الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكُرِهَتْ لِلْفَاضِلِ (وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) بَلْ يُسْنَمُ كَغَيْرِهِ مِنْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ (لَا فَائِتَةَ) امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهَا فَلَا يُقْتَلُ بِهَا حَيْثُ لَمْ يُطْلَبْ بِهَا فِي سَعَةِ وَقْتِهَا بَلْ بَعْدَ خُرُوجِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) الْأَوْلَى عَلَى الْمَقُولِ
(وَ) التَّارِكُ (الْجَاحِدُ) لِوُجُوبِهَا أَوْ رُكُوعِهَا أَوْ سُجُودِهَا (كَافِرٌ) مُرْتَدٌّ اتِّفَاقًا يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ كُفْرًا وَمَالُهُ فَيْءٌ؛ كَجَاحِدٍ كُلَّ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.
(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا
وَهُوَ لُغَةً مُطْلَقُ إعْلَامٍ بِشَيْءٍ. وَشَرْعًا الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَشْرُوعَةٍ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الْأَلْفَاظِ وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (سُنَّ الْأَذَانُ) وَيَصِحُّ إرَادَةُ الثَّانِي عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ فِعْلُهُ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا) لِلصَّلَاةِ بِكُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ تَلَاصَقَتْ أَوْ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَبِكُلِّ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالِاجْتِمَاعِ لَا لِمُنْفَرِدٍ وَلَا لِجَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا بَلْ يُكْرَهُ لَهُمْ إنْ كَانُوا بِحَضَرٍ وَيُنْدَبُ إنْ كَانُوا بِسَفَرٍ كَمَا سَيَأْتِي (فِي فَرْضٍ) لَا سُنَّةٍ فَيُكْرَهُ (وَقْتِيٍّ) نِسْبَةً إلَى الْوَقْتِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ الْمَحْدُودُ الْمُعَيَّنُ فَخَرَجَ الْفَائِتَةُ إذْ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ مَحْدُودٌ بَلْ وَقْتُهَا حَالُ تَذَكُّرِهَا فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ لَهَا وَخَرَجَتْ الْجِنَازَةُ أَيْضًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَكُرِهَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِلْفَاضِلِ رَدْعًا لِغَيْرِهِ وَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِ الْفَاضِلِ عَلَيْهِ فَهِيَ إمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) أَيْ لَا يُخْفَى أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَا فَائِتَةَ) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِفَرْضًا أَيْ حَاضِرًا لَا فَائِتَةَ أَوْ عَلَى فَرْضًا بِتَأْوِيلِهِ بِحَاضِرًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُطْلَبُ بِهَا فِي سِعَةِ وَقْتِهَا) أَيْ وَإِلَّا أَدَّى إلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ لِأَنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ رَكْعَةٍ ثُمَّ يَتَطَهَّرُ فَيَفُوتُ الْوَقْتُ فَنَقُولُ لَا يُقْتَلُ بِالْفَائِتَةِ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَتْلِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ فِعْلِ الْفَائِتَةِ الْمَازِرِيُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَبِالْقَوْلِ لِلْمَازِرِيِّ أَنِّي مَتَى صَرَّحْت بِالْقَوْلِ كَانَ لِلْمَازِرِيِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ الْتَزَمَ كُلَّ مَا كَانَ لِلْمَازِرِيِّ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ كَذَا أُجِيبَ وَلَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَتِمُّ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ وَأُشِيرُ يَصِحُّ أَوْ اُسْتُحْسِنَ إلَى أَنَّ شَيْخَنَا غَيْرَ الَّذِينَ قَدَّمْتهمْ فَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إنَّ عَدَمَ الْقَتْلِ بِالْفَائِتَةِ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ فَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ لِاعْتِمَادِ غَيْرِ الْمَازِرِيِّ فَقَطْ.
