المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[من لا يجب تغسيلهم] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ١

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ]

- ‌[شُرُوط الْوُضُوء]

- ‌(فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌[فَضَائِل الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته]

- ‌(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مَنْدُوبَات الْغُسْل]

- ‌[صفة الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَمَسْحِ الْجَوْرَب]

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[شُرُوط الْمَاسِح عَلَى الْخَفّ]

- ‌[مُبْطِلَات الْمَسْح عَلَى الْخَفّ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ

- ‌[شَرَائِط جَوَازِ التَّيَمُّم]

- ‌[مُوجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[وَاجِبَات التَّيَمُّم]

- ‌[سُنَن التَّيَمُّم]

- ‌[فَضَائِل التَّيَمُّم]

- ‌[مُبْطِلَات التَّيَمُّم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ

- ‌[شَرْط الْمَسْح عَلَى الْجُرْح]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌[بَيَان الْحَيْض وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌ مَوَانِعَ الْحَيْضِ

- ‌[بَيَان النِّفَاس وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌ بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْأَذَان وَمَنْدُوبَاته]

- ‌[مِنْ يَجُوز لَهُ الْأَذَان]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الشَّرْط الْأَوَّل وَالثَّانِي طَهَارَة الْحَدَث وَالْخَبَث]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌(فَصْلُ) (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌ مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا]

- ‌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ

- ‌[فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ]

- ‌[تَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ]

- ‌[تَرْتِيب الْفَوَائِت فِي أنفسها وَيَسِيرهَا مَعَ حَاضِرَة]

- ‌[مَا تَبْرَأ بِهِ الذِّمَّة عِنْد جَهْل الْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌ فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

- ‌[مِنْ تكره إمَامَته]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْجَمَاعَة]

- ‌[شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ]

- ‌ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ

- ‌[فَصَلِّ الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[صِحَّة الِاسْتِخْلَاف]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌[الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْت وَأَسْبَاب الْجَمْع]

- ‌[صفة الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[سُنَن الْجُمُعَةَ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ]

- ‌[الْأَعْذَار الْمُبِيحَة لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌[سُنَن صَلَاة الْعِيد]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد]

- ‌[كَيْفِيَّة أَدَاء صَلَاة الْعِيد وَمَنْدُوبَاتهَا]

- ‌[مَكْرُوهَات صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[مَنْدُوبَات صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامَ الْمَوْتَى]

- ‌[كَيْفِيَّة تَغْسِيل الْمَيِّت]

- ‌[أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ]

- ‌[مَنْدُوبَاتِ غُسْلِ الْمَيِّت]

- ‌ مُسْتَحَبَّاتِ الْكَفَنِ

- ‌ مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ

- ‌ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ

- ‌(زِيَارَةُ الْقُبُورِ)

- ‌[مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ]

- ‌[بَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[زَكَاةِ النَّعَمِ]

- ‌ زَكَاةِ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةُ النَّقْد]

- ‌[زَكَاة نَمَاءِ الْعَيْنِ]

- ‌ بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ

- ‌ زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ زَكَاةِ الْعُرُوضِ

- ‌ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ

- ‌[فَصْلٌ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ

- ‌[جنس الصَّاع فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ الصِّيَامِ]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ

- ‌[شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار]

- ‌[أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْجَائِزَاتِ لِلصَّائِمِ]

- ‌(بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]

- ‌[الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَا يَنْدُبُ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ]

- ‌ مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ

الفصل: ‌[من لا يجب تغسيلهم]

