الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله [فلما توفيتني] أي قبضتني إليك ورفعتني عنهم، فلا دلالة (1) فيه على الموت. قوله [منذ فارقتهم] هذه الكلمة تعين المراد بهم أنهم الذين قاتلهم (2) أبو بكر رضي الله تعالى عنه حين ارتدوا بوفاته صلى الله عليه وسلم.
[من سورة الحج]
[فأنشأ المسلمون يبكون] وكان قد نزل بهم بأس كما ورد (3) في
(1) كما هو مبسوط في المختصرات والمطولات المشتهرات المؤلفات في هذا الزمان، احتاجوا إلى تأليفها رداً على الفرقة المبتدعة الضالة القاديانية المنكرة لختم نبوة خاتم النبين عليه أفضل الصلوات والتسليم المدعية لنبوة رئيسهم الداخل في جملة ثلاثين دجالين كذابين الذين أخبر بهم النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
وبذلك جزم قبيصة إذ قال: هم الذين ارتدوا على عهد أبي بكر فقاتلهم أبو بكر حتى قتلوا وماتوا على الكفر، هكذا الفربري تلميد البخاري. قال الحافظ: وقد وصل الاسماعيلي من وجه آخر عن قبيصه، ثم قال الحافظ بعد ذكر الأقوال العديدة المختلفة في ذلك: ورجح عياض والباجي وغيرهما ما قال قبيصه راوى الخبر، ولا يلزم من معرفته لهم أن يكون عليهم السيما لأنها كرامة يظهر بها عمل المسلم، والمرتد قد حبط عمله، فقد يكون عرفهم بسيما هم لا بصفتهم باعتبار ما كانوا عليه قبل ارتدادهم، ولا يبعد أن يدخل في ذلك أيضا من كان في زمنه من المنافقين، وورد في حديث الشفاعة: تبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فدل على أنهم يحشرون مع المؤمنين فيعرف أعيانهم ولو لم تكن لهم تلك السيما، فمن عرف صورته ناداه مستصحبا لحالة التي فارقه عليها في الدنيا، انتهى.
(3)
من قوله؟ ؟ ؟ القوم إلخ وفي الدر برواية ابن مردوية عن ابن عباس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرة في غزوة نبي المصطلق إذ أنزل الله، الحديث. وفيه: فبكى المسلمون بكاء شديداً ودخل عليهم أمر شديد، وفي رواية البخاري من حديث أبى سعيد: اشتد ذلك عليهم، قال الحافظ: وفي رواية شيبان عن قتادة عند ابن مردوية: أبلسوا، انتهى. وما وقع من غزوة بني المصطلق كذا حكاه الحافظ من= =حديث ابن الكلبي عن ابن عباس، ومثله في مرسل مجاهد عن الخطيب في المبهمات، وحكى من حديث ابن مسعود عند الاسماعيلي أن القصة وقعت وهو صلى الله عليه وسلم في قبته بمنى، وجمع بينهما بالتعدد، قال: ثم ظهر لي أن القصة واحدة، وقول من قال: كان ذلك في غزوة بني المصطلق واه، والصحيح ما في حديث ابن مسعود أن ذلك كان بمنى، انتهى. ثم لا يذهب عليك أن في الحديث الآتي من قوله {فيش} كتب في النسخ التي بأيدينا من الهندية والمصرية بالمثناة التحتية بعد الفاء ثم همزة ثم سين مهملة، من اليأس بمعنى القنوط، وذكر الحديث السيوطي في الدر برواية الترمذي وابن جرير وابن مردوية بلفظ {فتعبس} ، قال المجد: عبس وجهه كلح، وتعبس تجهم، وقال الحافظ في الفتح: وفي حديث عمران عند الترمذي من رواية قتادة عن الحسن {فنبس القوم} بضم النون وكسر الموحدة بعدها مهملة، معناه تكلم فأسرع، وأكثر ما يستعمل في النفي، انتهى. وفي نفع القوت:{فبئس} بموحدة فهمزة فسين ككرم وسمع: سكتوا حزناً، انتهى.
قلت: وأخرجه الحاكم بلفظ: قال فأبلسوا حتى ما أوضحوا بضاحكة، انتهى.
الزواية الآتية، فدفعة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: فإنها لم تكن نبوة إلا كانت إلخ. وراعي مرتبة الخوف في ذلك أيضاً بقوله: سددوا وقاربوا.
