المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل بيان الأعيان الطاهرة والنجسة] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ١

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ]

- ‌[شُرُوط الْوُضُوء]

- ‌(فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌[فَضَائِل الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]

- ‌(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مَنْدُوبَات الْغُسْل]

- ‌[صفة الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَمَسْحِ الْجَوْرَب]

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوط الْمَاسِح عَلَى الْخَفّ]

- ‌[مُبْطِلَات الْمَسْح عَلَى الْخَفّ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ

- ‌[شَرَائِط جَوَازِ التَّيَمُّم]

- ‌[مُوجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[وَاجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[سُنَن التَّيَمُّم]

- ‌[فَضَائِل التَّيَمُّم]

- ‌[مُبْطِلَات التَّيَمُّم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ

- ‌[شَرْط الْمَسْح عَلَى الْجُرْح]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌[بَيَان الْحَيْض وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌ مَوَانِعَ الْحَيْضِ

- ‌[بَيَان النِّفَاس وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْأَذَان وَمَنْدُوبَاته]

- ‌[مِنْ يَجُوز لَهُ الْأَذَان]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الشَّرْط الْأَوَّل وَالثَّانِي طَهَارَة الْحَدَث وَالْخَبَث]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌(فَصْلُ) (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌ مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا]

- ‌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ

- ‌[فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ]

- ‌[تَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ]

- ‌[تَرْتِيب الْفَوَائِت فِي أنفسها وَيَسِيرهَا مَعَ حَاضِرَة]

- ‌[مَا تَبْرَأ بِهِ الذِّمَّة عِنْد جَهْل الْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌ فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

- ‌[مِنْ تكره إمَامَته]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ

- ‌[فَصَلِّ الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[صِحَّة الِاسْتِخْلَاف]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌[الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْت وَأَسْبَاب الْجَمْع]

- ‌[صفة الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[سُنَن الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[الْأَعْذَار الْمُبِيحَة لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌[سُنَن صَلَاة الْعِيد]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد]

- ‌[كَيْفِيَّة أَدَاء صَلَاة الْعِيد وَمَنْدُوبَاتهَا]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامَ الْمَوْتَى]

- ‌[كَيْفِيَّة تَغْسِيل الْمَيِّت]

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ]

- ‌[مَنْدُوبَاتِ غُسْلِ الْمَيِّت]

- ‌ مُسْتَحَبَّاتِ الْكَفَنِ

- ‌ مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ

- ‌ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ

- ‌(زِيَارَةُ الْقُبُورِ)

- ‌[مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ]

- ‌[بَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[زَكَاةِ النَّعَمِ]

- ‌ زَكَاةِ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةُ النَّقْد]

- ‌[زَكَاة نَمَاءِ الْعَيْنِ]

- ‌ بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ

- ‌ زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ

- ‌[فَصْلٌ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌[جنس الصَّاع فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ الصِّيَامِ]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ

- ‌[شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار]

- ‌[أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْجَائِزَاتِ لِلصَّائِمِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]

- ‌[الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَا يَنْدُبُ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ]

- ‌ مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ

الفصل: ‌[فصل بيان الأعيان الطاهرة والنجسة]

عَلَى) ذِي (النَّجَاسَةِ) كَثَوْبٍ مَثَلًا مُتَنَجِّسٌ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمُطْلَقُ وَيَنْفَصِلُ عَنْهُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَوُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ فِي التَّطْهِيرِ أَيْ لَا فَرْقَ عِنْدَنَا فِي وُرُودِ الْمُطْلَقِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَا فِي وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ كَأَنْ يَغْمِسَ الثَّوْبَ فِي إنَاءِ مَاءٍ وَيَخْرُجُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَخَالَفَ الشَّافِعِيُّ فِي الثَّانِي فَقَالَ: إنْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ دُونَ قُلَّتَيْنِ تَنَجَّسَ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُ الثَّوْبِ إلَّا بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَوْ يُغْمَسَ فِي مَاءٍ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ بِالطَّاهِرِ طَاهِرٌ وَبِالنَّجِسِ نَجِسٌ نَاسَبَ أَنْ يُبَيِّنَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ بِقَوْلِهِ (فَصْلٌ) هُوَ لُغَةً الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْفَنِّ مُنْدَرِجَةٍ تَحْتَ بَابٍ أَوْ كِتَابٍ غَالِبًا (الطَّاهِرُ مَيْتُ مَا) أَيْ حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ (لَا دَمَ لَهُ) أَيْ ذَاتِيٍّ كَعَقْرَبٍ وَذُبَابٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَاهِرٌ بِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا إذَا وَرَدَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَفِي نَجَاسَتِهِ الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَدْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْفَرْعَ الثَّانِي مُشَبَّهًا بِهِ لَا يُقَالُ إنَّ عَادَةَ الْمُصَنِّفِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْمُشَبَّهِ لَا عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يُدْخِلُهَا عَلَى الْمُشَبَّهِ بَعْدَ تَتْمِيمِ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ قَالَ وَوُرُودُ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ لَا يَضُرُّ كَعَكْسِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ فَالِاعْتِرَاضُ بَاقٍ فَتَأَمَّلْ وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ لِاسْتِفَادَتِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ لَكِنَّهُ قَصَدَ بِالتَّصْرِيحِ بِهَا الرَّدَّ عَلَى الْمُخَالِفِ كَالشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِي النَّجَاسَةِ) أَيْ وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُتَنَجِّسُ (قَوْلُهُ: وَيَنْفَصِلُ عَنْهُ) أَيْ وَيَنْفَصِلُ الْمَاءُ عَنْ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ: لَا فَرْقَ عِنْدَنَا فِي وُرُودِ) أَيْ فِي حُصُولِ التَّطْهِيرِ بَيْنَ وُرُودِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَغْمِسَ الثَّوْبَ) أَيْ الْمُتَنَجِّسَ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) أَيْ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: إنْ وَرَدَتْ) أَيْ إنْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ قَدْرُ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَكَمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَالْقُلَّتَانِ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةٍ وَسَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ رِطْلًا تَقْرِيبًا بِالْمِصْرِيِّ، وَبِالْبَغْدَادِيِّ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ

[فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ]

(فَصْلٌ الطَّاهِرُ إلَخْ)(قَوْلُهُ: الْحَاجِزُ) أَيْ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَسَائِلِ الْفَنِّ) أَيْ مِنْ قَضَايَاهُ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ التَّرَاجِمِ الْأَلْفَاظُ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يُعَبَّرُ عَنْ الطَّائِفَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْغَيْرِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ تَرْجَمَةٍ بِفَصْلٍ (قَوْلُهُ: أَيْ حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ) إنَّمَا فَسَّرَهَا بِحَيَوَانٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْمَوْتُ إنَّمَا هُوَ الْحَيَوَانُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ بِبَرِّيٍّ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَالْبَحْرِيُّ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (قَوْلُهُ: لَا دَمَ لَهُ) أَيْ لَا دَمَ مَمْلُوكٌ لَهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَا دَمَ فِيهِ أَصْلًا أَوْ فِيهِ دَمٌ مُكْتَسَبٌ وَسَوَاءٌ مَاتَ مَا ذُكِرَ بِذَكَاةٍ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ ذَاتِيٌّ) أَشَارَ إلَى أَنَّ لَامَ لَا دَمَ لَهُ لِلْمِلْكِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الدَّمِ مَمْلُوكًا لِلْحَيَوَانِ أَنَّهُ ذَاتِيٌّ (قَوْلُهُ: كَعَقْرَبٍ إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ لَيْسَ لَهَا دَمٌ ذَاتِيٌّ وَمَا فِيهَا مِنْ الدَّمِ فَهُوَ مَنْقُولٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالطَّهَارَةِ مَيْتَةُ الْحَيَوَانَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الدَّمِ فَهُوَ نَجِسٌ فَإِذَا حَلَّ قَلِيلٌ مِنْهُ فِي طَعَامٍ نَجَّسَهُ وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِطَهَارَةِ مَيْتَةٍ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ أَنَّهُ يُؤْكَلُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ لِقَوْلِهِ: وَافْتَقَرَ نَحْوُ الْجَرَادِ لَهَا بِمَا يَمُوتُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ فِي طَعَامٍ وَكَانَ حَيًّا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مَعَ الطَّعَامِ إلَّا إذَا نَوَى ذَكَاتَهُ بِأَكْلِهِ كَانَ الطَّعَامُ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ تَمَيَّزَ عَنْ الطَّعَامِ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ فِي طَعَامٍ وَمَاتَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُتَمَيِّزًا عَنْهُ أَكَلَ الطَّعَامَ وَحْدَهُ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ الطَّعَامِ وَاخْتَلَطَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ أُكِلَ هُوَ وَالطَّعَامُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، فَإِنْ شُكَّ فِي كَوْنِهِ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ أُكِلَ أَوْ لَا أُكِلَ مَعَ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ وَلَيْسَ هَذَا كَضُفْدَعَةٍ شَكَّ فِي كَوْنِهَا بَحْرِيَّةً أَوْ بَرِّيَّةً فَلَا تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا شَكٌّ فِي إبَاحَةِ الطَّعَامِ وَإِبَاحَتُهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ وَالشَّكُّ فِي الطَّارِئِ عَلَيْهَا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فَهُوَ لِابْنِ يُونُسَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: إذَا وَقَعَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فِي طَعَامٍ وَمَاتَ فِيهِ أَوْ كَانَ حَيًّا جَازَ أَكْلُهُ مُطْلَقًا تَمَيَّزَ عَنْ الطَّعَامِ أَمْ لَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، وَقَدْ بَنَى ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ لَا يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَاقِعِ فِي الطَّعَامِ، وَأَمَّا الْمُتَخَلِّقُ مِنْهُ كَسُوسِ الْفَاكِهَةِ وَدُودِ الْمِشِّ وَالْجُبْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَ الطَّعَامِ مُطْلَقًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا كَانَ قَدْرَ الطَّعَامِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ

ص: 48

وَخَنَافِسَ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ لِأَنَّ مَا فِيهِ دَمٌ غَيْرُ ذَاتِيٍّ كَبُرْغُوثٍ مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ (وَ) مَيْتُ (الْبَحْرِيِّ) إنْ لَمْ تَطُلْ حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ كَالْحُوتِ بَلْ (وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ) كَتِمْسَاحٍ وَضُفْدَعٍ وَسُلَحْفَاةٍ بَحْرِيَّةٍ (وَ) الطَّاهِرُ (مَا) أَيْ حَيَوَانٌ (ذُكِّيَ) ذَكَاةً شَرْعِيَّةً مِنْ ذَبْحٍ وَنَحْرٍ وَعَقْرٍ (وَجُزْؤُهُ) مِنْ عَظْمٍ وَلَحْمٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ وَجِلْدٍ (إلَّا مُحَرَّمُ الْأَكْلِ) كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ الذَّكَاةَ لَا تَنْفَعُ فِيهَا، وَأَمَّا مَكْرُوهُ الْأَكْلِ كَسَبْعٍ وَهِرٍّ فَإِنْ ذُكِّيَ لِأَكْلِ لَحْمِهِ طَهُرَ جِلْدُهُ تَبَعًا لَهُ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ كَاللَّحْمِ، وَإِنْ ذُكِّيَ بِقَصْدِ أَخْذِ جِلْدِهِ فَقَدْ طَهُرَ وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ بِنَاءً عَلَى تَبْعِيضِ الذَّكَاةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَلَى عَدَمِ تَبْعِيضِهَا يُؤْكَلُ (وَ) الطَّاهِرُ (صُوفٌ) مِنْ غَنَمٍ (وَوَبَرٌ) مِنْ إبِلٍ وَأَرْنَبٍ وَنَحْوِهِمَا (وَزَغَبُ رِيشٍ) وَهُوَ مَا حَوْلَ الْقَصَبَةِ مِمَّا يُشْبِهُ الشَّعْرَ (وَشَعْرٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَقَدْ تُسَكَّنُ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ (وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ) وَأَشَارَ إلَى شَرْطِ طَهَارَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِقَوْلِهِ (إنْ جُزَّتْ) وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا مِمَّا لَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ وَمَا لَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَمُرَادُهُ بِالْجَزِّ مَا قَابَلَ النَّتْفَ فَيَشْمَلُ الْحَلْقَ وَالْإِزَالَةَ بِالنُّورَةِ فَلَوْ نُتِفَتْ لَمْ تَكُنْ طَاهِرَةً أَيْ أَصْلُهَا فَلَوْ جُزَّتْ بَعْدَ النَّتْفِ فَالْأَصْلُ الَّذِي فِيهِ أَجْزَاءُ الْجِلْدِ نَجِسٌ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ (وَ) الطَّاهِرُ (الْجَمَادُ وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ) إنْ لَمْ تَحُلَّهُ حَيَاةٌ (وَ) غَيْرُ (مُنْفَصِلٍ عَنْهُ) أَيْ الْحَيِّ فَالْبَيْضُ وَالسَّمْنُ وَعَسَلُ النَّحْلِ لَيْسَتْ مِنْ الْجَمَادِ لِانْفِصَالِهَا عَنْهُ وَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ الْمَائِعُ كَالْمَاءِ وَالزَّيْتِ وَالْجَامِدِ كَالتُّرَابِ وَالْحَجَرِ وَالْحَشِيشِ (إلَّا الْمُسْكِرَ) مِنْهُ وَلَا يَكُونُ إلَّا مَائِعًا كَالْخَمْرِ وَكَسُوبْيَا تُرِكَتْ حَتَّى دَخَلَتْهَا الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَقَبِلَهُ شُرَّاحُهُ وَنُقِلَ نَحْوُهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ الطَّعَامِ، فَإِنْ تَمَيَّزَ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَكَاتِهِ (تَنْبِيهٌ) لَيْسَ مِمَّا لَا دَمَ لَهُ الْوَزَغُ وَالسَّحَالِي وَشَحْمَةُ الْأَرْضِ بَلْ هِيَ مِمَّا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَهِيَ ذَاتُ لَحْمٍ وَدَمٍ وَكَذَلِكَ الْحَيَّةُ وَالْقَمْلَةُ (قَوْلُهُ: وَخَنَافِسَ) جَمْعُ خُنْفُسَاءَ بِالْمَدِّ (قَوْلُهُ: وَبَنَاتِ وَرْدَانَ) هِيَ دُوَيْبَّةٌ نَحْوُ الْخُنْفُسَاءِ حَمْرَاءُ اللَّوْنِ وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَفِي الْكُنُفِ وَكَذَا الْجَرَادُ وَالدُّودُ وَالنَّمْلُ وَالْبَقُّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَيْتُ مَا لَا دَمَ فِيهِ لَاقْتَضَى أَنَّ مَيْتَةَ مَا فِيهِ دَمٌ نَجِسَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّمُ ذَاتِيًّا كَالْقَمْلِ أَوْ غَيْرَ ذَاتِيٍّ كَالْبُرْغُوثِ وَالْبَقِّ، وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلِذَا عَدَلَ عَنْ فِيهِ إلَى لَهُ الْمُفِيدَةِ لِلْمِلْكِ (قَوْلُهُ: وَمَيْتَةُ الْبَحْرِيِّ) ، وَلَوْ كَانَ خِنْزِيرًا أَوْ آدَمِيًّا وَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَهَائِمِ وَيُعَزَّرُ وَاطِئُهُ وَسَوَاءٌ مَاتَ الْبَحْرِيُّ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي الْبَرِّ وَسَوَاءٌ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ وُجِدَ طَافِيًا عَلَى الْمَاءِ بِسَبَبِ شَيْءٍ فُعِلَ بِهِ مِنْ اصْطِيَادِ مُسْلِمٍ أَوْ مَجُوسِيٍّ أَوْ أُلْقِيَ فِي النَّارِ أَوْ دُسَّ فِي طِينٍ فَمَاتَ أَوْ وُجِدَ فِي بَطْنِ حُوتٍ أَوْ طَيْرٍ مَيِّتًا إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ إذَا أُرِيدَ أَكْلُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ) أَيْ وَمَاتَ بِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ بِنَجَاسَةِ مَيْتَةِ الْبَحْرِيِّ إذَا طَالَتْ حَيَاتُهُ بِالْبَرِّ وَرِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِطَهَارَةِ مَيْتِهِ إنْ مَاتَ فِي الْمَاءِ وَبِنَجَاسَتِهِ إنْ مَاتَ فِي الْبَرِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَسُلَحْفَاةٍ) بِسِينٍ ثُمَّ لَامٍ ثُمَّ حَاءٍ وَفِي نُسْخَةٍ تَقْدِيمُ الْحَاءِ عَلَى اللَّامِ وَهِيَ تُرْسُ الْمَاءِ اهـ وَهِيَ بِضَمِّ السِّينِ وَالْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ (قَوْلُهُ: وَجُزْؤُهُ) إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْجُزْءِ بَعْدَ النَّصِّ عَلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى الْكُلِّ الْحُكْمُ عَلَى الْجُزْءِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِنَجَاسَةِ مَرَارَةِ الْمُبَاحِ الْمُذَكَّى مَعَ قَوْلِهِمْ بِطَهَارَةِ الْكُلِّ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ: وَجُزْؤُهُ الْمَشِيمَةَ وَهِيَ وِعَاءُ الْوَلَدِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ وَيَجُوزُ أَكْلُهَا كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَصَوَّبَهُ الْبُرْزُلِيُّ قَائِلًا: هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ أَكْلِهَا وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: إنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْمَوْلُودِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: إلَّا مُحَرَّمَ الْأَكْلِ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُهُ: لَا تَنْفَعُ فِيهَا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَيْتَتُهَا نَجِسَةٌ، وَلَوْ وُجِدَتْ فِيهَا صُورَةُ الذَّكَاةِ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لَهُ) أَيْ لِلَّحْمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْجِلْدَ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كَالْهِرِّ وَالْفَاقُومِ وَالْفَارِ (قَوْلُهُ: مَا حَوْلَ الْقَصَبَةِ) أَيْ قَصَبَةِ الرِّيشِ (قَوْلُهُ: وَشَعْرٌ) فِي شب عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ بَيْعِ الشَّعْرِ الَّذِي يُحْلَقُ مِنْ رُءُوسِ النَّاسِ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ) كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْمَعْزِ (قَوْلُهُ: هَذِهِ الْأَشْيَاءُ) أَيْ الصُّوفُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ) غَايَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُهَا إذَا جُزَّتْ مِنْ مَيْتَةٍ عِنْدَ الشَّكِّ فِي طَهَارَتِهَا وَنَجَاسَتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نُتِفَتْ) أَيْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جُزَّتْ) أَيْ قُصَّتْ بِمِقَصٍّ (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ تَحِلَّهُ حَيَاةٌ) أَيْ أَصْلًا فَخَرَجَ مِنْ التَّعْرِيفِ آدَم عليه السلام بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ الدُّودُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ كُلِّ مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْعُفُونَاتِ أَوْ التُّرَابِ فَلَا يُقَالُ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهَا جَمَادٌ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَنْفَصِلْ عَنْ حَيٍّ إلَّا أَنَّهَا حَلَّتْهَا الْحَيَاةُ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مِنْ الْجَمَادِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ) أَيْ الْمُسْكِرُ إلَّا مَائِعًا وَلَا يَكُونُ

