الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَثَلًا وَصِحَّتُهُ وَأَمَّا مَكْرُوهَاتُهُ فَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَبَدَأَ بِالْفَرْضِ لِشَرَفِهِ فَقَالَ
(فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)
جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ، وَالْوُضُوءُ بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَبِفَتْحِهَا الْمَاءُ عَلَى الْمَعْرُوفِ لُغَةً وَحُكِيَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ فِيهِمَا وَهَلْ هُوَ اسْمٌ لِلْمَاءِ الْمُطْلَقِ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَهَا سَبْعَةً فَقَطْ وَقَدَّمَ الْأَرْبَعَةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا وَأَخَّرَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا وَالْأَوْلَى غَسْلُ جَمِيعِ الْوَجْهِ وَحَدُّهُ طُولًا مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ إلَى آخِرِ الذَّقَنِ أَوْ اللِّحْيَةِ وَعَرْضًا مَا بَيْنَ وَتَدَيْ الْأُذُنَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (غَسْلُ مَا بَيْنَ) وَتَدَيْ (الْأُذُنَيْنِ) فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فَخَرَجَ شَعْرُ الصُّدْغَيْنِ وَالْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُذُنِ مِمَّا فَوْقَ الْوَتَدِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ، وَأَمَّا الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ عَظْمِ الصُّدْغَيْنِ وَالْوَتَدِ فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ وَكَذَا الْبَيَاضُ الَّذِي تَحْتَ الْوَتَدِ وَلَوْ مِنْ الْمُلْتَحِي فَيَجِبُ غَسْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَأَشَارَ إلَى حَدِّهِ طُولًا بِقَوْلِهِ (وَ) غَسْلُ مَا بَيْنَ (مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ وَ) مُنْتَهَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
هُوَ عِنْدَ انْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ الْغَسْلُ أَوْ التَّيَمُّمُ.
[فَرَائِض الْوُضُوء]
(قَوْلُهُ: فَرَائِضُ الْوُضُوءِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ فَرَائِضَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَهُوَ لِلْعَشْرَةِ فَفَوْقُ مَعَ أَنَّ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ سَبْعَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ جَمْعَ الْكَثْرَةِ فِي الْقِلَّةِ مَجَازًا أَوْ أَنَّهُ عَبَّرَ بِجَمْعِ الْكَثْرَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ أَصْلًا، فَإِنَّ فَعِيلَةَ لَيْسَ لَهُ جَمْعُ قِلَّةٍ وَمَا لَيْسَ لَهُ جَمْعُ قِلَّةٍ يَنُوبُ فِيهِ جَمْعُ الْكَثْرَةِ عَنْ جَمْعِ الْقِلَّةِ وَبِالْعَكْسِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ
وَبَعْضُ ذِي بِكَثْرَةٍ وَضْعًا يَفِي
…
كَأَرْجُلٍ وَالْعَكْسُ جَاءَ كَالصَّفِيِّ
(قَوْلُهُ: جَمْعُ فَرِيضَةٍ) أَيْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُرَادِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَ جَمْعِ فَعِيلَةٍ عَلَى فَعَائِلَ أَنْ لَا تَكُونَ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ فَلَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ نَحْوُ جَرِيحَةٍ وَقَتِيلَةٍ وَأَنَّ جَمْعَ ذَبِيحَةٍ عَلَى ذَبَائِحَ وَفَرِيضَةٍ عَلَى فَرَائِضَ شَاذٌّ اهـ بْن وَقَوْلُهُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ أَيْ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ فَرْضٍ شُذُوذًا لِأَنَّ فِعْلًا وَإِنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى أَفْعَالٍ قِيَاسًا يُجْمَعُ عَلَيْهِ شُذُوذًا (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَاءِ وَفِي الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْوَضُوءُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُعَدًّا لِلْوُضُوءِ كَمَاءِ الْمَيْضَآتِ وَالْحَنَفِيَّاتِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَدٍّ لَهُ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَالسَّمَاءِ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْوُضُوءِ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ احْتِمَالَاتٍ ثَلَاثَةً وَلَيْسَتْ أَقْوَالًا (قَوْلُهُ: وَالْمُصَنِّفِ ذَكَرَهَا) أَيْ ذَكَرَ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: سَبْعَةٌ) أَيْ وَهِيَ غَسْلُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِلْمِرْفَقَيْنِ وَمَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مُتَّفَقٌ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا وَمُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَالنِّيَّةُ وَالْفَوْرُ وَالدَّلْكُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُخْتَلَفٌ فِي فَرْضِيَّتِهَا بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ
(قَوْلُهُ: الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا لِثُبُوتِهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ الذَّقَنِ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ لَا لِحْيَةَ لَهُ بِأَنْ كَانَ نَقِيَّ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ اللِّحْيَةِ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ لِحْيَةٌ (قَوْلُهُ: غَسْلُ مَا بَيْنَ إلَخْ) الْغَسْلُ هُوَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ مُقَارِنًا لِلْمَاءِ أَوْ عَقِبَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ نَقْلُ الْمَاءِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَسْلُ مُجْزِئًا عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ نَظَرًا لِلْحَالِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ بِخِلَافِ الْمَسْحِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نَقْلِ الْمَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِضَعْفِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَسْحُ نَائِبًا عَنْ غَسْلِ مَغْسُولٍ نَظَرًا لِلْحَالِ وَلِأَنَّ هَذَا أَضْعَفُ مِنْ الْمَسْحِ الْغَيْرِ النَّائِبِ (قَوْلُهُ: فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) إنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لِأَجْلِ إخْرَاجِ شَعْرِ الصُّدْغَيْنِ وَالْبَيَاضِ الَّذِي فَوْقَ الْوَتَدَيْنِ، فَإِنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي كَلَامِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ وَأَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ) أَيْ بِتَقْدِيرِ هَذَا الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُمْسَحَانِ مَعَهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُغْسَلُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ غَسْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْبَيَاضَ الْمُحَاذِيَ لِلْوَتَدِ مِنْ الْوَجْهِ بِاتِّفَاقٍ وَكَذَا مَا كَانَ تَحْتَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يُغْسَلُ وَلَا يُمْسَحُ مَعَ الرَّأْسِ، وَأَمَّا الْبَيَاضُ الَّذِي فَوْقَهُ فَهُوَ مِنْ الرَّأْسِ كَشَعْرِ الصُّدْغَيْنِ، وَأَمَّا الْوَتَدَانِ فَلَيْسَا مِنْ الْوَجْهِ وَلَا مِنْ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَغَسْلُ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا الْحَدِّ إلَى أَنَّ قَوْلَ
(الذَّقَنِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ بِفَتْحِ اللَّامِ، فِي نَقِيِّ الْخَدِّ (وَ) مُنْتَهَى (ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) فِيمَنْ لَهُ لِحْيَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَهِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى اللَّحْيَيْنِ تَثْنِيَةٌ لُحَيٍّ بِفَتْحِ اللَّامِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْمُفْرَدِ وَهُوَ فَكُّ الْحَنَكِ الْأَسْفَلِ فَبِتَقْدِيرِ مُنْتَهَى يَدْخُلُ الذَّقَنُ وَظَاهِرُ اللِّحْيَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا وَالْمُرَادُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا إمْرَارُ الْيَدِ عَلَيْهَا مَعَ الْمَاءِ وَتَحْرِيكُهَا وَهَذَا التَّحْرِيكُ خِلَافُ التَّخْلِيلِ الْآتِي، فَإِنَّهُ إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمُعْتَادُ الْأَصْلَعُ وَالْأَنْزَعُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَنَابِتِ شَعْرِهِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْجَبْهَةِ إلَّا قَدْرَ مَا يَتِمُّ بِهِ الْوَاجِبُ، وَالْأَغَمُّ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ فِي الْغَسْلِ مَا نَزَلَ عَنْ الْمُعْتَادِ وَيَنْتَهِي إلَى مَحَلِّ الْمُعْتَادِ وَقَدْرِ مَا يَتِمُّ بِهِ الْوَاجِبُ.
وَلَمَّا كَانَ فِي الْوَجْهِ مَوَاضِعُ يَنْبُو عَنْهَا الْمَاءُ نَبَّهَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِيهِ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِمْ بِقَوْلِهِ (فَيَغْسِلُ الْوَتَرَةَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَهِيَ الْحَائِلُ بَيْنَ طَاقَتَيْ الْأَنْفِ (وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ) أَيْ خُطُوطَهَا جَمْعُ أَسِرَّةٍ وَاحِدُهُ سِرَارٌ كَزِمَامٍ أَوْ جَمْعُ أَسْرَارٍ كَأَعْنَابٍ وَاحِدُهُ سِرَرٌ كَعِنَبٍ فَأَسَارِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْجَبْهَةُ مَا ارْتَفَعَ عَنْ الْحَاجِبَيْنِ إلَى مَبْدَإِ الرَّأْسِ فَتَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ، وَأَمَّا الْجَبْهَةُ فِي السُّجُودِ فَهِيَ مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ فَلَا تَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ (وَظَاهِرَ شَفَتَيْهِ) وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ انْطِبَاقِهِمَا انْطِبَاقًا طَبِيعِيًّا فَيَغْسِلُ مَا ذُكِرَ (بِتَخْلِيلِ) أَيْ مَعَ تَخْلِيلِ (شَعْرٍ) مِنْ لِحْيَةٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ عَنْفَقَةٍ أَوْ هُدْبٍ (تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ) أَيْ الْجِلْدَةُ (تَحْتَهُ) فِي مَجْلِسِ الْمُخَاطَبَةِ وَالتَّخْلِيلُ إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ وَخَرَجَ بِتَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ، وَهُوَ الْخَفِيفُ، الْكَثِيفُ فَلَا يُخَلِّلُهُ بَلْ يُكْرَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا (لَا) يَغْسِلُ (جُرْحًا بَرِئَ) غَائِرًا (أَوْ) مَوْضِعًا (خُلِقَ غَائِرًا)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُصَنِّفِ وَمَنَابِتِ عَطْفٌ عَلَى الْأُذُنَيْنِ (قَوْلُهُ: مُنْتَهَى الذَّقَنِ) فِيهِ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْمُنْتَهَى الْجُزْءُ الْأَخِيرُ لَزِمَ خُرُوجُ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُنْتَهَى الِانْتِهَاءُ فَهُوَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً.
