المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لما أن إجلاء اليهود لما كان تحقق عندهم حيث نزل - الكوكب الدري على جامع الترمذي - جـ ٤

[رشيد الكنكوهي]

فهرس الكتاب

- ‌[باب في فضل فاتحة الكتاب]

- ‌[باب في آخر سورة البقرة]

- ‌[باب في سورة الكهف]

- ‌[باب ما جاء في يس]

- ‌[باب ما جاء في سورة الملك]

- ‌[باب في إذا زلزلت]

- ‌[باب في سورة الإخلاص]

- ‌[باب في المعوذتين]

- ‌[باب في فضل قارئ القرآن]

- ‌[باب في تعليم القرآن]

- ‌[باب من قرأ حرفاً من القرآن]

- ‌أبواب القراءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أبواب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[من سورة آل عمران]

- ‌[سورة النساء]

- ‌[سورة المائدة]

- ‌[ومن سورة الأنعام]

- ‌[سورة الأنفال]

- ‌[سورة التوبة]

- ‌[من سورة يونس]

- ‌[من سورة هود]

- ‌[من سورة يوسف]

- ‌[من سورة الرعد]

- ‌[من سورة إبراهيم]

- ‌[من سورة الحجر]

- ‌[من سورة النحل]

- ‌[من سورة بني إسرائيل]

- ‌[سورة الكهف]

- ‌[من سورة مري

- ‌[من سورة طه]

- ‌[من سورة الأنبياء]

- ‌[من سورة الحج]

- ‌[من سورة المؤمني

- ‌[سورة النور]

- ‌[من سورة الفرقان]

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌[سورة النمل]

- ‌[من سورة الروم]

- ‌[سورة السجدة]

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌[سورة سبأ]

- ‌[سورة الملائكة]

- ‌[سورة يس]

- ‌[سورة الصافات]

- ‌[سورة ص]

- ‌[سورة الزمر]

- ‌[سورة السجدة]

- ‌[سورة الشورى]

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌[سورة الدخان]

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌[سورة محمد صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سورة الفتح]

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌[سورة ق]

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌[سورة النجم]

- ‌[سورة القمر]

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌[سورة الحديد]

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌[سورة الحشر]

- ‌[سورة المممتحنة]

- ‌[سورة الصف]

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌[سورة التغابن]

- ‌[سورة التحريم]

- ‌[سورة ن والقلم

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌[سورة سأل سائل

- ‌[سورة الجن]

- ‌[سورة المدثر]

- ‌[سورة القيامة]

- ‌[سورة عبس]

- ‌[سورة المطففي

- ‌[سورة إذا السماء انشقت]

- ‌[سورة البروج]

- ‌[سورة الضحى]

- ‌[سورة ألم نشرح]

- ‌[سورة القدر]

- ‌[سورة لم يكن]

- ‌[سورة ألهاكم التكاثر

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌[سورة الفتح

- ‌[سورة المعوذتين]

- ‌[باب]

- ‌أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب الداعي يبدأ بنفسه]

- ‌[باب ما يقول إذا رأى الباكورة]

- ‌[باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في مبعث النبي صلى الله عليه وسلم إل

- ‌مناقب أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

- ‌باب الصدقة مشتمل على أبواب شتى

- ‌[مناقب عمر]

- ‌[مناقب عثمان]

- ‌[مناقب علي]

- ‌[مناقب الحسن والحسي

- ‌[مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في فضل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه

- ‌[باب في فضل فاطمة]

- ‌[فضل عائشة]

- ‌[باب في فضل المدينة]

- ‌[باب فضل مكة]

الفصل: لما أن إجلاء اليهود لما كان تحقق عندهم حيث نزل

لما أن إجلاء اليهود لما كان تحقق عندهم حيث نزل القرآن به وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت النخلات وغيرها من أثاثهم وما لهم من القليل والكثير للمسلمين، فلما أفسدوها فكأنهم أضاعوا أموال إخوانهم المسلمين، وإن (1) كان قطعنا هذا جائزًا لما أنها في الحال وإن كانت للمسلمين باعتبار المآل، فالوزر في التي تركناها على أصول ولم نقطعها ونحرقها.