ص: 49

مَعَ نَشْأَةٍ وَطَرَبٍ بِخِلَافِ الْمُفْسِدِ وَيُقَالُ لَهُ الْمُخَدِّرُ وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ لَا مَعَ نَشْأَةٍ وَطَرَبٍ وَمِنْهُ الْحَشِيشَةُ وَبِخِلَافِ الْمُرْقِدِ وَهُوَ مَا غَيَّبَهُمَا مَعًا كَالدَّاتُورَةِ فَإِنَّهُمَا طَاهِرَانِ وَلَا يَحْرُمُ مِنْهُمَا إلَّا مَا أَثَّرَ فِي الْعَقْلِ (وَ) الطَّاهِرُ (الْحَيُّ) وَأَلْ فِيهِ اسْتِغْرَاقِيَّةٌ أَيْ كُلُّ حَيٍّ بَحْرِيًّا كَانَ أَوْ بَرِّيًّا وَلَوْ مُتَوَلِّدًا مِنْ عَذِرَةٍ أَوْ كَلْبًا وَخِنْزِيرًا (وَدَمْعُهُ) وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ عَيْنِهِ (وَعَرَقُهُ) وَهُوَ مَا رَشَحَ مِنْ بَدَنِهِ وَلَوْ مِنْ جَلَّالَةٍ أَوْ سَكْرَانَ حَالَ سُكْرِهِ (وَلُعَابُهُ) وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ فَمِهِ فِي يَقِظَةٍ أَوْ نَوْمٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ الْمَعِدَةِ بِصُفْرَتِهِ وَنُتُونَتِهِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَلَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ لُعَابًا (وَمُخَاطُهُ) وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ أَنْفِهِ (وَبَيْضُهُ) وَلَوْ مِنْ حَشَرَاتٍ كَحَيَّةٍ تَصَلَّبَ أَوْ لَا (وَلَوْ)(أَكَلَ) الْحَيُّ (نَجِسًا) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (إلَّا) الْبَيْضَ (الْمَذِرَ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَهُوَ مَا عَفُنَ أَوْ صَارَ دَمًا أَوْ مُضْغَةً أَوْ فَرْخًا مَيِّتًا فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَأَمَّا مَا اخْتَلَطَ صُفَارُهُ بِبَيَاضِهِ مِنْ غَيْرِ عُفُونَةٍ فَاسْتَظْهَرُوا طَهَارَتَهُ (وَ) إلَّا (الْخَارِجُ بَعْدَ الْمَوْتِ) إنَّمَا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ وَلَمْ يُذَكَّ وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ بَيْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذَا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (وَ) الطَّاهِرُ (لَبَنُ آدَمِيٍّ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ كَافِرًا مَيِّتًا سَكْرَانَ لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ فَقَوْلُهُ: (إلَّا) الْآدَمِيُّ (الْمَيِّتُ) فَلَبَنُهُ نَجِسٌ لِأَنَّ مَيْتَتَهُ نَجِسَةٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي ضَعِيفٌ (وَلَبَنُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ (تَابِعٌ) لِلَحْمِهِ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ فَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ طَاهِرًا بَعْدَهَا وَهُوَ الْمُبَاحُ وَالْمَكْرُوهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

جَامِدًا أَصْلًا خِلَافًا لِلْمَنُوفِيِّ فَإِنَّ الْمُسْكِرَ عِنْدَهُ قَدْ يَكُونُ جَامِدًا وَلِذَا جَعَلَ الْحَشِيشَةَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: مَعَ نَشْأَةٍ) أَيْ شِدَّةٍ وَقُوَّةٍ (قَوْلُهُ: وَطَرَبٍ) أَيْ فَرَحٍ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ نَشْأَةٍ) أَيْ شِدَّةٍ وَقُوَّةٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الْحَشِيشَةُ) أَيْ وَكَذَا الْبُرْشُ وَالْأَفْيُونُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَعْلِ الْحَشِيشَةِ مِنْ الْمُخَدِّرِ هُوَ مَا لِلْقَرَافِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَنُوفِيِّ فَإِنَّهُ جَعَلَهَا مِنْ الْمُسْكِرِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا أَثَّرَ فِي الْعَقْلِ) أَيْ غَيَّبَهُ وَفِي تَعَاطِيهِ الْأَدَبُ لَا الْحَدُّ، وَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي لَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ مِنْهُمَا فَيَجُوزُ تَعَاطِيهِ بِخِلَافِ الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ فَيَحْرُمُ تَعَاطِي الْقَلِيلِ مِنْهُ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ وَالْكَثِيرِ وَفِي تَعَاطِيهِ مُطْلَقًا الْحَدُّ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي المج وَالْقَهْوَةُ فِي ذَاتِهَا مُبَاحَةٌ وَيَعْرِضُ لَهَا حُكْمُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا هَذَا زُبْدَةُ مَا فِي ح هُنَا وَمِثْلُهَا الدُّخَانُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَثْرَتُهُ لَهْوٌ اهـ وَفِي ح مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ أَكْلِ الْمُرْقِدِ لِأَجْلِ قَطْعِ عُضْوٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمُرْقِدِ مَأْمُونٌ وَضَرَرَ الْعُضْوِ غَيْرُ مَأْمُونٍ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ حَيٍّ)، وَلَوْ كَافِرًا أَوْ كَلْبًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ شَيْطَانًا وَدَخَلَ فِيهِ جَنِينُ الْآدَمِيِّ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَقَدْ ادَّعَى الْقُرْطُبِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى طَهَارَتِهِ قَالَ: وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي دَعْوَى الْإِجْمَاعِ وَقَالَ: بَلْ الْخِلَافُ الَّذِي فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ يَجْرِي فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَنِينَ الْآدَمِيِّ إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَنَجِّسًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ نَجَاسَةُ رُطُوبَتِهِ لَكِنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ وَقَالَ الْحَقُّ مَعَ الْقُرْطُبِيِّ؛ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ اهـ، وَأَمَّا جَنِينُ الْبَهِيمَةِ يَخْرُجُ وَعَلَيْهِ الرُّطُوبَاتُ، فَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةَ الْأَكْلِ فَهُوَ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ مَعَهُ مِنْ الرُّطُوبَاتِ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُبَاحَةِ الْأَكْلِ فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ لِنَجَاسَةِ الرُّطُوبَاتِ الَّتِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حَالَ سُكْرِهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ عَرَقَ السَّكْرَانِ حَالَ سُكْرِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ سُكْرِهِ نَجِسٌ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ) أَيْ السَّائِلَ مِنْ فَمِهِ حَالَةَ النَّوْمِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَجِسٌ أَيْ وَيُعْفَى عَنْهُ إذَا لَازَمَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَمُخَاطُهُ) أَيْ وَأَوْلَى خُرْءُ أُذُنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ حَشَرَاتٍ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْضُ مِنْ حَشَرَاتٍ وَقَوْلُهُ: تَصَلَّبَ أَيْ ذَلِكَ الْبَيْضُ بِأَنْ كَانَ صُلْبًا يَابِسًا (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ الْعَرَقُ وَالْبَيْضُ خِلَافًا فَقِيلَ: إنَّهُمَا مِنْ آكِلِ النَّجِسِ نَجِسٌ وَرُجُوعُ الْمُبَالَغَةِ لَهُمَا ظَاهِرٌ لِرَدِّ ذَلِكَ الْخِلَافِ وَبَعْضُهَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ لِرَدِّ التَّوَهُّمِ وَكَوْنُ لَوْ يُرَدُّ بِهَا الْخِلَافُ فَهَذَا أَغْلَبِيٌّ.

(تَنْبِيهٌ) لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِثَوْبٍ فِيهِ عَرَقُ شَارِبِ خَمْرٍ أَوْ مُخَاطُهُ أَوْ بَصْقُهُ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي عبق خِلَافًا لِزَرُّوقٍ (قَوْلُهُ: فَاسْتَظْهَرُوا طَهَارَتَهُ)، وَأَمَّا الْبَيْضُ الَّذِي يُوجَدُ فِي دَاخِلِ بَيَاضِهِ أَوْ صِفَارِهِ نُقْطَةُ دَمٍ فَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ السَّفْحِ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ الطَّهَارَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ خُرُوجُهُ مِمَّا مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ كَالْجَرَادِ وَالتِّمْسَاحِ أَوْ مِنْ مُذَكًّى فَلَا يَكُونُ نَجِسًا (قَوْلُهُ: بَيْضًا كَانَ) أَيْ الْخَارِجُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ غَيْرَهُ أَيْ مِنْ دَمْعٍ وَعَرَقِ وَلُعَابٍ وَمُخَاطٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِمَّا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُذَكًّى فَهِيَ نَجِسَةٌ، وَلَوْ بَيْضًا يَابِسًا، وَإِنْ كَانَ مُذَكًّى كَانَتْ طَاهِرَةً كَمَا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ حَيَوَانٍ مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ كَمَا أَنَّهَا تَكُونُ طَاهِرَةً (قَوْلُهُ: فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إلَّا الْمَذِرَ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْبَيْضِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَيْتَتَهُ) أَيْ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَبَنُهُ نَجِسٌ لِنَجَاسَةِ وِعَائِهِ (قَوْلُهُ: وَلَبَنُ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْبَهَائِمِ، وَأَمَّا لَبَنُ الْجِنِّ فَهُوَ كَلَبَنِ الْآدَمِيِّ لَا كَلَبَنِ الْبَهَائِمِ لِجَوَازِ مُنَاكَحَتِهِمْ وَإِمَامَتِهِمْ

ص: 50

فَلَبَنُهُ طَاهِرٌ غَيْرَ أَنَّ لَبَنَ الْمَكْرُوهِ يُكْرَهُ شُرْبُهُ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ نَجِسًا بَعْدَهَا وَهُوَ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ فَلَبَنُهُ نَجِسٌ (وَ) الطَّاهِرُ (بَوْلٌ وَعَذِرَةٌ) يَعْنِي رَوْثًا (مِنْ مُبَاحٍ) أَكْلُهُ (إلَّا الْمُتَغَذِّي) مِنْهُ (بِنَجِسٍ) أَكْلًا أَوْ شُرْبًا تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا كَشَكٍّ وَكَانَ شَأْنُهُ ذَلِكَ كَدَجَاجٍ وَفَارٍ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ كَحَمَامٍ وَخَرَجَ بِالْمُبَاحِ الْمُحَرَّمُ وَالْمَكْرُوهُ وَفَضْلَتُهُمَا نَجِسَةٌ كَمَا يَأْتِي (وَ) مِنْ الطُّهْرِ (قَيْءٌ) وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ الطَّعَامِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَعِدَةِ (إلَّا الْمُتَغَيِّرُ) مِنْهُ بِنَفْسِهِ (عَنْ) حَالَةِ (الطَّعَامِ) فَنَجِسٌ وَلَوْ لَمْ يُشَابِهْ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ، فَإِنْ كَانَ تَغَيُّرُهُ بِصَفْرَاءَ أَوْ بَلْغَمٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ فَطَاهِرٌ وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ فِي التَّفْصِيلِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ وَلَوْ بِحُمُوضَةٍ فَنَجِسٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّعَامِ وَالْمَاءِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ تَغَيُّرُهُ بِالْحُمُوضَةِ لَا يَضُرُّ وَرَجَّحَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ وَخَالَفَ شُرَّاحَهُ فِي اعْتِمَادِ نَجَاسَتِهِ (وَ) الطَّاهِرُ (صَفْرَاءُ) وَهِيَ مَاءٌ أَصْفَرُ مُلْتَحِمٌ يُشْبِهُ الصِّبْغَ الزَّعْفَرَانِيَّ يَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ (وَبَلْغَمٌ) وَهُوَ الْمُنْعَقِدُ كَالْمُخَاطِ يَخْرُجُ مِنْ الصَّدْرِ أَوْ يَسْقُطُ مِنْ الرَّأْسِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ عِنْدَنَا طَاهِرَةٌ لِعِلَّةِ الْحَيَاةِ فَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا طَاهِرٌ وَعِلَّةُ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ الِاسْتِحَالَةُ إلَى فَسَادٍ (وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (مَرَارَةُ مُبَاحٍ) وَكَذَا مَكْرُوهٌ فَلَوْ قَالَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لَشَمِلَهُمَا وَمُرَادُهُ بِالْمَرَارَةِ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الْكَائِنُ فِي الْجِلْدَةِ الْمَعْلُومَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْسَ الْجِلْدَةِ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ وَجُزْؤُهُ وَلَيْسَتْ هِيَ الصَّفْرَاءَ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالصَّفْرَاءِ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الْحَيَوَانِ حَالَ حَيَاتِهِ وَمُرَادُهُ بِالْمَرَارَةِ مَرَارَةُ الْمُذَكَّى وَلِذَا قَيَّدَهَا بِالْمُبَاحِ وَأَطْلَقَ فِي الصَّفْرَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ وَاعْتِرَاضُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ خش.

