الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1078 - فصل في صرف الأجير الحجَّ إِلى نفسه
إِذا لزمه الحجُّ بالإِجارة، فتطوَّع به عن نفسه، صحَّ باتّفاق الأصحاب إِلَّا أبا محمَّد، فإِنَّه قال: ينصرفُ إِلى المستأجر، ولو أحرم عن المستأجر، ثمَّ صرف الحجَّ إِلى نفسه؛ ظانا جوازَ ذلك، وقع الحجُّ عن المستأجر، وفي استحقاقه الأجرةَ قولان يجريان فيما لو جحد الصبَّاغ الثوبَ، ثمَّ صبغه لنفسه، والأصحُّ استحقاقه، وكذلك الخلافُ فيمَن استُؤجر لتحصيل النَّيْل من معدن مملوك، وجُعلت أجرته ما يحصل من النَّيل، ففي استحقاقه الأجرة خلاف؛ لأنه قصد بعمله نفسَه.
* * *
1079 - فصل فيمن أوصى لمعيَّن أن يحجَّ عنه حجَّ الإِسلام
إِذا قال: أحِجُّوا عنِّي زيدًا حجَّ الإِسلام بمئة، فله أحوال:
الأولى: أن تكون المئة أقلَّ ما يوجد من أجرة المثل، ولا نجد من يتبرَّع بأقلَّ منها، فيجب صرفُها إِلى زيد.
الثانية: أن تكون المئة أجرةَ مثلِ زيدٍ (1)؛ لفضله ودينه، ونجد من يحجُّ بخمسين هي أجرة مثله، فالدين من المئة خمسون، فإن وفَّى الثلث بالخمسين الأخرى، ففي صرفها إِلى زيد وجهان:
أحدهما: نعم؛ تنفيذًا لغرض الميّت.
والثاني: لا؛ لأن زيدًا غيرُ متبرِّع عليه، فأشبه ما لو أوصى ببيع
(1) في "ح": "أجرة المثل لزيد".
داره من زيد.
وقال العراقيُّون: إِذا عيَّنه للحجِّ، ولم يذكر الأجرة، وكانت أجرة مثله مئة، ووجدنا من يحجُّ بخمسين، فالزيادة تبرُّع على المعيَّن؛ لأنَّه لمَّا أطلق جاز أن يحملَ على الاكتفاء بالخمسين، وإِذا ضُمَّ هذا إِلى ما ذكرناه، صار وجهًا ثالثًا في التفرقة بين إِطلاق الأجرة وتقييدها.
الثالثة: أن يكون زيدٌ وارثًا وأجرةُ مثله مئة، ويجد مَن أجرةُ مثله خمسون، فإِن لم نصرف الخمسين إِلى الأجنبيِّ، فالوارث أوْلى، وإِن صرفناها إِلى الأجنبيِّ، فالخمسون بالنسبة إِلى التركة كالوصية؛ لوقوع الكفاية بالخمسين، وهل تكون وصيَّة بالنسبة إِلى الوارث؛ فيه وجهان:
أحاهما: نعم؛ لأنَّها إِذا كانت وصيَّة بالنسبة إِلى التركة، فلتكن وصيَّة في غير ذلك من الأحكام.
والثاني: لا يكون وصيَّة بالنسبة إِليه؛ لأنَّ ما بذله من الحجِّ مُساوٍ للمئة، فلتنفذ في حقّ الورثة؛ فإِنَّه غير مُتبرَّع عليه.
الرابعة: أن تكونَ المئة أقلَّ ما يوجد من أجرة المثل، ويجد من يسامح، فله حالان:
الأولى: أن نجد من يسامح بالحجِّ بالخمسين، فالأصحُّ أنَّ الدين منحصر في الخمسين، وفي الخمسين الأخرى الخلاف، وقيل: المئة كلُّها دين؛ لأنَّ المورِّث قد كان لا يرضى بالتبرُّع عليه في الحياة، فكذلك بعد الممات.
الثانية: أن يجد مَنْ يحجُّ بغير أجرة، فالمئة كلُّها على الخلاف.