الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ قَيَّدَهُ أَوْ نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَذْرُهُ بِاللَّفْظِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا) الْجِوَارُ الْمُقَيَّدُ بِقَيْدِ (النَّهَارِ فَقَطْ) أَوْ اللَّيْلِ فَقَطْ وَكَذَا الْمُطْلَقُ الْمَنْوِيُّ فِيهِ الْفِطْرُ (فَبِاللَّفْظِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالتَّلَفُّظِ بِنَذْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى النَّهَارِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ تَلَفَّظَ بِالنَّذْرِ (صَوْمٌ) إذْ الْمُقَيَّدُ بِاللَّيْلِ أَوْ الْمُطْلَقُ الَّذِي نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ صَوْمٌ حَتَّى يُحْتَاجَ لِنَفْيِهِ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْمُجَاوِرَ حِينَ لَفَظَ بِنَذْرِهِ صَوْمٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ لَوَازِمِ الِاعْتِكَافِ لَكِنْ لَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي نَذْرَهُ الْمُجَاوَرَةَ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارَهُ وَيَخْرُجُ لِمَا يَخْرُجُ لَهُ الْمُعْتَكِفُ وَلَا يَخْرُجُ لِمَا لَا يَخْرُجُ لَهُ ثُمَّ إنَّ نَاوِيَ الْجِوَارِ الْمُقَيَّدِ بِالْفِطْرِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ بِدُخُولِهِ مَا بَعْدَ يَوْمِ دُخُولِهِ (وَفِي) لُزُومِهِ إكْمَالُ (يَوْمِ دُخُولِهِ) وَعَدَمِ لُزُومِهِ إذْ لَا صَوْمَ فِيهِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ (تَأْوِيلَانِ) أَمَّا إنْ نَوَى يَوْمًا فَقَطْ لَمْ يَلْزَمْهُ إكْمَالُهُ قَطْعًا كَمَنْ نَوَى جِوَارَ مَسْجِدٍ مَا دَامَ فِيهِ أَوْ وَقْتًا مُعَيَّنًا فَقَوْلُهُ وَفِي يَوْمٍ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فَبِاللَّفْظِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ فَفِي إلَخْ (وَ) لَزِمَ (إتْيَانُ سَاحِلٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ الرِّبَاطِ كَدِمْيَاطِ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة وَنَحْوِهِمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ (لِنَاذِرِ صَوْمٍ) أَوْ صَلَاةٍ لَا اعْتِكَافٍ (بِهِ) أَيْ فِي السَّاحِلِ (مُطْلَقًا) كَانَ فِي مَكَان مَفْضُولٍ أَوْ فَاضِلٍ كَأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَرْضًا كَانَ الصَّوْمُ أَصَالَةً أَمْ لَا
(وَ) لَزِمَ إتْيَانُ (الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ)(لِنَاذِرِ عُكُوفٍ) أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ (بِهَا) أَيْ فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ نَذَرَ الْعُكُوفَ بِسَاحِلٍ أَوْ عُكُوفًا أَوْ صَوْمًا كَصَلَاةٍ بِغَيْرِهَا كَالْأَزْهَرِ وَجَامِعِ عَمْرٍو (فَبِمَوْضِعِهِ) الَّذِي نَذَرَ فِيهِ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ أَوْ الصَّوْمَ بِفِعْلِ الْمَنْذُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ الذَّهَابُ إلَيْهِ كَسَاحِلٍ فِي نَذْرِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ لَا اعْتِكَافٍ فَيَفْعَلُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ السَّاحِلِ وَالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَبِمَوْضِعِهِ إنْ بَعُدَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَكْرُوهَاتِهِ فَقَالَ (وَكُرِهَ) لِلْمُعْتَكِفِ (أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ) يَعْنِي بِفِنَائِهِ أَوْ رَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ فَإِنْ أَكَلَ خَارِجًا عَنْ ذَلِكَ بَطَلَ (وَ) كُرِهَ (اعْتِكَافُهُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ فَإِنْ قَيَّدَهُ) أَيْ بِاللَّيْلِ فَقَطْ أَوْ بِالنَّهَارِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ أَوْ نَوَى أَيْ أَوْ أَطْلَقَ وَلَكِنْ نَوَى إلَخْ (قَوْلُهُ بِنَذْرِهِ) أَيْ بِنَذْرِ النَّهَارِ وَكَذَا اللَّيْلِ (قَوْلُهُ الْمُقَيَّدِ بِالْفِطْرِ) أَيْ وَبِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ (قَوْلُهُ وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِوَارَ إذَا كَانَ مُقَيَّدًا بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ بِالْفِطْرِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالنَّذْرِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَلْزَمُ وَلَوْ دَخَلَ إنْ كَانَ مَنْوِيًّا وَهَلْ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْمَنْوِيِّ مُطْلَقًا حَتَّى فِي يَوْمِ الدُّخُولِ فَلَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ عَدَمُ اللُّزُومِ أَنَّهُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ يَوْمِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ تَأْوِيلَانِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي يَوْمِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُ اتِّفَاقًا وَهَلْ التَّأْوِيلَانِ فِي يَوْمِ الدُّخُولِ سَوَاءٌ نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ح وَبَهْرَامُ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ اللَّقَانِيُّ أَوْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا نَوَى مُجَاوَرَةَ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إذَا نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُ إكْمَالُهُ بِالدُّخُولِ قَطْعًا، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَاعْتَمَدَهُ عج إذَا عَلِمْت ذَلِكَ أَنَّ الشَّارِحَ مَاشٍ عَلَى طَرِيقَةِ عج اهـ (قَوْلُهُ كَمَنْ نَوَى جِوَارَ مَسْجِدٍ مَا دَامَ فِيهِ أَوْ وَقْتًا مُعَيَّنًا) فَلَا يَلْزَمُ بَقِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا بَقِيَّةُ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَإِتْيَانُ سَاحِلٍ) عَطْفٌ عَلَى يَوْمٍ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِيَوْمٍ (قَوْلُهُ كَدِمْيَاطَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي اللُّبِّ لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَ مَحَلُّ الرِّبَاطِ سَاحِلًا (قَوْلُهُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ) أَيْ فَالسَّاحِلُ فِي الْأَصْلِ شَاطِئُ الْبَحْرِ الَّذِي يُلْقِي فِيهِ رَمْلَهُ فَأُطْلِقَ هُنَا وَأُرِيدَ بِهِ مَحَلُّ الرِّبَاطِ تَسْمِيَةً لِلْحَالِ بِاسْمِهِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ لَا اعْتِكَافٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ لَا يَمْنَعَانِ الْجِهَادَ وَالْحَرَسَ وَالِاعْتِكَافُ يَمْنَعُ ذَلِكَ فَلِذَا كَانَ نَاذِرُهُ لَا يَأْتِي إلَيْهِ (قَوْلُهُ كَانَ) أَيْ النَّاذِرُ مُقِيمًا فِي مَكَان مَفْضُولٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَكَانِ الرِّبَاطِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ أَفْضَلَ كَمَا لَوْ كَانَ مَكَانُهُ أَحَدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ مُسَاوِيًا لِمَكَانِ الرِّبَاطِ
(قَوْلُهُ وَلَزِمَ إتْيَانُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَفْضَلُ كَمَنْ بِالْمَدِينَةِ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ مَثَلًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ مَكَّةَ وَبِهِ قِيلَ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَأْتِي مِنْ الْفَاضِلِ لِلْمَفْضُولِ وَيَأْتِي مِنْ الْمَفْضُولِ لِلْفَاضِلِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلَانِ فِي بَابِ النَّذْرِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الثَّانِي.
(قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ الذَّهَابُ إلَيْهِ أَيْ وَفِعْلُ مَا نَذَرَهُ فِيهِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ النَّاذِرِ أَفْضَلَ وَإِلَّا فَعَلَهُ فِيهِ قَوْلَانِ وَقَوْلُهُ كَسَاحِلٍ أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِسَاحِلٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ كَانَ قَرِيبًا، وَهُوَ مَا لَا يَحْتَاجُ لِشَدِّ رَاحِلَةٍ فَقَوْلَانِ فِي فِعْلِ الْمَنْذُورِ بِمَوْضِعِ النَّذْرِ أَوْ بِالْمَحَلِّ الَّذِي نَذَرَ الْفِعْلَ فِيهِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَنْذُورُ صَلَاةً أَوْ اعْتِكَافًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ صَوْمًا فَهَلْ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ يَفْعَلُ الصَّوْمَ بِمَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لِلصَّوْمِ بِالْمَكَانِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ ح
[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَأْكُلَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي صَحْنِهِ أَوْ فِي الْمَنَارَةِ وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ كَفِنَائِهِ أَيْ قُدَّامَ بَابِهِ وَرَحْبَتِهِ، وَهِيَ مَا زِيدَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ لِتَوْسِعَتِهِ، وَأَمَّا أَكْلُهُ خَارِجًا عَمَّا يُكْرَهُ أَكْلُهُ فِيهِ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِلِاعْتِكَافِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَاَلَّذِي لِلْبَاجِيِّ الْبُطْلَانُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَطْلَقَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْإِطْلَاقُ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ الْأَكْلِ خَارِجَهُ وَلَوْ خَفَّ الْأَكْلُ وَعَدَمُ كَرَاهَةِ الشُّرْبِ خَارِجَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
