الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله [وما هما في القوم يومئذ] إنما قال ذلك لأنهما لو كانا في القوم فعسى أن يتوسهم استنباط إيمانهما به بتعرف ذلك من وجههما وبشرتهما.
[مناقب عمر]
قوله [على نحو ما قال عمر] وليس فيه فضيلة (1) له على الخليفة الأول، أفتراه فضل بذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فالجواب الجواب، وكان الوجه في موافقة
(1) احتاج الشيخ إلى أمثال هذه التوجيهات لما تقدم من إجماع الصحابة وأتباعهم على أن أفضلهم أبو بكر، ثم عمر، فيوجه ما يظهر به خلافه لا سيما في حديث الباب، فإن مراد ابن عمر لو كان تفضيله على أبي بكر يخالفه حديثه الذي هو أصح من ذلك، وهو ما في البخاري عن ابن عمر قال: كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنخير أبا بكر ثم عمر، الحديث. قال الحافظ: وفي رواية: لا نعدل بأبي بكر أحدًا ثم عمر، الحديث. ولأبي داود: كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر، ثم عمر، الحديث. زاد الطبراني: فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره، ثم بسط الكلام إلى أن قال: ومنهم من قال: أفضلهم عمر مطلقًا متمسكًا بحديث المنام الذي فيه في حق أبي بكر: في نزعه ضعف. وهو تمسك واه، انتهى. وقال أيضًا في موضع آخر: فالمقطوع به بين أهل السنة أفضلية أبي بكر ثم عمر، ثم اختلفوا فيمن بعدهما، فالجمهور على تقديم عثمان، وعن مالك التوقف، والمسألة اجتهادية، انتهى. وفي التدريب عن القاضي عياض: رجع مالك عن التوقف إلى تفضيل عثمان، قال القرطبي: هو الأصح، انتهى.
أبي بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم في أمثال تلك المواضع (1) ماله من مناسبة به عليه الصلاة والسلام.
قوله [رجل خير من عمر] وذلك (2) في زمن خلافته وإلا لزم فضيلته
(1) أي التي تسمى بموافقات عمر، وقد وصلها بعضهم إلى أكثر من عشرين، ذكرها صاحب الجمل والسيوطي في تاريخ الخلفاء.
(2)
قال القاري: هو إما محمول على أيام خلافته أو مقيد ببعد أبي بكر، أو المراد في باب العدالة أو في طريق السياسة ونحو ذلك جمعًا بين الألفاظ الواردة في السنة، قال الطيبي: جواب قسم محذوف وقع جوابًا للشرط على سبيل الأخبار، كأنه أنكر عليه قوله: يا خير الناس، لقوله: ما طلعت الشمس إلخ، انتهى. وقال أيضًا بعد قول الترمذي: حديث غريب، قيل: نقل في الميزان عن أهل الحديث تضعيفه، أقول: ويقويه ما في الجامع من أن قوله: ما طلعت الشمس رواه الترمذي والحاكم عن أبي بكر مرفوعًا، وقد أخرج البغوي في الفضائل عن ثابت بن الحجاج قال: خطب عمر ابنة أبي سفيان فأبوا أن يزوجوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين لابتي المدينة خير من عمر، ولا شك أن المراد بعده صلى الله عليه وسلم للإجماع وبعد أبي بكر، انتهى. قلت: لا شك أن حديث الباب أخرجه الحاكم في المستدرك برواية بشر بن معاذ عن عبد الله بن داود، وقال في آخره: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، لكن لم يقره عليه الذهبي، بل قال: عبد الله ضعفوه، وعبد الرحمن متكلم فيه، والحديث شبه موضوع، انتهى. وقال أيضًا في الميزان في ترجمة عبد الله بن داود: وتكلم فيه ابن حبان وابن عدي في ترجمته عن عبد الرحمن، فذكر حديث الباب، وقال: هذا كذب، وقال الحافظ في التقريب: عبد الرحمن القرشي التيمي ابن أخي محمد بن المنكدر مجهول، وقال في التهذيب: قال العقيلي: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، انتهى.
عليه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، ومن خص الأول فله أن يخص الثاني بدليل التخصيص.
قوله [لو كان نبي بعدي إلخ] ولا تخصيص فيه له (1)، بل لو كان بعده صلى الله عليه وسلم نبي لكان أولاهم بالتخصيص وأحقهم بالنبوة أبا بكر في زمان خلافته، ثم عمر في أيامه، ثم عثمان، ثم على، إلى غير ذلك، ولا يدل الحديث على تخصيص عمر بالنبوة (2).
قوله [فأعطيت فضلي إلخ] ولا يلزم بذلك فضل له عليه، ولعله شرب (3) قبله شيئًا كثيرًا منه، وإن لم يره النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يذكره. قوله [بم سبقتني إلى الجنة] وكان سبقه عليه سبق النقيب على أميره أو الخادم على مخدومه لما فيه مصلحة، أو صاحب السراج على من خلفه لا لكرامة لهؤلاء على هؤلاء، بل لموجب أوجب
(1) كما يؤمى إليه قوله صلى الله عليه وسلم لعلى: أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، قال القاري تحت حديث على هذا: فيه إيماء إلى أنه لو كان بعده نبي لكان عليًا. وهو لا ينافي ما ورد في حق عمر صريحًا، لأن الحكم فرضي وتقديري، فكأنه قال: لو تصور بعدي نبي لكان جماعة من أصحابي أنبياء ولكن لا نبي بعدي، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لو عاش إبراهيم لكان نبيًا، انتهى.
