الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضُهُ صَامَهُ (أَوْ نِسْيَانٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ أَوْ أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ وُجُوبِ إمْسَاكِ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ نَوْعًا مِنْ التَّفْرِيطِ وَكَذَا إنْ أَفْطَرَهُ مُكْرَهًا أَوْ لِخَطَأِ وَقْتٍ كَصَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ يَظُنُّهُ الْخَمِيسَ الْمَنْظُورَ وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ الْمَضْمُونِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَيَجِبُ فِعْلُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ وَقْتِهِ
(وَ) قَضَى (فِي النَّفْلِ بَا) لِفِطْرِ (الْعَمْدِ) وَلَوْ لِسَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ (الْحَرَامُ) لَا بِالْفِطْرِ نِسْيَانًا أَوْ إكْرَاهًا وَلَا بِحَيْضِ وَنِفَاسٍ أَوْ خَوْفِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ (وَلَوْ) أَفْطَرَ لِحَلِفِ شَخْصٍ عَلَيْهِ (بِطَلَاقِ بَتٍّ) أَوْ بِعِتْقٍ لَتُفْطِرَنَّ فَلَا يَجُوزُ الْفِطْرُ، وَإِنْ أَفْطَرَ قَضَى (إلَّا لِوَجْهٍ) كَتَعَلُّقِ قَلْبِهِ بِمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا بِحَيْثُ يَخْشَى أَنْ لَا يَتْرُكَهَا إنْ حَنِثَ فَيَجُوزُ وَلَا قَضَاءَ (كَوَالِدِ) أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَيْ كَأَمْرِهِ بِالْفِطْرِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ مِنْ إدَامَةِ الصَّوْمِ وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ (وَشَيْخٍ) فِي الطَّرِيقِ أَخَذَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ شَيْخَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ (وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا) أَيْ الْوَلَدُ وَالشَّيْخُ
وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ فِي الْفَرْضِ بَيَّنَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ قَدْ تَجِبُ فِي بَعْضِهِ بِقَوْلِهِ (وَكَفَّرَ) الْمُفْطِرُ الْمُكَلَّفُ الْكَفَّارَةَ الْكُبْرَى وُجُوبًا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَوَّلُهَا الْعَمْدُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ تَعَمَّدَ) فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرَهٍ أَوْ مَنْ أَفْطَرَ غَلَبَةً الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَهِكًا لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ فَالْمُتَأَوِّلُ تَأْوِيلًا قَرِيبًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَرَابِعُهَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ فَجَاهِلُهَا كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ ظَنَّ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَحْرُمُ مَعَهُ الْجِمَاعُ فَجَامَعَ بِلَا كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَ) بِلَا (جَهْلٍ) لِحُرْمَةِ فِعْلِهِ وَأَوْلَى جَهْلُ رَمَضَانَ كَمَنْ أَفْطَرَ يَوْمَ الشَّكِّ قَبْلَ الثُّبُوتِ فَلَا كَفَّارَةَ، وَأَمَّا جَهْلُ وُجُوبِهَا مَعَ عِلْمِ حُرْمَتِهِ فَلَا يُسْقِطُهَا خَامِسُهَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فِي) أَدَاءِ (رَمَضَانَ فَقَطْ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ بِالتَّقْدِيمِ وَقَوْلُهُ وَفِطْرُهُ أَيْ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ أَوْ نِسْيَانٍ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْحَاجِبِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَيْ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ) أَيْ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ نَوْعًا مِنْ التَّفْرِيطِ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالْمَرَضِ فَالنَّاسِي عِنْدَهُ نَوْعٌ مِنْ التَّفْرِيطِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَفْطَرَهُ مُكْرَهًا) أَيْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الطِّرَازِ وَقَالَ ح إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَفِي خش أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي الْإِكْرَاهِ وَأَصْلُهُ فِي التَّلْقِينِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ اهـ بْن لَكِنَّ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ قَضَائِهِ قَائِلَانِ إنَّ الْمُكْرَهَ أَوْلَى مِنْ الْمَرِيضِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَصَوْمِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ يَظُنُّهُ الْخَمِيسَ الْمَنْذُورَ) أَيْ وَأَصْبَحَ مُفْطِرًا فِي الْخَمِيسِ وَلَمْ يَدْرِ إلَّا فِي أَثْنَائِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكُهُ وَقَضَاؤُهُ
