الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاثة أمور: أن يبعث أبو بكر بلالاً، أما نفس البعثة فلأن (1) أبا بكر لم يكن له معه صلى الله عليه وسلم ما يحمله على أن يبعث معه غلامه، وإن أمكن الجواب عنه بأن أبا بكر كان محبًا له صلى الله عليه وسلم بدو حاله، فلا ينكر أن يكون محبته به باعثة لذلك البعث، والثاني بعثة أبي بكر فإنه كان أصغر منه صلى الله عليه وسلم بعامين، وهذا غير مستبعد أيضًا فإن أطفال الأمراء لا سيما النجار يكون لهم مع صغر السن وقلة التجارب ما ليس لأكثر كبار الفقراء الصعاليك من النظر في الأمور، وكان آباؤهم يصاحبونهم في أسفار التجارات ليحصل لهم معرفة بموارد الأمور ومصادرها، وأما الثالث فبعثة بلال والبلال لم يولد بعد، وقد ثبت أن أبا بكر إنما اشتراه بعد شيوع الإسلام وفشو التبليغ، وكان إذ وقعت قضية الراهب غير مبعوث، فأما أن يقال: إن الراوي نسيه فذكر البلال موضع غيره، أو يكون هذا بلال آخر غير المعروف من الصحابة.
[باب في مبعث النبي صلى الله عليه وسلم إل
خ]
قوله [وهو ابن خمس وستين] هذا مخالف لما ذكر أولاً، والرواية المثبتة لثلاث وستين هي الأصح (2)، وأما رواية الستين وخمس وستين
(1) وفيه أن هذا أيضًا يتعلق ببعثة أبي بكر لا بنفس البعثة، فالوجه الأول والثاني كلاهما يتعلقان ببعثة أبي بكر لا بنفس البعثة، اللهم إلا أن يقال: إن الوجه الأول لما كان متعلقًا بأبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم معًا عزاه إلى نفس البعثة، بخلاف الثاني فإنه كان متعلقًا بأبي بكر خاصة باعتبار صغر سنه، فتأمل!
(2)
هذا هو المتفق عليه عند جمهور المحدثين، وما أفاده الشيخ من التوجيه في الجمع معروف عند شراح الحديث، قال القاري في شرح الشمائل: اتفق العلماء على أن أصحها ثلاث وستون، وتأولوا ما في الروايات عليها، فرواية ستون محمولة على أن الراوي اقتصر فيها على العقود وترك الكسور، ورواية الخمس متأوله أيضًا بإدخال سنتي الولادة والوفاة، أو حصل فيها اشتباه، وقد أنكر عروة على ابن عباس قوله: خمس وستون، ونسبه إلى الغلط، وقال: إنه لم يدرك أول النبوة ولا كثرت صحبته بخلاف الباقين، إلى آخر ما بسطه.
فحمولتان على أن الراوي أسقط الكسر أي الآحاد واكتفى على ذكر العشرات، أو أتم الكسر فعده كاملاً، وكلاهما مبني على العادة لا سيما العرب، فأنهم لما اعتادوا من القديم (1) والجاهلية أن يبدؤا من رأس المحرم وغرته أمورهم وحسابهم، أتموا الكسر فذكروا سن الهجرة وقيام المدينة أحد عشر، وكذا مدة قيامه بمكة بعد البعثة أربعة عشر، مع أن الأول عشر والثاني ثلاثة عشر وشهور، ومثل ذلك ممكن في الولاد والوفات، وهذا يمكن فهمه بأدنى تأمل، فافهم!
قوله [ولا بالآدم] أي أدمة (2) فيها سواد، فحيث نفيت الأدمة فبهذا المعنى، وحين (3) أثبتت فبمعنى حمرة ضاربة بالبياض. قوله [إلا وهو يقول:
(1) كما أشار إليه عثمان إذ شاور عمر الصحابة في مبدأ التاريخ، فقيل: رجب، وقيل: شهر رمضان، وقيل غير ذلك، فقال عثمان: أرخوا من المحرم أول السنة وهو شهر حرام وهو أول الشهور في العدة، وهو منصرف الناس عن الحج، كذا في التدريب.