لِغَيْرِ مُبَاهَاةٍ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ تَصِيرَ مَأْوًى لِلْفُسَّاقِ وَلَا يُهْدَمُ حِينَئِذٍ (وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّطْيِينِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَوْ صَارَ مَأْوَى لِأَهْلِ الْفَسَادِ أَوْ فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ كَقَرَافَةِ مِصْرَ أَوْ مُرْصَدَةٍ لِلدَّفْنِ أَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (حَرُمَ) وَوَجَبَ هَدْمُهُ وَمِنْ الضَّلَالِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَغْبِيَاءِ يَبْنُونَ بِقَرَافَةِ مِصْرَ أَسْبِلَةً وَمَدَارِسَ وَمَسَاجِدَ وَيَنْبُشُونَ الْأَمْوَاتَ وَيَجْعَلُونَ مَحَلَّهَا الْأَكْنِفَةَ وَهَذِهِ الْخُرَافَاتُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ فَعَلُوا الْخَيْرَاتِ، كَلًّا مَا فَعَلُوا إلَّا الْمُهْلِكَاتِ (وَجَازَ) مَا ذَكَرَ (لِلتَّمْيِيزِ) وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ كَقُبَّةٍ وَمَدْرَسَةٍ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلُهُ (كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ) يُوضَعُ عَلَى الْقَبْرِ (بِلَا نَقْشٍ) لِاسْمِهِ أَوْ تَارِيخِ مَوْتِهِ وَإِلَّا كُرِهَ وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حُرِّمَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ النَّقْشَ مَكْرُوهٌ وَلَوْ قُرْآنًا وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى امْتِهَانِهِ كَذَا ذَكَرُوا وَمِثْلُهُ نَقْشُ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءِ اللَّهِ فِي الْجُدَرَانِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى غُسْلِ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ وَكَانَا مَطْلُوبَيْنِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ حَاضِرٍ كُلِّهِ أَوْ جُلِّهِ تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ غَيْرِ شَهِيدِ مُعْتَرَكٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَضْدَادِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا عَنْهَا وَبِنَفْيِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ وَهُوَ الْغُسْلُ عَنْ نَفْيِ الْآخَرِ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَأَطْلَقَ النَّفْيَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِعَيْنِ الْحُكْمِ فَقَالَ (وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ) أَيْ يَحْرُمُ تَغْسِيلُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مَنْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْحَرْبِيِّينَ (فَقَطْ) وَلَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ مُعْتَرَكٍ (وَلَوْ) قُتِلَ (بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ غَزَا الْحَرْبِيُّونَ الْمُسْلِمِينَ (أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْأَذَانَ وَلَا الدُّعَاءَ وَلَا يَعْلَمُ مَنْ يَزُورُهُ» اهـ بْن (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مُبَاهَاةٍ) أَيْ وَكَانَ التَّحْوِيزُ لِغَيْرِ مُبَاهَاةٍ (قَوْلُهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ التَّبْيِيضِ وَالتَّحْوِيزِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ فِي الْأَرْضِي الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ أَوْ صَارَ) أَيْ الْقَبْرُ بِسَبَبِ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ أَوْ حَوْلَهُ مَأْوًى لِأَهْلِ الْفَسَادِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَبْرُ فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ أَوْ مُرْصَدَةٍ أَيْ فَيَحْرُمُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَتَحْوِيزُهُ بِالْبِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ مُبَاهَاةً، وَمُرَادُهُ بِالْمُحْبَسَةِ لِلدَّفْنِ مَا صُرِّحَ بِوَقْفِيَّتِهَا لَهُ وَبِالْمُرْصَدَةِ لَهُ مَا وُقِفَتْ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِوَقْفِيَّةٍ بَلْ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا وَعَلِمْت مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حُرِّمَ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ مُطْلَقَةٌ (قَوْلُهُ مَا فَعَلُوا إلَّا الْمُهْلِكَاتِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ هَدْمُ مَا بُنِيَ بِالْقَرَافَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْمَدَارِسِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْأَسْبِلَةِ وَالْبُيُوتِ وَالْقُبَبِ وَالْحَيْشَانِ (قَوْلُهُ وَجَازَ مَا ذَكَرَ) مُرَادُهُ بِمَا ذَكَرَ الْبِنَاءُ فَوْقَهُ وَحَوْلَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) أَيْ وَالْبِنَاءُ لِلتَّمْيِيزِ إنَّمَا جَائِزًا إذَا كَانَ يَسِيرًا لَا إنْ كَانَ كَثِيرًا كَمَدْرَسَةٍ وَقُبَّةٍ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ الْبِنَاءِ الْيَسِيرِ لِلتَّمَيُّزِ وَلَوْ فِي الْأَرْضِ الْمُحْبَسَةِ لِلدَّفْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي بْن مَا نَصُّهُ الَّذِي اخْتَارَهُ ح أَنَّ التَّحْوِيزَ بِالْبِنَاءِ الْيَسِيرِ لِأَجْلِ تَمْيِيزِ الْقُبُورِ جَائِزٌ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمِنْ أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ وَنَقَلَ نَصَّهَا ثُمَّ قَالَ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ آخِرِ كَلَامِ التَّوْضِيحِ اهـ كَلَامُهُ وَتَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ الْبِنَاءُ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ حَوْلَهُ فِي الْأَرَاضِي الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْمَمْلُوكَةُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ بِإِذْنٍ وَالْمَوَاتِ حَرَامٌ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَجَائِزٌ عِنْدَ قَصْدِ التَّمْيِيزِ وَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ كُرِهَ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ فَوْقَهُ أَوْ حَوْلَهُ فِي الْأَرْضِ الْمُحْبَسَةِ فَحَرَامٌ إلَّا بِقَصْدِ التَّمْيِيزِ فَجَائِزٌ إنْ كَانَ الْبِنَاءُ يَسِيرًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي الْحَجَرِ أَوْ الْخَشَبَةِ نَقْشٌ كُرِهَ وَفِي ح التَّخْفِيفُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا كِتَابَةُ وَرَقَةٍ ذِكْرًا وَدُعَاءً وَتَعْلِيقُهَا فِي عُنُقِ الْمَيِّتِ فَحَرَامٌ وَيَجِبُ إخْرَاجُهَا إنْ لَمْ يَطُلْ الْأَمْرُ وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَيَجِبُ إخْرَاجُهُ مُطْلَقًا

[مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ]

(قَوْلُهُ اسْتِغْنَاءً) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ شَرَعَ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُسْتَغْنِيًا بِذِكْرِ أَضْدَادِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ عَنْهَا لِأَنَّ الضِّدَّيْنِ مُتَلَازِمَانِ فَإِذَا حُكِمَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالِانْتِفَاءِ كَانَ الثَّانِي ثَابِتًا وَلَا مَحَالَةَ لِأَنَّ الضِّدَّيْنِ لَا يَرْتَفِعَانِ (قَوْلُهُ وَبِنَفْيِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذِكْرِ أَيْ وَاسْتِغْنَاءً بِنَفْيِ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ) مِمَّنْ صَرَّحَ بِحُرْمَةِ تَغْسِيلِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ فَقَطْ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ بَقِيَّةِ الشُّهَدَاءِ كَالْمَبْطُونِ وَالْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ وَمَيِّتِ الطَّاعُونِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ مُعْتَرَكٍ) أَيْ لِخُرُوجِ الشُّهَدَاءِ الْمَذْكُورِينَ بِقَوْلِهِ مُعْتَرَكٍ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ يَقْتَضِي أَنَّ مَقْتُولَ الْحَرْبِيِّ الْكَافِرِ بِغَيْرِ مَعْرَكَةٍ يُغَسَّلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقْتَضَى مَوْضِعٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ كَافِرٍ حَرْبِيٍّ بِغَيْرِ مَعْرَكَةٍ لِكَوْنِهِ لَهُ حُكْمُ مَنْ قُتِلَ بِهَا وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَتَبِعَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ وَيَحْيَى الْقُرْطُبِيُّ فَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَسَّلَ أَبَاهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ حِينَ قَتَلَهُ عَدُوٌّ كَافِرٌ بِقُرْطُبَةَ حِينَ أَغَارَ عَلَيْهَا الْكُفَّارُ

