الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) لَا (لَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ) حَالَ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا مِمَّا يُضْطَرُّ إلَيْهِ كَحَمْلِهِ لِبَيْتٍ مَثَلًا فَيَجُوزُ لِلْمَشَقَّةِ (وَإِنْ) كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ (حَائِضًا) لَا جُنُبًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى إزَالَةِ مَانِعِهِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ (وَ) لَا يَمْنَعُ مَسَّ أَوْ حَمْلَ (جُزْءٍ) بَلْ وَلَا كَامِلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (لِمُتَعَلِّمٍ) وَكَذَا مُعَلِّمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَإِنْ بَلَغَ) أَوْ حَائِضًا لَا جُنُبًا (وَ) لَا يَمْنَعُ حَمْلَ (حِرْزٍ) مِنْ قُرْآنٍ (بِسَاتِرٍ) يَقِيهِ مِنْ وُصُولِ أَذًى إلَيْهِ مِنْ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمُسْلِمٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ غَيْرِ حَائِضٍ بَلْ (وَإِنْ لِحَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ وَجُنُبٍ لَا كَافِرٍ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى امْتِهَانِهِ بِخِلَافِ بَهِيمَةٍ فَيَجُوزُ مِنْ نَظْرَةٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْحِرْزِ وَكَاتِبِهِ حُسْنُ النِّيَّةِ وَاعْتِقَادُ النَّفْعِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِبَرَكَتِهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ حِرْزٌ أَنَّهُ غَيْرُ كَامِلٍ فَالْكَامِلُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ كَمَالَهُ يُبْعِدُ كَوْنَهُ حِرْزًا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَا
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ فِي الْكُبْرَى فَقَالَ دَرْسٌ (فَصْلٌ) يَذْكُرُ فِيهِ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، أَمَّا مُوجِبَاتُهَا أَيْ أَسْبَابُهَا الَّتِي تُوجِبُهَا فَأَرْبَعَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ فِي يَقِظَةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ مُطْلَقًا فِي نَوْمٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (يَجِبُ غُسْلُ) جَمِيعِ (ظَاهِرِ الْجَسَدِ) وَلَيْسَ مِنْهُ الْفَمُ وَالْأَنْفُ وَصِمَاخُ الْأُذُنَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ بَلْ التَّكَامِيشُ بِدُبُرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا وَالسُّرَّةُ وَكُلُّ مَا غَار مِنْ جَسَدِهِ (بِمَنِيٍّ) أَيْ بِسَبَبِ خُرُوجِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَيْ بُرُوزِهِ عَنْ الْفَرْجِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لَا مُجَرَّدُ إحْسَاسِهَا بِانْفِصَالِهِ خِلَافًا لِسَنَدٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْآيَاتِ بِالْمَسِّ (قَوْلُهُ: وَلَا لَوْحٍ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ الْحَدَثُ مَسَّ وَلَا حَمْلَ لَوْحٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَيَصْدُقُ بِالْمُتَعَدِّدِ (قَوْلُهُ: وَمُتَعَلِّمٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُتَذَكِّرًا يُرَاجِعُ بِنِيَّةِ الْحِفْظِ (قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا يُفِيدُهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ حَبِيبٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ قَصْرِ الْجَوَازِ عَلَى حَالَةِ التَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ: لَا جُنُبًا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ لَهُ كَالْحَائِضِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى عبق وَكَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ الْمُقْرِي وَعَنْ سَيِّدِي عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ وَقَالَ عج ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْجُنُبَ كَالْحَائِضِ وَفِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ تَخْصِيصُ الْحَائِضِ بِالذِّكْرِ يُخْرِجُ الْجُنُبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ رَفْعَ حَدَثِهِ بِيَدِهِ وَلَا يَشُقُّ كَالْوُضُوءِ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى صَغِيرِهِ لَكِنَّهُ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ) أَيْ الْحَدَثُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ لِحِكَايَةِ ابْنِ بَشِيرٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْكَامِلِ لِلْمُتَعَلِّمِ وَقَوْلِ التَّوْضِيحِ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ لَيْسَ بِجَيِّدٍ حَيْثُ حَكَى الِاتِّفَاقَ مَعَ وُجُودِ الْخِلَافِ رَدَّهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: لِمُتَعَلِّمٍ) مِثْلُهُ مَنْ كَانَ يَغْلَطُ فِي الْقُرْآنِ وَيَضَعُ الْمُصْحَفَ عِنْدَهُ وَهُوَ يَقْرَأُ أَوْ كُلَّمَا غَلِطَ رَاجَعَهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُعَلِّمٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْمُعَلِّمِ كَحَاجَةِ الْمُتَعَلِّمِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ قَائِلًا: إنَّ حَاجَةَ الْمُعَلِّمِ صِنَاعَةٌ وَتَكَسُّبٌ لَا الْحِفْظُ كَحَاجَةِ الْمُتَعَلِّمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ) أَيْ الْحَدَثُ حَمْلَ حِرْزٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَمُشَمَّعٍ (قَوْلُهُ: لَا كَافِرٌ) هَذَا الصَّوَابُ وَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ جَوَازِ تَعْلِيقِ الْحِرْزِ مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى الْكَافِرِ فَقَدْ رَدَّهُ عج فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: فَالْكَامِلُ لَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِمُحْدِثٍ حَمْلُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمَنْعُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْجَوَازُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ ح تَسَاوِيهِمَا
[فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى]
(قَوْلُهُ: مِنْ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى) أَرَادَ بِالطَّهَارَةِ التَّطْهِيرَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ تُطْلَقُ عَلَى التَّطْهِيرِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى فَالتَّطْهِيرُ إنْ تُعَلَّقَ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَالْوُضُوءِ قِيلَ لَهُ طَهَارَةٌ صُغْرَى وَإِنْ تَعَلَّقَ بِكُلِّهَا كَالْغُسْلِ قِيلَ لَهُ طَهَارَةٌ كُبْرَى (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ مِنْ سُنَنٍ وَمَنْدُوبَاتٍ وَمُبْطِلَاتٍ لِاسْتِمْرَارِ حُكْمِهَا (فَصْلٌ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ إلَخْ)(قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ كَمَسْأَلَةِ نَدْبِ غَسْلِ فَرْجِ الْجُنُبِ لِعَوْدِهِ لِجِمَاعٍ وَوُضُوئِهِ لِنَوْمٍ وَمَسْأَلَةُ إجْزَاءِ غُسْلِ الْوُضُوءِ عَنْ غُسْلِ مَحَلِّهِ وَكَالْأُمُورِ الَّتِي تَمْنَعُهَا الْجَنَابَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا) أَيْ أَوْ خُرُوجُهُ مُطْلَقًا فِي نَوْمٍ سَوَاءٌ خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ أَوْ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: غَسْلُ جَمِيعِ إلَخْ) اسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا الْمُضَافِ بِإِضَافَةِ ظَاهِرٍ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُفِيدُ الْعُمُومَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ظَاهِرِ الْجَسَدِ الْوَاجِبِ غَسْلُهُ الْفَمُ إلَخْ وَلِذَا كَانَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَمَسْحُ الصِّمَاخَيْنِ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ لَا مِنْ وَاجِبَاتِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ التَّكَامِيشُ إلَخْ) أَيْ بَلْ مِنْهُ التَّكَامِيشُ بِدُبْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرْخِيَ قَلِيلًا لِأَجْلِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ لِدَاخِلِهَا وَيُدَلِّكُهَا وَمِنْهُ أَيْضًا أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ كَأَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَخْلِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: أَيْ بُرُوزِهِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِخُرُوجِ الْمَنِيِّ إشَارَةً إلَى أَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ الرَّجُلِ الْمُوجِبِ لِغُسْلِهِ مُغَايِرٌ لِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالْمُرَادُ بِبُرُوزِهِ عَنْ فَرْجِهَا وُصُولُهُ لِمَحَلِّ مَا يُغْسَلُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ مَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، كَمَا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: لَا مُجَرَّدُ إحْسَاسِهَا بِانْفِصَالِهِ) أَيْ عَنْ مَقَرِّهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَنَدٍ) أَيْ حَيْثُ قَالَ خُرُوجُ مَاءِ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي جَنَابَتِهَا لِأَنَّ عَادَةَ مَنِيِّهَا يَنْعَكِسُ إلَى الرَّحِمِ لِيَتَخَلَّقَ مِنْهُ الْوَلَدُ فَإِذَا أَحَسَّتْ بِانْفِصَالِهِ مِنْ مَقَرِّهِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ
وَانْفِصَالُهُ عَنْ مَقَرِّهِ بِأَنْ وَصَلَ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْ الذَّكَرِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ قَارَنَهَا الْخُرُوجُ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ) خَرَجَ (بِنَوْمٍ) أَيْ فِيهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ لَا بَلْ وَلَوْ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَوْ) وَإِنْ خَرَجَ (بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ) مُعْتَادَةٍ (بِلَا جِمَاعٍ) بِأَنْ نَظَرَ أَوْ تَفَكَّرَ أَوْ بَاشَرَ فَالْتَذَّ فَخَرَجَ الْمَنِيُّ مُقَارِنًا لَهَا أَوْ بَعْدَ ذَهَابِهَا وَسُكُونِ إنْعَاظِهِ سَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِمُجَرَّدِ اللَّذَّةِ جَهْلًا مِنْهُ أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ لِأَنَّ غُسْلَهُ إنْ وَقَعَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا إذْ وُجُوبُهُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ لَا بِاللَّذَّةِ فَقَوْلُهُ (وَلَمْ يَغْتَسِلْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ (لَا) إنْ خَرَجَ يَقَظَةً (بِلَا لَذَّةٍ) بَلْ سَلِسًا أَوْ بِضَرْبَةٍ أَوْ طَرْبَةٍ أَوْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ فَلَا غُسْلَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي الْيَقِظَةِ وَأَمَّا فِي النَّوْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ بُرُوزِهِ مِنْهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَانْفِصَالُهُ عَنْ مَقَرِّهِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ) هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ حَتَّى يَبْرُزَ الْمَنِيُّ عَنْ الذَّكَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ح وَمِثْلُهُ فِي الْعَارِضَةِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا إلَّا بِالْبُرُوزِ خَارِجًا فَإِذَا وَصَلَ مَنِيُّ الرَّجُلِ لِأَصْلِ الذَّكَرِ أَوْ لِوَسَطِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِأَنْ انْقَطَعَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الرَّجُلِ بِانْفِصَالِهِ عَنْ مَقَرِّهِ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِانْتِقَالِهِ فَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ حَدَثٌ لَا تَلْزَمُ الطَّهَارَةُ مِنْهُ إلَّا بِظُهُورِهِ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ وَخِلَافُ سَنَدٍ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَرْأَةِ لَا فِيهَا وَفِي الرَّجُلِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْ الذَّكَرِ) أَيْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا فِي الْقَصَبَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِأَنْ انْقَطَعَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِلَذَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِخُرُوجٍ أَيْ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ مُتَلَبِّسٍ بِلَذَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ خَرَجَ الْمَنِيُّ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِنَوْمٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي يَقَظَةٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ فِي نَوْمٍ (قَوْلُهُ: بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ لَا) تَبِعَ فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ عج مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى ح وتت الْقَائِلَيْنِ إذَا رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّ عَقْرَبًا لَدَغَتْهُ فَأَمْنَى أَوْ حَكَّ لِجَرَبٍ فَالْتَذَّ فَأَمْنَى ثُمَّ انْتَبَهَ فَوَجَدَ الْمَنِيَّ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ وَقَبْلَ طفى مَا لعج مِنْ أَنَّ الْأَحْوَطَ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَكَانَ وَجْهُ التَّفْرِقَةِ عَلَى هَذَا بَيْنَ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ عَدَمُ ضَبْطِ النَّائِمِ لِحَالِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يُؤْخَذُ مِنْ وُجُوبِهِ فِي صُورَةٍ مَا إذَا لَمْ يَعْقِلْ سَبَبًا أَصْلًا أَيْ بِأَنْ رَأَى الْأَثَرَ وَلَمْ يَعْقِلْ السَّبَبَ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا وَجَبَ فِي صُورَةِ جَهْلِ السَّبَبِ حَمْلًا عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ الْخُرُوجُ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَلَ السَّبَبَ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا نَصَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَمَا تَمَسَّكَ بِهِ عج فِي رَدِّهِ عَلَى ح وتت وَاهٍ جِدًّا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مُقَارِنًا لِلَّذَّةِ بَلْ وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ ذَهَابِ اللَّذَّةِ وَسُكُونِ إنْعَاظِهِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْخُرُوجِ بِلَا جِمَاعٍ وَالظَّاهِرُ تَلْفِيقُ حَالَةِ النَّوْمِ لِحَالَةِ الْيَقِظَةِ فَإِذَا الْتَذَّ فِي نَوْمِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ فِي الْيَقَظَةِ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ مِنْ غَيْرِ لَذَّةٍ اغْتَسَلَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِمُجَرَّدِ اللَّذَّةِ جَهْلًا مِنْهُ أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ اللَّذَّةُ نَاشِئَةً عَنْ جِمَاعٍ بِأَنْ أَغَابَ الْحَشَفَةَ وَلَمْ يُنْزِلْ ثُمَّ أَنْزَلَ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّتِهِ وَسُكُونِ إنْعَاظِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَا لَمْ يَكُنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ مُوجِبِ الْغُسْلِ هُوَ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: لَا مَفْهُومَ لَهُ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ قَدْ يُعْتَذَرُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ يَصْدُقُ أَيْضًا بِمَا إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْمَنِيِّ ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا الْبَعْضُ الْبَاقِي فَيَكُونُ هَذَا الْقَيْدُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ يَغْتَسِلُ رَاجِعًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ وَأَمَّا إذَا اغْتَسَلَ لِخُرُوجِ بَعْضِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِ بَاقِيهِ. اهـ بْن (قَوْلُهُ: بَلْ سَلِسًا) أَيْ فَلَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِتَزَوُّجٍ أَوْ تَسَرٍّ أَوْ صَوْمٍ لَا يَشُقُّ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ
(أَوْ) خَرَجَ بِلَذَّةٍ (غَيْرِ مُعْتَادَةٍ) كَنُزُولِهِ بِمَاءٍ حَارٍّ وَلَوْ اسْتَدَامَ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَحَكِّهِ لِجَرَبٍ بِذَكَرِهِ أَوْ هَزِّ دَابَّةٍ لَهُ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ يُحِسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ فَيَسْتَدِيمُ فِيهِمَا حَتَّى يُمْنِي فَيَجِبُ كَذَا يَظْهَرُ وَأَمَّا جَرَبٌ وَحِكَّةٌ بِغَيْرِ ذَكَرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمَاءِ الْحَارِّ (و) لَكِنْ (يَتَوَضَّأُ) وُجُوبًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِنَقْضِ وُضُوئِهِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ فِيهِمَا لَكِنْ فِي السَّلِسِ إنْ فَارَقَ أَكْثَرَ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ
ثُمَّ شُبِّهَ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ وُجُوبُ الْوُضُوءِ دُونَ الْغُسْلِ قَوْلُهُ (كَمَنْ)(جَامَعَ) بِأَنْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يُمْنِ (فَاغْتَسَلَ) لِجِمَاعِهِ (ثُمَّ أَمْنَى) فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْتَسِلُ لِتَقَدُّمِ غُسْلِهِ وَالْجَنَابَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَكَرَّرُ لَهَا الْغُسْلُ (و) لَوْ صَلَّى بِغُسْلِهِ ثُمَّ نَزَلَ الْمَنِيُّ بَعْدَهَا (لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ) الْمُوجِبُ الثَّانِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (و) يَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ (بِمَغِيبِ حَشَفَةٍ) أَيْ رَأْسِ ذَكَرٍ (بَالِغٍ) وَلَوْ لَمْ يَنْتَشِرْ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَيَجِبُ عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ أَيْضًا إنْ كَانَ بَالِغًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ) قَالَ بْن اعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَمَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُ ابْنِ بَشِيرٍ قَالَ شَيْخُنَا عَدَمُ تَعَرُّضِ الشُّرَّاحِ لِنَقْلِ كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَإِعْرَاضُهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَ تَسْلِيمِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ كُلُّ مَا قِيلَ مُسَلَّمًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَدَامَ) أَيْ وَلَوْ حَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَمْنَى وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْمُسْتَظْهِرُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْحَارِّ وَلَوْ حَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ عج لِبُعْدِ الْمَاءِ الْحَارِّ عَنْ شَهْوَةِ الْجِمَاعِ بِخِلَافِ هَزِّ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لِشَهْوَةِ الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمَاءِ الْحَارِّ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَوْ أَحَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ مُطْلَقًا فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْحَارِّ وَالْجَرَبِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ الذَّكَرِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ فَهُوَ كَهَزِّ الدَّابَّةِ إنْ أَحَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَلَ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِلَّا فَلَا وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْحَارِّ وَالْحَكِّ لِلْجَرَبِ وَهَزِّ الدَّابَّةِ مَا لَمْ يُحِسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَيَسْتَدِيمُ وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ فِي الثَّلَاثَةِ وَقَالَ عج لَا يَجِبُ الْغُسْلُ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ مُطْلَقًا وَلَوْ اسْتَدَامَ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَبِ وَهَزِّ الدَّابَّةِ إنْ اسْتَدَامَ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ أَجْمَلَ فِي الْجَرَبِ فَظَاهِرُهُ كَانَ بِذَكَرِهِ أَمْ لَا وَفَصَّلَ فِيهِ شَارِحُنَا فَجَعَلَ الَّذِي فِي الذَّكَرِ كَهَزِّ الدَّابَّةِ وَاَلَّذِي فِي غَيْرِهِ كَالْمَاءِ الْحَارِّ. بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ فِي هَزِّ الدَّابَّةِ إذَا حَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَلَ فَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَوْ كَانَتْ الِاسْتِدَامَةُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ مِنْ عَلَيْهَا كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ لَا غُسْلَ حِينَئِذٍ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ: وُجُوبًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ وَقِيلَ بِنَدْبِهِ فِيهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلًا أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي السَّلَسِ إلَخْ) أَيْ لَكِنْ نَقْضُ الْوُضُوءِ فِي السَّلَسِ إنْ فَارَقَ أَكْثَرَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ لَازَمَهُ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ وَفَارَقَهُ أَقَلَّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ لَمْ يُفَارِقْ فَلَا يَكُونُ نَاقِضًا