وَأُجِيبَ بِأَنَّا نَخْتَارُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُنْتَهَى الِانْتِهَاءُ لَكِنْ نُرِيدُ بِالِانْتِهَاءِ مَا لَاصَقَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ مِنْ الْفَرَاغِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ) تَثْنِيَةُ لُحَيٍّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ ضَبَّةَ الْحَنَكِ السُّفْلَى قِطْعَتَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا يُقَالُ لَهَا لُحَيٌّ وَمَحَلُّ اجْتِمَاعِهِمَا هُوَ الذَّقَنُ (قَوْلُهُ: فِي نَقِيِّ الْخَدِّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِنَقِيِّ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: وَمُنْتَهَى ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) إنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِظَاهِرِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَغْسِلُ ظَاهِرَ اللِّحْيَةِ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْوَجْهِ وَبَاطِنِهَا وَهُوَ أَسْفَلُهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِغَسْلِ أَسْفَلِهَا (قَوْلُهُ: وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْمُفْرَدِ) أَيْ وَأَمَّا الْمُثَنَّى فَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ لَا غَيْرُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَعِبَارَةُ خش وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْمُفْرَدِ وَالتَّثْنِيَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فَكُّ الْحَنَكِ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمَا ذُكِرَ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَفَكُّ أَيْ عَظْمُ الْحَنَكِ الْأَسْفَلِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ مِنْ إدْخَالِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ مِنْ مَسْحِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ فَلَيْسَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَرْضٌ يُغْسَلُ وَيُمْسَحُ إلَّا الْحَدُّ الَّذِي بَيْنَ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، فَإِنَّهُ يُغْسَلُ وَيُمْسَحُ لِأَجْلِ تَمَامِ كُلٍّ مِنْ غَسْلِ الْوَجْهِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ) أَيْ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَهَلْ بِوُجُوبٍ مُسْتَقِلٍّ أَوْ بِوُجُوبِ الْوَاجِبِ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: الْأَصْلَعُ) الصَّلَعُ هُوَ خُلُوُّ النَّاصِيَةِ مِنْ الشَّعْرِ وَالنَّاصِيَةُ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَنْزَعُ) هُوَ الَّذِي لَهُ نَزَعَتَانِ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ نَاصِيَتَهُ فَكَمَا لَا تَدْخُلُ نَاصِيَةُ الْأَصْلَعِ فِي الْوَجْهِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْبَيَاضَانِ الْمُكْتَنِفَانِ بِالنَّاصِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَنْزَعِ (قَوْلُهُ: وَالْأَغَمُّ) أَيْ وَخَرَجَ مِنْ حَدِّ الْوَجْهِ بِقَيْدِ الْمُعْتَادِ الْأَغَمُّ فَلَا يُعْتَبَرُ غَمَمُهُ نِهَايَةً بَلْ يَدْخُلُ غَمَمُهُ النَّازِلُ عَنْ الْمُعْتَادِ فِي الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِيهِ) أَيْ فِي الْوَجْهِ أَيْ فِي تَحْدِيدِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ جَمْعُ أَسْرَارٍ) أَيْ أَوْ أَنَّ أَسَارِيرَ جَمْعُ أَسْرَارٍ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ لِأَنَّهُ عَلَى الْحَالِ الْأَوَّلِ سِرَارٌ كَزِمَامٍ يُجْمَعُ عَلَى أَسِرَّةٍ وَأَسِرَّةٌ يُجْمَعُ عَلَى أَسَارِيرَ وَعَلَى الثَّانِي سِرَرٌ كَعِنَبٍ يُجْمَعُ عَلَى أَسْرَارٍ وَأَسْرَارٌ يُجْمَعُ عَلَى أَسَارِيرَ (قَوْلُهُ: وَالْجَبْهَةُ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: فَتَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ) أَيْ وَهُمَا جَانِبَا الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: إلَى النَّاصِيَةِ) أَيْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ إذَا سَجَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يُجْزِهِ (قَوْلُهُ: انْطِبَاقًا طَبِيعِيًّا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ (قَوْلُهُ: بِتَخْلِيلِ شَعْرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلٍ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ) أَيْ لِلْجِلْدَةِ النَّابِتِ فِيهَا الشَّعْرُ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إيصَالَ الْمَاءِ لِظَاهِرِ الشَّعْرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الَّذِي تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ (قَوْلُهُ: الْكَثِيفُ) هُوَ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ خَرَجَ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعَمُّقِ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِهَا) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُنْدَبُ تَخْلِيلُهُ وَلِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ تَخْلِيلِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ تَخْلِيلِ الْخَفِيفِ وَفِي الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْكَثِيفِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا جُرْحًا بَرِئَ) عَطْفٌ عَلَى الْوَتَرَةِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ فِي الْحَدِّ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَحَلِّ مَا مِنْ قَوْلِهِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْضِعًا خُلِقَ غَائِرًا) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ مَوْضِعًا إشَارَةً إلَى أَنَّ جُمْلَةَ خُلِقَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ
إنْ لَمْ يُمْكِنْ دَلْكُهُ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَجْهِ أَوْ غَيْرِهِ
الْفَرِيضَةُ الثَّانِيَةُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَ) غَسْلُ (يَدْيِهِ بِمِرْفَقَيْهِ) أَيْ مَعَهُمَا تَثْنِيَةُ مِرْفَقٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ آخِرُ عَظْمِ الذِّرَاعِ الْمُتَّصِلِ بِالْعَضُدِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَّكِئَ يَرْتَفِقُ بِهِ إذَا أَخَذَ بِرَاحَتِهِ رَأْسَهُ (وَبَقِيَّةِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى يَدَيْهِ فَالْفَرْضُ إمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ أَوْ غَسْلُ بَقِيَّةِ (مِعْصَمٍ إنْ قُطِعَ) الْمِعْصَمُ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَوْضِعُ السِّوَارِ وَمُرَادُهُ بِهِ الْيَدُ إلَى الْمِرْفَقِ وَلَا مَفْهُومَ لِمِعْصَمٍ وَلَا لِقَطْعٍ بَلْ كُلُّ عُضْوٍ سَقَطَ بَعْضُهُ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِبَاقِيهِ غَسْلًا وَمَسْحًا (كَكَفٍّ) خُلِقَتْ (بِمَنْكِبٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِ مَجْمَعُ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ سِوَاهَا فَيَجِبُ غَسْلُهَا، فَإِنْ كَانَ لَهُ يَدٌ سِوَاهَا فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْكَفِّ إلَّا إذَا نَبَتَتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَكَانَ لَهَا مِرْفَقٌ فَتُغْسَلُ لِلْمِرْفَقِ لِأَنَّ لَهَا حِينَئِذٍ حُكْمَ الْيَدِ الْأَصْلِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِرْفَقٌ فَلَا غَسْلَ مَا لَمْ تَصِلْ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ، فَإِنْ وَصَلَتْ غَسَلَ مَا وَصَلَ إلَى مُحَاذَاةِ الْمِرْفَقِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَيُقَالُ فِي الرِّجْلِ الزَّائِدَةِ مَا قِيلَ فِي الْيَدِ وَيُنَزَّلُ الْكَعْبُ مَنْزِلَةَ الْمِرْفَقِ (بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلٍ، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وُجُوبًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَعْطُوفٍ عَلَى جُرْحًا خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ خُلِقَ عَطْفٌ عَلَى بَرِيءَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْجُرْحَ خُلِقَ غَائِرًا وَهُوَ فَاسِدٌ وَقَوْلُهُ غَائِرًا حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ خُلِقَ وَحَذَفَ مِثْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ بَرِئَ فَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَلَيْسَ حَالًا مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ بَرِئَ وَخُلِقَ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَسَلُّطُ عَامِلَيْنِ عَلَى مَعْمُولٍ وَاحِدٍ وَلَا مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ فِي الْحَالِ كَمَا قِيلَ لِامْتِنَاعِ التَّنَازُعِ فِيهَا لِاقْتِضَائِهِ الْإِضْمَارَ فِي الْعَامِلِ الْمُهْمَلِ، وَالضَّمِيرُ لَا يَكُونُ حَالًا لِلُزُومِ تَعْرِيفِهِ وَلُزُومِ تَنْكِيرِ الْحَالِ فَتَنَافَيَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجُرْحَ إذَا بَرِئَ غَائِرًا وَكَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي خُلِقَ غَائِرًا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ يَعْنِي صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ وَدَلْكُهُ حَيْثُ كَانَ لَا يُمْكِنُ دَلْكُهُ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ فِيهِ بِدُونِ دَلْكٍ حَيْثُ أَمْكَنَ صَبَّهُ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ فَلَا يَجِبُ صَبٌّ وَلَا دَلْكٌ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ يُمْكِنُ دَلْكُهُ لِاتِّسَاعِهِ وَجَبَ صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ وَدَلْكُهُ (تَنْبِيهٌ) يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فِي حَالِ غَسْلِهِ وَجْهَهُ إزَالَةُ مَا بِعَيْنَيْهِ مِنْ الْقَذَى، فَإِنْ وَجَدَ شَيْئًا مِنْ الْقَذَى بِعَيْنَيْهِ بَعْدَ وُضُوئِهِ وَأَمْكَنَ حُدُوثُهُ لِطُولِ الزَّمَانِ حُمِلَ عَلَى الطَّرَيَانِ حَيْثُ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى مَحَلِّهِ حِينَ غَسَلَ وَجْهَهُ.
