْ لِعَجْزِهِ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَرَدَ بِلُبْسِهِ) أَيْ هَذَا إذَا لَبِسَهُ مَعَ غَيْرِهِ بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ بِلُبْسِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا إذَا لَبِسَ الْحَرِيرَ وَحْدَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَصَلَّى بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ وَإِنْ انْفَرَدَ بِالْوُجُودِ) أَيْ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ هَذَا إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ بِالْوُجُودِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ) أَيْ وَهُوَ أَصْبَغُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُصَلٍّ بِنَجِسٍ عَجْزًا أَوْ نِسْيَانًا) أَيْ وَأَمَّا عَمْدًا فَيُعِيدُ أَبَدًا كَمَا تَقَدَّمَ وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَخْذِهَا مِمَّا سَبَقَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ الْإِعَادَةِ حَيْثُ طُلِبَ بِالسَّتْرِ بِالنَّجِسِ لِعَجْزِهِ عَنْ الطَّاهِرِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِ (يُعِيدُ) الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِالتَّشْبِيهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَمَا يُعِيدُ مُصَلٍّ فِي حَرِيرٍ أَوْ فِي نَجِسٍ لِلِاصْفِرَارِ فِي غَيْرِهِمَا أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ فَالْمُصَلِّي بِالْحَرِيرِ لَا يُعِيدُ فِي حَرِيرٍ وَلَا فِي نَجِسٍ وَكَذَلِكَ الْمُصَلِّي فِي نَجِسٍ لَا يُعِيدُ فِي نَجِسٍ وَلَا فِي حَرِيرٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ لِعَدَمِ غَيْرِهِ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً مُطَهِّرًا لَهُ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّطْهِيرِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِإِعَادَةِ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَوْلُهُ: أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ عَطْفٌ عَلَى غَيْرٍ وَالْمَعْنَى كَمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُصَلٍّ فِي حَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ فِي غَيْرِهِمَا أَوْ بِسَبَبِ وُجُودِ إلَخْ أَيْ أَوْ مُصَلٍّ فِي نَجِسٍ بِمَعْنَى مُتَنَجِّسٍ بِسَبَبِ وُجُودِ مُطَهِّرٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ رَاجِعٌ لِلْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلنَّجِسِ بِمَعْنَى الْمُتَنَجِّسِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ يُعِيدُ فِيهِ أَيْ فِي الْوَقْتِ أَيْ مَنْ كَانَ صَلَّى أَوَّلًا بِنَجِسٍ بِمَعْنَى مُتَنَجِّسٍ بِسَبَبِ وُجُودِ إلَخْ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ عَطْفٌ عَلَى بِغَيْرِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ إذَا لَمْ يَظُنَّ إلَخْ) أَيْ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ فِي الْوَقْتِ إذَا لَمْ يَظُنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ أَوَّلًا بِهِمَا بِأَنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ صَلَاتَهُ أَوَّلًا بِهِمَا بَلْ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ إلَخْ فَإِذَا صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ ثُمَّ ذَهِلَ عَنْ كَوْنِهِ صَلَّى بِهِمَا وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَصَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ غَيْرِ حَرِيرٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ قَبْلَ صَلَاتِهِ بِالثَّوْبِ الطَّاهِرِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ ثَالِثَ مَرَّةٍ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ لَمْ تَقَعْ جَابِرَةً لِلْأُولَى فَيَأْتِي بِثَالِثَةٍ لِلْجَبْرِ وَإِنَّمَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ جَابِرَةٍ لِأَنَّهُ نَوَى بِهَا الْفَرِيضَةَ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ صَلَاتُهَا بِنِيَّةِ النَّدْبِ وَالْوَاجِبُ لَا يُسْقِطُ طَلَبَ الْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ إلَخْ) إنْ قُلْت ظَنَّ يَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ عَدَّاهَا لِوَاحِدٍ قُلْت الْأَصْلُ وَإِنْ ظَنَّ صَلَاتَهُ مَعْدُومَةً إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَصْدَرِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي مُضَافًا لِلْأَوَّلِ تَقُولُ فِي ظَنَنْت زَيْدًا قَائِمًا ظَنَنْت قِيَامَ زَيْدٍ (قَوْلُهُ: لَا يُعِيدُ بِوَقْتٍ عَاجِزٌ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّعَرِّي يُقَدَّمُ عَلَى السَّتْرِ بِالْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: عَاجِزًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ عَاجِزًا عَنْ طَاهِرٍ يَسْتَتِرُ بِهِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ.

