الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتفاوت بالرغبات (1).
* * *
1276 - فصل في موانع الردّ ومبطلاته
ويثبت الردُّ على الفور والبدار، فإِن رضي بالمعيب مع القدرة على الردِّ، أو قصَّر في الردِّ، أو سكت مع إِمكان التلفُّظ بالردِّ، بطل حقُّه، ولا أرش له.
واتّفقوا على أنَّ البائع لا يجبر على الأرش عند إِمكان الردِّ، وإِن تراضيا على الأرش فوجهان، وظاهر النصِّ المنعُ؛ فإِن أخذه على ظنِّ الجواز، فاسترجع منه، ففي عَوْدِ حقّه من الردِّ وجهان، وللردّ موانع:
الأول: هلاك المبيع، أو استيلاده، أو زوال ماليَّته بالعتق، مانع للردِّ موجبٌ للأرش، ولو دفع القيمة ليرجع إِليه الثمن لم يكن له ذلك اتّفاقًا، ويُعرف الأرش بأن يُقوَّم المبيع سليمًا ومعيبًا، ثم يُنظر ما بين القيمتين، ويُرجع بمثل نسبته إِلى القيمتين من الثمن، فإِن نقص عشر القيمة فالأرش عشر الثمن، وعلى هذه النسبة أبدًا، ولا أرش للخصاء إِن لم يُنقص القيمة؛ لأنَّ الأعراض لا تتقوم.
المانع الثاني: زوال الملك بجهة لا ردَّ فيها، إِذا لم يعرف العيب حتى زال مِلْكُه (2) بجهة لا ردَّ فيها - كالهبة - ثمَّ عاد، ففي ثبوت الردِّ وجهان، فإِن
(1) من قوله: "واعتياد" إلى هنا من "ل" و"ح"، وقد تقدم موضعه في "م"، كما أشرنا إليه.
(2)
في "ل": "الملك".
قلنا: لا يثبت، رجع بالأرش سواءٌ اطَّلع قبل العود أو بعده، وإِن أثبتنا الردَّ فله الردُّ بعد العود، وفي مطالبته بالأرش قبل العود وجهان يجريان ما دام العَوْد ممكنًا، والمحقِّقون على الإِثبات.
ولو باع عبدًا بجارية وتقابَضَا، ثمَّ تلف العبد أو أعتق أو زال الملك فيه بهبةٍ لازمةٍ، ثم ظهر على عيب في الجارية، ردَّها، ورجع بقيمة العبد؛ لأنّ الملك فيها لم يزل، وإِن وهب العبد، فرجع إِليه بهبة، ثمّ ردت عليه الجارية، فهل يرجع عليه بالعبد أو بقيمته؟ فيه طريقان:
إحداهما: يرجع به.
والثانية: فيه الوجهان؛ لأنَّ المسترَدَّ ليس بمقصود، بخلاف المردود.
المانع الثالث: زوال الملك بجهةٍ تُثبت الردَّ، كالبيع وغيره.
إِذا باع ما اشتراه، فاطَّلع الثاني على عيبه، فله أحوال:
الأولى: أن يردَّه، فيردَّه المشتري الأوَّلُ على البائع الأوَّل: يجوز بالاتِّفاق؛ لأنّ الفسخ يردُّ الملك السابق.
الثانية: أن يرضى بعيبه، فيبطل ردُّه، وفي رجوع المشتري الأوَّل بالأرش على البائع قولان؛ أظهرُهما وأشهرهما: أنّه لا يرجع، وأميلُهما إِلى القياس: أنَّه يرجع.
الثالثة: ألا يعرف العيب، ولا يرضى به، ففي رجوع الأوَّل بالأرش خلاف.
الرابعة: أن يعتقَه ويرجع بأرش العيب، فيرجع الأول بالأرش بلا خلاف.
الخامسة: أن يبيعه من المشتري الأوَّل، ثم يطَّلع على العيب، فللمشتري الأوَّل حالان:
إحداهما: أن يردَّه على المشتري الثاني، ثم يردَّه المشتري الثاني عليه، ثمَّ يردَّه على البائع الأوَّل، فيجوز ذلك؛ لأنَّ الجهات قد ارتفعت بالفسوخ.
الثانية: أن يردَّه على البائع الأوَّل، فهل له ذلك؟ فيه وجهان مرتَّبان على العود بجهةٍ لا ردَّ فيها، وهاهنا أولى بالمنع؛ لأنَّ ردَّه بأقرب الجهات ممكن، بخلاف الهبة؛ إِذ لا يمكن ردُّها على الواهب.
السادسة: أن يبيعه من المشتري الأوَّل، فهذا مبنيٌّ على الخلاف في ترويج العيب، وفي الردِّ بجهة لا ردَّ فيها.
المانع الرابع: التعيُّب في يد المشتري: إِذا تعيَّب في يد المشتري بسبب في يد المشتري لم يلزم البائع قبوله بغير أرش، وإِن رضي بقبوله مجَّانًا جاز، ولا أرش للمشتري، وإِن تراضيا على الأرش جاز، بخلاف ما لو بقي المبيع بحاله، ولا يسقط حقُّ المشتري من الردِّ والأرش؛ فإِن تراضيا بالردِّ مع أرش العيب الحادث، أو بالإِمضاء مع أرش العيب القديم، جاز.
وإِن بذل البائع أرش العيب القديم، وبذل المشتري أرش العيب الحادث، أو طالب البائعُ بأرش الحادث، وطالب المشتري بأرش القديم، فأيُّهما يجاب؟ فيه ثلاثة أوجه؛ الثالث: أنَّه لا يُجاب مَن يَطلب الردَّ وضمَّ الأرش؛ لأنَّه إِدخال شيء جديد في حكم العقد، بخلاف أرش العيب القديم، فإِنَّه من مقتضيات العقد، وصاحب هذا الوجه يقول: إِذا تراضيا بالردِّ مع أرش الحادث كان ذلك مقايلةً.