ص: 425

بِأَنْ كَانَ غَافِلًا أَوْ نَائِمًا أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ دَاسَتْهُ الْخَيْلُ أَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ سَيْفُهُ أَوْ سَهْمُهُ أَوْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ حَالَ الْقِتَالِ (وَإِنْ) كَانَ (أَجْنَبَ) أَيْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا تَعَيَّنَ عَلَيْهَا الْقِتَالُ بِفَجْءِ عَدُوٍّ (عَلَى الْأَحْسَنِ لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا) مِنْ الْمَعْرَكَةِ ثُمَّ مَاتَ (وَإِنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ لَا يُغَسَّلُ وَلَوْ رُفِعَ غَيْرَ مَغْمُورٍ (إلَّا الْمَغْمُورَ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا وَهُوَ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إلَى أَنْ مَاتَ وَلَمْ تُنْفَذْ مَقَاتِلُهُ (وَدُفِنَ) وُجُوبًا (بِثِيَابِهِ) أَيْ فِيهَا الْمُبَاحَةِ (إنْ سَتَرَتْهُ) أَيْ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَيُمْنَعُ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) تَسْتُرْهُ (زِيدَ) عَلَيْهَا مَا سَتَرَهُ فَإِنْ وُجِدَ عُرْيَانًا سُتِرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ (بِخُفٍّ) الْبَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ خُفٍّ (وَقَلَنْسُوَةٍ) يَعْنِي مَا يَتَعَمَّمُ عَلَيْهِ مِنْ عِرْقِيَّةٍ وَغَيْرِهَا، (وَمِنْطَقَةٍ) مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ (قَلَّ ثَمَنُهَا وَخَاتَمٍ) مِنْ فِضَّةٍ (قَلَّ فَصُّهُ) أَيْ قِيمَةُ فَصِّهِ (لَا) بِآلَةِ حَرْبٍ مِنْ (دِرْعٍ وَسِلَاحٍ) كَسَيْفٍ

(وَلَا) يُغَسَّلُ (دُونَ الْجُلِّ) يَعْنِي دُونَ ثُلُثَيْ الْجَسَدِ وَالْمُرَادُ بِالْجَسَدِ مَا عَدَا الرَّأْسَ فَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ الْجَسَدِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ وَدُونَ الثُّلُثَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ لَمْ يُغَسَّلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ يُكْرَهُ لِأَنَّ شَرْطَ الْغُسْلِ وُجُودُ الْمَيِّتِ فَإِنْ وُجِدَ بَعْضُهُ فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ وَلَا حُكْمَ لِلْيَسِيرِ وَهُوَ مَا دُونَهَا

(وَلَا) يُغَسَّلُ (مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ) أَيْ يَحْرُمُ (وَإِنْ صَغِيرًا) مُمَيِّزًا (ارْتَدَّ) لِأَنَّ رِدَّتَهُ مُعْتَبَرَةٌ كَإِسْلَامِهِ وَإِنْ كَانَ يُؤَخَّرُ قَتْلُهُ لِبُلُوغِهِ إنْ لَمْ يَتُبْ (أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ) أَوْ مُشْتَرِيهِ وَلَوْ قَالَ مَالِكُهُ كَانَ أَشْمَلَ (الْإِسْلَامَ) وَهَذَا فِي الْكِتَابِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَلَى غَفْلَةٍ وَالنَّاسُ فِي إحْرَاثِهِمْ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ اتَّفَقَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَلْفٍ أَنَّ أَسْرَى نَصَارَى بِأَيْدِ مُسْلِمِينَ أَغَارُوا عَلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُسْلِمُونَ فِي صَلَاتِهَا فَقَتَلُوا جَمَاعَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَفْتَى عج بِعَدَمِ غُسْلِهِمْ وَعَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ غَافِلًا) أَيْ حِينَ الْقِتَالِ (قَوْلُهُ أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ دَاسَتْهُ الْخَيْلُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَوَّاقُ وح فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إلَّا أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ أَجْنَبَ عَلَى الْأَحْسَنِ) فِي الْمَوَّاقِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَرَجَّحَ ابْنُ رُشْدٍ تَرْكَ غُسْلِ الْجُنُبِ اهـ وَصَوَابُهُ لَوْ قَالَ وَلَوْ أَجْنَبَ عَلَى الْأَظْهَرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا رُفِعَ حَيًّا فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَلَوْ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْمُورًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَطَرِيقَةُ سَحْنُونٍ أَنَّهُ مَتَى رُفِعَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ أَوْ مَغْمُورًا فَلَا يُغَسَّلُ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ ضَعِيفٌ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ بِتَغْسِيلِ عُمَرَ رضي الله عنه بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ مَعَ أَنَّهُ رُفِعَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ ثُمَّ نَقَلَ أَيْ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا ظَاهِرُهُ يُوَافِقُ الْمُصَنِّفَ وَجَعَلَ قَوْلَ سَحْنُونٍ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ فَانْظُرْ قَوْلَ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ وَدُفِنَ بِثِيَابِهِ حَالَةَ كَوْنِهَا مُصَاحَبَةً لِخُفٍّ فَدَفْنُهُ بِثِيَابِهِ لَازِمٌ وَجَعَلَهُ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ بِثِيَابِهِ وَكَأَنَّهُ قِيلَ بِخُفِّهِ إلَخْ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ فَيَقْضِي أَنَّهُ إنَّمَا يُدْفَنُ بِالْخُفِّ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَمَا مَعَهُمَا فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا بِآلَةِ حَرْبٍ) أَيْ لَا يُدْفَنُ مَعَ آلَةِ حَرْبٍ