(قَوْلُهُ: بِأَنْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ إلَخْ) مِثْلُ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ الْمَرْأَةُ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا مَاءُ الرَّجُلِ بَعْدَ غُسْلِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ أَمْنَى مَعْنَاهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنِيَّهُ أَوْ مَنِيَّ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى) أَيْ الْمُجَامِعُ وَقَوْلُهُ بِغُسْلِهِ أَيْ بَعْد غُسْلِهِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَامَعَ وَاغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِ مَنِيِّهِ وَصَلَّى فَخَرَجَ مَنِيُّهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَمِثْلُ هَذَا مَا إذَا الْتَذَّ بِلَا جِمَاعٍ وَصَلَّى ثُمَّ خَرَجَ مَنِيُّهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ غُسْلُهُ لَكِنْ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ إذَا غَيَّبَهَا فِي فَرْجِ غَيْرِهِ أَوْ فِي دُبُرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا بِأَنْ غَيَّبَهَا فِي فَرْجِ نَفْسِهِ فَلَا مَا لَمْ يُنْزِلْ وَاشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ خَاصٌّ بِالْآدَمِيِّ فَإِذَا غَيَّبَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ فِي فَرْجِهَا وَجَبَ الْغُسْلُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَهِيمَةِ الْبُلُوغُ كَذَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ فِي الْيَقَظَةِ مِنْ جِنِّيٍّ مَا تَرَاهُ مِنْ إنْسِيٍّ مِنْ الْوَطْءِ وَاللَّذَّةِ أَوْ رَأَى الرَّجُلُ فِي الْيَقَظَةِ أَنَّهُ جَامَعَ جِنِّيَّةً قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَى الرَّجُلِ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ وَقَالَ ح الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ أَوْ شَكٌّ فِيهِ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْإِنْزَالِ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَاعْتَرَضَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ الْجِنَّ لَهُمْ حَقِيقَةُ الِاخْتِيَالَاتِ كَمَا تَقُولُ الْحُكَمَاءُ وَأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نَارِيَّةٌ لَهُمْ قُوَّةُ التَّشَكُّلِ وَلِقَوْلِ مَالِكٍ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْجِنِّ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْزَالُ وَلَا شَكٌّ فِيهِ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ تِلْمِيذُهُ عج قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) أَيْ الْغُسْلُ عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ أَيْضًا أَيْ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُغَيِّبِ اسْمُ فَاعِلٍ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ أَيْ الْمُغَيَّبُ فِيهِ بَالِغًا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُغَيِّبَ إنْ كَانَ بَالِغًا وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهِ وَكَذَا عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ إنْ كَانَ بَالِغًا وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْمُغَيِّبِ دُونَ الْمُغَيَّبِ
وَلَوْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً خَفِيفَةً لَا كَثِيفَةً تَمْنَعُ اللَّذَّةَ وَلَا إنْ غَيَّبَ بَعْضَهَا وَلَوْ ثُلُثَيْهَا (لَا مُرَاهِقٌ) أَيْ مُقَارِبٌ لِلْبُلُوغِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَا عَلَى مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ مَا لَمْ تُنْزِلْ (أَوْ) بِمَغِيبِ (قَدْرِهَا) أَيْ قَدْرِ حَشَفَةِ الْبَالِغِ مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مِمَّنْ لَمْ تُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ وَكَذَا لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ مِنْهُ قَدْرَهَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ طُولُهَا لَوْ انْفَرَدَ وَاسْتُظْهِرَ أَوْ مَثْنِيًّا (فِي فَرْجٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَغِيبِ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (وَإِنْ) كَانَ الْفَرْجُ (مِنْ بَهِيمَةٍ وَ) مِنْ (مَيِّتٍ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ إطَاقَةِ ذِي الْفَرْجِ فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ يُنْزِلْ كَمَا إذَا غَيَّبَ بَيْنَ الْفَخْذَيْنِ أَوْ الشَّفْرَيْنِ أَوْ فِي هَوَى الْفَرْجِ.
(وَنُدِبَ) الْغُسْلُ (لِمُرَاهِقٍ) وَمَأْمُورٍ بِالصَّلَاةِ وَطِئَ مُطِيقَةً دُونَ مَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بَالِغَةً مَا لَمْ تُنْزِلْ (كَصَغِيرَةٍ) مَأْمُورَةٍ بِالصَّلَاةِ (وَطِئَهَا بَالِغٌ) لَا غَيْرُهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا (لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى امْرَأَةٍ (بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُغَيِّبُ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ غَيَّبَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَمْ لَا مَا لَمْ يُنْزِلْ ذَلِكَ الْمُغَيَّبُ فِيهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِلْإِنْزَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَفَّ إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ (قَوْلُهُ: لَا كَثِيفَةَ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ) أَيْ وَلَيْسَتْ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى الْحَشَفَةِ بِمَثَابَةِ الْخِرْقَةِ الْكَثِيفَةِ فَيَجِبُ مَعَهَا الْغُسْلُ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ مَعَهَا لَذَّةٌ عَظِيمَةٌ بِخِلَافِ الْخِرْقَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ ثُلُثَيْهَا) الْمُبَالَغَةُ عَلَى ذَلِكَ تَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا غَيَّبَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ تَغْيِيبِهَا بِتَمَامِهَا أَوْ تَغْيِيبِ قَدْرِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ مُقَارِبٌ لِلْبُلُوغِ) وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَلَوْ حَذَفَ لَا مُرَاهِقَ اسْتِغْنَاءً بِمَفْهُومِ الْوَصْفِ وَبِقَوْلِهِ بَعْدُ وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ لَكَانَ أَنْسَبَ بِاخْتِصَارِهِ اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ لَا مُرَاهِقَ وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ إنَّ وَطْأَهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُعْتَبَرُ) أَيْ فِيمَا إذَا ثَنَى ذَكَرَهُ وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ ذَكَرُهُ كُلُّهُ بِصِفَةِ الْحَشَفَةِ هَلْ يُرَاعَى قَدْرُهَا أَيْضًا مِنْ الْمُعْتَادِ أَوْ لَا بُدَّ فِي إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ تَغْيِيبِهِ كُلِّهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ وَهُوَ مُرَاعَاةُ قَدْرِهَا مِنْ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ دُبُرَ نَفْسِهِ أَوْ دُبُرَ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ خُنْثَى مُشْكِلًا وَظَاهِرُهُ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْقُبُلِ فِي مَحَلِّ الِافْتِضَاضِ أَوْ فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَاشْتَرَطَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ مَحَلَّ الِافْتِضَاضِ وَتَعَقَّبَهُ التَّادَلِيُّ قَائِلًا إنَّ تَغْيِيبَهَا فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ قُصَارَاهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ تَغْيِيبِهَا فِي الدُّبُرِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ فَلَوْ دَخَلَ الشَّخْصُ بِتَمَامِهِ فِي الْفَرْجِ فَلَا نَصَّ عِنْدَنَا وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ إنْ بَدَأَ فِي الدُّخُولِ بِذَكَرِهِ اغْتَسَلَ وَإِلَّا فَلَا كَأَنَّهُمْ رَأَوْهُ كَالتَّغْيِيبِ فِي الْهَوَاءِ وَيُفْرَضُ ذَلِكَ فِي الْفِيَلَةِ وَدَوَابِّ الْبَحْرِ الْهَائِلَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ فِي الدُّبُرِ يُوجِبُ الْغُسْلَ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَفِي ح قَوْلٌ شَاذٌّ لِمَالِكٍ إنَّ التَّغْيِيبَ فِي الدُّبُرِ لَا يُوجِبُ غُسْلًا حَيْثُ لَا إنْزَالَ وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ أَوْجَبَ الْغُسْلَ فَإِذَا كَانَ مُتَوَضِّئًا وَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الدُّبُرِ وَلَمْ يُنْزِلْ وَغَسَلَ مَا عَدَا أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مَيِّتٍ) أَيْ وَلَا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُغَيَّبِ فِيهِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ لَا يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ حِينَ غُسْلِهِ أَوَّلًا فَلِمَ غُسِلَ لِأَنَّا نَقُولُ غُسْلُهُ أَوَّلًا تَعَبُّدٌ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتٍ فِي الْمُغَيَّبِ فِيهِ وَأَمَّا الْمُغَيِّبُ فَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى مَوْطُوءَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا بِأَنْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ مَا لَمْ تُنْزِلْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إطَاقَةِ ذِي الْفَرْجِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فَلَا غُسْلَ) أَيْ ذِي الْحَشَفَةِ الْمُغَيِّبِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي هَوَى الْفَرْجِ) أَيْ أَوْ فِي ثُقْبِهِ بِالْأَوْلَى وَلَوْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَا لَمْ يُنْزِلْ بِخِلَافِ تَغْيِيبِهَا فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ إلَخْ) فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ نَدْبِ الْغُسْلِ لِلْمُرَاهِقِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي وَطِئَهَا بَالِغٌ وَنَصُّهُ إذَا عَدِمَ الْبُلُوغُ فِي الْوَاطِئِ أَوْ الْمَوْطُوءَةِ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لَا غُسْلَ وَيُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ اهـ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ سَحْنُونٍ يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَلَّيَا بِدُونِ غُسْلٍ فَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ يُعِيدُ بِقُرْبِ ذَلِكَ لَا أَبَدًا قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمُرَادُ بِالْقُرْبِ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي طفى وَالْمُرَادُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِمَا عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ كَالْوُضُوءِ لَا تَرَتُّبِ الْإِثْمِ عَلَى التَّرْكِ (قَوْلُهُ: وَطِئَ مُطِيقَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: دُونَ مَوْطُوءَتِهِ) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ لَهَا وَلَوْ بَالِغَةً (قَوْلُهُ: كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا) أَيْ فَيُنْدَبُ لَهَا الْغُسْلُ وَيَجِبُ عَلَى وَاطِئِهَا الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: مَأْمُورَةً بِالصَّلَاةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُرَاهِقَةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ مُرَاهِقًا أَنَّهُ يُنْدَبُ الْغُسْلُ لَهُ وَلِمَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بَالِغَةً مَا لَمْ تُنْزِلْ وَلِمَنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ إذَا وَطِئَهَا بَالِغٌ أَوْ غَيْرَهُ يُنْدَبُ لَهَا الْغُسْلُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ وَاطِئِهَا بَالِغًا أَوْ غَيْرَهُ فِي نَدْبِ الْغُسْلِ لَهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ إمَّا بَالِغَانِ أَوْ بَالِغٌ وَصَغِيرَةٌ أَوْ صَغِيرٌ
وَلَوْ بِجِمَاعٍ فِيمَا دُونَهُ وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ تَحْصُلْ مُلَامَسَةٌ (وَلَوْ الْتَذَّتْ) بِوُصُولِهِ لِفَرْجِهَا مَا لَمْ تُنْزِلْ
وَأَشَارَ إلَى الْمُوجِبِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَ) يَجِبُ الْغُسْلُ (بِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ) أَرَادَ بِهِ تَنَفُّسَ الرَّحِمِ بِالْوَلَدِ فَلِذَا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ (بِدَمٍ) مَعَهُ (وَاسْتُحْسِنَ) الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ النِّفَاسِ بِدَمٍ (وَبِغَيْرِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا انْقِطَاعُ دَمِهِمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْحَيْضِ
(لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ (بِاسْتِحَاضَةٍ)(وَنُدِبَ) الْغُسْلُ (لِانْقِطَاعِهِ وَيَجِبُ)(غُسْلُ كَافِرٍ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَصْلِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ بَعْدَ اغْتِسَالِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ (بَعْدَ الشَّهَادَةِ) أَيْ بَعْدَ النُّطْقِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ إفْرَادِ اللَّهِ بِالْأُلُوهِيَّةِ وَلِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِالرِّسَالَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِسْلَامِ لَفْظُ أَشْهَدُ وَلَا النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ وَلَا التَّرْتِيبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (بِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِسَبَبِ مَا (ذُكِرَ) مِنْ الْمُوجِبَاتِ الْأَرْبَعِ لَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهَا كَبُلُوغِهِ بِسِنٍّ أَوْ إنْبَاتٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَكَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَانِ فَفِي الْأُولَى يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا وَفِي الثَّانِيَةِ الْغُسْلُ عَلَى الْوَاطِئِ وَيُنْدَبُ لِلْمَوْطُوءَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ يُنْدَبُ لِلْوَاطِئِ دُونَ مَوْطُوءَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا فِي الرَّابِعَةِ أَمَّا وُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا فِي الْأُولَى وَعَلَى الْوَاطِئِ فِي الثَّانِيَةِ فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ وَنَدْبَهُ لِلْمَوْطُوءَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا بَالِغٌ وَنَدْبَهُ لِلْوَاطِئِ دُونَ الْمَوْطُوءَةِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةُ فَمَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ أَيْ دُونَ مَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بَالِغَةً كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجِمَاعٍ فِيمَا دُونَهُ) أَيْ كَمَا لَوْ أَمْنَى فِي سُرَّتِهَا أَوْ شُفْرِهَا مِنْ غَيْرِ تَغْيِيبِ حَشَفَةٍ وَسَالَ الْمَنِيُّ حَتَّى وَصَلَ لِفَرْجِهَا وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا شَرِبَ فَرْجُهَا مَنِيًّا مِنْ فَوْقِ بَلَاطِ الْحَمَّامِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ) أَيْ لِأَنَّ وُصُولَ الْمَنِيِّ لِفَرْجِهَا لَيْسَ بِحَدَثٍ وَلَا سَبَبٍ وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّا يَقْتَضِي الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَذَّتْ بِوُصُولِهِ لِفَرْجِهَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحَمْلِهِ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ تَلْتَذَّ عَلَى الْإِنْزَالِ وَأَبْقَاهَا الْبَاجِيَّ وَالتُّونُسِيُّ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُنْزِلْ) أَيْ أَوْ تَحْمِلْ مِنْ ذَلِكَ الْمَنِيِّ الَّذِي وَصَلَ لِفَرْجِهَا بِجِمَاعٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَإِذَا حَمَلَتْ اغْتَسَلَتْ وَأَعَادَتْ الصَّلَاةَ مِنْ يَوْمِ وُصُولِهِ لِأَنَّ حَمْلَهَا مِنْهُ بَعْدَ انْفِصَالِ مَنِيِّهَا مِنْ مَحَلِّهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَهَذَا الْفَرْعُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ سَنَدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَنِيَّ فِي حُكْمِ مَا خَرَجَ بِالْفِعْلِ لِتَخَلُّقِ الْوَلَدِ مِنْهُ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَاءَ لَمَّا كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْخَارِجِ لَوْلَا الْحَمْلُ وَجَبَ الْغُسْلُ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ كَتَحَقُّقِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ مَنِيٍّ شَرِبَهُ فَرْجُهَا مِنْ كَحَمَّامٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ وَلَا إعَادَةُ صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ يَسْتَلْزِمُ إمْنَاءَهَا لَكِنَّهُ هُنَا قَدْ خَرَجَ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ كَانَ لَهَا مَنْ يُلْحَقُ بِهِ أَوْ زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ وَأَمْكَنَ إلْحَاقُهُ بِهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَهَا أَوْ مَلَكَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ الْمَنِيَّ الَّذِي جَلَسَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ مَنْ يُلْحَقُ بِهِ أَوْ كَانَ لَهَا وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ فَهُوَ ابْنُ زِنًا وَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا حَمَلَتْ مِنْ مَنِيٍّ شَرِبَهُ فَرْجُهَا لَا يَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهَا الْحَدَّ بَلْ الْحَدُّ وَاجِبٌ لِأَنَّهَا ادَّعَتْ مَا لَا تَعْرِفُ
(قَوْلُهُ: بِحَيْضٍ) أَيْ بِوُجُودِ حَيْضٍ فَالْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ وُجُودُ الْحَيْضِ لَا انْقِطَاعُهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: تَنَفُّسُ الرَّحِمِ) أَيْ طَرْحُ الرَّحِمِ لِلْوَلَدِ (قَوْلُهُ: بِدَمٍ) أَيْ مُتَلَبِّسٍ بِدَمٍ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ جَافًّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ بَلْ يُنْدَبُ فَقَطْ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِتَنَفُّسِ الرَّحِمِ بِدُونِ دَمٍ أَمْ لَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُحْسِنَ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفِ مِنْ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِهِ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فِي خِيَاطَتِهِ
(قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِاسْتِحَاضَةٍ) أَيْ بِوُجُودِ دَمِ اسْتِحَاضَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الرِّسَالَةِ وَهَذَا مَفْهُومُ حَيْضٍ وَصَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ غَيْرِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْغُسْلُ لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ لِأَجْلِ النَّظَافَةِ وَتَطْيِيبًا لِلنَّفْسِ كَمَا يُنْدَبُ غُسْلُ الْمَعْفُوَّاتِ إذَا تَفَاحَشَتْ لِذَلِكَ وَالِاسْتِحَاضَةُ دَمٌ مِنْ جُمْلَتِهَا وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَالَطَ الِاسْتِحَاضَةَ حَيْضٌ وَهِيَ لَا تَشْعُرُ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْغُسْلِ لَا نَدْبَهُ لِوُجُودِ الشَّكِّ فِي الْجَنَابَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ لَمْ يَصِلْ لِلشَّكِّ عَلَى أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا إذَا تَمَادَى بِهَا الدَّمُ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَلَا يَتَأَتَّى إذَا زَادَ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ قَبْلَ طُهْرٍ فَاصِلٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ إلَخْ) أَيْ إذَا وَجَدَ مَاءً وَإِلَّا تَيَمَّمَ كَالْجُنُبِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ الْغُسْلَ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ النُّطْقِ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ اعْتِقَادِ مُكَفِّرٍ كَاعْتِقَادِ عَدَمِ عُمُومِ رِسَالَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) قَالَ الْبَكْرِيُّ فِي شَرْحِ عَقِيدَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ اخْتَلَفُوا هَلْ يَتَعَيَّنُ لِلدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ لَفْظُ الشَّهَادَتَيْنِ أَوْ لَا بَلْ يَكْفِي مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ عَلَى قَوْلَيْنِ وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَقَاصِدِ كَيْفَ كَانَ
بَلْ يُنْدَبُ (وَصَحَّ) غُسْلُهُ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الشَّهَادَةِ أَيْ قَبْلَ النُّطْقِ بِهَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ أَجْمَعَ) بِقَلْبِهِ أَيْ صَمَّمَ وَعَزَمَ (عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ النُّطْقُ لِأَنَّ إسْلَامَهُ بِقَلْبِهِ إسْلَامٌ حَقِيقِيٌّ مَتَى عَزَمَ عَلَى النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ إبَاءٍ وَلَوْ مَاتَ لَمَاتَ مُؤْمِنًا لِأَنَّ النُّطْقَ لَيْسَ رُكْنًا مِنْ الْإِيمَانِ وَلَا شَرْطَ صِحَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَسَوَاءٌ نَوَى بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ أَوْ الطَّهَارَةَ أَوْ الْإِسْلَامَ لِأَنَّ نِيَّتَهُ الطُّهْرُ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ فِيهِ حَالَ كُفْرِهِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ الْحَدَثِ وَعَطَفَ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ قَوْلُهُ (لَا الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ بِالتَّصْمِيمِ الْقَلْبِيِّ دُونَ نُطْقٍ بِالشَّهَادَتَيْنِ إذْ النُّطْقُ شَرْطُ صِحَّةٍ فِيهِ أَيْ فِي الْإِسْلَامِ الظَّاهِرِيِّ فَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ وَنِكَاحٍ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (إلَّا لِعَجْزٍ) عَنْ النُّطْقِ كَخَرَسٍ مَعَ قِيَامِ الْقَرَائِنِ عَلَى أَنَّهُ أَذْعَنَ بِقَلْبِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ وَتَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ الْمُنْجِي عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَاشٍ عَلَى الصَّحِيحِ