(قَوْلُهُ: فَلَبَنُهُ طَاهِرٌ) وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِلَبَنِ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ) أَيْ فِي كَرَاهَةِ الشُّرْبِ وَعَدَمِهِ بَلْ فِي الطَّهَارَةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ مُبَاحٍ) هَذَا، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِنْهُ عِنْدَ مَالِكٍ إمَّا لِاسْتِقْذَارِهِ أَوْ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِنَجَاسَتِهِمَا، وَأَمَّا مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْمُبَاحِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ كَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْغَنَمِ وَالسِّبَاعِ أَوْ مِنْ الْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ فَهَلْ تَكُونُ فَضْلَتُهُ طَاهِرَةً أَوْ نَجِسَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْأُمِّ لِقَوْلِهِمْ: كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا اهـ خش وَفِي المج لَيْسَ مِنْ التَّلْفِيقِ الَّذِي قِيلَ بِجَوَازِهِ مُرَاعَاةَ الشَّافِعِيِّ فِي إبَاحَةِ الْخَيْلِ وَمَالِكٍ فِي طَهَارَةِ رَجِيعِ الْمُبَاحِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا عَيَّنَ لِلْإِبَاحَةِ أَشْيَاءَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يَعْنِي رَوْثًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَذِرَةَ إنَّمَا تُقَالُ لِفَضْلَةِ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا فَضْلَةُ غَيْرِهِ فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهَا رَوْثٌ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُتَغَذِّي بِنَجِسٍ) أَيْ فَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ نَجِسَانِ مُدَّةَ ظَنِّ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِي جَوْفِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ شَأْنُهُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلشَّكِّ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ لَا إنْ شَكَّ فِي اسْتِعْمَالِهِ لَهَا وَلَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُتَغَيِّرُ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ) أَيْ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا، فَإِذَا تَغَيَّرَ بِحُمُوضَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَهُوَ نَجِسٌ، وَإِنْ لَمْ يُشَابِهْ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ سَنَدٌ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ حَيْثُ قَالُوا: لَا يَنْجُسُ الْقَيْءُ إلَّا إذَا شَابَهُ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْقَلْسُ) هُوَ مَاءٌ تَقْذِفُهُ الْمَعِدَةُ أَوْ يَقْذِفُهُ رِيحٌ مِنْ فَمِهَا، وَقَدْ يَكُونُ مَعَهُ طَعَامٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَغَيَّرَ) أَيْ عَنْ حَالَةِ الْمَاءِ الَّذِي شَرِبَهُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ) أَيْ وَلَا يَكُونُ الْقَلْسُ نَجِسًا إلَّا إذَا شَابَهُ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْقَيْءِ وَالْقَلْسِ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ) أَرَادَ بِهِ طفى

(قَوْلُهُ: نَجَاسَتُهُ) أَيْ نَجَاسَةُ الْقَلْسِ الْمُتَغَيِّرِ بِالْحُمُوضَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَلْسَ لَا يَنْجُسُ اتِّفَاقًا إلَّا بِمُشَابَهَةِ الْعَذِرَةِ فَلَا تَضُرُّ حُمُوضَتُهُ لِخِفَّتِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَهَلْ كَذَلِكَ الْقَيْءُ أَوْ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِمُطْلَقِ التَّغَيُّرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ تَأْوِيلًا هَذَا حَاصِلُ مَا حَرَّرَهُ طفى وَرَدَّ عَلَى ح وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُ فِي تَشْهِيرِ التَّنْجِيسِ بِمُطْلَقِ التَّغَيُّرِ فِيهِمَا (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ طَهَارَةَ الْقَيْءِ تَقْتَضِي طَهَارَةَ مَا وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ مِنْ خَيْطٍ أَوْ دِرْهَمٍ لَكِنْ فِي كَبِيرِ خش أَنَّهُمْ قَالُوا بِنَجَاسَتِهِمَا، وَأَمَّا الَّذِي أُدْخِلَ فِي الدُّبُرِ فَنَجِسٌ قَطْعًا كَمَا فِي ح كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: وَصَفْرَاءُ) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ صَفْرَاءُ وَبَلْغَمٌ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالنُّخَامَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ آدَمِيٍّ) أَنَّ سَوَاءً كَانَ كُلٌّ مِنْ الصَّفْرَاءِ وَالْبَلْغَمِ مِنْ آدَمِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مِنْ مُبَاحِ الْأَكْلِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَعِدَةَ) إلَخْ عِلَّةٌ لِطَهَارَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَيْءِ وَالصَّفْرَاءِ وَالْبَلْغَمِ لَا يُقَالُ مُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ طَهَارَةُ الْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ عَنْ الطَّعَامِ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْ الْمَعِدَةِ طَاهِرًا حَيْثُ خَرَجَ بِحَالِهِ وَلَا يَرِدُ الصَّفْرَاءُ وَالْبَلْغَمُ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَخْرُجَا بِحَالِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْدُرُ خُرُوجُ الصَّفْرَاءِ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا بَقِيَ بِحَالِهِ وَالْبَلْغَمُ لَمَّا كَانَ يَتَكَرَّرُ خُرُوجُهُ وَيَكْثُرُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تُوجِبُ الْمَشَقَّةَ كَذَا قِيلَ.

وَفِيهِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ لَا تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ، وَإِنَّمَا تَقْتَضِي الْعَفْوَ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعِلَّةُ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ) أَيْ إذَا تَغَيَّرَ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ هِيَ) أَيْ مَرَارَةُ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ فِي الصَّفْرَاءِ) أَيْ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مُبَاحًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَاعْتِرَاضُ الشَّارِحِ) أَيْ الْعَلَّامَةِ بَهْرَامَ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُ اعْتِرَاضِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَمَرَارَةُ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمَرَارَةِ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ الْمُرَّ الْخَارِجَ مِنْ الْفَمِ فَهُوَ الصَّفْرَاءُ، وَإِنْ أَرَادَ وِعَاءَهُ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ وَجُزْؤُهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا نَخْتَارُ

ص: 51

(وَدَمٌ لَمْ يُسْفَحْ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَجْرِ بَعْدَ مُوجِبِ خُرُوجِهِ بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهُوَ الْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ وَكَذَا مَا يُوجَدُ فِي قَلْبِ الشَّاةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَأَمَّا مَا يُوجَدُ فِي بَطْنِهَا فَهُوَ مِنْ الْمَسْفُوحِ فَيَكُونُ نَجِسًا وَكَذَا الْبَاقِي فِي مَحَلِّ الذَّبْحِ لِأَنَّهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَارِي (وَمِسْكٌ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَأَصْلُهُ دَمٌ انْعَقَدَ لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ (وَفَارَتُهُ) بِلَا هَمْزٍ لِأَنَّهُ مِنْ فَارَ يَفُورُ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ الْهَمْزُ وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا (وَزَرْعٌ) سُقِيَ (بِنَجِسٍ) وَإِنْ تَنَجَّسَ ظَاهِرُهُ فَيُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ (وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (خَمْرٌ تَحَجَّرَ) أَيْ جَمَدَ لِزَوَالِ الْإِسْكَارِ مِنْهُ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَلِذَا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ أَوْ بُلَّ وَشُرِبَ أَسْكَرَ لَمْ يَطْهُرْ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَازِرِيِّ (أَوْ خُلِّلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَالْمُتَخَلِّلُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ وَكَذَا مَا حُجِّرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ وَإِذَا طَهُرَ طَهُرَ إنَاؤُهُ وَلَوْ فَخَّارًا غَاصَ فِيهِ فَهُوَ يُخَصِّصُ قَوْلَهُمْ وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ وَلَوْ وَقَعَ ثَوْبٌ فِي دَنِّ خَمْرٍ فَتَخَلَّلَ طَهُرَ الْجَمِيعُ

وَلَمَّا ذَكَرَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ شَرَعَ فِي ذِكْرِ النَّجِسَةِ فَقَالَ (وَالنَّجَسُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ (مَا اُسْتُثْنِيَ) أَيْ أُخْرِجَ مِنْ الطَّاهِرِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا سَوَاءٌ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِأَدَاةِ اسْتِثْنَاءٍ وَذَلِكَ فِي سَبْعَةٍ بِمُرَاعَاةِ الْمَعْطُوفِ وَهِيَ إلَّا مُحَرَّمُ الْأَكْلِ إلَّا الْمُسْكِرُ إلَّا الْمَذِرَ وَالْخَارِجَ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا الْمَيِّتَ إلَّا الْمُتَغَذِّيَ بِنَجِسٍ إلَّا الْمُتَغَيِّرُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِهَا كَمَفْهُومِ الشَّرْطِ فِي إنْ جُزَّتْ دُرِسَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمَاءُ الْأَصْفَرُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ نَفْسُ الصَّفْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا الْمَاءُ الْمُرُّ الْأَصْفَرُ الْخَارِجُ مِنْ الْحَيَوَانِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَأَمَّا الْمَرَارَةُ فَإِنَّهَا الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الْخَارِجُ مِنْ بَعْدِ التَّذْكِيَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمُرَادُهُ بِالْمَرَارَةِ وَمَرَارَةُ الْمُذَكَّى الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمُرَادُهُ بِالْمَرَارَةِ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الْخَارِجُ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ (قَوْلُهُ: وَدَمٌ) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ دَمٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِذَكَاةٍ) الْبَاءُ تَصْوِيرِيَّةٌ أَيْ مُوجِبُ خُرُوجِهِ الْمُصَوَّرِ بِذَكَاتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّمَ إنْ جَرَى بَعْدَ مُوجِبِ خُرُوجِهِ وَهُوَ الذَّكَاةُ كَانَ مَسْفُوحًا وَهُوَ نَجِسٌ كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بَعْدَ مُوجِبِ خُرُوجِهِ كَانَ غَيْرَ مَسْفُوحٍ وَهُوَ طَاهِرٌ فَخَرَجَ الدَّمُ الْقَائِمُ بِالْحَيِّ فَلَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مَسْفُوحًا وَلَا غَيْرَ مَسْفُوحٍ وَمِنْ ثَمَرَاتِ طَهَارَةِ غَيْرِ الْمَسْفُوحِ أَنَّهُ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ لَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا يُوجَدُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ وَمَا قَبْلَهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَعْدَ حُصُولِ مُوجِبِ خُرُوجِهِ الَّذِي هُوَ الذَّكَاةُ (قَوْلُهُ: وَمِسْكٌ) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ مِسْكٌ (قَوْلُهُ: بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ) أَيْ وَأَمَّا الْمَسْكُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَهُوَ الْجِلْدُ يُقَالُ الْقِنْطَارُ مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَتِهِ) أَيْ اسْتِحَالَةِ أَصْلِهِ أَيْ، وَإِنَّمَا كَانَ طَاهِرًا مَعَ نَجَاسَةِ أَصْلِهِ لِاسْتِحَالَةِ أَصْلِهِ إلَخْ فَهُوَ عِلَّةُ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: بِلَا هَمْزٍ) أَيْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَارَ يَفُورُ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ قَوْلَهُ وَفَأْرَتُهُ بِالْهَمْزِ وَعَدَمُهُ خِلَافًا لِمَنْ عَيَّنَ الْأَوَّلَ وَلِمَنْ عَيَّنَ الثَّانِيَ هَذَا وَظَاهِرُ طَهَارَةِ الْمِسْكِ وَفَأْرَتُهُ وَلَوْ أَخَذَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّبَنِ وَالْبَيْضِ الْخَارِجَيْنِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ أَنَّ كُلًّا اسْتَحَالَ إلَى صَلَاحٍ وَعَدَمِ اسْتِقْذَارٍ هَذَا وَفِي المج أَنَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ الِاسْتِحَالَةِ لِصَلَاحٍ فِي الْمِسْكِ فَتَأَمَّلْ هَذَا، وَقَدْ تَوَقَّفَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْمِسْكِ قَالَ ح وَلَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِي ذَلِكَ وَجَوَازُهُ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ حَيْثُ قَالُوا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ الطَّعَامِ الْمُمَسَّكِ إذَا أَمَاتَهُ الطَّبْخُ فَلَوْلَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ الْمِسْكِ مَا جَازَ أَكْلُ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: الَّتِي يَكُونُ) أَيْ الْمِسْكُ (قَوْلُهُ: وَزَرْعٌ) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ زَرْعٌ وَالْبَقْلُ كَالْكُرَّاثِ وَنَحْوِهِ كَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ: سُقِيَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْبَاءَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَزَرْعٌ مِنْ نَجِسٍ أَيْ نَاشِئٍ مِنْ نَجِسٍ كَمَا لَوْ زَرَعَ قَمْحًا نَجِسًا بِأَنْ ابْتَلَعَهُ إنْسَانٌ وَنَزَلَ بِحَالِهِ وَزَرَعَهُ وَنَبَتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَخَمْرٌ تَحَجَّرَ) أَيْ سَوَاءٌ تَحَجَّرَ فِي أَوَانِيهِ أَمْ لَا بِأَنْ وَقَعَ فَوْقَ ثَوْبٍ وَجَمَدَ عَلَيْهِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عبق تَبَعًا لعج وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بُدَّ مِنْ تَحَجُّرِهِ فِي أَوَانِيهِ، وَأَمَّا إذَا جَمَدَ عَلَى ثَوْبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَصَابَهُ حَالَ نَجَاسَتِهِ وَهُوَ مَا فِي شب وَالْقَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إذَا نَشَفَ عَلَى الثَّوْبِ لَا يُقَالُ فِيهِ تَحَجُّرٌ إذْ تَحَجُّرُهُ جُمُودُهُ وَصَيْرُورَتُهُ جُرْمًا جَامِدًا (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ تَعْلِيلِ الطَّهَارَةِ بِزَوَالِ الْإِسْكَارِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ) أَيْ وَهُوَ مُتَحَجِّرٌ وَقَوْلُهُ: أَسْكَرَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ اُسْتُعْمِلَ أَوْ بَلَّ (قَوْلُهُ: كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَازِرِيِّ) أَيْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَتَى تَحَجَّرَ صَارَ طَاهِرًا أَوْ لَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ إذَا بَلَّ يُسْكِرُ أَوْ لَا أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ أَطْبَقُوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الطِّرْطِيرِ وَهُوَ خَمْرٌ جَامِدٌ وَلَمْ يُقَيِّدُوا جَوَازَ بَيْعِهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ خُلِّلَ) أَيْ بِطَرْحِ مَاءٍ أَوْ خَلٍّ أَوْ مِلْحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فِيهِ، وَمَحَلُّ طَهَارَتِهِ بِصَيْرُورَتِهِ خَلًّا مَا لَمْ يَكُنْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ قَبْلَ تَخْلِيلِهِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي عبق مَنْعُ اسْتِعْمَالِ الْخَمْرِ إذَا اُسْتُهْلِكَتْ بِالطَّبْخِ فِي دَوَاءٍ وَاخْتَلَفُوا فِي تَخْلِيلِهَا فَقِيلَ بِالْحُرْمَةِ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بِالْإِبَاحَةِ وَعَلَى كُلٍّ يَطْهُرُ بَعْدَ التَّخْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا حُجِّرَ) أَيْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ) مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ طَاهِرًا إلَّا إذَا تَحَجَّرَ بِنَفْسِهِ أَوْ خُلِّلَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ وَلَك أَنْ تَجْعَلَ فِي كَلَامِهِ احْتِبَاكًا فَحُذِفَ مِنْ كُلٍّ نَظِيرُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: طَهُرَ الْجَمِيعُ) أَيْ الثَّوْبُ وَالْخَمْرُ الَّذِي فِي الدَّنِّ وَالدَّنِّ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: أَيْ أُخْرِجَ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مُرَادَ

ص: 52

وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا وَإِنْ عُلِمَتْ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ تَعْدَادِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَحَصْرِهَا (وَ) النَّجِسُ (مَيْتُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ) وَهُوَ بَرِّيٌّ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ إذَا كَانَ غَيْرَ قَمْلَةٍ وَآدَمِيٍّ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (قَمْلَةً) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ مَيْتَتِهَا لِأَنَّ الدَّمَ الَّذِي فِيهَا مُكْتَسَبٌ لَا ذَاتِيٌّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ ذَاتِيٌّ وَيُعْفَى عَنْ الْقَمْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ لِلْمَشَقَّةِ (أَوْ) كَانَ (آدَمِيًّا) ضَعِيفٌ (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ كَاللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَعِيَاضٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى (طَهَارَتُهُ) وَلَوْ كَافِرًا عَلَى التَّحْقِيقِ (وَ) النَّجِسُ (مَا أُبِينَ) أَيْ انْفَصَلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَعَلَّقَ بِيَسِيرِ لَحْمٍ أَوْ جِلْدٍ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُصَنِّفِ بِالِاسْتِثْنَاءِ الِاسْتِثْنَاءُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ مُطْلَقُ الْإِخْرَاجِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَدَاةِ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِهَا كَمَفْهُومِ الشَّرْطِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الِاسْتِثْنَاءُ الْحَقِيقِيُّ أَيْ مَا كَانَ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَعَلَى هَذَا فَيُقَالُ مَا اُسْتُثْنِيَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ فِي قَوْلِنَا أَوْ حُكْمًا أَوْ أَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ اصْطِلَاحِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِنَا أَوْ حُكْمًا.

وَحَاصِلُ مَا اسْتَثْنَاهُ فِيمَا مَرَّ ثَمَانِيَةٌ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ وَالصُّوفِ الْمَنْتُوفِ وَالْمُسْكِرِ وَالْمَذَرِ وَالْخَارِجِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ دَمْعٍ وَعَرَقٍ وَلُعَابٍ وَمُخَاطٍ وَبَيْضٍ وَلَبَنِ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ وَالْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ مِنْ الْمُتَغَذِّي بِنَجِسٍ وَالْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا) أَيْ هَذِهِ الْمُخَرَّجَاتِ الْمُسْتَثْنَاةَ بِإِلَّا وَغَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ عُلِمَتْ أَيْ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالنَّجِسُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَمَيْتُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ عَطْفٌ عَلَى مَا اُسْتُثْنِيَ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَا ذُكِرَ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ وَاَلَّذِي ذُكِرَ مَيْتَةٌ مَا لَا دَمَ لَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ وَمَيِّتِ الْبَحْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا مَيِّتُ الْبَرِّيِّ الَّذِي لَهُ دَمٌ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ غَيْرَ قَمْلَةٍ) أَيْ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَالطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ وَالْحَيَّةِ وَالْوَزَغِ وَالسَّحَالِي سَوَاءٌ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِذَكَاةٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ كَمُذَكَّى مَجُوسِيٍّ أَوْ كِتَابِيٍّ بِقَصْدِ تَعْظِيمِ صَنَمِهِ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ إلَهُهُ فَذَبَحَهُ تَقَرُّبًا إلَيْهِ أَوْ مُسْلِمٍ لَمْ يُسَمِّ عَمْدًا أَوْ مُرْتَدٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانَ أَوْ مَصِيدِ كَافِرٍ أَوْ ذَبْحِ مُحْرِمٍ لِصَيْدٍ فَكُلُّ هَذِهِ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ كَانَ) أَيْ مَيِّتُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ) أَيْ وَهُوَ الْإِمَامُ سَحْنُونٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّمَ) عِلَّةٌ لِلْقَوْلِ بِطَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ: عَنْ الْقَمْلَتَيْنِ) أَيْ الْمَيْتَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثُ) أَيْ الْمَيْتَاتُ إذَا كَانَتْ فِي ثَوْبٍ وَصَلَّى بِهِ وَكَذَا يُعْفَى عَنْ قَتْلِ الثَّلَاثِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ح وَنَقَلَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ إذَا احْتَاجَ لِقَتْلِ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ يَنْوِي ذَكَاتَهَا قَالَ ح كَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ مَنْ عَمِلَ الذَّكَاةَ فِي مُحَرَّمِ الْأَكْلِ فَإِنَّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ تَحْرِيمَ أَكْلِ الْقَمْلَةِ إجْمَاعًا، فَإِنْ بَنَى عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ إنَّ الْقَمْلَةَ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّذْكِيَةِ إلَّا زِيَادَةَ احْتِيَاطٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ آدَمِيًّا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَيِّتَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ آدَمِيًّا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَكُلُّهُمْ يَقُولُونَ بِنَجَاسَةِ مَيْتَتِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ طَهَارَتُهُ) ، وَلَوْ كَافِرًا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَصَّارِ.

(تَنْبِيهٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ فِي مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ الْخِلَافَ، وَأَمَّا مَيْتَةُ الْجِنِّ فَنَجِسَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ الْآدَمِيَّ فِي الشَّرَفِ، وَإِنْ اقْتَضَى عُمُومُ «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» أَنَّ لَهُ مَا لِلْآدَمِيِّ، وَلَوْ قِيلَ بِطَهَارَةِ مَيْتَةِ الْمُسْلِمِ مِنْهُمْ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَلَيْسَ الْفَرْعُ نَصًّا قَدِيمًا اهـ مج (قَوْلُهُ: عَلَى التَّحْقِيقِ) قَالَ عِيَاضٌ: لِأَنَّ غَسْلَهُ وَإِكْرَامَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ يَأْبَى تَنْجِيسَهُ إذْ لَا مَعْنَى لِغُسْلِ الْمَيْتَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَذِرَةِ «وَلِصَلَاتِهِ عليه الصلاة والسلام عَلَى سَهْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ» وَلِمَا ثَبَتَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ الْمَوْتِ» ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا فَعَلَ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي طَهَارَةِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ وَعَدَمِهَا عَامٌّ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَقِيلَ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ، وَأَمَّا مَيْتَةُ الْكَافِرِ فَنَجِسَةٌ اتِّفَاقًا

ص: 53

(مِنْ) حَيَوَانٍ نَجِسِ الْمَيْتَةِ (حَيٍّ وَمَيِّتٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَالْمُنْفَصِلُ مِنْ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا طَاهِرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ثُمَّ بَيَّنَ إبْهَامَ مَا بِقَوْلِهِ (مِنْ قَرْنٍ وَعَظْمٍ وَظِلْفٍ) هُوَ لِلْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ وَالْحِمَارِ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْحَافِرَ (وَظُفْرٍ) لِبَعِيرٍ وَنَعَامٍ وَإِوَزٍّ وَدَجَاجٍ وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الدَّجَاجَ لَيْسَ مِنْ ذِي الظُّفْرِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْجِلْدَةُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ (وَعَاجٍ) أَيْ سِنِّ فِيلٍ (وَقَصَبِ رِيشٍ) بِتَمَامِهَا وَهِيَ الَّتِي يَكْتَنِفُهَا الزَّغَبُ (وَجِلْدٌ) إذَا لَمْ يُدْبَغْ بَلْ (وَلَوْ دُبِغَ) فَلَا يُؤَثِّرُ دَبْغُهُ طَهَارَةً فِي ظَاهِرِهِ وَلَا بَاطِنِهِ وَخَبَرُ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» وَنَحْوُهُ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا فِي مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَلِذَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَرُخِّصَ فِيهِ) أَيْ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِلْدِ مُبَاحِ الْأَكْلِ أَوْ مُحَرَّمِهِ (إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ) فَلَا يُرَخَّصُ فِيهِ مُطْلَقًا ذُكِّيَ أَمْ لَا لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ إجْمَاعًا فَكَذَا الدِّبَاغُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا جِلْدُ الْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ وُجُوبِ دَفْنِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَهُمَا طَرِيقَتَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَلَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ إذْ أَجْسَادُهُمْ بَلْ جَمِيعُ فَضَلَاتِهِمْ طَاهِرَةٌ اتِّفَاقًا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مَتَى ثَبَتَتْ لِذَاتٍ فَهِيَ مُطْلَقَةٌ وَاسْتِنْجَاؤُهُمْ تَنْزِيهٌ وَتَشْرِيعٌ، وَلَوْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَا حُكْمَ إذْ ذَاكَ لِاصْطِفَائِهِمْ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ بَلْ فِي شَرْحِ دَلَائِلِ الْخَيْرَاتِ لِلْفَاسِيِّ أَنَّ الْمَنِيَّ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيٍّ) مِنْهُ ثَوْبُ الثُّعْبَانِ (قَوْلُهُ: فَالْمُنْفَصِلُ مِنْ الْآدَمِيِّ إلَخْ) مِنْ جُمْلَتِهِ مَا نُحِتَ مِنْ الرِّجْلِ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ مِنْ الْجِلْدِ فَفِيهِ الْخِلَافُ كَقُلَامَةِ الظُّفْرِ بِخِلَافِ مَا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَ حَلْقِهِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ وَسَخٌ مُتَجَمِّدٌ مُنْعَقِدٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ طَهَارَةِ مَيْتَتِهِ، وَأَمَّا عَلَى الضَّعِيفِ فَمَا أُبِينَ مِنْهُ نَجِسٌ مُطْلَقًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا أُبِينَ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَالْخِلَافِ فِي مَيْتَتِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ أَنَّ مَا أُبِينَ مِنْهُ حَيًّا لَا يُخْتَلَفُ فِي نَجَاسَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ الْخِلَافُ (تَنْبِيهٌ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ طَهَارَةِ مَا أُبِينَ مِنْ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا يَجُوزُ رَدُّ سِنٍّ قُلِعَتْ لِمَحَلِّهَا لَا عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الدَّجَاجَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّفْرِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُقَصُّ فَيَدْخُلُ الدَّجَاجُ فِي الظُّفْرِ بِخِلَافِ بَابِ الذَّبَائِحِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالظُّفْرِ فِيهِ الْجِلْدَةُ الَّتِي بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الدَّجَاجُ مِنْ ذِي الظُّفْرِ اهـ فَعَدُّ الدَّجَاجِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ ذِي الظُّفْرِ لَا يُعَارِضُ مَا فِي الذَّبَائِحِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذِي الظُّفْرِ (قَوْلُهُ: بِتَمَامِهَا) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَصْلِهَا وَطَرَفِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَيًّا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ النَّجِسُ أَصْلُهَا لَا طَرَفُهَا كَذَا فِي ح وَيَشْهَدُ لَهُ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يَقْتَضِي ضَعْفَهُ وَاعْتِمَادُ الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّجِسَ أَصْلُهَا لَا طَرَفُهَا اُنْظُرْ بْن وَنَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى نَجَاسَةِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِقَوْلِهِ مِنْ قَرْنٍ إلَخْ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ لَحْمٍ وَعَصَبٍ وَعُرُوقٍ مَعَ شُمُولِ قَوْلِهِ وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ لِذَلِكَ الْغَيْرِ لِلْخِلَافِ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ بِطَهَارَةِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ لَا تَحُلُّهُ بِخِلَافِ اللَّحْمِ وَالْعَصَبِ وَالْعُرُوقِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى نَجَاسَتِهَا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ تَحُلُّهَا.

(قَوْلُهُ: وَجِلْدٍ) يَعْنِي أَنَّ الْجِلْدَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْحَيِّ أَوْ الْمَيِّتِ نَجِسٌ (قَوْلُهُ: وَلَا بَاطِنِهِ) خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِينَ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ مُطْلَقًا، وَلَوْ خِنْزِيرًا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ طَهَارَةً شَرْعِيَّةً وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ: وَلِذَا جَازَ) أَيْ لِأَجْلِ طَهَارَتِهِ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً (قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْإِمَامِ أَيْ وَجَوَّزَ الْإِمَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ) أَيْ فِي اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحَرَّمِهِ) ذُكِّيَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَا تَعْمَلُ فِيهِ إجْمَاعًا) أَيْ بِخِلَافِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَإِنَّ الذَّكَاةَ تَنْفَعُ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ، وَمُقَابِلُهُ مَا شَهَّرَهُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ الْفَرَسِ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ كَجِلْدِ غَيْرِهِ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ إذَا دُبِغَ سَوَاءٌ ذُكِّيَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا جِلْدُ الْآدَمِيِّ) أَيْ مِثْلُ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ فِي كَوْنِهِ لَا يُرَخَّصُ فِيهِ مُطْلَقًا جِلْدُ الْآدَمِيِّ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ الدَّبْغِ فِي

ص: 54

(بَعْدَ دَبْغِهِ) بِمَا يُزِيلُ الرِّيحَ وَالرُّطُوبَةَ وَيَحْفَظُهُ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ وَلَا يَفْتَقِرُ الدَّبْغُ إلَى فِعْلِ فَاعِلٍ، فَإِنْ وَقَعَ الْجِلْدُ فِي مَدْبَغَةٍ طَهُرَ أَيْ لُغَةً وَلَا كَوْنُ الدَّابِغِ مُسْلِمًا (فِي يَابِسٍ) كَالْحُبُوبِ (وَ) فِي (مَاءٍ) لِأَنَّ لَهُ قُوَّةَ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ لِطَهُورِيَّتِهِ فَلَا يَضُرُّهُ إلَّا مَا غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ لَا فِي نَحْوِ عَسَلٍ وَلَبَنٍ وَسَمْنٍ وَمَاءِ زَهْرٍ وَيَجُوزُ لُبْسُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا فِيهَا لِنَجَاسَتِهَا (وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ) أَيْ نَابِ الْفِيلِ الْمَيِّتِ قَالَ فِيهَا لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ فَيَكُونُ اسْتِشْهَادًا لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ نَجَاسَتِهِ وَقِيلَ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَكُونُ اسْتِشْكَالًا وَأَمَّا الْمُذَكَّى وَلَوْ بِعُقْرٍ فَلَا وَجْهَ لِكَرَاهَتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ كَغَيْرِهِمَا مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ دَبْغِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي يَابِسٍ كَذَلِكَ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ بَعْدَ دَبْغِهِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَفِي قَوْلِهِ فِي يَابِسٍ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِيَابِسٍ وَمَاءٍ بِخِلَافِهَا فِي قَوْلِهِ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ أَوْ أَنَّ فِي يَابِسٍ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِعْمَالِهِ مَحْذُوفًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ دَبْغِهِ)، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِحَالٍ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: بِمَا يُزِيلُ الرِّيحَ وَالرُّطُوبَةَ) ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُزِيلُ لَهُمَا نَجِسًا كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: وَيَحْفَظُهُ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ) أَيْ مِنْ التَّلَفِ وَالتَّقْطِيعِ كَمَا تَحْفَظُهُ الْحَيَاةُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدِّبَاغِ إزَالَةُ الشَّعْرِ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ إزَالَتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ: إنَّ الشَّعْرَ نَجِسٌ وَإِنَّ طَهَارَةَ الْجِلْدِ بِالدَّبْغِ لَا تَتَعَدَّى إلَى طَهَارَةِ الشَّعْرِ؛ لِأَنَّهُ تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهِ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالشَّعْرُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ لَا تَحُلُّهُ فَالْفَرْوُ إنْ كَانَ مُذَكَّى مَجُوسِيٍّ أَوْ مَصِيدَ كَافِرٍ قَلَّدَ فِي لُبْسِهِ فِي الصَّلَاةِ أَبَا حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ عِنْدَهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَالشَّعْرُ عِنْدَهُ طَاهِرٌ وَلَا يُقَلِّدُ فِيهِ الشَّافِعِيَّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ قَالَ بِطَهَارَةِ الْجِلْدِ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ الشَّعْرِ وَلَا مَالِكًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ قَالَ بِطَهَارَةِ الشَّعْرِ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ الْجِلْدِ إلَّا أَنْ يُلَفِّقَ وَيُقَلِّدُ الْمَذْهَبَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ الْجِلْدُ فِي مَدْبَغَةٍ) أَيْ وَخَرَجَ مَدْبُوغًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِآلَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا كَوْنُ الدَّابِغِ مُسْلِمًا) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الدَّابِغِ مُسْلِمًا بَلْ دَبْغُ الْكَافِرِ مُطَهِّرٌ. (قَوْلُهُ: كَالْحُبُوبِ) أَيْ بِأَنْ يُوعَى فِيهَا الْعَدَسُ وَالْفُولُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْحُبُوبِ وَيُغَرْبَلُ عَلَيْهَا وَلَا يَطْحَنُ عَلَيْهَا بِأَنْ تُجْعَلَ الرَّحَى فَوْقَهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَحَلُّلِ بَعْضِ أَجْزَاءِ الْجِلْدِ فَتَخْتَلِطُ بِالدَّقِيقِ، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ الْجِلْدَ فِي بَيْتِ الدَّقِيقِ فِي الطَّاحُونِ وَيَنْزِلُ الدَّقِيقُ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ) فِي المج أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَاءِ لُبْسُهُ فِي الرِّجْلِ الْمَبْلُولَةِ وِفَاقًا لح (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لُبْسُهَا إلَخْ) أَيْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَةِ أَيْ كَمَا يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ دُخُولُ النَّجِسِ فِيهِ، وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهُ وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْ وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ عَلِمْت مِنْ مَسْأَلَةِ الْفِرَاءِ عَدَمَ الْجَوَازِ إلَّا إذَا قُلِّدَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ) أَيْ كَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِهِ وَقَوْلُهُ: قَالَ فِيهَا أَيْ مُعَلِّلًا لِلْكَرَاهَةِ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْ التَّعْلِيلُ وَقَوْلُهُ: فَيَكُونُ أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَجَاسَتِهِ) أَيْ الْعَاجِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْفِيلَ غَيْرُ مُذَكًّى وَقَوْلُهُ: فَيَكُونُ أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا إلَخْ اسْتِشْكَالًا أَيْ لِمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْمُصَنِّفِ يَأْتِي بِكَلَامِهَا إمَّا اسْتِشْكَالًا أَوْ اسْتِشْهَادًا، وَأَمَّا إتْيَانُهُ بِهِ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ آخَرَ فَهُوَ قَلِيلٌ وَحَمْلُ الْكَرَاهَةِ فِيهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ أَحْسَنُ خُصُوصًا، وَقَدْ نَقَلَ حَمْلَهَا عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَسَبَبُ هَذِهِ الْكَرَاهَةِ أَنَّ الْعَاجَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَيْتَةٍ لَكِنْ أُلْحِقَ بِالْجَوَاهِرِ فِي التَّزَيُّنِ فَأُعْطِيَ حُكْمًا وَسَطًا وَهُوَ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ وَمُرَاعَاةً لِمَا قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَعُرْوَةُ مِنْ جَوَازِ الِامْتِشَاطِ بِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْعَجِينَ لَا يَتَنَجَّسُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا وَجْهَ لِكَرَاهَتِهِ) أَيْ لِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ بَلْ اسْتِعْمَالُهُ جَائِزٌ اتِّفَاقًا فَالْخِلَافُ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَاجِ الْمُتَّخَذِ

ص: 55

(وَ) فِيهَا (التَّوَقُّفُ) لِلْإِمَامِ (فِي) الْجَوَابِ عَنْ حُكْمِ (الْكِيمَخْتِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ جِلْدُ الْحِمَارِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الْبَغْلِ الْمَيِّتِ، وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي نَجَاسَتَهُ لَا سِيَّمَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ وَعَمَلُ السَّلَفِ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِسُيُوفِهِمْ وَجَفِيرِهَا مِنْهُ يَقْتَضِي طَهَارَتَهُ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالُوا أَنَّهُ طَاهِرٌ لِلْعَمَلِ لَا نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ جِلْدُ الْمَيْتَةِ نَجِسٌ وَلَوْ دُبِغَ وَانْظُرْ مَا عِلَّةُ طَهَارَتِهِ فَإِنْ قَالُوا: الدَّبْغُ قُلْنَا يَلْزَمُ طَهَارَةُ كُلِّ مَدْبُوغٍ وَإِنْ قَالُوا الضَّرُورَةُ قُلْنَا: إنْ سَلِمَ فَهِيَ لَا تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ بَلْ الْعَفْوَ، وَحَمْلُ الطَّهَارَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى اللُّغَوِيَّةِ فِي غَيْرِ الْكِيمَخْتِ وَعَلَى الْحَقِيقَةِ فِي الْكِيمَخْتِ تَحَكُّمٌ وَعَمَلُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِمْ الرِّضَا فِي جُزْئِيٍّ يُحَقِّقُ الْعَمَلَ فِي الْبَاقِي