قوله [ولا أدرى قال الثلثين إلخ] وقد ورد (1) في الرواية الأخرى حيث ذكر أنهم مائة وعشرون صفاً: ثمانون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأربعون من غيرهم.
قوله [فتفاوت بين أصحابه في السير] فاعله هو (2) السير أو كلمة (بين).
(1) أخرج البخاري من حديث ابن مسعود قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في قبة فقال: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكون شطر أهل الجنة؟ قلنا: نعم، قال: أرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة، الحديث قال الحافظ: وفي رواية أبي الأحوص وإسرائيل: فقال: والذي نفس محمد بيده، وقال نصف بدل شطر زاد الكلى عن ابن عباس: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة بل أرجو أن تكونوا ثلثى أهل الجنة، ولا تصح هذه الزيادة لأن الكلبي ضعيف، لكن أخرج أحمد وابن أبى حاتم: لما نزلت {ثلثه من الأولين وقليل من الآخرين} شق ذلك على الصحابة فنزلت {ثلثه من الأولين وثلثه من الآخرين} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، بل ثلث أهل الجنة، بل أنتم نصف أهل الجنة، وتقاسمونهم في النصف الثاني، وأخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ: أنتم ربع أهل الجنة، أنتم ثلث أهل الجنة، أنتم نصف أهل الجنة، أنتم ثلثا أهل الجنة، وأخرج أحمد والترمذي وصححه من حديث بريده رفعه: أهل الجنة عشرون ومائة صف، أمتي منها ثمانون صفاً، وله شاهد من حديث ابن مسعود بنحوه واتم منه، وهذا يوافق رواية الكلبي، فكأنه صلى الله عليه وسلم لما رجا رحمة ربه أن تكون أمته نصف أهل الجنة أعطاه ما ارتجاه وزاده، قال تعالى:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} انتهى.
(2)
وعلى هذا فتكون لفظة (في) زائدة كما قالوا في جار فعل التعجب، وفي قوله تعالى:{وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} .
إلا أنها للزوم الظرفية لها ترك نصبها على حالها كما في قوله تعالى: «لقد تقطع بينكم» (1). قوله [وعرفوا أنه عند قول إلخ] أي مشرف له وقاصد له ومقارب بأن يقوله.
وقوله [وبني إبليس] المراد بهم مردة الإنس وعصاتهم، نسبوا إليه لسكونهم معاملين به معاملة الأبناء بالآباء، وليس على حقيقته لأن قضية بنى الجان ليس إلى آدم عليه السلام (2).
قوله [لم يظهر عليه جبار] أي ذو جبر يليه (3) فيهتك حرمته ويهدمه إهانة
(1) ففي جامع البيان: يقرأ بالنصب، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هو ظرف لتقطع والفاعل مضمر، أي تقطع الوصل بينكم ودل عليه شركاء، والثاني هو وصف لمحذوف، أي لقد تقطع شتى بينكم أو وصل، الثالث أن هذا المنصوب في رفع وهو معرب، جاز ذلك حملًا على أكثر أحوال الظرف، وهو قول الأخفش، ويقرأ بالرفع على أنه فاعل والبين هاهنا الوصل وهو من الأضداد، انتهى. وعلى هذا فيحتمل الحديث أيضاً عدة أوجه لا تخفي، ولفظ الحاكم: قد فارت بين أصحابه السير الحديث، بدون لفظ (في) على السير.
(2)
وذلك لما روى الطبري وابن أبي حاتم من طريق أبي الزناد موقوفاً قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، قال الله تعالى لمؤمني الجن وسائر الأمم من غير الإنس: كونوا تراباً، فحينئذ يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً، فعلم أن أمرهم يكون بعد الفراغ من الإنس، وأيضاً فلا= =تعلق هم آدم عليه السلام لا من حيث الأبوة، فإن الإنسان خلق من صلصال وهم من نار، ولا من حيث النبوة، كما بسط الحافظ في بدء الخلق.
(3)
وبه جزم أهل التفسير تحت قوله عز اسمه: «رب اجعل هذا بلداً آمناً» سيما شيخ مشايخنا الشاه عبد العزيز في تفسيره، وكذا صاحب البحر المحيط تحت قوله تعالى:«فيه آيات بينات مقام إبراهيم» .