الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
العلم الطبيعى واليوم الآخر:
وهذا التخريب العام الشامل، ليس بمحال، أو بعيد الحصول، فقد ثبت لدى علماء العلم الطبيعى، أن هذا الكون سيأتى يوم ينتهى فيه كل شىء، فكما أنه تطور من الزمن القديم إلى ما انتهى إليه فى وضعه القائم، فإنه سيتطور تطورًا حتميًا إلى الفناء والزوال.
فليس فيما قرره القرآن الكريم عن نهاية هذا العالم ما يتنافى مع أحدث نظريات العلم الطبيعى.
ومن أدل الدلائل على أن هذا من عند الله، أنه لم يسبق أن تحدث أحد عن فناء هذا الكون بهذه الصورة، كما لم تتحدث الأديان السابقة؛ ولا يمكن أن يكون من تفكير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه إحدى معجزاته!
*
متى هو
؟:
وقيام الساعة أو اليوم الآخر، مما استأثر الله بعلمه، فلم يطلع عليه أحدًا من خلقه لا نبيًا مرسلاً، ولا ملكًا مُقرّبًا.
{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} (2).
ولقد كان الناس يسألون عنها رسول الله، ويُلْحِفُون فى المسألة، فأمره الله أن يَرُدّ علمها إليه وحده.
(1) سورة إبراهيم - الآية 48.
(2)
سورة لقمان - الآية 34.
{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} (1).
وسجل هذا السؤال والإجابة عليه فقال:
عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله: إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما فى الأرحام، وما تدرى نفس ماذا تكسب غدًا، وما تدرى نفس بـ أى أرض تموت» .
قال الألوسى فى تفسيره: " وإنما أخفى الله عز وجل أمر الساعة لاقتضاء الحكمة التشريعية ذلك، فإنه أدعى إلى الطاعة، وأزجر عن المعصية، كما أن إخفاء الأجل الخاص للإنسان كذلك ".
ولو قيل بأن الحكمة التكوينية تقتضى ذلك أيضًا، لم يبعد.
وظاهر الآيات أنه صلى الله عليه وسلم لم يعلم وقت قيامها .. نعم، صلى الله عليه وسلم قرّبها على الإجمال، وأخبر صلى الله عليه وسلم به، فقد أخرج الترمذى، وصححه عن أنس مرفوعًا:«بعثت أنا والساعة كهاتين (وأشار بالسبابة والوسطى)» .
(1) سورة فصلت - الآية 47.
(2)
لا يجليها لوقتها: أى يظهر أمرها.
(3)
ثقلت: أى صعب علمها، فلا يستطيع أهل السماوات والأرض الوصول إليه.
(4)
حفى عنها: أى عالم بها.
(5)
سورة الأعراف - الآية 187.
وفى الصحيحين عن عمر رضي الله عنه مرفوعًا أيضًا: «وإنما أجلكم فيمن مضى قبلكم من الأمم، من صلاة العصر إلى غروب الشمس» .
أما نهاية هذه الحياة، فلم يأت فيها حديث صحيح يمكن التعويل عليه.
قال ابن حزم: " وأما نحن (يعنى المسلمين)، فلا نقطع على علم عدد معروف عندنا، ومن ادّعى فى ذلك سبعة آلاف سنة، أو أكثر، أو أقل؛ فقد قال ما لم يأت قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لفظة تصح، بل صح عنه صلى الله عليه وسلم خلافه، بل نقطع على أن للدنيا أمدًا لا يعلمه إلا الله تعالى، قال الله عز وجل:
{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما أنتم فى الأمم قبلكم إلا كالشعرة البيضاء فى الثور الأسود، أو الشعرة السوداء فى الثور الأبيض» .
وهذه نسبة من تدبرها، وعرف مقدار عدد أهل الإسلام ونسبة ما بأيديهم من معمور الأرض، علم أن للدنيا أمدًا لا يعلمه إلا الله، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«بُعِثتُ أنا والساعة كهاتين (وضم إصبعيه السبابة والوسطى)» .
وقد جاء النص بأن الساعة لا يعلم متى تكون إلا الله تعالى لا أحد سواه، فصح أنه صلى الله عليه وسلم إنما أراد شدة القرب لا فصل الوسطى عن السبابة، إذ لو أراد ذلك لأخذت نسبة ما بين الأصبعين ونسب من طول الإصبع، فكان
(1) سورة الكهف - الآية 51.