[سورة المممتحنة]

قوله [وما فعلت ذلك كفرًا وارتدادًا] وإنما كان على ثقة من أن الله ناصر عبده فلا يضر المسلمين إخباري الكفار عن بعض أمرهم مع أن بعض هذه الأمور التي هي واقعة هاهنا (2) ليست بخلفية عليهم، ويعلم منه أن ارتكاب

(1) توضيع كلام الشيخ أنهم لما قطعوا بعضها وتركوا بعضها حك ذلك في صدورهم باعتبار أن القطع إن كان فيه مصلحة الإغاظة فقانت في ترك بعضها، وإن كان البقاء فيه مصلحة منفعة المسلمين فقانت في قطع بعضها، ثم الجمهور على جواز ذلك للحاجة والمصلحة إذا تعينت طريقًا في نكاية العدو، قال الحافظ: وخالف في ذلك بعض أهل العلم فقالوا: لا يجوز قطع الشجر المثمر أصلاً، وحملوا ما ورد من ذلك إما على غير المثمر، وإما على أن الشجر الذي قطع في قصة نبي النضير كان في الموضع الذي يقع فيه القتال، وهو قول الأوزاعي والليث وأبي ثور، انتهى.

(2)

فإن أخبار مسيرة صلى الله عليه وسلم لم تكن خافية، غاية ما فيه أن يخفى جهة المسير، وكتاب حاطب على ما حكاه الواقدي لم يكن فيه إلا إخبار المسير، فقد ذكر الحافظ: روى الوقدي بسند مرسل أن حاطبًا كتب إلى سهيل ابن عمرو وصفوان بن أمية وعكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في الناس بالغزو ولا أراه يريد غيركم، وقد أحببت أن يكون لي عندكم يد، وذكر بعض أهل المغازي أن لفظ الكتاب: أما بعد يا معشر قريش فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم، كذا حكاه السهيلي، انتهى.

ص: 293

السيئة التي هو على يقين (1) من وقوعها حرام ومحظور شرعًا، ولا يعذر في ذلك بأنها كانت تقع لا محالة. قوله [اضرب عنق إلخ] ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنه مع ما ثبت عليه من الجرم أراد عمر قتله واستأذن فيه، علم أن قتل التعزيز في أمثال هذه (2) الجنايات ممكن، والنفاق المذكور في كلام عمر

(1) كما تيقن حاطب أن بعض أموره صلى الله عليه وسلم معلومة لهم لا محالة فلا يضره إخباره، ومع ذلك فقد عتب على ذلك.

(2)

فقد حكى ابن عابدين عن (الصارم المسلول) أي من أصول الحنفية أن مال لا قتل فيه عندهم مثل القتل بالمثقل، والجماع في غير القبل إذا تكرر فللإمام أن يقتل فاعله، وكذلك أن يزيد على الحد المقدر إذا رأى المصلحة في ذلك، ويسمونه القتل سياسة، وكان حاصله أن له أن يعزز بالقتل في الجرائم التي تعظمت بالتكرار وشرع القتل في جنسها، انتهى. وعد ابن عابدين في أمثلته قتل اللوطي والساحر والزنديق وغيرها، قلت: وكذا العين المسلم ممن لا قتل فيه عند الحنفية والجمهور، فيحمل إن ثبت القتل في موضع على السياسة، ففي البذل تحت حديث سلمة بن الأكوع في قتل عين من المشركين: قال النووي: فيه قتل الجاسوس الحربي وهو كذلك بإجماع المسلمين، وأما الجاسوس المسلم فقال الشافعي والاوزاعي وأبو حنيفة وبعض المالكية وجماهير العلماء: يعزره الإمام بما يرى من ضرب وحبس ونحوهما، ولا يجوز قتله، وقال مالك، يجتهد فيه الإمام ولم يفسر الاجتهاد، وقال عياض: قال كبار أصحابه: يقتل، انتهى.