(قَوْلُهُ: وَغَسَلَ يَدَيْهِ) أَيْ لِلسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَإِنْ صَدَقَتْ الْآيَةُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَخْذًا مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُتَّكِئَ يَرْتَفِقُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُتَّكِئَ وَالْمُعْتَمِدَ عَلَيْهِ يَرْتَفِقُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: إذَا أَخَذَ بِرَاحَتِهِ رَأْسَهُ أَيْ إذَا وَضَعَ رَأْسَهُ فِي رَاحَتِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ) أَيْ إنْ كَانَ الْمِعْصَمُ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمِعْصَمُ فِي الْأَصْلِ مَوْضِعُ السِّوَارِ أَيْ مِنْ الذِّرَاعِ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِهِ الْيَدُ) أَيْ الذِّرَاعُ بِتَمَامِهِ (تَنْبِيهٌ) يَلْزَمُ الْأَقْطَعَ أُجْرَةُ مَنْ يُطَهِّرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَ مَا أَمْكَنَهُ قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ) أَيْ كَمَا يَجِبُ غَسْلُ كَفٍّ خُلِقَتْ فِي مَنْكِبٍ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَبَتَتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ) أَيْ كَانَ لَهَا مِرْفَقٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ لَهَا مِرْفَقٌ) أَيْ سَوَاءٌ وَصَلَتْ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِرْفَقٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ فِي الرِّجْلِ الزَّائِدَةِ مَا قِيلَ فِي الْيَدِ) أَيْ فَإِنْ نَبَتَتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ غُسِلَتْ مُطْلَقًا وَإِنْ نَبَتَتْ فِي غَيْرِهِ وَكَانَ لَهَا كَعْبٌ غُسِلَتْ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَعْبٌ لَمْ تُغْسَلْ مَا لَمْ تَصِلْ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ، فَإِنْ وَصَلَتْ لَهُ غَسَلَ مِنْهَا مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ (تَنْبِيهٌ) مِنْ قَبِيلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَرْعُ كِتَابِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْكَحَّالَةِ مِنْ تَلَامِذَةِ سَحْنُونٍ امْرَأَةٌ خُلِقَتْ بِوَجْهَيْنِ وَأَرْبَعَةِ أَيْدٍ فَيَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُ كُلٍّ وَيَجُوزُ نِكَاحُهَا لِاتِّحَادِ مَحَلِّ الْوَطْءِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلٍ) أَيْ الْمُقَدَّرِ مَعَ يَدَيْهِ أَيْ وَغَسَلَ يَدَيْهِ غَسْلًا مُصَاحِبًا لِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَصَابِعِ الزَّائِدَةِ أَحَسَّ بِهَا أَمْ لَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: أَيْ وُجُوبًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالنَّدْبِ كَتَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ وَالْأَوْلَى فِي تَخْلِيلِهَا كَمَا فِي ح عَنْ الْجُزُولِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ أَنْ يَكُونَ مِنْ ظَاهِرِ الْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لَا مِنْ بَاطِنِهَا.
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ مِنْ بَاطِنِهَا تَشْبِيكٌ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيكَ إنَّمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ لَا فِي الْوُضُوءِ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ صَاحِبِ الْجَمْعِ بِخِلَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، فَإِنَّ الْأَوْلَى تَخْلِيلُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا، وَالتَّخْلِيلُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ مِنْ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ حَتَّى تُعَدَّ الْمَرَّةُ
وَيُحَافِظُ عَلَى عُقَدِ الْأَصَابِعِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِأَنْ يَحْنِيَ أَصَابِعَهُ وَعَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ بِأَنْ يَجْمَعَهَا وَيَحُكَّهَا بِوَسَطِ الْكَفِّ (لَا إجَالَةِ) عَطْفٌ عَلَى تَخْلِيلٍ أَيْ لَا مَعَ إجَالَةِ أَيْ تَحْرِيكِ (خَاتَمِهِ) الْمَأْذُونِ فِيهِ أَيْ جِنْسِهِ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ كَمَا لَوْ كَانَ لِامْرَأَةٍ فَلَا يَجِبُ وَلَوْ ضَيِّقًا لَا يَصِلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ، فَإِنْ نَزَعَهُ غَسَلَ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ الْمَاءَ وَصَلَ تَحْتَهُ وَالْغَسْلُ كَالْوُضُوءِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ (وَنَقَضَ) فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ (غَيْرَهُ) مَنْصُوبٌ أَوْ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ فَيَجِبُ نَزْعُهُ إنْ كَانَ حَرَامًا وَأَجْزَأَ تَحْرِيكُهُ إنْ كَانَ وَاسِعًا وَكَذَا الْمَكْرُوهُ كَخَاتَمِ النُّحَاسِ أَوْ الرَّصَاصِ وَدَخَلَ فِي الْغَيْرِ كُلُّ حَائِلٍ مِنْ شَمْعٍ وَزِفْتٍ وَغَيْرِهِمَا
الْفَرِيضَةُ الثَّالِثَةُ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَمَسْحُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ) وَهِيَ عَظْمُ الرَّأْسِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدِّمَاغِ مِنْ جِلْدٍ أَوْ شَعْرٍ وَهِيَ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ إلَى نُقْرَةِ الْقَفَا وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَيَاضُ وَاَلَّذِي فَوْقَ وَتَدَيْ الْأُذُنَيْنِ وَاَلَّذِي فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ (بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ) أَيْ مَعَ عَظْمِهِمَا يَعْنِي مَا يَنْبُتُ فِيهِ الشَّعْرُ وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاتِئِ وَأَمَّا الْعَظْمُ النَّاتِئُ فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ فَلَوْ قَالَ بِشَعْرِ صُدْغَيْهِ كَانَ أَوْضَحَ (مَعَ) مَسْحِ (الْمُسْتَرْخِي) مِنْ الشَّعْرِ وَلَوْ طَالَ جِدًّا نَظَرًا لِأَصْلِهِ (وَلَا يَنْقُضُ ضَفْرَهُ) أَيْ مَضْفُورَهُ (رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ) أَيْ لَا يَجِبُ وَلَا يُنْدَبُ وَلَوْ اشْتَدَّ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْغَسْلِ وَأَمَّا مَا ضُفِرَ بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ فَيَجِبُ نَقْضُهُ فِي وُضُوءٍ وَغَسْلٍ وَأَمَّا بِالْخَيْطَيْنِ فَلَا يَجِبُ نَقْضُهُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ (وَيُدْخِلَانِ) وُجُوبًا (يَدَيْهِمَا تَحْتَهُ) أَيْ تَحْتَ الشَّعْرِ (فِي رَدِّ الْمَسْحِ) حَيْثُ طَالَ الشَّعْرُ إذْ لَا يَحْصُلُ التَّعْمِيمُ إلَّا بِهَذَا الرَّدِّ وَيُطَالَبُ بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْقَصِيرُ فَيَحْصُلُ التَّعْمِيمُ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ فَالرَّدُّ سُنَّةٌ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
غَسْلَةً كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيُحَافِظُ عَلَى عُقَدِ الْأَصَابِعِ) أَيْ وُجُوبًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعُقَدِ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى وَالسُّفْلَى (قَوْلُهُ: وَعَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ) عَطْفٌ عَلَى عُقَدِ الْأَصَابِعِ أَيْ وَيُحَافِظُ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَيُعْفَى عَنْ الْوَسَخِ الَّذِي تَحْتَ الْأَظْفَارِ فَلَا تَجِبُ إزَالَتُهُ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ (قَوْلُهُ: الْمَأْذُونُ فِيهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي خَاتَمِهِ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَزَعَهُ) أَيْ بَعْدَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَظُنَّ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ وَصَلَ تَحْتَهُ فَلَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِ مَا تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: وَالْغَسْلُ كَالْوُضُوءِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ فِيهِ تَحْرِيكُ الْخَاتَمِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَلَوْ ضَيِّقًا لَا يَصِلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ وَإِذَا نَزَعَهُ بَعْدَ الْغَسْلِ وَجَبَ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ إنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ الْمَاءَ وَصَلَ تَحْتَهُ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِ مَا تَحْتَهُ بَعْدَ نَزْعِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْخَاتَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مَا كَانَ مُبَاحًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِ كَأَسَاوِرَ وَحَدَائِدَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا إجَالَتُهُ وَاسِعًا أَوْ ضَيِّقًا لَا فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الْغَسْلِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا إذَا نَزَعَتْهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ إنْ كَانَ ضَيِّقًا لَمْ تَظُنَّ وُصُولَ الْمَاءِ تَحْتَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ (قَوْلُهُ: وَنَقْضُ غَيْرِهِ) الْمُرَادُ بِنَقْضِهِ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلِّهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ غَسْلُ مَا كَانَ تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نَزْعُهُ إنْ كَانَ حَرَامًا) الْمُرَادُ بِنَزْعِهِ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلِّهِ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ تَحْرِيكُهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْأُصْبُعِ بِهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا فَالدَّلْكُ بِهِ كَافٍ كَالدَّلْكِ بِالْيَدِ مَجْعُولًا عَلَيْهَا خِرْقَةً.
