الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُؤَنِ التَّجْهِيزِ بَلْ يَلِيهِ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُسْلِمُونَ (وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا) لَهُ (كَافِرًا وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (إلَّا أَنْ) يَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ (يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ) وُجُوبًا مُكَفَّنًا فِي شَيْءٍ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَبِ وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ قِبْلَتَنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ إذْ لَا نُعَظِّمُهَا فَلَا نَقْصِدُ جِهَةً مَخْصُوصَةً
(وَالصَّلَاةُ) عَلَى الْجِنَازَةِ (أَحَبُّ) أَيْ أَفْضَلُ عِنْدَ مَالِكٍ (مِنْ) صَلَاةِ (النَّفْلِ) بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلِ (إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ) وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ الثَّانِي (إنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (كَجَارٍ) لِلْمُصَلِّي مِنْ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ (أَوْ) كَانَ (صَالِحًا) تُرْجَى بَرَكَتُهُ وَإِلَّا كَانَ النَّفَلُ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ أَفْضَلَ
{بَابٌ} (تَجِبُ زَكَاةُ نِصَابِ النَّعَمِ) الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بَقَاءَ الْعَذَابِ عَلَى حَقِيقَتِهِ
(قَوْلُهُ وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ) أَيْ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا كَافِرًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ تَعَبُّدٌ لَا لِلنَّظَافَةِ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ لِزَوَالِ حُرْمَةِ أَبَوَيْهِ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَبِ) أَيْ بَلْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَقَارِبِ، كَذَلِكَ بَلْ لَوْ وُجِدَ كَافِرٌ مَيِّتٌ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَلَا مِنْ أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ وَخِيفَ ضَيَاعُهُ وَجَبَتْ مُوَارَاتُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا وَقِيلَ إنَّ الْحَرْبِيَّ يُتْرَكُ لِلْكِلَابِ تَأْكُلُهُ
(قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ النَّفَلُ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ أَفْضَلَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْفَرْضِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ ثَوَابِ النَّفْلِ فَكَيْفَ يَكُونُ النَّفَلُ أَحَبَّ مِنْهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْ الْغَيْرِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ لَا بِالْفَرَاغِ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ أَنَّ اللَّاحِقَ بِالدَّاخِلِ فِيهِ يَقَعُ فِعْلُهُ فَرْضًا وَإِنْ قِيلَ بِسُقُوطِهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَالْبَحْثُ بَاقٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ بْن وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهُمْ تَوَسَّطُوا هُنَا فَلَمْ يَقُولُوا بِأَفْضَلِيَّتِهَا مِنْ النَّفْلِ مُطْلَقًا نَظَرًا لِمَا قِيلَ إنَّهَا صَلَاةٌ لُغَوِيَّةٌ الْقَصْدُ مِنْهَا الدُّعَاءُ حَتَّى أَجَازَهَا بَعْضُهُمْ بِلَا وُضُوءٍ وَلَيْسَ فِيهَا السُّجُودُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ إذَا كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهِ وَقَوَّى النَّظَرَ لِفَرْضِيَّتِهَا حَقُّ الْجَارِ وَبَرَكَةُ الصَّالِحِ
[بَابُ الزَّكَاةِ]
(بَابُ الزَّكَاةِ)(قَوْلُهُ وَشَرْعًا إخْرَاجُ إلَخْ) هَذَا تَعْرِيفٌ لَهَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَقَوْلُهُ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ أَيْ الْجُزْءِ الْمَخْصُوصِ الْمُخْرَجِ مِنْ الْمَالِ الْمَخْصُوصِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا الْمَدْفُوعُ لِمُسْتَحِقِّهِ إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحُوِّلَ غَيْرُ الْمَعْدِنِ، وَهَذَا تَعْرِيفٌ لَهَا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجُزْءُ الْمَأْخُوذُ زَكَاةً مَعَ كَوْنِهِ يُنْقِصُ الْمَالَ حِسًّا لِنُمُوِّهِ فِي نَفْسِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي حَدِيثِ «مَا تَصَدَّقَ عَبْدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ إلَّا كَأَنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ كَالْجَبَلِ» أَوْ لِأَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الْمَالِ بِالْبَرَكَةِ وَالتَّنْمِيَةِ بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَاحِ أَوْ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَزْكُو بِأَدَائِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] (قَوْلُهُ مِنْ مَالٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ النَّعَمُ وَالْحَرْثُ وَالنَّقْدَانِ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ وَالْمَعَادِنُ (قَوْلُهُ تَجِبُ زَكَاةُ إلَخْ) هَذَا فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا كُلُّ نِصَابٍ مِنْ أَنْوَاعِ النَّعَمِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَظَاهِرُهُ كَانَ مِلْكًا لِوَاحِدٍ أَوْ لِأَكْثَرَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ لَا الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ نِصَابُ النَّعَمِ) النِّصَابُ لُغَةً الْأَصْلُ وَشَرْعًا الْقَدْرُ الَّذِي إذَا بَلَغَهُ الْمَالُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ وَسُمِّيَ نِصَابًا أَخْذًا لَهُ مِنْ النُّصُبِ لِأَنَّهُ كَعَلَامَةٍ
(بِمِلْكٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى غَاصِبٍ وَمُودَعٍ بِالْفَتْحِ وَمُلْتَقِطٍ (وَحَوْلٍ كَمُلَا) أَيْ الْمِلْكُ وَالْحَوْلُ فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْمِلْكُ كَمَالِ الْعَبْدِ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَمَالِ الْمَدِينِ بِشَرْطٍ فَلَا تَجِبُ فِيهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكْمُلْ الْحَوْلُ وَأَمَّا جَوَازُ إخْرَاجِهَا قَبْلَهُ بِشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
نُصِبَتْ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَوْ لِأَنَّ لِلْفُقَرَاءِ فِيهِ نَصِيبًا وَالنَّعَمُ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ وَهِيَ الْمَالُ الرَّاعِيَةُ فَيَصْدُقُ بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَا ذَكَرَ نَعَمًا لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ مِنْ النُّمُوِّ وَعُمُومِ الِانْتِفَاعِ وَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا اسْمُ جِنْسٍ لِأَنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ بَلْ مِنْ مَعْنَاهُ وَاسْمُ الْجِنْسِ هُوَ الَّذِي يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ بِمِلْكٍ) أَيْ بِسَبَبِ مِلْكٍ لِلنِّصَابِ وَبِسَبَبِ حَوْلٍ أَيْ مُرُورِ حَوْلٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَصْلِهِ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ نَعْجَةً تَمَامَ الْحَوْلِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ كَانَ مَلَكَ عِشْرِينَ نَعْجَةً حَوَامِلَ ثُمَّ وَلَدَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَقَدْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى أَصْلِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ بِلَا خِلَافٍ لِصِدْقِ تَعْرِيفِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُوبُهَا وَلَا عَدَمُهُ لِتَوَقُّفِ وُجُوبِهَا عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ وَفَقْدِ الْمَانِعِ كَالدِّينِ فِي الْعَيْنِ وَأَمَّا الْمِلْكُ فَقَالَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ سَبَبٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْوُجُوبِ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ شَرْطٌ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْوُجُوبِ وَلَا عَدَمُهُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى شُرُوطٍ أُخَرَ كَالْحَوْلِ وَانْتِفَاءِ مَانِعٍ كَالدِّينِ وَقَرْنُ الْمُؤَلِّفِ لَهُ بِالشَّرْطِ يُؤَكِّدُ كَوْنَهُ شَرْطًا وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالْبَاءِ الَّتِي لِلسَّبَبِيَّةِ لِأَنَّ جَعْلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَهَا فِي حَقِيقَتِهَا وَهُوَ السَّبَبِيَّةُ وَمَجَازُهَا وَهُوَ الْمَعِيَّة.