(قَوْلُهُ وَلَا يُغَسَّلُ دُونَ الْجُلِّ) النَّهْيُ هُنَا عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ فَالْعِلَّةُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا دُونَ الْجُلِّ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمَكْرُوهِ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى غَائِبٍ إنْ قُلْتَ إنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا دُونَ الْجُلِّ يُؤَدِّي لِتَرْكِ الصَّلَاةِ رَأْسًا وَكَيْفَ يُتْرَكُ وَاجِبٌ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ خَوْفَ ارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى غَائِبٍ قُلْتُ أَجَابَ فِي التَّوْضِيحِ بِمَا مُحَصِّلُهُ أَنَّا لَا نُخَاطَبُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إلَّا بِشَرْطِ الْحُضُورِ وَحُضُورُ جُلِّهِ كَحُضُورِ كُلِّهِ وَحُضُورُ الْأَقَلِّ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ عَدَمَ الْغُسْلِ فِي هَذَا إنَّمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَشْهَبَ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ غُسْلُ الْجُلِّ اهـ بْن، فَعَلَى هَذَا الْمُرَادِ بِالْجُلِّ ثُلُثَا الْجَسَدِ وَلَوْ مَعَ الرَّأْسِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ فَلَا يُغَسَّلُ إلَّا الْكَامِلُ، وَأَمَّا الْبَعْضُ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَوْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وُجِدَ بَعْضُهُ فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ) كَمَا إذَا وُجِدَ ثُلُثَاهُ وَفُقِدَ ثُلُثُهُ فَاسْتَخَفُّوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَسِيرَ تَبَعٌ لِلْكَثِيرِ فَلَا حُكْمَ لِلْيَسِيرِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا دُونَهُمَا) أَيْ مَا دُونَ الثُّلُثَيْنِ

(قَوْلُهُ وَلَا يُغَسَّلُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ) أَيْ مِنْ زِنْدِيقٍ وَسَاحِرٍ وَمَجُوسِيٍّ وَكِتَابِيٍّ وَمُرْتَدٍّ إلَى أَيِّ دِينٍ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى بِهِ) أَيْ بِالصَّغِيرِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ارْتَدَّ أَيْ وَإِنْ صَغِيرًا ارْتَدَّ أَوْ صَغِيرًا نَوَى بِهِ سَابِيهِ الْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي الْكِتَابِيِّ) لِأَنَّ صِغَارَ الْكِتَابِيِّينَ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى الرَّاجِحِ وَكِبَارُهُمْ لَا يُجْبَرُونَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ مَنْ يَعْقِلُ دِينَهُ لَا الْبَالِغُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ) أَيْ الصَّغِيرَ

ص: 426

فَهُوَ فِي الْمَجُوسِ (إلَّا أَنْ يُسْلِمَ) الْكِتَابِيُّ الْمُمَيِّزُ بِالْفِعْلِ فَيُغَسَّلَ (كَأَنْ أَسْلَمَ) مِنْ غَيْرِ سَبْيٍ (وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ) إلَيْنَا بَلْ وَلَوْ مَاتَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (وَإِنْ اخْتَلَطُوا) أَيْ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِمْ مَعَ مُسْلِمِينَ غَيْرِ شُهَدَاءَ (غُسِّلُوا) جَمِيعًا (وَكُفِّنُوا وَمُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ) وَدُفِنُوا فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ

(وَلَا) يُغَسَّلُ (سَقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ) صَارِخًا (وَلَوْ تَحَرَّكَ) إذْ الْحَرَكَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ إذْ قَدْ يَتَحَرَّكُ الْمَقْتُولُ (أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ) إذْ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ أَيْ يُكْرَهُ (إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ) بِعَلَامَةٍ مِنْ عَلَامَاتِهَا مِنْ صِيَاحٍ أَوْ طُولِ مُدَّةٍ فَيَجِبُ غُسْلُهُ (وَغُسْلُ دَمِهِ) أَيْ السِّقْطِ (وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ وُورِيَ) وُجُوبًا فِيهِمَا وَفِي غُسْلِ الدَّمِ نَظَرٌ

(وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ) أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْأَوْجُهِ (إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وُجُوبًا وَلَا يُخْرَجُ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَإِلَّا أُخْرِجَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ مَا لَمْ يَطُلْ حَتَّى يُظَنَّ فِنَاؤُهُ (وَلَا) يُصَلَّى عَلَى (غَائِبٍ) مِنْ غَرِيقٍ وَأَكْلِ سَبُعٍ أَوْ فِي بَلَدٍ أُخْرَى (وَلَا تُكَرَّرُ) الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَتَكْرَارُهَا

(وَالْأَوْلَى) أَيْ الْأَحَقُّ (بِالصَّلَاةِ) عَلَى الْمَيِّتِ إمَامٌ (وَصِيٌّ) أَوْصَاهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (رُجِيَ خَيْرُهُ) صِفَةٌ لِوَصِيٍّ تُفِيدُ التَّعْلِيلَ كَأَنَّهُ قَالَ أَوْصَاهُ لِرَجَاءِ خَيْرِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالْأَوْلَى (الْخَلِيفَةُ لَا فَرْعُهُ) أَيْ نَائِبُهُ فِي الْحُكْمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ فَهُوَ فِي الْمَجُوسِيِّ) أَيْ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهَلْ الْمَجُوسِيُّ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ يَكُونُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ لَهُ وَهُوَ لِابْنِ دِينَارٍ مَعَ رِوَايَةِ مَعْنٍ، أَوْ حَتَّى يَنْوِيَ مَالِكُهُ إسْلَامَهُ وَهُوَ لِابْنِ وَهْبٍ، أَوْ حَتَّى يَقْدُمُ مِلْكُهُ وَيُزَيِّيَهُ بِزِيِّ الْإِسْلَامِ وَيُشَرِّعَهُ بِشَرَائِعِهِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ، أَوْ حَتَّى يَعْقِلَ وَيُجِيبَ حِينَ إثْغَارِهِ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ، خَامِسُهَا حَتَّى يُجِيبَ بَعْدَ احْتِلَامِهِ وَهُوَ لِسَحْنُونٍ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَزَا عِيَاضٌ الْأَوَّلَيْنِ لِرِوَايَتَيْنِ فِيهَا فَعُلِمَ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلَيْنِ وَعَلَيْهِمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْجَبْرِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّغِيرَ مِنْ سَبْيِ الْمَجُوسِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْجَبْرِ فَعَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ مَاتَ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَبَقِيَ فِيهَا حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ أَيْضًا، وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمَاكِثِينَ عِنْدَنَا أَهْلَ كِتَابٍ أَمْ لَا وَبَقِيَ عِنْدَ أَهْلِهِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ لِأَنَّ إسْلَامَهُ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ غُسِّلُوا وَكُفِّنُوا إلَخْ) أَيْ وَمُؤْنَةُ غُسْلِهِمْ وَكَفَنِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ، وَلَا يُقَالُ الْكَافِرُ لَهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّا نَقُولُ غُسْلُ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِينُهُ وَمُوَارَاتُهُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِفِعْلِ ذَلِكَ فِي الْكَافِرِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ أَمَّا إنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِ مَالٌ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَمْ لَا فَإِنَّ مُؤْنَةَ جَمِيعِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ غَيْرِ شَهِيدٍ عَمَّا إذَا اخْتَلَطَ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ بِشَهِيدِ مَعْرَكَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَدُفِنُوا بِمَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْمُسْلِمِ بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ بِغُسْلِ شَهِيدِ مُعْتَرَكٍ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُغَسَّلَ الْجَمِيعُ وَيُكَفَّنُوا مَعَ دَفْنِهِمْ بِثِيَابِهِمْ احْتِيَاطًا فِي الْجَانِبَيْنِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ، وَهَلْ يُمَيَّزُ غَيْرُ الشَّهِيدِ بِالنِّيَّةِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ فَلَيْسَ كَالْكَافِرِ

(قَوْلُهُ وَلَا يُغَسَّلُ سَقْطٌ) أَيْ يُكْرَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَحَرَّكَ) اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَرَكَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْعُطَاسِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْحَيَاةِ وَعَارَضَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّا نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ مُحَالٌ بِالْعَادَةِ أَنْ يَرْضِعَ الْمَيِّتُ وَأَجَابَ الْمَوَّاقُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ الْمَيِّتِ لَا أَنَّهُ مَيِّتٌ حِينَ رَضَاعِهِ حَقِيقَةً اهـ بْن (قَوْلُهُ إذْ قَدْ يَتَحَرَّكُ الْمَقْتُولُ) أَيْ وَقَدْ يَكُونُ الْعُطَاسُ مِنْ الرِّيحِ وَقَدْ يَكُونُ الْبَوْلُ مِنْ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ (قَوْلُهُ أَوْ رَضَعَ) أَيْ يَسِيرًا وَأَمَّا كَثْرَةُ الرَّضَاعِ فَمُعْتَبَرَةٌ وَالْكَثِيرُ مَا تَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ مِثْلُهُ إلَّا مِمَّنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ (قَوْلُهُ إذْ وَاحِدٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ وَاحِدًا مِنْهَا لَا يَدُلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي لَفِّهِ بِخِرْقَةٍ وَمُوَارَاتِهِ (قَوْلُهُ وَفِي غُسْلِ الدَّمِ نَظَرٌ) قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ

(قَوْلُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ) أَيْ بَعْدَ إنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْنِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجُهِ) أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ عبق أَيْ يُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ إذْ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَا وَقَعَ لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ التَّعْبِيرِ هُنَا بِالْمَنْعِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَطُلْ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ (قَوْلُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَى غَائِبٍ) أَيْ يُكْرَهُ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُهُ بِالْحَبَشَةِ فَذَاكَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَوْ أَنَّ صَلَاتَهُ لَمْ تَكُنْ عَلَى غَائِبٍ لِرَفْعِهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَآهُ فَتَكُونُ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى مَيِّتٍ رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُونَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْجَوَابَيْنِ مَعًا بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْخُصُوصِيَّةِ، وَالرَّفْعُ يَفْتَقِرُ لِدَلِيلٍ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا تُكَرَّرُ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا جَمَاعَةً وَإِلَّا نُدِبَ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً كَمَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ أَوْصَاهُ لِرَجَاءِ خَيْرِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَاهُ لِإِغَاظَةِ مَنْ بَعْدَهُ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا لَمْ تَنْفُذْ وَصِيَّتُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ جَوَازِهَا وَكَانَ مَنْ بَعْدَهُ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ إنْ رُجِيَ