(قَوْلُهُ بِالْفِطْرِ الْعَمْدِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ نِسْيَانًا فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِوُجُوبِ الْإِمْسَاكِ إذَا أَفْطَرَ عَمْدًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِسَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِي فِطْرِهِ عَمْدًا فِي النَّفْلِ لِأَجْلِ سَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا بِالْفِطْرِ نِسْيَانًا) هَذَا مُحْتَرَزُ الْعَمْدِ وَمَا بَعْدَهُ كُلُّهُ مُحْتَرَزُ الْحَرَامِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِطَلَاقٍ إلَخْ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ يُفْطِرَ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ وَلَا قَضَاءَ وَلَا يُحَنِّثُهُ فِي يَمِينِهِ (قَوْلُهُ كَتَعَلُّقِ قَلْبِهِ إلَخْ) هَذَا مِثَالُ الْوَجْهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوَالِدِ إلَخْ تَشْبِيهٌ بِالْوَجْهِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ح وَاخْتَارَهُ طفى (قَوْلُهُ أَبٍ أَوْ أُمٍّ) أَيْ دَنِيَّةٍ لَا الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَالْمُرَادُ الْأَبَوَانِ الْمُسْلِمَانِ لَا إنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَلَا يُطِعْهُمَا إلْحَاقًا لِلصَّوْمِ بِالْجِهَادِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الدِّينِيَّاتِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ أَيْ كَأَمْرٍ بِالْفِطْرِ) أَيْ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَيَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى وَجْهِ الْحَنَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَخَذَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَهْدَ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعَهْدَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الطَّاعَاتِ وَإِفْسَادُ الصَّوْمِ حَرَامٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إفْسَادِ صَوْمِ النَّفْلِ قُدِّمَ فِيهِ نَظَرُ الشَّيْخِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِجَوَازِ إفْسَادِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» (قَوْلُهُ شَيْخَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ وَكَذَا آلَتُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فَرْضِيَّتُهُ أَصْلِيَّةً كَرَمَضَانَ أَوْ عَارِضَةً بِالنَّذْرِ
[شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار]
(قَوْلُهُ قَدْ تَجِبُ فِي بَعْضِهِ) أَيْ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ خُصُوصُ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ أَفْطَرَ غَلَبَةً) أَيْ لِشِدَّةِ عَطَشٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ لِزِيَادَةِ مَرَضٍ أَوْ حُدُوثِهِ (قَوْلُهُ مُنْتَهِكًا لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ) أَيْ غَيْرَ مُبَالٍ بِهَا ثُمَّ إنَّ الِانْتِهَاكَ حَالَ الْفِعْلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ فَمَنْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مُنْتَهِكًا لِلْحُرْمَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمَ عِيدٍ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ تُفْطِرُ مُتَعَمِّدَةً ثُمَّ تَعْلَمُ أَنَّهَا حَاضَتْ قَبْلَ فِطْرِهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ، وَأَمَّا جَهْلُ وُجُوبِهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ مَعَ عِلْمِهِ حُرْمَةَ الْفِطْرِ فَلَا يُسْقِطُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَقْسَامَ الْجَاهِلِ ثَلَاثَةٌ فَجَاهِلُ حُرْمَةِ الْوَطْءِ وَجَاهِلُ رَمَضَانَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَجَاهِلُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِحُرْمَةِ الْفِعْلِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ.
(قَوْلُهُ خَامِسُهَا أَشَارَ لَهُ إلَخْ) أَيْ فَالشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الصَّوْمُ أَدَاءَ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعَمُّدٍ
لَا فِي قَضَائِهِ وَلَا فِي كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ (جِمَاعًا) يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ مَفْعُولُ تَعَمَّدَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَعَمِّدُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً
(أَوْ) تَعَمَّدَ (رَفْعَ نِيَّةٍ نَهَارًا) وَأَوْلَى لَيْلًا وَطَلَعَ الْفَجْرُ رَافِعًا لَهَا لَا إنْ عَلَّقَ الْفِطْرَ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَحْصُلْ كَإِنْ وَجَدْت طَعَامًا أَكَلْت فَلَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يُفْطِرْ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (أَوْ) تَعَمَّدَ (أَكْلًا) أَوْ بَلْعًا لِنَحْوِ حَصَاةٍ وَصَلَّتْ لِلْجَوْفِ (أَوْ شُرْبًا بِفَمٍ فَقَطْ) فَلَا كَفَّارَةَ فِيمَا يَصِلُ مِنْ نَحْوِ أَنْفِهِ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّلَةٌ بِالِانْتِهَاكِ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْعَمْدِ.