(تَنْبِيهٌ) حُكْمُ مَنْ قَالَ لَا أُصَلِّي مَنْ قَالَ لَا أَتَوَضَّأُ أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَيُؤَخَّرُ إذَا طُلِبَ بِالْفِعْلِ طَلَبًا مُتَكَرِّرًا فِي سِعَةِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَصِيرَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ مَعَ الرَّكْعَةِ وَيُقْتَلُ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لَا أَغْسِلُ النَّجَاسَةَ أَوْ لَا أَسْتُرُ عَوْرَتِي خِلَافًا لعبق فِي شَرْحِ الْعِزِّيَّةِ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّوْمِ كَسَلًا وَجَحْدًا كَالصَّلَاةِ أَيْ فَتَارِكُهُ جَحْدًا كَافِرٌ وَتَارِكُهُ كَسَلًا يُؤَخَّرُ لِقُبَيْلِ الْفَجْرِ بِقَدْرِ مَا يُوقِعُ فِيهِ النِّيَّةَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قُتِلَ وَتَارِكُ الْحَجِّ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَرُبَّ عُذْرٍ فِي الْبَاطِنِ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَدِينُ وَتَارِكُ الزَّكَاةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ كُرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ فَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ مَاتَ هُوَ كَانَ هَدَرًا وَلَا يُقْصَدُ قَتْلُهُ وَتَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: الْجَاحِدُ لِوُجُوبِهَا) أَيْ جُمْلَةً بِأَنْ قَالَ إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ رُكُوعُهَا أَوْ سُجُودُهَا عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ وُجُوبِهَا أَيْ أَوْ جَحَدَ وُجُوبَ رُكُوعِهَا أَوْ وُجُوبَ سُجُودِهَا مَعَ إقْرَارِهِ بِوُجُوبِهَا بِأَنْ قَالَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ لَكِنَّ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ أَوْ الْقِيَامَ لَهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِيهَا (قَوْلُهُ: كَافِرٌ) قَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ غَيْرَ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَابَ) أَيْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَجَاحِدٍ كُلَّ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّالُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ الْإِجْمَاعُ وَذَلِكَ كَالْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ وَأَمَّا مَنْ جَحَدَ أَمْرًا مِنْ الدِّينِ وَكَانَ غَيْرَ ضَرُورِيٍّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ فَفِي كُفْرِهِ قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْكُفْرِ، كَمَا أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ أَمْرًا ضَرُورِيًّا وَلَيْسَ مِنْ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَافِرًا كَمَا إذَا أَنْكَرَ وُجُودَ بَغْدَادَ
[فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]
(فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ)(قَوْلُهُ: الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُقَالُ أَذَّنَ الْعَصْرُ وَإِنَّمَا يُقَالُ أَذَّنَ بِهِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: سُنَّ) أَيْ كِفَايَةً وَقَوْلُهُ: الْأَذَانِ أَيْ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَشْرُوعَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِعْلُهُ) أَيْ الْأَذَانِ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ الْمَشْرُوعَةِ وَالْمُرَادُ بِفِعْلِهَا الْإِتْيَانُ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهَا) أَيْ أَوْ كَانَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ أَوْ قَسَمَ الْمَسْجِدَ أَهْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ ابْتِدَاءً لِارْتِفَاعِ مِلْكِهِمْ عَنْهُ بِالتَّحْبِيسِ (قَوْلُهُ: لَا لِمُنْفَرِدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ لَهُمْ) أَيْ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْجَمَاعَةِ الَّتِي لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا بِسَفَرٍ) أَيْ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَلَا يُشْتَرَطُ سَفَرُ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَتْ الْجِنَازَةُ أَيْضًا) أَيْ فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ
وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ اخْتِيَارِيٍّ فَيُكْرَهُ فِي الضَّرُورِيِّ وَالْمُرَادُ الِاخْتِيَارِيُّ وَلَوْ حُكْمًا لِتَدْخُلَ الصَّلَاةُ الْمَجْمُوعَةُ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا (وَلَوْ جُمُعَةً) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ لَهَا وَشَمِلَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْأَوْكَدَ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَيَجِبُ فِي الْمِصْرِ كِفَايَةً يُقَاتَلُ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى تَرْكِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَذَانُ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ (مُثَنًّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ (وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) الْكَائِنَةَ فِي الصُّبْحِ خَاصَّةً