ص: 427

(إلَّا) أَنْ يُوَلِّيَهُ حُكْمًا (مَعَ الْخُطْبَةِ) لِلْجُمُعَةِ (ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ) فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ (وَ) إنْ تَعَدَّدَ الْعَاصِبُ لِجِنَازَةٍ أَوْ أَكْثَرَ قُدِّمَ (أَفْضَلُ وَلِيٍّ) بِزِيَادَةِ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَلَوْ) كَانَ الْأَفْضَلُ (وَلِيَّ امْرَأَةٍ) فَيُقَدَّمُ عَلَى وَلِيِّ الرَّجُلِ الْمَفْضُولِ اعْتِبَارًا بِفَضْلِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ (وَصَلَّى النِّسَاءُ) عَلَى الْجِنَازَةِ عِنْدَ عَدَمِ الرِّجَالِ (دُفْعَةً) أَفْذَاذًا وَلَا يُنْظَرُ لِسَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِالتَّكْبِيرِ أَوْ السَّلَامِ فَإِذَا فَرَغْنَ كُرِهَ لِمَنْ فَاتَتْهُ مِنْهُنَّ أَنْ تُصَلِّيَ (وَصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ) أَيْ الْقَوْلُ بِتَرَتُّبِهِنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى وَضُعِّفَ بِأَنَّهُ تَكْرَارٌ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ.

(وَالْقَبْرُ) لِغَيْرِ السِّقْطِ (حَبْسٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ) أَيْ يُكْرَهُ حَيْثُ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ بِنَعْلٍ وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ (وَلَا يُنْبَشُ) أَيْ يَحْرُمُ (مَادَامَ) الْمَيِّتُ أَيْ مُدَّةَ ظَنِّ دَوَامِ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ غَيْرَ عَجْبِ الذَّنَبِ (بِهِ) أَيْ فِيهِ وَإِلَّا جَازَ الْمَشْيُ وَالنَّبْشُ لِلدَّفْنِ فِيهِ لَا بِنَاؤُهُ دَارًا وَلَا حَرْثُهُ لِلزِّرَاعَةِ وَاسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ النَّبْشِ مَسَائِلَ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ غَصَبَهُ الْمَيِّتُ أَوْ غَيْرُهُ فَيُنْبَشُ إنْ أَبَى مَنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ (أَوْ يَشِحَّ رَبُّ قَبْرٍ) حُفِرَ (بِمِلْكِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ) لِغَيْرِهِ وَلَوْ قَلَّ أَوْ لَهُ وَشَحَّ الْوَارِثُ وَكَانَ لَهُ بَالٌ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ وَإِلَّا أُجْبِرَ غَيْرُ الْوَارِثِ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ (وَإِنْ كَانَ) الْقَبْرُ الْمَحْفُورُ (بِمَا) أَيْ بِمَكَانٍ (يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ) كَأَرْضٍ مُحْبَسَةٍ لَهُ أَوْ مُبَاحَةٍ فَدُفِنَ فِيهِ مَيِّتٌ بِغَيْرِ إذْنِ حَافِرِهِ (بَقِيَ) الْمَيِّتُ فِيهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

خَيْرُهُ أَيْضًا وَإِلَّا قُدِّمَ الْوَصِيُّ لِأَنَّ مَنْ بَعْدَهُ إذَا كَانَ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً فَيُخْشَى أَنْ يُقَصِّرَ فِي الدُّعَاءِ لَهُ، وَالْإِمَامُ عَمُودُ الصَّلَاةِ وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ مُرْتَبِطَةٌ بِهِ (قَوْلُهُ إلَّا مَعَ الْخُطْبَةِ) أَيْ مَعَ مُبَاشَرَتِهَا عَلَى الظَّاهِرِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ مَعَ تَوَلِّيَتِهَا لِلْغَيْرِ كَالْقَاضِي الْمُوَلَّى عَلَى الْحُكْمِ وَالتَّقْرِيرِ فِي الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ) أَيْ وَلَا مَدْخَلَ لِلزَّوْجِ وَأَمَّا السَّيِّدُ فَلَهُ مَدْخَلٌ بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَاصِبُ لِجِنَازَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي الْقُرْبِ (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ أَوْ تَعَدَّدَ الْعَاصِبُ لِأَكْثَرَ مِنْ جِنَازَةٍ كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ مَيِّتَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَكَانَ لِكُلِّ جِنَازَةٍ وَلِيٌّ فَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَلِيَّ امْرَأَةٍ) كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ مَيِّتَانِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلِيٌّ وَكَانَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ أَفْضَلَ مِنْ وَلِيِّ الرَّجُلِ فَيُقَدَّمُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الْأَفْضَلُ إذَا صَلَّى عَلَيْهِمَا مَعًا صَلَاةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ أَيْ الْقَوْلُ بِتَرَتُّبِهِنَّ) أَيْ بِجَوَازِ تَرَتُّبِهِنَّ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ إنَّهُنَّ يُصَلِّينَ دُفْعَةً وَيُكْرَهُ تَرَتُّبُهُنَّ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ بِجَوَازِ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ صَلَاتُهُنَّ دُفْعَةً وَتَرَتُّبُهُنَّ