ثُمَّ بَالَغَ عَلَى الْكَفَّارَةِ فِيمَا يَصِلُ مِنْ الْفَمِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) وَصَلَ لِلْجَوْفِ (بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ) ، وَهِيَ الْقِشْرُ الْمُتَّخَذُ مِنْ أُصُولِ الْجَوْزِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَا بِقَوْلِهِ كَفَّرَ؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَا تَعَمَّدَهُ فِي رَمَضَانَ (قَوْلُهُ لَا فِي قَضَائِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ وَالْقِيَاسُ لَا يَصِحُّ فِي الْكَفَّارَاتِ عَلَى مَا قِيلَ أَوْ يَدْخُلُهَا لَكِنَّ لِأَدَاءِ رَمَضَانَ حُرْمَةً لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ فَلَوْ قِسْنَا غَيْرَهُ عَلَيْهِ لَكَانَ قِيَاسًا مَعَ الْفَارِقِ.
(قَوْلُهُ وَلَا فِي كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ نَذْرُ الدَّهْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ إنَّ نَاذِرَ الدَّهْرِ يُكَفِّرُ عَنْ فِطْرِهِ عَمْدًا وَعَلَيْهِ فَقِيلَ يُكَفِّرُ كَفَّارَةً صُغْرَى وَقِيلَ كُبْرَى وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ غَيْرِ الصَّوْمِ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى نَاذِرِ الدَّهْرِ كَفَّارَةٌ لِرَمَضَانَ وَعَجَزَ عَنْ غَيْرِ الصَّوْمِ رُفِعَ لَهَا نِيَّةُ النَّذْرِ كَالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ رَمَضَانَ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَاذِرَ الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ مَثَلًا إذَا أَفْطَرَ عَامِدًا يَقْضِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَطْ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَجْرَى ح فِيهِ الْخِلَافَ السَّابِقَ (قَوْلُهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ بَالِغٍ فِي مُطِيقَةٍ وَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ بِتَمَامِهَا أَوْ قَدْرَهَا فِي مَحَلِّ الِافْتِضَاضِ أَوْ فِي مَسْلَكِ الْبَوْلِ أَوْ فِي الدُّبُرِ لَا فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ وَلَا مِنْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا مَا لَمْ تُنْزِلْ الْكَبِيرَةُ وَلَا عَلَى بَالِغٍ فِي صَغِيرَةٍ مَا لَمْ يُنْزِلْ فَتَجِبُ مِنْ حَيْثُ الْإِنْزَالُ
(قَوْلُهُ أَوْ تَعَمَّدَ رَفْعَ نِيَّةٍ نَهَارًا) بِأَنْ قَالَ فِي النَّهَارِ، وَهُوَ صَائِمٌ رَفَعْت نِيَّةَ صَوْمِي أَوْ رَفَعْت نِيَّتِي فَمَنْ عَزَمَ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ نَاسِيًا مَثَلًا ثُمَّ تَرَكَ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ رَفْعًا لِلنِّيَّةِ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ مُسَافِرٍ صَامَ فِي رَمَضَانَ فَعَطِشَ فَقُرِّبَتْ لَهُ سُفْرَتُهُ لِيُفْطِرَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ لِيَشْرَبَ فَقِيلَ لَهُ لَا مَاءَ مَعَك، فَكَفَّ فَقَالَ أُحِبُّ لَهُ الْقَضَاءَ وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ سُقُوطَهُ وَقَالَ إنَّهُ غَالِبُ الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى لَيْلًا) الْمُرَادُ بِرَفْعِهَا لَيْلًا أَنْ يُلَاحَظَ أَنَّهُ غَيْرُ نَاوٍ لِلصَّوْمِ وَأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ نِيَّةٌ لَهُ وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ اللَّيْلَ لَمَّا كَانَ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ فَرَفَعَهَا فِي النَّهَارِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا الرَّفْعَ لَا يَضُرُّ لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا، وَأَمَّا رَفْعُهَا فِي اللَّيْلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ مُضِرٌّ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَهَا فِي مَحَلِّهَا فَلَمْ تَقَعْ النِّيَّةُ فِي مَرْكَزِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) الَّذِي فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ وعبق أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الْفِطْرَ عَلَى وُجُودِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ نَهَارًا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ، وَأَمَّا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى وُجُودِ أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَجِدْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَجِيهٌ لِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عِنْدَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا فِي الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الشَّارِحِ عُلِّقَ الْأَكْلُ عَلَى وُجُودِ مَأْكُولٍ وَوَجَدَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَمَّدَ أَكْلًا) أَيْ وَلَوْ شَيْئًا قَلِيلًا كَفَلَقَةِ طَعَامٍ تُلْقَطُ مِنْ الْأَرْضِ.