(قَوْلُهُ: صَلَّاهَا بِنَجِسٍ) أَيْ عَاجِزًا أَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِبَاسٌ مُحَدِّدٌ) أَيْ كُرِهَ لُبْسُ لِبَاسٍ مُحَدِّدٍ لِلْعَوْرَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا اللُّبْسَ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ.

(قَوْلُهُ: لِرِقَّتِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا حَدَّدَهَا بِذَاتِهِ لِأَجْلِ رِقَّتِهِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا تَبْدُو مِنْهُ الْعَوْرَةُ أَصْلًا أَوْ تَبْدُو مِنْهُ مَعَ التَّأَمُّلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ كَرَاهَةَ لُبْسِهِ لِلتَّنْزِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: كَحِزَامٍ) أَيْ عَلَى ثَوْبٍ غَيْرِ رَقِيقٍ فَالثَّوْبُ الْمَذْكُورُ مُحَدِّدٌ لِلْعَوْرَةِ بِسَبَبِ الْحِزَامِ وَأَمَّا الْحِزَامُ عَلَى الْقُفْطَانِ فَلَا تَحْدِيدَ فِيهِ لِلْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا كَرَاهَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَوْرَةِ مَا يَشْمَلُ الْمُغَلَّظَةَ وَالْمُخَفَّفَةَ كَالْأَلْيَتَيْنِ فَيَكُونُ الْحِزَامُ عَلَى الْقُفْطَانِ مَكْرُوهًا وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ الِاحْتِزَامِ عَلَى الثَّوْبِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَادَةَ قَوْمٍ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِشُغْلٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ كَمَا لَوْ كَانَ مُحْتَزِمًا فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي صَلَاتِهِ مُحْتَزِمًا وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ لُبْسِ الْمُحَدِّدِ لِلْعَوْرَةِ مَا لَمْ يَلْبَسُ فَوْقَ ذَلِكَ الْمُحَدِّدِ شَيْئًا كَقَبَاءٍ

ص: 217

كَسَرَاوِيلَ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ (لَا) إنْ كَانَ التَّحْدِيدُ (بِرِيحٍ) أَوْ بَلَلٍ فَلَا يُكْرَهُ وَكُرِهَ صَلَاةٌ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ (وَ) كُرِهَ (انْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَيْ تَغْطِيَةُ وَجْهِهَا بِالنِّقَابِ وَهُوَ مَا يَصِلُ لِلْعُيُونِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ وَالرَّجُلُ أَوْلَى مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ (كَكَفِّ) أَيْ ضَمٍّ وَتَشْمِيرٍ (كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلَاةٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ (وَ) كُرِهَ (تَلَثُّمٌ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَاللِّثَامُ مَا يَصِلُ لِآخِرِ الشَّفَةِ السُّفْلَى (كَ) كَرَاهَةِ (كَشْفِ) رَجُلٍ (مُشْتَرٍ) لِأَمَةٍ (صَدْرًا أَوْ سَاقًا) أَوْ مِعْصَمًا خَشْيَةَ التَّلَذُّذِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَحُرِّمَ الْجَسُّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: كَسَرَاوِيلَ) هَذَا هُوَ الْمَسْمُوعُ لُغَةً دُونَ سِرْوَالٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَرَاهَةَ لُبْسِهِ إذَا لَمْ يَلْبَسْ فَوْقَهُ ثَوْبًا وَلَوْ تَرَدَّى عَلَى ذَلِكَ بِرِدَاءٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ وَهَلْ لَبِسَهُ نَبِيُّنَا عليه الصلاة والسلام أَوْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ وَصَحَّ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا كَمَا فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِكَرَاهَةِ السَّرَاوِيلِ لَا لِكَرَاهَةِ الْمُحَدِّدِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَتِهِ التَّحْدِيدُ لِلْعَوْرَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَةِ السَّرَاوِيلِ أَمْرَانِ التَّحْدِيدُ وَكَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّهُ إلَخْ بِالْوَاوِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ الْمُحَدِّدِ غَيْرَهُ فَلِلتَّحْدِيدِ نَفْسِهِ وَلِذَا قِيلَ بِكَرَاهَةِ لُبْسِ الْمِئْزَرِ وَإِنْ كَانَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ وَالْمُرَادُ بِالْمِئْزَرِ عَلَى هَذَا الْمِلْحَفَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْوَسَطِ كَفُوطَةِ الْحَمَّامِ أَمَّا إنْ أُرِيدَ بِالْمِئْزَرِ الْمِلْحَفَةُ الَّتِي يَلْتَحِفُ جَمِيعُهُ بِهَا كَبُرْدَةٍ أَوْ حِرَامٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِي لُبْسِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لِانْتِفَاءِ التَّحْدِيدِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَسَّرَ الْمِئْزَرَ بِالْمِلْحَفَةِ الَّتِي يَلْتَحِفُ جَمِيعُهُ بِهَا كَابْنِ الْعَرَبِيِّ فَحَكَمَ بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا يُشَدُّ فِي الْوَسَطِ كَفُوطَةِ الْحَمَّامِ فَحَكَمَ بِكَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ التَّحْدِيدُ بِرِيحٍ) أَيْ بِسَبَبِ ضَرْبِ رِيحٍ أَوْ بِسَبَبِ بَلَلٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثِّيَابِ الَّتِي يَسْتُرُ أَكْتَافَهُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَانْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي غَيْرِهَا كَانَ الِانْتِقَابُ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ) أَيْ الزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ إذْ لَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ السَّمْحَةُ (قَوْلُهُ: وَالرَّجُلُ أَوْلَى) أَيْ مِنْ الْمَرْأَةِ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ) أَيْ الِانْتِقَابُ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ كَأَهْلِ نَفُوسَةَ بِالْمَغْرِبِ فَإِنَّ النِّقَابَ مِنْ دَأْبِهِمْ وَمِنْ عَادَتِهِمْ لَا يَتْرُكُونَهُ أَصْلًا فَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ الِانْتِقَابُ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَأَمَّا فِيهَا فَيُكْرَهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا مَا لَمْ يَكُنْ لِعَادَةٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ خَارِجَهَا بِخِلَافِ تَشْمِيرِ الْكُمِّ وَضَمِّ الشَّعْرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ فِيهَا إذَا كَانَ فِعْلُهُ لِأَجْلِهَا وَأَمَّا فِعْلُهُ خَارِجَهَا أَوْ فِيهَا لَا لِأَجْلِهَا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ تَشْمِيرُ الذَّيْلِ عَنْ السَّاقِ فَإِنْ فَعَلَهُ لِأَجْلِ شُغْلٍ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الصَّلَاةَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَادَ لِشُغْلِهِ أَمْ لَا وَحَمَلَهَا الشَّبِيبِيُّ عَلَى مَا إذَا عَادَ لِشُغْلِهِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ.

(قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ) أَيْ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ لِصَلَاةٍ عَنْ قَوْلِهِ وَتَلَثُّمٌ أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللِّثَامَ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا فُعِلَ فِي الصَّلَاةِ لِأَجْلِهَا لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَالْحَقُّ كَمَا فِي بْن أَنَّ اللِّثَامَ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا سَوَاءً فُعِلَ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ مِنْ النِّقَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: كَكَشْفِ رِجْلِ مُشْتَرٍ) أَيْ مَرِيدِ الشِّرَاءِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهَا فِي الْكَشْفِ الْمَذْكُورِ إذَا أَرَادَتْ شِرَاءَ أَمَةٍ وَأَمَّا إذَا أَرَادَتْ شِرَاءَ عَبْدٍ فَلَا تَنْظُرُ مِنْهُ إلَّا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَدْرًا أَوْ سَاقًا) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَلِكَ كَشْفُ مِعْصَمِهَا وَأَكْتَافِهَا ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَرَاهَةِ كَشْفِ الرِّجْلِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمَةِ الَّتِي أَرَادَ شِرَاءَهَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَفِي بْن لَمْ يَعْرِفْ الْمَوَّاقُ وَلَا غَيْرُهُ الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ إلَّا اللَّخْمِيُّ وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ وَجَوَازُ نَظَرِ الرَّجُلِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْأَمَةِ بِلَا شَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ التَّلَذُّذِ) يُقَالُ عَلَيْهِ الْغَالِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِالْكَشْفِ التَّقْلِيبَ لَا اللَّذَّةَ فَهُوَ عِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ

ص: 218

(وَ) كُرِهَ (صَمَّاءُ) أَيْ اشْتِمَالُهَا وَهِيَ كَمَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ أَنْ يَرِدَ الْكِسَاءَ مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَرِدُهُ ثَانِيًا مِنْ خَلْفِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَطِّيهِمَا جَمِيعًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهِيَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ يُلْقِيهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مُخْرِجًا يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ أَوْ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ جَنْبُهُ بِنَاءً عَلَى مَا لِلْفُقَهَاءِ فَهُوَ كَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ كَشْفَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْجَنْبُ كَكَشْفِ الْكُلِّ وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَتْ (بِسِتْرٍ) أَيْ مَعَهَا سِتْرٌ كَإِزَارٍ تَحْتَهَا وَ (إلَّا) تَكُنْ بِسَاتِرٍ تَحْتَهَا (مُنِعَتْ) لِحُصُولِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالصَّمَّاءِ مَا يَشْمَلُ الِاضْطِجَاعَ قَالَ الْإِمَامُ هُوَ أَنْ يَرْتَدِيَ وَيُخْرِجَ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى أَيْ يُبْدِي كَتِفَهُ الْأَيْمَنَ بِأَنْ يَجْعَلَ حَاشِيَةَ الرِّدَاءِ تَحْتَ إبْطِهِ ثُمَّ يُلْقِي طَرَفَهُ عَلَى الْكَتِفِ الْأَيْسَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ (كَاحْتِبَاءٍ لَا سِتْرَ مَعَهُ) فَيُمْنَعُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَكَذَا فِيهَا فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا كَحَالَةِ التَّشَهُّدِ أَوْ فِي النَّفْلِ إذَا صَلَّى مِنْ جُلُوسٍ أَوْ الْفَرْضُ كَذَلِكَ وَهُوَ إدَارَةُ الْجَالِسِ بِظَهْرِهِ وَرُكْبَتَاهُ إلَى صَدْرِهِ ثَوْبَهُ مُعْتَمَدًا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِسِتْرٍ أَجَازَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.

(وَعَصَى) الرَّجُلُ (وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ (إنْ)(لَبِسَ حَرِيرًا) خَالِصًا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَكُرِهَ صَمَّاءُ) أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ اشْتِمَالُهَا) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ الِاشْتِمَالُ بِالثَّوْبِ الَّذِي هُوَ الصَّمَّاءُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرِدَ الْكِسَاءَ إلَخْ) مُحَصَّلُهُ أَنْ يَلْتَفَّ بِثَوْبٍ كَحِرَامٍ مَثَلًا وَيَسْتُرَ بِهِ جَمِيعَ بَدَنِهِ بِأَنْ يَضَعَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ وَفَوْقَ يَدَيْهِ وَلَا يُخْرِجُ مِنْ تَحْتِهِ شَيْئًا مِنْ يَدَيْهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَرْبُوطِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ كَمَالِ الْأَرْكَانِ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ صَمَّاءَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ) هُوَ مَنْكِبُهُ وَكَتِفُهُ (قَوْلُهُ: فَيُغَطِّيهِمَا) أَيْ الْعَاتِقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِحْدَى يَدَيْهِ) أَيْ أَوْ مُخْرِجًا إحْدَى يَدَيْهِ أَيْ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ وَأَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يُعَيِّنُ كَوْنَ الْيَدِ الْمُخْرَجَةِ مِنْ تَحْتِهِ الْيُسْرَى وَالثَّانِي لَا يُعَيِّنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَأْتِي عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَوِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى كَلَامِ الْفُقَهَاءِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ جَنْبُهُ) أَيْ جِهَةَ الْيَدِ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ الْمُشْتَمِلِ بِهَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَ لَيْسَ لَابِسًا لِقَمِيصٍ تَحْتَ الثَّوْبِ الْمُشْتَمِلِ بِهَا بَلْ لَابِسًا لِإِزَارٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَابِسًا لِقَمِيصٍ فَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ كَوْنُهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَشْفَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْجَنْبُ كَكَشْفِ الْكُلِّ) فِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْبَعْضِيَّةِ هُنَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْكَتِفَيْنِ مَسْتُورَانِ وَاَلَّذِي يَبْدُو مِنْهُ إنَّمَا هُوَ جَنْبُهُ فَقَطْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَالتَّعْلِيلُ بِحُصُولِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَوِيِّينَ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلُ وَهُوَ حُصُولُ الْكَشْفِ بِالْفِعْلِ نَعَمْ يُخَافُ حُصُولُهُ وَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ السَّاتِرِ لَهَا وَأَرَادَ إظْهَارَهَا لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالصَّمَّاءِ مَا يَشْمَلُ الِاضْطِبَاعَ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَكْرُوهٌ فِي الصَّلَاةِ إنْ كَانَ مَعَهُ سَاتِرٌ وَإِلَّا مُنِعَ فَلَا وَجْهَ لِلنَّصِّ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: هُوَ أَنْ يَرْتَدِيَ) أَيْ يَجْعَلَ الرِّدَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُخْرِجُ ثَوْبَهُ) أَيْ وَهُوَ الرِّدَاءُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا يَمْنَعُ إتْمَامَ الْأَرْكَانِ لِأَنَّهُ كَالْمَرْبُوطِ وَلِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ الْمَسْتُورَةَ بِالرِّدَاءِ انْكَشَفَتْ جَنْبُهُ إنْ كَانَ لَابِسًا لِإِزَارٍ تَحْتَ الرِّدَاءِ وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرَ تَحْتِهِ (قَوْلُهُ: كَاحْتِبَاءٍ لَا سَتْرَ مَعَهُ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي احْتَبَى بِهِ غَيْرُ سَاتِرٍ لِعَوْرَتِهِ وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ لِاحْتِمَالِ انْحِلَالِ حَبْوَتِهِ فَتَبْدُو عَوْرَتُهُ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) أَيْ إذَا كَانَ يَرَاهُ النَّاسُ وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا فِيهَا أَيْ سَوَاءً كَانَ يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ أَوْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاحْتِبَاءَ الَّذِي لَا سَتْرَ مَعَهُ يُمْنَعُ إذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ كَأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ أَوْ لَا وَتَبْطُلُ بِهِ لِظُهُورِ عَوْرَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَيُمْنَعُ إذَا كَانَ يَرَاهُ النَّاسُ وَإِلَّا كُرِهَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِظَهْرِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى وَقَوْلُهُ: إلَى صَدْرِهِ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا مَضْمُومَيْنِ لِصَدْرِهِ وَقَوْلُهُ: ثَوْبُهُ أَيْ ثَوْبًا صَغِيرَةً غَيْرَ لَابِسٍ لَهَا كَفُوطَةِ حَمَّامٍ أَوْ حَبْلٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِسَتْرٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الِاحْتِبَاءُ مَعَهُ سَاتِرًا لِعَوْرَتِهِ كَسِرْوَالٍ أَوْ ثَوْبٍ لَابِسٍ لَهُ جَازَ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَيْ الْجَوَازُ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْ إذَا كَانَ الِاحْتِبَاءُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا فَلَا يَظْهَرُ الْجَوَازُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِجَوَازِ الِاحْتِبَاءِ فِي النَّوَافِلِ مَعَ السَّاتِرِ فَقَالَ وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِبَاءِ فِي النَّوَافِلِ لِلْجَالِسِ.