(قَوْلُهُ كَمَا الْعَبْدُ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ) أَيْ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ لَكِنْ مِلْكُهُ غَيْرُ تَامٍّ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مَرْدُودٌ لَا لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعَهُ لِعَدَمِ صِدْقِ هَذِهِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِأَنَّ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ
فَرُخْصَةٌ هَذَا إذَا كَانَتْ النَّعَمُ سَائِمَةً وَهِيَ الرَّاعِيَةُ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مَعْلُوفَةً) وَلَوْ فِي كُلِّ الْحَوْلِ (وَعَامِلَةً) فِي حَرْثٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ سَقْيٍ (وَنِتَاجًا) بِكَسْرِ النُّونِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا (لَا) تَجِبُ فِي الْمُتَوَلِّدِ (مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ) كَمَا لَوْ ضَرَبَتْ فَحَوْلُ الظِّبَاءِ إنَاثَ الْغَنَمِ أَوْ الْعَكْسِ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ (وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ) مِنْ النَّعَمِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا تَجَدَّدَ مِنْهَا وَلَوْ بِشِرَاءٍ أَوْ دِيَةٍ لَا خُصُوصِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ (لَهُ) أَيْ لِلنِّصَابِ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ (وَإِنْ) حَصَلَتْ (قَبْلَ) تَمَامِ (حَوْلِهِ) أَيْ حَوْلِ النِّصَابِ (بِيَوْمٍ) أَيْ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَنِ وَلَوْ لَحْظَةً (لَا لِأَقَلَّ) مِنْ نِصَابٍ فَلَا تُضَمُّ الْفَائِدَةُ لَهُ نِصَابًا كَانَتْ أَوْ أَقَلَّ وَيَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا وَتُضَمُّ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ وَحَوْلُهُمَا مِنْ الثَّانِيَةِ إلَّا النِّتَاجَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا بِخِلَافِ فَائِدَةِ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تُضَمُّ لِنِصَابٍ قَبْلَهَا بَلْ يَسْتَقْبِلُ بِهَا وَيَبْقَى كُلُّ مَالٍ عَلَى حَوْلِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ مَوْكُولَةٌ لِلسَّاعِي فَلَوْ لَمْ تُضَمَّ الثَّانِيَةُ لِلنِّصَابِ الْأَوَّلِ لَأَدَّى ذَلِكَ لِخُرُوجِهِ مَرَّتَيْنِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ وَاضِحَةٌ بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَاشِيَةُ الْأُولَى دُونَ النِّصَابِ وَقُلْنَا يَسْتَقْبِلُ فَلَا مَشَقَّةَ.
وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ النَّعَمِ إجْمَالًا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا مُفَصَّلًا فَقَالَ (الْإِبِلُ) يَجِبُ (فِي كُلِّ خَمْسٍ) مِنْهَا (ضَائِنَةٌ) بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ عَلَى النُّونِ مِنْ الضَّأْنِ وَهُوَ مَهْمُوزٌ لَا بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَتَاؤُهُ لِلْوَحْدَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ.
(قَوْلُهُ فَرُخْصَةٌ) أَيْ وَلِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الرَّاعِيَةُ) أَيْ الَّتِي تَرْعَى الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ النَّابِتَ. وَاعْلَمْ أَنَّ السَّائِمَةَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا إذَا تَوَفَّرَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْلُوفَةِ فِي كُلِّ الْحَوْلِ أَوْ بَعْضِهِ وَفِي الْعَامِلَةِ فِي حَرْثٍ وَنَحْوُهُ فَمَذْهَبُنَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا عُلِفَتْ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ جُمُعَةً لَا زَكَاةَ فِيهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ إذَا عُلِفَتْ كُلَّ الْحَوْلِ أَوْ غَالِبَهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِلَّا فَالزَّكَاةُ وَالْعَامِلَةُ فِيهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ سَائِمَةً.
(قَوْلُهُ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً) أَيْ وَالتَّقْيِيدُ بِالسَّائِمَةِ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى مَوَاشِي الْعَرَبِ فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا مَفْهُومَ لَهُ (قَوْلُهُ وَعَامِلَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مُهْمَلَةً بَلْ وَإِنْ كَانَتْ عَامِلَةً (قَوْلُهُ وَنِتَاجًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ نِتَاجٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا نِتَاجًا خِلَافًا لِدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ الْقَائِلِ إنَّ النِّتَاجَ لَا يُزَكَّى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي النِّتَاجِ الْأَخْذُ مِنْهُ بَلْ يُكَلَّفُ رَبُّهَا شِرَاءَ مَا يُجْزِئُ، وَقَوْلُهُ وَنِتَاجًا وَلَوْ كَانَ النِّتَاجُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِ الْأَصْلِ كَمَا لَوْ نَتَجَتْ الْإِبِلُ أَوْ الْبَقَرُ غَنَمًا وَتُزَكَّى النِّتَاجُ عَلَى حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ إنْ كَانَ فِيهَا نِصَابٌ أَوْ مُكَمِّلَةٌ لِنِصَابِ الْأُمَّهَاتِ فَإِذَا مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ كُلُّهَا زَكَّى النِّتَاجَ عَلَى حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ إذَا كَانَ فِيهَا نِصَابٌ وَكَذَا إذَا مَاتَ بَعْضُ الْأُمَّهَاتِ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْهَا مَعَ النِّتَاجِ نِصَابًا زَكَّى الْجَمِيعَ لِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ.
(قَوْلُهُ لَا مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ) أَيْ مُطْلَقًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ بِالزَّكَاةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ كَانَتْ الْأُمُّ وَحْشِيَّةً فَلَا زَكَاةَ وَإِلَّا فَالزَّكَاةُ (قَوْلُهُ أَوْ بِوَاسِطَةٍ) أَيْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي خش وعبق قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ النَّقْلِ خِلَافُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَ نَقْلِ الْمَوَّاقِ قَصْرُ ذَلِكَ النِّتَاجِ الَّذِي لَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى الْمُتَوَلِّد مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ مُبَاشَرَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ النِّتَاجُ بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَاسْتَظْهَرَ ذَلِكَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ.
(قَوْلُهُ وَضُمِنَتْ الْفَائِدَةُ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ وَكَانَتْ نِصَابًا ثُمَّ اسْتَفَادَ مَاشِيَةً أُخْرَى بِشِرَاءٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ هِبَةٍ نِصَابًا أَوْ لَا فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُضَمُّ لِلْأُولَى وَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِهَا سَوَاءٌ حَصَلَ اسْتِفَادَةُ الثَّانِيَةِ قَبْلَ كَمَالِ حَوْلِ الْأَوْلَى بِشَهْرٍ أَوْ بِيَوْمٍ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا تُضَمُّ الثَّانِيَةُ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ نِصَابًا وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا مِنْ يَوْمِ حُصُولِ الثَّانِيَةِ إلَّا إنْ حَصَلَتْ الْفَائِدَةُ بِوِلَادَةِ الْأُمَّهَاتِ فَحَوْلُهَا حَوْلُهُنَّ وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّهَاتُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّ النِّتَاجَ كَالرِّبْحِ يُقَدَّرُ كَامِنًا فِي أَصْلِهِ ثُمَّ إنَّ ضَمَّ الْفَائِدَةِ لِلنِّصَابِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَإِبِلٍ وَغَنَمٍ لَكَانَ كُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ اتِّفَاقًا فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَقَبْلَ كَمَالِ حَوْلِهَا وَلَوْ بِيَوْمٍ مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَكُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ فَيَسْتَقْبِلُ بِالْإِبِلِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ مَلَكَهَا (قَوْلُهُ لَا لِأَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ) فَلَا تُضَمُّ الْفَائِدَةُ لَهُ وَلَوْ صَارَتْ أَقَلَّ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ مِنْ الْآخِرِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَضُمِنَتْ الْفَائِدَةُ مِنْ النَّعَمِ لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا) أَيْ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ كُلِّ مَالٍ