(قَوْلُهُ أَوْ بَلْعًا لِنَحْوِ حَصَاةٍ) هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ جَرَى فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إنَّ حُكْمَ الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ حُكْمُ الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ فِي السَّهْوِ الْقَضَاءُ وَفِي الْعَمْدِ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَقْرَبُ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ بِغَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ بِفَمٍ فَقَطْ) أَيْ وَوَصَلَ لِلْجَوْفِ إذْ هُوَ حَقِيقَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَأَمَّا مَا وَصَلَ لِلْحَلْقِ مِنْ الْمُتَحَلِّلِ فَفِيهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَا كَفَّارَةَ فِيمَا يَصِلُ) أَيْ لِلْجَوْفِ وَقَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ أَنْفٍ أَيْ مِنْ أَنْفٍ وَنَحْوِهِ كَأُذُنٍ وَعَيْنٍ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْعَمْدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ مَوْجُودٌ فِي الْوُصُولِ مِنْ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ وَلَيْسَ هُنَاكَ انْتِهَاكٌ وَفِيهِ أَنَّ الِانْتِهَاكَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِالْحُرْمَةِ وَهَذَا مُتَأَتٍّ فِي الْوُصُولِ مِنْ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ فَلِذَا عَلَّلَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا تَتَشَوَّفُ إلَيْهِ النُّفُوسُ وَأَصْلُ الْكَفَّارَةِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِزَجْرِ النَّفْسِ عَمَّا تَتَشَوَّفُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ) أَيْ، وَإِنْ وَصَلَ لِلْجَوْفِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ اسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا نَهَارًا كَفَّرَ فِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا مَا إذَا ابْتَلَعَهَا عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً لَا نِسْيَانًا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ وَإِنْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا لَيْلًا كَفَّرَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا ابْتَلَعَهَا نَهَارًا عَمْدًا لَا غَلَبَةً وَلَا نِسْيَانًا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ هَذَا كَلَامُهُ تَبَعًا لعبق بْن وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا التَّوْضِيحُ إلَّا عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ، وَهُوَ قَيَّدَهَا بِالِاسْتِعْمَالِ نَهَارًا لَا لَيْلًا وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ اهـ كَلَامُهُ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ فِي المج مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق؛ لِأَنَّ
أَيْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا نَهَارًا وَابْتَلَعَهَا وَلَوْ غَلَبَةً أَوْ لَيْلًا وَتَعَمَّدَ بَلْعَهَا نَهَارًا لَا غَلَبَةً فَيَقْضِي فَقَطْ كَأَنْ ابْتَلَعَهَا نِسْيَانًا وَلَوْ اسْتَعْمَلَهَا نَهَارًا عَمْدًا
(أَوْ) تَعَمَّدَ (مَنِيًّا) أَيْ إخْرَاجَهُ بِتَقْبِيلٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ بَلْ (وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ) أَوْ نَظَرٍ وَكَانَ عَادَتُهُ الْإِنْزَالَ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ مِنْ إدَامَتِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الْإِنْزَالِ مِنْهُمَا لَكِنَّهُ خَالَفَ عَادَتَهُ وَأَنْزَلَ فَقَوْلَانِ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الثَّانِي وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ) فَلَا كَفَّارَةَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) فَإِنْ لَمْ يُدِمْهَا فَلَا كَفَّارَةَ قَطْعًا فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ النَّظَرُ، وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ الْقَيْدِ فِيهِمَا جَرَيَانُهُ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ بِالْأَوْلَى وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَيْدُ فِيهِمَا ضَعِيفًا وَفِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ مُعْتَمَدًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَخِيرَيْنِ لِذَلِكَ نَعَمْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْقَيْدَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا لِلَّخْمِيِّ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَصَحِّ مَثَلًا (وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ) وَاحِدَةٍ (فَتَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الْكَفَّارَةِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يُخَالِفْ عَادَتَهُ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِمْنَاءَ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْجَوْزَاءَ مَقَامُ تَشْدِيدٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا نَهَارًا إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَاك بِهَا نَهَارًا نِسْيَانًا فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا إذَا ابْتَلَعَهَا عَمْدًا فَإِنْ ابْتَلَعَهَا غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ اهـ خش
(قَوْلُهُ وَكَانَ عَادَتُهُ الْإِنْزَالُ) أَيْ بِالْفِكْرِ وَالنَّظَرِ الْمُسْتَدَامَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُدِمْهُمَا) أَيْ الْفِكْرَ وَالنَّظَرَ بَلْ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ الْفِكْرِ أَوْ النَّظَرِ فَلَا كَفَّارَةَ قَطْعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ الْفِكْرِ أَوْ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدَامَةٍ لَهُمَا فَلَا كَفَّارَةَ قَطْعًا، وَإِنْ اسْتَدَامَهُمَا حَتَّى أَنْزَلَ فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِنْزَالَ بِهِمَا عِنْدَ الِاسْتِدَامَةِ فَالْكَفَّارَةُ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الْإِنْزَالِ بِهِمَا عِنْدَ الِاسْتِدَامَةِ فَخَالَفَ عَادَتَهُ وَأَمْنَى فَقَوْلَانِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ) أَيْ، وَهُوَ الْفِكْرُ الْمُسْتَدَامُ.
