الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الواقعة]
قوله [معنى هذا الحديث وارتفاعها إلخ] نسبة هذا القول إلى بعض العلماء لعدم وجدان (1) التصريح عن غيره، وإن كان الظاهر اتفاقهم أجمعين على هذا المعنى، قوله [شكركم] الرزق (2) المرزوق، أي الحظ والنصيب، فكان حظهم الذي وجب عليهم لما أنعم الله بصنوف النعم هو الشكر، فوضعوا موضعه التكذيب والكفران. قوله [إن من المنشآت إلخ] خبر مقدم، واسم إن هو قوله اللائي كن. قوله [شيبتني هود إلخ] إسناد التشبيب إلى (الواقعة) و (المرسلات) و (النبأ) و (التكوير) ظاهر لما فيها من ذكر أهوال القيامة وأحوالها، وأما نسبته إلى (هود) فقيل: لما فيها من ذكر الأمم السالفة وما جرى عليهم من العقوبات،
(1) لكن فيه قولاً آخر تقدم في هامش (باب في صفة ثياب أهل الجنة) فإن الحديث بسنده ومتنه مكرر تقدم هناك.
(2)
قال الرازي: في الآية وجوه: الأول أن تجعلون شكر النعم أن تقولون: مطرنا بنوء كذا، وهذا عليه أكثر المفسرين، والثاني تجعلون معاشكم وكسبكم تكذيب محمد، يقال: فلان قطع الطريق معاشه، والرزق في الأصل مصدر سمي به ما يرزق، يقال للمأكول رزق، كما يقال للمخلوق خلق، وعلى هذا فالرزق مصدر قصد به ما كانوا يحصلون به مقاصدهم، وأما قوله: تكذبون، فعلى الأول المراد تكذيبهم بما قالله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} وغيرها، وعلى الثاني المراد جميع ما صدر منهم من التكذيب، وهو أقرب إلى اللفظ، انتهى.
وقيل: بل (1) لما فيه من قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ} فإن الأمر بالاستقامة، وإن كان واردًا في سورة الشورى أيضًا وهو قوله تعالى:{وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ َهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} إلا أن أمر الاستقامة في (هود) لما شمله (2) صلى الله عليه وسلم بأمته كان أشد
(1) قال الدمنتي: روى البيهقي وابن عساكر عن أبي القاسم القشيري قال: سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي، سمعت أبا على الشبوي يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم نومًا فقلت: روى عنك أنك قلت: شيتبني (هود)، قال: نعم، فقلت: ما الذي شيبك منها؟ هل قصص الأنبياء وهلاك الأمم؟ فقال: لا ولكن قوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} . ثم ذكر هذه السور ليس للحصر، بل المراد أمثالها. فلا ترد ما قال المناوي: زاد الطبراني في رواية: و (الحاقة). وزاد ابن مردويه في أخرى: و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} وزاد ابن سعيد في أخرى (القارعة) و (سأل سائل) وفي أخرى و (اقترب الساعة) انتهى.
(2)
وبذلك جزم المناوي في شرح الشمائل، وقال القاري بعد ما روى عن شرح السنة قصة المنام المذكورة، هو لا ينافي أسبابًا أخر مذكورة في سائر السور مع أن مرجع الكل إليها، ولذا قيل: الاستقامة خير من ألف كرامة، ولا يرد عليه أنه مذكور في (الشورى) أيضًا، مع أنه لا دلالة في الكلام على الحصر حتى يحتاج إلى الجواب بأنه أول ما سمع في (هود)، أو بأن الاستقامة في (الشورى) مختصة به، بخلاف ما في (هود) إلى آخر ما ذكره .. ثم الحديث عده السيوطي في التدريب من أمثلة المضطرب، وحكى عن الدارقطني أنه مضطرب، فإنه لم يرد إلا من طريق أبي إسحاق، وقد اختلف عليه فيه على نحو عشرة أوجه، فمنهم من رواه مرسلاً. ومنهم من رواه موصولاً، ومنهم من جعله من مسند أبي بكر، ومنهم من جعله من مسند متعد، ومنهم من جعله من مسند عائشة، وغير ذلك، ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض، والجمع متعذر، انتهى. قلت: وإلى شتى من الاختلاف في ذلك أشار المصنف أيضًا.