(وَ) مِنْ النَّجِسِ (مَنِيٌّ وَمَذْيٌ وَوَدْيٌ) وَلَوْ مِنْ مُبَاحِ الْأَكْلِ فِي الثَّلَاثَةِ لِلِاسْتِقْذَارِ وَالِاسْتِحَالَةِ إلَى فَسَادٍ وَلِأَنَّ أَصْلَهَا دَمٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ أَصْلِهَا الْعَفْوُ عَنْهَا وَالثَّلَاثَةُ بِوَزْنِ ظَبْيٍ وَصَبِيٍّ (وَقَيْحٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ مِدَّةٌ لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ (وَصَدِيدٌ) وَهُوَ مَاءُ الْجُرْحِ الرَّقِيقِ الْمُخْتَلِطِ بِدَمٍ قَبْلَ أَنْ تُغَلَّظَ الْمُدَّةُ، وَقِيلَ بَلْ وَلَوْ غَلُظَتْ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ مَا يَسِيلُ مِنْ مَوْضِعِ حَكِّ الْبَثَرَاتِ وَمَا يُرَشَّحُ مِنْ الْجِلْدِ إذَا كُشِطَ وَمَا يَسِيلُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْ فِيلٍ مَيِّتٍ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا التَّوَقُّفُ) أَيْ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ فِي الْجَوَابِ عَنْ حُكْمِ الْكِيمَخْتِ هَلْ هُوَ الطَّهَارَةُ أَوْ النَّجَاسَةُ كَقَوْلِهَا لَا أَدْرِي وَاخْتُلِفَ هَلْ تَوَقُّفُ الْإِمَامِ يُعَدُّ قَوْلًا أَوْ لَا وَالرَّاجِحُ الثَّانِي وَقِيلَ بِنَجَاسَتِهِ مَعَ الْعَفْوِ عَنْهُ وَقِيلَ بِطَهَارَتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ جِلْدُ الْمَيْتَةِ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي اسْتِعْمَالِ الْكِيمَخْتِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ مُطْلَقًا فِي السُّيُوفِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَجَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ فِي السُّيُوفِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ حَبِيبٍ قَالَ فَمَنْ صَلَّى بِهِ فِي غَيْرِ السُّيُوفِ يَسِيرًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا أَعَادَ أَبَدًا كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَكَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِهِ مُطْلَقًا قِيلَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ تَرْكَهُ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِهِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ، وَأَمَّا تَوَقُّفُ الْإِمَامِ فَهُوَ فِي حُكْمِهِ مِنْ جِهَةِ طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ فَالتَّوَقُّفُ يُجَامِعُ الْجَوَازَ وَالْكَرَاهَةَ؛ لِأَنَّهُمَا فِي اسْتِعْمَالِهِ وَالتَّوَقُّفُ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ لَا يُنَافِي جَوَازَ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ كَرَاهَتِهِ وَلَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا أَوْ فِي السُّيُوفِ لَا مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: أَوْ الْبَغْلِ الْمَيِّتِ) أَيْ الْمَدْبُوغِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ) أَيْ تَوَقُّفِ الْإِمَامِ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ) أَمَّا الْمُذَكَّى فَقَدْ وُجِدَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ بِطَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ طَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِهِ

(قَوْلُهُ: لِلْعَمَلِ) أَيْ لِعَمَلِ السَّلَفِ أَيْ بِدَلِيلِ عَمَلِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا نَجِسَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ) أَيْ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ) أَيْ لِأَنَّ الْعِلَّةَ يَجِبُ اطِّرَادُهَا مَتَى وُجِدَتْ وُجِدَ الْحُكْمُ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَ غَيْرَ الْكِيمَخْتِ غَيْرُ طَاهِرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَحَمْلُ إلَخْ) هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ حَيْثُ قَالُوا بِطَهَارَةِ الْكِيمَخْتِ طَهَارَةً حَقِيقِيَّةً لِلْعَمَلِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَةِ فَهُوَ طَاهِرٌ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً.

وَحَاصِلُ الِاعْتِرَاضِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ حَمْلُ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» عَلَى الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَيْمَخْتِ وَعَلَى اللُّغَوِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَهَذَا تَحَكُّمٌ وَعَمَلُ السَّلَفِ فِي جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ يُحَقِّقُ الْعَمَلَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ فَمُقْتَضَاهُ الْحُكْمُ بِطَهَارَةِ غَيْرِ الْكِيمَخْتِ بِالدِّبَاغِ طَهَارَةً حَقِيقِيَّةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يُحَقِّقُ الْعَمَلَ) أَيْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ. . .

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ مُبَاحٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ مِنْ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مُبَاحٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ مِنْ الْآدَمِيِّ وَمُحَرَّمِ الْأَكْلِ نَجِسَةٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا مِنْ الْمُبَاحِ فَقِيلَ بِنَجَاسَتِهَا وَقِيلَ بِطَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِقْذَارِ) أَيْ إنَّمَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ نَجِسًا، وَلَوْ مِنْ مُبَاحٍ لِاسْتِقْذَارِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي النَّجَاسَةَ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا مُعَارِضٌ كَمَشَقَّةِ التَّكْرَارِ فِي نَحْوِ الْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحَالَةُ) أَيْ اسْتِحَالَةُ أَصْلِهَا وَهُوَ الدَّمُ إلَى فَسَادٍ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ أَصْلَهَا دَمٌ إلَخْ) رُدَّ هَذَا التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْفَضَلَاتِ فِي بَطْنِ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ أَيْ لَا بِطَهَارَةٍ وَلَا بِنَجَاسَةٍ وَحِينَئِذٍ فَأَصْلُهَا وَهُوَ الدَّمُ الَّذِي فِي الْحَيَوَانِ لَيْسَ نَجِسًا

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَفْوِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ مُقْتَضَى كَوْنِ الدَّمِ أَصْلًا لَهَا أَنْ يُعْفَى عَنْ دُونِ الدِّرْهَمِ مِنْهَا كَمَا عُفِيَ عَنْهُ فِي الدَّمِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الْيَسِيرِ مِنْ الدَّمِ الْعَفْوُ عَنْ الْيَسِيرِ مِنْهَا إذْ لَيْسَ كُلُّ مَا ثَبَتَ لِأَصْلٍ يَثْبُتُ لِفَرْعِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَفْوِ عَنْ أَصْلِهَا) أَيْ عَنْ الْيَسِيرِ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ: الْعَفْوُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْيَسِيرِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَغْلُظَ الْمِدَّةُ) أَيْ فَإِذَا غَلُظَتْ فَلَا اسْمَ لَهَا إلَّا مِدَّةً وَهِيَ نَجِسَةٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: الْبَثَرَاتِ) أَيْ الْبَقَابِيقِ

ص: 56

مِنْ نَفْطِ النَّارِ (وَرُطُوبَةِ فَرْجٍ) مِنْ غَيْرِ مُبَاحِ الْأَكْلِ أَمَّا مِنْهُ فَطَاهِرَةٌ إلَّا الْمُتَغَذِّيَ بِنَجِسٍ (وَدَمٌ مَسْفُوحٌ) أَيْ جَارٍ بِسَبَبِ فَصْدٍ أَوْ ذَكَاةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ سَمَكٍ وَذُبَابٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مَسْفُوحًا (مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ) وَقُرَادٍ وَحَلَمٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا، وَأَمَّا قَبْلَ سَيَلَانِهِ مِنْ السَّمَكِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَلَا يُؤْمَنُ بِإِخْرَاجِهِ فَلَا بَأْسَ بِإِلْقَائِهِ فِي النَّارِ حَيًّا (وَسَوْدَاءُ) مَائِعٌ أَسْوَدُ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ أَيْ الْخَالِصِ الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ أَوْ كَدَرَ أَوْ أَحْمَرَ غَيْرَ قَانِئٍ أَيْ شَدِيدِ الْحُمْرَةِ (وَرَمَادُ نَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَبِكَسْرِهَا الْمُتَنَجِّسُ وَلَفْظُهُ هُنَا يَحْتَمِلُهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا تَغَيَّرَتْ أَعْرَاضُهَا لَا تَتَغَيَّرُ عَنْ الْحُكْمِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ (وَدُخَانُهُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: مِنْ نَفْطِ النَّارِ) وَكَذَا مَا يَسِيلُ مِنْ نَفِطَاتِ الْجَسَدِ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُبَاحٍ) شَمِلَ ذَلِكَ الْآدَمِيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْآدَمِيِّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى نَجَاسَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْآدَمِيِّ تَنْجِيسُ ذَكَرِ الْوَاطِئِ أَوْ إدْخَالُ خِرْقَةٍ أَوْ أُصْبُعٍ مَثَلًا فِيهِ فَتَعَلَّقَ بِهِ أَوْ بِهَا الرُّطُوبَةُ (قَوْلُهُ: أَمَّا مِنْهُ فَطَاهِرَةٌ) أَيْ لِأَنَّهُ إذْ كَانَ بَوْلُهُ طَاهِرًا فَأَوْلَى رُطُوبَةُ فَرْجِهِ وَمَحَلُّ طَهَارَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمُبَاحِ مَا لَمْ يَتَغَذَّ بِنَجِسٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَحِيضُ كَإِبِلٍ وَإِلَّا كَانَتْ نَجِسَةً عَقِبَ حَيْضِهِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَطَاهِرَةٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ إلَخْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ سَمَكٍ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرَ سَمَكٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ) أَيْ فَهُوَ نَجِسٌ وَيُعْفَى عَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ وَهَلْ الدَّمُ الْمَسْفُوحُ الَّذِي فِي السَّمَكِ هُوَ الْخَارِجُ عِنْدَ التَّقْطِيعِ الْأَوَّلِ لَا مَا خَرَجَ عِنْدَ التَّقْطِيعِ الثَّانِي أَوْ الْجَارِي عِنْدَ جَمِيعِ التَّقْطِيعَاتِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَهُوَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ جَوَازُ أَكْلِ السَّمَكِ الَّذِي يُوضَعُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَيَسِيلُ دَمُهُ مِنْ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ وَعَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ فَعَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ إلَّا الصَّفُّ الْأَعْلَى وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ يُؤْكَلُ كُلُّهُ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ السَّمَكِ لَيْسَ بِدَمٍ بَلْ رُطُوبَةٌ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ طَاهِرٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا شَكَّ هَلْ هَذَا السَّمَكُ كَانَ مِنْ الصَّفِّ الْأَعْلَى أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أُكِلَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَسَوْدَاءُ) أَيْ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ: الصَّفْرَاءُ وَالدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ وَالْبَلْغَمُ وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ وُجُودِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَالسَّوْدَاءُ وَالدَّمُ نَجِسَانِ وَالصَّفْرَاءُ وَالْبَلْغَمُ طَاهِرَانِ (قَوْلُهُ: مَائِعٌ أَسْوَدُ) أَيْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: كَالدَّمِ الْعَبِيطِ) هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَعْنَاهُ الْخَالِصُ أَيْ الصَّافِي الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ، وَأَمَّا الْغَبِيطُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فَهُوَ الْهَوْدَجُ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ

تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيطُ بِنَا مَعًا

عَقَرْت بَعِيرِي يَا امْرَأَ الْقَيْسِ فَانْزِلْ

(قَوْلُهُ: أَوْ كَدَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ السَّوْدَاءَ تُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الدَّمُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ، وَالدَّمُ الَّذِي فِيهِ خَلْطٌ؛ لِأَنَّ الْكَدَرَ هُوَ غَيْرُ الصَّافِي وَعَدَمُ الصَّفَاءِ بِالْخَلْطِ، وَالدَّمُ الْأَحْمَرُ الَّذِي لَمْ تَشْتَدَّ حُمْرَتُهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ مَائِعٌ أَسْوَدُ إمَّا خَالِصٌ مِنْ الْخَلْطِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ وَإِمَّا غَيْرُ خَالِصٍ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ كَدَرَ)، وَأَمَّا عَلَى الثَّالِثِ فَهِيَ دَمٌ أَحْمَرُ خَالِصٌ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الدَّمَ وَالسَّوْدَاءَ نَجِسَانِ فَلَوْ خَالَطَ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ أَحَدَهُمَا أَوْ عَذِرَةً حَالَ كَوْنِ الْقَيْءِ أَوْ الْقَلْسِ يَنْقَلِبُ إلَى الْمَعِدَةِ فَإِنَّ الْمَعِدَةَ تُنَجَّسُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَعِدَةِ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ إذَا كَانَ الرَّدُّ الْمَذْكُورُ عَمْدًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ) تَفْسِيرٌ لِقَانِئٍ (قَوْلُهُ: وَرَمَادُ نَجِسٍ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ نَجَاسَةِ الرَّمَادِ عَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إنَّهُ لَا يَطْهُرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَمَا كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُفْتَى فِيهِ إلَّا بِمَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ طَهَارَتِهِ، وَأَمَّا كَلَامُ الْمَازِرِيِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَئِمَّةَ مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِنَا اهـ نَقَلَهُ بْن ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَمَادُ نَجِسٍ بِالْإِضَافَةِ أَيْ رَمَادُ وَقَيْدُ نَجِسٍ لَا بِالتَّنْوِينِ؛ لِأَنَّ الرَّمَادَ إذَا كَانَ نَجِسًا لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً) رَاجِعٌ لِكَلَامِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ) أَيْ مُطْلَقًا وَأَنَّ النَّارَ تَطْهُرُ سَوَاءٌ أَكَلَتْ النَّارُ النَّجَاسَةَ أَكْلًا قَوِيًّا أَوْ لَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ كَالْمُصَنِّفِ وَلِمَنْ فَصَلَ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِالرَّوْثِ النَّجِسِ طَاهِرٌ، وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ قَبْلَ غَسْلِ الْفَمِ مِنْ أَكْلِهِ وَيَجُوزُ حَمْلُهُ فِي

ص: 57

ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ طَهَارَتُهُ أَيْضًا (وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ وَ) مِنْ (مُحَرَّمٍ) كَحِمَارٍ (وَ) مِنْ (مَكْرُوهٍ) كَسَبْعٍ وَهِرٍّ وَوَطْوَاطٍ

وَلَمَّا ذَكَرَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَلَّتْ النَّجَاسَةُ بِطَاهِرٍ فَقَالَ (وَيَنْجُسُ كَثِيرُ طَعَامٍ مَائِعٍ) كَعَسَلٍ وَسَمْنٍ وَلَوْ جَمَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقَلِيلُ أَوْلَى (بِنَجِسٍ) أَوْ مُتَنَجِّسٍ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا إذْ لَا يُطْرَحُ الطَّعَامُ بِهِ وَأَوْلَى إذَا عُلِمَ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ كَالْعَظْمِ إذْ الْحُكْمُ عِنْدَنَا لَا يَنْتَقِلُ (قَلَّ) حَلَّ فِيهِ فَالْكَثِيرُ أَوْلَى وَلَوْ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَرَوْثِ فَارٍ، وَمِثْلُ الطَّعَامِ الْمَاءُ الْمُضَافُ كَمَاءِ الْعَجِينِ أَوْ سُكَّرٍ حَيْثُ حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْإِضَافَةِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ التَّغَيُّرُ (كَ) طَعَامٍ (جَامِدٍ) وَهُوَ الَّذِي إذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَتَرَادُّ بِسُرْعَةٍ كَثَرِيدٍ وَسَمْنٍ وَعَسَلٍ جَامِدَيْنِ فَيَنْجُسُ (إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ) فِي جَمِيعِهِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا

ــ

[حاشية الدسوقي]

الصَّلَاةِ وَكَذَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ طَهَارَةُ مَا حَمِيَ مِنْ الْفَخَّارِ بِنَجِسٍ وَكَذَا عَرَقُ حَمَّامٍ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ) أَيْ دُخَانُ النَّجِسِ طَاهِرٌ الَّذِي فِي ح أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ نَجَاسَةُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ نَعَمْ ابْنُ رُشْدٍ اخْتَارَ طَهَارَتَهُ كَالرَّمَادِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْآدَمِيِّ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَكَلَ الصَّغِيرُ الطَّعَامَ أَمْ لَا زَالَتْ رَائِحَةُ الْبَوْلِ مِنْهُ أَمْ لَا كَانَ الْبَوْلُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَلَوْ مُتَطَايِرًا كَرُءُوسِ الْإِبَرِ، وَلَوْ نَزَلَ الْبَوْلُ أَوْ الطَّعَامُ عَلَى حَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ

(قَوْلُهُ: وَيَنْجُسُ كَثِيرُ طَعَامٍ إلَخْ) شَمِلَ مَنْطُوقُهُ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ مَنْ فَرَّغَ عَشْرَ قِلَالِ سَمْنٍ فِي زِقَاقٍ جَمْعُ زِقٍّ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ ثُمَّ وَجَدَ فِي قُلَّةٍ فَارِغَةٍ مِنْهَا فَارَةً يَابِسَةً لَا يَدْرِي فِي أَيْ زِقٍّ فَرَّغَهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُ الزِّقَاقِ كُلِّهَا وَبَيْعُهَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ طَرْحِ الطَّعَامِ بِالشَّكِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نَجَاسَةٍ شَكَّ فِي طُرُوِّهَا عَلَى الطَّعَامِ وَهِيَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ وَلَكِنَّهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَحَلُّهَا تَعَلَّقَ حُكْمُهَا بِالْكُلِّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَقَوْلُهُ فَالْقَلِيلُ أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَفْهُومَ كَثِيرٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَأَنَّهُ مِنْ فَحْوَى الْخِطَابِ (قَوْلُهُ: بِنَجِسٍ) أَيْ بِسُقُوطِ نَجِسٍ فِيهِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّجِسُ السَّاقِطُ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الطَّعَامِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَسَوَاءٌ كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الْمَائِعِ مَائِعَةً أَوْ يَابِسَةً فَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ قَدَّاحٍ إذَا وَقَعَتْ رِيشَةُ غَيْرِ مُذَكًّى فِي طَعَامٍ مَائِعٍ طُرِحَ وَقَوْلُهُ لَا شَكًّا أَيْ فِي التَّحَلُّلِ وَكَذَا فِي سُقُوطِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إذَا عَلِمَ) أَيْ أَوْ ظَنَّ (قَوْلُهُ: إذْ الْحُكْمُ) الْمُرَادُ بِهِ وَصْفُ النَّجَاسَةِ الْقَائِمُ بِالشَّيْءِ النَّجِسِ كَالْعَظْمِ لَا يَنْتَقِلُ وَحِينَئِذٍ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ الْعَظْمُ وَحْدَهُ دُونَ الطَّعَامِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَنْجِيسَ الْقَمْلَةِ لِلْعَجِينِ حَيْثُ لَمْ تُحْصَرْ فِي مَحَلٍّ خِلَافًا لِمَنْ قَاسَهُ بِمُحَرَّمٍ جُهِلَ عَيْنُهَا بِبَادِيَةٍ فَلَا يَحْرُمُ نِسَاءُ تِلْكَ الْبَادِيَةِ كَمَا فِي ح.