(وَإِنْ)(شَكَّ) مَنْ وَجَدَ بِفَرْجِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ فَخِذِهِ شَيْئًا مِنْ بَلَلٍ أَوْ أَثَرٍ (أَمَذْيٌ) هُوَ (أَوْ مَنِيٌّ) وَكَانَ شَكُّهُ فِيهِمَا مُسْتَوِيًا وَإِلَّا عَمِلَ بِمُقْتَضَى الرَّاجِحِ مِنْهُمَا (اغْتَسَلَ) وُجُوبًا لِلِاحْتِيَاطِ كَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ الْمَشْرُوعِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» وَحَدِيثُ «خَالِدٍ حَيْثُ قَتَلَ مَنْ قَالَ صَبَأْنَا أَيْ أَسْلَمْنَا وَلَمْ يُحْسِنُوا غَيْرَ هَذَا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمَّا فَعَلَ خَالِدٌ ثُمَّ وَدَاهُمْ عليه الصلاة والسلام وَعَذَرَ خَالِدًا فِي اجْتِهَادِهِ» (قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ الزَّرْقَانِيُّ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ آخَرَانِ وُجُوبُ الْغُسْلِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَالثَّالِثُ لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا لِجَبِّ الْإِسْلَامِ لِمَا قَبْلَهُ بَلْ يُنْدَبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ غُسْلُهُ قَبْلَهَا) أَيْ مِنْ مُوجِبٍ حَصَلَ مِنْهُ فِي حَالِ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إبَاءٌ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ بِقَلْبِهِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْلَامِ هُنَا النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْعَزْمَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ النُّطْقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إسْلَامَهُ بِقَلْبِهِ) الْأَوْلَى لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ بِقَلْبِهِ إيمَانٌ حَقِيقِيٌّ مَتَى عَزَمَ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ عِبَارَةٌ عَنْ الِانْقِيَادِ الظَّاهِرِيِّ وَأَمَّا التَّصْدِيقُ الْقَلْبِيُّ فَهُوَ إيمَانٌ (قَوْلُهُ: وَلَا شَرْطُ صِحَّةٍ) أَيْ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِنْ غُسْلٍ وَصَلَاةٍ وَإِرْثٍ وَدَفْنٍ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ إنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْإِيمَانِ فَالْإِيمَانُ مُرَكَّبٌ مِنْ الْإِذْعَانِ الْقَلْبِيِّ وَالنُّطْقِ وَقِيلَ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَنْطِقَ وَلَا يَصِحُّ غُسْلُهُ قَبْلَ نُطْقِهِ وَلَوْ كَانَ عَازِمًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ نَوَى بِغَسْلِهِ الْجَنَابَةَ) أَيْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَهَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ قَبْلَهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِذَلِكَ الْغُسْلِ التَّنْظِيفَ أَوْ إزَالَةَ الْوَسَخِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ نِيَّتَهُ الطُّهْرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِسْلَامِ نِيَّةٌ لِلطُّهْرِ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مُلْتَبِسًا بِهِ حَالَ كُفْرِهِ مِنْ الْأَقْذَارِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) أَيْ وَنِيَّتُهُ لِلطُّهْرِ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ فِيهِ حَالَ كُفْرِهِ تَسْتَلْزِمُ رَفْعَ الْحَدَثِ أَيْ الْوَصْفِ الْمَانِعِ مِنْ قُرْبَانِ الصَّلَاةِ مِنْ اسْتِلْزَامِ الْكُلِّيِّ لِجُزْئِيِّهِ لِأَنَّ الْوَصْفَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَقْذَارِ الَّتِي كَانَ مُلْتَبِسًا بِهَا حَالَ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بِالتَّصْمِيمِ الْقَلْبِيِّ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ بِالْعَزْمِ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ دُونَ نُطْقٍ بِهِمَا بِالْفِعْلِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ بِقَلْبِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ) أَيْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّجَاةِ مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ فَيَنْفَعُهُ التَّصْمِيمُ عَلَى النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ إبَاءٍ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهُ تَصْدِيقٌ قَلْبِيٌّ وَإِذْعَانٌ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ) أَيْ بِالْإِسْلَامِ الْمَنْفِيِّ حُصُولَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالتَّصْمِيمِ عَلَى النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِالْفِعْلِ الْإِسْلَامَ الْمُنْجِي عِنْدَ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ وَالْإِذْعَانِ وَالْعَزْمِ عَلَى النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ إبَاءٍ أَيْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْإِسْلَامُ الظَّاهِرِيُّ وَهُوَ جَرَيَانُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الْإِسْلَامُ أَيْ جَرَيَانُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَنْطِقْ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِالْفِعْلِ إلَّا لِعَجْزٍ فَتَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ إسْلَامَهُ بِقَلْبِهِ إسْلَامٌ حَقِيقِيٌّ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِسْلَامَ الْمُنْجِي لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهُ عَلَى النُّطْقِ بِالْفِعْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْإِسْلَامُ الظَّاهِرِيُّ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ فَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُنْجِي وَالْوَاقِعُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى الظَّاهِرِيِّ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِسْلَامِ الظَّاهِرِيِّ وَهُوَ جَرَيَانُ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ كَانَ مَاشِيًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ النُّطْقَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْإِسْلَامِ الْمُنْجِي كَانَ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النُّطْقَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ أَوْ شَطْرٌ مِنْهُ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَمِلَ بِمُقْتَضَى الرَّاجِحِ) أَيْ بِمُقْتَضَى مَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَنِيٌّ اغْتَسَلَ أَوْ مَذْيٌ غَسَلَ ذَكَرَهُ فَقَطْ بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: اغْتَسَلَ وُجُوبًا) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ زِيَادٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْوُضُوءُ مَعَ غَسْلِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: لِلِاحْتِيَاطِ) أَيْ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ كَتَحَقُّقِهِ وَمِنْهُ إذَا شَكَّ هَلْ غَابَتْ حَشَفَتُهُ كُلُّهَا
