الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن معرفة الله، هى أسمى المعارف وأجلها، وهى الأساس الذى تقوم عليه الحياة الروحية كلها.
فمنها تفرعت المعرفة بالأنبياء والرسل، وما يتصل بهم من حيث عصمتهم، ووظيفتهم، وصفاتهم، والحاجة إلى رسالاتهم، وما يلحق بذلك من المعجزة والولاية، والكرامة، والكتب السماوية.
وعنها تشعبت المعرفة بعالم ما وراء الطبيعة: من الملائكة والجن والروح.
وعنها انبثقت المعرفة بمصير هذه الحياة، وما تنتهى إليه من الحياة البرزخية، والحياة الأُخروية: من البعث، والحساب، والثواب، والعقاب، والجنة، والنار.
*
وسيلة المعرفة:
وللمعرفة بالله وسيلتان:
إحداهما: العقل والنظر فيما خلق الله من أشياء.
وثانيهما: معرفة أسماء الله وصفاته.
فبالعقل من جانب، وبمعرفة الأسماء والصفات من جانب آخر، يعرف الإنسان ربه، ويهتدى إليه.
ولْنُلْق ضوءًا على كل وسيلة من هاتين الوسيلتين:
*
المعرفة عن طريق العقل:
إن لكل عضو وظيفة، ووظيفة العقل، هى التأمل والنظر والتفكير، وإذا تعطلت هذه القوى بطل عمل العقل، وعطل من أهم وظائفه، وتبع ذلك
توقف نشاط الحياة .. مما يتسبب عنه الجمود والموت والفناء؛ والإسلام أراد للعقل أن ينهض من عقاله، ويفيق من سباته، فدعا إلى النظر والتفكير، وعَدّ ذلك من جوهر العبادة.
{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} (1).
{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} (2).
والذين يجحدون نعمة العقل، ولا يستعملونه فيما خلق من أجله، ويغفلون عن آيات الله .. هم موضع التحقير والازدراء، والله سبحانه يعتب عليهم فيقول:
{وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَاّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} (4).
وتعطيل العقل عن وظيفته يهبط بالإنسان إلى مستوى أقل من مستوى الحيوان، وهو الذى حال بين الأقدمين وبين النفود إلى الحقائق فى الأنفس وفى الآفاق؛ يقول الله سبحانه:
(1) سورة يونس - الآية 101.
(2)
سورة سبأ - الآية 46.
(3)
سورة يوسف - الآية 105.
(4)
سورة يس - الآية 46.
(5)
سورة الأعراف - الآية 179.