الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرتهن وجهان مرتَبان، وأَولى بالمراجعة؛ لأنَّ الإِجبار ثَمَّ أوهنَ حقَّه، فلم يراجع، بخلاف قسمة الاختيار.
* * *
1556 - فصل فيمن أقرَّ أنَّه رهن من رجل ثم من آخر
إِذا رهن عبده من زيد، ولم يُقبضه، ثمَّ رهنه من عمرو، وأقبضه، لزم الثاني، وانفسخ الأوَّل.
وإِن أقرَّ أنَّه رهنه من زيد، ولم يتعرَّض للقبض، ثم أقرَّ بأنَّه رهن من عمرو، وأقبض، سلَّم الرهن إِلى عمرو.
وإِن أقرَّ لهما متعاقبين بالرهن والإِقباض، سلَّم إِلى الأوَّل، وهل يَغْرمُ للثاني قيمة الحيلولة؟ فيه قولان.
وإِن قال: رهنتُ من زيد، وأقبضتُه بعدما كنتُ رهنتُ من عمرو وأقبضتُه، فإلى أيِّهما يسلَّم؟ فيه قولان مأخذهما: أنَّ الاعتبار بأوّل الكلام أو بآخره.
* * *
1557 - فصل فيمن أقرَّ لرجلين بالرهن والإقباض
إِذا ادَّعى كلُّ واحد من رجلين على شخص أنَّه رهنه عبده وأقبضه، ثمّ انتزعه وسلَّمه إِلى صاحبه، ولم تكن بيِّنةٌ، فللرهن أحوال:
الأولى: أن يكون بيد المالك أو نائبه، فإِن كذَّبهما صدِّق بيمينه، وإِن صدَّق أحدهما، وكذَّب الآخر، سلِّم الرهن إِلى المصدَّق، وفي تحليفه
للآخر قولان مأخذُهما قولا غرم الحيلولة، فإِن قلنا: يغرم القيمة، حلف، وإِلا فلا، فإِن قلنا: يحلف، فحلف، لم يغرم، وإِن نكل رُدَّت اليمين على المدَّعي، فإِن نكل فلا غرم، وإِن حلف وجب الغرم، وقيل: إِن جعلنا يمين الردَّ كالبينة سلِّم الرهن إِلى الحالف، وفي التغريم للمصدِّق طريقان:
إحداهما: لا يجب؛ لأنَّ النُّكول لا يشبه الإِقرار.
والثانية: فيه القولان، وهذه طريقةٌ في غاية الضعف؛ لأنَّ يمين الردِّ إِنَّما يُجعل كالبيِّنة في حقِّ المتداعيين خاصَّةً.
وإِن صدَّقهما فيما ادَّعياه، وقال: لا أعرف السابق؛ فإِن اعترفا بجهله بالسبق فلا خصومةَ لهما معه، ويبقى النزاع بينهما، ولكلِّ واحد تحليفُ صاحبه، فإِن حلف أحدهما، ونكل الآخر، قُضي للحالف، وإِن تحالفا، أو تناكلا، انفسخ الرهن عند الأصحاب؛ لتعذُّر إِمضائه، وخرَّجه أبو محمَّد على اختلاف المتبايعين في الفسخ والانفساخ، وفي نفوذه في الظاهر والباطن، وفيمن يتولَّاه، وطَرَدَ هذا في كلِّ عقد يفسخ بسبب الإِشكال.
وقال الإِمام: إِن قلنا بالفسخ، فلا يتولَّاه إِلا الحاكم.
وإِن ادَّعيا أنَّ الراهن عالمٌ بالسابق منهما، صُدِّق بيمينه أنَّه لا يعلم، فإِن نكل في حقِّهما فهو كاعترافهما بجهله، فيبقى النزاع بينهما، وإِن حلف لهما على نفي العلم فثلاثة أوجه:
أحدها: الفسخ أو الانفساخ.
والثاني: يقسم بينهما نصفين، وهو بعيد؛ إِذ العقد لا يقبل الانقسام، وخرَّجه القاضي على ما إِذا نكل في حقِّهما؛ إِذ لا فارق.
والثالث، وهو الأصحُّ: أنَّهما يتنازعان إِذا حلف، فإِن حلف أحدهما، ونكل الآخر، قُضي للحالف، وإِن تحالفا، أو تناكلا، فالفسخ أو الانفساخ أو القسمة.
وإِن أقرَّ بسبق أحدهما قُبل، وفي حلفه للآخر القولان، فإِن قلنا: يحلف، فحلف، انقطع الخصام، وإِن نكل رُدَّت اليمين على خصمه، فإِن حلف انقطع الخصام، وإن نكل فثلاثة طرق:
أصحُّها: غرم القيمة للحالف.
والثانية: فيه وجهان: أحدهما: الانفساخ. والثاني: الاقتسام.
والثالثة: تجب القيمة إِن جُعلت يمين الردِّ كالإِقرار، وإن جُعلت كالبيِّنة سلِّم الرهن إِلى الحالف، وبطل الإِقرار.
الثانية (1): أن يكون الرهن في يد أحدهما، فإِن صدَّقه أُقرَّ في يده، وإِن صدَّق الخارج، واعترف بجريان الرهنين، ففي ترجيح اليد على الإِقرار قولان، أصحُّهما: أنَّها لا ترجَّح، فنسلِّم الرهن إِلى المقَرِّ له بالسبق، واختار المزنيُّ الترجيح، فإِن قلنا بالترجيح فلابدَّ من يمين صاحب اليد.
الثالثة: أن يكون بأيديهما، فإِن صدَّق أحدهما أُقرَّ في يده إِن رجَّحنا الإِقرار، وإِن رجَّحنا اليدَ جُعل بينهما نصفين، ولا يجري الخلاف في الترجيح باليد إِلا عند الاعتراف بوقوع الرهنين، ولا نعرف خلافًا: أن ذا اليد إِذا ادَّعى على المالك الرهنَ والإِقباض، فأكذبه في الرهن، أنَّ القول قول المالك.
(1) تقدمت الأولى في أول هذا الفصل.