الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَقِلَّةِ الْأَدَبِ بِخِلَافِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ فَإِنَّهُ كُفْرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَكْذِيبِ السَّمْعِ الْقَاطِعِ
. (الْقِسْمُ الرَّابِعُ) مِنْ الْمُحَرَّمِ الَّذِي لَيْسَ بِكُفْرٍ أَنْ يَسْأَلَ الدَّاعِي مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ثُبُوتَ أَمْرٍ دَلَّ السَّمْعُ عَلَى ثُبُوتِهِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي جَعَلَ اللَّهُ مَوْتَ مَنْ مَاتَ لَك مِنْ أَوْلَادِك حِجَابًا مِنْ النَّارِ، وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَلَى أَنَّ «مَنْ مَاتَ لَهُ اثْنَانِ مِنْ الْوَلَدِ كَانَا حِجَابًا لَهُ مِنْ النَّارِ» فَيَكُونُ هَذَا الدُّعَاءُ مَعْصِيَةً، فَإِنْ قُلْت قَدْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَدْعُوَ لَهُ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْته إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ الْوَسِيلَةَ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ لِعَبْدٍ صَالِحٍ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ إيَّاهُ وَأَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ الشَّفَاعَةُ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أُعْطِيهَا فَيَلْزَمُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إمَّا إبَاحَةُ الدُّعَاءِ بِمَا هُوَ ثَابِتٌ وَإِمَّا الْإِشْكَالُ عَلَى الْإِخْبَارِ عَلَى كَوْنِهِ عليه السلام أُعْطِيهَا قُلْت ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُعْلِمَ أَنَّهُ أُعْطِيَ هَذِهِ الْأُمُورَ مَرْتَبَةً عَلَى دُعَائِنَا وَأُعْلِمَ أَنَّ دُعَاءَنَا يُحَصِّلُ لَهُ ذَلِكَ فَحَسُنَ أَمْرُنَا بِالدُّعَاءِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ الْمُحَرَّمِ الَّذِي لَيْسَ بِكُفْرٍ أَنْ يَسْأَلَ الدَّاعِي مِنْ اللَّهِ ثُبُوتَ أَمْرٍ دَلَّ السَّمْعُ عَلَى ثُبُوتِهِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي جَعَلَ اللَّهُ مَوْتَ مَنْ مَاتَ لَك مِنْ أَوْلَادِك حِجَابًا مِنْ النَّارِ، وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَلَى أَنَّ «مَنْ مَاتَ لَهُ اثْنَانِ مِنْ الْوَلَدِ كَانَا حِجَابًا لَهُ مِنْ النَّارِ» فَيَكُونُ هَذَا الدُّعَاءُ مَعْصِيَةً قَالَ، فَإِنْ قُلْت أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَدْعُوَ لَهُ بِقَوْلِنَا اللَّهُمَّ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْته إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّ الْوَسِيلَةَ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ لِعَبْدٍ صَالِحٍ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ إيَّاهُ وَأَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ الشَّفَاعَةُ» ، وَقَدْ أَخْبَرْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أُعْطِيهَا فَيَلْزَمُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إمَّا إبَاحَةُ الدُّعَاءِ بِمَا هُوَ ثَابِتٌ وَإِمَّا الْإِشْكَالُ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ كَوْنِهِ عليه الصلاة والسلام أُعْطِيهَا قُلْت ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُعْلِمَ أَنَّهُ أُعْطِيَ هَذِهِ الْأُمُورَ مُرَتَّبَةً عَلَى دُعَائِنَا وَأُعْلِمَ أَنَّ دُعَاءَنَا يُحَصِّلُ لَهُ ذَلِكَ فَحَسُنَ أَمْرُنَا بِالدُّعَاءِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
رَأَيْت كَأَنَّ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْشَقَّ فَأَقْبَلَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَالنَّبِيُّ عليه السلام يَرُدُّ بِأَحْسَنَ رَدٍّ قَالَ سُفْيَانُ: فَأَتَى بِك - وَاَللَّهِ أَعْرِفُك فِي مَنَامِي كَمَا أَعْرِفُك فِي يَقَظَتِي - فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْك السَّلَامَ ثُمَّ رَمَى فِي حِجْرِك بِخَاتَمٍ نَزَعَهُ مِنْ أُصْبُعِهِ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا أَعْطَاك رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَكَى مَالِكٌ بُكَاءً شَدِيدًا قَالَ سُفْيَانُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ قَالُوا لَهُ أَخَارِجٌ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ فَوَدَّعَهُ مَالِكٌ وَخَرَجَ.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ تَقْبِيلُ الْيَدِ]
(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)
تَقْبِيلُ الْيَدِ وَالرَّأْسِ مِمَّنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ وَتُقْصَدُ مَوَدَّتُهُ لِدَاعٍ مَشْرُوعٍ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَإِقْرَارُهُ وَعَمَلُ السَّلَفِ وَالْقِيَاسُ الْجَلِيُّ أَمَّا الْفِعْلُ وَالْإِقْرَارُ وَعَمَلُ السَّلَفِ فَفِي مَا خَرَّجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «مَا رَأَيْت أَحَدًا أَشْبَهَ كَلَامًا وَحَدِيثًا مِنْ فَاطِمَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ رَحَّبَ بِهَا وَقَامَ إلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ وَكَانَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا رَحَّبَتْ بِهِ وَقَامَتْ وَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهَا» كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ «سَأَلَتْ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ التِّسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُمْ: لَا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى السُّلْطَانِ لِيَقْتُلَهُ، وَلَا تَسْحَرُوا، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً، وَلَا تُوَلُّوا الْفِرَارَ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعَلَيْكُمْ - خَاصَّةَ الْيَهُودِ - أَنْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ فَقَامُوا فَقَبَّلُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالُوا: نَشْهَدُ إنَّكَ نَبِيٌّ. قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتْبَعُونِي، قَالُوا: إنَّ دَاوُد عليه السلام دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ وَإِنَّا نَخَافُ إنْ اتَّبَعْنَاك أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَتَقْبِيلُ الْيَهُودِ لِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ عليه السلام وَلَمْ يُنْكِرْهُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ قَبَّلَ سَالِمًا وَقَالَ شَيْخٌ يُقَبِّلُ شَيْخًا قَالَ: فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ «وَقَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ فَأَتَاهُ فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَامَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُرْيَانًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاَللَّهِ مَا رَأَيْته عُرْيَانًا قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَقَبَّلَ عليه السلام جَعْفَرًا حِينَ قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ قَالَ وَأَمَّا فِي الْفَمِ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ فَلَا رُخْصَةَ فِيهَا بِوَجْهٍ اهـ وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ فَهُوَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ «تَقْبِيلُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْمِحْجَنِ» الَّذِي مَسَّ بِهِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فَيَدُ وَرَأْسُ مَنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ أَوْ تُقْصَدُ مَوَدَّتُهُ لِدَاعٍ أَوْلَى بِالتَّقْبِيلِ فَمِنْ هُنَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَدِمَ الرَّجُلُ مِنْ سَفَرِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُقَبِّلَهُ ابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ خَدَّ ابْنَتِهِ، وَكُرِهَ أَنْ تُقَبِّلَهُ خَتَنَتُهُ وَمُعْتَقَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ رَأْسَ أَبِيهِ، وَلَا يُقَبِّلُ خَدَّ أَبِيهِ