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَهَا وَلَوْ تَعَيَّنَتْ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِفَرْضِيَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ اخْتِيَارِيٌّ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ أَيْضًا لَا يَخْشَى بِهِ خُرُوجَهُ إذْ لَوْ خَشِيَ أَيْ ظَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِالْأَذَانِ لَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ حِينَئِذٍ فَإِنْ شَكَّ فَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُكْمًا) الْحُكْمِيَّةُ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ الْإِثْمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّلَاةِ الْمُقَدَّمَةِ وَالْمُؤَخَّرَةِ قَدْ فُعِلَتْ فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: لِتَدْخُلَ الصَّلَاةُ الْمَجْمُوعَةُ) أَيْ فَإِنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا عِنْدَ فِعْلِهَا قُدِّمَتْ كَالْعَصْرِ فِي عَرَفَةَ أَوْ أُخِّرَتْ كَالْمَغْرِبِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ لَهَا) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: إنَّ الْأَذَانَ الثَّانِيَ فِعْلًا الَّذِي هُوَ أَوَّلٌ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَاجِبٌ وَظَاهِرُ الشَّرْحِ أَنَّ خِلَافَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْأَذَانَيْنِ مَعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ غَيْرُ شَرْطِيٍّ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ كَذَا فِي عبق قَالَ بْن وَالْحُكْمُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْفِعْلِ بِالسُّنِّيَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا أَحْدَثَهُ بَعْدَهُ سَيِّدُنَا عُثْمَانُ فَهُوَ أَوَّلٌ فِي الْفِعْلِ ثَانٍ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا فَعَلَهُ عُثْمَانُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَأَقَرُّوهُ عَلَيْهِ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا فَالْقَوْلُ بِسُنِّيَّتِهِ لَهُ وَجْهٌ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي الْمِصْرِ كِفَايَةُ) أَيْ فَإِذَا حَصَلَ فِي الْبَلَدِ فِي أَيْ مَكَان فَقَدْ حَصَلَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ وَيُطَالَبُونَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسُنِّيَّةِ فِعْلِهِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَإِذَا حَصَلَ فِي الْبَلَدِ فِي مَسْجِدِهَا سَقَطَ الْفَرْضُ وَالسُّنَّةُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ وُجُوبِهِ فِي الْمِصْرِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْمِصْرِ قَالَ ح وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي وُجُوبِهِ فِي الْمِصْرِ خِلَافًا وَجَعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ وُجُوبَهُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: يُقَاتِلُ أَهْلَ الْبَلَدِ عَلَى تَرْكِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ) أَيْ لَا بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: بِضَمٍّ فَفَتْحٍ) أَيْ لَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْمَعْدُولِ عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ زِيَادَةَ كُلِّ جُمْلَةٍ عَنْ اثْنَيْنِ وَأَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ تُقَالُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِأَنَّ مَثْنَى مَعْنَاهُ اثْنَانِ اثْنَانِ كَذَا فِي عبق وخش وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَا قَالُوا إلَّا لَوْ كَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْأَذَانِ بِاعْتِبَارِ جُمَلِهِ أَيْ وَجُمَلُ الْأَذَانِ مَثْنَى أَيْ مُثَنَّاةٌ لَا أَنَّهَا اثْنَانِ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَإِلَّا كَانَ التَّكْبِيرُ مُرَبَّعًا وَكَذَا كُلُّ حَيْعَلَةٍ وَهَذَا غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِجَوَازِ جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا لَهُ بِاعْتِبَارِ كَلِمَاتِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ ضَبْطُ قَوْلِهِ مَثْنَى بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَالْمَعْنَى وَكَلِمَاتُ الْأَذَانِ مَثْنَى أَيْ اثْنَانِ بَعْدَ اثْنَيْنِ كَمَا تَقُولُ جَاءَ الرِّجَالُ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ بَعْدَ اثْنَيْنِ فَتَأَمَّلْ.