(وَ) لَوْ وَجَدَهُ هَذَا الشَّاكُّ فِي ثَوْبِهِ وَلَمْ يَدْرِ أَيُّ نَوْمَةٍ حَصَلَ فِيهَا؟ اغْتَسَلَ وَ (أَعَادَ) صَلَاتَهُ (مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ) نَامَهَا فِيهِ كَانَ يَنْزِعَهُ أَوَّلًا (كَتَحَقُّقِهِ) أَيْ تَحَقُّقِ أَنَّهُ مَنِيٌّ وَلَمْ يَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ وَمَحِلُّ الْإِعَادَةِ بَعْدَ الْغُسْلِ فِيهِمَا إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُمْنِي فَقَطْ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ غُسْلٌ بَلْ يُنْدَبُ فَقَطْ وَدَلَّ قَوْلُهُ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ أَنَّ شَكَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنِيٌّ فَإِنْ دَارَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ كَمَذْيٍ وَمَنِيٍّ وَوَدْيٌ أَوْ بَوْلٌ لَمْ يَجِبْ غُسْلٌ لِضَعْفِ الشَّكِّ فِي الْمَنِيِّ حِينَئِذٍ إذْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمُقَابِلَيْهِ وَهْمٌ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْمُوجِبَاتِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْوَاجِبَاتِ أَيْ الْفَرَائِضِ وَهِيَ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ تَعْمِيمُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِالْمَاءِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي الْفَرْجِ أَوْ بَعْضُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَهُ هَذَا الشَّاكُّ) أَيْ وَلَوْ وَجَدَ الشَّخْصُ الشَّيْءَ الَّذِي شَكَّ فِيهِ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ فِي ثَوْبِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ يَنْزِعُهُ) أَيْ فِي مُدَّةِ لُبْسِهِ السَّابِقَةِ عَلَى النَّوْمَةِ الْأَخِيرَةِ أَمْ لَا وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ مُطْلَقًا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَرِوَايَةُ عَلِيٍّ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَجَعَلَهُ أَبُو عُمَرَ مُقَابِلًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ مَذْهَبَهَا أَنَّهُ يُعِيدُ مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ إنْ كَانَ لَا يَنْزِعُهُ وَإِنْ كَانَ يَنْزِعُهُ فَمِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ كَتَحَقُّقِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَنْزِعُهُ فَمَا بَعْدَ النَّوْمَةِ الْأُولَى قَدْ تَطَرَّقَ لَهُ الشَّكُّ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ إعَادَتُهُ قَالَ الْبَاجِيَّ وَرَأَيْت أَكْثَرَ الشُّيُوخِ يَجْعَلُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِلْمُوَطَّإِ وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِطَرِيقَةِ الْبَاجِيَّ لَا لِمَا حَكَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِ لَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي مُخَالَفَةُ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: كَتَحَقُّقِهِ) تَشْبِيهٌ فِي الْإِعَادَةِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَأَى مَنِيًّا فِي ثَوْبِ نَوْمِهِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا وَلَمْ يَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ طَرِيًّا أَوْ يَابِسًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنْ كَانَ طَرِيًّا فَمِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَمِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْإِعَادَةِ بَعْدَ الْغُسْلِ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ وَالتَّحَقُّقِ إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ غَيْرُهُ إلَخْ وَهَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْ شَخْصَيْنِ لَبِسَا ثَوْبًا وَنَامَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهَا وَلَمْ يُحْتَمَلْ لُبْسُ غَيْرِهِمَا لِتِلْكَ الثَّوْبِ وَوَجَدَا فِيهَا مَنِيًّا وَلِقَوْلِ الْبُرْزُلِيِّ لَوْ نَامَ شَخْصَانِ تَحْتَ لِحَافٍ ثُمَّ وَجَدَا مَنِيًّا عَزَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ زَوْجَيْنِ اغْتَسَلَا وَصَلَّيَا مِنْ أَوَّلِ مَا نَامَا فِيهِ لِتَطَرُّقِ الشَّكِّ إلَيْهِمَا مَعًا فَلَا يَبْرَآنِ إلَّا بِيَقِينٍ وَإِنْ كَانَا زَوْجَيْنِ اغْتَسَلَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا ذَلِكَ اهـ وَمَا جَمَعَ بِهِ عبق بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَغَايِرَانِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الثَّانِي لَا مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ: أَنَّ شَكَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنِيٌّ) فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مَنِيٍّ بِأَنْ شَكَّ هَلْ مَذْيٌ أَوْ بَوْلٌ أَوْ مَذْيٌ أَوْ وَدْيٌ وَجَبَ غَسْلُ ذَكَرِهِ كُلِّهِ بِنِيَّةٍ وَإِنْ شَكَّ أَبَوْلٌ أَوْ وَدْيٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَارَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ) أَيْ وَكَانَ أَحَدُهُمَا مَنِيًّا كَمَا مَثَّلَ (قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الشَّكِّ فِي الْمَنِيِّ) أَيْ لِتَعَدُّدِ مُقَابِلِهِ ثُمَّ إنَّهُ إنْ كَانَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ مَذْيًا وَجَبَ غَسْلُ ذَكَرِهِ كُلِّهِ عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ شَيْخُنَا كَمَا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ لِضَعْفِ الشَّكِّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا دَار الشَّكُّ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنِيٌّ وَجَبَ الْغُسْلُ كَمَا إذَا شَكَّ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ أَوْ بَوْلٌ أَوْ مَنِيٌّ أَوْ وَدْيٌ أَوْ مَنِيٌّ وَإِذَا دَارَ شَكُّهُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مَنِيًّا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَذْيًا وَجَبَ غَسْلُ الذَّكَرِ كَمَا إذَا شَكَّ أَمَذْيٌ أَوْ بَوْلٌ أَوْ مَذْيٌ أَوْ وَدْيٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مَذْيًا أَيْضًا بِأَنْ شَكَّ هَلْ وَدْيٌ أَوْ بَوْلٌ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَإِنْ دَارَ شَكُّهُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَكَانَتْ أَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةً فَالْحُكْمُ لِلْأَوْسَطِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا إذَا شَكَّ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ أَوْ بَوْلٌ أَوْ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ أَوْ وَدْيٌ فَالْوَاجِبُ غُسْلُ الذَّكَرِ فِيهِمَا. وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يَجِبُ غُسْلُ الْجَسَدِ وَلَا غَسْلُ الذَّكَرِ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَسَطٌ فَالْحُكْمُ لِلْمُتَّفِقِ لِضَعْفِ الْمُقَابِلِ كَمَا إذَا شَكَّ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ وَدْيٌ أَوْ بَوْلٌ
1 -
. (تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَمَّا إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ حَيْضًا فِي ثَوْبِهَا وَلَمْ تَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ وَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ رَأَى مَنِيًّا فِي ثَوْبِهِ وَلَمْ يَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ فَتَغْتَسِلُ وَتُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَتُعِيدُ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ صَامَتْهُ فِيهِ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وتت فَفَرَّقَا بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ رَأَتْ فِي ثَوْبِهَا حَيْضًا لَا تَذْكُرُ وَقْتَ إصَابَتِهِ إنْ كَانَتْ لَا تَتْرُكُ ذَلِكَ الثَّوْبَ أَعَادَتْ الصَّلَاةَ مُدَّةَ لُبْسِهِ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا وَقْتَ