(قَوْلُهُ، وَأَمَّا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ، وَهُوَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِالْقُبْلَةِ أَوْ الْمُبَاشَرَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الْإِنْزَالِ بِهِمَا فَخَالَفَ عَادَتَهُ وَأَمْنَى (قَوْلُهُ، وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَتَى لَهُ ذَلِكَ الِاعْتِمَادُ، وَقَدْ يُقَالُ أَتَى لَهُ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ ظَاهِرَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا سَتَرَاهُ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ إذَا أَنْزَلَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ حَكَاهَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْبَيَانِ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ الْقَضَاءُ فَقَطْ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ غَيْرِ مُسْتَدَامَيْنِ اهـ قَالَ طفى وَلَمْ يُعَرِّجْ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى مُوَافَقَةِ الْعَادَةِ وَلَا عَلَى مُخَالَفَتِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ قَالَ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى عَادَتِهِ فَمَنْ عَادَتُهُ أَنْ يُنْزِلَ عَنْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَفَّرَ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ السَّلَامَةَ لَمْ يُكَفِّرْ اهـ ثُمَّ قَالَهُ طفى فَالْمُؤَلِّفُ بِاعْتِبَارِ الْمُبَالَغَةِ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْت ثُمَّ أَشَارَ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ، وَهُوَ جَارٍ فِي جَمِيعِ الْمُقَدِّمَاتِ نَعَمْ اللَّخْمِيُّ فِي اخْتِيَارِهِ لَمْ يَنْظُرْ لِلْمُتَابَعَةِ وَلَا لِعَدَمِهَا، وَإِنَّمَا نَظَرَ لِلْعَادَةِ وَهَذَا لَا يَضُرُّ الْمُؤَلِّفَ بَلْ نَسَجَ عَلَى مِنْوَالِ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى شَرْطِ الْمُتَابَعَةِ فِي النَّظَرِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِذِكْرِ اخْتِيَارِهِ الرَّاجِحِ لِمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَلَيْسَ اخْتِيَارُهُ خَاصًّا بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كَمَا قِيلَ بَلْ ذَكَرَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ لَا التَّخْصِيصِ كَمَا تَرَى فَتَأَمَّلْ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَخْصِيصَ الشَّارِحِ الِاسْتِثْنَاءَ بِمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ إنَّ اللَّخْمِيَّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ إلَّا فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ غَيْرُهُمَا أَحْرَى بِذَلِكَ اهـ كَلَامُ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: الْحَقُّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ إخْرَاجُ الْمَنِيِّ بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَلِمَا بَعْدَهَا، وَهُوَ إخْرَاجُهُ بِإِدَامَةِ الْفِكْرِ وَأَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ إخْرَاجَ الْمَنِيِّ بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ جَرَيَانُهُ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ بِالْأَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا أَضْعَفُ مِنْ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَمَا كَانَ قَيْدًا فِي الْأَقْوَى فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْأَضْعَفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى هَذَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ لَا وُرُودَ لَهُ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْمُقَدِّمَاتِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْقَيْدَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَيْدَ لِلَّخْمِيِّ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ نَعَمْ يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ بِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْفِعْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ إطْلَاقِ أَشْهَبَ الْقَضَاءَ فَقَطْ وَإِطْلَاقِ الْإِمَامِ الْكَفَّارَةَ صَارَ كَأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْ الْخِلَافِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَمْنَى إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ إذَا أَنْزَلَ عَنْ فِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ غَيْرِ مُسْتَدَامَيْنِ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُكَفِّرُ إنْ أَمْنَى عَنْ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَمِّدًا فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى الْوِفَاقِ فَحَمَلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ النَّظَرَ وَحَمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِلَى التَّأْوِيلَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمْنَى إلَخْ فَالتَّأْوِيلَانِ بِالْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ لَا بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ وَقَدْ يُقَالُ الْمَعْنَى، وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظَرِهِ فَتَأْوِيلَانِ أَيْ قِيلَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْقَابِسِيِّ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْفِطْرَ وَقِيلَ لَا كَفَّارَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