(2)
قال القاري في جمع الوسائل: آدم أفعل صفة مهموز الفاء، أصله أ. دم أبدلت الفاء ألفًا، والأدمة شدة السمرة، وهي منزلة بين البياض والسواد، فنفيه لا ينافي السمرة في حديث آخر. قال العسقلاني: تبين من مجموع الروايات أن المراد بالبياض المنفي ما لا يخالطه الحمرة، والمراد بالسمرة الحمرة التي يخالطها البياض، انتهى.
(3)
كما في حديث حميد عن أنس في شمائل الترمذي وغيره بلفظ: أسمر اللون، قال القاري: يريد نفي البياض القوي مع حمرة قليلة، فلا ينافي حديث: ولا بالآدم المراد به شديد السمرة، قال العراقي: هذه اللفظة انفرد بها حميد عن أنس، ورواه غيره من الرواة بلفظ أزهر اللون، انتهى.
السلام] فكان ذلك معجزة لنبينا وكرامة لعلينا، حيث بدا له ما كان يخفى لغيره.
قوله [إلى لزق جزع] من إضافة الصفة إلى موصوفه، وكان لازقًا (1) بالجدار. قوله [إلا شعيرات بيض] وأما بياض شعرات النبيي صلى الله عليه وسلم مع أنه في نصف من عمر هذا الصحابي الذي دعا له فلغلبة (2) الخشية عليه.
قوله [وردتني (3) ببعضه] لئلا يظهر أن في إبطه شيئًا فيشرفوا له.
قوله [فقمت عليهم (4)] أي مترددًا هل أسكت فيفوت الغرض من إرسالي، أو أبدى ما أرسلت به فلا يبقى للنبي صلى الله عليه وسلم منه إلا يسير.
(1) قال في المجمع: يقال داره لزق دار فلان أي لازقه ولا صقه، انتهى.
(2)
كما تقدم في حديث أبي بكر، قال: يا رسول الله شبت، قال: شيبتني هود والواقعة، الحديث.
(3)
هكذا لفظ البخاري في الأطعمة، ولفظه في علامات النبوة: فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت يدي ولاثتنى ببعضه، الحديث. قال الحافظ. والمراد أنها لفت بعضها على رأسه وبعضها على إبطه.
(4)
وما ذكر الحافظ من رواية يعقوب تدل على أنه كان مأمورًا بذلك، إذ قال: وفي رواية يعقوب بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس عند أبي نعيم، وأصله عند مسلم، فقال لي أبو طلحة: يا أنس اذهب فقم قريبًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قام فدعه حتى يتفرق أصحابه، ثم اتبعه حتى إذا قام على عتبة بابه فقل له: إن أبي يدعوك، ثم لا يذهب عليك أن الحافظ مال إلى تعدد هذه القصة لاختلاف الروايات الواردة في ذلك كما ذكر له القرائن في الفتح في علامات النبوة.
قوله [أرسلك أبو طلحة] لما علم النبي صلى الله عليه وسلم ذهاب أبي طلحة إلى بيته عالمًا بحاله عليه الصلاة والسلام عرف أنه طلبه في بيته (1)، وعلى هذا فمعنى بطعام لطعام، ولكنه لما علم بظهور معجزته (2) ثم ناداهم أجمع، أو لأنه لما علم من حال أبي طلحة أنه لا يبخل بموجود ولا يتكلف بما ليس عنده طلبهم إلى بيته اعتمادًا على محبته له ولأصحابه، ولا يبعد أنه عرف إيتان أنس بما أرسل به إلا أنه أراد أن يكون بركة على أبي طلحة نزولهم في بيته فلذلك أخذهم معه، وعلى هذا الأخير لا إشكال في دعوة القوم إلى بيته، لأن الدعاء لم يكن إلى طعامه. وإنما كان دعاهم إلى ما أهداه أبو طلحة له، فصار ملكه (3).
(1) وإليه مال الحافظ وقال: أكثر الروايات تقتضي أن أبا طلحة استدعى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة في بيته، ثم ذكر الروايات الدالة على ذلك.
(2)
أي علم أن معجزته صلى الله عليه وسلم ستظهر في بيته، ويشير إلى ذلك ما ورد في الروايات من جوابه صلى الله عليه وسلم، ففي رواية عمرو بن عبد الله قال أبو طلحة: إنما هو قرص، فقال: إن الله سيبارك فيه، ونحوه في رواية عمرو بن يحيى المازني، وفي رواية يعقوب: فقال أبو طلحة: إنما أرسلت أنسا يدعوك وحدك ولم يكن عندنا ما يشبع من أرى، فقال: ادخل فإن الله سيبارك فيما عندك، ذكر هذه الروايات الحافظ.