(2)
نفى الخصيصة بمعنى نفي نبوة الغير. وإلا فظاهر أن الحديث ورد مورد المنقبة والفضيلة الدالة على الخصوصية.
(3)
أي قبل الصديق الأكبر، وهذا إذا أريد بالعلم علم الحقائق، وأما إذا أريد علم السياسة عامة الشراح فلا حاجة إلى التوجيه، فإن الفضل الجزئي لعمر حاصل، قال القاري:(ثم أعطيت فضلي) أي سوري الكثير الخالص (عمر بن الخطاب) فلا ينافي أن سوره حصل للصديق فإنه كان قليلاً جدًا، ولا أن سورة لعثمان وعلي أيضًا وصل، فإنه لهما لم يكن صافيًا، وتقدم البسط في ذلك في هامش أبواب الرؤيا.
ذلك وهماهما (1).
قوله [ورأيت أن لله على ركعتين] أي بحسب العمل دون الاعتقاد، وبذلك يظهر الفرق بين التزام المندوب من الطاعات وهو حسن، وبين إيجاب (2) ما لم يجب وهو حرام وبدعة، فعليك بتأمل صادق.
قوله [إن الشيطان ليخاف منك إلخ] أي لما كان الشيطان يخاف منك فكيف لا تخاف هذه الجارية، ولا يحتاج إلى ما تكلفوه (3) في توجيه ذلك.
(1) الضميران للمخدوم ومن له السراج، وهما هما من قبيل شعري شعري، وقيل: الضميران للنبي صلى الله عليه وسلم وبلال، وقيل: الصواب هم هم، والأوجه عندي الأولى، ولم يحتج إلى ضمير الجمع، لأن المخدوم يشمل الأمير أيضًا، وما أفاده الشيخ من توجيه السبق جزم بذلك عامة الشراح، قال الحافظ: ثبتت الفضيلة بذلك لبلال لأن رؤيا الأنبياء وحي، ولذلك جزم النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك، ومشيه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته في اليقظة، فاتفق مثله في المنام، ولا يلزم من ذلك دخول= =بلال الجنة قبل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام التابع، وكأنه أشار صلى الله عليه وسلم إلى بقاء بلال على ما كان عليه في حياته واستمراره على قرب منزلته، انتهى.
(2)
ولذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من نذرت أن تحج ماشية، فقد أخرج أبو داود عن ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أختي نذرت يعني أن تحج ماشية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، فلتحج راكبة ولتكفر يمينها، انتهى. وقد ورد في هذا المعنى الذي أفاده الشيخ روايات عديدة.
(3)
كما في الحاشية عن اللمعات: إذ أشكل في الحديث بأنه كيف قررها صلى الله عليه وسلم أولاً بل أمرها بذلك وسماها آخرًا شيطانًا، وقالوا في الجواب بأنها لما عدت انصرافه صلى الله عليه وسلم نعمة من الله موجبًا للسرور، وهو كذلك في نفس الأمر أمرها بوفاء النذر، وخرج من صفة اللهو إلى الحق، ومن الكراهة إلى الاستحباب، لكن ذلك كان يحصل بأدنى الضرب، فلما ازداد عاد إلى حد المكروه، وصادف ذلك مجيء عمر، فقال ما قال إشارة إلى منع الزيادة منه والإكثار، وبنحو ذلك قال القاري وغيره، وقال القاري أيضًا: قوله إن الشيطان ليخاف منك، يريد به تلك المرأة السوداء لأنها شيطان الإنس وتفعل فعل الشيطان، أو المراد شيطانها الذي يحملها على فعلها المكروه، وهو زيادة الضرب التي هي من جنس اللهو على ما حصل به إظهار الفرح، انتهى.
قوله [فإذا حبشية تزفن (1)] وليست لها من الحركات ولا الأصوات والنغمات ما فيه فتنة، وأنت تعلم أنها كانت حبشية، فمن أين لها وجه تفتن به الناس، ثم إن بعد ذلك كله كانت أمة وإلا فمن لها أن تكون بالمدينة، فليس وجهها وكفاها بل ولا ذراعاها وصدرها ورأسها عورة، فقياس رقص نساء الهند على رقص الحبشية قياس لله در قائسيه، أسلمهم التفقه زمامها (2) وألقى إليهم الفتيا لجامها.
قوله [قد فروا من عمر] ولا يستلزم اجتماعهم هناك كون هذا الفعل حرامًا، بل إنما اجتمعوا هناك ليجمعوهم على لعب ينجر في الآخرة إلى حرمة، أو الجواب عنه مثل ما مر من أنهم يفرون منه، فكيف هؤلاء الذي لم يكون من فعلهم على حرمة.
قوله [فإن يك في أمتي أحد إلخ] لكنه أورد ذلك في صورة الشك (3) بناء
(1) بسكون الزاي وكسر الفاء ويضم: أي ترقص، كذا في المرقاة.
(2)
كذا في الأصل، والحق التذكير.
(3)
قال الحافظ: قيل لم يورد هذا القول مورد الترديد فإن أمته أفضل الأمم، وإذا ثبت أن ذلك وجد في غيرهم فإمكان وجوده فيهم أولى، وإنما أورده مورد التأكيد، كما يقول الرجل: إن يكن لي صديق فإنه فلان، يريد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء، وقيل: الحكمة فيه أن وجودهم في بني إسرائيل كان قد تحقق وقوعه، وسبب ذلك احتياجهم حيث لا يكون حينئذ فيهم نبي، واحتمل عنده صلى الله عليه وسلم أن لا تحتاج هذه الأمة إلى ذلك لاستغنائها بالقرآن عن حدوث نبي، وقد وقع الأمر كذلك، إلى آخر ما بسطه.