وَأَمَّا حُرْمَتُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ إجْزَاءِ تَحْرِيكِ مُحَرَّمِ اللُّبْسِ هُوَ مُفَادُ نَقْلِ ح وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا قَالَهُ عج مِنْ لُزُومِ نَزْعِهِ وَاسِعًا كَانَ أَوْ ضَيِّقًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَكْرُوهُ) أَيْ يَجِبُ نَزْعُهُ وَإِجْزَاءُ تَحْرِيكِهِ لِدَلْكِ الْأُصْبُعِ بِهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي الْغَيْرِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَنَقْضُ غَيْرِ الْخَاتَمِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِهِ خَاتَمًا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ وَبِكَوْنِهِ غَيْرَ خَاتَمٍ أَصْلًا كَالشَّمْعِ وَالزِّفْتِ وَغَيْرِهِمَا كَمِدَادِ الْحِبْرِ وَالْعَجِينِ.
(قَوْلُهُ: وَمَسْحُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ) أَيْ مَسْحُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا بِتَمَامِهَا فَلَا يَكْفِي مَسْحُ الْبَعْضِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَقَالَ أَشْهَبُ يَكْفِي مَسْحُ النِّصْفِ وَيُنْدَبُ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ وَيُكْرَهُ بِغَيْرِهِ كَبَلَلِ لِحْيَتِهِ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْجُمْجُمَةُ عَظْمُ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ شَعْرٍ بَيَانٌ لِمَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْجُمْجُمَةِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ مَنَابِتِ إلَخْ أَيْ وَالْجُمْجُمَةُ حَدُّهَا مِنْ مَنَابِتِ. إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَظْمُ النَّاتِئُ) أَيْ الْمُرْتَفِعُ عَلَى الْعَارِضَيْنِ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْضَحَ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَمْسَحُ الصُّدْغَ كُلَّهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا يُنْدَبُ) أَيْ لِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَفِي نَقْضِ الشَّعْرِ الْمَضْفُورِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) أَيْ إذَا كَانَ الضَّفْرُ بِنَفْسِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغَسْلِ) أَيْ، فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ نَقْضُ مَا ضُفِرَ بِنَفْسِهِ إذَا اشْتَدَّ الضَّفْرُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا ضُفِرَ بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ) أَيْ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ فِي كُلِّ ضَفِيرَةٍ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نَقْضُهُ فِي وُضُوءٍ وَغُسْلٍ) أَيْ سَوَاءٌ اشْتَدَّ الضَّفْرُ أَمْ لَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ضُفِرَ بِخُيُوطٍ ثَلَاثَةٍ يَجِبُ نَقْضُهُ مُطْلَقًا اشْتَدَّ أَمْ لَا فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ وَمَا ضُفِرَ بِأَقَلَّ مِنْهَا يَجِبُ نَقْضُهُ إنْ اشْتَدَّ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ فَلَا يَجِبُ نَقْضُهُ لَا فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الْغُسْلِ وَمَا ضُفِرَ بِنَفْسِهِ لَا يُنْقَضُ فِي الْوُضُوءِ مُطْلَقًا اشْتَدَّ أَمْ لَا وَيُنْقَضُ فِي الْغُسْلِ إنْ اشْتَدَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلَانِ وُجُوبًا) مَعَ قَوْلِهِ وَيُطَالَبُ بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ التَّعْمِيمِ الْحَاصِلِ بِرَدِّ الْمَسْحِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصَاحِبِ
(وَغَسْلُهُ) أَيْ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ بَدَلَ مَسْحِهِ (مُجْزٍ) عَنْ مَسْحِهِ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ
(وَ) الْفَرِيضَةُ الرَّابِعَةُ (غَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ النَّاتِئَيْنِ) أَيْ الْبَارِزَيْنِ (بِمَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ) تَثْنِيَةُ مَفْصِلٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَاحِدُ مَفَاصِلِ الْأَعْضَاءِ وَبِالْعَكْسِ اللِّسَانُ وَالْعُرْقُوبُ مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَالْعَقِبُ تَحْتَهُ وَيُحَافِظُ وُجُوبًا عَلَيْهِمَا (وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا) يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِإِبْهَامِهَا ثُمَّ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِهَا مِنْ أَسْفَلِهَا بِسَبَّابَتَيْهِ (وَلَا يُعِيدُ) مَحَلِّ الظُّفْرِ أَوْ الشَّعْرِ (مَنْ قَلَمَ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِهَا (ظُفْرَهُ أَوْ)(حَلَقَ رَأْسَهُ) بَعْدَ وُضُوئِهِ لِأَنَّ حَدَثَهُ قَدْ ارْتَفَعَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُسْتَرْخِي مَنْ مَسْحِ رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَرَّةً لِظَاهِرِهِ وَمَرَّةً لِبَاطِنِهِ وَهُمَا وَاجِبَانِ يَحْصُلُ بِهِمَا التَّعْمِيمُ الْوَاجِبُ لِظَاهِرِ الشَّعْرِ وَبَاطِنِهِ الْوَاجِبِ وَالثَّالِثَةُ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَبِهَذَا قَالَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ: إنَّ الشَّعْرَ إنَّمَا يُمْسَحُ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ مَرَّةً لِلْفَرْضِ وَمَرَّةً أُخْرَى لِلسُّنَّةِ، وَأَنَّ الْإِدْخَالَ مِنْ تَتِمَّةِ الرَّدِّ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ وَشَرْطٌ فِيهِ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ: وَلَمَّا كَانَ كَلَامُهُ هُنَا لَا يَدُلُّ عَلَى حُكْمِ الرَّدِّ فِي نَفْسِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَرَدَّ مَسْحَ رَأْسِهِ إلَخْ وَنُصُوصُ الْأَئِمَّةِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَعِيَاضٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ كُلُّهَا ظَاهِرَةٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إشْعَارٌ بِمَا قَالَهُ عج أَصْلًا، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الظَّوَاهِرَ إذَا كَثُرَتْ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ الْفَاكِهَانِيِّ إنَّمَا كَانَ الرَّدُّ سُنَّةً وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فِي الْمَغْسُولِ مُسْتَحَبَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَمْسَحُهُ فِي الرَّدِّ غَيْرُ الَّذِي يَمْسَحُهُ أَوَّلًا فِي حَقِّ ذِي الشَّعْرِ وَأُلْحِقَ غَيْرُهُ بِهِ بِخِلَافِ الَّذِي غَسَلَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، فَإِنَّهُ عَيْنُ الْأَوَّلِ اهـ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَا ادَّعَاهُ عج؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُسْتَرْخِي لَوْ كَانَ يَمْسَحُ فِي الْأُولَى ظَاهِرَ الشَّعْرِ وَبَاطِنَهُ كَمَا زَعَمَهُ عج لَكَانَ الْمَمْسُوحُ أَوَّلًا هُوَ الْمَمْسُوحَ ثَانِيًا وَذَلِكَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَأَيْضًا يَلْزَمُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنْ يَمْسَحَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ التَّعْمِيمِ فِي السُّنَّةِ أَيْضًا وَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَغَسْلُهُ مُجْزٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ إجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَسْحٌ) أَيْ لِأَنَّ الْغَسْلَ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ) أَيْ أَنَّ غَسْلَهُ مُجْزٍ عَنْ مَسْحِهِ وَإِنْ كَانَ الْغَسْلُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَيْ لَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ.