ص: 294

نفاق العمل (1)، ولذلك لم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قوله هذا ولم ينهه عنه.

وله [لعل الله إلخ] إدخال (2) لفظه الترجي عليه مع أن (3) علم الله تعالى بحالهم واطلاعه على أفعالهم باعتبار المجموع، يعني لعل الله غفر لهم ذنوبهم كائنًا ما كانت، ثم إن المغفرة لما (4) لم تكن نصًا في أنهم يغفر لهم في

(1) ولا مانع من أنه حمله على النفاق الحقيقي أيضًا، فإن النفاق كان إذ ذاك شائعًا، واستبعد عمر وقوع مثل هذا الجرم عن المسلم، ولعل الشيخ وجه كلامه بالنفاق العملي لاستعظامه شأن عمر أن يحكم بالنفاق على بدري لفعل ممكن تأويله، وأيضًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليه إرادة القتل ولم ينكر عليه أنه كيف حكم عليه بالنفاق.

(2)

وقال العلماء: إن الترجي في كلام الله وكلام رسوله للوقوع، وعند أحمد وأبي داود وابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة بالجزم بلفظ: إن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، هكذا في الفتح.

(3)

يحذف خبره، أي متحقق وثابت، وقوله: باعتبار خبر لقوله: إدخال الترجي.

(4)

وهو كذلك في حديث الباب، اسكن قال الحافظ: عند أحمد بإسناد على شرط مسلم من حديث جابر مرفوعًا: لن يدخل النار أحد شهد بدرًا، ثم قد استشكل قوله: اعملوا ما شئتم، فإن ظاهره أن للإباحة وهو خلاف عقد الشرع، وأجيب بأنه إخبار عن الماضي، أي كل عمل كان لكم فهو مغفور، ويؤيده أنه لو كان لما يستقبلونه من العمل لم يقع بلفظ الماضي ولقال: فسأغفره لكم، وتعقب بأنه لو كان للماضي لما =حسن الاستدلال به في قصة حاطب، لأنه صلى الله عليه وسلم خاطب به عمر منكرًا عليه، والقصة كانت بعد بدر بست سنين، فدل على أن المراد ما سيأتي، وأورده في لفظ الماضي مبالغة في تحقيقه، إلى آخر ما بسطه الحافظ، فالظاهر المغفرة في أول الأمر.

ص: 295

أول الأمر أو بعد استيفاء أجزية المعاصي قليلها وكثيرها صار كله في حكم الرجاء غير مستيقن به.

قوله [قال عمرو: وقد رأيت ابن أبي رافع] يعني به (1) أنه كان تابعيًا.

قوله [أو لنجردنك] وتجريد المرأة جائز إذا كان غالب الظن أو اليقين حاكمًا بأنها حاملة كتاب ولا يكون إلى أخذها منها سبيل غير ذلك، وكذلك فيما يداينها من (2) الضرورات والوقائع، ثم وقع في بعض الروايات أنها أخرجت الكتاب من عقاصها، وفي بعض أنها أخرجته من معقد إزارها (3)، والجمع

(1) ثم ما في النسخة الأحمدية من قوله: (كاتب العلى) تحريف من الناسخ، والصواب (كاتبًا لعلى) كما في المصرية وغيرها.

(2)

ولذا بوب عليه البخاري في صحيحه (باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن) قال العيني: جواب إذا محذوف، تقديره يجوز للضرورة، وقوله: تجريدهن أي إذا اضطر أيضًا إلى تجريدهن من الثياب لأن المعصية تبيح حرمتها، ألا ترى أن عليًا والزبير أرادا كشف المرأة في هذه القصة، وقد أجمعوا أن المؤمنات والكافرات في تحريم الزنا بهن سواء، وكذلك في تحريم النظر إليهن، ولكن الضرورات تبيح المحظورات، انتهى.

