الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالله يقسم المملوك أن دمشق بعد مولانا ما تسكن، والعمل على الخروج منها متعين إن أمكن. فلقد كان لها بمولانا ملك الأمراء جمال وأي جمال، ورونق لا يملكه إلا البدور إذا كانت في ليالي الكمال، وعز دائم لو أن ركابه الكريم فيها يحل ويرحل، وظل ظليل لو أن مغناها ما أقفر منه ولا محل.
ما العيش فيها طيب لبعاده
…
عنها ولا روض الحمى بنضير
وعلى الجملة، فدمشق لها مدة سنين في خمول، الله يجعل هذا آخره، ويرينا وجه مولانا على ما يسر من أوقات أنسه الفاخرة:
وكنا كما نهوى فيا دهر قل لنا
…
أفي الوسع يوماً أو نكون كما كنا
وألطاف الله تعالى خفية بعباده، وقد يرجع الله الغريب إلى بلاده، بمنه وكرمه. أنهى ذلك إن شاء الله تعالى.
علي بن تنكز
الأمير علاء الدين أيمر علي بن الأمير الكبير المهيب سيف الدين نائب الشام.
كان يحبه والده محبة عظيمة، وأظنه من زوجه بنت الأمير سيف الدين كوكاي.
أمره السلطان الملك الناصر، ولبس التشريف والشربوش، ومشى الأمراء
والحجاب ووجوه الدولة من أرباب السيوف في خدمته من مدرسة نور الدين الشهيد إلى دار السعادة في يوم الخميس ثاني شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة.
وكان لا يزال عليلاً كثير الأوجاع والأسقام، فتنكد عيش والده بذلك.
ولم يزل على ذلك إلى أن توفي رحمه الله في عشية الاثنين عند المغرب، العشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة، ودفن في أول الليل بتربة والده التي بجوار جامعة، ظاهر دمشق.
ووجد عليه وجداً عظيماً والده، وجهز إليه السلطان أميراً كبيراً يعزيه، وجهز إليه تشريفاً عظيماً، فلبسه.
وكان قد جاء منه كتاب إلى الأمير سيف الدين بكتمر الساقي، يوصي فيه بأخته، زوج أمير أحمد بن بكتمر الساقي، وكان اسمه فيه بخط يده، لأنه كان صغيراً جداً أول ما كتب. فكتبت أنا الجواب عنه وأنا بالديار المصرية في سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة، ونسخته: " أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري العلائي، وزاد العيون بآثاره كل بهجة، وسر بأبكار معانيه كل نفس وأقر بها كل مهجة، وشد ببأسه عضد والده حتى يطفئ به حر الوغى ورهجه.
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تطوى على سلام، هو أصدق القول وأطربه لجهة، وينشر عن ثناء جعل طريقه إلى الأسماع على الرياض ونهجه.