(وَقَوْلُهُ: بِكَعْبَيْهِ) الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ بِمَعْنَى مَعَ بِخِلَافِهَا فِي قَوْلِهِ بِمَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ، فَإِنَّهَا لِلظَّرْفِيَّةِ بِمَعْنَى فِي، أَيْ النَّاتِئَيْنِ فِي مَحَلِّ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْعَقِبِ (قَوْلُهُ: وَبِالْعَكْسِ اللِّسَانُ) أَيْ أَنَّ الْمِفْصَلَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ اللِّسَانُ (قَوْلُهُ: مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ) أَيْ مَحَلُّ جَمْعِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ أَيْ مَحَلُّ حُصُولِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّاقَ مُنْفَصِلٌ مِنْ الْعَقِبِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْفِصَالُهُ عَنْ الْقَدَمِ، وَالْكَعْبُ فِي مَحَلِّ انْفِصَالِ السَّاقِ مِنْ الْعَقِبِ، وَالْعُرْقُوبُ فِي مَحَلِّ انْفِصَالِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْعَقِبُ تَحْتَهُ) جُمْلَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مُبْتَدَإٍ وَخَبَرٍ فِي مَحَلِّ الْحَالِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى غَسْلِهِمَا وَالضَّمِيرُ لِلْعُرْقُوبِ وَالْعَقِبِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ التَّخْلِيلِ فِي الرِّجْلَيْنِ كَالْيَدَيْنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ فِيهِمَا، وَقِيلَ بِنَدْبِهِ فِيهَا وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ فِي الْيَدَيْنِ وَنَدْبُهُ فِي الرِّجْلَيْنِ وَإِنَّمَا وَجَبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ دُونَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ شِدَّةِ الْتِصَاقِهَا بِخِلَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فَقَدْ أَشْبَهَ مَا بَيْنَهُمَا الْبَاطِنَ لِشِدَّةِ الِالْتِصَاقِ فِيمَا بَيْنَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَسْفَلِهَا) أَيْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ تَخْلِيلُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا بِخِلَافِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، فَإِنَّ الْأَوْلَى فِي تَخْلِيلِهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ ظَاهِرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ) أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِ مَوْضِعِ الظُّفْرِ وَالشَّعْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمِثْلُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَنْ حَفَرَ عَلَى شَوْكَةٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ زَوَالِ الْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ بَدَلٌ فَسَقَطَ عِنْدَ حُصُولِ مُبْدَلِهِ، وَالْجَبِيرَةُ
(وَفِي) وُجُوبِ إعَادَةِ مَوْضِعِ (لِحْيَتِهِ) وَشَارِبِهِ إذَا حَلَقَهُمَا وَسَقَطَا، وَعَدَمِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلَانِ)
(وَ) الْفَرِيضَةُ الْخَامِسَةُ (الدَّلْكُ) وَهُوَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ قَبْلَ جَفَافِهِ وَتُنْدَبُ الْمُقَارَنَةُ هُنَا دُونَ الْغَسْلِ لِلْمَشَقَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا بَاطِنُ الْكَفِّ عَلَى مَا اُسْتُظْهِرَ وَالدَّلْكُ فِي الْغَسْلِ هُوَ إمْرَارُ الْعُضْوِ عَلَى الْعُضْوِ
الْفَرِيضَةُ السَّادِسَةُ الْمُوَالَاةُ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ الْمُوَالَاةُ) وَهِيَ فِعْلُهُ فِي زَمَنٍ مُتَّصِلٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ كَثِيرٍ لِأَنَّ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْفَوْرِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوَالَاةِ أَوْلَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَقْصُودَةٌ بِالْمَسْحِ فَزَوَالُهَا زَوَالٌ لِمَا قُصِدَ (قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ إعَادَةِ مَوْضِعِ لِحْيَتِهِ) أَيْ نَظَرًا لِسَتْرِ الشَّعْرِ لِلْمَحَلِّ وَقَدْ زَالَ وَحِينَئِذٍ فَيَغْسِلُ الْمَحَلَّ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ) أَيْ وَعَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ قَدْ ارْتَفَعَ عَنْ مَحَلِّهَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ غَسْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي غَسْلِ مَحَلِّ اللِّحْيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ خَفِيفَةً أَوْ كَثِيفَةً وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْخَفِيفَةَ غَيْرُ سَاتِرَةٍ إذْ الْبَشَرَةُ تُغْسَلُ تَحْتَهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا سَاتِرَةٌ لِمَنْبَتِ الشَّعْرِ وَفِيهِ أَنَّهُ مَغْسُولٌ لِسَرَيَانِ الْمَاءِ وَانْفِتَاحِ الْمَسَامِّ تَأَمَّلْ
(تَنْبِيهٌ) يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حَلْقُ لِحْيَتِهِ أَوْ شَارِبِهِ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَلْقُهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَلْقُ الرَّأْسِ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ الْآنَ لِمَنْ عَادَتُهُمْ الْحَلْقُ.
(قَوْلُهُ: وَالدَّلْكُ) هُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ وَلَوْ وَصَلَ الْمَاءُ لِلْبَشَرَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى دُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الْغَسْلِ وَإِلَّا كَانَ مُجَرَّدَ إفَاضَةٍ أَوْ غَمْسٍ إنْ قُلْتَ حَيْثُ كَانَ الدَّلْكُ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى الْغَسْلِ فَفَرِيضَةُ الْغَسْلِ مُغْنِيَةٌ عَنْهُ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ قُلْتُ ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَوِيِّ الْقَائِلِ إنَّهُ وَاجِبٌ لِإِيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ، فَإِنْ وَصَلَ لَهَا بِدُونِهِ لَمْ يَجِبْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ مِنْ غَيْرِ دَلْكٍ يُسَمَّى غَسْلًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ) أَيْ إمْرَارًا مُتَوَسِّطًا وَلَوْ لَمْ تَزُلْ الْأَوْسَاخُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَجَسِّدَةً فَتَكُونَ حَائِلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ إمْرَارُ الْيَدِ مُصَاحِبًا لِلصَّبِّ بَلْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الصَّبِّ قَبْلَ الْجَفَافِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْمَاءُ بَاقِيًا بَلْ يَكْفِي بَقَاءُ الرُّطُوبَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ إمْرَارِ الْيَدِ لِلصَّبِّ (قَوْلُهُ: لِلْمَشَقَّةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ دُونَ الْغَسْلِ أَيْ فَلَا تُنْدَبُ الْمُقَارَنَةُ فِيهِ لِلْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا) أَيْ فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ: بَاطِنُ الْكَفِّ أَيْ لَا ظَاهِرُهُ وَلَا إمْرَارُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ فَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُ دَلْكُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ بِالْأُخْرَى فِي الْوُضُوءِ وَيُجْزِئُ فِي الْغُسْلِ وَفِي بْن مَا نَصَّهُ كَتَبَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ حَسَنٌ الْمِسْنَاوِيُّ مَا نَصُّهُ وَالدَّلْكُ أَيْ بِالْيَدِ ظَاهِرُهَا أَوْ بَاطِنُهَا وَبِالذِّرَاعِ أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوْ بِحَكِّ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ الْأُخْرَى خِلَافًا لِتَخْصِيصِ عج وَمَنْ تَبِعَهُ الدَّلْكُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ وَاحْتَجَّ أَبُو عَلِيٍّ لِمَا قَالَهُ بِقَوْلِ الْفَاكِهَانِيِّ الدَّلْكُ إمْرَارُ الْيَدِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ الدَّلْكُ بِالْيَدِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ (قَوْلُهُ: إمْرَارُ الْعُضْوِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَدًا أَوْ غَيْرَهَا كَالرِّجْلِ.
(تَنْبِيهٌ) لَا يَضُرُّ إضَافَةُ الْمَاءِ بِسَبَبِ الدَّلْكِ حَيْثُ عَمَّ الْمَاءُ الْعُضْوَ حَالَةَ كَوْنِهِ طَهُورًا إلَّا أَنْ يَتَجَسَّدَ الْوَسَخُ قَالَهُ فِي المج.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِعْلُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ كَثِيرٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ أَصْلًا أَوْ مَعَ تَفْرِيقٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ) أَيْ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا
لِأَنَّهَا تُفِيدُ عَدَمَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ خَاصَّةً وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْفَوْرُ رُبَّمَا يُفِيدُ فِعْلَهُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَأَيْضًا يُوهِمُ السُّرْعَةَ فِي الْفِعْلِ وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِمُرَادٍ (وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَبَنَى) إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِهِ أَوْ الْبَقَاءَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا يَبْتَدِئُهُ أَيْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
التَّفْرِيقَ بِالْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَهْوًا كَانَ أَوْ عَجْزًا أَوْ عَمْدًا؛ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَإِذَا لَمْ يَضُرَّ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ فَيُكْرَهُ إنْ كَانَ عَمْدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْيَسِيرُ مُقَدَّرٌ بِعَدَمِ الْجَفَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تُفِيدُ عَدَمَ التَّفْرِيقِ إلَخْ) أَيْ تُفِيدُ وُجُوبَ عَدَمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: رُبَّمَا يُفِيدُ فِعْلَهُ) أَيْ رُبَّمَا يُفِيدُ وُجُوبَ فِعْلِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ: أَيْضًا يُوهِمُ السُّرْعَةَ أَيْ وُجُوبَ السُّرْعَةِ فِي الْفِعْلِ وَعَدَمَ اغْتِفَارِ التَّفْرِيقِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) أَيْ وَأَمَّا النَّاسِي وَالْعَاجِزُ فَلَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي حَقِّهِمَا وَحِينَئِذٍ إذَا فَرَّقَ نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا، فَإِنَّهُ يَبْنِي مُطْلَقًا سَوَاءٌ طَالَ أَمْ لَا لَكِنَّ النَّاسِيَ يَبْنِي بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ.
وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ فِي الْعَاجِزِ بَيْنَ الطُّولِ وَعَدَمِهِ كَالْعَامِدِ بَعْدَ تَقْيِيدِ الْوُجُوبِ بِالْقُدْرَةِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ وَلِذَا حَمَلُوا الْعَاجِزَ فِي كَلَامِهِ عَلَى غَيْرِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ مَنْ عِنْدَهُ نَوْعُ تَفْرِيطٍ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَبَنَى إنْ عَجَزَ مُطْلَقًا كَالنَّاسِي بِنِيَّةٍ كَانَ أَوْلَى وَيُحْمَلُ الْعَجْزُ حِينَئِذٍ عَلَى الْحَقِيقِيِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَبَنَى) أَيْ وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ بِأَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ مَثَلًا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ نِسْيَانٌ فَتَرَكَ الْغَسْلَ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَنَى إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ الَّذِي فَرَّقَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ) أَيْ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَبَنَى أَيْ اسْتِنَانًا وَأَنَّهُ إذَا رَفَضَ مَا فَعَلَ وَابْتَدَأَ الْوُضُوءَ كَانَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ وَكَانَ مُرْتَكِبًا لِمُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ مُخَيَّرٌ فِي إتْمَامِ وُضُوئِهِ وَتَرْكِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَنَى بِنِيَّةٍ إلَخْ مَعْنَاهُ وَصَحَّ الْبِنَاءُ بِنِيَّةِ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ قَوْلِهِ وَلَا يَبْتَدِئُهُ إلَخْ إنْ قُلْتَ: إنَّ الْعِبَادَةَ يَلْزَمُ إتْمَامُهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَالْوُضُوءُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ فَكَيْفَ يُخَيَّرُ الْمُتَوَضِّئُ فِي إتْمَامِ وُضُوئِهِ وَتَرْكِهِ قُلْتُ: لَيْسَ كُلُّ عِبَادَةٍ يَلْزَمُ إتْمَامُهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا بَلْ بَعْضُهَا يَلْزَمُ إتْمَامُهَا وَبَعْضُهَا لَا يَلْزَمُ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ
إنْ كَانَ ثُلُثَ الْأَعْضَاءِ غَسْلًا عَلَى مَا يَأْتِي (بِنِيَّةٍ) شَرْطًا، فَإِنْ بَنَى بِغَيْرِهَا لَمْ يُجْزِهِ
(إنْ نَسِيَ) وَفَرَّقَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ يَعْنِي تَرَكَ مَا بَعْدَ الْمَفْعُولِ نَاسِيًا إكْمَالَ وُضُوئِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ، فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ (مُطْلَقًا) طَالَ مَا قَبْلَ التَّذَكُّرِ أَوْ لَمْ يَطُلْ (وَ) بَنَى بِغَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ لِحُصُولِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (إنْ)(عَجَزَ) عَنْ إكْمَالِ وُضُوئِهِ بِأَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَوْ يَشُكُّ فِي كِفَايَتِهِ فَلَمْ يَكْفِهِ فِيهِمَا (مَا لَمْ يَطُلْ) الْفَصْلُ وَكَذَا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا وَقِيلَ لَا يَبْنِي مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يُطِلْ فِيهِمَا أَيْ لِتَرَدُّدِ نِيَّتِهِ بَلْ دَاخِلٌ عَلَى عَدَمِ الْإِتْمَامِ وَكَذَا لَوْ فَرَّقَ عَمْدًا مُخْتَارًا أَيْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ رَفَضَ فَيَبْنِي مَا لَمْ يُطِلْ عَلَى التَّحْقِيقِ وَخِلَافُهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ وُضُوءَهُ لِفَقْدِ الْمُوَالَاةِ، وَأَمَّا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ أَوْ أَرَاقَهُ شَخْصٌ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ أُرِيقَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّفْرِيقِ، فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ بِالنَّاسِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَبْنِي مُطْلَقًا وَكَذَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى إكْمَالِ وُضُوئِهِ ثُمَّ زَالَ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِمْ وَكَانَ التَّحْقِيقُ حَيْثُ جَعَلُوا الْمُوَالَاةَ وَاجِبَةً مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَنْ يَجْعَلُوا النَّاسِيَ وَالْعَاجِزَ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَيُفَسِّرُوا الْعَاجِزَ بِهَذِهِ الصُّوَرِ الَّتِي جَعَلُوهَا مُلْحَقَةً بِالنَّاسِي إذْ الْعَجْزُ ظَاهِرٌ فِيهَا وَيَحْكُمُوا بِأَنَّ غَيْرَهُمَا يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ لِعَدَمِ ضَرَرِ التَّفْرِيقِ الْيَسِيرِ وَيَجْعَلُوا مَا فَسَّرُوا بِهِ الْعَاجِزَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ مُلْحَقًا بِغَيْرِهِمَا، وَالطُّولُ مُقَدَّرٌ (بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ) أَيْ فِي زَمَنٍ (اعْتَدَلَا) أَيْ الْأَعْضَاءُ وَالزَّمَنُ فَاعْتِدَالُ الْأَعْضَاءِ مِنْ حَيْثُ اعْتِدَالُ صَاحِبِهَا بَيْنَ الشُّيُوخَةِ وَالشَّبُوبَةِ حَالَ الصِّحَّةِ، وَاعْتِدَالُ الزَّمَنِ كَوْنُهُ بَيْنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ حَالَ سُكُونِ الرِّيحِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ اعْتِدَالِ الْمَكَانِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
صَلَاةٌ وَصَوْمٌ ثُمَّ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ
…
طَوَافٌ عُكُوفٌ وَائْتِمَامٌ تَحَتَّمَا
وَفِي غَيْرِهَا كَالْوَقْفِ وَالطُّهْرِ خَيِّرَنْ
…
فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْطَعْ وَمَنْ شَاءَ تَمَّمَا
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ثُلُثَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ ثُلُثَهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ بَنَى وَإِنْ شَاءَ رَفَضَ مَا فَعَلَ وَابْتَدَأَ آخَرَ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةٍ) أَيْ جَدِيدَةٍ، وَقَوْلُهُ شَرْطًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ النِّيَّةِ شَرْطًا فِي الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَنَى بِغَيْرِهَا لَمْ يُجْزِهِ) وَذَلِكَ لَوْ خَاضَ بَحْرًا بَعْدَ تَذَكُّرِهِ بِلَا نِيَّةِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ كَمَا فِي شب عَنْهَا.
(قَوْلُهُ: طَالَ مَا قَبْلَ التَّذَكُّرِ أَوْ لَمْ يَطُلْ) مَحَلُّ الْقَصْدِ هُوَ الطُّولُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الطُّولِ مُوَالَاةٌ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ بَنَى مَا لَمْ يَطُلْ وَلَيْسَتْ الْوَاوُ عَاطِفَةً عَلَى إنْ نَسِيَ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْعَاجِزَ يَبْنِي بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِهَا إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ النَّاسِي وَالْعَاجِزِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّاسِيَ لَمَّا كَانَ عِنْدَهُ إعْرَاضٌ عَنْ الْوُضُوءِ احْتَاجَ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ، فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْرِضْ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَذْهَلْ عَنْهُ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ لِحُصُولِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ انْتِهَاءِ مَا فَعَلَ أَوَّلًا وَبَيْنَ إكْمَالِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا) أَيْ فَإِنَّهُ يَبْنِي بِغَيْرِ نِيَّةٍ إنْ لَمْ يَطُلْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: لَا يَبْنِي مُطْلَقًا إلَخْ) أَيْ لِلتَّلَاعُبِ وَالدُّخُولِ عَلَى الْفَسَادِ وَعَدَمِ جَزْمِ النِّيَّةِ فَهُوَ أَشَدُّ مِنْ عَمْدِ التَّفْرِيقِ الْمُغْتَفَرِ فِيهِ الْقُرْبُ كَمَا فِي عج وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَلَكِنَّهُ اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ فِي تَقْرِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ فَرَّقَ عَمْدًا إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الصُّوَرِ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا عِنْدَ عَدَمِ الطُّولِ خَمْسَ صُوَرٍ صُورَتَانِ يَبْنِي فِيهِمَا اتِّفَاقًا وَهُمَا صُورَتَا الْعَجْزِ الْحُكْمِيِّ أَعْنِي مَا إذَا أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ وَثَلَاثُ صُوَرٍ يَبْنِي فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ: مَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا وَمَنْ فَرَّقَ عَامِدًا مُخْتَارًا غَيْرَ رَافِضٍ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَخِلَافُهُ) أَيْ وَخِلَافُ التَّحْقِيقِ وَهُوَ عَدَمُ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَطُلْ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ) أَيْ التَّفْرِيقُ مِنْ الْعَاجِزِ وَالْعَامِدِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمَا (قَوْلُهُ: ابْتَدَأَ وُضُوءَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَبَنَى عَلَى مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا وَصَلَّى بِذَلِكَ الْوُضُوءِ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْمُوَالَاةُ (قَوْلُهُ: أَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّفْرِيقِ) قَالَ طفى فِي أَجْوِبَتِهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ هُنَا يَكُونُ بِمَا يَأْتِي لَلْمُؤَلِّفِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ خَوْفِ مُؤْلِمٍ فَأَعْلَى إذْ هَذَا الْإِكْرَاهُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعِبَادَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ) أَيْ فَتَكُونُ الصُّوَرُ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا مُطْلَقًا سَبْعَةً: النَّاسِي، وَهَذِهِ الصُّوَرُ السِّتَّةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا الْمُلْحَقَةُ بِهِ (قَوْلُهُ: مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْبِنَاءِ مُطْلَقًا) أَيْ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي حَقِّهِمْ (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الصُّوَرِ إلَخْ) أَيْ السِّتَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ
وَأَمَّا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَوْ أَرَاقَهُ شَخْصٌ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ أُرِيقَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ أُكْرِهُ عَلَى التَّفْرِيقِ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى إكْمَالِ وُضُوئِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُوا بِأَنَّ غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ الْعَاجِزِ وَالنَّاسِي وَهُوَ الْعَامِدُ حَقِيقَةً أَعْنِي مَنْ فَرَّقَ عَامِدًا مُخْتَارًا أَوْ حُكْمًا وَهُوَ مَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: وَيَجْعَلُوا مَا فَسَّرُوا بِهِ الْعَاجِزَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ) أَيْ وَهُمَا مَا إذَا أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ (قَوْلُهُ: مُلْحَقًا بِغَيْرِهِمَا)
كَمَا عَزَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ لِابْنِ حَبِيبٍ فَقِيَامُ الْبَلَلِ عِنْدَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ أَثَرِ الْوُضُوءِ (أَوْ) الْمُوَالَاةُ (سُنَّةٌ) وَعَلَيْهِ إنْ فَرَّقَ نَاسِيًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا عَامِدًا عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا كَتَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهَا عَمْدًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ، فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ
الْفَرِيضَةُ السَّابِعَةُ النِّيَّةُ وَهِيَ الْقَصْدُ لِلشَّيْءِ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا الْمُصَنِّفُ وَإِنْ كَانَ حَقُّهَا التَّقْدِيمَ أَوَّلَ الْفَرَائِضِ لِكَثْرَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَفَرَّغَ مِنْ غَيْرِهَا لَهَا فَقَالَ (وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ الْمَنْحِ الْمُتَرَتِّبِ أَوْ الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ (عِنْدَ) غَسْلِ (وَجْهِهِ) إنْ بَدَأَ بِهِ كَمَا هُوَ السُّنَّةُ وَإِلَّا فَعِنْدَ أَوَّلِ فَرْضٍ (أَوْ) نِيَّةِ (الْفَرْضِ) أَيْ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَيْ نِيَّةِ أَدَائِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ لِيَشْمَلَ وُضُوءَ الصَّبِيِّ (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ) أَيْ مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَ " أَوْ " فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ بَلْ الْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ الثَّلَاثَةِ وَيَضُرُّ نِيَّةُ بَعْضِهَا وَإِخْرَاجُ الْبَعْضِ لِلتَّنَافِي كَأَنْ يَقُولَ: نَوَيْتُ فَرْضَ الْوُضُوءِ لَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَإِذَا نَوَى أَحَدَهَا بِلَا إخْرَاجٍ لِغَيْرِهِ أَجْزَأَ (وَإِنْ مَعَ) نِيَّةِ (تَبَرُّدٍ) أَوْ تَدَفٍّ أَوْ نَظَافَةٍ أَوْ تَعْلِيمٍ إذْ نِيَّةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ بِغَيْرِ الْعَاجِزِ وَالنَّاسِي وَذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الْعَامِدُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَوْلُهُ مُلْحَقًا بِغَيْرِهِمَا أَيْ مِنْ جِهَةِ الْبِنَاءِ مَا لَمْ يَطُلْ فِي كُلٍّ (قَوْلُهُ: إنْ فَرَّقَ نَاسِيًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ طُولٌ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ) هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ سُنَّةٌ مَنْ فَرَّقَ نَاسِيًا يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا.
