الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله [قال أحدهما القمر وقال الآخر الروم] يعني إن (1) الأعمش ومنصورًا اتفقا على ذكر ثلاثة أشياء: البطشة، والدخان، واللزم، ثم اختلفا في الرابع، ذكر أحدهما بعد الثلاثة القمر، والآخر الروم.
[سورة الأحقاف]
قوله [فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم] أراد بذلك بيان فضله والاعتماد على صدقه ليسمعوا مقاله وينقادوا له فيما يأمرهم به (2). قوله [قال ما صحبه منا أحد] والواقعة (3) كانت متعددة، فنفي الحضور في إحداها لا يستلزم نفي الأخرى، وإنما نفي الواقعة (4) التي جرى ذكرها ثم ولم يكن حضرها أحد، وإنما حضر ابن مسعود الثانية، أو يقال: ما صحبه منا أحد أي في الموضع الذي علمهم فيه، وإن كان ابن مسعود
(1) وهكذا ذكر البخاري في رواية غندر المذكورة بلفظ: فقد مضى الدخان والبطشة واللزام، وقال أحدهم: القمر، وقال الآخر: الروم، وفي رواية له: والبطشة الكبرى يوم بدر، وقال العيني: اللزام اختلف فيه، فذكر أن أبي حاتم في تفسيره أنه القتل الذي أصابهم ببدر، روى ذلك عن ابن مسعود وأبي بن كعب ومجاهد وغيرهم، قال القرطبي: فعلى هذا تكون البطشة واللزام واحدًا، وعن الحسن اللزام يوم القيامة وعند الموت، وقيل: يكون ذنبكم عذابًا لازمًا، وفي المحكم: اللزام الحساب، انتهى.
(2)
يعي من المنع عن قتل عثمان، وكان اسمه الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، هكذا في كتب الصحابة.
(3)
تقدم البسط في ذلك في هامش الجزء الأول (باب الوضوء بالنبيذ) وتقدم أن الوقعة كانت ست مرات حضر ابن مسعود ثلاثًا منها.
(4)
يحذف المضاف، أي نفي حضور ابن مسعود في هذه الواقعة.
صحب النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الطريق، ومعنى قوله [افتقدناه] أي (1) افتقده سائر أصحابه، وإن لم يكن فيهم ابن مسعود، أو كان افتقده حين أجلسه في خطه ومضى لسبيله، ومعنى قوله [إذا نحن به يجيء من قبل حراء] أي رأيته يجيء من جانب حراء ثم صاحبته وأتينا القوم فرأونا مقبلين من جهة حراء.
وقوله [وسألوه الزاد] أي ما يتزودونه في عودهم من المدينة وما يأكلونه حين باتوا بها ليلتهم، أو يكون أعم (2) من ذلك، والظاهر هو الأول، لأن المآكل لهم كثيرة، وإنما احتاجوا إلى السؤال حين مقامهم بها، فإنهم في أرض غربة وليس ثم شيء يأكلوه.
قوله [كل عظم لم يذكر اسم الله عليه] ووقع في رواية مسلم كل عظم ذكر اسم الله عليه، فقيل: الأول للكفار (3) منهم والثاني لمسلميهم، وليس
(1) هذان الجوابان على ثبوت أن ابن مسعود كان في هذه الوقعة أيضًا، وتقدم أنه لم يكن في هذه القصة فلا حاجة إلى الجواب.
(2)
يعني لا يكون السؤال مقتصرًا على الزاد المخصوص، بل يكون السؤال لمطلق المأكل، أو مطلق الزاد لأسفارهم، والظاهر الأول للفظ الزاد وقرينة المقام وإن كان العطاء غير مقتصر لموضع خاص كما سيأتي.
(3)
هذا هو المشهور عند الشراح. فقد قال النووي تحت رواية مسلم (في باب الجهر بالقراءة في الصبح) بلفظ: وسألوه الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحمًا، فقال النووي: قال بعض العلماء: هذا لمؤمنيهم وأما غيرهم فجاء في حديث آخر: أن طعامهم ما لم يذكر اسم الله عليه، وفي نفع القوت: قال بعضهم: ما لمسلم في حق المؤمنين وما للترمذي في حق الكافرين، قال السهيلي: هو قول صحيح تعضده الأحاديث، انتهى. وفي المجمع: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه أي عند الأكل لا عند الذبح، قيل: هو لمؤمنيهم وما لم يذكر عليه يكون لكفارهم، انتهى.
بسديد، فإن الكفرة منهم لم يحضروا ولم يسألوا حتى يبين لهم، مع أنهم ليسوا بمفتقرين إلى تشريعه ولا منقادين له حتى يلتزموا ما ألزمه إياهم، بل الوجه في الجمع (1) بينهما -والله أعلم- أن المراد بالذكر حيث أثبت هو الذكر عند الذبح، وحيث نفى هو الذكر عند الأكل، يعني أنه صلى الله عليه وسلم بين لهم علامة يميزوا بها بين ما ذكر اسم الله عليها عند الذبح وبين ما لم يذكر عليها اسم الله عنده، ثم أمرهم بأكل ما ذكر اسم الله عليها، ونهاهم عما لم يذكر، وبين لهم أيضًا
(1) هذا أوجه مما جمع به الشراح، لأن في محملهم لا يكون حديث الباب موافقًا للسؤال، فإنهم سألوا الزاد لأنفسهم، وفي حديث الباب على قولهم زاد لكفرتهم، وأيضًا لا يرتفع التعارض من بين الحديثين بعد هذا الجمع أيضًا، لأنه إذا أريد بالذكر في كلا الحديثين الذكر عند الأكل فيبقى التعارض بأن مؤدى حديث مسلم أن يكون العظم أوفر ما يكون عليه لحمًا إذا ذكر عليه اسم الله، ومؤدى حديث الترمذي أن يكون العظم أوفر ما يكون عليه اللحم عند عدم الذكر، فتعارضا بخلاف ما حمله الشيخ بأن مراد من الذكر في حديث مسلم هو الذكر عند الذبح فيكون العظم أوفر ما يكون عليه إذا كان ذكيًا، ولا يكون إذا كان ميتة، وأما عند الأكل فيكون أوفر إذا لم يذكر عليه اسم الله عند الأكل، بخلاف ما إذا أكل باسم الله، فإن الأكل نفد بركة العظم كلها، ويؤيد كلام الشيخ ما قال ابن عابدين: أستفيد من حديث مسلم أنه لو كان عظم ميتة لا يكره الاستنجاء به، انتهى. فعلم أنه حمل التسمية في حديث مسلم على التسمية عند الذبح خلافًا لما تقدم عن المجمع.