الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإفساداً، وأما ما وقع في زمن الحجاج فإنما كان من غير قصد البيت، وإنما قصد البلد وابن الزبير فوصل المنجنيق إلى البيت والبيت كان محترماً معظماً عند كل هؤلاء، وسيكون ذلك عند قرب الساعة فيهدمه حبشي ويسوي بنيانه.
قوله [ليهلكن] من المجرد على زنة المعروف، وإنما قال أبو بكر رضي الله عنه ذلك لما على ذلك من عادته (1) سبحانه الجارية في الأمم الغابرة حيث أهلكوا حين أخرجوا أنبياءهم.
[من سورة المؤمني
ن]
قوله [سمع عند وجه كدوى (2) النحل] وهذا الصوت كان من جسمه
(1) وقد قال تعالى: «وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً، سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلاً» فقد وقع كذلك وهلكوا يوم بدر، كما أخرج الآثار في ذلك السيوطي في الدر.
(2)
وفي الحاشية عن اللمعات: بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء، إما صوت الوحي يسمعها الصحابة ولا ينكشف لهم انكشافاً تاماً، أو ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم من شدة تنفسه من ثقل الوحي، والأول أظهر لأنه قد وصف الوحي بأنه كان تارة مثل صلصلة الجرس، انتهى. وفي المرقاة: هو صوت جبرئيل يبلغ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ولا يفهم الحاضرون من صوته شيئاً، وقال الطيبي: أي سمع من جانب وجه وجهته صوت خفي، كان الوحي يؤثر فيهم وينكشف لهم انكشافاً غير تام، فصاروا كمن يسمع دوي صوت ولا يفهمه، أو أراد لما سمعوه من غطيطه وشدة نفسه عند نزول الوحي.
صلى الله عليه وسلم لشدة تأثره بالملك وتعطل حواسه عن عالمنا. هذا.
قوله [وأوسطها] يفسره ما بعده. قوله [عن هذه الآية] معنى قول عائشة رضي الله عنها يؤتون ما أتوا من السيئات وقلوبهم وجلة لذلك، أو يؤتون (1) ما أتوا من الحسنات وقلوبهم وجلة لمعاصيهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بل المراد بذلك الذين لا يفعلون السيئات ومع ذلك قلوبهم وجلة، وإن كان الحكم في الذين ذكروا في كلام عائشة رضي الله عنها كذلك إلا أنهم ليسوا بمرادين في الآية، لأن الله تبارك وتعالى ذكرهم هاهنا على سبيل المدح، والأولون لم يستحقوا محمدة، غايتهم أنهم مؤمنون راجون دخول الجنة وليست تصدق عليهم الآية اللاحقة «أولئك يسارعون في الخيرات» الآية.
قوله [وهم يخافون أن لا تقبل إلخ] ولا دلالة في ذلك على عدم صحة الطاعة في نفسها فلا نقض بذلك على ما هو المذهب من أن المكلف إذا أتى بشتى من الطاعات جامعاً شرائطه كما أمر ورافعاً موانعه التي عنها زجر، فلنا أن نحكم بصحته، وخالفه (2) الآخرون ولا دلالة لهم على مذهبهم بالرواية الواردة هاهنا
(1) والفرق بين هذا وبين ما سبق أن المراد بما الموصولة في المعنى الأول السيئات وفي المعنى الثاني الحسنات، إلا أن الخوف في كلا المعنيين هو عن المعاصي بخلاف المعن الثالث المستفاد من مشكاة النبوة، فالمراد فيه وأيضًا الحسنات لكن الخوف فيه من عدم القبول.
(2)
وتوضيح ذلك كما في نور الأنوار: اختلفوا في أنه إذا أدى المأمور به مع رعاية الشرائط والأركان فهل يجوز لنا أن نحكم بمجرد إتيانه بالجواز؟ أو نتوقف فيه حتى يظهر دليل خارجي يدل على طهارة الماء وسائر الشرائط؟ فقال بعض المتكلمين: لا نحكم به حتى نبل من خارج أنه مستجمع الشرائط والأركان، ألا ترى أن من أفسد حجه بالجماع قبل الوقوف فهو مأمور بالأداء شرعاً بالمضي على أفعاله مع أنه لا يجوز المؤدي إذا أداه فيقضى من قابل، والمذهب الصحيح عندنا أنه تثبت بمجرد إيجاد الفعل صفة الجواز للمأمور به، وهو حصول الامتثال على ما كلف به وإلا يلزم تكليف ما لا يطاق، ثم إذا ظهر الفساد بدليل مستقل بعده يعيده، وأما الحج فقد أداه بهذا الإحرام وفرغ عنه، والأمر بحج صحيح في العام القابل بأمر مبتدأ، انتهى.