(قَوْلُهُ وَالْقَبْرُ حَبْسٌ) أَيْ عَلَى الدَّفْنِ فَإِنْ نُقِلَ مِنْهُ الْمَيِّتُ أَوْ بَلِيَ لَمْ يُتَصَرَّفْ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ كَالزَّرْعِ وَبِنَائِهِ بَيْتًا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ) أَيْ وَظُنَّ دَوَامُ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ فِيهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَكَرَاهَةُ الْمَشْيِ مُقَيَّدَةٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مُسَطَّحًا أَوْ كَانَ مُسَنَّمًا وَكَانَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ ظُنَّ فِنَاؤُهُ وَعَدَمُ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ فِي الْقَبْرِ جَازَ الْمَشْيُ عَلَيْهِ وَأَوْلَى لَوْ كَانَ مُسَطَّحًا فِي الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَعْلٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ مُتَنَجِّسَةً وَلَوْ كَثُرَ الْمُرُورُ وَلَوْ كَانَ الْمَارُّ كَافِرًا وَالظَّاهِرُ جَوَازُ الْمَشْيِ بِالدَّوَابِّ قِيَاسًا عَلَى النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ) أَيْ يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ح لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْمَشْيِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ الْجُلُوسَ كَالْمَشْيِ يُكْرَهُ إنْ كَانَ الْقَبْرُ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَظُنَّ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْمَيِّتِ فِيهِ فَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ جَازَ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ حُرْمَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ مَا دَامَ بِهِ) هَذَا قَيْدٌ لِلنَّفْيَيْنِ فَقَطْ أَيْ نَفْيِ الْمَشْيِ وَنَفْيِ النَّبْشِ لَا لِقَوْلِهِ أَيْضًا حَبْسٌ إذْ هُوَ حَبْسٌ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ إلَّا عَجَبُ الذَّنَبِ وَأَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَا بِنَاؤُهُ دَارًا إلَخْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ حِجَارَةِ الْمَقَابِرِ الْفَانِيَةِ لِبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ بِالْأَوْلَى وَ (قَوْلُهُ وَلَا حَرْثُهُ لِلزِّرَاعَةِ) لَكِنْ لَوْ حُرِثَتْ جُعِلَ كِرَاؤُهَا فِي مُؤْنَةِ دَفْنِ الْفُقَرَاءِ اهـ خش (قَوْلُهُ مَسَائِلُ) أَيْ ثَلَاثَةٌ وَتَقَدَّمَتْ رَابِعَةٌ وَهِيَ نَبْشُهُ لِأَجْلِ نَقْلِهِ فَيَجُوزُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَخَامِسَةٌ وَهِيَ نَبْشُهُ لِدَفْنِ غَيْرِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ إنْ أَبَى) أَيْ رَبُّهُ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يَشِحَّ رَبُّ قَبْرٍ حُفِرَ بِمِلْكِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دُفِنَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَالِكِ إخْرَاجُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ طَالَ الزَّمَنُ أَمْ لَا، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ إخْرَاجُهُ إنْ كَانَ بِالْفَوْرِ وَأَمَّا مَعَ الطُّولِ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ وَجُبِرَ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إنْ كَانَ بِالْقُرْبِ فَلَهُ إخْرَاجُهُ وَإِنْ طَالَ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ الْأَرْضِ وَلَا يُخْرِجُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَوْ نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ) أَيْ كَثَوْبٍ غُطِّيَ بِهِ فِي الْقَبْرِ أَوْ خَاتَمٌ أَوْ دَنَانِيرُ، وَفِي الْمَوَّاقِ إنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى بَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقٍ بِخِلَافِ الْكَفَنِ الْمَغْصُوبِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ وَقَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ أَنَّ التَّكْفِينَ حَوْزٌ لِوَضْعِ الْيَدِ فَلَا بُدَّ فِي نَقْلِهِ عَنْ الْحَائِزِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقٍ بِخِلَافِ مُصَاحَبَةِ الْمَالِ لَهُ فَلَا يُعَدُّ حَوْزًا (قَوْلُهُ بِمَا يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ) أَيْ مَكَانٌ يَمْلِكُ فِيهِ الْمَيِّتُ الدَّفْنَ خَاصَّةً وَ (قَوْلُهُ كَأَرْضٍ مُحْبَسَةٍ لَهُ) أَيْ لِلدَّفْنِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْقُبُورَ الَّتِي بِقَرَافَةِ مِصْرَ كَالْمَمْلُوكَةِ لِلْكُلْفَةِ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَيُنْبَشُ الْقَبْرُ وَيُخْرَجُ الْمَيِّتُ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيهِ (قَوْلُهُ فَدُفِنَ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْقَبْرِ الْمَحْفُورِ فِي الْأَرْضِ

ص: 428

(وَعَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى وَرَثَةِ الْمَدْفُونِ فِيهِ (قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الْحَفْرِ

(وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْقَبْرِ عُمْقًا (مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ) أَيْ رَائِحَةَ الْمَيِّتِ (وَحَرَسَهُ) مِنْ أَكْلِ كَسَبُعٍ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَنُدِبَ عُمْقُهُ كَمَا مَرَّ (وَبَقَرَ) أَيْ شَقِّ بَطْنَ مَيِّتٍ (عَنْ مَالٍ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ابْتَلَعَهُ حَيًّا (كَثُرَ) بِأَنْ كَانَ نَصَّابًا (وَلَوْ) ثَبَتَ (بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) وَمَحَلُّ التَّقْيِيدِ بِالْكَثِيرِ إذَا ابْتَلَعَهُ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ أَوْ لِمُدَاوَاةٍ أَمَّا لِقَصْدِ حِرْمَانِ الْوَارِثِ فَيُبْقَرُ وَلَوْ قَلَّ (لَا) يُبْقَرُ (عَنْ جَنِينٍ) رُجِيَ لِإِخْرَاجِهِ وَلَا تُدْفَنُ بِهِ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الْبَقْرِ) وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ (إنْ رُجِيَ) خَلَاصُهُ حَيًّا وَكَانَ فِي السَّابِعِ أَوْ التَّاسِعِ فَأَكْثَرَ (وَإِنْ قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ) بِحِيلَةٍ (فَعَلَ) اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ (وَالنَّصُّ) الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ) أَيْ أَكْلِ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَافِرًا (لِمُضْطَرٍّ) وَلَوْ مُسْلِمًا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ إذْ لَا تُنْتَهَكُ حُرْمَةُ آدَمِيٍّ لِآخَرَ (وَصُحِّحَ أَكْلُهُ أَيْضًا) أَيْ صَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَوْلَ بِجَوَازِ أَكْلِهِ لِلْمُضْطَرِّ.

(وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ) أَيْ كَافِرَةٌ (حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ) بِوَطْءِ شُبْهَةٍ مُطْلَقًا أَوْ بِنِكَاحٍ فِي كِتَابِيَّةٍ وَتَتَصَوَّرُ بِنِكَاحٍ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا حَيْثُ أَسْلَمَ عَنْهَا (بِمَقْبَرَتِهِمْ) لِعَدَمِ حُرْمَةِ جَنِينِهَا وَلَا تَتَعَرَّضُ لَهُمْ وَقَوْلُهُ (وَلَا يَسْتَقْبِلُ) بِهَا (قِبْلَتَنَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ) حَقُّهُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ

(وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ) أَيْ فِيهِ مُغَسَّلًا مُحَنَّطًا (مُكَفَّنًا) مُصَلًّى عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ غَيْرَ مُثْقَلٍ (إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ) وَإِلَّا وَجَبَ تَأْخِيرُهُ إلَيْهِ وَعَلَى وَاجِدِهِ دَفْنُهُ

(وَلَا يُعَذَّبُ) مَيِّتٌ (بِبُكَاءٍ) حَرَامٍ (لَمْ يُوصِ بِهِ) فَإِنْ أَوْصَى عُذِّبَ وَكَذَا إنْ عَلِمَهُ مِنْهُمْ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ حَيْثُ ظَنَّ امْتِثَالَهُمْ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمْ) أَيْ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تَلْزَمُ الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِهِمْ (قَوْلُهُ أَيْ قِيمَةُ الْحَفْرِ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ قِيمَةَ الْقَبْرِ لِئَلَّا يُنَافِيَ الْمَوْضُوعَ مِنْ أَنَّ الْقَبْرَ حَفْرٌ فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ كُلُّ أَحَدٍ الدَّفْنَ فِيهَا فَالْحَافِرُ كَمَنْ سَبَقَ لِمُبَاحٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ قِيمَةِ الْحَفْرِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ اللَّبَّادِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ عَلَيْهِمْ حَفْرُ مِثْلِهِ وَقِيلَ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْحَفْرِ وَقِيمَةِ الْأَرْضِ الْمَحْفُورَةِ وَقِيلَ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا

(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ نِصَابًا) اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نِصَابُ الزَّكَاةِ لَا نِصَابُ السَّرِقَةِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ ثَبَتَ) أَيْ ابْتِلَاعُهُ لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا يَمِينٌ اسْتِظْهَارٌ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْمُدَّعَى بِهِ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَحِينَئِذٍ فَيُلْغَزُ بِهَا وَيُقَالُ دَعْوَى عَلَى مَيِّتٍ لَيْسَ فِيهَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ وَإِذَا بُقِرَ عَنْ الْمَالِ فَلَمْ يُوجَدْ عُزِّرَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدِ وَقَوْلُهُ إمَّا لِقَصْدٍ إلَخْ أَيْ إمَّا ابْتِلَاعُهُ لِقَصْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يُبْقَرُ عَنْ جَنِينٍ) أَيْ وَلَوْ رُجِيَ خُرُوجُهُ حَيًّا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَذَلِكَ لِأَنَّ سَلَامَتَهُ مَشْكُوكَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهَا لِأَجْلِهِ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ مُحَقَّقٌ (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الْبَقْرِ) أَيْ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى حَيْثُ كَانَ الْحَمْلُ أُنْثَى أَمَّا إنْ كَانَ ذَكَرًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُمْنَى اهـ عَدَوِيٌّ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي جَنِينِ الْآدَمِيِّ أَمَّا جَنِينُ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُبْقَرُ عَنْهُ إذَا رُجِيَ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ إخْرَاجُهُ بِحِيلَةٍ مِنْ الْمَيِّتَةِ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ وَشَرْطُ وُجُودِهَا الْحَيَاةُ إلَّا لِخَرْقِ الْعَادَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ) أَيْ وَلَوْ أَدَّى عَدَمُ الْأَكْلِ لِمَوْتِ ذَلِكَ الْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَجِدْ غَيْرُهُ) هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا لَوْ وُجِدَ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ أَكْلُهُ) وَعَلَى هَذَا فَانْظُرْ هَلْ يَتَعَيَّنُ أَكْلُهُ نِيئًا أَوْ يَجُوزُ لَهُ طَبْخُهُ بِالنَّارِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ يَحْرُمُ طَبْخُهُ وَشَيَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ مَعَ انْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِدُونِهِ

(قَوْلُهُ أَيْ كَافِرَةٌ) سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً (قَوْلُهُ شُبْهَةٍ) أَيْ شُبْهَةِ مِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً (قَوْلُهُ وَلَا تَتَعَرَّضُ لَهُمْ) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَقْبَلُوا بِهَا قِبْلَتَنَا أَوْ قِبْلَتَهُمْ

(قَوْلُهُ وَعَلَى وَاجِدِهِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى وَاجِدِ مَيِّتِ الْبَحْرِ الَّذِي رُمِيَ فِيهِ مُكَفَّنًا وَكَذَا مَيِّتُ الْبَحْرِ الْغَرِيقِ فِيهِ

(قَوْلُهُ وَلَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ) أَيْ لَا يَتَأَلَّمُ بِهِ كَمَا قَالَ عِيَاضٌ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّعْذِيبَ بِالنَّارِ أَوْ الْمُنَاقَشَةِ لَكِنْ وَرَدَ أَنَّهُ «يُقَالُ لِلْمَيِّتِ أَجِبْ نَوَائِحَكَ» فَحُمِلَ عَلَى إيصَائِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا يُنَاسِبُ

ص: 429