(3)

كما في الباب المتقدم للبخاري بلفظ: فأخرجت من حجزتها، قال الحافظ: الحجزة بضم المهملة وسكون الجيم بعدها زاي: معقد الإزار والسراويل، ووقع في رواية القابسي من حزتها يحذف الجيم، قيل: هي لغة عامية، ووقع في باب الجاسوس من البخاري أنها أخرجته من عقاصها، وجمع بينهما بأنها أخرجته من حجزتها فأخفته في عقاصها ثم اضطرت إلى إخراجه، أو بالعكس، أو بأن تكون عقيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجزتها فربطته في عقيصتها وغرزته بحجزتها، وهذا الاحتمال أرجح، وأجاب بعضهم باحتمال أن يكون معها كتابان إلى طائفتين، أو المراد بالحجزة العقدة مطلقًا، وتكون رواية العقيصة أوضح من رواية الحجزة، أو المراد بالحجزة الحبل، انتهى.

ص: 296

أنها كانت وضعته في إزارها فلما شددوا عليها وأخذوا يتفحصون ثيابها بمسها وجسها حق قالوا لها: لنجردنك، أخرجته وأدخلته في العقاص، ولما علمت واستيقنت أنهم ليسوا بتاركيها دون إيتاء الكتاب أخرجته من العقاص، فمن ذكر الأول اعتبر أول إخراجيها، ومن ذكر الثاني أخبر بالذي وقع الإيتاء متصلاً به.

قوله [يمتحن] أي يعتبر (1) ويعلم ويتعرف إيمانهن فإنه أمر اعتقادي لا سبيل إلى العلم به إلا الاستعلام عما في قلبه، فإن أقر بهذه المذكورات فهو مؤمن حسب علمنا وحسابه على الله.

قوله [ما هذا المعروف إلخ] وكان عامًا يشمل كل خير من الأمور، ولكنهن لما رأين ما قبله من الأمور خاصًا ظنن خصوصيتها وأن المراد

(1) وعلى هذا فامتحانهن هو الإقرار بهذه المذكورات، ومعنى قوله: يعتبر أن يكون إيمانهن معتبرًا بهذا الإقرار، ولعل عائشة قالت بلفظ الحصر، لأن الروايات مختلفة في ذلك كما في كتب التفسير من الدر والبحر المحيط وغيرهما، منها ما روى عن قتادة قال: كانت محنتهن أن يحلفن بالله ما خرجن لنشوز ولا خرجن إلا حبًا للإسلام وحرصا عليه، وروى عن ابن عباس أيضًا وعنهما أيضًا ومجاهد وغيرهم: كانت تستخلف أنها ما هاجرت لبعض في زوجها ولا لجريرة جرتها ولا لسبب من أغراض الدنيا سوى حب الله ورسوله والدار الآخرة.

ص: 297

بذلك لعله شيء واحد خاص، فأمرهن النبي صلى الله عليه وسلم وفصله بأمر يناسبن (1)، فإن النساء لاسيما في العرب وفي عهد قريب بالجاهلية كن أشد ابتلاء بالنوحة على الأموات، ثم إن استثناء (2) النبي صلى الله عليه وسلم نوحة مرة لأم سلمة الأنصارية كان لعلمه بالقرائن أو الوحي أنها ليست بنائحة، وإنما هي تسثتنى خوفًا على نفسها من أن تنكث عهد الله الذي عهدت، ولأن ضرر الرد في الحال كان أشد من ضرر النوحة في المآل، فإنه عليه الصلاة والسلام لما رآها راجعت مرتين خاف عليها أن تفسد دينها، فإن المواجهة والمقابلة بالنبي صلى الله عليه وسلم بما هو حرام كانت أشد، والنوحة كانت مظنونة بعد، والرد حاضر متيقن، ومن هاهنا تستنبط مسألة وهي أن الضرر القليل محتمل توقيًا عن الضرر الكثير، وأن الضرر الموجود لا يحتمل توقيًا عن الضرر المحتمل المترقب الموهوم، فإن النوحة كانت متوقفة على موت أحد منهم، ولعله لا يموت قبلها، أو تقع بينهم خصام وشقاق، أو توفق هي بعد ذلك لعدم النوح، والضرر في مراجعته صلى الله عليه وسلم كان موجودًا وقتئذ، ويتبنى على ذلك

(1) يعني ذكر هذا الأمر لشدة احتياجهن إليه وليس بحصر في ذلك، فلا يشكل بما ورد في تفسيره غير النياحة كالمنع عن خلوة الرجال وغيرها، كما أخرج الروايات في ذلك السيوطي في الدر.