(3)
يشكل عليه أن الهبة لا تتم إلا بالقبض ولم يتحقق بعد، فكيف صار ملكه، والجمهور على أن الموهوب يبقى في ملك الواهب قبله خلافًا لمالك، كما بسطه صاحب البدائع والحافظ في الفتح، ويمكن الجواب عنه أن الهبة لما تحققت من جانب الواهب ولم يبق عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القبض فهو على شرف الملك، والنبي صلى الله عليه وسلم أطعمهم بعد ما قبض فلم يكن الدعوة إلا إلى ملكه.
قوله [وعصرت أم سليم إلخ] ولا يتوهم أن أم سليم كيف أرسلت الأقراص أولاً يابسة وقد أرسلتها له صلى الله عليه وسلم خاصة، والآن تأدمه للقوم بالزيت، لأنها فالت (1) بالزيت أولاً على وجوهها، ولكنها لما فتت الأقراص غلبت اليبوسة عليها وصار ما أدمتها به أولاً كأن لم يكن شيئًا، هذا والله أعلم. قوله [ينبع من تحت أصابعه (2)] ولا يبعد أن يتنبط منه جواز التوضئ بماء الشجر وبعض الثمار إذا حصل (3) من غير
(1) فالت بالفاء: أس سمنت.
(2)
وقد وقعت هذه المعجزة عدة مرات، قال القاضي في شرح الشفاء: أما الأحاديث في هذا فكثيرة جدًا، وروى حديث نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة، منهم أنس وجابر وابن مسعود، ثم بسط الروايات في ذلك، وحكى عن الترمذي في الباب عن عمران حصين، ثم قال: ومثل هذا في مثل هذه المواطن الحفيلة والجموع الكثيرة لا تتطرق التهمة إلى المحدث به، لأنهم كانوا أسرع شيء إلى تكذيبه لما جبلت عليه نفوسهم من ذلك، ولأنهم كانوا ممن لا يسكت على باطل، فهؤلاء قد رووا هذا وأشاعوه ونسبوا حضور الجم الغفير له، ولم ينكر أحد من الناس عليهم ما حدثوا به عنهم أنهم فعلوه وشاهدوه، فصار كتصديق جميعهم له، انتهى.
(3)
قال في الهداية: (ولا يجوز بما اعتصر من الشجر والثمر) لأنه ليس بماء مطلق، وأما الماء الذي يقطر من الكرم فيجوز التوضى به لأنه يخرج من غير علاج، ذكره في جوامع أبي يوسف، وفي الكتاب إشارة إليه حيث شرط الاعتصار، انتهى. وفي الدر المختار: ولا بعصير نبات، أي معتصر من شجر أو ثمر، لأنه مقيد، بخلاف ما يقطر من الكرم أو الفواكه بنفسه، فإنه يرفع الحدث، وقيل: لا، وهو الأظهر كما في الشر نبلالية عن البرهان، واعتمده القبستاني فقال: والاعتصار يعم الحقيقي والحكمي كماء الكرم، انتهى. قال ابن عابدين: قوله هو الأظهر هو المصرح به في كثير من الكتب، واقتصر عليه في الخانية والمحيط، وفي الحلية أنه الأوجه لكمال الامتزاج، وقال الرملي في حاشية المنهج: من راجع كتب المذهب وجد أكثرها على عدم الجواز، انتهى.
صنع ولم يخرج عن طبيعة الماء. قوله [تعدون الآيات عذابًا إلخ] يعني أنها كانت في عصره صلى الله عليه توجب زيادة في الإيمان مبشرات كانت أو منذرات، وأما فيكم فلا تفيد (1).