(تَنْبِيهٌ) : يُعْتَبَرُ فِي كَلِمَاتِ الْأَذَانِ التَّرْتِيبُ فَإِنْ نَكَّسَ شَيْئًا مِنْهُ ابْتَدَأَهُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ إنَّهُ يُعِيدُ الْمُنَكَّسَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ مَحْكِيَّةٌ قُصِدَ لَفْظُهَا فِي مَحَلِّ نَصْبِ خَبَرٍ لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي يُثَنَّى هَذَا اللَّفْظَ وَهُوَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: الْكَائِنَةَ فِي الصُّبْحِ خَاصَّةً) أَيْ قَبْلَ التَّكْبِيرِ الْأَخِيرِ وَيَقُولُهَا الْمُؤَذِّنُ سَوَاءً أَذَّنَ لِجَمَاعَةٍ أَوْ أَذَّنَ وَحْدَهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِتَرْكِهَا رَأْسًا لِمُنْفَرِدٍ بِمَحِلٍّ مُنْعَزِلٍ عَنْ النَّاسِ لِعَدَمِ إمْكَانِ مَنْ يَسْمَعُهَا مِنْ مُضْطَجِعٍ لِيَنْشَطَ لِلصَّلَاةِ كَمَا هُوَ أَصْلُ وَضْعِهَا وَرَدَّهُ سَنَدٌ بِأَنَّ الْأَذَانَ أَمْرٌ يُتْبَعُ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَجَعَلَ الصَّلَاةَ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ بِأَمْرٍ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام كَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرِهِ فَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْعَيْنِيِّ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ بِلَالٍ «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ يُؤَذِّنُهُ بِالصُّبْحِ فَوَجَدَهُ رَاقِدًا فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا يَا بِلَالُ اجْعَلْهُ فِي أَذَانِك إذَا أَذَّنْت لِلصُّبْحِ»
اهـ. وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ لِلْمُؤَذِّنِ حِينَ جَاءَ يُعْلِمُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ فَهُوَ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمُشَرِّعَ لِاسْتِعْمَالِهَا فِي أَذَانِ الصُّبْحِ
خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِإِفْرَادِهَا إلَّا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ فَمُنْفَرِدَةٌ اتِّفَاقًا فَلَوْ أَوْتَرَهُ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ لَمْ يُجْزِهِ كَالنِّصْفِ فِيمَا يَظْهَرُ (مُرَجَّعٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ الْمُشَدَّدَةِ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ، وَهُوَ مُرَجَّعُ (الشَّهَادَتَيْنِ بِأَرْفَعَ) أَيْ أَعْلَى (مِنْ صَوْتِهِ) بِهِمَا (أَوَّلًا) عَقِبَ التَّكْبِيرِ الْمُرْتَفِعِ لِخَفْضِهِ صَوْتَهُ بِهِمَا دُونَ التَّكْبِيرِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِسْمَاعِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ وَيَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ (مَجْزُومٌ) نَدْبًا أَيْ مَوْقُوفُ الْجُمَلِ سَاكِنُهَا لِأَجْلِ امْتِدَادِ الصَّوْتِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ رِوَايَةٍ إسْنَادُ صُدُورِهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِوَايَةٍ إسْنَادُ صُدُورِهَا لِعُمَرَ لِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْ عُمَرَ لَيْسَ تَشْرِيعًا بَلْ عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْأَذَانِ فَبِدْعَةٌ حَسَنَةٌ أَوَّلُ حُدُوثِهَا زَمَنَ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ سَنَةَ إحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَكَانَتْ أَوَّلًا تُزَادُ بَعْدَ أَذَانِ الْعِشَاءِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَطْ ثُمَّ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ زِيدَتْ عَقِبَ كُلِّ أَذَانٍ إلَّا الْمَغْرِبَ كَمَا أَنَّ مَا يُفْعَلُ لَيْلًا مِنْ الِاسْتِغْفَارَاتِ وَالتَّسَابِيحِ وَالتَّوَسُّلَاتِ فَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْبِشْبِيشِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالتُّحْفَةِ السَّنِيَّةِ فِي أَجْوِبَةِ الْأَسْئِلَةِ الْمَرْضِيَّةِ أَنَّ أَوَّلَ مَا زِيدَتْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ كُلِّ أَذَانٍ عَلَى الْمَنَارَةِ زَمَنَ السُّلْطَانِ الْمَنْصُورِ حَاجِّيُّ بْنُ الْأَشْرَفِ شَعْبَانُ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَكَانَ قَدْ حَدَثَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ السُّلْطَانِ يُوسُفَ صَلَاحِ الدِّينِ بْنِ أَيُّوبَ أَنْ يُقَالَ قَبْلَ أَذَانِ الْفَجْرِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بِمِصْرَ وَالشَّامِ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فَزِيدَ فِيهِ بِأَمْرِ الْمُحْتَسِبِ صَلَاحِ الدِّينِ الْبُرُلُّسِيُّ أَنْ يُقَالَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ جُعِلَ ذَلِكَ عَقِبَ كُلِّ أَذَانٍ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ.
