الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الثالوث عقيدة وثنية:
عقيدة النصارى أساسها الثالوث الأقدس: أى المركب من ثلاثة أقانيم (1) هى: الآب، والابن، وروح القدس .. وهى جواهر ثلاثة، وكل جوهر منها مستقل عن الآخر.
والثلاثة مع ذلك إله واحد .. قال أحد النصارى:
فهو الإله ابن الإله وروحه
…
فثلاثة هى واحد لم تقسم
والتثليث ليس خاصًا بالنصارى، جاء فى دائرة معارف القرن التاسع عشر الفرنسية قولها فى تحديد لفظة ثالوث إنه:" اتحاد ثلاثة اشخاص متميزة مكونة لإله واحد فى عقيدة الديانة النصرانية وبعض الديانات الأخرى، فيقال مثلاً: الثالوث النصرانى، والثالوث الهندى " انتهى.
قال المرحوم العلامة الأستاذ/ فريد وجدى: " نعم كان الثالوث موجودًا فى ديانة قدماء المصريين بالنسبة لآلهتهم الوطنية، وقد اندثرت تلك الديانة الآن ".
" والثالوث الهندى موجود للآن لدى الملايين من الناس فى الهند والصين، وهو أن البراهمة يعتقدون أن الخالق تجسد أولاً فى (برهما) ثم فى (فيشنو) ثم فى (سيفا)، ويصورونهم ملتصقين إشارة إلى هذا التجسد الثلاثى ".
" ويعتقد البوذيون أن الإله (فيشنو) الذى هو أحد أركان الثالوث الهندى تجسد مرارًا عديدة لتخليص العالم من الشرور والذنوب، وكان تجسده فى بوذا للمرة التاسعة " انتهى.
(1) أى أصول.
هذه العقيدة هى فى حقيقة أمرها وثنية، وأنها دخيلة على دين الله، فالله منزه عن أن يشبهه شىء، أو يشبه هو شيئًا آخر:
وذاته فوق متناول العقول:
{لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (1).
ولا يجوز أن تتركب ذاته المقدسة من أجزاء، أو تتحد بالأشياء، أو تحل فى خلق من المخلوقات:
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} (2).
وعقيدة التوحيد والتنزيه هى عقيدة جميع الأنبياء والرسل، حتى السيد المسيح نفسه، والذين يزعمون غير هذا من النصارى لا برهان لهم من العقل، ولا سند لهم من النقل، وإنما هى ظنون وأوهام طرأت عليهم من الديانات الوثنية القديمة.
قالت دائرة معارف القرن التاسع عشر عند كلمة ثالوث: " إن عقيدة الثالوث، وإن لم تكن موجودة فى العهد الجديد الإنجيل، ولا فى أعمال الآباء الرسوليين، ولا فى تلاميذهم الأقربين، إلا أن الكنيسة الكاثوليكية، والمذهب البروتستنتى الواقف مع التقليد، يزعمون أن عقيدة التثليث كانت مقبولة عند المسيحيين فى كل زمان رغمًا من أدلة التاريخ الذى يرينا كيف ظهرت هذه العقيدة، وكيف نمت، وكيف عَلِقت بها الكنيسة بعد ذلك .. نعم إن العادة فى التعميد كانت أن يذكر عليه اسم الآب، والابن، والروح القدس، ولكننا سنريك أن هذه الكلمات الثلاث كان لها مدلولات غير ما يفهمه عندنا الآن نصارى اليوم.
(1) سورة الأنعام - الآية 103.
(2)
سورة طه - الآية 110.
وإن تلاميذ المسيح الأولين الذى عرفوا شخصه، وسمعوا قوله، كانوا أبعد الناس عن اعتقاد أنه أحد الأركان الثلاثة المكونة لذات الخالق.
وما كان (بطرس) أحد حوارييه يعتبره إلا رجلاً موحى إليه من عند الله.
أما (بولس) فإنه خالف عقيدة التلاميذ الأقربين لـ (عيسى عليه السلام، وقال: إن المسيح أرقى من إنسان، وهو نموذج إنسان جديد، أى عقل سام متولد من الله، وكان موجودًا قبل أن يوجد هذا العالم، وقد تجسد هنا لتخليص الناس، ولكنه مع ذلك تابع للإله الآب ". صلى الله علية وسلم
ثم قالت دائرة المعارف بعد ذلك: " كان الشأن فى تلك العصور أن عقيدة إنسانية عيسى عليه السلام كانت عالية مدة تكون الكنيسة الأولى من اليهود المنتصرين.
فإن الناصريين (1)، والإثبيوتيين، وجميع الفرق النصرانية التى تكونت من اليهودية، اعتقدت بأن عيسى عليه السلام إنسان محض، مؤيد بالروح القدس، وما كان أحد إذ ذاك يتهمهم بأنهم مبتعدون أو ملحدون ".
قال (جوستين مارشير)(2): " إنه كان فى زمنه فى الكنيسة مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح، ويعتبرونه إنسانًا محضًا، وإن كان أرقى من غيره من الناس، وحدث بعد ذلك أنه كلما نما عدد من تنصر من الوثنيين ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل " انتهى كلام دائرة المعارف الفرنسية (3).
إن بطلان عقيدة التثليث واضح وضوح الشمس، ومع ذلك لا أدرى كيف يحرصون على ما هو باطل، ويتعصبون له تعصبًا أعمى، دون سند من التاريخ، أو حجة من المنطق؟!
(1) سكان مدينة الناصرة التى تسمى بها النصارى.
(2)
مؤرخ لاتينى فى القرن الثانى.
(3)
من كتاب " كنز العلوم واللغة ".
{فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (1).
{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} (2).
ومن المحاورات الطريفة:
أن بعض المسلمين قال لأحد القسوس: إن بعض الناس أخبرنى أن رئيس الملائكة قد مات، فقال له القسيس: إن ذلك كذب، لأن الملائكة خالدون لا يموتون، فقال له المسلم: وكيف؟ وأنت تقول الآن فى وعظك: إن الإله قد مات على خشبة الصليب، فكيف يموت الإله وتخلد الملائكة؟ .. فبهت القسيس ولم ينطق بكلمة، أو ينبس ببنت شفة.
وقال أحد الشعراء المسلمين:
عجبًا للمسيح بين النصارى
…
وإلى الله والدًا نسبوه
أسلموه إلى اليهود وقالوا
…
إنهم بعد قتله صلبوه
فلئن كان ما يقولون حقًا
…
فسلوهم فأين كان أبوه
فإن كان راضيًا بأذاهم
…
فاشكروهم لأجل ما صنعوه
وإذا كان ساخطًا غير راض
…
فاعبدوهم لأنهم غلبوه
ومن أحسن ما قيل فى ذلك، قول البوصيرى فى قصيدته:
جاء المسيح من الإله رسولا
…
فأبى أقل العالمين عقولا
أسمعتم أن الإله لحاجة
…
يتناول المشروب والمأكولا؟
وينام من تعب ويدعو ربه
…
ويرومُ من حر الهجير مقيلا
ويمسه الألم الذى لم يستطع
…
صرفًا له عنه ولا تحويلا
يا ليت شعرى حين مات بزعمهم
…
من كان بالتدبير عنه كفيلا
(1) سورة الحج - الآية 46.
(2)
سورة النور - الآية 40.