المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ لماذا كانت العقيدة واحدة وخالدة - العقائد الإسلامية

[سيد سابق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ الإسلام إيمان وعمل:

- ‌ مفهوم الإيمان والعقيدة

- ‌ وحدة العقيدة:

- ‌ لماذا كانت العقيدة واحدة وخالدة

- ‌ منهج الرسل فى غرس هذه العقيدة:

- ‌ الانحراف عن منهج الرسل وأثره:

- ‌معرفة الله

- ‌ وسيلة المعرفة:

- ‌ المعرفة عن طريق العقل:

- ‌ التقليد حجاب العقل:

- ‌ ميادين التفكير:

- ‌ غاية التفكير:

- ‌ المعرفة عن طريق معرفة الأسماء والصفات:

- ‌ اسم الله الأعظم:

- ‌الذات الإلهية

- ‌ العجز عن معرفة حقيقة الأشياء لا ينفى وجودها

- ‌ الطبيعة تؤكد وجود الخالق:

- ‌ الفطرة دليل وجود الله:

- ‌ دلالة الواقع والتجارب:

- ‌ التأييد الإلهى:

- ‌ شواهد النقل:

- ‌ لا سند للإلحاد:

- ‌صفات الله

- ‌ الصفات السلبية:

- ‌ بدء الخلق فى رأى علماء الشرع:

- ‌ الثالوث عقيدة وثنية:

- ‌ الصفات الثبوتية:

- ‌ صفات الذات وصفات الأفعال:

- ‌ صفات الله أعلام هادية:

- ‌حقيقة الإيمان وثمرته

- ‌ ثمار الإيمان:

- ‌القدر

- ‌ الله فاعل مختار:

- ‌ معنى القدر:

- ‌ وجوب الإيمان به:

- ‌ حكمة الإيمان بالقدر:

- ‌ حرية الإنسان:

- ‌ تقرير الإسلام حرية الإرادة:

- ‌ مشيئة الرب ومشيئة العبد:

- ‌ الهداية والإضلال:

- ‌الملائكة

- ‌ من هم الملائكة:

- ‌ مم خُلقوا

- ‌ طبيعتهم:

- ‌ تفاوتهم:

- ‌ عملهم:

- ‌عملهم فى عالم الأرواح

- ‌الجن

- ‌ من هم

- ‌ طريق العلم بهم:

- ‌ المادة التى خلقوا منها

- ‌ الجن مكلفون كالبشر:

- ‌ استماعهم القرآن من الرسول:

- ‌ تسخير الجن لسليمان

- ‌ إبليس والشياطين:

- ‌ كل إنسان معه شيطان

- ‌ الإعراض عن هداية الله يمكن للشيطان:

- ‌ التحذير من عداوة الشيطان:

- ‌ لا سلطان للشيطان على المؤمن:

- ‌ مقاومة الشيطان:

- ‌ حكمة خلق إبليس:

- ‌الكتب السماوية

- ‌ الكتب المدونة

- ‌ مزايا القرآن:

- ‌ تحريف التوراة:

- ‌ تحريف الإنجيل:

- ‌ تصديق القرآن للكتب السابقة:

- ‌ الطريق إلى الحقيقة:

- ‌الرسل

- ‌لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ}

- ‌الرسول بشر

- ‌ الرسول رجل:

- ‌ الغرض من بعثة الرسل:

- ‌ عصمة الأنبياء

- ‌ أولو العزم من الرسل:

- ‌ أفضل الرسل:

- ‌ ختم النبوة والرسالة:

- ‌ دلائل صدقه:

- ‌ التبشير بظهور خاتم الرُّسل:

- ‌ آيات الرسل:

- ‌ الفرق بين آيات الرسل وغيرها من الخوارق:

- ‌ الفرق بين المعجزة والكرامة:

- ‌ معجزة خاتم الأنبياء:

- ‌الروح

- ‌ العلم الحديث والمباحث الروحية:

- ‌ حدوث الروح:

- ‌ الروح والنفس:

- ‌ الروح بعد مفارقتها للجسد:

- ‌ السؤال فى القبر:

- ‌ مستقر الأرواح:

- ‌أشراط الساعة

- ‌ العلامات الصغرى:

- ‌ العلامات الكبرى:

- ‌ المهدى:

- ‌ خروج المسيح الدجال

- ‌اليوم الآخر

- ‌الإيمان باليوم الآخر

- ‌ لم يخلق الإنسان عبثًا:

- ‌ مفهوم اليوم الآخر:

- ‌ حكمة الاهتمام به:

- ‌ بداية اليوم الآخر:

- ‌ العلم الطبيعى واليوم الآخر:

- ‌ متى هو

- ‌ البعث:

- ‌ أدلة البعث:

- ‌ شبهة منكرى البعث:

- ‌ اختلاف الناس عند البعث:

- ‌ الشفاعة:

- ‌الحساب

- ‌ الحساب هو مقتضى العدل الإلهى:

- ‌ كيفية الحساب:

- ‌ كيفية إحصاء الأعمال وعرضها:

- ‌ العلم وتسجيل الأعمال:

- ‌ دقة الحساب:

- ‌ الله هو الذى يتولى الحساب:

- ‌ الحوض:

- ‌ الصراط:

- ‌الجنة والنار

- ‌ أهوال الجحيم:

- ‌ نسبة نار الدنيا إلى نار الآخرة:

- ‌ أهون الناس عذابًا:

- ‌ المؤمن لا يخلد فى النار:

- ‌ التخاطب بين أهل الجنة وأهل النار:

- ‌ آخر من يدخل الجنة، وآخر من يخرج من النار:

- ‌ الْجَنَّةِ

- ‌ نعيمها

- ‌ أعلى نعيم الجنة:

- ‌ الخلود:

- ‌خاتمة

الفصل: ‌ لماذا كانت العقيدة واحدة وخالدة

فهى عقيدة واحدة، لا تتبدل بتبدل الزمان أو المكان، ولا تتغير بتغير الأفراد أو الأقوام.

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (1).

وما شرعه الله لنا من الدين، ووصَّانا به - كما وصى رسله السابقين - هو أصول العقائد وقواعد الإيمان، لا فروع الدين، ولا شرائعه العملية؛ فإن لكل أمة من التشريعات العملية ما يتناسب مع ظروفها، وأحوالها، ومستواها الفكرى والروحى.

{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} (2)

*‌

‌ لماذا كانت العقيدة واحدة وخالدة

؟

وإنما جعل الله هذه العقيدة عامة للبشر، وخالدة على الدهر؛ لما لها من الأثر البيِّن، والنفع الظاهر فى حياة الأفراد والجماعات.

فالمعرفة بالله من شأنها أن تفجر المشاعر النبيلة، وتوقظ حواس الخير، وتربى ملكة المراقبة، وتبعث على طلب معالى الأمور وأشرافها، وتنأى بالمرء عن مُحَقَّرات الأعمال وسَفسافها.

والمعرفة بالملائكة تدعو إلى التشبه بهم والتعاون معهم على الحق والخير؛ كما تدعو إلى الوعى الكامل واليقظة التّامّة؛ فلا يصدر من الإنسان إلا ما هو حسن، ولا يتصرف إلا لغاية كريمة.

والمعرفة بالكتب الإلهية إنما هى عرفان بالمنهج الرشيد الذى رسمه الله للإنسان كى يصلَ بالسير عليه إلى كماله المادى والأدبى.

(1) سورة الشورى - الآية 13.

(2)

سورة المائدة - الآية 48.

ص: 9

والمعرفة بالرسل إنما يقصد بها ترسم خطاهم، والتخلق بأخلاقهم، والتأسى بهم، باعتبار أنهم يمثلون القيم الصالحة، والحياة النظيفة التى أرادها الله للناس.

والمعرفة باليوم الآخر هى أقوى باعث على فعل الخير، وترك الشر.

والمعرفة بالقدر تزود المرء بقوى وطاقات تتحدى كل العِقاب والصعاب، وتصغر دونها الأحداث الجسام.

وهكذا يبدو بجلاء أن العقيدة إنما يقصد بها تهذيب السلوك، وتزكية النفوس وتوجيهها نحو المثل الأعلى - فضلاً عن أنها حقائق ثابتة - وهى تعد من أعلى المعارف الإنسانية إن لم تكن أعلاها على الإطلاق.

وتهذيب سلوك الأفراد عن طريق غرس العقيدة الدينية هو أسلوب من أعظم الأساليب التربوية.

حيث إن للدين سلطانًا على القلوب والنفوس، وتأثيرًا على المشاعر والأحاسيس، ولا يكاد يدانيه فى سلطانه وتأثيره شىء آخر من الوسائل التى ابتكرها العلماء، والحكماء، ورجال التربية.

فغرس العقيدة فى النفوس، هو أمثل طريقة لإيجاد عناصر صالحة تستطيع أن تقوم بدورها كاملاً فى الحياة، وتُسهم بنصيب كبير فى تزويدها بما هو أنفع وأرشد.

إذ أن هذا اللون من التربية يُضفى على الحياة ثوب الجمال والكمال، ويظللها بظلال المحبة والسلام.

ومتى سادت المحبة ارتفعت الخصومة، وانقطع النزاع، وحل الوفاق محل الشقاق، وتقارب الناس، وتآلفوا، وسعى الفرد لخير الجماعة، وحرصت الجماعة على إصلاح الفرد وإسعاده.

ص: 10

ومن ثَمّ تظهر الحكمة واضحة من جعل الإيمان عامًا خالدًا، وفى أن الله لم يُخْل جيلاً من الأجيال، ولا أمة من الأمم، من رسول يدعو إلى هذا الإيمان وتعميق جذور هذه العقيدة.

وكثيرًا ما كانت تأتى هذه الدعوة بعد فساد الضمير الإنسانى، وبعد أن تتحطم كل القيم العليا، ويظهر أن الإنسان أشد ما يكون حاجة إلى معجزة تعيده إلى فطرته السليمة؛ ليصلح لعمارة الأرض، وليقوى على حمل أمانة الحياة.

إن هذه العقيدة هى الروح لكل فرد، بها يحيا الحياة الطيبة، وبفقدها يموت الموت الروحى، وهى النور الذى إذا عمى عنه الإنسان، ضل فى مسارب الحياة، وتاه فى أودية الضلال.

{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} (1).

إن العقيدة مصدر العواطف النبيلة، ومغرس المشاعر الطيبة، ومنبت الأحاسيس الشريفة؛ فما من فضيلة إلا تصدر عنها، ولا صالحة إلا ترد إليها.

والقرآن الكريم حينما يتحدث عن الصالحات، إنما يذكر العقيدة فى طليعة أعمال البر كأصلٍ تتفرع عنه، وكأساس تقوم عليه، يقول الله سبحانه:

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ

(1) سورة الأنعام - الآية 122.

ص: 11