(قَوْلُهُ: وَعَصَى الرَّجُلُ) أَيْ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَالْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ فِي حَقِّهِ مَكْرُوهَانِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَفِي الْمَدْخَلِ الْمَنْعُ أَوْلَى وَأَمَّا إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ فَجَائِزٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَبِسَ حَرِيرًا) أَيْ وَأَمَّا حَمْلُ الْحَرِيرِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ) أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ فَالصَّلَاةُ فِيهِ مُتَعَيِّنَةٌ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُعِيدُ أَيْضًا بِوَقْتٍ كَمَا مَرَّ

ص: 219

كَمَا مَرَّ كَحُرْمَةِ لُبْسِهِ بِغَيْرِهَا عَلَى رَجُلٍ أَوْ الْتِحَافٍ بِهِ أَوْ رُكُوبٍ أَوْ جُلُوسٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَائِلٍ أَوْ تَبَعًا لِزَوْجَتِهِ أَوْ فِي جِهَادٍ أَوْ لِحَكَّةٍ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ لِلدَّوَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَتَعْلِيقِهِ سُتُورًا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ وَكَذَا الْبَشْخَانَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِلَا مَسٍّ وَخَطُّ الْعَلَمِ وَالْخِيَاطَةِ بِهِ وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ قِيطَانُ الْجُوخِ وَالسَّبْحَةُ وَتَجُوزُ الرَّايَةُ فِي الْحَرْبِ وَفِي السِّجَافِ إذَا عَظُمَ نَظَرٌ لَا إنْ كَانَ كَأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ فَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَالْأَرْجَحُ كَرَاهَةُ الْخَزِّ وَالْوَرَعُ التَّنَزُّهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّك لِلْمُتَّقِينَ (أَوْ) لَبِسَ (ذَهَبًا) خَاتَمًا أَوْ غَيْرَهُ لَا إنْ حَمَلَ ذَلِكَ بِكُمٍّ أَوْ جَيْبٍ (أَوْ سَرَقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا) أَيَّ مُحَرَّمٍ كَانَ وَقَوْلُهُ: (فِيهَا) تُنَازِعُهُ الْأَفْعَالُ الثَّلَاثَةُ إلَّا تَعَمُّدَ نَظَرٍ لِعَوْرَةِ إمَامِهِ فَيُبْطِلُهَا وَإِنْ ذَهِلَ عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ كَعَوْرَتِهِ هُوَ إلَّا أَنْ يَذْهَلَ عَنْ كَوْنِهِ فِيهَا (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سِتْرًا لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ وَإِنْ انْفَرَدَ فَالْمُصَنِّفُ بَيَّنَ هُنَا الْعِصْيَانَ مَعَ الصِّحَّةِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ فَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا مُخَالِفٌ لِلْغَرَضِ مِنْ ذِكْرِهَا سَابِقًا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ تَسْتَلْزِمُ الْعِصْيَانَ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ قَدْ تَكُونُ لِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ نَعَمْ تَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ رُكُوبٍ أَوْ جُلُوسٍ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ ارْتِفَاقٍ بِهِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْجُلُوسِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهِ وَالِارْتِفَاقِ بِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ امْتِهَانِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحَائِلٍ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ أَجَازَ الرُّكُوبَ وَالْجُلُوسَ عَلَيْهِ وَالِارْتِفَاقَ بِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ حَائِلٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَنَفِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَعَبًا لِزَوْجَتِهِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ حَيْثُ قَالَ بِجَوَازِ افْتِرَاشِهِ وَالْغِطَاءِ بِهِ تَبَعًا لِزَوْجَتِهِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا قَامَتْ مِنْ عَلَى ذَلِكَ الْفَرْشِ لِضَرُورَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ مِنْ عَلَيْهِ لِمَوْضِعٍ يُبَاحُ لَهُ حَتَّى تَرْجِعَ لِفِرَاشِهَا وَإِنْ كَانَ نَائِمًا أَيْقَظَتْهُ أَوْ أَزَالَتْ اللِّحَافَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي جِهَادٍ أَوْ لِحَكَّةٍ) أَيْ لِأَنَّ زَوَالَ الْحَكَّةِ بِهِ وَإِرْهَابُ الْعَدُوِّ بِهِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حُرْمَةِ لُبْسِهِ لَهُمَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي الْحَكَّةِ فَقَدْ أَجَازَ لُبْسَهُ لَهَا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِلدَّوَاءِ وَإِلَّا جَازَ لُبْسُهُ لَهَا اتِّفَاقًا وَخِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْجِهَادِ فَقَدْ أَجَازَ لُبْسَهُ لَهُ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهِ إرْهَابًا لِلْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: كَتَعْلِيقِهِ سُتُورًا إلَخْ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحَرِيرِ سُتُورًا لِلْحِيطَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ عَلَيْهِ لِلرِّجَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبَشْخَانَةُ) أَيْ وَكَذَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْبَشْخَانَةِ وَهِيَ النَّامُوسِيَّةُ مِنْ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: وَخَطُّ الْعَلَمِ) أَيْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ عَظُمَ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إذَا كَانَ قَدْرَ أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ أَمَّا الْخَطُّ الرَّقِيقُ دُونَ الْإِصْبَعِ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَلَمِ الْمُتَّصِلِ بِالثَّوْبِ عَلَى وَجْهِ النَّسْجِ كَالطِّرَازِ الَّذِي يَكُونُ بِالثَّوْبِ وَأَمَّا الْمُتَّصِلُ بِهِ لَا عَلَى وَجْهِ النَّسْجِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَفِي السِّجَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قِيطَانُ الْجُوخِ وَالسَّبْحَةُ) أَيْ وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ فِيهَا مِنْ التَّسَابِيحِ فَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الرَّايَةُ فِي الْحَرْبِ) أَيْ يَجُوزُ اتِّخَاذُ رَايَةِ الْحَرْبِ مِنْ الْحَرِيرِ وَأَمَّا رَايَاتُ الْفُقَرَاءِ مِنْ الْحَرِيرِ فَمَمْنُوعَةٌ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَوَازِ الطَّوْقُ وَاللَّبِنَةُ كَمَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْمَازِرِيِّ وَالْمُرَادُ بِالطَّوْقِ الْقُبَّةُ وَالْمُرَادُ بِاللَّبِنَةِ الْبَنِيقَةُ الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الْإِبْطِ كَالرُّقْعَةِ فَيَجُوزُ جَعْلُهَا مِنْ الْحَرِيرِ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَيْبَ وَهُوَ الطَّوْقُ وَالزِّرُّ أَيْ زِرُّ الْجُوخَةِ وَالْقُفْطَانِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْقِيطَانِ وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُهُمَا مِنْ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: وَفِي السِّجَافِ) أَيْ وَفِي جَوَازِ السِّجَافِ مِنْ الْحَرِيرِ إذَا عَظُمَ بِأَنْ كَانَ قَدْرَ رُبُعِ الْجُوخَةِ كَمَا نَقَلَهُ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ كَأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ فَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ) أَيْ كَمَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ كَمَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَكِيسِ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْحَرِيرِ قِيَاسًا عَلَى النَّامُوسِيَّةِ وَلَا يُعَدُّ هَذَا اسْتِعْمَالًا لِلْحَرِيرِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْأَرْجَحُ كَرَاهَةُ الْخَزِّ) أَيْ وَهُوَ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ مِنْ الْوَبَرِ وَمِثْلُ الْخَزِّ مَا فِي مَعْنَاهُ وَهِيَ الثِّيَابُ الَّتِي سُدَاهَا حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهَا قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ كَمَا فِي خش تَبَعًا لِشُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِحُرْمَتِهَا وَحُرْمَةِ الْخَزِّ وَهُوَ مُقَابِلُ الرَّاجِحِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ الْخَزِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَقِيلَ بِجَوَازِ الْخَزِّ وَحُرْمَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ فَالْأَقْوَالُ أَرْبَعَةٌ أَرْجَحُهَا الْكَرَاهَةُ فِي الْخَزِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَيَّ مُحَرَّمٍ كَانَ) أَيْ كَمَا لَوْ نَظَرَ لِعَوْرَةِ شَخْصٍ غَيْرِهِ وَغَيْرِ إمَامِهِ وَلَوْ عَمْدًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَذْهَلَ عَنْ كَوْنِهِ فِيهَا) أَيْ فَإِنْ ذَهِلَ فَلَا بُطْلَانَ هَذَا كُلُّهُ تَبَعًا لعج وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ النُّصُوصَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبُطْلَانَ فِي مُجَرَّدِ الْعَمْدِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ يَنْسَى أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَوْرَةِ الْإِمَامِ وَعَوْرَةِ نَفْسِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ الرُّؤْيَةَ بَطَلَتْ فِيهِمَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَلَا بُطْلَانَ