وَأَمَّا إنْ فَرَّقَ عَامِدًا وَالْحَالُ أَنَّهُ حَصَلَ طُولٌ فَفِيهِ قَوْلَانِ قِيلَ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ وَلَا يُطَالَبُ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَقِيلَ يُعِيدُ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَإِنْ بَنَى عَلَى مَا فَعَلَ وَصَلَّى أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: مِنْ سُنَنِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي تَرْكِ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَمْدًا (قَوْلُهُ: خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ) فَقَدْ شَهَرَ الْقَوْلَ بِالْوُجُوبِ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَ الْقَوْلَ بِالسُّنِّيَّةِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهَذَا الْخِلَافُ مَعْنَوِيٌّ إنْ رَاعَيْنَا قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى السُّنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ فَرَّقَ عَمْدًا وَطَالَ لَا يَبْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ، فَإِنْ بَنَى وَصَلَّى أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ يَبْنِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُفَرِّقَ عَمْدًا إذَا طَالَ تَفْرِيقُهُ لَا يَبْنِي وَيُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا إذَا بَنَى عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَح جَعَلَ الْخِلَافَ مَعْنَوِيًّا وَعِجْ جَعَلَهُ لَفْظِيًّا وَقَدْ عَلِمْت وَجْهَ كُلٍّ مِنْ التَّقْرِيرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْقَصْدُ إلَى الشَّيْءِ) أَيْ فَهِيَ مِنْ بَابِ الْقُصُودِ وَالْإِرَادَاتِ لَا مِنْ بَابِ الْعُلُومِ وَالِاعْتِقَادَاتِ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى الشَّيْءِ تَوَجُّهُ النَّفْسُ إلَيْهِ فَقَوْلُ عبق إنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِ الْمُتَوَضِّئِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ حَقُّهَا التَّقْدِيمَ إلَخْ) أَيْ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ) أَيْ عَلَى الشَّخْصِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَنْوِي لِلسُّنَنِ السَّابِقَةِ عَلَى الْوَجْهِ نِيَّةً مُنْفَرِدَةً فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَوْنِ النِّيَّةِ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ خُلُوُّهَا عَنْ نِيَّةٍ وَعَلَى هَذَا فَلِلْوُضُوءِ نِيَّتَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ: إنَّهُ يَبْدَأُ بِالنِّيَّةِ أَوَّلَ الْفِعْلِ وَيَسْتَصْحِبُهَا لِأَوَّلِ الْفُرُوضِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتَى بِالنِّيَّةِ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتَى بِهَا عِنْدَ غَسْلِ أَوَّلِ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعِنْدَ أَوَّلِ فَرْضٍ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ نَكَّسَ وَبَدَأَ بِغَيْرِهِ فَعِنْدَ أَوَّلِ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: أَيْ نِيَّةُ أَدَائِهِ) أَيْ تَأْدِيَةُ الْفِعْلِ الْمَفْرُوضِ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ وَهُوَ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ أَوْ الصِّفَةُ الْمُقَدَّرُ قِيَامُهَا بِالْأَعْضَاءِ قِيَامَ الْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْحَدَثِ الْوَصْفُ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِنَا اسْتِبَاحَةُ مَا مَنَعَ مِنْهُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ إلَخْ) فَيَجُوزُ لِلشَّخْصِ الشَّارِعِ فِي الْوُضُوءِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَدَاءَ الْفَرْضِ وَاسْتِبَاحَةَ مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ (قَوْلُهُ: لِلتَّنَافِي) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَنَاقَضَ فِي ذَاتِ النِّيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَوَيْتُ رَفْعَ الْحَدَثِ نَوَيْتُ عَدَمَ رَفْعِهِ أَوْ نَوَيْتُ لَا نَوَيْتُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَعَ تَبَرُّدٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ نِيَّةُ مَا ذُكِرَ غَيْرَ مُصَاحِبَةٍ لِنِيَّةِ تَبَرُّدٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ نِيَّةُ مَا ذُكِرَ مُصَاحِبَةً لِنِيَّةِ تَبَرُّدٍ وَمَعَ هُنَا لِمُطْلَقِ الْمُشَارَكَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ
لَا تُنَافِي الْوُضُوءَ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ خَلَلًا (أَوْ) وَإِنْ (أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ) أَيْ مَا أُبِيحَ لَهُ فِعْلُهُ بِالْوُضُوءِ كَمَا إذَا نَوَى بِهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ لَا الْعَصْرِ أَوْ الصَّلَاةَ لَا مَسَّ الْمُصْحَفِ أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ حَدَثَهُ قَدْ ارْتَفَعَ بِاعْتِبَارِ مَا نَوَاهُ فَجَازَ لَهُ فِعْلُهُ بِهِ وَفِعْلُ غَيْرِهِ (أَوْ) وَإِنْ (نَسِيَ حَدَثًا) أَيْ نَاقِضًا وَنَوَى غَيْرَهُ مِنْ أَحْدَاثٍ حَصَلَتْ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْوِيُّ هُوَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنْهُ إلَّا الْمَنْسِيُّ وَلَا مَفْهُومَ لِنَسِيَ بَلْ وَلَوْ ذَكَرَهُ فَالْمُعْتَبَرُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ (لَا أَخْرَجَهُ) أَيْ الْحَدَثَ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْتُ الْوُضُوءَ مِنْ الْبَوْلِ لَا مِنْ الْغَائِطِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِلتَّنَاقُضِ (أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ) الشَّامِلَةِ لِلْحَدَثِ وَالْخَبَثِ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ أَمَّا إنْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ لَا بِقَيْدِ الشُّمُولِ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا لِسَنَدٍ إذْ فِعْلُهُ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ (أَوْ) نَوَى (اسْتِبَاحَةَ مَا) أَيْ شَيْءٍ (نُدِبَتْ) الطَّهَارَةُ (لَهُ) كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ ظَاهِرًا أَوْ زِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ عَالِمٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ تَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ تَعَلُّمِهِ أَوْ دُخُولٍ عَلَى سُلْطَانٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ لِأَنَّ مَا نَوَاهُ يَصِحُّ فِعْلُهُ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ
(أَوْ)(قَالَ) أَيْ بِقَلْبِهِ أَيْ نَوَى مَنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ (إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ فَ) هَذَا الْوُضُوءُ (لَهُ) أَيْ لِلْحَدَثِ لَمْ يُجْزِهِ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَمْ لَا لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ حَيْثُ عَلَّقَ الْوُضُوءَ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ إذْ الْوَاجِبُ عَلَى الشَّاكِّ فِي الْحَدَثِ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ (أَوْ)(جَدَّدَ) وُضُوءَهُ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ (فَتَبَيَّنَ) لَهُ (حَدَثُهُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
دُخُولَهَا عَلَى الْمَتْبُوعِ، وَظَاهِرُهُ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ لَا يُتَبَرَّدُ بِهِ عَادَةً كَمَا لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ بِمَاءٍ سَاخِنٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا تُنَافِي الْوُضُوءَ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ خَلَلًا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ لِلْوُضُوءِ يَتَضَمَّنُ التَّبَرُّدَ مَثَلًا، فَإِذَا نَوَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُضَادًّا لِلْوُضُوءِ وَلَا مُؤَثِّرًا فِيهِ خَلَلًا (قَوْلُهُ: فَجَازَ لَهُ فِعْلُهُ بِهِ) أَيْ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ مَا نَوَاهُ وَأَنْ يَفْعَلَ غَيْرَهُ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ، وَإِخْرَاجُهُ لِغَيْرِ مَا نَوَاهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَنَوَى غَيْرَهُ) أَيْ وَنَوَى الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ إذَا تَعَدَّدَتْ نَابَ أَحَدُهَا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: هُوَ الْأَوَّلَ) أَيْ هُوَ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنْهُ إلَّا الْمَنْسِيُّ) أَيْ وَنَوَى الْوُضُوءَ مِنْ حَدَثٍ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ ذَكَرَهُ) أَيْ وَنَوَى الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا أَخْرَجَهُ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ نَسِيَ حَدَثًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ لَا أَخْرَجَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ الشَّامِلَةِ لِلْحَدَثِ وَالْخَبَثِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ) أَيْ أَوْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِيهِمَا مَعًا أَوْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي الْخَبَثِ فَالضَّرَرُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ إذَا نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي الْحَدَثِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فَالْإِجْزَاءُ فِي صُورَتَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي ثَلَاثٍ بَقِيَ مَا إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ مَعًا وَفِي المج إذَا نَوَاهُمَا مَعًا لِنَجَاسَةِ الْعُضْوِ وَلَمْ يُضِفْ الْمَاءَ فَيُجْزِئُ (قَوْلُهُ: نُدِبَ الطَّهَارَةُ لَهُ) أَيْ نُدِبَ الْوُضُوءُ لَهُ فَالْمُرَادُ بِالطَّهَارَةِ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ ظَاهِرًا) أَيْ بِدُونِ مُصْحَفٍ نَعَمْ إذَا نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَجْزَأَهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ وَأَوْلَى مِنْهُ إذَا نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَفِي الْوُضُوءِ إذَا نَوَى الْوُضُوءَ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ بِهِ وَإِذَا نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ لِعَدَمِ ارْتِفَاعِ حُدُوثِهِ.