(تَنْبِيهٌ) كَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَزِيدُ (حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ) بَعْدَ حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ الْآنَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِإِفْرَادِهَا) أَيْ وَهُوَ ابْنُ وَهْبٍ (قَوْلُهُ: إلَّا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ مُثَنًّى وَالْمُرَادُ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَوْتَرَهُ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ) أَيْ وَلَوْ غَلَطًا وَقَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ أَيْ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ إنْ كَانَ الْأَذَانُ سُنَّةً أَوْ فِي تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ إنْ كَانَ الْأَذَانُ وَاجِبًا أَوْ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ إنْ كَانَ الْأَذَانُ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: كَالنِّصْفِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْتَرَ أَقَلَّهُ فَلَا يَضُرُّ وَمَا ذُكِرَ فِي إيتَارِ الْأَذَانِ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي شَفْعِ الْإِقَامَةِ فَإِذَا شَفَعَهَا كُلَّهَا أَوْ غَالِبَهَا أَوْ نِصْفَهَا فَلَا تُجْزِي وَإِنْ شَفَعَ أَقَلَّهَا أَجْزَأَتْ (قَوْلُهُ: مُرَجَّعٌ الشَّهَادَتَيْنِ) يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُرَجِّعَ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ بِهِمَا أَوَّلًا وَيَكُونَ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ وَلَا يَبْطُلُ الْأَذَانُ بِتَرْكِ التَّرْجِيعِ قِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُرَجَّعُ الشَّهَادَاتِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُرَجِّعُ بَعْدَ جَمْعٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ مُرَجَّعٌ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَصْدُقُ بِتَكْرِيرِ مَرَّتَيْ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهُ يَذْكُرُ أَوَّلًا أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ ثُمَّ يُعِيدُهَا بِأَرْفَعِ مِنْ صَوْتِهِ بِهَا أَوَّلًا فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِ شَهَادَاتٍ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْلَى) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ أَرْفَعَ مَأْخُوذٌ مِنْ الِارْتِفَاعِ وَهُوَ الْعُلُوُّ لَا مِنْ الرِّفْعَةِ وَهِيَ الرِّقَّةُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي خَفْضَ صَوْتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَرْفَعُ أَوَّلًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِمُنْتَهَاهُ ثُمَّ يَخْفِضُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ دُونَ التَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ النَّاسَ ثُمَّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِمَا بِحَيْثُ يُسَاوِي رَفْعَهُ بِالتَّكْبِيرِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لِخَفْضِهِ صَوْتَهُ بِهِمَا) أَيْ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِسْمَاعِ) أَيْ إنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَ النَّاسَ الشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهِمَا أَوَّلًا قَبْلَ التَّرْجِيعِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ) أَيْ بِسُنَّةِ التَّرْجِيعِ بَلْ يَكُونُ مَا أَتَى بِهِ عَلَى أَنَّهُ تَرْجِيعٌ مُتَمِّمًا لِلْأَذَانِ وَفَاتَتْهُ سُنَّةُ التَّرْجِيعِ (قَوْلُهُ: سَاكِنُهَا) تَفْسِيرُ لِمَا قَبْلَهُ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يَقُولُ إنَّ الْجَزْمَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ مَعَ أَنَّ أَوَاخِرَ الْجُمَلِ الَّتِي يُوقَفُ عَلَيْهَا لَيْسَتْ أَفْعَالًا حَتَّى تُجْزَمَ قَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتَارَ شُيُوخُ صِقِلِّيَّةَ جَزْمَهُ وَشُيُوخُ الْقَرَوِيِّينَ إعْرَابَهُ وَالْجَمِيعُ جَائِزٌ اهـ فَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ وَالْمَنْدُوبِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ أَلْفَاظِهِ حَتَّى اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَخِيرُ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ غَيْرَ مَوْقُوفٍ وَحِينَئِذٍ فَجَزْمُ مَا عَدَا التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صِفَاتِهِ الْوَاجِبَةِ أَيْ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّتُهُ وَمَا فِي عبق تَبَعًا لح مِنْ أَنَّ جَزْمَهُ لَيْسَ مِنْ الصِّفَاتِ الْوَاجِبَةِ مُعْتَمِدًا
(بِلَا فَصْلٍ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِ بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ فَإِنْ وَجَبَ كَإِنْقَاذِ أَعْمَى فَصَلَ وَبَنَى مَا لَمْ يُطِلْ وَيُكْرَهُ الْفَصْلُ (وَلَوْ) كَانَ (بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ) أَوْ رَدِّهِ أَوْ تَشْمِيتِ عَاطِسٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِرَدِّهِ إشَارَةً كَالصَّلَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ لِحُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهَا فَأُبِيحَ فِيهَا الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ بِخِلَافِ الْأَذَانِ (وَبَنَى) إنْ فَصَلَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (إنْ لَمْ يُطِلْ) الْفَصْلَ وَإِلَّا ابْتَدَأَ وَهُوَ (غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ) وُجُوبًا فَيَحْرُمُ قَبْلَهُ وَيَبْطُلُ لِفَوَاتِ فَائِدَتِهِ (إلَّا الصُّبْحَ) يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ أَذَانِهَا (بِسُدُسٍ) أَيْ فِي أَوَّلِ سُدُسِ (اللَّيْلِ الْأَخِيرِ) فَالْأَذَانُ سُنَّةٌ وَتَقْدِيمُهُ مُسْتَحَبٌّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعَادُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالرَّاجِحُ الْإِعَادَةُ قِيلَ نَدْبًا وَالرَّاجِحُ سُنَّةً وَقِيلَ الْأَوَّلُ مَنْدُوبٌ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي شُرُوطِ صِحَّتِهِ فَقَالَ (وَصِحَّتُهُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَى مَا قَالَ الْمَازِرِيُّ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِالنَّقْلِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَعِيَاضٍ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رَاشِدٍ وَالْفَاكِهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْوَاجِبَةِ فَانْظُرْهُ وَأُعْرِبَتْ الْإِقَامَةُ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِرَفْعِ الصَّوْتِ لِلِاجْتِمَاعِ عِنْدَهَا بِخِلَافِ الْأَذَانِ فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ فِيهِ لِرَفْعِ الصَّوْتِ وَامْتِدَادِهِ وَالْإِسْكَانُ أَعْوَنُ عَلَى ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ اللَّحْنِ فِي الْأَذَانِ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا فِي خش وَحِينَئِذٍ فَاللَّحْنُ فِيهِ مَكْرُوهٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ اللَّحْنُ فِيهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ حَدِيثًا إلَى مُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِلَا فَصْلٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِعَدَمِ الْفَصْلِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُتَّصِلٌ لِيَكُونَ هَذَا الْوَصْفُ عَلَى سُنَنِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ سَوَاءً كَانَ الْفَصْلُ قَصِيرًا أَوْ طَوِيلًا إلَّا أَنَّهُ يُبْنَى مَعَ الْفَصْلِ الْقَصِيرِ وَأَمَّا مَعَ الطَّوِيلِ فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْأَذَانَ مِنْ أَوَّلِهِ وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ فِي الْبِنَاءِ وَعَدَمِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَصْلِ الطَّوِيلِ مَا لَوْ بَنَى مَعَهُ لِظَنِّ أَنَّهُ غَيْرُ أَذَانٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْفَصْلِ الطَّوِيلِ مُبْطِلًا لِلْأَذَانِ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا هَذَا مَا أَفَادَهُ عج وَظَاهِرُ ح أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ إذَا كَانَ طَوِيلًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعُمْدَةِ عَبَّرَ بِالْمَنْعِ فَحَمَلَهُ عج عَلَى الْكَرَاهَةِ وَأَبْقَاهُ ح عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَيُوَاقِفُهُ كَلَامُ زَرُّوقٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ أَصْلِهِ سُنَّةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ إفْسَادَ الْأَذَانِ بِذَلِكَ الْفَصْلِ الطَّوِيلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِشَارَةٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ فَصَلَ كُرِهَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْفَصْلُ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْإِشَارَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ يُفْصَلُ بِهَا بَيْنَ جُمَلِ الْأَذَانِ أَمَّا إذَا كَانَ يُؤَذِّنُ وَهُوَ يُشِيرُ فَلَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُكْرَهُ مُطْلَقًا وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَوْ بِإِشَارَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ بْن. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَإِنْ كَانَ لَا يَرُدُّ فِي حَالِ أَذَانِهِ سَلَامًا وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لَكِنَّهُ يَرُدُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَذَانِ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُ حَاضِرًا وَأَسْمَعَهُ إنْ حَضَرَ وَلَا يَكْتَفِي بِالْإِشَارَةِ فِي حَالَةِ الْأَذَانِ كَمَا يَرُدُّ الْمَسْبُوقُ عَلَى إمَامِهِ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ حَاضِرًا وَالْمُلَبِّي كَالْمُؤَذِّنِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَقَاضِي الْحَاجَةِ وَالْمَجَامِعُ وَإِنْ شَارَكَا الْمُؤَذِّنَ وَالْمُلَبِّيَ فِي كَرَاهَةِ السَّلَامِ عَلَى كُلٍّ إلَّا أَنَّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ وَالْمَجَامِعَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا رَدٌّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ بَاقِيًا بِخِلَافِ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُلَبِّي فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الرَّدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَوْ ذَهَبَ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ بِرَدِّهِ) أَيْ بِرَدِّ الْمُؤَذِّنِ لِلسَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: كَالصَّلَاةِ) أَيْ كَالْمُلْتَبِسِ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَدِّهِ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَطَرَّقُ فِيهَا مِنْ الْإِشَارَةِ لِلرَّدِّ إلَى الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: فَأُبِيحَ) أَيْ أُذِنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَذَانِ) أَيْ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ عِبَادَةً لَكِنَّهَا لَيْسَ لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ كَالصَّلَاةِ فَلَوْ أُجِيزَ فِيهِ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ لَتَطَرَّقَ لِلْكَلَامِ لَفْظًا (قَوْلُهُ: وَبَنَى إنْ فَصَلَ) أَيْ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ لِفَوَاتِ فَائِدَتِهِ) أَيْ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ فِي الْوَقْتِ إذَا عَلِمُوا بِبُطْلَانِهِ قَبْلَ أَنْ يُصَلُّوا وَأَمَّا إنْ صَلَّوْا فِي الْوَقْتِ ثُمَّ عَلِمُوا أَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا يُعِيدُونَ الْأَذَانَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَذَانَ وَالصَّلَاةَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَعَادُوا الْأَذَانَ وَالصَّلَاةَ وُجُوبًا قَالَهُ ح اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا الصُّبْحُ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَنْفِيٍّ (قَوْلُهُ: فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ) أَيْ لِأَنَّهَا تَأْتِي النَّاسَ وَهُمْ نِيَامٌ فَيُحْتَاجُ لِتَقَدُّمِ الْأَذَانِ لِأَجْلِ انْتِبَاهِ النَّاسِ مِنْ نَوْمِهِمْ وَتَأَهُّبِهِمْ لَهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعَادُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلٌ لِسَنَدٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمَغَارِبَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: قِيلَ نَدْبًا) هَذَا مَا اخْتَارَهُ طفى فَعِنْدَهُ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَتَقْدِيمُهُ مَنْدُوبٌ وَالْأَذَانُ الثَّانِي مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ سُنَّةٌ) أَيْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَذَانَيْنِ سُنَّةٌ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ عج وَارْتَضَاهُ بْن وَقَوَّاهُ بِالنُّقُولِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْأَوَّلُ مَنْدُوبٌ) أَيْ وَالثَّانِي سُنَّةٌ وَهُوَ مَا فِي الْعِزِّيَّةِ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