ص: 220

فَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالُ (يُخَيَّرُ) فِي سِتْرِ أَيِّهِمَا وَثَانِيهَا الْقُبُلُ وَأَوَّلُهَا الدُّبُرُ.

(وَمَنْ عَجَزَ)(صَلَّى عُرْيَانًا) وُجُوبًا وَأَعَادَ بِوَقْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَدْ مَرَّ (فَإِنْ)(اجْتَمَعُوا) أَيْ الْعُرَاةُ (بِظَلَامٍ)(فَكَالْمَسْتُورِينَ) وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ تَحْصِيلُهُ بِطَفْءِ السِّرَاجِ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَإِلَّا) يَكُونُوا بِظَلَامٍ (تَفَرَّقُوا) وُجُوبًا إنْ أَمْكَنَ وَصَلَّوْا أَفْذَاذًا فَإِنْ تَرَكُوهُ أَعَادُوا أَبَدًا فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) تَفَرُّقُهُمْ (صَلَّوْا) جَمَاعَةً (قِيَامًا) أَيْ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ صَفًّا وَاحِدًا (غَاضِّينَ) أَبْصَارَهُمْ وُجُوبًا (إمَامُهُمْ وَسْطُهُمْ) بِسُكُونِ السِّينِ فَإِنْ لَمْ يَغُضُّوا لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِيهِمَا كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يُلْتَذَّ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِأَنَّ اللَّذَّةَ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ هَذَا هُوَ الْفِقْهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعج مِنْ التَّفْرِقَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ نَظَرَ فِي الصَّلَاةِ لِعَوْرَةِ نَفْسِهِ أَوْ لِعَوْرَةِ إمَامِهِ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ ذَاهِلًا عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ نَظَرَ لِعَوْرَةِ شَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ نَفْسِهِ وَغَيْرِ إمَامِهِ فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ لَهَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا عُلْقَةَ لِلْمَنْظُورِ لَهُ بِالصَّلَاةِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ طَرِيقَةٌ لِسَحْنُونٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ التُّونُسِيُّ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا نَظَرَ لِعَوْرَةِ نَفْسِهِ أَوْ إمَامِهِ، أَوْ لِعَوْرَةِ غَيْرِهِمَا سَوَاءً تَعَمَّدَ النَّظَرَ أَوْ لَا، كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ لَا، وَحِينَئِذٍ فَيَبْقَى قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا فِيهَا عَلَى إطْلَاقِهِ.

(قَوْلُهُ: فَثَالِثُهَا يُخَيَّرُ) لِتُسَاوِيهِمَا فِي الْفُحْشِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْأَقْوَالِ قَوْلٌ مَشْهُورٌ وَلَا مُرَجِّحٌ عِنْدَهُ أَطْلَقَ تِلْكَ الْأَقْوَالَ وَالظَّاهِرُ مِنْهَا أَنَّهُ يَسْتُرُ الْقُبُلَ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ دَائِمًا بِخِلَافِ الدُّبُرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَالِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ حَائِطٌ وَإِلَّا سَتَرَ بِهَا الدُّبُرَ وَسَتَرَ الْقُبُلَ بِالثَّوْبِ اتِّفَاقًا أَوْ يَكُنْ أَمَامَهُ شَجَرَةٌ وَإِلَّا سَتَرَ بِهَا الْقُبُلَ وَسَتَرَ بِهَا الدُّبُرَ بِالثَّوْبِ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَتَعَقَّبَهُ تت بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ إطْلَاقُهُمْ مِنْ جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ وَلَوْ كَانَ فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ أَوْ فِي مَحَلٍّ مُنْفَرِدٍ أَوْ صَلَّى خَلْفَ حَائِطٍ أَوْ لِشَجَرَةٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ عَجَزَ) أَيْ عَنْ كُلِّ مَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ بِهِ (قَوْلُهُ: صَلَّى عُرْيَانًا) أَيْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. فَإِنْ قِيلَ كُلٌّ مِنْ الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَسْقُطُ عِنْدَ فَقْدِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَلَمْ يَقُولُوا بِسُقُوطِ الصَّلَاةِ عِنْدَ فَقْدِ السَّاتِرِ بَلْ قَالُوا يُطَالَبُ بِالصَّلَاةِ عُرْيَانًا فَمَا الْفَرْقُ. قُلْت إنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا فَإِذَا عَدِمَ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ سَقَطَ عَنْهُ الْوُجُوبُ وَأَمَّا سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اجْتَمَعُوا بِظَلَامٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ ظَلَامَ لَيْلٍ أَوْ ظُلْمَةَ مَكَان (قَوْلُهُ: فَكَالْمَسْتُورِينَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُصَلُّونَ الصَّلَاةَ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَيَتَقَدَّمُهُمْ إمَامُهُمْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ تَحْصِيلُهُ) أَيْ فَإِنْ تَرَكُوا تَحْصِيلَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ تَرْكِ السَّتْرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَذَا قِيلَ وَالْحَقُّ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَإِنَّمَا يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا وَاجِبًا غَيْرَ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُونُوا بِظَلَامٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي ضَوْءٍ كَنَهَارٍ أَوْ لَيْلٍ مُقْمِرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكُوهُ) أَيْ التَّفَرُّقَ مَعَ إمْكَانِهِ وَقَوْلُهُ: أَعَادُوا أَبَدًا أَيْ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْإِعَادَةِ أَبَدًا نَظَرٌ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُمْ تَرَكُوا أَمْرًا وَاجِبًا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ وُجُوبَ التَّفَرُّقِ إنَّمَا هُوَ لِحُرْمَةِ الرُّؤْيَةِ وَالنَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ لَا لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ السَّتْرِ فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا تَرَكُوا التَّفَرُّقَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ لِتَرْكِهِمْ الْأَمْرَ الْوَاجِبَ الَّذِي لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْمُرَادُ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ إنْ وُجِدَ سَاتِرٌ لَا يَتَفَرَّقُ وَلَا فِي ظَلَامٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَفَرُّقُهُمْ) أَيْ لِخَوْفٍ عَلَى مَالٍ أَوْ عَلَى نَفْسٍ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ لِضِيقِ مَكَان كَسَفِينَةٍ (قَوْلُهُ: جَمَاعَةً) إنَّمَا أُمِرُوا بِصَلَاتِهِمْ جَمَاعَةً لِأَنَّهُمْ لَوْ صَلَّوْا أَفْذَاذًا نَظَرَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ مَا يَنْظُرُ لَوْ صَلَّوْا جَمَاعَةً فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ) تَقْدِيمًا لِلرُّكْنِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ عَلَى الشَّرْطِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ صَلَاتِهِمْ قِيَامًا عَلَى هَيْئَتِهَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُصَلُّونَ مِنْ جُلُوسٍ بِالْإِيمَاءِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُمْ يُصَلُّونَ قِيَامًا بِالْإِيمَاءِ فَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ صَلَّوْا قِيَامًا يُومِئُونَ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُمْ غَاضُّونَ أَبْصَارَهُمْ فَلَا وَجْهَ لِلْإِيمَاءِ وَأَيْضًا مَنْ قَالَ بِالْإِيمَاءِ يَقُولُ بِصَلَاتِهِمْ جُلُوسًا (قَوْلُهُ: إمَامُهُمْ وَسَطُهُمْ) أَيْ إمَامُهُمْ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُمْ عَاجِزُونَ عَنْ السَّتْرِ وَالْغَضُّ إنَّمَا وَجَبَ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ فَغَايَةُ الْأَمْرِ

ص: 221