(1) الظاهر أنهم يعدون الآيات كلها تخويفًا، أنهم يعدون الآيات كلها تخويفًا مستدلين بالآية كما يظهر من كلام الحافظ إذ قال: الذي يظهر أنه أنكر عليهم عد جميع الخوارق تخويفًا، وإلا فليس جميع الخوارق بركة فإن التحقيق يقتضى عد بعضها بركة من الله كشبع الخلق الكثير من الطعام القليل، وبعضها تخويفًا من الله ككسوف الشمس والقمر، كما قال صلى الله عليه وسلم: إنهما آيتان من آيات الله يخوف بها عباده، وكأن القوم الذين خاطبهم عبد الله بن مسعود بذلك تمسكوا بظاهر قوله تعالى:{وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} ووقع عند الإسماعيلي من طريق الوليد بن القاسم عن إسرائيل في أول هذا الحديث: سمع عبد الله بن مسعود بخسف فقال: كنا أصحاب محمد نعد الآيات بركة، الحديث، انتهى. وقال القاري: قيل أراد ابن مسعود بذلك أن عامة الناس لا ينفع فيهم إلا الآيات التي نزلت بالعذاب والتخويف، وخاصتهم يعني الصحابة كان ينفع فيهم الآيات المقتضية للبركة، وحاصله أن طريق الخواص مبني على غلبة المحبة والرجاء، وسبيل العوام مبني على كثرة الخوف والعناء، والأظهر أن يقال: معناه كنا نعد خوارق العادات الواقعة من غير سابقة طلب مما يترتب عليها البركة آيات ومعجزات وأنتم تحصرون خوارق العادات على الآيات المقترحة التي يترتب عليها مخافة العقوبة، انتهى مختصرًا. والأوجه عندي في معناه: كنا أي الصحابة نهتم بإحصاء الآيات التي تظهر البركة، فإنه سبب لازدياد المحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم وزيادة الرجاء مع الله عز اسمه، وأنتم أيها المخاطبون عمدة شغفهم الاهتمام بحصر آيات العذاب، والغرض التنبيه إلى ترك التوغل فإنه يؤثر شيئًا من اليأس لغلبة الخوف، فتأمل.
تلك الفائدة، فلم تبق إلا تخويفات وتهويلات، أو المعنى أن الأكثر فينا كانت مبشرات والأكثر فيكم منذرات. قوله [بعيد ما بين المنكبين] مكبرًا ومصغرًا (1)، والمعنى على الأول ظاهر، وعلى الثاني ما بين منكبيه صلى الله عليه وسلم بعد قليل.
قوله [لا بل مثل القمر] لما كان التشبيه في مجرد النورانية، ولم يكن الطول مقصودًا في وجه الشبه كما ليس التدوير البحت مقصودًا في تشبيه بالقمر رد تشبيهه بالسيف، لأن ضياء السيف ليست محبوبة تسر الناظرة وتضر الباصرة بخلاف
(1) وبذلك جزم القاري في المرقاة، لكنه تعقب في شرح الشمائل على قول عصام: ويروى مصغرًا، والظاهر الأول، وبهما معًا ضبطه المناوي وغيره، قال القاري: أراد ببعيد ما بينهما السعة إذ هي علامة النجابة، وقيل: بعد ما بينهما كناية عن سعة الصدر، وشرحه الدال على الجود والوقار، قال العسقلاني: المنكب مجمع عظم العضد والكتف، ومعناه عريض أعلى الظهر، انتهى. وهو مستلزم لعرض الصدر، ومن ثم وقع في حديث أبي هريرة عند ابن سعد: رجب الصدر كما في الفتح، وقال القاري: تصغير بعيد تصغير ترخيم = =كغلام وغليم، والأصل في تصغيرهما بعيد وغليم بتشديد الياء فيهما، وفي هذا التصغير إشارة إلى أن طول ما بين منكبيه الشريفين لم يكن متناهيًا إلى العرض المنافي للاعتدال، انتهى.
ضياء القمر. قوله [من قصر الأحنف] أي كان أبو جعفر من أهله، وهو اسم موضع (1). قوله [يعيد الكلمة ثلاثًا] أي بعضها (2) وهو المهتم به من الكلام، والقرينة على ذلك لتعقل وسائر الروايات. قوله [أكثر تبسمًا] من ضحكة (3) لا من تبسم سائر الناس. قوله [من وضوئه] أي فضالته أو غسالته (4).
(1) قال ياقوت الحموي: كان الأحنف بن قيس قد غزا طخارستان في سنة 32 هجرية في أيام عثمان وإمارة عبد الله بن عامر، حاصر حصنا يقال له سنوان، ثم صالحهم على مال وآمنهم، يقال لذلك الحصن قصر الأحنف، انتهى.
(2)
وبه جزم غير واحد من الشراح منهم الحافظ، كما بسط وذكر له القرائن في (باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم عنه) قلت: والحديث مع غرابته أخرجه البخاري في صحيحه، وبسط الحافظ في ترجمة عبد الله بن المثنى.
(3)
وبنحو ذلك جزم القاري في شرح الشمائل إذ قال: تبسمه أكثر من ضحكه بخلاف سائر الناس، فإن ضحكهم أكثر من تبسمهم، انتهى. وتعقبه المناوي، ثم قال: وذلك لا ينافي تواصل الأحزان بل ينافي السرور، وشأن الكمل إظهار الانبساط لمن يريدون تألفه أو استعطافه مع تلبسهم بالحزن، وإظهار الانبساط لا ينافي ظهور الحزن كما هو محسوس.
(4)
قال القاري في جميع الوسائل: الرواية بفتح الواو، أي ماء وضوئه، قال ابن حجر: هو ما أعد للوضوء، أو ما فضل عنه، أو ما استعمله فيه، انتهى. والأنسب الأوسط، والأول غير صحيح لمخالفته الأدب ولإبعاد فاء التعقيب، ولذا اقتصر البيضاوي على الاحتمالين، وقال ميرك: الظاهر ما انفصل عن أعضاء وضوئه، لأن ملاحظة التبرك والتيمن فيه أقوى، وبسط القاري في ترجيح الفضالة فارجع إليه.
قوله [مثل زر الحجلة] والتشبيه في الهيئة والصورة (1) لا المقدار، ولذلك اختلفت فيه الألفاظ. قوله [غدة (2)] أي كان مثل سائر الجسم لا شيئًا مبائنًا عنه بالكلية. قوله [أشكل العينين] أي في بياضهما خطوط أحمر.
(1) أشار الشيخ بذلك إلى الجمع بين الروايات المختلفة الواردة في ذلك، كما بسطها القاري في شرح الشمائل، وقال القرطبي: الأحاديث الثابتة تدل على أن خاتم النبوة كان شيئًا بارزًا أحمر عند كتفه الأيسر، إذا قلل جعل كبيضة الحمام، وإذا كثر جعل كجمع البد، وقال القاضي: رواية جمع الكف يخالفه بيضة الحمام وزر الحجلة فتؤول على وفق الروايات الكثيرة، أو كهيئة الجمع لكنه أكثر منه في قدر بيضة الحمامة، ثم قال القاري: زر الحجلة بكسر الزاي والراء المشددة وبفتح الحاء المهملة والجيم: هي بيت كالقبة لها أزرار كبار وعرى، وهذا ما عليه الجمهور، وقيل: المراد بالحجلة الطائر المعروف يقال له بالفارسية كبك، وزرها بيضها، والمعنى أنه مشبه بها، ويؤيده الحديث الآخر مثل بيضة الحمامة، فلا وجه لقول ابن حجر في المعنى الأول: هو الصواب كما قاله النووي، على أن الخطابي ذكر: روى بتقديم الراء على الزاي والمراد به البيض، ووقع في بعض نسخ البخاري: قال أبو عبد الله: الصحيح تقديم الراء على الزاي، وأما قول التوربشتي: تقديم الراء ليس بمرضي، فمحمول على أن الأول هو المعول عليه، لا أنه معلل، انتهى.
(2)
قال القاري: غدة بضم المعجمة وتشديد المهملة قطعة اللحم المرتفعة، والمراد أنه شبيه بها، وفي المناوي عن القاموس: بالضم كل عقدة في الجسد أطاف بها شحم، وعن المصباح: الغدة لحم يحدث بين الجلد واللحم يتحرك بالتحريك، انتهى.
قوله [وأنا ابن ثلاث وستين] رجى أن يوافقهم في ذلك وهو سبب للكرامة، ولا ندري (1) هل رزق ذلك أن لا، رضي الله تعالى عنه وعن سائر الصحابة والتابعين.
(1) قال ميرك: لكنه لم ينل مطلوبة ومتوقعه بل مات وهو قريب من ثمانين، وفي جامع الأصول: كان معاوية في زمان نقله هذا الحديث في هذا السن ولم يمت فيه، بل مات وله ثمان وسبعون سنة، وقيل: ست وثمانون، قال القاري: ولم يذكر عثمان فإنه قتل وله من العمر ثلاث وستون، وقيل: خمس وستون، وقيل: سبعون، وقيل: ثمانون وخمسون، للاختلاف الواقع بينهما، أو لعدم معرفته بعمره بسبب تعدد الروايات، أو لكونه حيًا، انتهى.