إنْ قُلْت: ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الطَّعَامَ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ قَمْلَةٌ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لِقِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهِ قُلْت: لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ لَا يَضُرُّ كَثِيرَ الطَّعَامِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ كَذَا نَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْقَمْلَةَ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ وَيُؤَيِّدُهُ إسْنَادُهُ لَهُ فِي النَّوَادِرِ وَفِي نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَيَّدُ بِالْقِلَّةِ إلَّا لِلِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ كَدُونِ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ لِقَصْرِ الْعَفْوِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: كَرَوْثِ فَارٍ) أَيْ شَأْنُهُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ كَفَارِ الْبَيْتِ، فَإِذَا حَلَّ رَوْثُهُ فِي طَعَامٍ نَجَّسَهُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ طَهَارَةِ طَعَامٍ طُبِخَ وَفِيهِ رَوْثُ الْفَارَةِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الطَّعَامِ الْمَاءُ الْمُضَافُ) أَيْ فَإِذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، وَلَوْ قَلِيلَةً تَنَجَّسَ، وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَنَقَلَ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ النَّاصِرِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ لَيْسَ كَالطَّعَامِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تُنَجِّسُهُ النَّجَاسَةُ إلَّا إذَا غَيَّرَتْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ قَبْلَ الْإِضَافَةِ فَلَا يَتَنَجَّسُ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ، وَقَدْ أَلْغَزَ فِي المج فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:

قُلْ لِلْفَقِيهِ إمَامِ الْعَصْرِ قَدْ مَزَجْت

ثَلَاثَةً بِإِنَاءٍ وَاحِدٍ نَسَبُوا

لَهَا الطَّهَارَةَ حَيْثُ الْبَعْضُ قُدِّمَ أَوْ

إنْ قُدِّمَ الْبَعْضُ فَالتَّنْجِيسُ مَا السَّبَبُ

(قَوْلُهُ: لَا يَتَرَادُّ بِسُرْعَةٍ) أَيْ لَا يَتَرَادُّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَوْضِعَ الْمَأْخُوذِ بِقُرْبٍ، فَإِنْ تَرَادَّ بِسُرْعَةٍ فَهُوَ مَائِعٌ

ص: 58

بِأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ مَائِعَةً كَبَوْلٍ وَالطَّعَامُ مُتَحَلِّلٌ كَسَمْنٍ أَوْ يَطُولُ الزَّمَنُ بِحَيْثُ يُظَنُّ السَّرَيَانُ فِي الْجَمِيعِ (وَإِلَّا) يُمْكِنُ السَّرَيَانُ فِي جَمِيعِهِ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ (فَبِحَسَبِهِ) أَيْ بِحَسَبِ السَّرَيَانِ مِنْ طُولِ مُكْثٍ أَوْ قِصَرِهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الظَّنُّ.

وَلَمَّا كَانَ الطَّعَامُ إذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَكَانَ بَعْضُ الْأَطْعِمَةِ وَقَعَ فِيهَا خِلَافٌ فِي قَبُولِ التَّطْهِيرِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْقَبُولِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَطْهُرُ) أَيْ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ (زَيْتٌ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْهَانِ (خُولِطَ) بِنَجِسٍ (وَ) لَا (لَحْمٌ طُبِخَ) بِنَجِسٍ مِنْ مَاءٍ أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ حَالَ طَبْخِهِ قَبْلَ نُضْجِهِ أَمَّا إنْ وَقَعَتْ بَعْدَ نُضْجِهِ فَيَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِأَنْ يُغْسَلَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الْمَرَقِ (وَ) لَا (زَيْتُونٌ مُلِحَ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَنْجُسُ كُلُّهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ إلَخْ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ بِسَبَبِ كَوْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَائِعَةٌ) لَا إنْ كَانَتْ جَامِدَةً لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ كَعَظْمٍ وَسِنٍّ فَلَا يَتَنَجَّسُ مَا سَقَطَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَنْتَقِلُ وَحِينَئِذٍ فَتُطْرَحُ النَّجَاسَةُ وَحْدَهَا دُونَ الطَّعَامِ وَفِي الْحَاشِيَةِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مَائِعَةً فَقَدْ قَالَ ح

فَرْعٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْجَامِدِ مَائِعَةً أَوْ غَيْرَ مَائِعَةٍ فِي أَنَّهُ يُنْظَرُ لِإِمْكَانِ السَّرَيَانِ اهـ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى سَوَاءٌ كَانَ الْوَاقِعُ فِيهِ مَائِعًا أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِ الْبُرْزُلِيِّ أَفْتَى شَيْخُنَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَرْيِ زَيْتُونٍ وُجِدَتْ فِيهِ فَارَةٌ مَيِّتَةٌ بِأَنَّهُ نَجِسٌ كُلُّهُ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ طَالَ الزَّمَانُ بِحَيْثُ يُظَنُّ السَّرَيَانُ فِي الْجَمِيعِ اهـ كَلَامُ الْحَاشِيَةِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ شَارِحِنَا؛ لِأَنَّ مُرَادَ شَارِحِنَا بِالْمَائِعَةِ مَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ فِي كَلَامِهِ الْجَامِدَةُ بِمَعْنَى الَّتِي لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَالْمُرَادُ بِالْمَائِعَةِ فِي كَلَامِ الْحَاشِيَةِ الرَّطْبَةُ وَغَيْرُ الْمَائِعَةِ غَيْرُ الرَّطْبَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَطُولُ الزَّمَانُ) أَيْ أَوْ كَانَ الطَّعَامُ غَيْرَ مُتَحَلِّلٍ بَلْ كَانَ يَابِسًا كَالْحُبُوبِ وَلَكِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِحَيْثُ يُظَنُّ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ لِجَمِيعِهِ كَانَتْ مَائِعَةً كَالْبَوْلِ أَوْ جَامِدَةً كَمَا لَوْ مَاتَ خِنْزِيرٌ فِي رَأْسٍ مُطَمَّرٍ وَبَقِيَ الْخِنْزِيرُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَظُنَّ أَنَّ الْحَبَّ كُلَّهُ شَرِبَ مِنْ صَدِيدِهِ لَمْ يُؤْكَلْ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ) أَعْنِي كَوْنَ الطَّعَامِ مُتَحَلِّلًا أَوْ جَامِدًا وَمَضَتْ مُدَّةٌ يُظَنُّ فِيهَا السَّرَيَانُ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الطَّعَامُ جَامِدًا غَيْرَ مُتَحَلِّلٍ كَالْحُبُوبِ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُظَنُّ فِيهَا السَّرَيَانُ لِلْجَمِيعِ بَلْ لِلْبَعْضِ وَالْفَرْضُ أَنَّ النَّجَاسَةَ يَتَحَلَّلُ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ رَطْبَةً كَالْبَوْلِ أَوْ يَابِسَةً كَالْفَارِ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ كَالْعَظْمِ فَإِنَّهَا تُطْرَحُ وَحْدَهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَبِحَسَبِهِ) أَيْ فَيُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَقَطْ بِحَسَبِ طُولِ مُكْثِهَا وَقِصَرِهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الظَّنُّ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ يُؤْكَلُ وَيُبَاعُ لَكِنْ يَجِبُ الْبَيَانُ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَقْذِفُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَغَيَّرَتْهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِصَبِّ مُطْلَقٍ عَلَيْهِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ حَتَّى يَزُولَ التَّغَيُّرُ أَوْ بِصَبِّ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ فِيهِ حَتَّى يَزُولَ التَّغَيُّرُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَطْهُرَ زَيْتٌ إلَخْ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ وَهُوَ ابْنُ اللَّبَّادِ إنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِصَبِّ مَاءٍ عَلَيْهِ وَخَضْخَضَتِهِ وَثَقْبِ الْإِنَاءِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَصَبِّ الْمَاءِ مِنْهُ وَيُفْعَلُ كَذَلِكَ مِرَارًا حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْهَانِ) إنَّمَا نَبَّهَ عَلَى الْأَدْهَانِ فَقَطْ مَعَ أَنَّ غَيْرَهَا مِنْ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ كَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا وَقَعَ فِي الْأَدْهَانِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يُخَالِطُهَا ثُمَّ يَنْفَصِلُ عَنْهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُمَازِجُهَا وَلَا يَنْعَزِلُ عَنْهَا فَلَا تَطْهُرُ اتِّفَاقًا اهـ بْن (قَوْلُهُ: خُولِطَ) بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَالَطَ لَا مِنْ خَلَطَ كَزُوحِمَ مِنْ زَاحَمَ لَا مِنْ زَحَمَ، وَأَمَّا طُبِخَ وَمَا بَعْدَهُ فَهُوَ مِنْ طُبِخَ وَمُلِحَ وَصُلِقَ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ خُلِطَ إلَى خُولِطَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْخَلْطُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ أَمْ لَا بِخِلَافِ خُلِطَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَصْدُقُ إذَا كَانَ الْخَلْطُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: فَيَقْبَلُ التَّطْهِيرَ) أَيْ مَا لَمْ تَطُلْ إقَامَةُ النَّجَاسَةِ فِيهِ بِحَيْثُ يُظَنُّ أَنَّهَا سَرَتْ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي اللَّحْمِ بَيْنَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّبْخِ وَانْتِهَائِهِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَطْهُرُ اللَّحْمُ الَّذِي يُطْبَخُ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَوْ تَقَعُ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الطَّبْخِ وَانْتِهَائِهِ وَخِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَطْهُرُ مُطْلَقًا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ طُبِخَ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مِنْ أَنَّهُ إذَا ذُكِّيَتْ دَجَاجَةٌ أَوْ نَحْوُهَا وَقَبْلَ غَسْلِ مَذْبَحِهَا تَصْلِقُهَا لِأَجْلِ نَزْعِ رِيشِهَا ثُمَّ تُطْبَخُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْمَدْخَلِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ أَكْلِهَا؛ لِأَنَّهُ سَرَتْ النَّجَاسَةُ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا زَيْتُونٌ مُلِّحَ بِنَجِسٍ) أَيْ بِأَنْ جُعِلَ عَلَيْهِ مِلْحٌ نَجِسٌ يُصْلِحُهُ إمَّا وَحْدَهُ

ص: 59

بِتَخْفِيفِ اللَّامِ بِنَجَسٍ (وَ) لَا (بَيْضٌ صُلِقَ بِنَجَسٍ) عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْجَمِيعِ

. ثُمَّ ذَكَرَ مَا أُلْحِقَ بِالطَّعَامِ فِي حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا يَطْهُرُ (فَخَّارٌ) تَنَجَّسَ (بِغَوَّاصٍ) أَيْ كَثِيرِ الْغَوْصِ أَيْ النُّفُوذِ فِي أَجْزَاءِ الْإِنَاءِ كَخَمْرٍ وَبَوْلٍ وَمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ مَكَثَ فِي الْإِنَاءِ مُدَّةً يُظَنُّ أَنَّهَا قَدْ سَرَتْ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ لَا بِغَيْرِ غَوَّاصٍ وَلَا إنْ لَمْ يَمْكُثْ بِأَنْ أُزِيلَ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ وَخَرَجَ بِالْفَخَّارِ النُّحَاسُ وَنَحْوُهُ الزُّجَاجُ وَالْمَدْهُونُ الْمَانِعُ دِهَانُهُ الْغَوْصَ كَالصِّينِيِّ وَالْمُزَفَّتِ لَا إنْ لَمْ يَمْنَعْ كَالْمَدْهُونِ بِالْخَضِرَةِ أَوْ الصُّفْرَةِ كَأَوَانِي مِصْرَ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ إنْ طَالَ إقَامَةُ الْغَوَّاصِ فِيهِ (وَيُنْتَفَعُ) جَوَازًا (بِمُتَنَجِّسٍ) مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَاللِّبَاسِ كَزَيْتٍ وَلَبَنٍ وَخَلٍّ وَنَبِيذٍ (لَا نَجِسٍ) فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا جِلْدُ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ عَلَى مَا مَرَّ أَوْ مَيْتَةٌ تُطْرَحُ لِكِلَابٍ أَوْ شَحْمُ مَيْتَةٍ لِدُهْنِ عَجَلَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ عَظْمُ مَيْتَةٍ لِوَقُودٍ عَلَى طُوبٍ أَوْ حِجَارَةٍ أَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ كَإِسَاغَةِ غُصَّةٍ بِخَمْرٍ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ وَكَأَكْلِ مَيْتَةٍ لِمُضْطَرٍّ أَوْ جَعْلِ عَذِرَةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوْ مَعَ مَاءٍ، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ بَعْدَ تَمْلِيحِهِ وَاسْتِوَائِهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِغَسْلِهِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْجُبْنِ وَاللَّيْمُونِ وَالنَّارِنْجِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ الَّذِي يُخَلَّلُ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّرَرِ إذَا لَمْ تَمْكُثْ النَّجَاسَةُ مُدَّةً يُظَنُّ أَنَّهَا سَرَتْ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ (قَوْلُهُ: بِتَخْفِيفِ اللَّامِ) أَيْ مُلِحَ بِوَضْعِ مِلْحٍ نَجِسٍ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِغَسْلِهِ بِالْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: وَبَيْضٌ صُلِقَ) شَامِلٌ لِبَيْضِ النَّعَامِ؛ لِأَنَّ غِلَظَ قِشْرِهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مَسَامُّ يَسْرِي مِنْهَا الْمَاءُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمَصْلُوقُ فِيهِ مُتَغَيِّرًا بِالنَّجَاسَةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالطَّعَامِ إمَّا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ وَإِمَّا مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَلِيلُ الْمَاءِ يُنَجِّسُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ اهـ عبق عَنْ ز وَقَالَ بْن الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَاءَ إذَا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ ثُمَّ صُلِقَ فِيهِ الْبَيْضُ فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ حِينَئِذٍ طَهُورٌ، وَلَوْ قَلَّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا إذَا وُجِدَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مَذِرَةٌ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ فَإِنَّ الْبَاقِيَ طَهُورٌ، وَأَمَّا كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِي ذَلِكَ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: صُلِقَ بِنَجِسٍ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ بَعْدَ صَلْقِهِ وَاسْتِوَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَوَى الْبَيْضَ الْمُتَنَجِّسَ قِشْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ

(قَوْلُهُ: وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ) قَالَ بْن أَطْلَقَ فِي الْفَخَّارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَخَّارَ الْبَالِيَ إذْ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةُ غَوَّاصَةٍ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَمَا فِي نَوَازِلِ الْعَلَّامَةِ سَيِّدِي عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى فَخَّارٍ لَمْ يُسْتَعْمَلْ قَبْلَ حُلُولِ الْغَوَّاصِ فِيهِ أَوْ اُسْتُعْمِلَ قَلِيلًا انْتَهَى كَلَامُهُ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا حَيْثُ قَالَ وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ، وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْفَخَّارَ يَقْبَلُ الْغَوْصَ دَائِمًا كَمَا فِي كَبِيرِ خش نَقْلًا عَنْ اللَّقَانِيِّ اهـ ثُمَّ إنَّ عَدَمَ قَبُولِ الْإِنَاءِ لِلتَّطْهِيرِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى بِهِ مَثَلًا، وَأَمَّا الطَّعَامُ يُوضَعُ فِيهِ بَعْدَ غَسْلِهِ أَوْ الْمَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ أَجْزَاءٌ لِلنَّجَاسَةِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن.

وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْفَخَّارِ أَوَانِي الْخَشَبِ الَّذِي يُمْكِنُ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ إلَى دَاخِلِهِ وَلَيْسَ مِثْلُ الْفَخَّارِ بِغَوَّاصٍ الْحَدِيدُ أَوْ النُّحَاسُ يُحْمَى وَيُطْفَأُ فِي النَّجَاسَةِ لِدَفْعِهِ بِالْحَرَارَةِ وَالْقُوَّةِ قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: كَخَمْرٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَجَّرْ فِي الْإِنَاءِ أَمَّا لَوْ تَحَجَّرَ فِي الْفَخَّارِ كَانَ الْوِعَاءُ طَاهِرًا تَبَعًا لِلْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ تَابِعٌ لِلْمَظْرُوفِ (قَوْلُهُ: إنَّهَا قَدْ سَرَتْ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ) لَيْسَ هَذَا شَرْطًا بَلْ لَوْ سَرَتْ فِي الْبَعْضِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا بِغَيْرِ غَوَّاصٍ) أَيْ كَالْعَذِرَةِ وَاللَّحْمِ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: كَأَوَانِي مِصْرَ) أَيْ لِأَنَّ أَوَانِيَ مِصْرَ الْمَدْهُونَةَ تَشْرَبُ قَطْعًا فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْفَخَّارِ (تَنْبِيهٌ) مَا صُبِغَ بِصِبْغٍ نَجِسٍ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِأَنْ يُغْسَلَ حَتَّى يَزُولَ طَعْمُهُ فَمَتَى زَالَ طَعْمُهُ فَقَدْ طَهُرَ، وَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ لَوْنِهِ وَرِيحِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لَوْنٌ وَرِيحٌ عَسِرَا (قَوْلُهُ: وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ يَشْمَلُ الِانْتِفَاعَ بِالْبَيْعِ وَجَوَازَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ إذَا بَيَّنَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ كَالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِمُتَنَجِّسٍ) أَيْ وَهُوَ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الْأَصْلِ وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ (قَوْلُهُ: لَا نَجِسٍ) وَهُوَ مَا كَانَتْ ذَاتُهُ نَجِسَةً كَالْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَيْتَةً) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى " جِلْدَ " وَلَا شَكَّ أَنَّ طَرْحَ الْمَيْتَةِ لِكِلَابِك فِيهِ انْتِفَاعٌ لَك لِتَوْفِيرِ مَا كَانَتْ تَأْكُلُهُ الْكِلَابُ مِنْ عِنْدِك (قَوْلُهُ: لِدُهْنٍ عَجَلَةٍ) أَيْ، وَلَوْ قَيْدًا إذَا كَانَ يَتَحَفَّظُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ حِجَارَةٍ) أَيْ لِتَصِيرَ جِيرًا (قَوْلُهُ: وَكَأَكْلِ مَيْتَةٍ لِمُضْطَرٍّ) فِي المج أَنَّهُ إذَا جُبِرَ الْكَسْرُ الْحَاصِلُ لِلشَّخْصِ بِكَعَظْمِ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ بِعَدَمِ الِالْتِحَامِ وَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ، وَلَوْ تَعَيَّنَ وَفِي التَّدَاوِي بِغَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ إذَا تَعَيَّنَ خِلَافٌ وَأَجَازُوهُ لِلْغُصَّةِ كَمَا قَالَ

ص: 60

بِمَاءِ لِسَقْيِ الزَّرْعِ فَيَجُوزُ (فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) لَا فِيهِ فَلَا يُوقَدُ بِزَيْتٍ تَنَجَّسَ إلَّا إذَا كَانَ الْمِصْبَاحُ خَارِجَهُ وَالضَّوْءُ فِيهِ فَيَجُوزُ وَلَا يُبْنَى بِالْمُتَنَجِّسِ فَإِنْ بُنِيَ بِهِ لَيْسَ بِطَاهِرٍ وَلَا يُهْدَمُ (وَ) فِي غَيْرِ (آدَمِيٍّ) فَلَا يَأْكُلُهُ وَلَا يَشْرَبُهُ وَلَا يُدْهَنُ بِهِ إلَّا أَنَّ الِادِّهَانَ بِهِ مَكْرُوهٌ عَلَى الرَّاجِحِ إنْ عُلِمَ أَنَّ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَمُرَادُهُ بِغَيْرِهِمَا أَنْ يُسْتَصْبَحَ بِالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ وَيُعْمَلَ بِهِ صَابُونٌ ثُمَّ تُغْسَلَ الثِّيَابُ بِالْمُطْلَقِ بَعْدَ الْغَسْلِ بِهِ وَيُدْهَنُ بِهِ حَبْلٌ وَعَجَلَةٌ وَسَاقِيَةٌ وَيُسْقَى بِهِ وَيُطْعَمُ لِلدَّوَابِّ

(وَلَا يُصَلَّى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يُصَلَّى فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ (بِلِبَاسٍ كَافِرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بَاشَرَ جِلْدَهُ أَوْ لَا كَانَ مِمَّا الشَّأْنُ أَنْ تَلْحَقَهُ النَّجَاسَةُ كَالذَّيْلِ وَمَا حَاذَى الْفَرْجَ أَوْ لَا كَعِمَامَتِهِ جَدِيدًا أَوْ لَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ طَهَارَتُهُ (بِخِلَافِ نَسْجِهِ) فَيُصَلَّى فِيهِ لِحَمْلِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَكَذَا سَائِرُ صَنَائِعِهِ يُحْمَلُ فِيهَا عَلَى الطَّهَارَةِ (وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ) أَيْ غَيْرُ مُرِيدٍ الصَّلَاةَ بِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ نَجَاسَتُهُ بِمَنِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ مَنْ يَنَامُ فِيهِ مُحْتَاطٌ فِي طَهَارَتِهِ وَإِلَّا صَلَّى فِيهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ آخَرَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الشَّارِحُ لَا لِعَطَشٍ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُهُ (قَوْلُهُ: بِمَاءٍ) أَيْ فِي مَاءٍ مُعَدٍّ لِسَقْيِ الزَّرْعِ وَهَذَا مِنْ الْمُتَنَجِّسِ لَا مِنْ النَّجِسِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِيُنْتَفَعُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَنَى إلَخْ)، وَأَمَّا لَوْ كَتَبَ الْمُصْحَفَ بِنَجِسٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ فَإِنَّهُ يُبَلُّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ وَفِي غَيْرِ أَكْلِ آدَمِيٍّ فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ أَكْلُهُ، وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَالْخِطَابُ لِوَلِيِّهِ وَمِثْلُ الْأَكْلِ الشُّرْبُ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُ كُلِّ مَنَافِعِ الْآدَمِيِّ لِجَوَازِ اسْتِصْبَاحِهِ بِالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ وَعَمَلِهِ صَابُونًا وَعَلَفِهِ الطَّعَامَ الْمُتَنَجِّسَ لِلدَّوَابِّ وَإِطْعَامِهِ الْعَسَلَ لِلنَّحْلِ وَلُبْسِهِ الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مِنْ مَنَافِعِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) وَقِيلَ: إنَّ الطِّلَاءَ بِالنَّجَاسَةِ حَرَامٌ وَالْخِلَافُ فِي الطِّلَاءِ بِالنَّجَاسَةِ غَيْرِ الْخَمْرِ أَمَّا هُوَ فَالطِّلَاءُ بِهِ حَرَامٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِهِمَا أَيْ بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ وَأَكْلِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُسْقَى بِهِ) أَيْ الزَّرْعُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ) إلَى قَوْلِهِ غَيْرِ عَالِمٍ هَذِهِ الْأَحْكَامُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ إذَا تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ، فَإِنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ الْأَصْلُ فِيهَا الطَّهَارَةُ، وَالْغَالِبُ فِيهَا النَّجَاسَةُ وَكُلُّ مَا غَلَبَتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ لَا يُصَلَّى بِهِ وَالشَّأْنُ فِي الْكَافِرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عَدَمُ تَوَقِّي النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) أَيْ لِأَجْلِ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى لِذَلِكَ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ذَلِكَ اللِّبَاسِ حَتَّى يَغْسِلَهُ كَمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا جَزَمَ بِعَدَمِ الطَّهَارَةِ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهَا أَوْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ أَمَّا لَوْ تَحَقَّقَتْ طَهَارَتُهُ أَوْ ظُنَّتْ فَإِنَّهَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَهَذَا بِخِلَافِ ثِيَابِ شَارِبِ الْخَمْرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ أَوْ ظَنِّهَا لَا إنْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا فَإِنَّهُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا تَقْدِيمًا لِلْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: بَاشَرَ جِلْدَهُ) أَيْ كَالْقَمِيصِ وَالسِّرْوَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) كَالْعِمَامَةِ وَالشَّالِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَعْلَمَ) أَوْ تَظُنَّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَسْجِهِ) أَيْ مَنْسُوجِهِ (قَوْلُهُ: فَيُصَلِّي فِيهِ) أَيْ مَا لَمْ تُتَحَقَّقْ نَجَاسَتُهُ أَوْ تُظَنَّ (قَوْلُهُ: لِحَمْلِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّوْنَ فِيهِ بَعْضَ التَّوَقِّي لِئَلَّا تَفْسُدَ عَلَيْهِمْ أَشْغَالُهُمْ فَيُحْمَلَ فِي حَالَةِ الشَّكِّ عَلَى الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا سَائِرُ إلَخْ) أَيْ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلنَّسْجِ بَلْ سَائِرُ الصَّنَائِعِ يُحْمَلُونَ فِيهَا عَلَى الطَّهَارَةِ عِنْدَ الشَّكِّ، وَلَوْ صَنَعَهَا فِي بَيْتِ نَفْسِهِ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ ثُمَّ إنَّ تَعْلِيلَهُمْ طَهَارَةَ مَا صَنَعُوهُ بِكَوْنِهِمْ يَتَوَقَّوْنَ فِيهِ بَعْضَ التَّوَقِّي لِئَلَّا تَفْسُدَ عَلَيْهِمْ أَشْغَالُهُمْ بِزُهْدِ النَّاسِ عَنْ صَنْعَتِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّ مَا يَصْنَعُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ يُحْمَلُ فِيهِ عِنْدَ الشَّكِّ عَلَى النَّجَاسَةِ لَكِنْ فِي الْبُرْزُلِيِّ مَا يُفِيدُ طَهَارَةَ ذَلِكَ أَيْضًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا صَنَعَهُ لِنَفْسِهِ وَمَا صَنَعَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَا يَنَامُ إلَخْ) أَيْ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ يَنَامُ فِيهَا مُصَلٍّ آخَرُ إذَا تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ أَوْ شَكَّ فِيهَا، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا الَّذِي يَنَامُ فِيهَا يَحْتَاطُ فِي طَهَارَتِهَا أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يُفْرَشُ فِي الْمَضَايِفِ وَالْقِيعَانِ وَالْمَقَاعِدِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النَّائِمَ عَلَيْهِ يَلْتَفُّ فِي شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ ذَلِكَ الْفُرُشِ، فَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ مَثَلًا فَإِنَّمَا يُصِيبُ مَا هُوَ مُلْتَفٌّ بِهِ فَقَدْ اتَّفَقَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ عَلَى طَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ: بِمَا يَنَامُ فِيهِ) أَيْ أَوْ عَلَيْهِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ فُرُشٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَلَّى فِيهِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهُ يَحْتَاطُ فِيهِ كَمَا إذَا كَانَ لِشَخْصٍ فِرَاشٌ يَنَامُ فِيهِ وَلَهُ ثَوْبٌ لِلنَّوْمِ فَإِنَّ فُرُشَهُ ذَلِكَ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَمِثْلُ مَا إذَا عَلِمَ احْتِيَاطَ صَاحِبِهِ مَا إذَا أَخْبَرَ صَاحِبُهُ بِطَهَارَتِهِ إنْ كَانَ ثِقَةً وَبَيَّنَ وَجْهَ

ص: 61

جَوَازَ صَلَاةِ صَاحِبِهِ فِيهِ (وَلَا) يُصَلَّى (بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ) أَصْلًا أَوْ غَالِبًا كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَعَدَّهَا لِلنَّوْمِ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَوَقِّيهِ النَّجَاسَةَ غَالِبًا (إلَّا) ثِيَابَ (كَرَأْسِهِ) مِنْ عِمَامَةٍ وَعِرْقِيَّةٍ وَمِنْدِيلٍ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ إذْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْفَرْعَيْنِ قَبْلَهُ (وَلَا) يُصَلَّى (بِمُحَاذِي) أَيْ بِمُقَابِلِ (فَرْجٍ غَيْرِ عَالِمٍ) بِالِاسْتِبْرَاءِ وَأَحْكَامِ الطَّهَارَةِ كَالسَّرَاوِيلِ وَالْأُزْرَةِ إلَّا أَنْ تُعْلَمَ طَهَارَتُهُ وَأَمَّا الْعَالِمُ فَيُصَلِّي بِمُحَاذِي فَرْجِهِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَذْكُرَ هَذِهِ الْفُرُوعَ فِي فَصْلِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ

وَلَمَّا كَانَ الْمُحَلَّى يُشَارِكُ النَّجِسَ فِي حُرْمَةِ الِاسْتِعْمَالِ ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فَقَالَ (وَحَرُمَ)(اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ) بَالِغٍ (مُحَلًّى) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ نَسْجًا كَانَ أَوْ طَرْزًا أَوْ زَرًّا، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَيُكْرَهُ لِوَلِيِّهِ إلْبَاسُهُ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ وَيَجُوزُ لَهُ إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَنَبَّهَ بِالْمُحَلَّى عَلَى أَحْرَوِيَّةِ الْحُلِيِّ نَفْسِهِ كَأَسَاوِرَ، وَأَمَّا اقْتِنَاؤُهُ لِلْعَاقِبَةِ أَوْ لِزَوْجَةٍ مَثَلًا يَتَزَوَّجُهَا فَجَائِزٌ وَكَذَا التِّجَارَةُ فِيهِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُحَلَّى (مِنْطَقَةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ الَّتِي تُشَدُّ بِالْوَسَطِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الطَّهَارَةِ أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا كَذَا قَالَ بَعْضُ قَالَ بْن وَالظَّاهِرُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: جَوَازُ صَلَاةِ صَاحِبِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ مُتَحَفِّظًا سَاغَ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْمَنْعِ عَلَى عَدَمِ الِاحْتِيَاطِ فَمَتَى كَانَ النَّائِمُ فِيهِ لَيْسَ عِنْدَهُ احْتِيَاطٌ مُنِعَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ لِذَلِكَ النَّائِمِ الْغَيْرِ الْمُحْتَاطِ وَلِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ احْتِيَاطٌ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ لِذَلِكَ النَّائِمِ الْمُحْتَاطِ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ) أَيْ يَحْرُمُ وَهَذَا إذَا تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ أَوْ شَكَّ فِيهَا أَمَّا إذَا تَحَقَّقَتْ طَهَارَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مَنْعُ الصَّلَاةِ بِثِيَابِ غَيْرِ الْمُصَلِّي، وَلَوْ أُخْبِرَ بِطَهَارَتِهَا وَدَخَلَ فِي الثِّيَابِ الْخُفُّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَلَوْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ ثَوْبٍ لِلشَّكِّ فِي صَلَاةِ صَاحِبِهَا وَعَدَمِ صَلَاتِهِ صَلَّى فِي ثِيَابِ الرِّجَالِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ صَلَاتُهُمْ دُونَ ثِيَابِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ صَلَاتِهِنَّ وَهَلْ ثِيَابُ الصِّبْيَانِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ أَوْ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّجَاسَةِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ قَوْلَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: إلَّا ثِيَابٌ كَرَأْسِهِ) قَالَ بْن بَحَثَ فِي هَذَا ابْنُ مَرْزُوقٍ فَقَالَ لَا يَخْفَى أَنَّهُمْ إنَّمَا مَنَعُوا الصَّلَاةَ بِمَا يُنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ مِنْ أَجْلِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَتِهِ وَالشَّكُّ فِي نَجَاسَةِ ثَوْبِ رَأْسِ غَيْرِ الْمُصَلِّي أَقْوَى بِكَثِيرٍ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يُبَالِي أَيْنَ تَصِلُ النَّجَاسَةُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّكَّ فِي نَجَاسَةِ ثَوْبِ رَأْسِ غَيْرِ الْمُصَلِّي أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُبَالِي أَيْنَ تَصِلُ النَّجَاسَةُ إلَّا أَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَاسَةِ لِثَوْبِ الرَّأْسِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِلْفَرْعَيْنِ قَبْلَهُ) وَهُمَا قَوْلُهُ وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّي) أَيْ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: أَيْ بِمُقَابِلِ فَرْجٍ إلَخْ) أَيْ بِمُقَابِلِهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ يَغْلِبُ مَعَهُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَاسَةِ لِمَا فَوْقَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ حَائِلٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ وَلَكِنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَعَهُ وُصُولُ النَّجَاسَةِ لِمَا فَوْقَهُ لِرِقَّتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَعْلَمَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا عُلِمَتْ النَّجَاسَةُ أَوْ ظُنَّتْ أَوْ شُكَّ فِيهَا، وَأَمَّا إذَا عُلِمَتْ الطَّهَارَةُ أَوْ ظُنَّتْ جَازَتْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَالِمُ) أَيْ بِالِاسْتِبْرَاءِ فَيُصَلِّي بِمُحَاذِي فَرْجِهِ وَهَلْ يُقَيَّدُ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي مُحَاذِي فَرْجِ الْعَالِمِ بِالِاسْتِبْرَاءِ بِمَا إذَا اتَّفَقَا مَذْهَبًا أَوْ لَا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا اتَّفَقَا مَذْهَبًا أَوْ لَا إلَّا أَنْ يُخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ كَذَا نَظَرَ بَعْضُهُمْ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَيَّدُ بِذَلِكَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ فُوَطِ الْحَمَّامِ إنْ كَانَ لَا يَدْخُلُهُ إلَّا الْمُسْلِمُونَ الْمُتَحَفِّظُونَ الطَّهَارَةُ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى غَسْلُ الْجَسَدِ وَالثَّوْبِ الَّذِي يُلْبَسُ عَلَيْهِ قَبْلَ غَسْلِهِ لِلِاحْتِيَاطِ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ هَذَا مُحَصَّلُ مَا ذَكَرُوهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ طَرْزًا أَوْ زَرًّا) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحِلْيَةِ مُتَّصِلَةً بِالثَّوْبِ أَوْ مُنْفَصِلَةً (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إلْبَاسُ الصَّغِيرِ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ وَيُكْرَهُ إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ وَرَجَّحَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الشُّيُوخِ وَشَهَّرَهُ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ نُقُولِ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَأَسَاوِرَ) أَيْ وَخَلَاخِلَ وَقُرْطٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا اقْتِنَاؤُهُ) أَيْ الْمُحَلَّى أَوْ الْحُلِيِّ (قَوْلُهُ: لِلْعَاقِبَةِ) أَيْ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ وَاحْتُرِزَ عَنْ اقْتِنَائِهِ بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ هُوَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِثْلُ اسْتِعْمَالِهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ بِنْتٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُحَلَّى) أَيْ الَّذِي تَحَلَّى بِهِ الذَّكَرُ الْبَالِغُ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا وَالْمِنْطَقَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَلْبُوسِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْمِيمِ) أَيْ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا وَفَتْحِ الطَّاءِ