(غَيْرَ مَكْفِيٍّ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ بِوَزْنِ مَرْمِيٍّ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الْكِفَايَةِ أَصْلُهُ مَكْفَوِيٌّ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُحَصِّلَ مَا يَحْتَاجُ لَهُ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَمَلْبَسٍ فَإِنْ اعْتَكَفَ غَيْرَ مَكْفِيٍّ جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ أَقْرَبَ مَكَان وَإِلَّا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ كَاشْتِغَالِهِ خَارِجَهُ بِشَيْءٍ مِنْ قَضَاءِ دَيْنٍ وَتَحَدُّثٍ مَعَ أَحَدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ
(وَ) كُرِهَ (دُخُولُهُ مَنْزِلَهُ) الْقَرِيبَ وَبِهِ أَهْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يُكْرَهْ فِي الثَّانِي وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ أَهْلُهُ فِي عُلُوِّ الْمَنْزِلِ وَدَخَلَ هُوَ أَسْفَلَهُ (وَإِنْ) كَانَ الدُّخُولُ (لِغَائِطٍ وَ) كُرِهَ (اشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ) مُتَعَلِّمًا أَوْ مُعَلِّمًا غَيْرَ عَيْنِيٍّ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاعْتِكَافِ صَفَاءُ الْقَلْبِ وَرِيَاضَةُ النَّفْسِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ غَالِبًا بِالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ لَا بِالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ (وَ) كُرِهَ (كِتَابَتُهُ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ (وَإِنْ مُصْحَفًا إنْ كَثُرَ) وَكِتَابَتُهُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْعِلْمِ وَلَا بَأْسَ بِالْيَسِيرِ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى
(وَ) كُرِهَ (فِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ) مِنْ تَهْلِيلٍ وَتَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَاسْتِغْفَارٍ وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَصَلَاةٍ وَتِلَاوَةٍ) ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ قَوْلُهُ (كَعِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ بِالْمَسْجِدِ إنْ بَعُدَ عَنْهُ (وَجِنَازَةٍ وَلَوْ لَاصَقَتْ) بِأَنْ وُضِعَتْ بِقُرْبِهِ أَوْ انْتَهَى زِحَامُهَا إلَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْجِنَازَةِ فَقَطْ (وَصُعُودُهُ لِتَأْذِينٍ بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ) بِالْمَسْجِدِ لَا بِمَكَانِهِ أَوْ صَحْنِهِ فَيَجُوزُ (وَتَرَتُّبُهُ أَنَّهُ لِلْإِمَامَةِ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ بَلْ الِاسْتِحْبَابُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْإِقَامَةِ لَكِنَّ النَّصَّ كَرَاهَةُ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ؛ لِأَنَّهُ يَمْشِي إلَى الْإِمَامِ وَذَلِكَ عَمَلٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ غَيْرَ مَكْفِيٍّ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ أَوْ مَجَّانًا لَمَا قِيلَ:
مَا حَكَّ جِسْمَك مِثْلُ ظُفْرِك
…
فَتَوَلَّ أَنْتَ جَمِيعَ أَمْرِك
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يَجِدْ كَافِيًا وَعَلَيْهِ إذَا وَجَدَ كَافِيًا وَخَرَجَ لِشِرَاءِ مَا يَحْتَاجُهُ هَلْ يَبْطُلُ أَمْ لَا اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ مَكْفَوِيٌّ) فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْيَاءِ وَسَبَقَ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَقُلِبَتْ الضَّمَّةُ الَّتِي قَبْلَ الْيَاءِ كَسْرَةً لِأَجْلِ أَنْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ فَإِنْ اعْتَكَفَ غَيْرُ مَكْفِيٍّ) أَيْ مُرْتَكِبًا لِلْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَجَاوَزُ أَقْرَبَ مَكَان) أَيْ إذَا تَعَدَّدَتْ الْأَسْوَاقُ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ كَاشْتِغَالِهِ) أَيْ كَمَا يَفْسُدُ إذَا خَرَجَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ فَاشْتَغَلَ خَارِجَهُ بِشَيْءٍ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِمَا ذَكَرَ يُخْرِجُهُ مِنْ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ وَالْحَالُ أَنَّ حُرْمَةَ الِاعْتِكَافِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَدُخُولُهُ مَنْزَلَهُ) أَيْ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمَنْزِلُ قَرِيبًا وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ أَهْلُهُ أَيْ زَوْجَتُهُ أَوْ سُرِّيَّتُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِهِمْ عَنْ اعْتِكَافِهِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ جَوَازُ مَجِيءِ زَوْجَتِهِ إلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَكْلِهَا مَعَهُ وَحَدِيثِهَا؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَازِعٌ أَيْ مَانِعٌ مِنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ فِي الْبَيْتِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ فِي الْبَيْتِ فِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَاشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ) هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ الِاعْتِكَافَ يَخْتَصُّ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ بِذِكْرِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهُ يُبَاحُ لِلْمُعْتَكِفِ جَمِيعُ أَعْمَالِ الْبِرِّ الْمُخْتَصَّةِ بِالْآخِرَةِ فَيَجُوزُ لَهُ مُدَارَسَةُ الْعِلْمِ وَعِيَادَةُ الْمَرْضَى فِي مَوْضِعِ مُعْتَكَفِهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَائِزِ إذَا انْتَهَى إلَيْهِ ازْدِحَامُ النَّاسِ وَيَجُوزُ لَهُ كِتَابَةُ الْمَصَاحِفِ لِلثَّوَابِ لَا لِأُجْرَةٍ يَأْخُذُهَا بَلْ لِيَقْرَأَ فِيهَا وَيَنْتَفِعَ بِهَا مَنْ كَانَ مُحْتَاجًا اهـ بْن (قَوْلُهُ غَيْرَ عَيْنِيٍّ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ) ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ هَذَا الْقَيْدُ اهـ بْن وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْعَيْنِيَّ مُتَعَيِّنٌ لَا تَرْخِيصَ فِي تَرْكِهِ فَلَا تَصِحُّ كَرَاهَتُهُ فَالنَّصُّ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ غَيْرُ الْعَيْنِيِّ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فَلِمَ كُرِهَ هُنَا وَاسْتُحِبَّتْ هِيَ وَالذِّكْرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ وَرِيَاضَةُ النَّفْسِ) أَيْ تَخْلِيصُهَا مِنْ صِفَاتِهَا الْمَذْمُومَةِ (قَوْلُهُ لَا بِالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لِشَرَفِهِ عِنْدَ النَّفْسِ رُبَّمَا شَمَخَتْ بِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَثُرَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْعِلْمِ) أَيْ غَيْرِ الْعَيْنِيِّ (قَوْلُهُ وَكِتَابَتُهُ) الضَّمِيرُ لِلْمُعْتَكِفِ لَا لِلْعِلْمِ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْكِتَابَةِ لَهُ مَا لَمْ تَكُنْ لِمَعَاشِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ لَهُ فِي مُدَّةِ اعْتِكَافِهِ، وَإِنْ لِعِيَالِهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَذَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُحْتَاجَ لَهُ لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهِ فَلَا تَصِحُّ كَرَاهَتُهُ
(قَوْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا) أَيْ بِأَنْ يَشْغَلَ الْوَقْتَ تَارَةً بِهَذَا وَتَارَةً بِهَذَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَفْعَلُ جَمِيعَهَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى وَقَوْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا أَيْ أَخْذًا مِنْ حُكْمِ الْمُصَنِّفِ بِالْكَرَاهَةِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ (قَوْلُهُ كَعِيَادَةٍ لِمَرِيضٍ بِالْمَسْجِدِ) ، وَأَمَّا إنْ كَانَ خَارِجَهُ كَانَتْ الْعِيَادَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ وَتُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ (قَوْلُهُ إنْ بَعُدَ عَنْهُ) بِأَنْ كَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ مَحَلِّهِ لِعِيَادَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَجِنَازَةٍ) أَيْ وَصَلَاةٍ عَلَى جِنَازَةٍ وَلَوْ كَانَ جَارًا أَوْ صَالِحًا فَيَخُصُّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ مِنْ النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ إنْ كَانَ كَجَارٍ أَوْ صَالِحٍ بِغَيْرِ الْمُعْتَكَفِ هَذَا إذَا وُضِعَتْ بَعِيدَةً عَنْهُ بَلْ وَلَوْ لَاصَقَتْهُ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَيِّنَ لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهِ فَلَا تَصِحُّ كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ لَا بِمَكَانِهِ إلَخْ) مَا لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ لِرَصْدِ الْأَوْقَاتِ وَإِلَّا كَانَ أَذَانُهُ فِي صَحْنِهِ مَكْرُوهًا كَذَا قَالَ عِيَاضٌ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَذَانَ عَلَى الْمَنَارِ أَوْ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا كَانَ يَرْصُدُ الْأَوْقَاتَ أَمْ لَا، وَأَمَّا أَذَانُهُ فِي مَحَلِّهِ أَوْ فِي صَحْنِهِ فَجَائِزٌ إنْ لَمْ يَكُنْ بِرَصْدِ الْأَوْقَاتِ وَإِلَّا كُرِهَ هَذَا هُوَ النَّقْلُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْشِي إلَى الْإِمَامِ) مُفَادُهُ.