الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما الذى غير طباعهم وغرائزهم وميولهم، ووجهها وجهة الحق والخير والجمال والكمال؟
لماذا لم يكونوا مثل غيرهم ممن لا يؤمنون بالله من غلظ الجهل، وجفاء الطبع، وخبث النفس، وظلمة القلب، وفساد الخلق، وحيوانية فى المطالب والمآرب؟ لابد وأن يكون وراء ذلك سر.
وهل فيه سر غير أن المؤمنين بالله يمدهم بالقوى التى تصحح إنسانيتهم ليصلوا إلى أقصى ما قدر لهم من كمال، فهذا التغيير فى نفوس المؤمنين وصفاتهم وأخلاقهم وميولهم، أدل دليل على وجود قوى روحية خفية تعمل عملها فى صمت، وتظهر آثارها جلية فى سلوك المؤمنين بها، الواصلين حبالهم بحبالها.
*
شواهد النقل:
ومما يستشهد به على الوجود الإلهى الحقيقى أن المصطفين من العباد، والأخيار من الناس، نادوا فى الناس من عهد آدم إلى عهد محمد - عليهم صلوات الله وسلامه - بأن لهذا الكون إلهًا حكيمًا، وأجمعوا على ذلك.
وقد قامت الشواهد على صدقهم من تأييد الله لهم، وكبت أعدائهم، وجعل كلمة الله هى العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى .. فأى دليل أبلغ من قول الصادقين مع الله، والمخلصين له، والداعين إليه، والمتفانين فيه، والمؤيدين به.
*
لا سند للإلحاد:
وأخيرًا نقرر أنه لم يثبت من ناحية العقل، ولا من ناحية العلم، أى دليل يمكن الاستناد إليه فى نفى وجود الله .. وكل ما ذكره الملحدون ما هو إلا وهم لا يستند إلى منطق سليم، ولا علم مكين.
وليس هذا الإلحاد بجديد على الناس، ولا هو من مبتكرات هذا العصر، وإنما هو قديم، وقديم جدًا، قاومه الأنبياء عبر الأجيال والعصور، يقول القرآن الكريم:
فهل ثمة فارق بين ما قاله الأولون فى عصر الجاهلية، وبين ما يقوله الآخرون فى العصر الذى يتحدثون عنه بأنه عصر النور والعرفان؟
على أن العصر الذى بلغ فيه العلم شأوًا لم يصل إليه من قبل، لم يستطع أن ينكر وجود الله، بل إن علماءه من أشد الناس إيمانًا بالله، ولا نريد بالعلماء السطحيين من أدعياء العلم، وإنما نقصد العلماء الحقيقيين.
ومما يؤيد هذا الذى نقوله، ما نشره الدكتور (دينرت) من بحث حلل فيه الآراء الفلسفية لأكابر العلماء بقصد أن يعرف عقائدهم، فتبين له من دراسة 290 عالمًا، أنهم بالنسبة للعقيدة الدينية كما يلى:
242 من هؤلاء أعلنوا إيمانهم الكامل بالله.
28 لم يصلوا إلى عقيدة.
20 لم يهتموا بالتفكير الدينى (2).
وهكذا نجد أغلبية ساحقة تزيد عن 90% يعلنون إيمانهم بالله عن طريق أبحاثهم العلمية، ونجد من سواهم لا يزالون فى تردد، أو لم يهتموا بالعقيدة الدينية فى أبحاثهم، وأغلب الظن أن المترددين سيصلون يومًا، وأن الآخرين الذين لم يهدهم العلم لساحة الله يعانون نقصًا، لو تخلصوا منه لوصلوا.
ونختم هذا البحث عن الدليل العقلى على وجود الله بأقوال مشاهير العلماء:
يقول (هرشل) العالم الفلكى الإنجليزى: " كلما اتسع نطاق العلم ازدادت البراهين
(1) سورة الجاثية - الآية 24.
(2)
نقلاً عن مجلة الأزهر - المجلد 29 - عن كتاب الإسلام - الدكتور/ أحمد شلبى.
الدامغة القوية على وجود خالق أزلى لا حد لقدرته ولا نهاية، فالجيولوجيون والرياضيون والفلكيون والطبيعيون قد تعاونوا، وتضامنوا على تشييد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده " (1).
ويقول الدكتور (وتز) الكيماوى الفرنسى: " إذا أحسست فى حين من الأحيان أن عقيدتى بالله قد تزعزعت، وجهت وجهى إلى أكاديمية العلوم لتثبيتها (2)
ويقول (فولتير) ساخرًا: " لم تشككون فى الله، ولولاه لخانتنى زوجتى وسرقنى خادمى "؟
(1) دائرة معارف " وجدى " مادة 1 له جـ1 ص503.
(2)
مجلة الأزهر - المجلد 19.