(2)

وقد ورد الاستثناء لعدة نسوة، منها ما في الباب، ومنها أم عطية الأنصارية كما ذكرها البخاري في عدة روايات، ومنها خولة بنت حكيم كما ذكرها الحافظ برواية ابن مردوديه عن ابن عباس، وبسط الحافظ في الأجوبة عن هذا الاستثناء، منها ما أفاده الشيخ واختار هو أن النهي إذ ذاك كان بكراهة التنزيه، ثم وقع التحريم فورد حينئذ الوعيد الشديد، وقال: هذا أقرب الأجوبة.

ص: 298

مسائل: منها أن المسلم إذا ادعى (1) على غلام لقيط أنه غلام وادعى ذمي أنه ابنه يثبت نسبه منه ولا يلتفت إلى دعوى المسلم، لأن ضرر انتفاء النسب ضرر موجود مفتقر إليه في الحال، والإسلام يكلف به حين يبلغ، فإذا كان حرًا فظاهره أنه يسلم، فإن المصنوعات دالة عليه، والعقل مرشد إليه.

قوله [فلم أنح بعد قضائهن ولا غيره] هذان مفعولان للفعل المذكور، وهو متكلم من النحو هو القصد لا من النوحة المسوق لها الحديث، وبعد مبنى على الضم لحذف ما أضيف إليه وليس بمضاف إلى قضائهن، وما عطف عليه لفساد المعنى المراد، فإن المقصود أني لم أنح بعد العهد لا في قضائهن (2) ولا في

(1) ففي الهداية وفتح القدير: إن التقطه رجل لم يكن لغيره أن يأخذه منه لأنه ثبت حق الحفظ له لسبق يده، فإن ادعى مدع أنه ابنه فالقول قوله، (ويثبت نسبه منه بمجرد دعواه ولو كان ذميًا) ومعناه إذا لم يدع الملتقط نسبه، وهذا استحسان، والقياس أن لا يقبل قوله، لأنه يتضمن إبطال حق الملتقط، وجه الاستحسان أنه إقرار للصبي بما ينفعه، لأنه يتشرف بالنسب ويعير بعدمه، انتهى. وقال أيضًا: إذا كان الصبي في يد مسلم ونصراني، فقال النصراني: هو ابني، وقال المسلم: هو عبدي، فهو ابن النصراني وهو حر، لأن المسلم مرجح فيستدعى تعارضًا ولا تعارض، لأن نظر الصبي في هذا أوفر لأنه ينال شرف الحرية حالاً وشرف الإسلام مآلاً، إذ دلائل الوحدانية ظاهرة، وفي عكسه الحكم بالإسلام تبعًا وحرمانه عن الحرية لأنه ليس في وسعه اكتسابها، انتهى.

(2)

ويؤيد ذلك ما في التيسير برواية الترمذي في هذا الحديث: فلم أنح بعد في قضائهن ولا في غيره حتى الساعة، وهو كذلك في نسخة مصرية للترمذي: وفي الأخرى المصري: ولم أنح بعد على أخائهن ولا غيره، وفي الدر برواية ابن سعد وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وغيرهم بلفظ: فلم أنح بعد، ولم يبق منا امرأة إلا وقد ناحت غيري، ثم استثنائها نفسها خاصة لعله باعتبار علمها وإلا فقد أخرج البخاري برواية أم عطية في مثل هذه القصة: فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة، أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سيرة امرأة معاذ، وامرأتين، أو ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى، وبسط الحافظ في تفصيل هذه الخمسة وتعيينها، ولم يعد منها أم سلمة الأنصارية فهي سادسة.

ص: 299