ص: 62

لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِهَا مُفَضَّضَةً (وَ) لَوْ (آلَةَ حَرْبٍ) كَانَتْ مِمَّا يُضَارَبُ بِهَا كَرُمْحٍ وَسِكِّينٍ أَوْ يُتَّقَى بِهَا كَتُرْسٍ أَوْ يُرْكَبُ فِيهَا كَسَرْجٍ أَوْ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الْفَرَسِ كَلِجَامٍ (إلَّا الْمُصْحَفَ) مُثَلَّثُ الْمِيمِ فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِلتَّعْظِيمِ إلَّا أَنَّ تَحْلِيَةَ جِلْدِهِ مِنْ خَارِجٍ جَائِزَةٌ بِخِلَافِ كِتَابَتِهِ أَوْ كِتَابَةِ أَجْزَائِهِ أَوْ إعْشَارِهِ بِذَلِكَ أَوْ بِالْحُمْرَةِ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ الْقَارِئَ عَنْ التَّدَبُّرِ وَانْظُرْ هَلْ يَتِمُّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُمْرَةِ وَتَخْصِيصُهُ مُخَرِّجٌ لِسَائِرِ الْكُتُبِ وَلَوْ كُتُبَ الْحَدِيثِ فَيُمْنَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِاسْتِحْسَانِ الْبُرْزُلِيِّ وَشُيُوخِهِ جَوَازَ تَحْلِيَةِ الْإِجَازَةَ (وَ) إلَّا (السَّيْفَ) فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ كَانَتْ فِيهِ كَقَبْضَتِهِ أَوْ كَجَفِيرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِامْرَأَةٍ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْحُلَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تُقَاتِلُ (وَ) إلَّا (الْأَنْفَ) فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهُ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ (وَ) إلَّا (رَبْطَ سِنٍّ) تَخَلْخَلَ أَوْ سَقَطَ بِشَرِيطٍ (مُطْلَقًا) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (وَ) إلَّا (خَاتَمَ الْفِضَّةِ) فَيَجُوزُ بَلْ يُنْدَبُ إنْ لَبِسَهُ لِلسُّنَّةِ لَا لِعُجْبٍ وَاتَّحَدَ وَكَانَ دِرْهَمَيْنِ فَأَقَلَّ وَإِلَّا حَرُمَ وَنُدِبَ جَعْلُهُ فِي الْيُسْرَى (لَا) يَجُوزُ لِلذَّكَرِ (مَا) أَيْ خَاتَمٌ (بَعْضُهُ ذَهَبٌ)(وَلَوْ قَلَّ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا قَلَّ لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ وَلَوْ تَمَيَّزَ الذَّهَبُ وَلَمْ يُخْلَطْ بِالْفِضَّةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِهَا) أَيْ لِلرِّجَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ آلَةَ حَرْبٍ) أَيْ يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهَا عَلَى الرِّجَالِ وَكَذَا عَلَى النِّسَاءِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ بِجَوَازِ تَحْلِيَةِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ آلَةَ الْحَرْبِ مُطْلَقًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إرْهَابِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) أَيْ لَا لِرَجُلٍ وَلَا لِامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ تَحْلِيَةَ جِلْدِهِ) أَيْ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَقَوْلُهُ مِنْ خَارِجٍ أَيْ مِنْ خَارِجِ الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ هَلْ يَتِمُّ ذَلِكَ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُمْرَةِ وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِالْكِتَابَةِ بِالْحُمْرَةِ مُسَلَّمٌ أَوْ لَا يَتِمُّ وَحِينَئِذٍ فَلَا كَرَاهَةَ.

قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَأَنَا أَقُولُ لَا وَجْهَ لِلْكَرَاهَةِ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ بَلْ فِي الْبُرْزُلِيِّ مَا يُفِيدُ جَوَازَ كِتَابَتِهِ بِالذَّهَبِ وَمُفَادُ عج اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ: وَتَخْصِيصُهُ) أَيْ الْمُصْحَفِ بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ) أَيْ تَحْلِيَتُهَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَكَذَلِكَ الْمِقْلَمَةُ وَالدَّوَاةُ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ جَوَازُ تَحْلِيَةِ الدَّوَاةِ إنْ كُتِبَ بِهَا الْمُصْحَفُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ فَقَدْ نَصَّ عَلَى الْمَنْعِ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ وَسَنَدٌ فِي الطِّرَازِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ فِي الْحَرِيرِ وَتَحْلِيَتِهِ بِهِ وَيَمْتَنِعُ كِتَابَةُ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَيُتَّفَقُ عَلَى الْجَوَازِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّسَاءِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى افْتِرَاشِهِ فَيَكُونُ الْمَشْهُورُ مَنْعَهُ لِلرِّجَالِ وَجَوَازَهُ لِلنِّسَاءِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِاسْتِحْسَانِ الْبُرْزُلِيِّ) أَيْ فَأُلْحِقَ مَنْعُ تَحْلِيَتِهَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنْ دَاخِلٍ أَوْ مِنْ خَارِجٍ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَلْبُوسًا بَلْ وَكَذَا يَمْتَنِعُ تَحْلِيَتُهَا بِالْحَرِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا السَّيْفُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ إذَا كَانَ اتِّخَاذُهُ لِأَجْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ اتِّخَاذُهُ لِأَجْلِ حَمْلِهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَتُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ) أَيْ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِتَحْلِيَتِهِ لَا لِكَوْنِهِ أَعْظَمَ آلَاتِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَالْأَنْفَ وَرَبْطَ سِنٍّ) أَشْعَرَ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا مَنْعَ غَيْرِهِمَا كَأُنْمُلَةٍ أَوْ أُصْبُعٍ وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ الْأُنْمُلَةَ لَا الْأُصْبُعَ وَقَاسُوهَا عَلَى الْأَنْفِ وَالسِّنِّ الْوَارِدِ فِي النَّصِّ (قَوْلُهُ: وَرَبْطَ سِنٍّ) أَيْ وَلَهُ أَيْضًا اتِّخَاذُ الْأَنْفِ وَرَبْطُ السِّنِّ مَعًا وَالْمُرَادُ بِالسِّنِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَقَطَ) أَيْ فَإِذَا سَقَطَتْ السِّنُّ جَازَ رَدُّهَا وَرَبْطُهَا بِشَرِيطٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ مِنْ فِضَّةٍ، وَإِنَّمَا جَازَ رَدُّهَا؛ لِأَنَّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةٌ وَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ بَدَلَهَا سِنًّا مِنْ حَيَوَانٍ مُذَكًّى وَأَمَّا مِنْ مَيْتَةٍ فَقَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ، وَعَلَى الثَّانِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْعُهَا عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ قَلْعُهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا الْمُصْحَفَ إلَى قَوْلِهِ وَرَبْطَ سِنٍّ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ اتِّخَاذِ الْأَنْفِ وَرَبْطِ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ صَحِيحٌ بِحَسَبِ الْقِيَاسِ لَكِنَّ نُصُوصَ الْمَذْهَبِ إنَّمَا هِيَ فِي إبَاحَةِ الذَّهَبِ لِذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْفِضَّةَ إلَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي الذَّهَبِ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَاصِّيَّةِ وَهِيَ عَدَمُ النَّتِنِ دُونَ الْفِضَّةِ فَيَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ مَعَ ظُهُورِ الْفَارِقِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ إلْحَاقُ الْفِضَّةِ بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ) أَيْ فَإِنْ تَعَدَّدَ مُنِعَ، وَلَوْ كَانَ مَجْمُوعُ الْمُتَعَدِّدِ وَزْنَ دِرْهَمَيْنِ فَأَقَلَّ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ عج قَالَ بْن وَانْظُرْ مَا مُسْتَنِدُهُ فِيهِ، وَقَدْ تَرَدَّدَ ح فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ جَعْلُهُ فِي الْيُسْرَى) أَيْ لِأَنَّهُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ لُبْسَهُ فِي الْيُسْرَى أَبْعَدُ لِقَصْدِ التَّزَيُّنِ وَلِلتَّيَامُنِ فِي تَنَاوُلِهِ وَكَمَا يُنْدَبُ لُبْسُهُ فِي الْيُسْرَى يُنْدَبُ جَعْلُ فَصِّهِ لِلْكَفِّ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الْعُجْبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الذَّهَبُ مُسَاوِيًا لِلْفِضَّةِ بَلْ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهَا كَالثُّلُثِ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ابْنَ بَشِيرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) كَمَا يُكْرَهُ التَّخَتُّمُ بِالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَنَحْوِهِمَا وَقَوْلُهُ

ص: 63

بِخِلَافِ الْمُسَاوِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَطْلِيَّ بِالذَّهَبِ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْفِضَّةِ

(وَ) حَرُمَ (إنَاءُ نَقْدٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَيْ اسْتِعْمَالُهُ (وَ) حَرُمَ (اقْتِنَاؤُهُ) أَيْ ادِّخَارُهُ وَلَوْ لِعَاقِبَةِ دَهْرٍ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ، وَكَذَا التَّجَمُّلُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَوْلُنَا وَلَوْ لِعَاقِبَةِ دَهْرٍ هُوَ مُقْتَضَى النَّقْلِ وَيُشْعِرُ بِهِ التَّعْلِيلُ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ إذْ الْإِنَاءُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ فَلَا مَعْنَى لِادِّخَارِهِ لِلْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ لِلْعَاقِبَةِ فَجَوَازُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ فَيُبَاعُ لَهُنَّ أَوْ لِغَيْرِهِنَّ وَحُرْمَةُ كُلٍّ مِنْ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ النَّقْدِ وَاقْتِنَائِهِ لِلرَّجُلِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ ثَابِتًا (لِامْرَأَةٍ وَفِي) حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ أَوْ اقْتِنَاءِ الْإِنَاء مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ (الْمُغَشَّى) ظَاهِرُهُ بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ وَنَحْوِهِ نَظَرًا لِبَاطِنِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَجَوَازُهُ نَظَرًا لِظَاهِرِهِ قَوْلَانِ (وَ) فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ أَوْ اقْتِنَاءِ الْإِنَاءِ النُّحَاسِ وَنَحْوَهُ (الْمُمَوَّهِ) أَيْ الْمَطْلِيِّ ظَاهِرُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ نَظَرًا لِظَاهِرِهِ وَجَوَازِهِ نَظَرًا لِبَاطِنِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهُ قَوْلَانِ مُسْتَوِيَانِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الثَّانِيَ نَظَرًا لِقُوَّةِ الْبَاطِنِ (وَ) فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ أَوْ اقْتِنَاءِ الْإِنَاءِ الْفَخَّارِ أَوْ الْخَشَبِ (الْمُضَبَّبِ) أَيْ الْمُشَعَّبِ كَسْرُهُ بِخُيُوطِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَ) الْإِنَاءِ (ذِي الْحَلْقَةِ) تُجْعَلُ فِيهِ وَمِثْلُهُ اللَّوْحُ وَالْمِرْآةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيهِمَا وَجَوَازُهُ قَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُقَابِلَ لِلْمَنْعِ فِيهِمَا الْكَرَاهَةُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (وَ) فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ (إنَاءِ الْجَوْهَرِ) كَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَبَلُّورٍ وَجَوَازُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلَانِ) وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ وَأَمَّا ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ فَالْعُذْرُ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ مَنْصُوصَةٍ وَهُوَ قَدْ قَالَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِي وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَدَمُ الْأَرْجَحِيَّةِ فِي الْوَاقِعِ (وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ مُحَلًّى بِهِمَا أَوْ حَرِيرًا وَمَا يَجْرِي مَجْرَى اللِّبَاسِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَلْ يُكْرَهُ أَيْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمُعْتَمَدُ لِذَلِكَ الْقَوْلِ الْمَوَّاقُ وعج (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَاوِي) أَيْ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الذَّهَبَ تَابِعٌ لِلْفِضَّةِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّخَتُّمُ بِهِ مَكْرُوهٌ

(قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِعْمَالُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنَاءُ نَقْدٍ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى " اسْتِعْمَالُ " عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى ذِكْرِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْأَوَّلِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَالثَّانِي مِنْ إضَافَتِهِ لِمَفْعُولِهِ وَقَوْلُهُ أَيْ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ أَكْلٌ وَلَا شُرْبٌ وَلَا طَبْخٌ وَلَا طَهَارَةٌ، وَإِنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَاقْتِنَاؤُهُ) أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى صِيَاغَتِهِ فِي صُوَرِ التَّحْرِيمِ الْآتِيَةِ لَا فِي صُوَرِ الْجَوَازِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ كَسَرَ وَأَتْلَفَهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ عَيْنَهَا تُمْلَكُ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِعَاقِبَةِ دَهْرٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ادِّخَارُهُ بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ لِعَاقِبَةِ دَهْرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ) أَيْ وَسَدُّ الذَّرَائِعِ وَاجِبٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَفَتْحُهَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا التَّجَمُّلُ) أَيْ وَكَذَا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ لِأَجْلِ التَّجَمُّلِ أَيْ التَّزَيُّنِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ اقْتِنَاءَهُ إنْ كَانَ بِقَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ فَحَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ لِقَصْدِ الْعَاقِبَةِ أَوْ التَّجَمُّلِ أَوْ لَا لِقَصْدِ شَيْءٍ فَفِي كُلٍّ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ، وَأَمَّا اقْتِنَاؤُهُ لِأَجْلِ كَسْرِهِ أَوْ لِفَكِّ أَسِيرٍ بِهِ فَجَائِزٌ هَذَا مُحَصَّلُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَارْتَضَاهُ بْن رَادًّا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا لِامْرَأَةٍ) أَيْ بَلْ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَابِتًا لِامْرَأَةٍ وَالْأَوْضَحُ جَعْلُ اللَّامِ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَاصِلًا مِنْ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اقْتِنَاءِ الْإِنَاءِ النُّحَاسِ) أَيْ كَالْقُدُورِ وَالصُّحُونِ وَالْمَبَاخِرِ وَالْقَمَاقِمِ وَالرِّكَابِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحَدِيدِ أَوْ النُّحَاسِ وَطُلِيَتْ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ الْجَوَازُ وَقَوْلُهُ نَظَرًا لِقُوَّةِ الْبَاطِنِ أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَالْمُتَلَفَّتَ لَهُ الْبَاطِنُ لَا الظَّاهِرُ اهـ وَنَصَّ ح وَأَمَّا الْمُمَوَّهُ فَالْأَظْهَرُ فِيهِ الْإِبَاحَةُ وَالْمَنْعُ بَعِيدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَظْهَرَهُ فِي الْإِكْمَالِ (قَوْلُهُ: تُجْعَلُ فِيهِ) أَيْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْإِنَاءِ اللَّوْحُ يُجْعَلُ لَهُ حَلْقَةٌ وَالْمِرْآةُ تُجْعَلُ لَهَا حَلْقَةٌ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيهِمَا) نَصَّ ح وَالْأَصَحُّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلْقَةِ الْمَنْعُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْجَوَازَ ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ

(قَوْلُهُ: لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ) بَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمُقَابِلَ لِلْمَنْعِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَفِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ الْجَوْهَرِ) هَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا قَالَ شَيْخُنَا وَالْخِلَافُ فِي إنَاءِ الْجَوْهَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي عِلَّةِ مَنْعِ اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ اسْتِعْمَالِهَا السَّرَفُ مُنِعَ فِي الْجَوْهَرِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمَنْعَ لِأَجْلِ عَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَجَازَ فِي الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ: لَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ الْقَوْلَانِ فِيهَا بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ، وَالْإِجْمَالُ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلْقَةِ بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ وَفِي غَيْرِهِمَا بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا قَالَهُ بَعْضٌ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ مَعَ أَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مُرَجَّحٌ عَلَى الْآخَرِ وَالْمُرَجَّحُ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ

ص: 64