وَأَمَّا فِي الْغُسْلِ إذَا نَوَى بِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَوْ فِي الْمُصْحَفِ أَجْزَأَهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ) أَيْ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابٌ كَوُضُوءِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ عَلَى مَا رَدَّ بِهِ عب عَلَى ح وَكُلُّ هَذَا إذَا نَوَى إبَاحَةَ الْأَمْرِ الَّذِي يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ لِيَزُورَ مَثَلًا غَيْرَ مُحْدِثٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ عب هُنَا وَفِي بَابِ الْغُسْلِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ) أَيْ حَصَلَ مِنِّي نَاقِضٌ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَهَذَا الْوُضُوءُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنِّي نَاقِضٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا عَلَى شَكِّهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ حِينَ نَوَى إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ فَلَهُ إلَخْ غَيْرُ مُسْتَحْضِرٍ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ غَيْرُ نَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا لِذَلِكَ كَانَتْ نِيَّتُهُ جَازِمَةً لَا تَرَدُّدَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ دَالًّا عَلَى التَّرَدُّدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ وُضُوءُهُ صَحِيحًا كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ: إذْ الْوَاجِبُ إلَخْ) الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ بِحَيْثُ يَقُولُ فَالْوَاجِبُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ شَكِّهِ فِي الْحَدَثِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ
قَبْلَ التَّجْدِيدِ لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ بَلْ وَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ لَمْ يُجْزِهِ لِتَلَاعُبِهِ بِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ (أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً) مِنْ مَغْسُولِ فَرَائِضِهِ (فَانْغَسَلَتْ) فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ (بِنِيَّةِ الْفَضْلِ) فَلَا يُجْزِئُ لِأَنَّ نِيَّةَ غَيْرِ الْفَرْضِ لَا تُجْزِئُ عَنْهُ وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ، وَمِثْلُ الْغَسْلِ الْمَسْحُ (أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ) بِأَنْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَغْسِلُ مَا بَعْدَهُ وَهَكَذَا لَمْ يُجْزِهِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ جَزَّأَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ بِأَنْ جَعَلَ لِكُلِّ عُضْوٍ رُبْعَهَا مَثَلًا، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَعْنًى لَا تَقْبَلُ التَّجَزِّي (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ (فِي) هَذَا الْفَرْعِ (الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ) وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَدَّرَ بِهِ (وَعُزُوبُهَا) أَيْ النِّيَّةِ أَيْ الذُّهُولُ عَنْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْوَجْهِ أَيْ بَعْدَ وُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا وَهُوَ أَوَّلُ مَفْعُولٍ مُغْتَفَرٌ لِمَشَقَّةِ الِاسْتِصْحَابِ (وَرَفْضُهَا) أَيْ إبْطَالُهَا أَيْ تَقْدِيرُهَا مَعَ مَا فُعِلَ مَعَهَا بَاطِلًا كَالْعَدَمِ (مُغْتَفَرٌ) لَا يُؤَثِّرُ بُطْلَانًا إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَلَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَثْنَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اغْتِفَارَهُ وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَيَبْطُلَانِ بِرَفْضِهِمَا فِي الْأَثْنَاءِ قَطْعًا وَفِيمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إذَا تَوَضَّأَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ، فَإِنْ تَوَضَّأَ بِنِيَّةٍ غَيْرِ جَازِمَةٍ بِأَنْ عَلَّقَهَا بِالْحَدَثِ الْمُحْتَمَلِ كَانَ هَذَا الْوُضُوءُ الثَّانِي بَاطِلًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّجْدِيدِ) مُتَعَلِّقٌ بِحَدَثِهِ أَيْ فَتَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ التَّجْدِيدِ أَنَّهُ أَحْدَثَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ وَلِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَنُوبُ عَنْ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ) أَيْ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا حَدَثَ عَلَيْهِ فَنِيَّتُهُ رَفْعُ الْحَدَثِ حِينَئِذٍ تَلَاعُبٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ) أَيْ بِالنِّيَّةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا عِنْدَ فِعْلِ الْفَضِيلَةِ وَهِيَ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُجْزِئُ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ خَصَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ بِالْغَسْلَةِ الْأُولَى وَأَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الَّتِي غُسِلَتْ بِهِمَا اللُّمْعَةُ.
وَأَمَّا لَوْ نَوَى أَنَّ الْفَرْضَ مَا عَمَّمَ مِنْ الْغَسَلَاتِ وَبَقِيَتْ لُمْعَةٌ لَمْ تُغْسَلْ بِالْأُولَى وَغُسِلَتْ بِالثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، فَإِنَّ الْغَسْلَ يُجْزِي قَالَ عبق وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ مُعْتَبَرَةٌ وَقَالَ سَنَدٌ إذَا نَوَى بِمَا بَعْدَ الْأُولَى الْفَضِيلَةَ وَكَانَتْ الْأُولَى لَمْ تَعُمَّ فَلَا تُعْتَبَرُ تِلْكَ النِّيَّةُ وَلَا يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ إلَّا إذَا عَمَّتْ الْأُولَى فَعَلَى هَذَا إذَا تَرَكَ لُمْعَةً فَغُسِلَتْ بِالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ الَّتِي نَوَى بِهَا الْفَضِيلَةَ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ اهـ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَنَدٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَفْعُ غَسْلِهِ وَتَثْلِيثُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَعْتَبِرُ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ كَغَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغُسْلِ الْمَسْحُ) أَيْ فَإِذَا تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ فَانْمَسَحَتْ بِنِيَّةِ السُّنَّةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا عِنْدَ رَدِّ الْمَسْحِ كَذَلِكَ لَا يُجْزِي (قَوْلُهُ: أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ) أَيْ جِنْسَهَا الْمُتَحَقِّقَ فِي مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَغْسِلُ الْيَدَيْنِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِنِيَّةٍ وَهَكَذَا لِتَمَامِ الْوُضُوءِ، وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ أَيْ بِأَنْ نَوَى عَدَمَ إتْمَامِهِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلًا.
وَأَمَّا لَوْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ مَعَ قَصْدِهِ إتْمَامَ الْوُضُوءِ عَلَى الْفَوْرِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَلَا يَكْمُلُ وُضُوءُهُ إلَّا بِجَمِيعِ النِّيَّاتِ فَهَذَا مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ فَلَا يَضُرُّ لَا مِنْ بَابِ التَّفْرِيقِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجْزِي؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَقْبَلُ التَّجَزِّي) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَجَعْلُهُ لَغْوٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ؛ لِأَنَّ رُبْعَ النِّيَّةِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فِي اعْتِقَادِ الْمُتَوَضِّئِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَقَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَدَّرَ بِهِ أَيْ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ إلَّا بِالْكَمَالِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِذَا غَسَلَ الْوَجْهَ فَفِي قَوْلٍ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَفِي قَوْلٍ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ إلَّا بَعْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْهُ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يَسْتَظْهِرْ فِي مَسْأَلَةِ التَّفْرِيقِ شَيْئًا أَصْلًا وَإِنَّمَا اسْتَظْهَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِظْهَارِهِ ذَلِكَ اسْتِظْهَارُ الصِّحَّةِ فِي التَّفْرِيقِ إذْ قَدْ لَا يُسَلِّمُ ابْنُ رُشْدٍ التَّفْرِيعَ الْمَذْكُورَ لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ مَشْرُوطٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِتَقْدِيمِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِتَمَامِهِ فَتَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَعُزُوبُهَا بَعْدَهُ مُغْتَفَرٌ) اغْتِفَارُ عُزُوبِهَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِنِيَّةٍ مُضَادَّةٍ كَنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ فِي الْأَثْنَاءِ انْقِضَاءَ الطَّهَارَةِ وَكَمَالَهَا وَيَكُونُ قَدْ تَرَكَ بَعْضَهَا ثُمَّ يَأْتِي بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَلَا يُجْزِي كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبَنَى بِنِيَّةٍ إلَخْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ مَفْعُولٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَجْهَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اغْتِفَارَهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَرَفْضُهَا مُغْتَفَرٌ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ التَّمَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الرَّفْضِ الْوَاقِعِ فِي الْأَثْنَاءِ إذَا كَمَّلَهُ بِالْقُرْبِ بِالنِّيَّةِ الْأُولَى.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يُكَمِّلْهُ أَوْ كَمَّلَهُ بِنِيَّةٍ أُخْرَى أَوْ بَعْدَ طُولٍ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي بُطْلَانِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ)