الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* نعيم الجنة فوق ما يتصوره العقل:
وهذا النعيم المذكور جاء على مثال ما هو معروف فى هذا العالم الأرضى، وإن كان أرقى منه نوعًا وشكلاً وطعمًا، وحقيقته فوق ما يتصوره البشر.
روى البخارى عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، اقرءوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (1)»
فنعيم الآخرة لا يشبهه شىء من نعيم الدنيا، فهو - وإن شابهه فى الاسم - مختلف عنه فى الصفة.
قال ابن عباس رضي الله عنه فى تفسير قوله عز وجل: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (2): لا يشبه شىء مما فى الجنة ما فى الدنيا إلا فى الأسماء.
*
أعلى نعيم الجنة:
وأعلى نعيم أهل الجنة هو رؤية الله عز وجل، ومناجاته، والفوز برضاه.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (3).
{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ *هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ
(1) سورة السجدة - الآية 17؛ وقرة العين: كناية عن السرور.
(2)
سورة البقرة - الآية 25.
(3)
سورة القيامة - الآية 22، 23.
عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ *لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ *سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} (1).
{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (2).
وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ يقولون: ألم تُبيّض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة؟ ألم تنجنا من النار؟» قال: «فيكشف (4) الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم» ، ثم تلا:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى (5) وَزِيَادَةٌ} (6).
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال: «إنكم سترون ربكم عيانًا كما ترون هذا القمر، لا تضامون (7) فى رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، فافعلوا» ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} (8).
وأما رؤية الله فى الدنيا، فلم تقع لأحد قط؛ وقد سأل موسى عليه السلام ربه
(1) سورة يس - الآية 55 - 58.
(2)
سورة التوبة - الآية 72.
(3)
سورة آل عمران - الآية 15.
(4)
فيكشف الحجاب عن أهل الجنة.
(5)
رواه مسلم وغيره؛ والحسنى: الجنة، والزيادة: هى الرؤية.
(6)
سورة يونس - الآية 26.
(7)
رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى؛ وتضامون: تشكون.
(8)
سورة طه - الآية 130.
قال:
وذهب ابن عباس رضي الله عنه وكثير من أهل العلم - إلى أن سيدنا محمد رأى ربه ليلة أُسْرى به.
قال ابن عباس فى قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) (الاسراء: من الآية60)} (2) هى رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسْرى به (3).
وكان الحسن يحلف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه، وأنكرت السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه.
فعن مسروق قال: قلت لعائشة عائشة رضي الله عنها: يا أمتاه، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ فقالت: لقد قَّفَّ شعرى مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدّثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت:{لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} (4)،
(1) سورة الأعراف - الآية 143.
(2)
سورة الإسراء - الآية 60.
(3)
رواه البخارى.
(4)
سورة الأنعام - الآية 103.