الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
خروج المسيح الدجال
(1):
من علامات الساعة وأماراتها الكبرى، أن يخرج المسيح الدجال، ويدعى الألوهية، ويحاول أن يفتن الناس عن دينهم بما يحدثه من خوارق العادات، وبما يظهر على يديه من عجائب، فيُفتن به بعض الناس، ويثبت الله الذين آمنوا، فلا يخدعون بأضاليله، ثم ينجلى أمره، ويقضى على فتنته، ويقتل بأيدى المسلمين وقائدهم - حينئذ - عيسى عليه السلام.
وقد حذرت الرسل أممهم من فتنته وغوايته، كما حذر منها خاتمهم، صلوات الله وسلامه عليهم جميعًا.
فعن عمر رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم استنصت (2) الناس يوم حجة الوداع، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم ذكر الدجال، فأطنب فى ذكره، وقال:«ما بعث الله من نبى إلا أنذر أمته، وإنه يخرج فيكم، فما خفى عليكم من شأنه، فلا يخفى عليكم إن ربكم ليس بأعور، وإنه أعور العين اليمنى كأن عينه طافية» (3).
قال الشيخ رشيد رضا: " ويدل القدر المشترك منها (4) على أن النبى صلى الله عليه وسلم كشف له، ويمثل له ظهور دجال فى آخر الزمان، يظهر للناس خوارق كثيرة، وغرائب يفتتن بها خلق كثير، وأنه من اليهود، وأن المسلمين يقاتلونه، ويقاتلون اليهود فى هذه البلاد المقدسة، وينتصرون عليهم، وقد كشف له ذلك مجملاً غير مفصل، ولا يوحى به
(1) سمى بهذا الاسم، لأنه يمسح الأرض ويقطعها فى مدة زمنية، ولأنه أعور ممسوح العين.
(2)
استنصت: أى طلب سكوتهم.
(3)
رواه البخارى ومسلم.
(4)
أى الأحاديث الواردة فى الدجال.
عن الله، كما كشف له غير ذلك من الفتن فذكره، فتناقله الرواة بالمعنى، فأخطأ كثير منهم، وتعمد الذين كانوا يبثون الإسرائيليات الدس فى رواياته .. ولا يبعد أن يكون طلاب الملك من اليهود الصهيونيين بتدبير فتنة فى هذا المعنى يستعينون عليها بخوارق العلوم والفنون العصرية كالكهرباء والكيمياء وغير ذلك، والله أعلم ".
ويؤيد هذا الذى قاله الشيخ رشيد الأحاديث الآتية:
1 -
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقومن الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودى: يا مسلم هذا يهودى ورائى فاقتله» (1) .. وهذا مجاز عن عدم إفادة الاختباء شيئًا.
2 -
وعن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال» (2) .. وهذا الفتح غير الفتح الأول، ففى رواية الترمذى:«فتح القسطنطينية مع قيام الساعة» .
* نزول عيسى عليه السلام:
يستخلص من مجموع الأحاديث، أن عيسى عليه السلام ينزل فى آخر الزمان أثناء وجود الدجال، ويكون نزوله هذا علامة من علامات الساعة الكبرى، فيحكم بالقسط، ويقضى بشريعة الإسلام، ويحيى من شأنها ما تركه الناس، ويقتل الدجال، ثم يمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم يموت، ويصلى عليه ويدفن، ثم تهب ريح تقبض أرواح المؤمنين جميعًا، فلا يبقى بعد ذلك إلا شرار الناس، فلا يكون بعد الكمال إلا الفناء والزوال.
(1) رواه البخارى ومسلم.
(2)
رواه أبو داود.
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًًا (1)، فيكسر الصليب (2)، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية (3)، ويفيض (4) المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها» ، ثم قال أبو هريرة: اقرءوا ما شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} (5) .. أى ما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى، قبل موت عيسى حين ينزل إلى الأرض، قبل قيام الساعة.
وعن عروة بن مسعود الثقفى رضي الله عنه قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِى أُمَّتِى، فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ - لَا أَدْرِى أَرْبَعِينَ يَوْماً أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْراً أَوْ أَرْبَعِينَ عَاماً -، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ، فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحاً بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَاّ قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِى كَبَدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِى خِفَّةِ
(1) أى حاكمًا بشريعة الإسلام، قائمًا بالعدل.
(2)
يكسر الصليب إظهارًا لكذب النصارى وافترائهم عليه فى دعوى أنه قتل وصلب.
(3)
يسقطها عن أهل الكتاب، ولا يقبل منهم إلا الإسلام.
(4)
أى يكثر الخير بسبب العدل.
(5)
سورة النساء - الآية 159؛ والحديث رواه البخارى ومسلم.
الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ (1)، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً، وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَراً، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ وَهُمْ فِى ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ، فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَاّ أَصْغَى لِيتاً وَرَفَعَ لِيتاً - قَالَ - وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ، رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ - قَالَ - فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ - أَوْ قَالَ يُنْزِلُ اللَّهُ - مَطَراً كَأَنَّهُ الطَّلُّ (2)
أَوِ الظِّلُّ - نُعْمَانُ الشَّاكُّ - فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ (3) أُخْرَى، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ، {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ} - قَالَ - ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ، فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ؟ فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ - قَالَ - فَذَاكَ يَوْمَ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً، وَذَلِكَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ».
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء» (4).
(1) أحلام السباع: أى أنهم يسرعون إلى الشر والظلم، فيكونون فى المسارعة كالطير، وفى الظلم كالسباع المفترسة.
(2)
كأنه الطل: أى المطر الخفيف ..
(3)
ينفخ فيه: أى الصور، ولا يعلم عنه أحد شيئًا إلا أنه قرن ينفخ فيه، فتكون الساعة، وتقوم القيامة، ثم ينفخ فيه مرة أخرى فيكون البعث، وما بين النفختين مدة زمنية غير معلومة بالضبط عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما بين النفختين أربعون (قالوا: يا أبا هريرة، أربعون يومًا، قال: أبيت " أى لا أدرى "، قالوا: أربعون شهرًا، قال: أبيت، قالوا: =
= أربعون سنة، قال: أبيت) ثم ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شىء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا، وهو عجب الذنب " هو آخر عظم سلسلة الظهر، لا يدركه البلى، ومنه ينبت الجسم فى النشأة الآخرة " منه يركّب الخلق يوم القيامة».
(4)
رواه البخارى ومسلم.